أسامة عبد الرؤف الشاذلي

“أتدري يا (شهبور) أن أبي قد مات ولم يكن قلبه معلقًا بشيء سوى الأرض المقدسة؟ أشعر أحيانًا أنه قد قسا على نفسه حين علَّق كل بهجة في حياته على تحقيق ذلك الحلم فمات ولم يهنأ بشيء، أما أنا فأشعر أنني كنت أسعد حالًا منه رغم ما مرَّ بي من مِحَن، منحتني الحياة فرصة كي أقترب وأعرف، فعلمت أن الأرض تتقدس حين تسود فيها عدالة السماء، فإذا عمَّ فيها الظلم والجور فهي أرض ملعونة ولن يشفع لها بيت ولا حجر، وعلمت أن الإنسان هو أسمى ما على الأرض وأن الرب يَسُرُّه أن تُعمَّر القلوب بالإيمان على أن تُعمَّر بيوته بقلوب خاوية. أدركت أن الوطن هو أرض تشعر فيها بالطمأنينة، وأن الأهل هم صحبة تشعر بينهم بالـأمان! صدِّقني يا شيخ (شهبور) إن قلت لك: إن قلبي معلق بمصر التي حكت لي أمي عنها، وبرية «سين» التي عشت فيها مع أبي، و«إدوم» التي رأيت فيها الشيخ (نابت)، والحجر التي اقتربت فيها أكثر من الشيخ (عابر)، و«يثرب» التي جمعتني بـ(أروى)، و«بكة» التي عرفت فيها الله، تعلق قلبي بكل هذه الأماكن قبل أن يكون مُعلَّقًا بالأرض المقدسة.”
― أسامة عبد الرؤف الشاذلي, ‫أوراق شمعون المصري‬