(( صياد النسيم )) ليس مجرد عنوان لقصة من القصص الست عشرة في هذا الكتاب، بل هو إشارة إلى روح الكتابة التي تستخرج من هجير الواقع نسائم سحرية خافية، مواسية بعذوبتها، وناقدة برفيفها، يبرع في استخراجها من مكامنها – بدأب المعرفة وحساسية الفن – الدكتور محمد المخزنجي، أحد أهم فرسان القصة العربية الحديثة منذ ظهور كتابه الأول (( الآتي )) وحتى الآن، فهو لا يزال يكتشف لهذا الفن آفاقا غير مطروقة، يرتادها بابتكارات نشطة وجرأة لا تفتر، وروح حلوة بأقصى المستطاع، في مواجهة البلادة والقسوة.
ولد في مدينة المنصورة، وتعلم في مدارسها، وتخرج من كلية الطب بجامعتها، وحصل على درجة الاختصاص العالي في طب النفس والأعصاب من معهد الدراسات العليا للأطباء بمدينة كييف (عاصمة أوكرانيا)، كما حصل على اختصاص إضافي في الطب البديل من المعهد ذاته. مارس الطب النفسي في مصر وعمل أخصائيا إكلينيكيا بمستشفى بافلوف.
هجر الطب والتحق بأسرة تحرير مجلة العربي في العام 1992م، ثم عاد إلى مصر، وعاش فترة في سوريا هو الآن مستشار تحرير مجلة العربي من القاهرة. له سبعة كتب قصصية، وكتاب علمي عن الطب البديل، وكتاب إلكتروني في أدب الرحلات، وكتابان قصصيان في الثقافة البيئية للأطفال. قال عنه نجيب محفوظ: إنه موهبة فذة في عالم القصة القصيرة وقال يوسف إدريس: يمكننا أن نكوّن من قصصه باقة من أجمل القصص العالمية.
ما زالت نوبات دهشتي هادرة داخل ذاتي بعد الانتهاء من أي عمل للمخزنجي، شعور أول مرة قرأت فيها نصًا له كما هو، لم يتزحزح، لم يتبدل؛ انبهار طفل بما يمكن لأبيه صنعه أمام عينيه.
هذه واحدة من "أضخم" مجموعاته القصصية، والقصة الواحدة نفسها طويلة لحد ملحوظ، باستثناء قصة واحدة فقط.
في مثل هذا النوع من السرد الطويل (أو الآخذ في التطاول إن جاز التعبير)، من المتوقَّعِ أن تخذلك قصة، تتوه حبكة أو تصير باهتة، لكن الأمر ليس كذلك أبدًا في أعمال المخزنجي.
ما زال كما هو، طفلًا مندهشًا، يأخذنا معه وهو يحكي، فنرتعش بوميض الاندهاش.
ما أحبه في كتابة المخزنجي أنها لا تشبه كتابة أخرى قرأتها لكاتب من هنا أو من هناك، للرجل عين مختلفة تلتقط التفاصيل المهملة أو التي لا يُعنى بها الكثيرون، وأنامل تنسج ببراعة لوحات فسيفسائية من نثار هذه التفاصيل.
ولكن الاختلاف في هذه المجموعة-التي أكتب عنها بإيجاز بعد إنهائي لها بأيام وهو أمر سخيف يجعل الريفيو كالطعام البائت- أن جرعة الواقعية زائدة، والألم الإنساني الجسدي والنفسي يشكل ملامح معظم القصص التي أحببت منها بوجه خاص صياد النسيم، وعري أحمر، وننتظر ونراقب تبعًا لمنطق الذاكرة الانتقائي، فكما أسلفت هذا عيب الكتابة المتأخرة عن القراءات.
المجموعة في تقديري لن تضيع وقت من يقرأها أو مال من يقتنيها، ولن أخفي انحيازي لكتابة المخزنجي عمومًا على تنوع مستوى قصص هذه المجموعة، وتباين درجة جودتها أو إعجابي بها.
تبقى أعمال المخزنجي أشبه بمائدة تسع الجميع بكل محبة وهذا ما يميزها.
عندما تقرأ عملاً جديداً لكاتبك المفضل تقع أسيراً للخوف من ألا يكون العمل الجديد في مستوى ما سبقه،وبالتالي تتعامل مع العمل بعواطفك لا بذائقتك. فيكون كل جزء جيد معجزة أدبية، وكل جزء عادي أو أقل من المستوى يتحول لمأتم . لذلك فالكثير منا يحصن نفسه بإعطاء كاتبه المفضل شيك على بياض بأن يصبح أي عمل جديد معجزة فلا يقبل نقداً ولا رأياً أقل من المعجزة. أول عمل قرأته للمخزنجي كان حيوانات ايامنا ثم معجزته الأدبية أوتار الماء. وبعد ذلك قرأت أعماله الأقدم فلم أواجه موقف قراءة عمل جديد. لذلك شعرت بالسعادة والخوف في آن عندما قرأت عن مجموعته القصصية الجديدة. ولذلك شعرت بالنشوة بقراءة القصص الثلاث الأولى : كيف صرت طاهراً ماهراً في ليلة واحدة؟ .ابتسامة أم كسينجر الوحيدة. مصرع ساحر الزجاج. وهم بالفعل قصص في غاية الروعة لا يكتبها إلا المخزنجي. اطمأن قلبي بقراءة تلك القصص ومنيت نفسي بمجموعة قصصية رائعة. القصة الرابعة صياد النسيم و الخامسة وزة نهاية العالم كانتا طريفتين أكثر منهما مؤثرتين فعوضت طرافتهما ما كنت أنتظره من قصص المخزنجي وروعتها. شجرة الباوباب صدمتني بحق نعم فيها قبس من روح المخزنجي لكنها موغلة في المباشرة و تحمل من الأحداث الحقيقية ومن رأي الكاتب فيها ما حطمها وجعلها ليست أكثر من مقال بصورة أدبية. كانت هذه الصدمة محطمة لحلمي باستكمال المجموعة في متعة. فعلى شاكلتها أتت قصة عارية على حصان أمام البرلمان، وكرسي يمشي على رجلين بكبرياء. فالقصص مباشرة في صورة اقرب للمقال القصصي ولو أن قصة كرسي تتحدث في الأصل عن محمود أيامه وهي قصة جيدة لكن الافتتاحية عن ايام الثورة كانت أثقل من الاحتمال. خمسون صوتاً تحت شمس الشتاء الصغيرة- سيل الليل- عري أحمر قصص من حكايات الكاتب عن السجون وينتمي لها قصته الرائعة يوم للمزيكا التي كتبها في مجموعة سابقة هي رشق السكين. القصص جيدة ربما حافظت على توازن المجموعة في نظري. حتى تأتي قصص مروحة التراب و بلغة الإشارة و زوموو لتعود بالمجموعة لمحمد المخزنجي خاصة بلغة الإشارة فهي تحمل من خيال المخزنجي البديع ما يعود بنا للقصص الثلاث الأولى. و زوموو ولو أنها بها بعض السياسة المباشرة إلا أن فكرتها وتطور الحدث بها غلب على السياسة. قصة ننتظر ونراقب و قصة تميمة الألزهايمر متوازنة بين الطبي والإنساني ولو أن وجود الطبي عامة دون داع يخل بالعمل.
لما الكاتب يكون عنده طاقة دماغية غريبة في الإبداع وتدوير الوصف للواقع الحالي يبقى هي دي الموهبة.. مش مجرد كلمات لبقة بترتيب منمق تقدر تاخد قلب القاريء بالعكس ممكن تكون شخصية متفذلكة زيادة ومحتاج تفوق وتعرف المعنى الحقيقي لكلمة موهبة وإزاي تشتغل عليها سنين وسنين لحد ماتوصل لمكان صعب حد ينافسك فيه.. دا الوصف الحقيقي لمحمد المخزنجي من وجهة نظري.. كمية إبداع في وصف ملفوف وليه مكانته اللي مايقدرش حد يفك الشفرة ويوصلها إلا عن طريق الإحساس ودا أعتقد من خلال قراءة كذا كتاب للكاتب عشان تقدر تحس بيه وبكتاباته ودماغه اللي توزن أكتر بكتير من دهب و ألماس وبلاتين.. فعلا كنت نسيت الإحساس بعد الخروج من قراءة كتاب للمخزنجي إزاي بتكون مبهور بعد كل قصة ومنتعش وحاسس إن دماغك متفتحة لمعاني جديدة بتلمسها بعد كل مغزى، بس ماتعبتش إني أفتكر الإحساس بعد القراءة ليه تاني بعد فترة ليست قصيرة.. يا رب يديم إبداعاتك علينا اللي بتفكرنا إن لسه دماغنا فيها أماكن سحرية بتتفتح على إيديك 🤲
صياد النسيم مجموعة قصصية متفردة للغاية فهي عبارة عن لمحات إنسانية ونظرة متفحصة للإنسان عن قرب من خلال التوغل بأعماق النفس البشرية، وهذا أهم ما يميز قلم المخزنجي وهو توظيف الطب النفسي في أغلب القصص ببراعة حتى مع اعترافه ان بعض الأمراض لا تخضع للمسلمات..
هي مجموعة متفاوتة من وجهة نظري الشخصية فبعضها مبهر كقصة صياد النسيم، ننتظر ونراقب، ابتسامة أم كيسنجر الوحيدة سيل الليل، وبعضها جيد لكنها في المجمل رائعة وإن كنت اتمنى ان تكون على مستوى واحد أدبيآ...
بالنسبة لقصة " ابتسامة أم كيسنجر الوحيدة"
القت الضوء على العمر الضائع وراء التضحية من أجل الأخرين اللذين لا يدركون حقيقة الأمر إلا بعد فوات الأوان، فالأم هنا هي رمز التضحية والتي لم تعبر عن حاجتها الطبيعية إلى الترفيه والتنزهه وحينما ماتت بشكل مفاجأ، وبينما يمر جسمانها بأماكن عدة للذهاب إلى المقابر هنا فقط أدرك أولادها إنها لم يسبق لها وزارت أيآ منها من قبل في لحظة فارقة...
وكما ذكر بالقصة" كيف يدفنانها الأن وهي مدفونة في الحياة منذ عشرين أو ثلاثين سنة؟
قصة "ننتظر ونراقب"
كم شخص منا أضاع قسط لا بأس به من حياته في التفكير والخوف من حدوث شيء ما إلى الحد الذي يجعله ينسى أن يحيا يومه كما ينبغي لأن الموت لا يتوقف على الأنتظار فهو قد يأتي بشكل غير متوقع بعيد عن هواجسنا من الإصابة بمرض ما، هنا وضع الكاتب بطل القصة بين الأنتظار والترقب إلى أن أدرك مدى قيمة الحياة بلحظة واحده حينما استعاد السكينة والطمأنية حينما علم انه سليم معافه وعليه أن يدرك قيمة اللحظات التى نحياها مرة واحدة بالعمر....
قصة "سيل الليل"
العقل بمواجهة تصرف شخص أرعن يستغل نفوذه بشكل لا إنساني، ففي لحظة قد يدرك العقل نقطة ضعف عدوه الذى يتظاهر بالقوة التي لا تقهر، وهو ما فعله الطبيب بمواجهة الظابط المريض بالصرع وفي لحظة تلاشت قوته وجبروته المستمدة من سلطة ليتحول إلى إنسان ضعيف بمواجهة نوبة صرع تجعله يتوقف عن تعنفه...
وأكثر ما أذهلني اني لأول مرة اسمع عن المخزنجي واقرأ له لأجده كاتب بارع في فن القصة القصيرة المشحونة بالتفاصيل والدقة في رسم المشهد واتمنى أن ينل ولو قسط من حقه بين القراء...
اهم الاقتباسات...
أن العقل الذي ينتج الهلاوس البصرية خاصة، هو نفسه عقل الحالم الذي يبدع أعجب الأحلام الرائقة التى تشكل احلامآ داخل الأحلام ووعيا بأن ما يراه الإنسان ليس إلا حلمآ، فلماذا لا تكون ما ندعوها " هلاوس بصرية" مجرد أحلام مرئية في الصحو، لسبب ما، ليس حتما أن يكون الجنون....
وكذلك لابد من الإشارة إلى بعض القصص التى كتبت بشكل رمزي كان كافيآ ووافيآ لترك غصة بنفسي، لأن الحقيقة قاسية بشكل لا يحتمل...
استمعت بهذه المجموعة ولن تكن الأخيرة فلنا معك أكثر من لقاء أيها الكاتب المتكمن من أدوات القصة القصيرة....
مجموعة قصصية جميلة جدا , كنت بأتعلم منها و بعتبرها مصدر لإلهامي و أنا بشارك في مسابقة لكتابة القصة القصيرة محمد المخزنجي بيعرف يمسك نواصي الكلام و يسترسل في سرد حكاية بتفاصيل ( تسحلك ) معاها برزانة راهب بوذي يتلو عليك تعاليم الكهنة و أسرار الأجداد .
أسلوب المخزنجي مختلف..فهو يرى تفاصيل لا نراها ويربط ها لتصبح قصص عظيمة .. أحببت العنوان وقصته، فقط لا أحب أن تكون القصص القصيرة كثيرة في الكتاب، لذلك مللت بعض الشئ .
أحببت ابتسامة أم كسينجر، والطاهي، ومقتل ساحر الزجاج . ذكرتني زوموا وقصة بلغة الإشارة بقصة أوتار الماء ٫ بشكل ما .
(لحظات انسانية .... من مجموعة صياد النسيم ) _ للدكتور/ محمد المخزنجي القبح منتشر .. عميق .. يلوث الحي والميت . قبح اصبح مفردا من مفردات الحياة نتعايش . معه ويعيش معنا ونحن نراه او لا نراه . فى غابة القبح .. ما احلى ان نهرب منه ونحن نحاول ان ننجوا فى لحظات حميمية بالعودة الى الانسان فى سيرته الاولى حيث البراءة والقدرة الجميلة على التواصل الانسانى ...حيث تبرق النفس جلية واضحة وهي تعلن حبها الاصيل للجمال وتتوق اليه. تاتي مجموعة (صياد النسيم) للدكتور محمد المخزنجي محاول لرصد القبح من حولة والبحث عن طوق نجاة اخير . ان الجمال وحبة راسخ فى النفس .. ما ان يجده الانسان ويترك نفسة تتماوج معه حتي يشعر بالنشوة ورقة البراءة الاولى .. فى تلك اللحظات الاستثنائية التى يتواصل فيها الانسان مع نفسه ومع الاخرين . (1) _ ابتسامة ام كسينجر الوحيده فجاة يدرك التوأمان أن أمهما صاحبة الجثة الضخمة لم تمش فى شارع كورنيش النيل منذ عشرين سنة او ثلاثين .. فهى مدفونة معهم فى ذلك البيت (بيت المدرعات ) تخدم وترعى ثمانية رجال طوال عراض . انكشاف مفاجئ حرك شعور الحب والامتنان .. كانهما خجلا من انفسهما ومن امهما وهو يودعونها الوداع الاخير . عندما اقتربت السيارة التي يقودها واحد من التوامين .. قررا ان يجعلا امهمها تتجول وترى شوار المدينة وميادينها قبل ان يواريها التراب . جولة اثارت دهشة المشيعين وحفزت رجال الشرطة ..تحول تشيع جنازة ام كسينجر المطارة جذبت انتباه المدينة . تنتهى المطارده باصطدام بعمود نور اوقف السيارة كاشفا عن وجه ام كسينجرتعلوه ابتسامة رضا كانها ابتسامة من نجح فى تحقيق حلم بات مسحيلا .. رفع التوامان ايديهم مستسلمين وعلى وجههم حزن رقيق وهما يريان ابتسامة امهما الوحيده . (2) _صياد النسيم الشقة قبلية .. كانها فرن بدون نار .. صعب فيها الحصول على نسمة بارده .. صهد .. تخرج معه اللعنات على الخارج وعلى الداخل وعلى الذين حرمونا النسيم .. وفى محاولة لقتل القبح تلمع فكرة فى راس ذلك المحاسب مستغلا هندسة الفقراء للمهندس حسن فتحي وبعض معطيات علم الفزياء ..يصنع صياد النسيم انبوب توجه فتحته الى جهة الشمال ليصطاد النسيم البارد ليطرد به صهد الشقة فى الدور الثالث . استمتع المحاسب بشقته ونسيمها على مدار ايام راودته فيها احلام رقيقة ولكن سرعان ما انتهت بكابوس . لص محشور فى انبوبة صياد النسيم يستنجد به ..يعانى انحسار الماء داخله .. يتجاوز المحاسب غرابة الموقف ويساعده فى ان يتخلص من حسرته ... يطلب اللص الماء فياتى له بعلبه عصير فيشفطها عن طريق الشيلموه ..يتمدد المحاسب على السجاده مقابل وجه اللص تاركا له مساحة للحكى وهو محشور ..يطلب اللص المساعده فيدفعة صاحب الشقه ليسحف اللص كدوده عائدا من حيث اتى . تنتاب الهواجس المحاسب صاحب الشقة فيقرر سد فتحة صياد النسيم وتعود الشقه قبليه .
لحظات المجموعة كثير وممتعة تدفع القارئ الى التامل ..من اروع ما صور الكاتب تللك اللحظة التى تتواصل الطفلة الصغيرة مع ابيها المصاب بالزهايمر . والعديد من تلك اللحظات التى اتمنى ان اعود اليها لاحقا .
صياد النسيم، لمحمد المخزنجي هي مجموعة قصصية ذات نفحة إنسانية، وأسلوب يتميز بخلطه بين البساطة والقوة والعمق. كل قصة تجعلك تفكّر وتتأمل في طيبة الناس. إلى جانب نفسها الإنساني، تتميز المجموعة بعذوبة المواقف والألفاظ وأسلوبها السلس وتركيبة قصصها البسيطة والعميقة، كما بعنوانين قصصها الجميلة.
المحتويات
كيف صرتُ طاهيا ماهرا في ليلة واحدة؟! ابتسامة أم كيسنجر الوحيدة مقتل ساحر الزجاج صياد النسيم وَزّة نهاية العالم شجرة الباوباب ننتظر، ونراقب خمسون صوتا تحت شمس الشتاء الصغيرة سيل الليل عُري أحمر عارية على حصان أمام البرلمان كرسي يمشي على رجلين بكبرياء مروحة التراب بلغة الإشارة زومووو تميمة الألزهايمر
قراءة متأخرة ربما للدكتور محمد أردت من خلالها الخروج من زيف الحياة
مجموعة قصصية أبقتني مبتسمة طوال مطالعتي، فالدكتور محمد يمتلك حسًا فكاهيًا ساخرًا، يُداعب قارئه متنقلًا به مابين صور من الطفولة، السجن، وميدان التحرير. التقاطات حقيقية بالتأكيد غلفها بقليل من الخيال- كما فعل في "عارية على حصان أمام البرلمان"- واصفًا الناس، الشوارع وحتى الأصوات ببراعة المصور المحترف.
عناوين القصص ظريفة، تثير فضول القارئ فمن ذا الذي لن يندفع لقراءة ما وراء : كيف صرت طاهيًا ماهرًا في ليلة واحدة؟ - ابتسامة أم كيسنجر الوحيدة(مفضلتي) - وزة نهاية العالم وغيرها !
▪️ما أسرع تبخر السنين، وما أغرب تكاثف التغيرات، وما أعجب انعطاف القصص.
مجموعة قصصية من 16 قصة بعضها طويل نسبيًا وبعضها قصير، القصص العشرة الأولى جيدة جدًا ومنها قصص ممتازة إلا أنه بداية من القصة 11 وعنوانها (عارية على حصان أمام البرلمان) يقل مستوى القصص كثيرًا، ولو اكتفى المخزنجي بالقصص العشرة الأولى لاختلف التقييم تمامًا. أحببت جدًا قصص ابتسامة أم كيسنجر الوحيدة وصياد النسيم وعُري أحمر وفي رأيي هم أفضل قصص المجموعة
يتمتع د.محمد المخزنجي بحصيلة معرفية واسعة، قرأ في موضوعات عديدة ومتنوعة، الأمر الذي منحه مساحة واسعة لانتقاء الموضوعات، فضلًا عن امتلاكه لغة قوية وسلسلة في الوقت نفسه، ولكن لدي مشكلة مع الكثير من قصصه، وهي أنه يلجأ كثيرًا إلى ما يمكن أن يوصف بـ"المقال القصصي"، وهو الفن الذي لا أكرهه، ولكنني أر�� فيه كسرًا لحالة التخييل التي يصنعها السرد الخالص، فإذا به يتحول إلى خطيب أو مؤرخ في البعض القصص، يخرج قارئه من الانغماس في السرد ليتلقى "المعلومات" - التي يمتلك الكاتب كثيرًا منها في الحقيقة.
المشكلة أنه المخزنجي يمتلك موهبة كبيرة كسارد، ولديه القدرة على الكتابة في قوالب سردية متنوعة، لذلك أرى أن هذا الشكل الذي يفرط في صب قصصه فيه يفقدها كثيرًا من قيمتها. كانت هذه هي مشكلتي مع كثير من القصص: موضوع جيد، ولغة عظيمة، وخيال ممتاز، ولكن تشوبه الصيغة الإخبارة المعلوماتية والوعظية الخطابية كثيرًا.
بعض القصص تنجو من ذلك، لذلك راقت لي كثيرًا، وبخاصة القصة الأخيرة في المجموعة "تميمة الألزهايمر"، التي اقتربت كثيرًا من الفن الخالص فخرجت قصة بديعة. كذلك أحببت القصص ذاتية المصدر، المتعلقة بالسجن وذكريات الانتفاضة، وأرى أنه صاغها بطريقة ساحرة، وإن شابتها بعض الخطابية أيضًا!
من أصعب المهام أن أكتب عن المخزنجي وقصصه ، لأني أحبه وأحب كل ما يكتب ، لذا أعترف أني لن أكون موضوعية ولن أقف على الحياد .. د.محمد ��لمخزنجي موهبة أدبية فريدة ، هو يمزج بين الأسلوب السردي الجذاب ، مازجا معه علمه الغزير ، ومعلومات متدفقة ، أحداث ومواقف حياتية يرويها بإحساس مرهف لأقصى درجة ، وكأنه جني صغير يدخل نفوس ومشاعر شخوصه ، ليعبر عنها بمشاعر صادقة وببصيرة الطبيب النفسي حتى تشعر كأنه يراهم كما لو كانوا كائنات شفافة ، تتجلى له بواطنهم بمنتهى الوضوح والشفافية لا أستطيع أن أقول الكثير عن مجموعة صياد النسيم إلا أنني أعجبت بها جدا ، وتأثرت جدا بقصةكرسي يمشي بكبرياء، وقصة تميمة الزهايمر" لا تملك إلا أن تندهش مع قصة " ساحر الزجاج ، وشجرة الباوباب" وتختلط مشاعرك معه بين الشجن والابتسامة الساخرة مع قصصه عن ذكرياته في السجن أحيانا عندما يكون الكتاب ممتعا وقيما تجد نفسك تفضل قراءته بتأن وعلى مهل ، وكأنك تتناول طعاما شهيا ، تود الاحتفاظ بمذاقه فترة طويلة فتمضغه طويلا حتى تستمتع به وكي لا ينفد سريعا من أمامك هذا ما أشعر به مع أدب المخزنجي بكل أنواعه
إنه من الصعب حقا تقييم كتاب للقصص القصيرة، فمنها ما نسيته بمجرد الانتقال إلى القصة التالية ومنها ما كان جيدا حقا بل شديد الجمال والحبكة والواقعية التي يلفها الخيال. وعموما كانت القصص الأخيرة من الكتاب هي أجمل ما فيه، ربما لأن منها ما يتعلق بالثورة التي ولت كالحلم الجميل، ومنها ما هو حزين جدا وهو ما يضفي بعدا آخر للقصة برأيي. أكثر ما أعجبني في الكتاب هو قصة زومووا، أبدع فيها الكاتب فعلا وتفوق على نفسه، وأنهى القصة بشكل رائع جاء كروعة بدايتها، كذلك من أجمل قصص الكتاب قصة صياد النسيم. أنصح بقراءته بشدة، على أن توجهات الكاتب السياسية التي اتضحت في إحدى القصص أثارت استيائي بشدة.
مجموعة قصصية بديعة كعادة د/محمد المخزنجي، وعلى الرغم من رقة أسلوبه في جميع القصص، إلا أن رأيي يتفاوت من قصص أحببتها وأخرى لم تعجبني. أجمل قصص المجموعة في رأيي "صياد النسيم" و"كرسي يمشي على رجلين بكبرياء" و"بلغة الإشارة
في قصة قصيرة واحدة هي صياد النسيم استطاع ان يأخذنا المخذنج�� من مشاعر البؤس و المعاناة الي الأمل الي البهجة الي الراحة و الطمأنينة الي الخوف و الرعب الي الضحك الساخر الي الاحباط كل هذا في قصة واحدة.. انه بالقطع استاذ المشاعر و التوصيف في القصة القصيرة ننتظر و نراقب.. يصف لنا المخزنجي في هذه القصة لحظة مرت و تمر بكل مننا في وقت ما يعلمه الله وحده.. لحظة اكتشاف كم هو ضعيف هذا الإنسان بجسده الفاني العابر في تلك الحياة المؤقتة.. دوامة من الأفكار و المشاعر يؤججها الترقب الموتر.. دوامة من وضع كل ما نملك في الحياة على كفتي ميزان دقيق.. و لأنه لم يكن كاتبا قاسيا على قراءه لم ينسى ان يصف لنا لحظة الفرح بعد الترقب.. لحظة عرفاننا بكل ما أنعم الله علينا من أشياء الفناها فلم نعد نعطيها قدرها الذي تستحقه.. لحظة حب لأولئك الذين يشاركوننا الحياة فيعطونها طعما و هدفا.. و في قصة سيل الليل في مشهد بسيط يروي صراعا داخليا أخلاقيا بين واجب الطبيب الشريف و لهفة المظلوم الي الانتقام صراع بسيط لكنه مفعم بالمشاعر المتناقضة و في "عري احمر" اسهب الكاتب في وصف مشاهد متتالية شديدة البشاعة من مآسي السجن كان اسلوبه في وصفها حيويا لدرجة مخيفة اصابتني بضيق الصدر و جعلتني كدت ان لا أتمكن من انهائها بسبب فرط بشاعة التفاصيل الغزيرة جدا التي اتي بها و في قصة كرسي يمشي علي رجلين بكبرياء .. يأخذنا معه في رحلة عبر ميدان التحرير في احدي اللحظات الفارقة في تاريخ مصر .. ليحكي لنا حكاية اخري لكنها هي الحكاية ذاتها .. حكاية محمود ايامة الذي أصبح محمود كرسي .. و تنتهي الحكاية و لا تنتهي لأنها ليست قصة بل هو مقطع عشوائي بلا بداية و لا نهاية .. و من بعده تستمر الحياة و قبل النهاية بقصة يصدمنا بفكرة فانتازية عجيبة بعنوان زوومووو .. الحق يقال أعجبتني الفكرة و لكن كنت اتمني أن يستغلها بشكل أفضل من ذلك و تأتي النهاية و يأبي المخزنجي الا أن يعطينا قصة تميمة الزهايمر بل و يجعلها أطول القصص أيضا.. ملحمة قصيرة لكنها بائسة تحكي كيف ادي هوس الفنان ممدوح بمظهره الي إصابته بأسوأ حالات الزهايمر فقط خلال شهور و هو مازال في عمر الاربعين الخلاصة ان قصتي المفضلة هي صياد النسيم التي تكلمت عنها في البداية لكن اجمالا الكتاب جميل جدا و اسلوب محمد المخزنجي المتأمل الغني بالمشاعر يؤكد قدراته الحكواتية المتقدمة و يجعلني متشوق للكتاب القادم سمعت الكتاب بشكل صوتي علي تطبيق اقرألي و أزعم ان القارئ ابو زيد احمد بصوته الهادئ و مخارج الفاظه الواضحة ضاعف من استمتاعي بهذا العمل
مجموعة قصصية للكاتب محمد المخزنجي - فيها الكثير من السياسة والاسقاطات - والحق يقال أن الكاتب حكاء بارع - تشعر بكلماته التي تصف المشهد بدقة شديدة وبعين قادرة على التقاط أدق التفاصيل وكأننا نشاهد فيلماً ما، فهذا مثلاً اقتباس من قصته الأولى: "دندنت في نسيم آخر الليل. وفي ضحى اليوم التالي بعدما استيقظنا وجدت نفسي وأنا أعد الإفطار البسيط مما تيسر.. أدندن. أغني للنجوم الزاهرة في طاسة البيض المقلي ولرشة الفلفل الأسمر والملح على وجه النجوم أغني. أغني لشرائح الخبز المُقمَّر في تناسقها على حافة الطبق، وأُغنِّي لوردات الطماطم وثلاث زيتونات منسية رصعت بها حمرة الباقة. أغني لانسكاب قليل الحليب في حضن القهوة الساخنة". كلام جميل فعلاً تستطيع أن تراه وتشمه وتتذوق طعمه في فمك!
وهذا وصف دقيق ومختصر عما صوره الكاتب من معنى حول القصة الثانية "كيف تصور الثمانية أنهم إذ يُحضرون إليها كل احتياجات البيت يخدمونها. لم يدركوا أبدا أنهم يحرمونها من رؤية الدنيا الواسعة خارج الحارة على مقربة خطوات. كانوا يسجنونها، وهي تؤدي في سجنها عملاً بحجم الأشغال الشاقة لأبنائها"
واستخدامه هنا للتعبيرات المختلفة عن الحر مدهشة "أكثر من مليوني سيارة لا تتوقف عن دهس شوارع هذه المدينة المتورمة بلا انقطاع نافِثةً في صدرها الذي انعدمت رئاته الخضراء غازات عوادمها وحرارة هذه العوادم. يسكنها عشرون مليونا يشهقون من صهدها ويزفرون صهدا. وينضاف إليهم أكثر من خمسة ملايين ولا يغادرون إلا في الليل. يشاركون في إحياء مهرجان الصهد المكلل بمئات آلاف أجهزة التكييف التي لا تتوقف كمبروسوراتها عن طحن الهواء لتنفثه باردا داخل البيوت وتخرجه زفرات ساخنة ورطبة تزيد طين التلوث بلة. تتحول المدينة إلى جزيرة حرارية جهنمية"
كما تحدث عن السرطان "نوع من السلوك الإجرامي لا يماثله إلا سلوك الغزاة والطغاة، حفنة من شذاذ الآفاق يفرضون وجودهم الشره على الكثرة من الودعاء والمسالمين والذين يمشون على الأرض هونا، وفي شراهة توسعهم ينشرون أتباعا يماثلونهم في العدوانية والنهم يضربون في كل اتجاه للسيطرة على بقاع جديدة والطغيان على بشر آخرين"
خطفني العنوان وتوقعت بعد قرائتي لكتاب سفر متعة ثانية وكان الكتاب في الموعد.. رحلة نفسية ممتعة متعمقة غريبة.. حينما يكون الكاتب طبيب نفسي فأنت مع موعد فعلا مع نوع مختلف من الابداع.
تتميز القصص القصيرة . - إن لم تكن قصيرة - الستة عشر في هذا الكتاب بنوع مختلف من الرؤية هناك زاوية إنسانية عميقة يري منها الكاتب و يمنحك فرصة للرؤية نافذة بين النفس والحياة والروح.. رحلة داخلية في غياهب شخوص سواء ان كانوا ولقعين او محض خيال.. فأنت تري جانب آخر ربما مظلم لكنه مضئ بشكل ما.
متعة الكتاب في الحركة.. دائما هناك حركة ما في الكلمات انت دائما في خضم حدث يجري ويسحبك معه دون هوادة في ملاحقة التفاصيل والتعبيرات والاتجاهات في توقيتات الزمن بين النهار والليل وبين الحركة البشرية في القصة واشراك الاشياء. في الحدث بسلاسة وبساطة مدهشة تمنحك خلزة ادبية ممتعة وشهية.
ربما يري البعض طول القصص شيئا ممل.. لكنه علي العكس تماما بطئ الكتابة يمنحك فرصة للاستمتاع او "المزمزة" في الحدث وحلب الشخصيات بافكارها وتصرفاتها الغريبة.. خصوصا في القصص التي يرويها ولا يكن بطلها.
كتابات حية عن الثورة وايامها و احداثها لكن من منظور داخلي عايش الميدان وتجول فيه وإلتحم بطوائفه وشكل افكارا وتجارب من خلال ما يلاقيه بل ما يشعر به.. ويجعلك تسترجع مع الشوارع بناسها واحداثها.
راهنت علي العنوان فالكتاب بعيدا عن قصة صياد النسيم واحداثها إلا انه يصح ان يكن لقب للكاتب بعد هذا الكتاب فكل قصة هي فعلا نسمة صيف عابرة ممتعة لها أثر طيب تمنحك ابتسامة بعد نهايتها وتجبرك علي الامتنان لوجودها.
الكتاب يحتوي علي كم إنسانيات مخلوطة محبة ومفعمة بالود حتي وان شابها قسوة الظروف او الاحداث.. لكنه في كل قصة هناك مركزية ما تربط الاحداث من خلال المشاعر والسلوكيات الانسانية الحسنة منها والسيئة فهذه تمنحك دفء ما والاخرة تعطيك رعشة وانتفاضة لو وضعت نفسك مكان صاحبها.
استمتعت جدا بالكتاب وبموانسته بين الصفحات فهو حكاء ماهر وقاص ممتع جدا وان كانت بعض القصص كانت طويلة لكنه زول غير مخل لكنه ثري وعميق.
محمد المخزنجي بيأخدنا من إيدينا من أول قصة، ببداية تبان بسيطة، لقصة حلوة، لكن بتتحول بجمال لقصة عذبة، متخيلتش مسارها خالص. من أجمل الحاجات في المجموعة القصصية إنها واقعية، يعني حتى التفاصيل المتخيلة في القصص، حسيتها حقيقية، من كتر جمال وشطارة حبكة القصص، وقربها لحياتنا. القصص في المجموعة القصصية دي طابعها مصري أصيل، جميلة، عذبة في كتابتها زي كل كتابات محمد المخزنجي، وكل قصة بتتطور بشكل مش متوقع الصراحة، وده ممتع حقيقي في كل كتابات محمد المخزنجي. أكتر قصص خدت قلبي: -ساحر من زجاج، حقيقي فكرتها مميزة، وتفاصيلها محبوكة بشكل جميل حقيقي -خمسون صوتا تحت شمس الشتاء الصغيرة: عظيمة! لمست قلبي حقيقي، ومتخيلتش خالص نهايتها. -سيل الليل: الله! ايه القصة العظيمة والحزينة دي بجد؟ في منتهى الجمال والأسى ككتابة وأحداث وسردية حقيقي. -عري أحمر: قصة تقطّع القلب، فكرتها مختلفة حقيقي، وكتابتها عجبتني جدا، وبجد محبوكة بشكل عظيم. -زومووو: قصة جميلة! فكرة الاعتراض بالزومان، واختفاء الألوان عن كل شيء، وكإن الزيف قرر يغادر كل الحيطان والرؤوس والشوارع، ومتبقاش غير لون الشجر والسماء، حقيقي مميزة، وحبيت نهاية القصة. قصة شجرة الباوباب حقيقي ضايقتني، محبتش الكلام عن فض رابعة خالص بربط موت بشر بحياة شجرة، حسيت القصة فيها-حتى لو عن غير عمد-تقليل من أهمية الإنسان قدام الشجرة العتيقة اللي جاية من جنوب أفريقيا، وحسيت إن القصة مكتوبة عافية، عشان تتكلم عن الموضوع، وده ضايقني أكتر. محبتش قصة "ننتظر ونراقب"، اسمها حلو، بس حقيقي عادية زيادة عن اللزوم، مفيهاش حاجة مميزة، وحسيت كانت ممكن تتعمل أحلى من كده بكتير. مقدرش أقول إن دي أقرب مجموعات محمد المخزنجي القصصية لقلبي، لكن فيها قصص حقيقي لطيفة.
This entire review has been hidden because of spoilers.