تونس

أنجزت هذه الدراسة لفائدة النقابة الوطنية للصحفيّين التونسيّين. وهي جزء من مقاربة جديدة تسعى بفضلها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيّين إلى المساهمة في تطوير البيئة العامة التشريعيّة والمؤسّسيّة والمهنيّة التي يعمل فيها الصحفيّون والضامنة لتميّزهم المهني. وككلّ الدارسات المؤسّسية فقد تمتّع الباحث الذي أشرف على إنجاز الدراسة بالاستقلاليّة الفكرية التامّة في إطار التزامه بالغاية الأساسيّة التي وضعت للدراسة، أي
وتناولت الدراسة عدّة مسائل على غرار تعريف السياسات العمومية بشكل عام وبيان أهميتها ومضامينها وآليات حوكمتها. واعتمدت الدراسة (التي أنجزت في نوفمبر-ديسمبر 2020) على منهجية مزجت بين المنهج الكمّي والكيفي فاعتمدت على استطلاع راي للاطلاع على اتجاهات الصحفيين إزاء قضايا السياسات العمومية. كما وظفت الدراسة تقنيات المنهج الكيفي (المقابلات نصف الموجهة) لاستكشاف تمثلات الفاعلين المهنيين (نقابات).استكشاف التصوّرات والتمثّلات المهنيّة للفاعلين في قطاع الإعلام لموضوع السياسات العموميّة  الإعلاميّة.

Cette publication est le résultat d’un travail d’un an, dans le cadre du projet MARSAD (Mediterranean Action and Research for Sustainability And Developement), initié par l’association Racines, en partenariat avec : l’association “Notre culture d’abord“ (Tunisie), “ElMadina for performing and digital arts“ (Égypte) et “Me’zaf“ (Liban).

This publication is the outcome of a one year of work, within the framework of the project MARSAD (Mediterranean Action and Research for Sustainability and Development). The project is initiated by Racines, in partnership with : “Notre Culture d'Abord“ association (Tunisia), “ElMadina for performing and digital arts“ (Egypt) and “Me’zaf“ (Lebanon)


إن قرطاج لم تكن تعتمد نفس ديمقراطية أثينا. إن ديمقراطية أثينا هي نسخة سيئة أو مشوهة من ديمقراطية قرطاج الأصلية. إن "ديمقراطية قرطاج" كما سأطلق عليها خلال هذا المقال، أو "الديمقراطية الذكية" كما يطلق عليها بعض الأكاديميين، أو "ديمقراطية سقراط" كما يذهب آخرون لتسميتها، هي ديمقراطية تضع شروطا عقلية للراغبين في الترشح للمناصب قبل ترشحهم إلى تلك المناصب وذلك بالإضافة طبعا لكونهم لن يتقاضون أية أجور أو ثروات أو معاملات خاصة خلال تقلدهم لتلك المناصب. مثلا، لكي تكون مكلفا بشؤون المعمار فعليك أن تكون رجل معمار كفء يشهد لك زملائك في ذلك المجال بذلك أو تشهد لك أعمالك وهندستك بذلك قبل أن تترشح، وإن أردت أن تترشح لمنصب إداريا ما، فعليك أن تكون إداريا ناجحا قبل أن تترشح، وإن أردت قيادة جزء من العسكر ثانيا، إن قرطاج لم تكن تعتمد نفس ديمقراطية أثينا. إن ديمقراطية أثينا هي نسخة سيئة أو مشوهة من ديمقراطية قرطاج الأصلية. إن "ديمقراطية قرطاج" كما سأطلق عليها خلال هذا المقال، أو "الديمقراطية الذكية" كما يطلق عليها بعض الأكاديميين، أو "ديمقراطية سقراط" كما يذهب آخرون لتسميتها، هي ديمقراطية تضع شروطا عقلية للراغبين في الترشح للمناصب قبل ترشحهم إلى تلك المناصب وذلك بالإضافة طبعا لكونهم لن يتقاضون أية أجور أو ثروات أو معاملات خاصة خلال تقلدهم لتلك المناصب. مثلا، لكي تكون مكلفا بشؤون المعمار فعليك أن تكون رجل معمار كفء يشهد لك زملائك في ذلك المجال بذلك أو تشهد لك أعمالك وهندستك بذلك قبل أن تترشح، وإن أردت أن تترشح لمنصب إداريا ما، فعليك أن تكون إداريا ناجحا قبل أن تترشح، وإن أردت قيادة جزء من العسكر فعليك أن تكون عسكريا، وإن أردت تقلد إدارة صناعة السفن فعليك أن تكون ابن ذلك المجال ويشهد لك زملائك في ذلك بالنجاح، وهكذا… على عكس الأثينيين الذين كانوا ينتخبون قادتهم حسب أسمائهم وأشكالهم وطريقة خطابهم والأموال التي يضخونها في حملاتهم الإنتخابية. الأثينيون كانوا ينتخبون بأسلوب تغلب عليه العاطفة والأموال، عاطفة الشعب التي يتلاعب بها الحكام قصد بلوغ الحكم، وأموال الأثرياء الذين يكونون لوبياتهم عبر الدعاية والبروباغندا لوضع الحكام الذين يناسبونهم ويتماشون مع مصالحهم… .

تسعى هذه الورقة إلى صياغة إطار مفاهيمي متمحور حول مفهوم الإيديولوجيا لتحليل كيفيّات انخراط حركات الإسلام السياسي في تونس (حركة النهضة وحزب التحرير وتنظيم أنصار الشريعة) في المجتمع والتعبير إيديولوجيّاً عن الحركات الاجتماعيّة التي تعمل داخله، بما يمكّن من فهم أفضل لأدائها والاستراتيجيّات المعتمدة في تعاملها مع مسائل الدستور وطبيعة الدولة وإعادة صياغة المجتمع المدني، والتعرّف إلى مواقفها من عمليّة الانتقال الديمقراطي وبقيّة التنظيمات المدنيّة.
نصّ ورقة مقدّمة بمقرّ الجامعة الأمريكيّة في بيروت ، 17 و18 مارس 2016.

هذه الأطروحة هي دراسة لأهم النزعات الوحدوية التي برزت في الحركة الوطنية الجزائرية من خلال أدبيات الأحزاب، والجمعيات، والنخب الوطنية التي خاضت معركة الكفاح السياسي ضد فرنسا، ونقصد بذلك تيارات الجامعة الإسلامية، والقومية العربية، والوحدة المغاربية، والاتحاد الفدارلي الجزائري-الفرنسي، فقد جذبت هذه التيارات القوى الوطنية لعدة عقود فأثرت عليها، وتأثرت بها، وهو ما جعل الصراع يحتدم حول عدة قضايا كالهوية، والانتماء، ففرض هذا سياسات التحالف والتنافر، وحتّم التقوقع الذاتي من جهة، و السعي وراء التموقع الإقليمي من جهة أخرى. الكلمات المفتاحية: الحركة الوطنية، التيارات، الجامعة الإسلامية، القومية العربية الإسلامية، الوحدة المغاربية، الجزائر، المغارب، الأدبيات.

Summary: This thesis is a study of the most important unitary tendencies that emerged in the Algerian national movement through the literature of parties, associations and national elites that fought the battle of political struggle against France, namely the flow of the Islamic University, Pan-Arabism, Maghreb unity and the Algerian-French Federal Union. These national currents attracted the national powers for several decades, influenced, and be influenced by them, which made the conflict glowing on several issues, such as identity and belonging. This imposed the policies of alliance and dissonance, and the inevitability of self-insularity on the one hand, and the pursuit of regional location on the other hand. Resume: Cette thèse est une étude des principaux conflits unionistes qui se sont manifestés à l’intérieur du mouvement national algérien à travers les documents des partis, des associations ainsi que les élites nationalistes qui menaient la lutte politique contre la présence française en Algérie. Nous voulons dire par cela : les courants de panislamisme, panarabe, l’Union Maghrébine, et l’Union Fédéral Franco-algérien. Pendant des décennies, ces courants ont entraîné les forces nationalistes, tantôt en les influençant et tantôt en les suivant. En conséquence, le conflit s’est intensifié autour de nombreuses questions, tel que l’identité et l’appartenance. Ceci a favorisé aussi bien des stratégies de l’union que de la désunion ; en rendant fatal l’enferment identitaire, d’une part et le positionnement régional, d’autre part.

أولًا، ما يخبرنا به التقرير
ثانيًا، ما لا يخبرنا به التقرير:
1- الخلاف الجزائري المغربي معيقٌ، لكنه ليس معطلاً، للاندماج الإقليمي في المغرب العربي
2- اتحاد المغرب الغربي بوصفه مُعَطِّلا للاندماج المغاربي: ما لا يُدرَكُ كلُّه ينبغي ألاَّ يُترَك بعضُه
3- أنظمةٌ سياسيةٌ متباينةٌ شكلاً، متشابهةٌ جوهرًا
4- الفضاءات الحدودية المشتركة والتجارة الموازية عبرها: فرصةٌ ضائعةٌ أخرى
5- الاندماجُ بوصفه مدخلاً للأمن بتكاليف أقلّ

من وجهة التحليل النفسي الاجتماعي، يمكن القول بأنّ شباب التيّار السلفي الجهادي يعاني من فقر مزدوج ذي ثلاثة أبعاد: فقر مادّي اقتصادي، وفقر معرفي تعليمي، وفقر دينيّ روحي.
فمعظم المستجوبين من أوساط اجتماعيّة حضريّة فقيرة هشّة وضعيفة من قاطني الأحياء الشعبيّة الهامشيّة على تخوم المدن، يعانون الاكتظاظ وتدنّي الخدمات وبؤس البنية التحتيّة، ممّا يسبّب الشعور بالتّهميش الاجتماعي والإحباط النفسي.
وهم في الغالب من ذوي المستويات التعليميّة المتدنّية، ما يساعد على سرعة اعتناق «إيديولوجيا خلاصيّة» توهمهم بامتلاك حقيقة الدين والدنيا كما صاغها السلف الصالح مرّة واحدة وإلى الأبد.
ويؤدّي الفقر المادّي والمعرفي إلى العجز عن التسامي والنظر إلى الحياة في شموليّتها، أي إلى فقر روحي يضاف إلى الفقر المادّي والعجز عن تلبية المتع الماديّة وملذّات العيش، ومن هنا السعي الحثيث إلى قمع الرغبات الحسيّة وتأجيل إشباعها في حياة أخرى يقود إليها الجهاد في معناه المبتسر والمختزل في «الموت في سبيل الله» أو تحقيقها المؤجّل إلى حين تطبيق «الشريعة».
إنّنا إزاء شباب يعيش على التخوم والهوامش: على هامش المراكز الحضريّة، وهامش الثقافة العالمة، وهامش الاقتصاد الرسمي، وهامش الملذّات التي تنظّمها الدولة وتحتكرها الفئات الحضريّة المحظوظة. ومن هنا الالتجاء إلى اختراق المركز الحضري العصيّ من خلال الانتصاب الفوضوي في قلب المدن واعتماد طرائق الاقتصاد اللاّشكلي وغير الرسمي، واعتماد سوق ملذّات «موازية» (الزواج العرفي، وسائل الزينة، طرائق الاحتفال) ومخالفة «المخالف» في مختلف أوجه تسلّطه: الشكلانيّة الدولانيّة والسلوكيّة الدينيّة منها والأخلاقيّة...
إنّهم شباب مهمّش في مجال حضريّ مهمّش لا يرى في الدولة والمجتمع إلاّ وجههما التسلّطي الإقصائي، ولا سبيل إلى ردّ العنف المادّي والرمزي للدّولة والمجتمع إلاّ بعنف آخر يوازيه في القوّة ويهزّه في العمق، هو عنف النفي الرمزي (الولاء والبراء) المستوجب «تكفير» المجتمع واعتبار الدولة «طاغوتاً»، وعنف النفي المادّي (الجهاد) المستوجب «الهجرة» من المجتمع الجاهلي، و«الخروج المسلّح» على مؤسّسات الدولة: محاربة «توحّش» المجتمع والدولة الفعلي المؤدّي إلى إقصاء فئة بتوحّش مفتعل يعتمد «النكاية» في المجتمع و«إنهاك» الدولة، وصولاً إلى «التمكين» لتلك الفئة المظلومة المستضعفة المؤمنة بقانون إلهي في إحقاق الحقّ {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ}(القصص، 5) وحتميّة الانتصار على أعداء الإسلام في الداخل والخارج ممّن {اسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ} (فصّلت، 15)...
إنّهم يحمّلون الآخر القريب دولة ومؤسّسات وأحزاباً ونقابات وأغنياء ما يعانون من حرمان، ويحمّلون الآخر البعيد (الغرب) مسؤوليّة الظلم المسلّط على المسلمين بوصفه حرباً يهوديّة وصليبيّة ضدّ الإسلام وأهله (في فلسطين والعراق والشيشان والبوسنة والشام، الخ).
«إنّها إرادة موت تعبّر عن رغبة في التخلّص من حياة لا تُطاق»، لكنّ مُعبّرة في العمق عن «إرادة حياة، عن إرادة حياة أخرى، حياة لائقة، كريمة، إنسانيّة» في عالم لا إنساني وفي وطن غير عادل تجاه مواطنيه.

استمرت لحظات انتفاض الشعب التونسي في تصاعد غير مسبوق وبنفس غير متوقع إلى أن أطاحت برأس النظام المستبد بالسلطة زين العابدين بن علي، فر الرئيس هاربا تاركا كل شيء خلفه في مهب الريح، بعدما فقد السيطرة على زمام ما كان يظن ،إلى وقت قريب، أنه تحت عينه وسلطته التي لا تقهر. إنه “الشعب المنتفض”، لتصبح تلك اللحظة التي أذيع فيها الخبر تاريخية بامتياز، نعم فتونس تحركت كبقعة زيت متوهجة أوقد نارها ونورها “المرحوم البوعزيزي”، ثورة عصفت بالسنين العجاف التي أحاطت جمهورية الزيتونة بقبضة من كهنوت سياسي وبوليسي مترع بالفساد المالي، فانهارت شعارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع صرخات الجسد المحترق، لقد وصلت درجة اختناق الحرية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية في ظل النظام التونسي حتى صار مضرب الأمثال وسنة للاقتداء العربي، لقد اختنقت أنفاس الشباب الذين خرجوا يرددون “لاءات” كثيرة ولكنها عميقة، لا للاستعباد، لا للقمع ، لا تكميم الأفواه، ولا للنهب والاختلاس، نعم للحريات نعم للتعددية، بكل عفوية انتفضوا على ثقافة الانبطاح والاستبداد والخوف، لقد احترقت شرعية النظام التونسي في رمشة عين كما ستحترق غيرها من الأنظمة، صارت لحظة الثورة ناضجة بعد طول انتظار، وحان موسم عربي جديد، انطلق من بلاد الزيتونة، تجتث فيه أشجار علقمية المذاق ثمارها قهر واستبداد لتنفى بعيدا وتستبدل بأشجار تثمر في موسم ربيعي نظام الحريات والتعددية والكرامة ودولة الالتزام بالقانون والحقوق والمساواة.

حظيت النخبة التونسية في مرحلة ما بعد بن علي بإهتمام الباحثين و الأكاديميين،و ذلك نظرا للدور الذي تلعبه هذه النخب في إدارة المرحلة الانتقالية و التأسيس لنظام سياسي و مؤسسات مستقرة.مما جعل طرح التساؤل حول مدى قدرة هذه النخب على قيادة المراحل اللاحقة للثورة التونسية و قدرتها على تسيير المرحلة الانتقالية و التأسيس للجمهورية التونسية الثانية تساؤلا مشروعا بالنظر للدور المحدود الذي لعبته هذه النخب خلال الحقب السابقة. ليخلص المقال إلى التأكيد على الدور الايجابي الذي لعبته النخب التونسية من خلال سياسة التوافق النخبوي التي مكنت تونس من تجاوز مرحلة الانقسام و الاستقطاب السياسي.

يشهد النظام السياسي التونسي حراكًا متكررًا بين القوى السياسية الفاعلة وكذلك بين السلطات السياسية، وتتجدد تلك المناوشات بين فترة وأخرى، وآخرها الأزمة السياسية الراهنة عقب الإطاحة بـ "إلياس الفخفاخ" من رئاسة الحكومة مع تصاعد الجدل حول إمكانية حدوث فراغ سياسي ينجم عنه اختلال التوازن في العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. بالإضافة إلى إسناد المهمة الصعبة بتشكيل الحكومة الجديدة لـ "هشام مشيشي" وزير الداخلية المستقل والتي تُعد تحديًا له في مواجهة الأحزاب والكتل البرلمانية، وذلك بالتزامن مع التصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان المنتمي لحزب النهضة الإسلامي "راشد الغنوشي"، والتي وإن انتهت بعدم سحب الثقة إلا أنها قد أوضحت حالة الانقسام داخل أرجاء البرلمان التونسي، فكل تلك التطورات تنذر بإمكانية الدخول في حالة جمود سياسي على الصعيد التشريعي والتنفيذي في ظل تباعد وجهات النظر بين أطراف المعادلة السياسية التونسية.
وفي هذا الصدد، تبرز التساؤلات حول مدى ملائمة النظام السياسي الراهن الذي يقره الدستور التونسي منذ عام 2014، وما إن كان بحاجة للتعديل لصالح تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية للخروج من مأزق تعرقل المهام البرلمانية، بالإضافة لتأثير التغيرات السياسية الراهنة على المشهد السياسي التونسي ومستقبل التحول الديموقراطي.

نجحت تونس، بعكس الدول العربية التي شهدت ثوراتٍ وانتفاضاتٍ، في حماية مسار انتقالها الديمقراطي وتجاوز المطبّات التي مرّت بها مستعينةً بالتوافق لتجاوز الخلافات العديدة التي عرفها المنتظم السياسي في السنوات الست الماضية. وعلى الرغم من تعدّد الآراء حول هذا التوافق من ناحية الأرضية المضمونية التي قام عليها في أكثر من مناسبة، تُجمع التحاليل على أنّه كان وما زال أحد مقوّمات الاستثناء التونسي.

لئن نجح التوافق التونسي في التأقلم مع المشاهد السياسية المتعاقبة بما هي مكوّنات وأوزان وتفاعلات، يُطرح عديد الأسئلة حول إمكانيات تواصل هذه القدرة على التعامل مع الطارئ السياسي في المستقبل القريب في ظلّ التحوّلات التي تشهدها البلاد، إضافةً إلى تباين تقييم مدى نضج التجربة وإمكانيات الاطمئنان إليها بوصفها مخرجًا دائمًا وممكنًا من الأزمات.

أثارت القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 تموز 2021 ضجة كبيرة في تونس والمنطقة العربية، وانقسمت ردود الأفعال بين مؤيد للقرارات بحالة من الانتصار على القوى السياسية الحاكمة، وبين معارض لها بخوف وقلق من جر البلاد نحو حالة عدم الاستقرار الأمني وفقدان مسيرة الانتقال الديمقراطي التي تعتبر فيها تونس نموذجا متقدما مقارنة بالدول العربية، بالتالي هل ما يحدث في تونس الآن هو صراع سياسي يهدف إلى الحفاظ على الدولة من الإخفاق والفوضى، أم أنه صراع سياسي من أجل السلطة السياسية وتصفية الخصومات؟ وما هو دور الشباب التونسي تحديدا فيما يطلق عليه "المجلس الأعلى للشباب" بكل ما حدث؟