Location via proxy:   [ UP ]  
[Report a bug]   [Manage cookies]                
‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫العالقات بين مملكة أرمينيا الصغرى واإلمبراطورية المغولية‬ ‫وانعكاساتها على المشرق اإلسالمي (‪336-326‬هـ‪ 6231-6223 /‬م)‬ ‫‪Les relations entre le royaume de la Petite Arménie et‬‬ ‫‪l'Empire mongolien et ses répercussions sur l'orient‬‬ ‫)‪islamique (623-667h / 1226-1269‬‬ ‫محمد زرقوق‬ ‫جامعة خميس مليانة‬ ‫الملخص‬ ‫قامت مملكة أرمينيا الصغرى بدور ال يستهان به في أحداث المشرق اإلسالمي إبان‬ ‫االجتياح المغولي للمنطقة‪ .‬وقد نشأت هذه المملكة في قيليقيا الواقعة في آسيا الصغرى (جنوب‬ ‫تركيا حاليا)‪ ،‬ولم تكن قادرة على الصمود في وجه السالجقة أو المماليك‪ ،‬لوال الحماية التي‬ ‫حظيت بها من طرف المغول‪ .‬وتهدف هذه الدراسة إلى إبراز العالقات التي أقامها األرمن مع‬ ‫المغول‪ ،‬وانعكاساتها على المشرق اإلسالمي آنذاك‪ ،‬وهذا من خالل المصادر األرمينية‬ ‫والعربية‪ .‬علما‪ ،‬أن وضع مملكة أرمينيا الصغرى في العالقات الدولية خالل العصر الوسيط‪،‬‬ ‫يشبه إلى حد بعيد وضع الدولة العبرية منذ ‪.8491‬‬ ‫‪Résumé :‬‬ ‫‪Le royaume de la petite Arménie a joué un rôle non négligeable dans les‬‬ ‫‪événements survenus dans l'Orient islamique pendant l'invasion mongolienne de la‬‬ ‫‪région. Cette royaume s'est fondé en Cilicie située en Asie mineure (actuellement‬‬ ‫‪au sud de la Turquie), elle n'a pas été en mesure de résister les Seldjoukides ou les‬‬ ‫‪Memlouks, sans la protection des Mongols. L'objectif de cette étude est de mettre‬‬ ‫‪en relief les relations établis par les Arméniens avec les Mongols et ses incidences‬‬ ‫‪sur l'Orient islamique, en utilisant des sources arméniennes et arabes.‬‬ ‫‪681‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫إن معظم المؤرخين والباحثين في تاريخ العصور الوسطى‪ ،‬يتطرقون إلى تاريخ مملكة‬ ‫أرمينيا الصغرى‪ ،‬من زاوية الحروب الصليبية‪ ،‬ويعتبرونها إمارة مسيحية تمخضت عن الحركة‬ ‫الصليبية‪ .‬وهي زاوية تخفي جزءا من تاريخ هذه المملكة‪ ،‬ألنها سعت في إطار صراعها من‬ ‫أجل البقاء‪ ،‬ليس إلى التحالف مع الصليبيين فقط‪ ،‬بل إلى التحالف أيضا مع اإلمبراطورية‬ ‫المغولية‪.‬‬ ‫وهي أول مملكة مسيحية شرقية نجحت في إقامة عالقات دبلوماسية وعسكرية مباشرة‬ ‫مع المغول‪ ،‬وكان الهدف من ذلك هو محاولة القضاء على اإلسالم والمسلمين في منطقة‬ ‫الشرق األدنى‪ ،‬بينما فشلت البابوية وملوك أوربا في إقناع المغول بضرورة توحيد الجهود ضد‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫وقبل البحث في موضوع العالقات األرمينية المغولية‪ ،‬البد من تحديد اإلطار الجغرافي‬ ‫والتاريخي‪ ،‬الذي تأسست فيه مملكة أرمينيا الصغرى‪ ،‬والتي نالت اعتراف الدول الكبرى آنذاك‪.‬‬ ‫وسيكون التركيز في هذه المقالة على العالقات بين األرمن والمغول العظام‪ ،‬أيام وثنيتهم‪ ،‬مع‬ ‫تحديد هذه العالقات في عهد هيثوم األول (‪8214-8221‬م) فقط‪ ،‬باعتباره أول من توجه إلى‬ ‫بالط المغول من ملوك األرمن‪ ،‬وأرسى بذلك قواعد سياسة خارجية جديدة‪ ،‬تختلف عن سياسة‬ ‫أسالفه‪ .‬وال يمكن التطرق إلى العالقات بين األرمن والمغول اإليلخانيين‪ ،‬ألن ذلك سيؤدي حتما‬ ‫إلى الحديث عن الحروب الطويلة التي دارت رحاها بين مملكة أرمينيا الصغرى وسلطنة‬ ‫المماليك في مصر‪ ،‬مما سيجعل المقالة تخرج عن حجمها المحدد‪.‬‬ ‫فما هي دوافع هيثوم األول إلقامة عالقات مع المغول ؟ وما انعكاس ذلك على المسلمين‬ ‫في المنطقة ؟‬ ‫تأسيس اإلمارة‬ ‫بعد معركة منازكرد‪ 1‬سنة‪ 914‬هـ ‪ 8708 /‬م‪ ،‬نزح عدد كبير من األرمن من موطنهم‬ ‫األصلي في أرمينيا الكبرى‪ ،‬واتجهوا نحو الغرب بحثا عن مواقع آمنة وبعيدة عن نفوذ السالجقة‬ ‫وعن تسلط اإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬وقد استقر كثير من أمرائهم في إقليم قيليقيا )‪ .2(Cilicie‬ولم‬ ‫يكد أن ينقضي القرن الحادي عشر الميالدي حتى كانوا قد نجحوا في تأسيس موطن جديد لهم‪،‬‬ ‫‪680‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫عرف في التاريخ باسم أرمينيا الصغرى‪ ،3‬وسماه البعض‪ ،‬أرمينيا الجديدة‪ 4‬أو أرمينيا القيليقية‬ ‫)‪ 5.(Arménie Cilicienne‬وهو يقع جنوب شرق آسيا الصغرى‪ ،‬تحيط به جبال أمانوس شرقا‪،‬‬ ‫ومن الشمال والغرب جبال طوروس ويحده من الجنوب البحر المتوسط‪ 6.‬وتبلغ مساحته‬ ‫حوالي‪ 97 777‬كلم‪ ،2‬بطول ‪ 977‬كلم من الشرق إلى الغرب‪ ،‬وبعرض ‪ 877‬كلم من الشمال‬ ‫إلى الجنوب‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ومن العوامل التي دفعتهم للتوجه إلى هذه الناحية بالذات من آسيا الصغرى ‪:‬‬ ‫العامل األول ‪ :‬إن البيزنطيين انتزعوا قيليقيا من أيدي المسلمين خالل القرن العاشر‬ ‫الميالدي‪ ،‬ثم عملوا على إفراغ المنطقة من السكان العرب‪ ،‬واالعتماد على األرمن لتعميرها‬ ‫بالعناصر المسيحية‪.8‬‬ ‫العامل الثاني ‪ :‬يحيط بسهل قيليقيا سلسلة من الجبال العالية‪ ،‬منها طوروس‪ 9‬واألمانوس‪،‬‬ ‫ويصعب اختراقها من طرف الغزاة لصعوبة دروبها‪" ،‬لم يكن من السهل الوصول إليها‪ ،‬بينما‬ ‫كان من اليسير الدفاع عنها"‪ .10‬وقد اهتم النازحون الجدد بإقامة األبراج والحصون‪ ،‬وقد بلغ‬ ‫عدد القالع التي أصبحت تحت أيديهم‪ ،‬خالل القرن الثاني عشر‪ ،‬حوالي ‪ 02‬قلعة‪،‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ولجؤوا‬ ‫بأعداد كبيرة نحو المدن الواقعة في الجهات الداخلية لجبال طوروس أو سهل قيليقيا‪ ،‬مثل‬ ‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ودلُوك )‪ ،14(Delouk‬والرها )‪.15(Edesse‬‬ ‫َمرَعش )‪ ، (Marach‬وطَ َر ُسوس )‪ُ ، (Tarse‬‬ ‫العامل الثالث ‪ :‬الموقع اإلستراتيجي للمنطقة‪ ،‬فهي تتحكم في الطريق من آسيا إلى بالد‬ ‫الشام‪ ،‬و تطل على البحر المتوسط من الجنوب‪ .‬وهي تضم عدة قالع وبلدات منها أَ َذَنة‬ ‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬ ‫عي ُن َزربى )‪(Anazarbe‬‬ ‫‪،‬‬ ‫)‪(Adana‬‬ ‫يصة )‪َ ، (Mamistra‬‬ ‫المص َ‬ ‫َ‬ ‫‪18‬‬ ‫‪ ...‬وقد عرفت هذه‬ ‫المنطقة بالثغور الشامية‪.‬‬ ‫العامل الرابع ‪ :‬عدم سيطرة السالجقة على قيليقيا‪ ،‬سيطرة حقيقية ودائمة لصعوبة بيئتها‬ ‫الجبلية من جهة‪ ،‬وألنهم في توسعهم إلى قلب آسيا الصغرى لم يسلكوا طريق الشام‪ ،‬بل دخلوها‬ ‫من الجهة الشرقية‪ ،‬ومن ثمة فلم تقع قيليقيا‪ ،‬على طريقهم الرئيسي‪.19‬‬ ‫العامل الخامس ‪ :‬وجود بعض األمراء الذين أفلتوا بصعوبة من فكي الكماشة البيزنطية‬ ‫السلجوقية‪ ،‬ونجحوا في تأسيس إمارات صغيرة‪ ،‬سيكون لها دور كبير على مستقبل الشعب‬ ‫األرميني‪ .‬منهم روبن )‪ (Roubên‬في كوبِدار )‪ ،20(Kopidar ou Gobidar‬وهو مؤسس األسرة‬ ‫‪686‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫الروبينية‪ ،‬وأوشين )‪ (Ochin‬الذي استقر سنة ‪ 8704‬م في قلعة َل ََمبرون )‪ ،21(Lambron‬وهو‬ ‫مؤسس األسرة الهيثومية‪.22‬‬ ‫لقد تأسست هذه اإلمارة المسيحية في ظروف عصيبة‪ ،‬وكانت والدتها جد عسيرة‪ ،‬ورغم‬ ‫ذلك فقد تمكنت من الصمود واالستمرار إلى غاية ‪ 8401‬م‪ ،‬فأين يكمن السر في ذلك ؟‬ ‫التحالف مع الصليبيين‬ ‫ومن العوامل التي أطالت في عمر هذه اإلمارة‪ ،‬وصول رجال الحملة الصليبية األولى إلى‬ ‫آسيا الصغرى‪ ،‬في أواخر القرن الحادي عشر‪ .‬لقد كانت قيليقيا الطريق األقصر أمام الفرنجة‬ ‫والحجاج المسلحين‪ ،‬القادمين من أوربا والمتوجهين نحو فلسطين‪،‬‬ ‫‪23‬‬ ‫وبمجرد أن وصل‬ ‫الصليبيون إلى سهل قيليقيا‪ ،‬وجدوا ترحيبا من األرمن وقد شكلوا عنص ار فعاال لتعزيز القوات‬ ‫الصليبية‪ ،‬بما تحتاجه من عناصر بشرية تملك خبرة في الحروب ودراية بالطرق والدروب‪،24‬‬ ‫وقدموا لهم ما يحتاجونه من مؤن‪ .‬وتكونت بين الطرفين صداقة قوية‪ ،‬أملتها حاجة كل طرف‬ ‫إلى اآلخر‪ .‬فقد "وجد الصليبيون في األرمن عونا قويا ووجد األرمن في الصليبيين حليفا‬ ‫كبيرا"‪ .25‬تمثلت هذه المصلحة المشتركة في مواجهة عدوين معا‪ ،‬هما اإلمب ارطورية البيزنطية‬ ‫من جهة والسالجقة من جهة أخرى‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فقد شكل األرمن خالل الحروب الصليبية‪،‬‬ ‫طابو ار خامسا‪.‬‬ ‫وكان من نتائج هذا التعاون األرميني الصليبي‪ ،‬أن حصل األرمن على التاج الملكي‪،‬‬ ‫فأرسل اإلمبراطور األلماني هنري السادس تاجا لألمير ليون الثاني صاحب قيليقية‪ ،‬وتوج ملكا‬ ‫بتاريخ ‪ 1‬جانفي ‪8841‬م‪ ،26‬وبعدها أصبح يلقب بالملك ليون العظيم‪.‬‬ ‫وبهذا التتويج‪ ،‬أصبحت أرمينيا الصغرى مملكة جديدة معترفا بها‪ ،‬لها كيانها المستقل‬ ‫وتخلصت من تبعيتها لإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬ونجح ليون الثاني‪ ،‬في أن يجعل منها دولة في‬ ‫مستوى الدول الفرنجية والصليبية المجاورة له‪ .‬ولكي تكون مختلفة عن أرمينيا السابقة‪ ،‬نقل‬ ‫عاصمة المملكة من طرسوس إلى سيس‬ ‫‪27‬‬ ‫ليتخذها مقر حكمه واقامته‪ .28‬وتتميز العاصمة‬ ‫الجديدة‪ ،‬بموقعها في قمة معزولة ومحمية من الخلف بسلسلة جبال طوروس‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ويبدو من كتابات المسلمين‪ ،‬أنهم رفضوا اإلعتراف بالمكانة الجديدة التي حققتها أرمينيا‬ ‫الصغرى بعد ‪ 8841‬م‪ .‬حيث يقول القلقشندي في معرض حديثه عن مملكة أرمينيا ‪" :‬وانما‬ ‫‪682‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫يقال له متملك سيس دون ملك سيس لما تقدم من أنها كانت أوال بيد المسلمين‪ ،‬ثم وثب عليها‬ ‫رئيس األرمن المقدم ذكره فملكها من أيدي المسلمين"‪ ،30‬وكلمة متملك تدل على أنه ملك البالد‬ ‫قهرا‪.‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ومنذ أوائل القرن الثالث عشر الميالدي‪ ،‬فقدت الحركة الصليبية حماسها واندفاعها‪ ،‬مما‬ ‫أدى إلى فتور تيارها‪ ،‬بسبب انشغال الدول األوربية بمشاكلها الخاصة ولم تعد تساهم جديا في‬ ‫الحروب الصليبية‪ ،‬وبذلك فقدت مملكة أرمينيا حليفا قويا‪ ،‬كثي ار ما دعمها في حروبها ضد القوى‬ ‫اإلسالمية المجاورة لها فضال عن اشتباكاتها المتكررة مع سالجقة الروم‪ .‬وما زاد من حرج هذه‬ ‫المملكة‪ ،‬وفاة الملك ليون سنة ‪ 8284‬م‪ ،‬وهو الذي وضع دعائم سياسة خارجية قائمة على‬ ‫التحالف مع الصليبيين‪.‬‬ ‫التحالف مع المغول‬ ‫أدرك الملك األرميني هيثوم األول (‪8214-8221‬م)‪- ،‬خليفة ليون‪ -‬أن مملكته أصبحت‬ ‫معلقة بين السماء واألرض‪ ،‬وال بد له من حليف قوي يسانده ويدعمه في حروبه ضد القوى‬ ‫اإلسالمية في المنطقة‪ ،‬ويحمي كيان المملكة وسط محيط كله إسالمي‪.‬‬ ‫وفي هذه األثناء‪ ،‬أي خالل الربع األول من القرن الثالث عشر‪ ،‬برز المغول بقيادة جنكيز‬ ‫خان‪ ،‬كقوة سياسية وعسكرية جديدة هزت أركان العالم القديم‪ .‬وقد نشرت حمالتهم العسكرية‬ ‫الرعب بين الناس‪ ،‬لما اشتهروا به من قسوة‪ ،‬وبطش‪ ،‬وسرعة‪ ،‬في الحركة‪.‬‬ ‫وقد وقف ابن األثير مندهشا أمام الحمالت المغولية‪ ،‬مترددا في أمر تدوينها‪ .‬ومما جاء‬ ‫في وصفها ‪":‬إن اإلسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا‪ ،‬لم يملكها في هذه السرعة‪.‬‬ ‫إنما ملكها في نحو عشر سنين‪ .‬ولم يقتل أحدا إنما رضي من الناس بالطاعة‪ .‬وهؤالء قد ملكوا‬ ‫أكثر المعمور من األرض‪ ،‬وأحسنه‪ ،‬وأكثره عمارة‪ ،‬وأهال‪ ،‬وأعدل أهل األرض أخالقا‪ ،‬وسيرة‪،‬‬ ‫في نحو سنة‪ .‬ولم يبت أحد من البالد التي لم يطرقوها إال وهو خائف يتوقعهم‪ ،‬ويترقب‬ ‫وصولهم إليه"‪ .32‬لقد كانت المذابح نظاما ثابتا في تفكير "جنكيز خان"‪ .‬وقد كان باستطاعته أن‬ ‫يستأصل‪ ،‬وبهدوء تام‪ ،‬الناس باآلالف‪ ،‬متى رأى ذلك ضروريا لتوطيد سلطانه‪ .‬وأن الدم الذي‬ ‫سفكه‪ ،‬والخراب الذي أحدثه‪ ،‬قد يندر أن يحدث مثله في أية مرحلة تاريخية‪ .‬وهو ال يصل إلى‬ ‫‪682‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫سعادته ورضاه إال عندما يسحق عدوه سحقا‪ ،‬حتى يجثو خاشعا عند قدميه‪ ،‬ثم يسلبه كل ما‬ ‫يملك‪ ،‬ومن حوله نساؤه وأطفاله يبكون وينتحبون‪.33‬‬ ‫توفي جنكيز خان سنة ‪ 129‬هـ ‪8220 /‬م‪ ،‬تاركا وراءه إمبراطورية امتدت من البحر‬ ‫األصفر إلى البحر األسود‪ ،‬واتفق أعضاء القوريلتاي‪ 34‬على تسليم الحكم لـ "أوكتاي"‬ ‫‪35‬‬ ‫ومنِح لقب "خاقان" أي‬ ‫)‪ ،(Ogoday‬وهو اإلبن الثالث لجنكيز خان‪ ،‬تنفيذا لوصية قائدهم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الخان األعظم‪.‬‬ ‫وفي عهد الخاقان الجديد‪ ،‬توسعت رقعة اإلمبراطورية المغولية إلى بلدان لم يسبق للمغول‬ ‫أن دخلوها من قبل‪ ،‬حيث وجه جيوشه إلى ثالث وجهات هي ‪:‬‬ ‫‪36‬‬ ‫أ – إمبراطورية الصين‪.‬‬ ‫ب – روسيا وبولونيا وهنغاريا‪.‬‬ ‫جـ ‪ -‬بقايا الخوارزميين‪ ،‬ومنها بدأ التسرب المغولي إلى العالم اإلسالمي‪ ،‬فقضوا على الدولة‬ ‫العباسية‪ ،‬ثم احتلوا الشام وزحفوا نحو مصر‪.‬‬ ‫وليس من أهداف هذه المقالة‪ ،‬البحث في موضوع التوسعات المغولية‪ ،‬ولكن من‬ ‫الضروري اإلشارة إلى أن القائد المغولي جرماغون تمكن سنة ‪ 121‬هـ ‪ 8248 /‬م‪ ،‬من القضاء‬ ‫نهائيا على الدولة الخوارزمية‪ .‬ثم واصل توسعاته في بالد الكرج فدخل عاصمتها تفليس سنة‬ ‫‪ 8241‬م‪.‬‬ ‫وتمكن جرماغون سنة ‪ 8241‬م من احتالل األراضي الواقعة بين نهر الرس )‪،(l'Aras‬‬ ‫ونهر الكر)‪،(le Kour‬‬ ‫‪37‬‬ ‫وهي المنطقة التي كانت تسمى قديما بأرمينيا الكبرى‪ .‬واحتل بعده‬ ‫القائد بايجو‪ ،‬معظم آسيا الصغرى‪ ،‬بعد انهزام سالجقة الروم في معركة كوساداغ سنة ‪ 198‬هـ‬ ‫‪ 8294 /‬م‪.‬‬ ‫‪38‬‬ ‫ونظ ار لكثرة عدد الجنود المغول‪ ،‬فقد شبههم أحد المؤرخين األرمن بالجراد‬ ‫المنتشر في السهول‪ ،‬والجبال‪ ،‬واألودية‪ ،‬وكل األراضي‪ .‬أو كاألمطار المتساقطة بغ ازرة‪ .‬حتى‬ ‫األرض عجزت عن توفير مأوى أو ملجٍإ‪ ،‬يختبئ فيه الناس هروبا من المغول‪ ،‬ولم تعد جدران‬ ‫القالع والحصون قادرة على توفير الحماية المطلوبة‪.‬‬ ‫‪682‬‬ ‫‪39‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫وبمجرد أن أحس ملوك أرمينيا الصغرى باقتراب المغول من قيليقيا‪ ،‬حتى هللوا لهم و أروا‬ ‫فيهم القوة الضاربة الكبرى التي كانوا ينشدونها للقضاء على القوى اإلسالمية في المنطقة‪ ،‬وأن‬ ‫هذه القوة كفيلة بتوفير الحماية لهم‪ ،‬ولجميع المسيحيين في البالد‪ ،‬إن هم أحسنوا التعامل‬ ‫معها‪.‬‬ ‫‪40‬‬ ‫وهو موقف يدعو إلى طرح عدة تساؤالت‪ ،‬فإذا كان التحالف بين األرمن والصليبيين‬ ‫يعتبر أم ار طبيعيا بحكم وحدة الدين‪ ،‬فإن المغول مع أول ظهور لهم في الشرق األوسط كانوا‬ ‫مازالوا وثنيين ومعظمهم يعتنق الشامانية وبعضهم البوذية‪ ،‬فما الذي يربط بينهم وبين األرمن‬ ‫أصحاب الكنيسة األرمينية الشرقية ؟ واذا لم تكن بينهما أهداف دينية مشتركة فما هي المصالح‬ ‫السياسية والمادية التي جمعت بينهما ؟‬ ‫وفي الواقع أن عدة عوامل ساهمت في إحداث تقارب بين المغول الوثنيين واألرمن‬ ‫المسيحيين ‪:‬‬ ‫العامل األول ‪ :‬ظهر المغول بالنسبة للمسيحيين عموما وفي نظر البابوية بوجه خاص‬ ‫في صورة المادة الخام التي يسهل تشكيلها في القالب المسيحي‪.‬‬ ‫‪97‬‬ ‫ومعنى ذلك أنه من السهل‬ ‫تحويل المغول إلى المسيحية‪ ،‬واذا تم ذلك‪ ،‬فسيتكون حلف مسيحي مغولي‪ ،‬يعطي للحروب‬ ‫السابقة طابع الحروب الصليبية المغولية‪ ،‬ويجد المسلمون أنفسهم في مواجهة الصليبيين من‬ ‫الغرب والمغول من الشرق‪.‬‬ ‫العامل الثاني ‪ :‬ال تعتبر المسيحية عنص ار غريبا بالنسبة للمغول‪ ،‬حيث توجد قبائل‬ ‫مغولية تعتنق المسيحية على المذهب النسطوري‪ .‬وكانت زوجات بعض خانات المغول‬ ‫وقادتهم‪ ،‬وبعض مستشاريهم والمقربين منهم نساطرة‪ .‬وهم أقرب إلى الكنيسة األرمينية الشرقية‬ ‫من الكنيسة الكاثوليكية الغربية‪.‬‬ ‫العامل الثالث ‪ :‬وجود مصلحة مشتركة بين المغول واألرمن‪ ،‬وهي توسيع الرقعة‬ ‫الجغرافية لبالدهم على حساب المسلمين‪ ،‬ورغم أن المغول ال يسمحون بتأسيس إمارة خارج‬ ‫نفوذهم‪ ،‬فإن هذا التحالف سينقذ الشعب األرميني من وحشية المغول‪ ،‬وسيضمن لمملكة أرمينيا‬ ‫الصغرى‪ ،‬حقها في الوجود –ولو تحت التبعية‪ -‬وحمايتها من القوى اإلسالمية‪.‬‬ ‫وقد كان هيثوم األول يراقب األحداث وينتظر ما ستسفر عنه من نتائج‪ ،‬ولما رأى أن‬ ‫سلطان السالجقة قد أصبح تابعا ل لمغول‪ ،‬أدرك أنه أمام قوة ال قبل له بها‪ ،‬وأن بالده أصبحت‬ ‫‪682‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫مهددة من القوى الجديدة‪ ،‬وأن دوره سيحين عاجال أم آجال‪ .‬ولذلك قرر أن يسبق األحداث‪ ،‬وال‬ ‫ينتظر إلى غاية وصول اآللة المغولية إلى قصره‪ ،‬بل هو الذي سيذهب إليهم قبل فوات األوان‪.‬‬ ‫وقرر الملك األرميني هيثوم األول‪ ،‬إقامة عالقات دبلوماسية مع الجار الجديد‪ .‬فأرسل‬ ‫في ربيع ‪ 198‬هـ ‪ 8299 /‬م‪ ،‬سفراء محملين بهدايا ثمينة‪ ،‬إلى بايجو‪ ،‬كاعتراف بالتبعية‬ ‫والوالء‪ ،‬ولكن القائد المغولي‪ ،‬وضع الملك األرميني على المحك‪ ،‬حيث طلب من السفراء‪ ،‬أن‬ ‫يسلموا قبل كل شيء‪ ،‬أم وأخت كيخسرو الثاني‬ ‫‪41‬‬ ‫اللتين لجأتا إليه في قيليقيا هربا من المغول‬ ‫بعد معركة كوساداغ ‪ .‬وقد أعاد بايجو هذه السفارة األرمينية محمال إياها هذا الجواب القاسي‪،‬‬ ‫وأرسل معها وفدا مغوليا لتمثيله لدى الملك األرميني‪ .‬وقد أذعن هيثوم لطلب المغول‪ ،‬بل وأرسل‬ ‫إلى بايجو كتابا يفيض بالوالء واالحترام‪ ،‬وتلقى منه شهادة اعتراف بالتبعية للخان الكبير‪.‬‬ ‫‪42‬‬ ‫وتعتبر هذه الخطوة بمثابة عربون قدمه هيثوم األول على وفائه وتبعيته للمغول‪ .‬وفي‬ ‫الحقيقة "كانت الشهامة تتطلب من هيثوم األول ملك أرمينيا الصغرى حماية امرأتين لجأتا إلى‬ ‫بالطه وقت الشدة‪ ،‬لكنه ضرب بقواعد العرف‪ ،‬واألخالق‪ ،‬عرض الحائط‪ ،‬واختار أن يتقرب إلى‬ ‫المغول على حساب المثل والفضيلة‪ ،‬فسلم زوجة الحاكم المسلم وابنته إلى بايجو‪".‬‬ ‫‪43‬‬ ‫ولذلك‬ ‫وصف العمري ملوك األرمن بأنهم "أخبث عدو لإلسالم"‪ ،44‬ولم يكن ذلك مستنك ار من طرف‬ ‫المسلمين فقط‪ ،‬بل لقد استنكر الملوك‪ ،‬والخاصة‪ ،‬والعامة من الناس هذا العمل‪ ،‬وأبدوا استياءهم‬ ‫من األرمن‪.‬‬ ‫‪45‬‬ ‫سفارة سمباد إلى قراقورم ‪:‬‬ ‫لم يقتنع هيثوم بالشهادة التي منحها له بايجو والتي تنص على تبعية ملك أرمينيا‬ ‫للمغول‪ ،‬بل يجب الحصول على شهادة من الخان الكبير في قراقورم‪ .46‬وأدرك أنه ال سبيل‬ ‫لحماية بالده إال بالتحالف مع هذه القوة الجديدة‪ .‬ومن دون شك‪ ،‬قد وصلته أخبار السفارات‬ ‫البابوية إلى المغول‪ ،‬وبعد مشاورات مع أمرائه وأعيان األرمن‪ ،‬قرر التوجه إلى البالط المغولي‬ ‫في قراقورم‪ .‬ولكنه رأى‪ ،‬تكليف أخيه وقائد قواته سمباد‬ ‫‪47‬‬ ‫للقيام بهذه المهمة بدال عنه‪.‬‬ ‫‪48‬‬ ‫وكانت‬ ‫فكرة ذكية من هيثوم األول‪ ،‬إذ قبل أن يتوجه هو بنفسه‪ ،‬ويغامر بحياته‪ ،‬عليه أن يكتشف مدى‬ ‫تقبل الخاقان الجديد‬ ‫خائبة‪.‬‬ ‫‪49‬‬ ‫لفكرة التحالف مع مملكة أرمينيا‪ ،‬خاصة وأن السفارات البابوية عادت‬ ‫‪50‬‬ ‫‪682‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫غادر سمباد العاصمة سيس سنة ‪ 191‬هـ ‪ 8290 /‬م‪ ،‬ودامت رحلته ذهابا وايابا ما‬ ‫يقارب األربع سنوات‪ .‬وقد حمل معه هدايا نفيسة‪ ،‬إلى الخاقان كيوك‬ ‫‪51‬‬ ‫(‪،)8294-8298‬‬ ‫وكان الهدف من هذه السفارة هو طلب المساعدة لتوقيف امتداد النفوذ السلجوقي إلى مملكة‬ ‫أرمينيا الصغرى‪ .52‬ولما وصل سمباد إلى قراقورم سنة ‪ 191‬هـ ‪ 8291 /‬م‪ ،53‬أحسن كيوك‬ ‫استقبال ه وقد أبلغه أن أخاه الملك هيثوم‪ ،‬مستعد ليكون من أتباع الخان الكبير‪ .‬فتلقى سمباد‬ ‫وعدا من الخاقان لمساعدة األرمن في استرجاع ما استولى عليه السالجقة من مدن وقالع‪.‬‬ ‫وعاد السفير إلى سيس سنة ‪8217‬م‪" ،‬مكرما" على حد تعبير ابن العبري‪،‬‬ ‫من الخان الكبير تضمن سالمة ممتلكات هيثوم األول ووحدتها‪.‬‬ ‫‪54‬‬ ‫حامال معه شهادة‬ ‫‪55‬‬ ‫وفي طريق عودته إلى أرمينيا الصغرى‪ ،‬كتب سمباد من سمرقند رسالة‬ ‫‪56‬‬ ‫تحمل تاريخ‬ ‫‪ 1‬فيفري ‪8291‬م (‪ 191‬هـ)‪ ،‬أرسلها إلى هنري األول ملك قبرص (‪ ،)8214-8281‬وهو زوج‬ ‫شقيقته ستيفاني‪ ،‬أشاد فيها بقوة المغول واتقانهم لفنون القتال‪ .‬وأهم ما ورد فيها‪ ،‬ما تضمنته من‬ ‫وصف لحالة المسيحيين حيث يحظون بتسامح كبير‪ ،‬عكس المسلمين الذين يعانون من‬ ‫اضطهاد السلطات المغولية‪ .‬ويقول أنه شاهد العديد من الكنائس‪ ،‬وزار بعضها وتعبد فيها ورأى‬ ‫فيها صورة المسيح‪ ،‬ويؤكد أن كيوك خان قد أمر بحرية العبادة للمسيحيين وعدم التعرض لهم‬ ‫إطالقا‪.‬‬ ‫‪57‬‬ ‫هل ما ورد في رسالة سمباد هو من باب المبالغة في وصف حالة المسيحيين ؟ أم هو‬ ‫تأثر بحسن االستقبال الذي حظي به السفير األرميني في قراقورم ؟‬ ‫لقد ادعى ابن العبري أن كيوك كان مسيحيا‪ ،‬ويروي قصة غريبة تدل على قمع‬ ‫المسلمين فعال‪.‬‬ ‫‪58‬‬ ‫والحقيقة أن كيوك خان‪ ،‬كان شامانيا‬ ‫‪59‬‬ ‫مثل بقية المغول‪ ،‬ولكنه كان يعيش‬ ‫وسط محيط مسيحي‪ ،‬فأمه توراكينا خاتون كانت تدين بالمسيحية‪ ،‬وقد عهدت إلى األمير قداق‪،‬‬ ‫المسيحي بتربية إبنها‪ ،‬وكان مستشاره ووزيره جينقاي مسيحيا ومن المقربين منه‪.‬‬ ‫‪60‬‬ ‫فليس غريبا‬ ‫أن يحظى المسيحيون في مثل هذه الظروف‪ ،‬بالمعاملة الحسنة التي وصفها سمباد في رسالته‪.‬‬ ‫وربما أبدى سمباد مبالغة‪ ،‬في وصف انتشار الديانة المسيحية بين شعوب وسط قارة آسيا‪،‬‬ ‫واألراضي الصينية‪ ،‬والشرق بوجه عام‪ ،‬وبين خانات المغول وأسرهم على وجه الخصوص‪.‬‬ ‫‪688‬‬ ‫‪61‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫وقد صادفت هذه الرسالة وجود لويس التاسع في جزيرة قبرص‪ ،‬وكان قد وصلها بتاريخ‬ ‫‪ 28‬سبتمبر ‪ 8291‬م‪ ،‬للقيام بحملته الصليبية ضد مصر‪ .‬ومن الطبيعي أن يسمع الملك‬ ‫الفرنسي من هنري األول ملك قبرص‪ ،‬رواية صهره سفير أرمينيا لدى المغول‪ ،‬وهو ما يختلف‬ ‫تماما عن الروايات التي عاد بها سفراء البابا سابقا‪ .‬وربما كان هذا دافعا قويا بالنسبة للملك‬ ‫الفرنسي‪ ،‬ليحاول استمالة المغول وتحريضهم ضد المسلمين‪،‬‬ ‫‪62‬‬ ‫وقد شرع فعال في العمل‬ ‫ضدهم‪ ،‬أمال في أن ينجح هو فيما فشلت فيه البابوية‪.‬‬ ‫وقد زرعت هذه الرسالة روح األمل في نفوس المسيحيين‪ ،‬بإمكانية استغالل العنصر‬ ‫المسيحي في صفوف المغول‪ ،‬وأن المشروع الذي بدأه البابا انوسنت الرابع (‪،)8219-8294‬‬ ‫لنشر المسيحية بين المغول‪ ،‬و التحالف معهم لمحاصرة المسلمين‪ ،‬يمكن أن يتحقق‪ .‬ومهما قيل‬ ‫في أمر هذه الرسالة‪ ،‬وفي أوضاع المسيحيين وسط المغول‪ ،‬فإن هذه السفارة قد وصلت إلى‬ ‫حقيقتين ‪:‬‬ ‫األولى ‪ :‬أن البعثات التبشيرية كانت تقوم بجهود مضنية ونشيطة‪ ،‬لنشر المسيحية في‬ ‫هذا الجزء من العالم‪ .‬والدليل على ذلك وجود عدد من أتباع الكنيسة النسطورية بين المغول‪،‬‬ ‫وهي كنيسة شرقية قريبة من الكنيسة األرمينية‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬أنها أحدثت تقاربا بين المغول واألرمن‪ ،‬نظ ار الستجابة كيوك خان لمطالب‬ ‫الملك هيثوم‪ ،‬وهو ما شجعه إلى رفع هذه العالقات الدبلوماسية إلى مستوى أعلى‪ ،‬فقرر أن‬ ‫يزور بنفسه الخان المغولي‪.‬‬ ‫زيارة هيثوم األول إلى قراقورم‬ ‫تلقى الملك هيثوم األول دعوة‪ ،‬عن طريق القائد المغولي باتو‪ ،‬لزيارة مونكو في‬ ‫قراقورم‪ ،63‬بعد أن عينه القوريلتاي خاقانا جديدا على المغول‪ ،‬سنة ‪ 194‬هـ ‪8218 /‬م‪.‬‬ ‫غادر الملك األرميني بالده متجها إلى البالط المغولي في ‪ 84‬ماي ‪8219‬م‪،‬‬ ‫خوفا من السالجقة‪،‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪64‬‬ ‫وقد‬ ‫و خرج متنك ار‬ ‫ويعتبر هيثوم األول‪ ،‬أول ملك يذهب بنفسه إلى قراقورم‪ ،‬ألن الزائرين‬ ‫السابقين‪ ،‬كانوا إما أتباعا للخان‪ ،‬أو ممثلين عن الملوك‪،‬‬ ‫‪67‬‬ ‫ولهذا حظي باستقبال رسمي من‬ ‫طرف مونكو بتاريخ ‪ 84‬سبتمبر ‪8219‬م‪ ،‬وبقي في ضيافته خمسين يوما‪.‬‬ ‫‪682‬‬ ‫‪68‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫وقد بذل العاهل األرميني خالل مدة إقامته بالعاصمة المغولية جهودا مضنية‪ ،‬إلقناع‬ ‫الخان المغولي بضرورة القيام بحملة مشتركة ضد المسلمين‪،‬‬ ‫‪69‬‬ ‫وقد أثمرت تلك الجهود على‬ ‫إصدار مرسومين موثقين بخاتم مونكو خان‪ .‬األول يمنع أي شخص من التعرض للملك‬ ‫األرميني أو لبالده‪ ،‬والثاني يعفي الكنائس‪ ،‬ورجال الدين المسيحيين في كل األراضي المغولية‬ ‫من الضرائب‪.‬‬ ‫‪70‬‬ ‫ولم يكن هيثوم حريصا على مصلحة مملكته فقط‪ ،‬بل سعى أيضا للحصول‬ ‫على مساعدة الخان‪ ،‬الستعادة بيت المقدس‪ ،‬من أيدي المسلمين‪.‬‬ ‫‪71‬‬ ‫وفي مقارنة بين المصادر األرمينية المعاصرة التي كتبت عن هيثوم األول‪ ،‬يمكن أن‬ ‫نالحظ أن المؤرخ األرميني هايتون ‪ ،‬قد انفرد في ذكر تفاصيل مهمة تتعلق بالمقابلة التي جرت‬ ‫ود َّون المطالب التي قدمها الملك األرميني‪ ،‬وجواب الخان المغولي‬ ‫بين مونكو وهيثوم األول‪َ ،‬‬ ‫عليها‪ 72.‬بينما لم يذكر المؤرخ غيراغوس‪ ،‬تفاصيل اللقاء‪ ،‬وال نتائج المحادثات السياسية‪ ،‬رغم‬ ‫أنه كتب حوليته بناء على ما سمعه من الملك هيثوم األول نفسه‪ .‬ولكنه ذكر تفاصيل مهمة‬ ‫تتعلق بالطريق الذي سلكه هيثوم أثناء ذهابه وايابه‪ ،‬إلى بالد المغول‪ .‬كما ذكر تفاصيل عديدة‬ ‫تتعلق بالشعوب واألقوام التي مر بها هيثوم وتعرف عليها‪.‬‬ ‫تقدم الملك األرميني إلى مونكو بسبعة مطالب يمكن تقسيمها إلى مجموعتين ‪:‬‬ ‫‪73‬‬ ‫المجموعة األولى تخص شؤون المسيحية والمسيحيين بشكل عام‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫‪ – 8‬يعتنق الخان وكل شعبه المسيحية ليسود السالم األبدي بين التتار والمسيحيين‪.‬‬ ‫‪ – 2‬تنازل المغول عن كل األراضي التي احتلوها في البالد المسيحية‪ ،‬واعادتها للمسيحيين‪.‬‬ ‫‪ – 4‬تحرير الكنائس ورجال الدين المسيحيين في بالد المغول من العبودية‪.‬‬ ‫‪ – 9‬يساهم مونكو في تخليص األراضي المقدسة‪ ،‬من أيدي المسلمين ويردها إلى المسيحيين‪،‬‬ ‫ويصدر أوامره إلى جنوده في وسط آسيا ليتوجهوا إلى بغداد‪ ،‬للقضاء على الخالفة العباسية‪.‬‬ ‫خص به الملك نفسه‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫المجموعة الثانية‪ ،‬تتضمن ثالثة مطالب تعد امتيا اًز َّ‬ ‫‪ – 8‬يحصل هيثوم على المساعدة الالزمة من القوات المغولية القريبة من بالده في الوقت الذي‬ ‫يطلبها فيه‪.‬‬ ‫‪ – 2‬يعيد إليه المغول كل أراضيه التي احتلوها‪ ،‬وتلك التي استولى عليها المسلمون‪.‬‬ ‫‪621‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫‪ – 4‬يحتفظ بكل ما يستولي عليه من أراضي المسلمين دون معارضة من المغول‪.‬‬ ‫بعد ما استمع إلى طلبات الملك األرميني‪ ،‬أمر مونكو باجتماع مجلسه بحضور الملك‬ ‫هيثوم األول‪ ،‬ثم أجاب بما يلي ‪" :‬ألن ملك أرمينيا قد أتى إلينا بإرادته من بالد بعيدة جدا‪،‬‬ ‫سن َع َّمد أوال ونعتنق‬ ‫فيجدر بنا أن نلبي كل طلباته‪ .‬ونقول لك يا ملك أرمينيا‪ ،‬بأننا نحن اإليلخان ُ‬ ‫وسن َعمد أهل قصرنا كلهم‪ .‬أما اآلخرون فإننا سننصحهم بأن يفعلوا نفس الشيء‪،‬‬ ‫عقيدة المسيح‪ُ ،‬‬ ‫ولكننا لن نجبرهم على ذلك‪ ،‬ألن العقيدة ال تفرض بالقوة‪.‬‬ ‫وعن الطلب الثاني نجيب بأننا نرغب في أن يسود السالم والصداقة األبدية بين‬ ‫المسيحيين والتتار‪ ،‬ولكننا نريد أن يتعهد المسيحيون بأن يحافظوا على السالم والصداقة‬ ‫المخلصة تجاهنا كما سنفعل نحن معهم‪ .‬ونريد أن تتحرر كل الكنائس وكل المسيحيين أيا كان‬ ‫وضعهم‪ ،‬رجال دين أو علمانيين‪ ،‬ويخلصوا من العبودية وأن تتم حمايتهم ضد األذى في‬ ‫األرواح أو الممتلكات‪ .‬وفيما يخص األراضي المقدسة‪ ،‬فإننا كنا بالفعل سنذهب شخصيا‬ ‫وبإرادتنا لتبجيل يسوع المسيح‪ ،‬ولكن لما كان لدينا الكثير لنقوم به في هذه البالد‪ ،‬فإننا نأمر‬ ‫شقيقنا هوالكو بأن يذهب إلى هناك وينجز هذه المهمة‪ ،‬وأن يخلص األراضي المقدسة من‬ ‫سلطة المسلمين‪ ،‬وأن يسلمها إلى المسيحيين‪ ،‬وسنصدر أوامرنا إلى باتو والتتار اآلخرين‬ ‫الموجودين في تركستان والتتار الذين هنا بأن يطيعوا شقيقنا هوالكو‪ ،‬وسيتوجه شقيقنا ليستولي‬ ‫على مدينة بغداد ويدمر الخليفة بصفته عدونا اللدود‪".‬‬ ‫‪74‬‬ ‫وحسب هايتون‪ ،‬فإن مونكو اعتنق‬ ‫وعمد على يد أحد األساقفة األرمن وكذلك ُعمد كل من كان في قصره من رجال‬ ‫المسيحية‪ُ ،‬‬ ‫ونساء‪.‬‬ ‫بعد أن شعر هيثوم بأنه قد نجح في مهمته‪ ،‬غادر قراقورم في ‪ 81‬رمضان ‪ / 112‬أول‬ ‫نوفمبر ‪ 8219‬م‪ ،‬عائدا إلى بالده‪" ،‬من عبودية الخان األكبر" وقد وضع مونكو فرقة عسكرية‬ ‫مغولية تحت تصرفه ولخدمته وحمايته إلى غاية بلوغه قيليقيا‪ .‬وقد سلك أثناء عودته طريق‬ ‫تركستان ما ار بفارس‪ ،‬حيث زار هوالكو‪ ،‬ثم أرمينيا الكبرى وفيها التقى ببعض األمراء ورجال‬ ‫الدين األرمن‪ ،‬وبعد ثمانية أشهر‪" ،‬بلغ وطنه يوم الجمعة أول أيلول وابتهج المسيحيون كل‬ ‫االبتهاج"‪.75‬‬ ‫‪620‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫وحسب رواية هايتون‪ ،‬فإن المهمة الناجحة التي أداها هيثوم في قراقورم‪ ،‬قد جعلت منه‬ ‫ناطقا وممثال لكل المسيحيين في العالم آنذاك‪ .‬واذا سلمنا بصحة ما كتبه هايتون بأن الخان‬ ‫استجاب لكل مطالب الملك األرمينيي فإن هيثوم الثاني يكون قد نجح نجاحا باهرا‪ ،‬و"أتى بما لم‬ ‫تأت به األوائل"‪ ،‬خاصة وأن أكبر قوة في العالم األوربي وهي البابوية‪ ،‬ومع ما كانت تتمتع به‬ ‫من سلطة ونفوذ في فترة العصور الوسطى‪،‬‬ ‫‪76‬‬ ‫لم تتمكن من استمالة المغول إلى المسيحية‪،‬‬ ‫وكذلك لويس التاسع‪ ،‬فشل في تكوين جبهة موحدة معهم‪ ،‬لمواجهة المسلمين في الشرق األدنى‪.‬‬ ‫وهكذا فإن مونكو‪ ،‬قد أصبح مسيحيا‪ ،‬بتأثير من هيثوم األول‪ ،‬علما أن هايتون وحده من‬ ‫بين المؤرخين األرمن الذي يذكر ذلك‪ .‬وهذا يدفع إلى طرح مجموعة من التساؤالت‪ ،‬هل اعتنق‬ ‫مونكو المسيحية فعال ؟ وما مصلحته في ذلك خاصة وأن أتباعه يدينون بديانات مختلفة ؟ هل‬ ‫كان المغول في حاجة إلى التحالف مع المسيحيين ؟ وهل أسقط الضرائب عن المسيحيين فقط‬ ‫وترك بقية الطوائف تعاني من عبئها ؟ هل ما قام به هيثوم األول هو تحالف إستراتيجي حقق‬ ‫لمملكة أرمينيا الصغرى مكسبا جديدا في سياستها الخارجية‪ ،‬يضعها في مصاف الدول الكبرى‬ ‫ويمكنها من فرض نفسها على العالقات الدولية ؟ أم هو تبعية أبدية وعبودية للمغول ؟‬ ‫ولتوضيح بعض اإلشكاليات الغامضة واإلجابة عن التساؤالت المطروحة‪ ،‬وتبديد‬ ‫الشكوك‪ ،‬يجب وضع رواية هايتون في سياقها التاريخي الذي وردت فيه‪ .‬لقد كتب هايتون كتابه‬ ‫هذا )‪ (La flor des estoires de la terre d'orient‬بناء على طلب من البابا كليمونت الخامس‪،‬‬ ‫وقد قدمه له سنة ‪8470‬م‪ ،‬في أفينيون‪ .‬وخالل هذه الفترة أي خالل الربع األخير من القرن‬ ‫الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر‪ ،‬كانت أرمينيا الصغرى تمر بظروف صعبة بسبب‬ ‫األحداث التالية ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬اندالع حرب أهلية‪ ،‬بسبب الصراع بين األمراء األرمن‪ ،‬ما أدى إلى تمزق األسرة‬ ‫الحاكمة‪ ،‬وانقسام الشعب األرميني وتدهور األوضاع الداخلية‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬استمرار الحرب بين المماليك ومملكة أرمينيا الصغرى‪ ،‬في إطار تصفية الجيوب‬ ‫واإلمارات المسيحية في بالد الشام‪ ،‬خاصة بعد سقوط إمارة عكا سنة ‪ 147‬هـ ‪ 8248 /‬م‪ .‬مما‬ ‫جعل المماليك يتفرغون أكثر لمملكة أرمينيا‪ ،‬ولم يعد لهذه األخيرة حلفاء أقوياء تسند ظهرها‬ ‫إليهم‪.‬‬ ‫‪626‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬انتشار اإلسالم بين المغول في إيران‪ ،‬وخاصة في عهد غازان (‪)8479-8241‬‬ ‫ومن تولى العرش بعده‪ ،‬ما أدى إلى زوال المصلحة التي كانت تجمع بين المغول واألرمن‪،‬‬ ‫فوجدت مملكة أرمينيا نفسها وسط محيط إسالمي‪.‬‬ ‫ولذلك ال ُيستبعد أن يكون الهدف من هذه الرواية التي ساقها هايتون في كتابه‪ ،‬هو لفت‬ ‫أنظار البابا ومن خالله الغرب األوربي‪ ،‬إلى الحالة التي تعانيها أرمينيا الصغرى‪ ،‬وأنها في‬ ‫حاجة إلى تحالف القوى األوربية معها‪ ،‬نظ ار لما قدمته من خدمات جليلة للمسيحية في وقت‬ ‫سابق‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى فإن المغول أنفسهم أصبحوا يسعون للتحالف مع الغرب المسيحي ضد‬ ‫المسلمين في مصر وبالد الشام‪،‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ولم يجدوا آذانا صاغية من البابا أو من القوى السياسية‬ ‫األوربية آنذاك‪ ،‬بسبب انشغال األوربيين بشؤونهم الداخلية‪ .‬فهو يريد من خالل اإلشادة بالمغول‬ ‫ودورهم في حماية المسيحيين‪ ،‬أن يحث الغرب على التحالف مع المغول وعدم تضييع الفرصة‬ ‫المتاحة في استعادة بيت المقدس‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر أيضا‪ ،‬أن هايتون هو ابن أوشين أخ الملك هيثوم األول‪ ،‬وقد تربى في‬ ‫قصره‪ ،‬ولذلك يريد أن ينسب إلى عمه فضل نشر المسيحية بين المغول وتعظيمه في أعين‬ ‫الغرب‪.‬‬ ‫وتحتاج مسألة اعتناق مونكو للمسيحية إلى تمحيص وتدقيق‪ ،‬فهي محل شك وريب عند‬ ‫كثير من المؤرخين‪.‬‬ ‫‪78‬‬ ‫والمؤكد أن مونكو كان يقرب إليه النصارى وقد حظوا عنده بمكانة‬ ‫خاصة‪ ،‬والسر في ذلك هو تخليد روح أمه "سرقويتي بيكي " التي أثرت في نشأته‪ .‬لقد كانت أمه‬ ‫مسيحية نسطورية‪ ،‬ولكنها متعاطفة مع المسلمين‪ ،‬إذ أغدقت عليهم الكثير من العطايا‬ ‫والهبات‪ ،79‬فلم يكن ابنها مونكو متعصبا إلى أي مذهب أو ديانة‪.‬‬ ‫لقد كان مونكو شامانيا مثل أسالفه‪ ،‬ولكنه كفل لجميع أتباعه حرية العقيدة‪ ،‬وسمح‬ ‫بت نظيم مناظرات دينية في قصره‪ ،‬وكان يشارك المسلمين والمسيحيين والبوذيين أعيادهم‪ .‬وفي‬ ‫حديث مع روبروك قال مونكو ‪" :‬ليست الديانات إال كاألصابع الخمسة ليد واحدة‪ ،‬فكما تخرج‬ ‫األصابع الخمسة من الكف‪ ،‬فكذلك البوذية هي الكف‪ ،‬وجميع العقائد األخرى بمثابة‬ ‫األصابع"‪ .80‬وكان يؤمن بوجود إله واحد يعبده كل إنسان كيفما شاء‪.81‬‬ ‫‪622‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫والواقع أن اآلراء متضاربة حول مونكو‪ ،‬فإذا كان هايتون يقول عنه أنه اعتنق المسيحية‪،‬‬ ‫فإن الجوزجاني‪ ،‬روى "أن مونكو نطق بالشهادتين عند اعتالئه العرش تحت إلحاح بركة"‪،‬‬ ‫وادعى البوذيون أنه اعترف بتفوق البوذية على كافة األديان‪.‬‬ ‫‪82‬‬ ‫فأين الحقيقة من كل هذا ؟‬ ‫وما يثبت فعال أن مونكو كان متسامحا مع جميع الطوائف والديانات‪ ،‬ما أورده‬ ‫الهمذاني‪ ،‬مؤرخ المغول‪ ،‬حول صالة العيد في معسكر المغول‪ ،‬فيقول ‪" :‬وقد خص المسلمين‬ ‫بمزيد من اإلكرام واإلحترام‪ ،‬وميزهم على جميع الطوائف والمذاهب‪ ،‬وأمر لهم بالصالت‬ ‫والصدقات‪ .‬ومصداق هذا األمر أنه في عيد الفطر سنة خمسين وستمائة (‪ 117‬هـ ‪8212 /‬م)‬ ‫حضر إلى المعسكر القاضي جالل الدين محمود الخجندي وطائفة من المسلمين‪ ،‬فخطب في‬ ‫الناس‪ ،‬وأمهم‪ ،‬ووشح الخطبة بذكر ألقاب الخليفة‪ ،‬ودعا لمونكو قاآن‪ ،‬وأثنى عليه‪ .‬فأمر‬ ‫بمنحهم العيدية على سبيل التشريف‪ ،‬واعطائهم عربات محملة بأكياس النقد من الذهب والفضة‬ ‫والمالبس القيمة‪".‬‬ ‫‪83‬‬ ‫والخالصة أن هايتون كان مبالغا فيما يتعلق باعتناق مونكو للمسيحية‪ ،‬ألن المقارنة بين‬ ‫المصادر التاريخية المعاصرة لألحداث –حسب النصوص المتوفرة حتى اآلن‪ -‬تبين أن هايتون‬ ‫قد انفرد دون غيره في مسألة اعتناق مونكو للمسيحية‪ .‬حيث أن المؤرخين غيراغوس وابن‬ ‫ودونا ما رواه لهما‪ ،‬لم يقوال أن مونكو أصبح مسيحيا‬ ‫العبري‪ ،‬اللذين سمعا عن هيثوم األول‪َّ ،‬‬ ‫بعد لقائه بالملك األرميني‪ .‬ولم يذكر ذلك سمباد –أخ الملك‪ -‬في حوليته وال المؤرخ فارتان الذي‬ ‫كان مقربا من هوالكو‪ ... ،‬وكل ما في األمر أن مونكو أعرب عن تعاطفه مع المسيحيين وحبه‬ ‫لهم‪ .‬فلم يكن مسيحيا كما يدعي هايتون ولم يكن مسلما كما يدعي الجوزجاني‪.‬‬ ‫وال تخلو مسألة إعفاء النصارى من الضرائب‪ ،‬من بعض المبالغة‪ ،‬ألن مونكو‪ ،‬قام‬ ‫بإصالحات مالية شاملة‪ ،‬أدت إلى تخفيف الضرائب عن جميع الناس‪ ،‬وليس النصارى فقط‪،‬‬ ‫واعفاء غير القادرين على الدفع وأصدر أوامر مشددة إلى العمال‪ ،‬والجباة‪ ،‬والموظفين‪ ،‬بالترفق‬ ‫في جمع الضرائب‪" ،‬وأن يمتنع العمال‪ ،‬والكتاب‪ ،‬عن المحاباة والمداهنة‪ ،‬وأال يعملوا وفق‬ ‫أهوائهم‪ ،‬وال يقبلوا الرشاوى والهدايا‪ ... ،‬وأال يطالب الرعايا ببقية الضرائب التي يعجز كل‬ ‫شخص‪ ،‬وفي كل مكان عن دفعها‪".‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪622‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫وما لم يذكره هايتون‪ ،‬أن مشايخ المسلمين استفادوا هم أيضا من إعفاء ضريبي‪ ،‬ويذكر‬ ‫الهمذاني "وأن يؤدي كل شخص على قدر استطاعته وقدرته كل ما عليه من ضرائب دون‬ ‫مماطلة أو اعتذار‪ .‬وذلك باستثناء الجماعة المعفيين من الضرائب والتكاليف‪ .‬ومن هؤالء طائفة‬ ‫السادات الكرام والمشايخ الكبار واألئمة األخيار من المسلمين وكبار القسس والرهبان واألحبار‬ ‫من النصارى والالمات المشهورين من البوذيين‪ .‬كما يعفى من كافة التكاليف الجماعة الذين‬ ‫طعنوا في السن وعجزوا‪ ،‬عن الكسب والعمل‪".‬‬ ‫‪14‬‬ ‫ربما كان مونكو يرمي من وراء سياسته هذه‪ ،‬استخدام كل الديانات وتجنيد كل الطوائف‬ ‫والفئات االجتماعية لبلوغ هدفه‪،‬‬ ‫‪85‬‬ ‫وهل يعني ذلك أنه كان في حاجة للتحالف مع مملكة أرمينيا‬ ‫الصغرى ؟‬ ‫إن مبادئ السياسة الخارجية التي آمن بها خانات المغول وعملوا على تحقيقها‪ ،‬قائمة‬ ‫على أن الخان الكبير ال يقبل أن يكون بالعالم سلطان حاكم سواه‪ ،‬وأصدقاؤه هم الذين يدينون‬ ‫له بالتبعية‪،‬‬ ‫‪86‬‬ ‫أما الخصوم فيجب استئصال شأفتهم أو إلزامهم بقبول التبعية له‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫وبلغة‬ ‫العصر‪ ،‬فإن السياسة التي يطبقها حكام المغول في عالقاتهم الخارجية‪ ،‬هي سياسة "القطب‬ ‫الواحد"‪ ،‬أي تقسيم العالم إلى دول صديقة تابعة‪ ،‬ودول مارقة معادية‪.‬‬ ‫‪87‬‬ ‫ولم يكن مونكو يختلف‬ ‫في سياسته الخارجية عن أسالفه‪ ،‬ولذلك يبدو أن هيثوم األول كان مبالغا في فهمه لتلك العالقة‬ ‫الجديدة مع المغول‪ ،‬وتفاؤله وابتهاجه بالنتائج التي حققها في قراقورم‪ ،‬ألن قرار االستيالء على‬ ‫بغداد كان قد اتخذ قبل زيارته لمونكو‪،‬‬ ‫يكون ذلك خارج اإلمبراطورية المغولية‪.‬‬ ‫‪88‬‬ ‫أما استرداد بيت المقدس وتسليمها للمسيحيين فلن‬ ‫‪89‬‬ ‫لم يكن المغول في حاجة إلى حليف سياسي أو عسكري‪ ،‬ولكنهم في حاجة إلى مستشار‬ ‫وفي ومخلص خبير في جغرافية المنطقة وشعوبها‪ ،‬ويكون عينا لهم ومنفذا ألوامرهم غير منافس‬ ‫لهم وال طامع في ما يحتلون من بلدان‪ ،‬أي صديقا تابعا‪ .‬وكانوا يدركون أن مملكة أرمينيا‬ ‫الصغرى بحكم حداثة نشأتها‪ ،‬وموقعها بين جيران أقوياء تناصبهم العداوة‪ ،‬في حاجة إلى قوة‬ ‫تحميها‪ .‬ولذلك فإن المغول قد أحسنوا استغالل هذا العنصر البشري‪ ،‬وتوظيفه لتنفيذ مخططاتهم‬ ‫وتحقيق أهدافهم‪.‬‬ ‫‪622‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫النتائج‬ ‫‪ – 6‬سقوط بغداد‬ ‫بعد أن استقر مونكو على عرش المغول‪ ،‬دعا القوريلتاي إلى االجتماع‪ ،‬عام ‪ 117‬هـ ‪/‬‬ ‫‪ 8212‬م‪ ،‬وفيه أعرب الخان الكبير على مواصلة فتح بالد الشرق والغرب من العالم‪،‬‬ ‫‪90‬‬ ‫فعين‬ ‫أخاه هوالكو على رأس جيش كبير وكلفه بفتح غرب إيران والشام ومصر وبالد الروم‬ ‫واألرمن‪.‬‬ ‫‪91‬‬ ‫وقد ساهم الملك هيثوم األول بنفسه في هذه الحملة على بالد الروم‪.‬‬ ‫وفي أوائل محرم سنة ‪ 111‬هـ ‪8210 /‬م‪ ،‬أصدر هوالكو أوامره لكل الفرق العسكرية‬ ‫وكل الشعوب واألمم التي تخضع للمغول بأن تستعد للزحف على بغداد‪ ،92‬وكان على الملك‬ ‫األرميني أن يقدم فروض الوالء والطاعة للمغول‪ ،‬فقاد هيثوم األول بنفسه جيشا أرمينيا ودخل به‬ ‫إلى بغداد مع جيش هوالكو‪.‬‬ ‫‪93‬‬ ‫وقد تمكن المغول من القضاء على الخالفة العباسية سنة ‪111‬‬ ‫هـ ‪ 8211 /‬م‪ ،‬وقتلوا الخليفة المستعصم باهلل‪ ،‬آخر خلفاء بني العباس‪" .‬وبه انقضت الخالفة‬ ‫من بغداد وزالت أيامهم من تلك البالد‪ ،‬وخربت بغداد الخراب العظيم ‪ ...‬وبقي السيف يعمل‬ ‫فيها أربعة وثالثين يوما"‪.94‬‬ ‫وما هو جدير بالذكر هنا‪ ،‬أن قوات أرمينية كرجية يقودها حسان بروش ‪(Hassan‬‬ ‫)‪ ، Broch‬قد شاركت مع القوات المغولية في تدمير بغداد‪ .‬وأن هذا القائد هو الذي روى للمؤرخ‬ ‫غيراغوس ‪ ،‬كل األحداث المتعلقة بمجزرة بغداد‪ .‬ولذلك استبشر المسيحيون وهللوا لهذا السقوط‪،‬‬ ‫و أروا فيه انتقاما لهم من المسلمين‪ .‬ورغم أن الحملة كانت مغولية‪ ،‬فقد أعطاها األرمن طابعا‬ ‫صليبيا مسيحيا‪ ،‬وكتب أحد الكتاب األرمن عن سقوط بغداد قائال ‪" :‬لقد نالت بغداد العقاب‬ ‫الذي تستحقه‪ ،‬نظ ار للدماء التي أرهقتها واآلالم التي تسببت فيها‪ ،‬ولما طفح كيل جورها وظلمها‬ ‫أمام الرب الذي يعرف كل شيء والذي يكافئ بعدالة‪ ،‬وبدون تفضيل أحد‪ .‬لقد دامت السيطرة‬ ‫الحربية والقوية للداجيغ‬ ‫‪95‬‬ ‫(يقصد المسلمين) ستمائة وسبع وأربعين سنة"‪.‬‬ ‫‪96‬‬ ‫وقد حظي‬ ‫المسيحيون برعاية خاصة‪ ،‬فلم تتعرض حياتهم للخطر وقد ترك لهم هوالكو كل ممتلكاتهم‪ ،‬ولم‬ ‫تتضرر كنائسهم‪ ،‬وقد كان ذلك بتأثير من دوقوز خاتون زوجة هوالكو‪.‬‬ ‫‪622‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫‪ – 2‬غزو الشام ‪:‬‬ ‫استأنف المغول توسعهم باتجاه الغرب‪ ،‬وتطلعوا إلى غزو بالد الشام‪ .‬ولتأمين جناح‬ ‫جيشه أثناء غاراته المقبلة‪ ،‬أمر هوالكو بتكوين حلف بين قلج أرسالن الرابع وهيثوم ملك أرمينيا‬ ‫الصغرى (رغم العداوة التاريخية بينهما)‪ ،‬وقد اجتمع العاهالن في هرقلة وتحالفا على ذلك‪.‬‬ ‫وكانت فرقة عسكرية مغولية يقودها أريق نوين قد استولت على إربل –أثناء حصار بغداد‪-‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪،‬‬ ‫وبذلك أصبح المغول يشرفون على الشام‪.‬‬ ‫وأورد المؤرخ األرميني هايتون‪ ،‬تفاصيل كثيرة تتعلق بزحف المغول واألرمن على بالد‬ ‫الشام‪ ،‬وذكر أن إعداد خطة الهجوم واحتالل المدن السورية‪ ،‬كانت بمشاركة أكثر أتباع المغول‬ ‫إخالصا لهم وهو هيثوم األول‪ .‬حيث أخبر هوالكو الملك األرميني بأنه متجه إلى فلسطين‬ ‫الستعادة بيت المقدس من المسلمين واعادتها للمسيحيين‪ ،‬وطلب منه أن يوافيه في الرها‪.‬‬ ‫‪99‬‬ ‫وبعد أن حشد هيثوم األول جيشه واستعد للحرب‪ ،‬نصح هوالكو بأن يبدأ بمدينة حلب ألنها‬ ‫"مفتاح سوريا وان استطعنا أن نستولي على حلب فستخضع لنا بقية األراضي والمدن ومنها‬ ‫نتجه إلى األرض المقدسة"‪ .100‬ويبدو هنا بكل وضوح‪ ،‬أن هيثوم األول تحول إلى أهم‬ ‫مستشاري القائد المغولي هوالكو‪ ،‬وهذا ما كان يبحث عنه المغول‪ ،‬فهم ال يعرفون المسالك‬ ‫والطرق والتضاريس‪ ،‬كما يعرفها "أهل مكة"‪ ،‬فجعلوا من األرمن عيونا ومرشدين لهم‪ ،‬ضد‬ ‫جيرانهم المسلمين‪ .‬وانضم إلى الحملة بوهيموند السادس كونت أنطاكية‪ ،‬وهو صهر هيثوم‬ ‫األول‬ ‫‪101‬‬ ‫وحليفه‪.‬‬ ‫‪102‬‬ ‫كما تقدم البطريق األرميني فارتان )‪ ،(Vartan‬من هوالكو ُليصلي له‬ ‫ويمنحه البركة‪ ،‬مما جعل هذه الحرب األرمينية المغولية تتخذ طابع الحروب الصليبية‪،‬‬ ‫‪103‬‬ ‫أو‬ ‫تبدو كأنها حملة صليبية أرمينية مغولية‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 22‬رمضان سنة ‪ 110‬هـ ‪8214 /‬م‪ ،‬تحرك الجيش المغولي األرميني تحت‬ ‫قيادة هوالكو‪ ،‬وهو في طريقه إلى حلب أرسل فرقة عسكرية مغولية أرمينية كرجية إلى ميافارقين‬ ‫فحاصرتها‪ ،‬ورفض صاحبها الملك الكامل محمد بن شهاب الدين‪ ،‬االعتراف بالسيادة المغولية‬ ‫وأبدى رغبة شديدة في المقاومة‪ .‬وبعد سنتين من الحصار نفذت المؤن وانتشرت األوبئة‪،‬‬ ‫واضطر الكامل محمد إلى االستسالم‪ ،‬فأخذ المغول يقطعون جسده إربا إربا ويضعونها في فمه‬ ‫إلى أن مات‪.‬‬ ‫‪104‬‬ ‫ثم قطعوا رأسه وحملوه على رمح وطافوا به مدن الشام‪،‬‬ ‫‪622‬‬ ‫‪105‬‬ ‫وتعرض السكان‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫إلى مذبحة لم ينج منها إال المسيحيون الذين كان األرمن يمثلون أغلبيتهم‪ ،‬ولم تصب الكنائس‬ ‫بأذى‪.‬‬ ‫‪106‬‬ ‫وخالل المدة التي كانت فيها ميافارقين تحت الحصار‪ ،‬استولى هوالكو –وهو في طريقه‬ ‫إلى الشام‪ -‬على ديار بكر‪ ،‬وماردين‪ ،‬ونصيبين‪ ،‬وحران‪ ،‬والرها‪ ،‬والبيرة‪ ،‬ثم حماه وحمص‪.‬‬ ‫‪107‬‬ ‫وقد كانت دائما ترافقه القوات األرمينية بقيادة هيثوم األول‪ ،‬مما جعل المسيحيين الشرقيين‬ ‫يعتقدون أنهم بمشاركتهم مع أحفاد جنكيز خان ضد المسلمين في سوريا‪ ،‬إنما يقومون بحملة‬ ‫صليبية‪.‬‬ ‫وبوصول هوالكو إلى أسوار حلب بتاريخ ‪ 2‬صفر ‪ 111‬هـ ‪ 81 /‬جانفي ‪8217‬م‪ ،‬كان‬ ‫إلى جانبه الملك هيثوم األول يقود فرقة أرمينية‪ ،‬وبوهيمند السادس يقود فرقة أنطاكية‪.‬‬ ‫وزوجة هوالكو "دوقوز خاتون المؤمنة المحبة للمسيح"‪.‬‬ ‫‪109‬‬ ‫‪108‬‬ ‫وقد رفضت حامية المدينة بقيادة‬ ‫الملك الشيخ المعظم تورانشاه‪ ،‬االستسالم للمغول‪ ،‬فشيد الجيش األسوار حول المدينة‪ ،‬وأقام‬ ‫المجانيق‪ ،‬واشتبك الطرفان في قتال عنيف مدة أسبوع‪ .‬وجرح بعض األمراء المغول‪ ،‬فكان‬ ‫هوالكو يعطف عليهم ويشجعهم قائال ‪" :‬كما أن اللون األحمر يكون زينة للنساء‪ ،‬فكذلك للرجال‬ ‫تكون الدماء الحمراء على وجوههم ولحاهم زينة لهم"‪.‬‬ ‫‪110‬‬ ‫وقد تمكن المغول من دخول المدينة‬ ‫عن طريق الفرار المصطنع ثم الهجوم المباغت‪ ،‬وقد كانت حلب ضحية المغول الثانية بعد‬ ‫بغداد ‪ ،‬إذ "غدروا بأهلها وقتلوا منهم خلقا ال يعلمه إال اهلل عز وجل‪ ،‬ونهبوا األموال‪ ،‬وسبوا‬ ‫النساء واألطفال‪ ،‬وجرى عليهم قريب مما جرى على أهل بغداد‪ ،‬فجاسوا خالل الديار وجعلوا‬ ‫أعزة أهلها أذلة‪ ... ،‬وخربت أسوار البلد وأسوار القلعة وبقيت حلب كأنها حمار أجرب"‪،‬‬ ‫ويقول شاهد عيان أنهم قتلوا فيها أكثر مما قتلوا في بغداد‪.‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪111‬‬ ‫اشتغل المغول بعدها بقلعة حارم‪،‬‬ ‫وقد غضب هوالكو على سكانها غضبا شديدا‪ ،‬وأمر بأن يقتلوا دفعة واحدة مع نسائهم وأطفالهم‪،‬‬ ‫ولم ينج منهم إال صائغ أرمني‪.‬‬ ‫‪113‬‬ ‫وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ونودي باألمان‪ ،‬خرج النصارى من مخابئهم‪ ،‬فتوجه ابن‬ ‫العبري إلى هوالكو ووضع نفسه في خدمته‪ ،‬ونهض قسيس أرميني فشفع ألتباعه عند المغول‪،‬‬ ‫وأعتق جميع المسيحيين‪.‬‬ ‫‪114‬‬ ‫أما الملك هيثوم األول فاستغل تلك الفرصة‪ ،‬ولم يتورع عن إحراق‬ ‫الجامع الكبير بيديه‪ ،‬وامتدت الحرائق إلى سائر المساجد‪.‬‬ ‫‪628‬‬ ‫‪115‬‬ ‫وأعطى هوالكو للملك األرميني‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫جزءا من الغنائم التي استولى عليها‪ ،‬كما أعاد له القصور والقالع التي أخذها المسلمون في‬ ‫حلب من مملكة أرمينيا الصغرى‪ ،‬منها مرعش وبرج الرصاص ومرزبان وجابان وبهسنة‬ ‫ودربساك‪.‬‬ ‫‪116‬‬ ‫وأعاد إلى بوهيموند السادس األراضي التي أخذها المسلمون من اإلمارة منذ عهد‬ ‫صالح الدين األيوبي‪.‬‬ ‫والنساء"‪،‬‬ ‫‪118‬‬ ‫‪117‬‬ ‫وقد بلغ عدد األسرى "ما يزيد على مائة ألف أسير من الصبيان‬ ‫حملوا إلى أرمينيا الصغرى لبيعهم في أسواق الرقيق‪.‬‬ ‫وما أن انتشرت أخبار سقوط حلب‪ ،‬في دمشق‪ ،‬رحل حاكمها الملك الناصر‪ ،‬يريد‬ ‫مصر‪ ،‬وخشي أهلها أن يلقوا نفس المصير‪ ،‬فاضطرب الناس حتى "كأن القيامة قامت"‪،‬‬ ‫‪880‬‬ ‫ثم‬ ‫أدركوا أنهم بال حام يحميهم ويدافع عنهم فتوجه "جمع من أكابرها وأعيانها إلى حضرة هوالكو‪،‬‬ ‫ومعهم أنواع التحف والهدايا ومفاتيح بوابات المدينة‪ ،‬وأظهروا الطاعة والخضوع‪ ،‬وسلموا‬ ‫المدينة‪".‬‬ ‫‪119‬‬ ‫وأرسل هوالكو قائد جيوشه‪ ،‬كتبغا يصحبه هيثوم األول ملك أرمينيا‪ ،‬وبوهيموند‬ ‫السادس إلى دمشق‪،‬‬ ‫‪120‬‬ ‫الختبار أهلها‪ ،‬فاستقبله أهل المدينة بحفاوة وطلبوا األمان‪.‬‬ ‫‪121‬‬ ‫ووجد المسيحيون في سقوط دمشق بين أيدي المغول‪ ،‬فرصة سانحة لالنتقام من‬ ‫المسلمين‪ ،‬واالعتداء على حرماتهم‪ ،‬وعلى حد تعبير الذهبي ‪" :‬شمخت النصارى بدمشق‪،‬‬ ‫ورفعوا الصليب في البلد"‪.‬‬ ‫‪122‬‬ ‫ويرصد المقريزي تجاوزات المسيحيين واعتدائهم على المسلمين‬ ‫فيقول‪" :‬واستطال النصارى بدمشق على المسلمين‪ ،‬وأحضروا فرمانا من هوالكو باالعتناء‬ ‫بأمرهم واقامة دينهم ‪ :‬فتظاهروا بالخمر في نهار رمضان‪ ،‬ورشوه على ثياب المسلمين في‬ ‫الطرقات‪ ،‬وصبوه على أبواب المساجد‪ ،‬وألزموا أرباب الحوانيت بالقيام إذا مروا بالصليب عليهم‪،‬‬ ‫وأهانوا من امتنع من القيام للصليب وصاروا يمرون به في الشوارع إلى كنيسة مريم‪ ،‬ويقفون به‬ ‫ويخطبون في الثناء على دينهم‪ ،‬وقالو جه ار ‪ :‬ظهر الدين الصحيح دين المسيح"‪.‬‬ ‫‪123‬‬ ‫وبلغ بهم‬ ‫األمر إلى دق النواقيس واراقة الخمر في مسجد األمويين‪ ،‬وحصل هيثوم األول من كتبغا على‬ ‫إذن بإغالق مساجد دمشق وتحويل أحدها إلى كنيسة‪ .‬ورغم تقدم المسلمين بشكوى إلى قائد‬ ‫الجيوش المغولية‪ ،‬فإن هذا األخير لم يعطهم جوابا‪ ،‬بل كان يزور كنائس النصارى‪.‬‬ ‫‪124‬‬ ‫هذا هو موقف ملك أرمينيا الصغرى‪ ،‬من جيرانه المسلمين في محنتهم مع المغول‪،‬‬ ‫وانتهج أخالفه هذه السياسة التي جعلت من المغول حماة لألرمن من السالجقة والمماليك‪،‬‬ ‫‪125‬‬ ‫ولم يتورعوا عن مؤازرة مغول فارس واعالن التبعية والخضوع لهم خدمة ألغراضهم وانتقاما من‬ ‫‪622‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫المسلمين‪ .‬وهذه المواقف جعلت العمري يصف األرمن في قيليقيا بأنهم "أخبث عدو‬ ‫لإلسالم"‪.‬‬ ‫‪126‬‬ ‫والذي يراه عديد المؤرخين أن الملك هيثوم األول لم تكن عالقته بالمغول عالقة الند مع‬ ‫نظيره‪ ،‬بل كانت عالقة التابع بالمتبوع‪ .‬ألن نظرة الخان للمساعدات التي يقدمها الصديق‪،‬‬ ‫ومنها المساعدات التي قدمها هيثوم األول‪ ،‬ال تخرج عن كونها جزءا من واجبات التابع‬ ‫والخاضع لسلطة سيده‪ ،‬حتى ولو قدر وكانت تلك الحمالت ضد أناس يعتنقون الديانة المسيحية‬ ‫نفسها‪ .127‬وقد كان المسلمون يدركون ذلك جيدا حيث يقول العمري عن األرمن ‪" :‬ولملوك‬ ‫البيت الهوالكوهي عليهم حكم قاهر‪ ،‬وفيهم أمر نافذ‪ ،‬قبل ضعف شوكتهم‪ ،‬ولين قسوتهم‪ ،‬وخلو‬ ‫غابهم من قسورتهم"‪ .128‬ويمكن القول أن هوالكو‪ ،‬أحسن استغالل األرمن وتوظيفهم كوسيلة‬ ‫ضغط ضد المسلمين‪.‬‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬أن األرمن وجدوا في المغول ضالتهم‪ ،‬فعن طريقهم حققوا مكاسب‬ ‫إقليمية على حساب المسلمين‪ ،‬وكانوا يطمحون إلى استعادة بيت المقدس ومن ثم القضاء المبرم‬ ‫على اإلسالم‪ ،‬كدين رئيسي في المنطقة‪.‬‬ ‫‪129‬‬ ‫على أن هيثوم األول وأتباعه من ملوك األرمن‪،‬‬ ‫تجاوزوا الحدود في تفاؤلهم‪ ،‬ألنهم راهنوا على جواد خاسر‪.‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪ – 6‬انتعاش النشاط التجاري في أرمينيا الصغرى‬ ‫بعد أن استقر المغول في بالد فارس‪ ،‬وهدأت جبهات الحرب‪ ،‬ولم تعد المعارك شغلهم‬ ‫الشاغل‪ ،‬أخذوا يهتمون بالنشاط التجاري‪ ،‬واعادة الحيوية والنشاط للطرق التجارية التي ابتعدت‬ ‫عن بالدهم أي ام الحرب‪ .‬فشرعوا يشجعون التجار على ارتياد الطريق البري القديم القادم من‬ ‫الصين ويجتاز تركستان ثم إلى شمال بحر قزوين إلى موانئ البحر األسود‪ ،‬و طريق آخر يبدأ‬ ‫من الصين ويتجه إلى بـالد فـارس ثم إلى سواحل البحر األسود الجنوبية مثل طرابيزون‬ ‫)‪ ،(Trébizonde‬أو إلى مدينة آياس‪،‬‬ ‫‪131‬‬ ‫الواقعة في شرق البحر المتوسط‪ ،‬وهي جزء من مملكة‬ ‫أرمينيا الصغرى‪ .‬وقد أبدى المغول في فارس اهتماما بالغا بمدينة تبريز‪ ،‬واتخذوها عاصمة لهم‪،‬‬ ‫لوقوعها على الطريق التجاري البري بين الشمال والجنوب وربطوها بميناء آيـاس ‪(Aias ou‬‬ ‫)‪ Lajazzo‬الواقع في مملكة أرمينيا الصغرى على البحر المتوسط‪ ،‬بعدة محطات تجارية‪،‬‬ ‫وشجعوا األرمن والمسلمين أيضا على مزاولة أنشطتهم التجارية‪.‬‬ ‫‪211‬‬ ‫‪132‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن مملكة أرمينيا الصغرى قد رحبت بهذه الخطوة‪ ،‬خاصة وأنها تمتد‬ ‫فوق رقعة جغرافية إستراتيجية‪ ،‬فقد كانت تمر بها العديد من الطرق التجارية الرابطة بين الشام‪،‬‬ ‫وآسيا الصغرى‪ ،‬وبالد فارس‪ ،‬ووسط آسيا‪ ،‬واإلمبراطورية البيزنطية‪ .‬منها الطريق الرابط بين‬ ‫ميناء آياس ومدينة قونية‪ ،‬ويوجد ميناء آخر ال يقل أهمية‪ ،‬هو ميناء جوريجوس )‪،(Gorigos‬‬ ‫وال يبعد كثي ار عن جزيرة قبرص‪ ،‬وكان التجار يفضلونه للعبور إلى قونية‪ ،‬كما كانت القوافل‬ ‫القادمة من الجزيرة والشام‪ ،‬تسلك دروب قيليقيا للوصل إلى القسطنطينية مرو ار بمحطات تجارية‬ ‫منها سيواس‪ .‬وقد كانت هذه القوافل تدفع ضريبة حق المرور إلى السلطات األرمينية‪.‬‬ ‫‪133‬‬ ‫وقد نجح ملوك أرمينيا في استقطاب التجار األجانب إلى بالدهم‪ ،‬بمنحهم امتيا ازت‬ ‫تجارية عديدة‪ ،‬حيث استفاد تجار البندقية وجنوا من تخفيض في الضريبة المفروضة على‬ ‫البضائع المارة ببالدهم من ‪ % 9‬إلى ‪ % 2‬فقط‪ .‬وتحولت أرمينيا الصغرى إلى ِقبلة للتجار‬ ‫القادمين من الغرب األوربي‪ ،‬البتياع ما يحتاجون إليه من منتجات وبضائع الشرق‪ .‬فأصبحت‬ ‫مدينة آياس الساحلية من أهم المراكز التجارية‪ ،‬ومخزنا ضخما للثروات والمنتجات النفيسة‬ ‫ميناء أوربيا أكثر منه أرمينيا‪ ،‬نظ ار للعدد الكبير من‬ ‫القادمة من جوف آسيا‪ .‬وغدا ميناؤها‬ ‫ً‬ ‫السفن األوربية التي كانت ترسو به‪ ،‬وجنسيات التجار الذين كانوا يدخلونه أو يغادرونه‬ ‫يوميا‪.‬‬ ‫‪134‬‬ ‫وقد وصف ماركو بولو ميناء آياس سنة ‪ 8208‬م قائال ‪" :‬وتقع على ساحل البحر‬ ‫مدينة اسمها الياسوس (آياس)‪ ،‬وهي مكان تدور فيه تجارة ضخمة‪ .‬ويكثر التجار من ارتياد‬ ‫مينائها‪ ،‬قادمين من البندقية وجنوة ومن أماكن أخرى كثيرة‪ ،‬وهم يتجرون [يتاجرون] في التوابل‬ ‫وفي العقاقير المختلفة األنواع‪ ،‬وفي منسوجات الحرير والصوف‪ ،‬وغير ذلك من السلع الثمينة‪.‬‬ ‫والعادة أن من يبتغون السفر في داخلية بالد المشرق يقصدون السفر إلى ثغر الياسوس‬ ‫ذاك"‪.‬‬ ‫‪135‬‬ ‫وفي نهاية الدراسة‪ ،‬يتضح أن العالقات األرمينية المغولية قد عادت بالنفع الكثير على‬ ‫مملكة أرمينيا الصغرى‪ ،‬وبفضل هذه العالقات شكل المغول درعا واقيا للملكة من أي هجوم‬ ‫خارجي‪ ،‬وضمنوا لها البقاء واالستمرار وسط محيط يناصبها العداء‪ .‬ولكن الذي لم تتطرق إليه‬ ‫هذه المقالة‪ ،‬هو أن هذه العالقة انقلبت رأسا على عقب بعد انتشار اإلسالم بين المغول في‬ ‫إيران‪ ،‬مما جعلهم يتحولون إلى حلفاء لسلطنة المماليك في مصر‪ ،‬أعداء مملكة أرمينيا‬ ‫الصغرى‪ ،‬وهذا موضوع مقالة أخرى‪.‬‬ ‫‪210‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ 6102 ‫ السداسي األول‬/ ‫العدد السابع‬ ISSN: 2353-0472 EISSN: 2600-6405 136 Ds : H. P. A. : J. A. : R. H. C. D. A. : T. : ‫أرمينيا في العصور القديمة والوسطى‬ ‫اإلختصارات‬ Dans Histoire du peuple arménien. Journal asiatique. Recueil des historiens des croisades documents arméniens Tome. 216 ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫الهوامش‬ ‫‪ 1‬منازكرد أو مالزكرد أو منازجرد أو مالسكرد ‪ :‬من مدن أرمينيا الكبرى‪ ،‬وقعت فيها معركة فاصلة بين السالجقة بقيادة ألب‬ ‫أرسالن‪ ،‬والبيزنطيين بقيادة اإلمبراطور رومانوس الرابع (ديوجينس) الذي وقع أسيرا‪ ،‬ما أدى إلى فتح آسيا الصغرى من طرف‬ ‫السالجقة واستقرارهم فيها‪( .‬أنظر ‪ :‬ابن األثير (أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد‬ ‫الشيباني (ت ‪ 221‬هـ)) ‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيروت‪ .0282 ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪.001‬‬ ‫‪ 2‬قيليقيا ‪ :‬هو إقليم يقع في جنوب األناضول بين البحر المتوسط وجبال طوروس‪ ،‬خضع لعدة قوى أجنبية آخرها اإلمبراطورية‬ ‫الرومانية‪ ،‬ثم فتحه المسلمون خالل القرن الثامن الميالدي‪ ،‬وحاليا‪ ،‬يقع جنوب تركيا‪ .‬وقد أطلق عليه المسلمون عدة تسميات‬ ‫منها "الدرب"‪ ،‬وأطلقوا عليه أيضا اسم "الثغور" ‪ ...‬أنظر ‪ :‬زرقوق محمد ‪ :‬مملكة أرمينيا الصغرى بين المغول والمماليك‪ ،‬مذكرة‬ ‫لنيل شهادة الماجستير في تاريخ العصور الوسطى‪ ،‬إشراف د‪ .‬بشاري لطيفة‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،6‬كلية العلوم اإلنسانية‪ ،‬قسم‬ ‫التاريخ‪ ،‬السنة الجامعية (‪ ،)6106-6100‬ص ‪.62‬‬ ‫‪ )3‬هذه التسمية استعملها بعض الكتاب الغربيين الالتين‪ ،‬وهي قليلة االستعمال عند األرمن‪ .‬شاع استعمالها حديثا‪ ،‬بسبب كثرة‬ ‫تكرارها من طرف مؤرخي العصور الوسطى‪ .‬أنظر‪Dulaurier Edouard : Introduction, ds. :R. H. C. D. A., Imprimerie :‬‬ ‫‪imperial, 2eme ed., Paris, 1969. p. II; Thierry Nicole : L'éclosion artistique des XIIIe et XIVe siècles, Ds. : H. P. A.,‬‬ ‫‪sous la direction de Gérard Dédéyan, Editions Privat, Toulouse, 2008. p. 368.‬‬ ‫‪Grousset René : Histoire de l'Arménie des origins à 1071, Payot, Paris, 1984. p. 522. )4‬‬ ‫‪Mouradian Claire : L'Arménie, Presse Universitaire de France, 9 eme ed., Paris, 2009. p. 25. )5‬‬ ‫‪ )6‬أنظر الخريطة‪ ،‬ص ‪.02‬‬ ‫‪ )7‬المدور عثمان ‪ :‬األرمن عبر التاريخ‪ ،‬منشورات دار نوبل‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.662‬‬ ‫‪ )8‬عاشور سعيد عبد الفتاح ‪ :‬بحوث ودراسات في تاريخ العصور الوسطى‪ ،‬جامعة بيروت العربية‪ ،‬بيروت‪ .7711 ،‬ص ‪.222‬‬ ‫‪ )9‬طوروس ‪ :‬سلسلة جبلية تقع جنوب تركيا‪ ،‬وقد سماها المسلمون بجبل اللُّ َّكام‪ .‬وكانت الحد الفاصل بين بالد المسلمين والروم‬ ‫في أيام بني أمية وبني العباس‪( .‬لسترنج كي ‪ :‬بلدان الخالفة الشرقية‪ ،‬نقله إلى العربية بشير فرنسيس وكوركيس عواد‪ ،‬مؤسسة‬ ‫الرسالة‪ ،‬ط ‪ ،6‬بيروت‪ .0282 ،‬ص ‪).28‬‬ ‫‪ )10‬رنسيمان ستيفن ‪ :‬تاريخ الحروب الصليبية‪ ،‬نقله إلى العربية‪ ،‬السيد الباز العريني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ .7791 ،‬ج ‪ ،7‬ص ‪.222‬‬ ‫‪Michel Le Syrien : Extrait de la chronique de Michel le syrien, Ds. R. H. C. D. A., op. cit., T. I, p. 405. (11‬‬ ‫‪ )12‬مرعش ‪ :‬مدينة في الثغور بين الشام وبالد الروم‪ ،‬لها سوران وخندق وفي وسطها حصن عليه سور يعرف بالمرواني‪ ،‬بناه‬ ‫مروان بن محمد‪ ،‬ثم أحدث بعده هارون الرشيد سائر المدينة‪ .‬وهي تقع حاليا في تركيا‪ .‬أنظر ‪ :‬الحموي (شهاب الدين أبي عبد‬ ‫اهلل‪ ،‬ياقوت بن عبد اهلل) ‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ .6118 ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪.).622‬‬ ‫‪ )13‬طرسوس ‪ :‬مدينة بثغور الشام‪ ،‬بين أنطاكية وحلب وبالد الروم‪ ،‬وبها قبر المأمون عبد اهلل بن الرشيد‪ .‬وهي تقع حاليا في‬ ‫تركيا‪( .‬المصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.).212‬‬ ‫‪ )14‬دلوك ‪" :‬بليدة من نواحي حلب بالعواصم"‪( .‬المصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.).622‬‬ ‫‪Grousset : L'Empire du Levant histoire de la question d'orient, Payot, Paris, 1949. p. 176. )15‬‬ ‫‪ )16‬أذنة ‪ :‬أو أضنة‪ ،‬بلد من الثغور قرب المصيصة‪ ،‬وهي اآلن تقع في تركيا‪( .‬الحموي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪.).006‬‬ ‫‪ )17‬المصيصة ‪ :‬باألرمينية مسيس )‪ ،(Mecis‬مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبالد الروم تقارب‬ ‫طرسوس‪ ،‬وتقع أطاللها بالقرب من مدينة أضنة بتركيا‪( .‬المصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪.).628‬‬ ‫‪)18‬‬ ‫َنازرُبس‪( .‬لسترنج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.).020‬‬ ‫‪ )19‬عين زربى ‪ :‬بلد بالثغر من نواحي المصيصة‪ ،‬وعرفه الصليبيون باسم أ َ‬ ‫عاشور ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.626‬‬ ‫‪ )20‬كوبدار ‪ :‬حصن يقع في جبال طوروس إلى الشمال من سيس‪(Dulaurier : op. cit., p. 30, note 2.). .‬‬ ‫‪ )21‬لمبرون ‪ :‬حصن يقع في جبال طوروس بقيليقيا‪ ،‬يسمى حاليا نِمرون‪.(Op. cit., p. 822.) .‬‬ ‫‪Grousset : L'Empire du levant, pp. 176-177. )22‬‬ ‫‪Dulaurier : op. cit., p. III. )23‬‬ ‫‪Matthieu D'Edesse : Extraits de la chronique de Mathieu d'Edesse, Ds. : R. H. C. D.A. T. I, pp.33 -34. )24‬‬ ‫‪ )25‬عاشور ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪Samuel d'Ani : Extrait de la chronographie de Samuel d'Ani, Ds. : R. H. C. D. A., p. 458; Sempad (Connétable) : )26‬‬ ‫‪Chronique du royaume de la Petite Arménie, Ds. : R. H. C. D.-A., 634.‬؛ يرجح جروسي هذا التاريخ بعد مناقشة وتحليل عدة‬ ‫وثائق ومصادر‪ ،‬رغم أن الكثير من المراجع تذكر تاريخ ‪ 2‬جانفي ‪ .7777‬أنظر ‪Grousset : L'Empire du Levant, p. 394. :‬‬ ‫‪ 27‬سيس ‪ :‬هي فالفيوبوليس‪ ،‬تقع بين أنطاكية وطرسوس‪ ،‬قرب أظنة في تركيا‪ .‬أنظر ‪ :‬لسترنج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )28‬بوعمامة فاطمة ‪ :‬العالقات الخارجية لمملكة أرمينيا الصغرى منذ منتصف القرن الثاني عشر الميالدي حتى سنة ‪0222‬م‪،‬‬ ‫رسالة لنيل شهادة الماجستير في تاريخ العصور الوسطى‪ ،‬إشراف د‪ .‬إبراهيم فخار‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد التاريخ‪ ،‬السنة‬ ‫الجامعية (‪ 0202-0202‬هـ‪ 0222-0222/‬م)‪ .‬ص ‪.22-28‬‬ ‫‪Dulaurier : op. cit., p. XXXII. )29‬‬ ‫‪ )30‬القلقشندي (الشيخ أبو العباس أحمد) ‪ :‬صبح األعشى‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ .0266 ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪.22‬‬ ‫‪ )31‬ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم) ‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ .0222 ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.26‬‬ ‫‪ )32‬ابن األثير ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.221‬‬ ‫‪ )33‬طقوش محمد سهيل ‪ :‬تاريخ المغول العظام واإليلخانيين‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ .6112 ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪ 34‬القوريلتاي ‪ :‬مجلس يتكون من أمراء المغول وأقاربهم‪ ،‬ويعقد جلساته للتشاور‪ ،‬في حالة حدوث أمر هام كتنصيب ملك جديد‪ ،‬أو‬ ‫القيام بحملة حربية‪( .‬الصياد‪ ،‬فؤاد عبد المعطي ‪ :‬المغول في التاريخ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ .0281 ،‬ص ‪.).226‬‬ ‫‪212‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫‪)35‬‬ ‫‪)36‬‬ ‫‪)37‬‬ ‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022-022‬‬ ‫التونجي محمد ‪ :‬بالد الشام إبان الغزو المغولي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ .0228 ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪)38‬‬ ‫‪)39‬‬ ‫طقوش ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20-21‬‬ ‫‪D'ohsson C. : Histoire des Mongols, depuis Tchinguiz-Khan jusqu'à Timour bey ou Tamerlan, Frederik Muller,‬‬ ‫‪Amsterdam, 1852. T. III, p. 75.‬‬ ‫‪Guiragos de Kantzag : Fragments relatifs aux Mongols, traduits par Dulaurier Ed. Ds. : J. A., Paris, fevrier -mars‬‬ ‫‪1858. 5eme série, T. XI, P. 217.‬‬ ‫‪ )40‬عاشور ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.626‬‬ ‫‪ )41‬كيخسرو الثاني ‪ :‬هو أحد سالطين السالجقة في آسيا الصغرى‪ ،‬حكم مابين ‪222-222‬هـ‪0622-0622/‬م‪ ،‬وقد وصفه‬ ‫المؤرخون بالجهالة السياسية وابتعاده عن ممارسة شؤون الدولة‪ ،‬وجهله بأساليب الحكم‪ ،‬ورغم أنه ورث دولة قوية واسعة‬ ‫األرجاء‪ ،‬فإن الضعف بدأ يتسرب إلى جسم الدولة في عهده‪( .‬أنظر ‪ :‬طقوش محمد سهيل ‪ :‬تاريخ سالجقة الروم في آسيا‬ ‫الصغرى ‪ 212-221‬هـ ‪ 0212-0122 /‬م‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ .6116 ،‬ص ‪ 622‬وما بعدها)‪.‬‬ ‫‪Guiragos de Kantzag : Fragments, p. 431-432. )42‬‬ ‫‪ )43‬عاشور ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪)44‬‬ ‫الع َمري (شهاب الدين أحمد بن يحي (‪ 211‬هـ ‪ 222 -‬هـ)) ‪ :‬التعريف بالمصطلح الشريف‪ ،‬تحقيق محمد‬ ‫ابن فضل اهلل ُ‬ ‫حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .0288 ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪ )45‬ابن العبري (أبو الفرج جمال الدين) ‪ :‬تاريخ الزمان نقله إلى العربية األب إسحق أرملة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬ط ‪ ،6‬بيروت ‪.0282‬‬ ‫ص ‪.682‬‬ ‫‪ )46‬قراقورم ‪ :‬وتكتب قَ َره قٌُرم أيضا‪ ،‬مدينة في منغوليا على نهر أورخون‪ .‬أمر أوكتاي ببنائها في عام ‪ 220‬هـ ‪0622 /‬م‪ ،‬وقد‬ ‫أطلق علي ها اسم أوردو باليغ‪ ،‬أي مدينة البالط‪ ،‬لكن بفعل قربها من جبال قراقورم اشتهرت في التاريخ بهذا االسم‪ ،‬وجعلها‬ ‫أوكتاي ومن حكم بعده من المغول عاصمة لهم‪( .‬طقوش ‪ :‬تاريخ المغول‪ ،‬ص ‪.).012‬‬ ‫‪ )47‬سمباد ‪ :‬هو ابن قنسطنطين )‪ ،(Constantin‬وأخ الملك هيثوم األول‪ ،‬ولد سنة ‪0618‬م‪ ،‬وكان ال يزال شابا حينما استدعاه‬ ‫الملك ليون الثاني إلى قصره‪ .‬وتدل كلمة الكند سطبل )‪ (Connétable‬التي أصبحت لصيقة باسمه أنه اشتغل كرئيس‬ ‫إلصطبالت الملك ثم ترقى إلى قائد للجيش‪ .‬وضع كتابا سماه "حولية مملكة أرمينيا الصغرى"‪ ،‬تناول األحداث التي جرت بين‬ ‫‪ 226‬و ‪0622‬م‪ ،‬ثم أكملها بعده كاتب مجهول إلى غاية ‪(Dulaurier, op. cit., p. LXXV, 776, 606-609.). .0222‬‬ ‫‪Hayton : La flor des estoires de la terre d'orient, Ds. : R. H. C. D. A., T. I I, p. 164. )48‬‬ ‫‪ )49‬توفي أوكتاي في قراقورم‪ ،‬سنة ‪ 946‬هـ ‪7242 /‬م‪ ،‬وتنازع األمراء المغول فيما بينهم بشأن انتخاب خلف له‪ .‬وتولت في هذه‬ ‫األثناء‪ ،‬أرملته توراكينا خاتون الوصاية على العرش‪ ،‬وساندت ترشيح ابنه األكبر كيوك‪ ،‬ونجحت في إقناع المعارضين له‪،‬‬ ‫فتولى العرش في عام ‪ 944‬هـ ‪7249 /‬م‪ .‬تواترت الوفود لحضور حفلة تتويج الخان الجديد وتقديم الوالء والطاعة والهدايا له‪.‬‬ ‫أنظر ‪ :‬العريني السيد الباز ‪ :‬المغول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ .0280 ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪ )50‬أوفد البابا انوسنت الرابع سفارتين األولى قادها الراهب الفرنسسكاني يوحنا بال ن كاربيني )‪ (Jean de Plan Carpin‬الذي‬ ‫غادر ليون في أفريل ‪0622‬م‪ ،‬واجتاز روسيا وبراري آسيا الوسطى‪ ،‬حتى بلغ معسكر الخان بالقرب من قراقورم في أوت‬ ‫‪0622‬م‪ ،‬فشهد انتخاب كيوك خاقانا على كل المغول‪ .‬ثم استقبل كيوك مبعوث البابا بما يليق من االحترام‪ ،‬ورد على دعوة‬ ‫البابا له باعتناق المسيحية‪ ،‬بأن طلب منه اإلعتراف بسيادته‪ ،‬وأن يقدم عليه مع سائر أمراء الغرب‪ ،‬لبذل يمين الوالء له‪ .‬ثم‬ ‫وجه البابا سفارة أخرى برئاسة راهب دومنيكاني اسمه اسكلين )‪ (Ascelin‬فاجتاز الشام‪ ،‬ومضى إلى تبريز حيث التقى بالقائد‬ ‫المغولي بايجو‪ ،‬في ماي ‪ .0622‬انظر ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪021-082‬؛ ‪.D'ohsson : op. cit, pp. 207-230‬‬ ‫‪Sempad (Connétable):Chronique du royaume de la petite Arménie, Ds. R. H. C. D. A., p. 651.; Hayton, op. cit., p. 164 )51‬‬ ‫‪ )52‬عطية حسين محمد ‪ :‬سفارات األرمن إلى المغول وأثرها على العالقات األوربية المغولية‪ .‬في المجلة التاريخية المصرية‪،‬‬ ‫مج ‪ ،22‬سنة ‪ .0282‬ص ‪.612‬‬ ‫‪Sempad : op. cit., p. 651. )53‬‬ ‫‪ )54‬ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.620‬‬ ‫‪ )55‬الصياد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.602‬‬ ‫‪ )56‬انظر نص هذه الرسالة كامال في ‪ :‬زرقوق محمد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.618‬‬ ‫‪ )57‬عطية حسين محمد ‪ :‬مقال سابق‪ ،‬ص ‪.612-612‬‬ ‫‪" )58‬وكان كيوك مسيحيا قويما‪ ،‬ارتفع شأن المسيحيين في عهده وحفل معسكره باألساقفة والكهنة والرهبان‪ .‬وعرفت يومئذ امرأة‬ ‫عربية اسمها فاطمة خاتون أحرزت القربى لدى توركينا خاتون والدة كيوك خان واطلعت على غوامض أسرارها‪ .‬ولسوء الحظ‬ ‫رفع بعضهم الدعوى عليها لدى كيوك خان بأنها ساحرة تتحامل عليك وعلى إخوتك فبعث وطلبها من أمه‪ .‬فرفضت طلبه‬ ‫فأحضرها قس ار وقتلها‪ .‬وحدث بسبب ذلك خالف بينه وبين أمه وما عتم أن ماتت األم كذلك‪ .‬وقد عروا فاطمة وتركوها أياما‬ ‫دون أكل وشرب وظلوا يصفعونها حتى أقرت بأنها ساحرة‪ .‬فخاطوا منافذها الظاهرة والخفية وجعلوها في لباد وأغرقوها في‬ ‫الماء‪ ،‬وفتكوا بجميع أن سبائها الذين كانوا يجتمعون عندها‪ .‬ولوال ذلك الستولت بعد قليل على كل المملكة بسبب استئناس‬ ‫توركينا الملكة بها" (ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.).620‬‬ ‫‪ )59‬الشامانية ‪" :‬هي نوع من الديانة الوثنية‪ ،‬كانت تتمثل في عبادة كل شيء يسمو على مدارك المغول‪ ،‬ويصعب على أفهامهم‪ ،‬كما‬ ‫تتمثل أيضا في عبادة كل ما يخشونه ويرهبونه‪ ،‬فلهم آلهة في النهر والجبل والشمس والقمر والبرق الخاطف والرعد القاصف‪ .‬واذا‬ ‫كان المغول يتقربون إلى هذه اآللهة‪ ،‬فإنهم كانوا يفعلون ذلك دفعا لشرها وأذاها‪ ،‬وابعاد غضبها وجلب رضاها‪ ،‬راجين منها الصحة‬ ‫في أجسامهم وعقول هم‪ ،‬ملتمسين إليها حماية أبنائهم وحيواناتهم‪ .‬وفضال عن ذلك‪ ،‬كان أتباع هذه الديانة يعبدون أرواح أجدادهم‪،‬‬ ‫العتقادهم أن لهذه األرواح سلطانا كبي ار على حياتهم‪ ،‬كما كانوا يؤمنون بالقوى السحرية؛ فال غرو أن كان لكهنة هذا الدين خبرة‬ ‫‪212‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫بالسحر‪ .‬ولهذا كانوا يعنون عناية كبيرة بالتنجيم‪ ،‬كما كانوا َّ‬ ‫يدعون دراسة العالقات بين األرواح التي يحضرونها‪ ،‬ويحصلون‬ ‫بواسطتها على كشف الغيب‪ ،‬والتنبؤ بالمستقبل"‪( .‬الصياد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.).222‬‬ ‫‪ )60‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022-028‬‬ ‫‪ )61‬الغامدي سعد بن حذيفة ‪ :‬سقوط الدولة العباسية ودور الشيعة بين الحقيقة واإلتهام‪ ،‬دار ابن حذيفة‪ ،‬الرياض‪ .6112 ،‬ص ‪.202‬‬ ‫‪ )62‬تلقى الملك الفرنسي أثناء حملته الصليبية وهو في قبرص بعثة مغولية أوفدها القائد المغولي الجيغداي‪ ،‬حاكم فارس‪ ،‬تنطوي على‬ ‫مايكنه المغول من ميل وتعاطف مع المسيحية‪ .‬واذ فرح لويس التاسع بهذه الرسالة‪ ،‬بادر بإرسال سفارة من الرهبان الدومنيكان‪،‬‬ ‫برئاسة اندريا لونجيمو الخبير في السفر إلى المغول‪ ،‬وحملت معها العديد من الهدايا‪ .‬ولما وصلت السفارة إلى قراقورم تبين لها أن‬ ‫كيوك قد مات‪ ،‬وأن أرمل ته أوغول قيميش‪ ،‬تقوم بالوصاية على العرش‪ ،‬فاستقبلت السفارة واعتبرت الهدايا المرسلة من الملك الفرنسي‬ ‫جزية يؤديها التابع للسلطان‪ .‬وعاد اندريا من منغوليا حامال خطابا يدعو الملك إلى إرسال المزيد من الهدايا كل سنة‪ ،‬ولم يكن ردها‬ ‫يختلف عن الردود ال مغولية السابقة‪ .‬بعث الملك الفرنسي سفارة أخرى برئاسة الراهب الفرنسسكاني وليم روبروك‪ ،‬سنة ‪،7221‬‬ ‫واستقبله مونكو في قراقورم‪ ،‬وحمله رسالة إلى الملك الفرنسي‪ ،‬جاء فيها ‪" :‬إذا عرفت أوامرنا وأطعتنا ابعث إلينا بسفرائك‪ ،‬واذا لم‬ ‫تطعنا فال تقل لنفسك أن بيننا وبينكم بحار وجبال‪ ،‬فستعرف مافي مقدورنا القيام به"‪( .‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪020-021‬؛‬ ‫عطية حسين محمد ‪ :‬مقال سابق‪ ،‬ص ‪.).602‬‬ ‫‪Guiragos de Kantzag : Fragments, p. 664. )63‬‬ ‫‪ )64‬الغامدي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬ ‫‪ )65‬عطية حسين ‪ :‬مقال سابق‪ ،‬ص ‪ ،602‬وهي السنة التي يذكرها جروسي‪ ،‬ص ‪ 222‬والصياد‪ ،‬ص ‪ ،602‬واستقبل من‬ ‫طرف الخان بتاريخ ‪ 02‬سبتمبر ‪0622‬م‪ ،‬بينما يذكر هايتون أن تاريخ الزيارة هو ‪0622‬م‪ ،‬وهي السنة التي يذكرها العريني‬ ‫ص ‪ ،022‬أما ابن العبري فيذكر سنة ‪0626‬م‪ .‬ويذكر غيراغوس ‪ 0622‬م‪ ،‬وقد كان معاص ار للملك هيثوم األول‪.‬‬ ‫‪ )66‬ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪ )67‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬ ‫‪)68‬‬ ‫‪)69‬‬ ‫‪)70‬‬ ‫‪)71‬‬ ‫‪)72‬‬ ‫‪Hayton, op. cit., p. 164; Guiragos : op. cit., p. 467.‬‬ ‫‪Grousset : L'empire des steppes, Attila, Gengis-Khan, Tamerlan, Editions Payot, 4eme edition, Paris, 1965, p. 348.‬‬ ‫‪Hayton, op. cit., pp. 164-165; Guiragos : op. cit., p. 467.‬‬ ‫‪Hayton : op. cit., p. 165.‬‬ ‫انظر جواب مونكو مترجما إلى اللغة الفرنسية في ‪ :‬بن حسين مصطفى ‪ :‬المغول وعالقتهم بالقٌوى المسيحية واإلسالمية في‬ ‫أوربا والمشرق بين سنتي ‪ 206‬هـ ‪ 0602‬م و ‪ 222‬هـ ‪ 0621 /‬م‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في التاريخ= =‬ ‫الوسيط‪ ،‬إشراف د‪ .‬رشيد تومي‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬السنة الجامعية ‪-0262‬‬ ‫‪ 0221‬هـ ‪ 6112-6118 /‬م‪ .‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )73‬عطية ‪ :‬مقال سابق‪ ،‬ص ‪.608-602‬‬ ‫‪ )74‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪602-608‬؛ ‪.Hayton : op. cit., pp. 164-166‬‬ ‫‪ )75‬ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬ ‫‪ )76‬بوعمامة ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )77‬هالل عادل إسماعيل محمد ‪ :‬العالقات بين المغول وأوربا وأثرها على العالم اإلسالمي‪ ،‬عين للدراسات والبحوث اإلنسانية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬القاهرة‪ .0222 ،‬ص ‪.022-012‬‬ ‫‪ )78‬عطية ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،661‬هامش ‪.22‬‬ ‫‪ )79‬الصياد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.600‬‬ ‫‪ )80‬طقوش ‪ :‬تاريخ المغول‪ ،‬ص ‪.062-062‬‬ ‫‪ )81‬الصياد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.600‬‬ ‫‪ )82‬نقال عن ‪ :‬طقوش ‪ :‬تاريخ المغول‪ ،‬ص ‪.068‬‬ ‫‪ )83‬الهمذاني (رشيد الدين فضل هلل) ‪ :‬جامع التواريخ‪ ،‬تاريخ خلفاء جنكيز خان من أوكتاي قاآن إلى تيمور قاآن‪ ،‬نقله إلى‬ ‫العربية فؤاد عبد المعطي الصياد ويحي الخشاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪( ،‬بدون تاريخ)‪ .‬ص ‪.608-602‬‬ ‫‪ )84‬الهمذاني ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.602‬‬ ‫‪ )85‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )86‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )87‬المرسي سامي محمد ‪ :‬المغول‪ ،‬دار العالم العربي‪ ،‬القاهرة‪ .6100 ،‬ص ‪.001‬‬ ‫‪ )88‬يقول الهمذاني بأن هوالكو خرج من قراقورم على رأس جيشه في شهر ذي الحجة سنة ‪ 220‬هـ ‪ /‬فيفري ‪ ،0622‬بينما‬ ‫استقبل هيثوم من طرف مونكو بتاريخ ‪ 02‬سبتمبر ‪ 0222‬كما تقدم‪ (.‬الهمذاني (رشيد الدين فضل اهلل) ‪ :‬جامع التواريخ –‬ ‫اإليلخانيون‪ -‬تاريخ هوالكو ‪ ،‬نقله إلى العربية‪ ،‬محمد صادق نشأت وآخرون‪ ،‬راجعه وقدم له‪ ،‬يحي الخشاب‪ ،‬دار إحياء الكتب‬ ‫العربية‪( ،‬بدون مكان وتاريخ النشر)‪ .‬مج ‪ ،6‬ج ‪ ،0‬ص ‪.).628‬‬ ‫‪ )89‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )90‬الهمذاني ‪ :‬تاريخ خلفاء جنكيز خان‪ ،‬ص ‪.661‬‬ ‫‪ )91‬الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪Guiragos : op. cit., p. 485. )92‬‬ ‫‪ )93‬بوعمامة ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.082-086‬‬ ‫‪ )94‬ابن تغري بردي (جمال الدين أبي المحاسن يوسف (‪ 822-802‬هـ)) ‪ :‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة‪ ،‬قدم له‬ ‫وعلق عليه محمد حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .0226 ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.28-22‬‬ ‫‪212‬‬ ‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية‬ ‫العدد السابع ‪ /‬السداسي األول ‪6102‬‬ ‫‪ISSN: 2353-0472‬‬ ‫‪EISSN: 2600-6405‬‬ ‫‪ "Dadjigs" )95‬استعمل من طرف األرمن قديما للداللة على الرحل والبرابرة‪ ،‬ثم أصبح يستخدم من طرف المؤرخين والكتاب األرمن‬ ‫في العصور الوسطى للداللة على العرب واألتراك والمسلمين بشكل عام‪(Dulaurier, op. cit., p. 5, 837, note n° 1.) .‬‬ ‫‪Guiragos : op. cit., p.492. )96‬‬ ‫طقوش ‪ :‬تاريخ سالجقة الروم‪ ،‬ص ‪.212‬‬ ‫الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪.622-628‬‬ ‫‪)97‬‬ ‫‪)98‬‬ ‫‪)99‬‬ ‫‪)100‬‬ ‫‪)101‬‬ ‫‪)102‬‬ ‫‪)103‬‬ ‫‪)104‬‬ ‫‪)105‬‬ ‫‪Grousset : L'empire des steppes, p. 454.‬‬ ‫‪Hayton, op. cit., p. 170.‬‬ ‫أقام هيثوم األول مصاهرات مع كثير من أمراء الفرنج‪ .‬أنظر ‪ :‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،028‬الهامش رقم ‪.0‬‬ ‫طقوش ‪ :‬تاريخ المغول العظام‪ ،‬ص ‪.021‬‬ ‫‪Grousset : L'empire des steppes, p. 453.‬‬ ‫الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪.262-202‬‬ ‫أبو الفدا (عماد الدين إسماعيل (ت ‪ 226‬هـ)) ‪ :‬المختصر في أخبار البشر‪ ،‬المطبعة الحسينية المصرية‪( ،‬بدون تاريخ)‪.‬‬ ‫ج ‪ ،2‬ص ‪.612‬‬ ‫‪Guiragos : op. cit., p.497 )106‬‬ ‫‪)107‬‬ ‫‪)108‬‬ ‫‪)109‬‬ ‫‪)110‬‬ ‫‪)111‬‬ ‫الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪212‬؛ ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪202‬؛‬ ‫‪Guiragos : op. cit., p.497‬‬ ‫‪Grousset : L'empire des steppes, p. 454-455.‬‬ ‫ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬ ‫الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪.212-212‬‬ ‫ابن كثير (أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (ت ‪ 222‬هـ)) ‪ :‬البداية والنهاية‪ ،‬تحقيق احمد بن علي و عبد‬ ‫الرحمن فهمي‪ ،‬دار الغد الجديد‪ ،‬القاهرة‪ .6112 ،‬مج ‪ ،2‬ج ‪ ،06‬ص ‪.682‬‬ ‫‪ )112‬ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪202-202‬؛ الذهبي (شمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان (‪-222‬‬ ‫‪228‬هـ)) ‪ :‬دول اإلسالم‪ ،‬حققه وعلق عليه‪ ،‬حسن إسماعيل مروة‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ .0222 ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )113‬الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪212‬؛ ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬ ‫‪ )114‬ابن العبري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬ ‫‪ )115‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪622‬؛ عاشور ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪ )116‬بوعمامة ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.082‬‬ ‫‪Hayton : op. cit., p. 171. )117‬‬ ‫‪ )118‬المقريزي (تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي بن عبد القادر العبيدي (ت ‪ 822‬هـ)) ‪ :‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪،‬‬ ‫تحقيق محمد عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .0222 ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪.200‬‬ ‫‪ )119‬الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪.212‬‬ ‫‪ )120‬عاشور ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪622‬؛ ‪Grousset : L'empire des steppes, p. 456.‬‬ ‫‪ )121‬الهمذاني ‪ :‬تاريخ هوالكو‪ ،‬ص ‪212‬؛ ابن كثير ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬مج ‪ ،2‬ج ‪ ،06‬ص ‪.682‬‬ ‫‪ )122‬الذهبي ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.022‬‬ ‫‪ )123‬المقريزي ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪.206‬‬ ‫‪ )124‬ابن كثير ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬مج ‪ ،2‬ج ‪ ،06‬ص ‪688‬؛ المقريزي ‪ :‬نفس المصدر؛ عاشور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.622‬‬ ‫‪ )125‬العريني ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.081‬‬ ‫‪ )126‬العمري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪ )127‬الغامدي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.262-260‬‬ ‫‪ )128‬العمري ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪ )129‬الغامدي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.266-260‬‬ ‫‪ )130‬هالل ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪ )131‬عمران محمود سعيد ‪ :‬المغول وأوربا‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪( ،‬بدون مكان وتاريخ النشر)‪ .‬ص ‪.81-22‬‬ ‫‪ )132‬هالل ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.660‬‬ ‫‪ )133‬بوعمامة ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.010-22‬‬ ‫‪Dulaurier : op. cit., p. XXXIII, XXXVI. )134‬‬ ‫‪ )135‬بولو ماركو ‪ :‬رحالت ماركو بولو‪ ،‬ترجمها إلى العربية عبد العزيز جاويد‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.0222 ،‬‬ ‫ج‪ ،0‬ص ‪.22-28‬‬ ‫‪ 136‬مترجمة للعربية عن ‪Mouradian : op. cit., p. 12 :‬‬ ‫‪212‬‬