المذهب المالكي في بلاد السودان الغربي وتأثره بفقهاء بلاد المغرب-قراءة في المصادر العربية والافريقية- مابين القرنين 14و17 الميلاديين
المذهب المالكي في بلاد السودان الغربي وتأثره بفقهاء بلاد المغرب-قراءة في المصادر العربية والافريقية- مابين القرنين 14و17 الميلاديين
المذهب المالكي في بلاد السودان الغربي وتأثره بفقهاء بلاد المغرب-قراءة في المصادر العربية والافريقية- مابين القرنين 14و17 الميلاديين
ﻣﻠﺧص:
ﯾﻌود اﻟﻔﺿل ﻓﻲ وﺻول اﻹﺳﻼم واﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻧﺗﺷﺎرﻫﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺳودان
اﻟﻐرﺑﻲ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ اﻟدور اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟدﻋﺎة واﻟﺗﺟﺎر اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ ،وﻟم ﯾﺗوﻗف
اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﻐﺎرﺑﻲ اﻟدﯾﻧﻲ واﻟﻠﻐوي ﻋﻧد ﻫذا اﻟﺣد ﺑل ﺗﻌداﻩ إﻟﻰ ﺗﺑﻧﻲ اﻟﺳوداﻧﯾﯾن
ﻟﻠﻣﻌﺗﻘدات واﻟﻣذاﻫب اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺳﺎﺋدة ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب وﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻬﺎ اﻟﻣذﻫب
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،واﻟذي ﯾﻌﺗﻘد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣؤرﺧﯾن أن وﺻوﻟﻪ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺳودان ﻛﺎن
ﻣﺻﺎﺣﺑﺎ وﻣراﻓﻘﺎ ﻻﻧﺗﺷﺎر اﻹﺳﻼم ،ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﯾﻣﺛل واﻟﻰ اﻟﯾوم اﺣد اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت
اﻟﻣوﺣدة ﻟﺑﻠدان إﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء وﺑﻼد اﻟﻣﻐﺎرب ﺑرﻏم اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻷﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ
واﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻷوﺿﺎع اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ ﺑﻠدان اﻟﺳﺎﺣل.
209
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﻣﻘدﻣﺔ:
ﺗُﻌ ﱡد ُ
ﺑﻼد اﻟﻣﻐﺎرب إﺣدى اﻟﻣﺣطﺎت اﻟرﺋﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺑرت ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﻣؤﺛرات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻧﺣو ﺑﻼد اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ،
وﺣﺗﻰ ﻗﺑل ظﻬور اﻹﺳﻼم ُوﺟد ذﻟك اﻟﺗراﺑط اﻟﺗﺟﺎري ﺑﯾن ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب اﻟﻘدﯾم ٕواﻓرﯾﻘﯾﺎ
ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﻧﺎوﻟﺗﻪ ﻋدﯾد اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،واﺗﻔق أﻏﻠﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن
ﻫذا اﻟﺗواﺻل ﯾزﯾد ﻋن اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻣﯾﻼدي ،إﻻ أن ذﻟك اﻟﺗراﺑط واﻟﺗواﺻل ﻟم ﯾﻌرف
ﺗﻠك اﻟطﻔرة وذﻟك اﻟﺣﺟم ﻣن اﻟﺗﺄﺛﯾر إﻻ ﺑوﺻول اﻹﺳﻼم واﻟﻌرﺑﯾﺔ إﻟﻰ ﺣدود اﻟﺻﺣراء
اﻟﻛﺑرى اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ وﻣﻌﻪ ﻛﺎن اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ اﻟذي ﺗﺑﻧﺗﻪ ﻗﺑﺎﺋل وﺷﻌوب إﻓرﯾﻘﯾﺎ
ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء ،ﺑرﻏم وﺟود اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻹﺷﺎرات ﻟدى ﺑﻌض اﻟﻣؤرﺧﯾن واﻟرﺣﺎﻟﺔ ﻣن
ﺗواﺟد ﻣﺑﻛر ﻟﻠﻣذﻫب اﻹﺑﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﻧطﻘﺔ.
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﻧﺎول اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدراﺳﺎت ﻟذﻟك اﻟﺗواﺻل واﻟﺗﻼﻗﺢ ﺑﯾن
اﻟﺷﻣﺎل واﻟﺟﻧوب وﺑﺈﺳﻬﺎب ﻛﺑﯾر ،ﻓﺎن ظروف اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ وﺗﺑﻧﻲ
اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻟﻪ دون ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻣذاﻫب ﻟم ﯾﻠق ذﻟك اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣن اﻟﺑﺣث ،ﻓوﺟدت اﻧﻪ
210
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﻣن اﻟﻣﻣﻛن اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻧﺗﺷﺎرﻩ وﻣن ﻫم أﺑرز ﻋﻠﻣﺎﺋﻪ،
وأﻫم إﻧﺗﺎﺟﺎت اﻟﺳوداﻧﯾﯾن اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﯾﻪ إن ﺗﺟدﯾدا أو ﺗﻘﻠﯾدا ،ﻓﻲ دراﺳﺔ أﺣﺎول اﻟﻌودة
ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ أﻫم اﻟﻣﺻﺎدر اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ واﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﺟواﻧب ﻣن اﻟﻣوﺿوع.
وﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﺑﺣث ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾﻣﻪ اﻟﻰ:
أوﻻ :ﻫل ﺗﻌرف اﻟﺳوداﻧﯾون ﻟﻣذاﻫب ﻓﻘﻬﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ؟
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻛﯾف أﺳﻬم ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﻧﺷرﻩ وﺗرﺳﯾﺧﻪ؟
راﺑﻌﺎ :ﻣﻣﯾزات اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻟﻠﺳوداﻧﯾﯾن وﺗﺄﺛرﻩ ﺑﺑﻼد اﻟﻣﻐرب.
أوﻻ :ﻫل ﺗﻌرف اﻟﺳوداﻧﯾون ﻟﻐﯾر اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ؟
ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻛﺗب اﻟﺗراﺟم اﻻﺑﺎﺿﯾﺔ أن اﻟﺗﺟﺎر اﻹﺑﺎﺿﯾن ﻛﺎن ﻟﻬم دور
ﺑﺎرز ﻓﻲ ﻧﺷر اﻹﺳﻼم ﺑﯾن اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ،1ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﺎن ُﺟ ّل اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺻدرﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺑﻼد اﻟﺳودان ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة اﻟوﺳﯾطﺔ ﻻ ﺗﺗﺣدث ﻋن اﻋﺗﻧﺎق اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻓﻲ
ﻓﺗرة ﻣﺎ ﻟﻣﻌﺗﻘد أو ﻣذﻫب ﻏﯾر اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،واﻹﺷﺎرة اﻟوﺣﯾدة رﺑﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎدر
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻫو ﻣﺎ ﻋﺎﯾﻧﻪ ﺑن ﺑطوطﺔ ﻓﻲ ﻗرﯾﺔ زاﻏري ﺑﻘوﻟﻪ " وﻫﻲ ﻗرﯾﺔ ﯾﺳﻛﻧﻬﺎ ﺗﺟﺎر
اﻟﺳودان ﯾﺳﻣون وﻧﺟراﺗﺔ وﯾﺳﻛن ﻣﻌﻬم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﺑﯾﺿﺎن ﯾﻣﺗذﻫﺑون ﻣذﻫب
اﻹﺑﺎﺿﯾﺔ ﻣن اﻟﺧوارج وﯾﺳﻣون ﺻﻧﻐﻧﻐو ،واﻟﺳﻧﯾون اﻟﻣﺎﻟﻛﯾون ﻣن اﻟﺑﯾض ﯾﺳﻣون
ﻋﻧدﻫم ﺗوري".2
وﯾﺗﺳﺎءل اﻟﻣؤرخ اﻟﻣﻐرﺑﻲ أﺣﻣد اﻟﺷﻛري .ان ﻛﺎن ﯾﻌﻧﻲ وﺟود ﻣن ﯾﻌﺗﻧق
اﻟﻣذﻫب اﻹﺑﺎﺿﻲ دوﻧﻣﺎ اﻧﺗﺷﺎرﻩ اﻟواﺳﻊ ،أن اﻟدﻋﺎة واﻟﺗﺟﺎر ﻣن اﻟﺧوارج اﻛﺗﻔوا ﺑﻧﺷر
اﻟﺗﻌﺎﻟﯾم اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ دون إﻟﺑﺎﺳﻬﺎ اﻟﺛوب اﻟذي ﯾﻔﺿﻠوﻧﻪ ،وﯾﺿﯾف اﻧﻪ ﻣن اﻟﺻﻌوﺑﺔ
ﺑﻣﻛﺎن إﯾﺟﺎد ﺟواب ﻣﻘﻧﻊ ﻟذﻟك ،إﻻ اﻧﻪ ﯾرﺟﺢ ﺑداﯾﺔ اﻻﺣﺗﻛﺎك ﺑﯾن اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ
واﻟﺳوداﻧﯾﯾن وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎن ﺗدﯾﻧﻬم ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﺳطﺣﯾﺎ وﻻ ﯾوﻟون أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻟﻠﻣذﻫب
اﻟذي ﯾﻌﺗﻧﻘوﻧﻪ ،واﻟﺣﺎﻟﺔ ﻫذﻩ ﻫل ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﺧوارج واﻟﺷﯾﻌﺔ أو ﻏﯾرﻫﻣﺎ أن ﯾﻌرﺿوا
211
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﻋﻠﻰ اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻣﻌﺗﻘداﺗﻬم وﻫم ﺑﻌد ﻟم ﯾﺳﺗوﻋﺑوا ﺑﻌﻣق اﻷرﻛﺎن اﻟﺧﻣﺳﺔ ﻟﻺﺳﻼم وﻻ
ﯾﺗﺣدﺛون اﻟﻌرﺑﯾﺔ.3
وﻟذﻟك ﯾﺑدو اﻷﻣر ﻣﺳﺗﺑﻌدا ﺟداً ﻓﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣذﻫب اﻹﺑﺎﺿﻲ ﻓﻲ
أوﺳﺎط واﺳﻌﺔ ﻣن اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ،وﻟﻌل ذﻟك ﯾﻌد اﻟﺳﺑب اﻟذي اﻛﺗﻔت ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻣﺻﺎدر
ﺑﺎﻹﺷﺎرة اﻟﻰ دور اﻟﺧوارج ﻓﻲ ﻧﺷر اﻹﺳﻼم دون ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻗﻧﺎﻋﻧﺎ ﺑدورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﻪ
ﺑﺑﻼد اﻟﺳودان .وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺗﺟﺎر اﻹﺑﺎﺿﯾن رﺑﻣﺎ اﻗﺗﺻر ﻋﻠﻰ أﺗراﺑﻬم ﻣن
اﻟﺗﺟﺎر اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﺑﺣﻛم اﻻﺣﺗﻛﺎك اﻟداﺋم ﺑﻬم ﺑﻌﯾدا ﻋن ﺑﻘﯾﺔ ﻓﺋﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷﺧرى،4
ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﯾﻔﺳر ﺗواﺟد اﻟﻣذﻫب اﻹﺑﺎﺿﻲ ﺗﻠك اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت
ﺗرﺑط اﻹﻣﺎرات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب )ﺗﯾﻬرت وﺳﺟﻠﻣﺎﺳﺔ( ﺑﻣﻣﺎﻟك اﻟﺗﻛرور وﻏﺎﻧﺎ
ﻣن اﻟﻐرب اﻹﻓرﯾﻘﻲ ،وﻻ ﺷك أن ﺳﻘوط ﺗﻠك اﻟدوﯾﻼت ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻗطﻊ اﻟﺗﺟﺎر
اﻹﺑﺎﺿﯾﯾن ﻟﻌﻼﻗﺎﺗﻬم ﻣﻊ ﺑﻼد اﻟﺳودان ﺣﺗﻰ وان ﻛﺎن ﺗراﺟﻊ ﺣﺟم اﻟﺗﺟﺎرة وﻋدد اﻟﻘواﻓل
ﺑﻔﻌل اﻟظروف اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻷﻣﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣور ﺗﯾﻬرت ﺳﺟﻠﻣﺎﺳﺔ اوداﻏﺷت ﺟﻠﯾﺎ
وواﺿﺣﺎ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻛﯾف وﺻل اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ اﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺳودان وﻣﺎ ﻋواﻣل اﻧﺗﺷﺎرﻩ؟
-1وﺻول اﻟﻣذﻫب ﻟﺑﻼد اﻟﻣﻐرب واﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ:
وﺻل اﻹﺳﻼم ﻓﻲ وﻗت ٍ
ﻣﺑﻛر إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ﺣﯾث أرﺟﻌﻪ ﺑﻌض
اﻟﻣؤرﺧﯾن إﻟﻰ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻠﻬﺟرة ،وﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﻌود ﺑﻪ اﻟﻰ ﻓﺗرة ﻓﺗوﺣﺎت ﻋﻘﺑﺔ ﺑن
ﻧﺎﻓﻊ ﻟﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ﺣﯾث أرﺳل ﺣﺎﻣﯾﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺳوس اﻷﻗﺻﻰ،5وﻫﻧﺎك ﻣن
ﯾذﻫب أﺑﻌد ﻣن ذﻟك إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﺗوﻏﻠت ﺣﺗﻰ اوداﻏﺷت 6ﻋﺎﺻﻣﺔ ﻏﺎﻧﺎ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺷﻣﺎل
ﺑﻼد اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ،وﻟﺋن ﻛﺎن اﻧﺗﺷﺎر اﻹﺳﻼم ﺗرﺗﺑط ﻣﻌﻪ ﺑﺎﻟﺿرورة اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ
اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻧﺣن ﻓﻲ ﻗرون اﻹﺳﻼم اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺎﻧﻪ وﺑرﻏم ﺗﻘﻠص اﻟﻣذﻫب
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﺟﺎز ﻣﻬد ظﻬورﻩ ،إﻻ أﻧﻪ ﻟﻘﻲ اﻧﺗﺷﺎ ار واﺳﻌﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب واﻷﻧدﻟس
212
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﺛم اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ﺣﯾث ﺗوطدت أرﻛﺎﻧﻪ وﻗوﯾت دﻋﺎﺋﻣﻪ ﺣﺗﻰ أﺻﺑﺢ اﻟﻣذﻫب اﻟﺳﺎﺋد
ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟرﺑوع.7
وﻣﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ دﺧل إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ ﻓﺗرة
ﻣﺑﻛرة وأﺛﻧﺎء ﺣﯾﺎة اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك 8ﻧﻔﺳﻪ ،وذﻟك ﻋﻠﻰ أﯾدي ﺗﻼﻣذﺗﻪ ﻣن ﺗﻠك اﻟﻣﻧطﻘﺔ
وﻧذﻛر ﻣﻧﻬم ﻋﻠﻲ ﺑن زﯾﺎد اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﺎم )138ه799-م( اﻟذي ﯾﻌﺗﻘد اﻧﻪ أول ﻣن
ادﺧل اﻟﻣذﻫب إﻟﻰ ﺑﻼد اﻓرﯾﻘﯾﺔ واﻟﻣﻐرب ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺑﻬﻠول ﺑن راﺷد )-128
183ه799-740/م( 9وﻋﺑداﷲ ﺑن ﻓروخ )176-110ه792-728/م( اﻟذي اﺧذ
ﻋن اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ﻧﻔﺳﻪ ،وﻣن ﺗﻼﻣذة اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك أﯾﺿﺎ ﻓﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻋﻣر
ﺑن ﻏﺎﻧم وأﺳد ﺑن اﻟﻔرات وﻏﯾرﻫم.10
ﻓﻲ ﺣﯾن ﺑدا اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ أﻗﺻﻰ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ ﻋﻬد
اﺑﺗداء ﻣن
ً إدرﯾس ﺑن ﻋﺑد اﷲ )213-172ه828-783/م( ﻟﯾﻧﺗﺷر ﺑﺷﻛل اﻛﺑر
اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ اﻟﻬﺟري /اﻟﻌﺎﺷر اﻟﻣﯾﻼدي ﻋﻠﻰ أﯾدي دارس ﺑن إﺳﻣﺎﻋﯾل اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﺎم
)357ه967/م( وﺗﻌﺗﺑرﻩ ﺑﻌض اﻟرواﯾﺎت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أول ﻣن ﺟﺎء ﺑﻣدوﻧﺔ اﻹﻣﺎم ﺳﺣﻧون
إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﺑﻼد.11
ٕواذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺳﺎﻋدﺗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺣدﯾد اﻟزﻣﻧﻲ ﻻﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣذﻫب
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ اﻓرﯾﻘﯾﺔ واﻟﻣﻐرب ،ﻓﺈن اﻷﻣر ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺑﻼد اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ﺣﯾث
ان اﻟﻣﺎدة اﻟﻣﺻدرﯾﺔ ﻗﻠﯾﻠﺔ وﺗﺣﻣل ﻓﻘط ﺑﻌﺿﺎ ﻣن اﻹﺷﺎرات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ أن
ﻧﺑﻧﻲ ﺗﺻو ار ﻟواﻗﻊ اﻟﻣذﻫب ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺑﻼد ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻪ ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد اﻟزﻣﻧﻲ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻻﻧﺗﺷﺎر ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ،ﻓﻛﯾف دﺧل اﻟﻣذﻫب إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﺑﻼد وﻣﺎ ﻋواﻣل
اﻧﺗﺷﺎرﻩ؟
-2ﻋواﻣل اﻧﺗﺷﺎرﻩ:
213
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
أ-اﻟﺗﺟﺎرة واﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣذﻫب :أﺷرﻧﺎ آﻧﻔﺎً إﻟﻰ أن اﻟرواﺑط اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺑﯾن ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب
)وﻣﻧﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر( ٕواﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء ﺗﺳﺑق ظﻬور اﻹﺳﻼم ،ﺣﺳب ﻣﺎ أوردﺗﻪ
ﻋدﯾد اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻷﺛرﯾﺔ ،إﻻ اﻧﻪ وﺑﺎﻧﺗﺷﺎر اﻹﺳﻼم ازدادت ﺗﻠك اﻟرواﺑط
واﻟوﺷﺎﺋﺞ ﻣﺗﺎﻧﺔ واﺗﺳﻌت داﺋرة اﻟﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﻣﻧطﻘﺗﯾن ،وأﺻﺑﺢ اﻟﺗﺎﺟر اﻟﻣﺳﻠم اﻟذي
ﯾﺗﺻف ﺑﺎﻷﻣﺎﻧﺔ واﻟﺻدق واﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ ،اﻷﻣﺛ َل ﺗﻌﺎﻣﻼً ﻓﻲ ﻧظر اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻓدﻓﻌﻬم ذﻟك
ﻟﻠﺑﺣث ﻋن ﻣﺻدر ﻫذﻩ اﻷوﺻﺎف وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻫذا اﻟدﯾن ،12وﯾذﻛر ﻟﻧﺎ
اﻟﺑﻛري اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﺎم )487ه1094/م( أن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﺑن ﺣﺑﯾب اﻟﻔﻬري واﻟﻲ
اﻓرﯾﻘﯾﺔ واﻟﻣﻐرب )138-130ه755-747/م( اﻫﺗم ﺑطرﯾق اﻟﻘواﻓل ﻓﺄﻣر ﺑﺣﻔر
اﻵﺑﺎر اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ب اوداﻏﺷت ،13وﻻ ﺷك ان ﺗﻌدد اﻟطرق اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ
اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ٕواﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء ﺗﻌد ﻣﻌﺎﺑر طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻻﻧﺗﻘﺎل اﻷﻓﻛﺎر
واﻟﻌﻘﺎﺋد وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻣذاﻫب اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻬﺎ اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ.
وﻋﻠﻰ ﻛل ﺗﻌددت طرق اﻟﺗﺟﺎرة اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻣﺎل واﻟﺟﻧوب وﺗﻘﻠﺻت ﺣﺳب
اﻟظروف اﻷﻣﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﺣﺗﻰ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻣن ﻫذﻩ اﻟطرق ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ
اﻟﺣﺻر ﻧﺟد:
طرﯾق ﻣن ﺳﺟﻠﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ وﻻﺗﺔ وﻣﻧﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﻧﺑﻛت وﯾرﺑطﻬﺎ ﺑﺟﻧﻲ وﺟﺎو. -
طرﯾق ﻣن ﺗﻠﻣﺳﺎن وﯾﻣر ﺑﻐرداﯾﺔ وﺗوات وﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﺗﻧﺑﻛت. -
طرﯾق ﻣن ﺗﺎﻫرت إﻟﻰ ورﻗﻠﺔ وﯾﺗﻔرع ﻋﻧﻪ طرﯾق إﻟﻰ ﻏداﻣس وﻏﺎدس وأﺧر إﻟﻰ -
ﻏﺎو ﻣﺑﺎﺷرة ،وﻫذا اﻟﻣﺳﻠك ﯾﺗﺻل ﺷﻣﺎﻻ ﺑﺎﻟﻣواﻧﺊ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ.
ﻣن واﺣﺔ اﻟﺟرﯾد ﻓﻲ ﺟﻧوب ﺗوﻧس ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ ورﻗﻠﺔ ﺛم ﻏداﻣس إﻟﻰ ﻏﺎدس وﺗﻧﺑﻛﺗو. -
ﻣن طراﺑﻠس اﻟﻐرب ﻣرو ار ﺑﻐداﻣس وﯾﻣر ﻓرع ﻣﻧﻪ ﺑﻔزان وﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﻛﺎﻧم -ﺑرﻧو -
ﺛم ﻏﺎو.
ﯾﻧطﻠق ﻣن ﻣﺻر ﯾﻣر ﺑواﺣﺔ ﺳﯾوة وﺑزوﯾﻠﺔ وﺗﺎدﻣﻛﺔ وﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﺗﻧﺑﻛﺗو وﺟﺎو.14 -
214
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
215
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟروﺣﯾﺔ ﺑل ﺗﺟﺎوزﻩ إﻟﻰ ﻧﺷر اﻹﺳﻼم وﺧدﻣﺔ اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ وان
ﻣن ﺗوﻟﻰ ﻧﺷرﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻣوم ﺑﻼد اﻟﺳودان ﯾﻧﺣدر ﺟﻠﻬم ﻣن ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب أو ﻣن أﺻول
ﻓﺑدء ﺑﺎﻟﻣﻐﯾﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن 15م ووﻟوج اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻘﺎدرﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻧﺟد أن
ﻣﻐﺎرﺑﯾﺔً ،
اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﻬﺎ ﺗم ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﻛﻧﺗﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﻘرون 17و 18و 19اﻟﻣﯾﻼدﯾﯾن وﻫم ﺑدورﻫم
اﺗﺧذوا اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻣﻧﻬﺎﺟﺎ ﻓﻘﻬﯾﺎ ﻟدﻋوﺗﻬم ،18واﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﯾﻧﺳﺣب ﻋﻠﻰ اﻏﻠب
19
اﻟطرق اﻟﺻوﻓﯾﺔ اﻷﺧرى وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﯾﺟﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣرﯾدﯾﺔ واﻟﺷﺎذﻟﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ
ه -دﻋم اﻟﻣﻠوك واﻟﺳﻼطﯾن :ﯾﻌود اﻟﻔﺿل ﻓﻲ اﻧﺗﺷﺎر اﻹﺳﻼم واﺳﺗﻣ اررﯾﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻣﺎﻟك
اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ،إﻟﻰ اﻟدور اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻣﻠوك ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﻺﺳﻼم ودﻋﺎﺋﻣﻪ،
ﺣﯾث أوﻟﻰ ﺳﻼطﯾن ﻣﺎﻟﻲ وﺳﻧﻐﺎي ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ وﻧﺷرﻩ ﻟدى أوﺳﺎط
اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ،وﺗﺣدﺛﻧﺎ ﺑﻌض اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋن اﻟدور اﻟذي ﻟﻌﺑﻪ اﻟﺳﻠطﺎن ﻣﻧﺳﻰ
ﻣوﺳﻰ ﻓﻲ ﺗوطﯾن ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﺑﻣﻣﻠﻛﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﺣﺳب ﻣﺎ أوردﻩ اﻟﻌﻣري ﺑﻘوﻟﻪ "وﺟﻠب إﻟﻰ
ﺑﻼدﻩ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣن ﻣذﻫب اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك"20؛ وﻧﺟد اﻟﺳﻌدي ﯾذﻛر ﻋن رﺣﻠﺔ ﻫذا اﻟﺳﻠطﺎن
إﻟﻰ اﻟﺣﺞ ﺳﻧﺔ )724ه1324/م( وﻟﻘﺎﺋﻪ ﺑﺳﻠطﺎن ﻣﺻر اﻟﻣﻣﻠوﻛﻲ )اﻟﻧﺎﺻر ﻣﺣﻣد ﺑن
ﻗﻼوون( اﻟذي طﻠب ﻣﻧﻪ أن ﯾﻘﺑل اﻷرض ﻓﻲ ﺣﺿرﺗﻪ ،ﻓرﻓض ذﻟك ﺑﻘوﻟﻪ" أﻧﺎ ﻣﺎﻟﻛﻲ
اﻟﻣذﻫب ﻻ أﺳﺟد ﻟﻐﯾر اﷲ ،ﻓﺄﻋﻔﺎﻩ اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﻧﺎﺻر ﻣن ذﻟك اﻟﺗﻘﻠﯾد وﻗرﺑﻪ إﻟﯾﻪ وأﻛرﻣﻪ
وﺗﺣدث ﻣﻌﻪ" ،21وﺗﺟﺳﯾدا ﻟﻬذا اﻟﻣﺳﻌﻰ داﺋﻣﺎ اﺳﺗﻘدم ﻛﺎﺗب ﻣﻧﺳﻰ ﻣوﺳﻰ ﻣن اﻟﻣﻐرب
اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻋﺑد اﷲ اﻟﺑﻠﺑﺎﻟﻲ ،وﻫو أول ﻣن ﺗوﻟﻰ إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻣﺳﺟد اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻣن اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ ﻓﻲ
ﻣﻣﻠﻛﺔ ﻣﺎﻟﻲ ،وﻋﻠﻰ ﻛل ﺗﻌد ﻓﺗرة ﻣﻧﺳﻰ ﻣوﺳﻰ ﺣﺎﺳﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗرﺳﯾﺦ ﻟﻠﻣذﻫب
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ﻓﻘد أﺛﻣرت ﺟﻬودﻩ اﻟﻌدﯾدة إﻟﻰ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﻠﻣذﻫب ﻓﻲ
ﻣﻣﻠﻛﺗﻪ وﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻧﻬﺞ ﺳﺎر أﺧوﻩ ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣن ﺑﻌدﻩ ،واﻟذي ﺗﺗﺣدث اﻟﻣﺻﺎدر ﻋن
ﺗﺿﻠﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ.22
216
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
وﻓﻲ ﻓﺗرة ﺣﻛم اﻻﺳﺎﻛﻲ ﻣﻠوك اﻟﺳﻧﻐﺎي ورﯾﺛﺔ ﻋرش ﻣﺎﻟﻲ ،ﻧﺟد أن اﻷﺳﻘﯾﺎ
ﻣﺣﻣد اﻟﻛﺑﯾر أﻋظم ﻣﻠوك اﻟﺳﻧﻐﺎي ،أوﻟﻰ اﻫﺗﻣﺎﻣﺎً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،وﯾذﻛر ﻋﻧﻪ
اﻻﻓراﻧﻲ ﺑﻌد ﻋودﺗﻪ ﻣن اﻟﺣﺞ ﺑﻘوﻟﻪ "ﻓرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺳودان ﻓﻧﺻر اﻟﺳﻧﺔ وأﺣﯾﻰ طرﯾق
اﻟﻌدل وﺟرى ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻬﺎج اﻟﺧﻠﯾﻔﺔ اﻟﻌﺑﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﻌدﻩ وﻣﻠﺑﺳﻪ وﺳﺎﺋر أﻣورﻩ وﻣﺎل ﻟﻠﺳﯾرة
23
وﻛﺎن ﻗﺑل ذﻟك ﻗد أﻗﺎم رواﻗﺎ ﻟطﻠﺑﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻋدل ﻋن ﺳﯾرة اﻟﻌﺟم ﻓﺻﻠﺣت اﻷﺣوال"
ﺑﻼد اﻟﺳودان ﻓﻲ ﻣﺻر ﺳﻣﻲ ﺑرواق اﻟﺗﻛرور ﻟﯾﻧﻬل طﻠﺑﺗﻬم ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،وﻫو ﻣﺎ
ﻧﺟدﻩ أﯾﺿﺎ ﻟدى ﻣﻠك اﻟﺑرﻧو اﻟذي ﺑﻌث اﻷﻣوال إﻟﻰ ﻣﺻر ﻟﺑﻧﺎء ﻣدرﺳﺔ اﺑن رﺷﯾق
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ.24
و -اﻟﺑﻌﺛﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺳوداﻧﯾﺔ اﻟﻰ ﺣواﺿر اﻟﻣﻐرب :ﯾﺗﺟﺳد وﯾﺗﻣﺛل اﻟﺗراﺑط اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
واﻟدﯾﻧﻲ ﺑﯾن اﻟﺳوداﻧﯾﯾن وﺣواﺿر ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻌدد اﻟﻛﺑﯾر ﻣن اﻟطﻠﺑﺔ
اﻟﻣﺗﻔوﻗﯾن وﺑﻌض ﻣﯾﺳوري اﻟﺣﺎل ﻣن ﺑﻼد اﻟﺳودان اﻟﻣﺗوﺟﻬﯾن إﻟﻰ ﺣواﺿر ﺑﻼد
اﻟﻣﻐرب ﻣن اﺟل اﻟﺗزود واﻟﺗﻌﻣق ﻓﻲ ﻓﻬم اﻹﺳﻼم وطرﯾﻘﻪ ،وﻻ ﺷك أن ﺗوﺟﻪ ﻫؤﻻء
اﻟطﻠﺑﺔ اﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫد اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻣن أﻣﺛﻠﺔ اﻟﻘﯾروان واﻟﻘروﯾﯾن واﻷزﻫر وﺗﻠﻣﺳﺎن
وﻏﯾرﻫم ،دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻘﯾﻬم ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ واﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺣﺳب ﻣذﻫب إﻣﺎم دار
25
ﻓﯾﺟﻌﻠﻬم ﻣرﺗﺑطﯾن ﺑﻬذﻩ اﻟﺑﻼد ﺳﻠوﻛﺎ وﻣﻧﻬﺟﺎ اﻟﻬﺟرة اﻟﻣﻧﺗﺷر ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب،
وطرﯾﻘﺔً ،ﺣﯾث ﻧﺟد ان ﻫﻧﺎك أروﻗﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻬؤﻻء اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣواﺿر اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ،
27
اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻧﺎ وﻏﯾرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻏرار رواق اﻟﺗﻛرور ﻓﻲ اﻷزﻫر ،26وﻣدرﺳﺔ اﺑن رﺷﯾق
اﻟﻛﺛﯾر.
ز -رﻛب اﻟﺣﺞ اﻟﻣﻐرﺑﻲ و ﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻓﻲ اﻟﺳوداﻧﯾﯾن :ﻛﺎﻧت ﻗواﻓل اﻟﺣﺞ اﻟﺳوداﻧﯾﺔ
اﻟﻣﺗﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺣرﻣﯾن اﻟﺷرﯾﻔﯾن ﻣﻛﺔ اﻟﻣﻛرﻣﺔ واﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻣﻧورة ﺗﻣر ﺑﺑﻼد اﻟﻣﻐرب
وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣدن اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺛل ﺗوات وﻏداﻣس وزوﯾﻠﺔ وﻣرزق وﻏﯾرﻫﺎ ،ﺣﯾث ﺗﻠﺗﻘﻲ
ﻫﻧﺎﻟك رﻛب اﻟﺣﺞ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،ﻓﯾﺄﺧذون ﻋﻧﻬم اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ وﯾﺗﺗﺑﻌون
217
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﻣﻧﻬﺟﻬم ﻓﻲ اﻟﺣﺞ ﺣﺳب طرﯾﻘﺔ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ،وﻗد ﺗﻧﺎوﻟت اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ،رﻛب اﻟﺣﺞ اﻟﺳوداﻧﻲ وﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﻪ ﻣن ﻋدة
اء
ﻣﺎدﯾﺔ وﻣﻌﻧوﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟذﯾن ﻛﺎﻧت ﺗﺣوﯾﻬم ﺗﻠك اﻟرﻛﺎب ﺳو ً
ﻓﻲ اﻟذﻫﺎب أو اﻹﯾﺎب ،وﻣن ذﻟك ﻧﺟد إﻗدام اﻟﻣﻠك ﻣﻧﺳﻰ ﻣوﺳﻰ ﻓﻲ ﻋودﺗﻪ ﻣن اﻟﺣﺞ
ﺑﻧﺎء ﻣﻌﻣﺎرﯾﺎ ﻓﺣﺳب ﺑل
اﺻطﺣﺎب اﻟﻌﺎﻟم اﻷﻧدﻟﺳﻲ اﻟﺳﺎﺣﻠﻲ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ اﻟذي ﻟم ﯾﻛن ً
ﻛﺎن ﺷﺎﻋ ار وﻓﻘﯾﻬﺎ وﻻ ﺷك أن دورﻩ ﺗﻌدى ﻣﺟرد ﺗﻌرﯾف اﻟﺳوداﻧﯾﯾن اﻟﺑﻧﺎء ﺑﺎﻟطوب
اﻟﻣﺣروق ،وﻣن ﺑﯾن ﻣن راﻓق ﻣﻧﺳﻰ ﻣوﺳﻰ داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﻋودﺗﻪ ﻣن اﻟﺣﺞ اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻟﻌﺎﻟم
ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟﺗﻣﯾﻣﻲ اﻟذي ﺳﻛن ﺗﻣﺑﻛﺗو ﻓوﺟدﻫﺎ ﻋﺎﻣرة ﺑﺎﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﺣﯾث
ﻋﺟز ﻋن ﻣﺟﺎراﺗﻬم ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻧﻪ إﻻ أن ﺗوﺟﻪ إﻟﻰ ﻓﺎس ﺣﯾث ﺗزود
وﺗﺷﺑﻊ ﻣن ﻣﻧﺎﺑﻌﻪ ﻫﻧﺎك ﺛم ﻋﺎد ﻣرة أﺧرى إﻟﻰ ﺗﻧﺑﻛﺗو ﻓﺎﺳﺗوطﻧﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﻪ ،ﺑﻌد أن
ﺧﻠف أﺑﻧﺎء وأﺣﻔﺎدا أﺳﻬﻣوا ﺑدورﻫم ﻓﻲ ﻧﺷر ﻫذا اﻟﻣذﻫب .28وﻓﻲ ﻋﻬد اﻷﺳﯾﻘﯾﯾن ﻣن
ﺣﻛﺎم ﺳﻧﻐﺎي ،ﺗذﻛر ﺑﻌض اﻟﻣﺻﺎدر أن اﻷﺳﻘﯾﺎ ﻣﺣﻣد اﻟﺗوري اﺻطﺣب ﻣﻌﻪ ﻓﻲ
رﺣﻠﺗﻪ ﻟﻠﺣﺞ اﻹﻣﺎﻣﯾن اﻟﺟﻠﯾﻠﯾن اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ وﺟﻼل اﻟدﯾن اﻟﺳﯾوطﻲ.29
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﺳﻬﺎﻣﺎت ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ ﺗوطﯾن اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﺑﺑﻼد اﻟﺳودان
ﯾﻧدرج ﻫذا اﻟﻣﺣور أﯾﺿﺎ ﺿﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﺣﯾث أﺳﻬم ﻋﻠﻣﺎء
وﻓﻘﻬﺎء ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ﺑدورﻫم ﻓﻲ ﻧﺷر اﻹﺳﻼم وﻣذﻫب اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ،وﻟﺋن ﻛﺎن اﻟﺳﺑق
ﻟﻠﺗﺟﺎر ﻓﻲ وﺻول اﻹﺳﻼم ﺣﺳب اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻓﺎن اﻟﺗﺎﺟر اﻟﻣﺳﻠم ﺟﻣﻊ ﺑﯾن
اﻟدﻋوة واﻟﺗﺟﺎرة ،وﺗﻧﻘل إﻟﯾﻧﺎ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر اﻟﻣﯾﻼدي وﺟود
ﺑﻌض اﻟدﻋﺎة اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ واﺳﺗﯾطﺎﻧﻬم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷرض ،ﻓﻣﺛﻼ ﯾذﻛر اﺑن ﺑطوطﺔ اﻟذي
ﺗزاﻣن واﻟﺳﻠطﺎن اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻣﻧﺳﻰ ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻋن وﺟود ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣن ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب
وﻣﻧﻬم اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟﺗﻣﯾﻣﻲ اﻟذي ﻗدم ﻣﻊ اﻟﺳﻠطﺎن ﻣﻧﺳﻰ ﻣوﺳﻰ أﺛﻧﺎء رﺣﻠﺗﻪ
اﻟﺣﺟﯾﺔ ﺣﯾث ﺗوﺟﻪ ﻫذا اﻟﻔﻘﯾﻪ إﻟﻰ ﻓﺎس ﻣن أﺟل اﻟﺗﺑﺣر أﻛﺛر ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ
218
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﺛم ﻋﺎد إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺟدداً ،وﺣﺳب ﺑن ﺑطوطﺔ داﺋﻣﺎ ،ﺗﺗواﺟد ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺣﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﺑﯾﺿﺎن ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﺗﺟﺎر اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ واﻟﻣﺻرﯾﯾن ،وﻣﻧﻬم اﻟﺷﯾﺦ اﻟﺛﻘﺔ أﺑو ﻋﺑﺎس
ﺳﻌﯾد اﻟدﻛﺎﻟﻲ اﻟذي اﻗﺎم ﺑﻣﻣﻠﻛﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﻣدة طوﯾﻠﺔ ،وﻛﺎن ﻣن ﻣﺻﺎدر اﻟﻌﻣري ﻋن دوﻟﺔ
ﻣﺎﻟﻲ ،واﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺛﻘﺔ أﺑو ﻋﺑد اﷲ ﻣﺣﻣد ﺑن واﻧﺳول ،وﻫو ﻣن أﻫل ﺳﺟﻠﻣﺎﺳﺔ دﺧل
ﻣدﯾﻧﺔ ﻏﺎو واﺳﺗﻘر ﺑﻬﺎ ﻋدة ﺳﻧوات ،اﺳﺗﻌﻣﻠﻪ أﻫل اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﺧطﺔ اﻟﻘﺿﺎء ،وﻫذا
اﻷﺧﯾر ﻋﺎﺻر ﺑن ﺧﻠدون واﻣدﻩ ﺑﺎﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ.30
أ ّﻣﺎ ﻓﻲ زﻣن ﺳﻧﻐﺎي ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ أرس اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺣﻣد
ﺑن ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ اﻟذي وﻟد ﺑﺗﻠﻣﺳﺎن ﺣﯾث ﺷب وﺗرﻋرع واﺧذ ﻣﺧﺗﻠف ﻓﻧون اﻟﻌﻠم
ﻣﺗﻧﻘﻼ ﺑﯾن ﺗﻠﻣﺳﺎن وﺑﺟﺎﯾﺔ واﻟﺟزاﺋر وﻓﺎس ﻟﯾﺳﺗﻘر ﺑﻪ اﻟﻣﻘﺎم ﺑﻌد ذﻟك ﻓﻲ ﺗوات ﺟﻧوب
اﻟﺟزاﺋر وﻣن ﻫﻧﺎك ﺗوﺟﻪ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺳودان ﺣﯾث ﻗدم اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟرﺳﺎﺋل وأﺟﺎب ﻋن
ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل ﻷﻣﯾر ﻛﺎﻧو ﻣﺣﻣد ﯾﻌﻘوب ،وﻟﻸﺳﻛﯾﺎ ﻣﺣﻣد اﻟﺗوري ﻓﻲ اﻟﻣﺻدر
اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﺳﺋﻠﺔ اﻻﺳﻘﯾﺎ واﺟوﺑﺔ اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ ،31وﻻ ﺷك أن ﺟﻣﯾﻊ إﺟﺎﺑﺎﺗﻪ وﻧﺻﺎﺋﺣﻪ
وأﺣﻛﺎﻣﻪ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻛﺎﻧت وﻓق ﻣذﻫب اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك .وﻣن أﻫم ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ "ﻣﺻﺑﺎح
اﻷرواح ﻓﻲ أﺻول اﻟﻔﻼح" ﻓﻲ ﻛراﺳﯾن وﺣﺎﺷﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﯾل ﺳﻣﺎﻫﺎ "إﻛﻠﯾل ﻣﻐﻧﻲ
اﻟﻠﺑﯾب" ،وﻗطﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾوع ﺳﻣﺎﻫﺎ" ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻛﻧوز" و"إﯾﺿﺎح اﻟﺳﺑﯾل ﻓﻲ ﺑﯾوع آﺟﺎل
ﺧﻠﯾل" و"ﺗﻧﺑﯾﻪ اﻟﻐﺎﻓﻠﯾن ﻋن ﻣﻛر اﻟﻣﻠﺑﺳﯾن ﺑدﻋوى ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻌﺎرﻓﯾن" وﻣﺧﺗﺻر
ﺗﻠﺧﯾص اﻟﻣﻔﺗﺎح وﺷرﺣﻪ" وﻏﯾرﻫﺎ.32
ٕواﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ ﻧﺟد أﺑو اﻟﻘﺎﺳم اﻟﺗواﺗﻲ اﻟذي ﻗدم ﻣﻊ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﻋﻠﻣﺎء
وﺷرﻓﺎء ﺗﺎﻓﯾﻼﻟت واﺑﺗﻧﻰ دا اًر ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣﺳﺟد اﻟﺟﺎﻣﻊ ﺑﺗﻧﺑﻛﺗو وظل ﻫﻧﺎك إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ
وﻓﺎﺗﻪ )922ه1516/م( ،وﯾذﻛر اﻟﺳﻌدي أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺗﻧﺑﻛﺗو ﻟوﺣدﻫﺎ أﻛﺛر ﻣن ﺧﻣﺳﯾن
ﻋﺎﻟﻣﺎ ﻣن ﺗوات33؛ ٕواﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫؤﻻء وﺟد اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﺑن ﻋﻠﻲ ﺑن أﺣﻣد
219
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
اﻟﻘﺻري اﻟﻔﺎﺳﻲ اﻟذي ﺗوﻓﻲ ﺳﻧﺔ )659ه1549/م( واﻟذي وﻟد ﺑﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻘﺻر
اﻟﺻﻐﯾر ﺑﺎﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ وﻗد أﺧذ اﻟﻌﻠم ﺑﻔﺎس وﻣﺻر ﺛم ﺗوﺟﻪ ﻟﺑﻼد اﻟﺳودان.
وﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء ذوو اﻷﺻول اﻟﻣﻐﺎرﺑﯾﺔ أﯾﺿﺎ اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻣﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد ﺑن أﺑﻲ
ﻣﺣﻣد اﻟﺗﺎزﺧﺗﻲ ،اﻟذي ﻋرف ﺑﺄﯾد اﺣﻣد اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﺎم )960ه1529/م( ،واﻟﻔﻘﯾﻪ ﻋﻠﻲ
اﻟﺟزوﻟﻲ اﻟذي وﻻﻩ اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺣﻣود ،واﻟﻔﻘﯾﻪ ﻓﯾﺎض اﻟﻐداﻣﺳﻲ اﻟذي ﺻﻠّﻰ
ﻋﻠﻰ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳم اﻟﺗواﺗﻲ ﺑﻌد وﻓﺎﺗﻪ ،واﻟﻔﻘﯾﻪ ﻣﺣﻣد ﺗل اﻟﺷرﯾف اﻟذي ﺣﺞ ﻣﻊ اﻻﺳﻛﯾﺎ
ﻣﺣﻣد واﻟذي ﻛﺎن ﯾﺣﺗرﻣﻪ اﺣﺗراﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار.
220
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
وﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ رأس ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺣﻣد ﺑن ﻋﻣر ﺑن ﻣﺣﻣد اﻗﯾت اﻟﻣﻌروف ﺑﺑﺎﺑﺎ
اﻟﺗﻣﺑﻛﺗﻲ وﯾﻛﻧﻰ ﺑﺎﺑﻲ اﻟﻌﺑﺎس ،ﻧﻬل ﻣن ﺷﺗﻰ ﻓﻧون اﻟﻌﻠم وﺣﺎز ﻋﻠﻰ إﺟﺎزات ﻓﯾﻬﺎ،
وﺑﻌد ﻣﺷوار طوﯾل ﻣﻊ اﻟﺗﺣﺻﯾل ﻧﻘل ﻣﻌﺎرﻓﻪ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻼﻣذﺗﻪ ﺣﯾث ﺟﻠس
إﻟﻰ اﻟﺗﻌﻠﯾم و اﻟﺗﺄﻟﯾف واﻹﻓﺗﺎء ﺣﺗﻰ ﺗﻬﺟﯾرﻩ إﻟﻰ ﻣراﻛش ﻋﺎم 1002ه1593/م ،ﺣﯾث
ﻗﺿﻰ ﻫﻧﺎﻟك أرﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﻋﺎﻣﺎ أﻓﺎد ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﻌﻠﻣﻪ ﻛﻣﺎ اﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻏﯾرﻩ ،ﺣﺗﻰ ﻋودﺗﻪ
إﻟﻰ ﺗﻧﺑﻛﺗو ووﻓﺎﺗﻪ ﺳﻧﺔ 1036ه1627/م.
وﺗﻌد آﺛﺎر اﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣن أﻗوى اﻟدﻻﺋل ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎدة اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرﺑوع وﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ رأس ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ﻣﺎ وﺿﻌﻪ ﻟﻠﺗﻌرﯾف ﺑﻌﻠﻣﺎء اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ
واﻟﻣﺳﻣﻰ "ﻧﯾل اﻻﺑﺗﻬﺎج ﺑﺗطرﯾز اﻟدﯾﺑﺎج" وﻗد أﻟﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣش ﻛﺗﺎب اﺑن ﻓرﺣون ،وﻗد
ﺗرﺟم أﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ ﻓﻲ ﻧﯾﻠﻪ ﻟﺛﻣﺎن ﻣﺎﺋﺔ واﺛﻧﯾن ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ ﺣﯾن
اﺣﺗوى ﻣؤﻟﻔﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان "ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻣﺣﺗﺎج ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣن ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟدﯾﺑﺎج" ﻋﻠﻰ
ﺳﺑﻌﻣﺎﺋﺔ ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣﺎﻟﻛﯾﯾن ﻣﺷﺎرﻗﺔ وﻣﻐﺎرﺑﺔ وأﻧدﻟﺳﯾﯾن وﺳوداﻧﯾﯾن ،وﻗد أﻟﻔﻪ أﺛﻧﺎء
اﻟرب ﻓﻲ ﺗﺟﻣﯾﻊ
إﻗﺎﻣﺗﻪ ﻓﻲ ﻣراﻛش ،وﻣن ﻣﺻﻧﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ داﺋﻣﺎ " ﻣﺗن ّ
ﻣﻬﻣﺎت ﺧﻠﯾل" ،و"اﻟﻠﻣﻎ ﻓﻲ اﻹﺷﺎرة ﻟﺣﻛم طﺑﻎ" و"ﺣﻛم اﻟرزاق ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟﺷك ﻓﻲ
اﻟطﻼق" و"أﺟوﺑﺔ اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ" ،وﻏﯾرﻫﺎ ﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﻌﻠﯾﻘﺎت واﻟﺷروح ﻟﻣﺗون اﻟﻔﻘﻪ
وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻌﻠوم.
وﻗد أورد اﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ ﻓﻲ ﻧﯾﻠﻪ ﻣﺎ ﯾﻔﯾد اﻧﺗﺷﺎر ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ
اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺣﯾث أﺷﺎر إﻟﻰ اﻧﻪ درس اﻟﻌدﯾد ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﯾد أﺳﺗﺎذﻩ ﻣﺣﻣد
ﺑﻐﯾﻎ ،وﻗد ﻗﺎل" ...ﻻزﻣﺗﻪ أﻛﺛر ﻣن ﻋﺷر ﺳﻧﯾن ﻓﻘرات ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻠﻔظﻲ ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل
وﻓرﻋﻲ اﺑن اﻟﺣﺎﺟب ﻗراءة ﺑﺣث وﺗﺣﻘﯾق وﺗﺣرﯾر ﺧﺗﻣﺗﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ،أﻣﺎ ﺧﻠﯾل ﻓﻣ ار ار ﻋدﯾدة
...وﺣﺿرﺗﻪ ﻛﺛﯾ ار ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺗﻘﻰ واﻟﻣدوﻧﺔ ﺑﺷرح اﻟﻣﺣﻠﻰ ﺛﻼث وﻛﺛﯾ ار ﻣن ﺗﺣﻔﺔ اﻟﺣﻛﺎم
221
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﻻﺑن ﻋﺎﺻم ﻓﻲ اﻻﺣﻛﺎم ﻣﻊ ﺷرح وﻟدﻩ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﺳﻣﻌت ﺑﻘراءﺗﻪ ﻫو ﻛﺛﯾ ار ﻣن اﻟﺑﺧﺎري
وﻣﺳﻠم ...وﺳﻣﻌت ﺑﻠﻔظﻪ ﺟﺎﻣﻊ ﻣﻌﯾﺎر اﻟوﻧﺷرﯾﺳﻲ ﻛﺎﻣﻼ.37"...
ٕواﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺳودان ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﻔﺗرة اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻣﺣﻣد ﺑن اﺣﻣد اﻟﺗﺎزﺧﺗﻲ ،اﻟذي أﻟّف ﺷرﺣﺎ ﻟﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل ،واﻟﻔﻘﯾﻪ
اﻟﻌﺎﻗب ﺑن ﻋﺑد اﷲ اﻻﻧﺻﻣﻧﻲ ،اﻟذي رﺣل إﻟﻰ اﻟﻣﺷرق واﻟﻣﻐرب وﻧﻬل ﻣن ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﻌﻠوم ورﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ،واﺷﺗﻐل ﺑﺎﻟﺗدرﯾس ،وﻟﻪ ﻋدة ﻣؤﻟﻔﺎت ﻣن أﻫﻣﻬﺎ
)اﻟﺟواب اﻟﻣﺣدود ﻋن أﺳﺋﻠﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣود( و) أﺟوﺑﺔ اﻟﻔﻘﯾر ﻋن أﺳﺋﻠﺔ
اﻷﻣﯾر( وﻫو ﺟواب ﻋن أﺳﺋﻠﺔ وﺟﻬﻬﺎ إﻟﯾﻪ اﻻﺳﻛﯾﺎ ﻣﺣﻣد اﻟﻛﺑﯾر وﻛﺗﺎب ﻓﻲ وﺟوب
اﻟﺟﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﻗرﯾﺔ اﻧﺻﻣن ،38واﻟﻔﻘﯾﻪ ﻣﺣﻣود ﺑن ﻋﻣر اﻗﯾت اﻟذي أﻟف ﺷرﺣﺎ ﺣول
ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل ﻣن ﺟزﺋﯾن ،ﻛﻣﺎ أﻟف ﺳﯾدي اﺣﻣد ﺑن آﺑﻲ ﺑﻛر اﻟو ّاداﻧﻲ اﻟﺣﺎﺟﻲ اﻟذي
ﻛﺎن ﺣﯾﺎ ﻋﺎم 933ه1525/م ﺷرﺣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل ﻓﻲ ﻣﺟﻠدﯾن ﺳﻣﺎﻫﺎ "ﻣوﻫوب
اﻟﺟﻠﯾل ﺑﺷرح ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل" وﻗد وﺻف ﺻﺎﺣب ﻓﺗﺢ اﻟﺷﻛور ﻫذا اﻟﺗﺄﻟﯾف ﺑﺎن ﻓﯾﻪ
ﻧﻛت ﻋﺟﯾﺑﺔ وﻣﺳﺎﺋل ﻣﻔﯾدة وﻧﻘوﻻ ﺻﺣﯾﺣﺔ.39
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻣن ذﻛرﻧﺎ ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻧﺟد ﻋﻣر اﻟوﻟﻲ ﺑن اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﷲ
اﻟﻣﺣﺟوﺑﻲ اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﺎم )1070ه1659/م( اﻟذي أﻟف ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ،40واﻟﻔﻘﯾﻪ
ﺳﯾد اﺣﻣد ﺑن اﻟﻘﺎﺳم ﺑن ﺳﯾد اﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ ﺑن ﯾﻌﻘوب اﻟوداﻧﻲ اﻟﺣﺎﺟﻲ اﻟﯾﻌﻘوﺑﻲ
اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﺎم )1086ه1675/م( وﻟﻪ ﻓﺗﺎوى ﻋدﯾدة ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ﺳﻠك ﻓﯾﻬﺎ طرﯾق
اﻻﺧﺗﺻﺎر ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف واﻟﺗﺄﻟﯾف.41
ﺧﺎﻣﺳﺎ ً:ﻣﻣﯾ ازت اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻟﺑﻼد اﻟﺳودان وﺗﺄﺛرﻩ ﺑﺎﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ
ارﺗﺑطت ﺣرﻛﺔ اﻟﺗﺄﻟﯾف واﻹﻧﺗﺎج اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻟﺑﻼد اﻟﺳودان ﺑﻣﺎ ﻋرﻓﺗﻪ ﺑﻼد
اﻟﻣﻐرب اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﻣوﺣدة واﻟﻣﻣﯾزة ﻟﻬذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ،وﯾﻣﺛل
اﻟﻘرﻧﯾن اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر واﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر اﻟﻣﯾﻼدﯾﯾن ذروة ﻣﺎ وﺻل إﻟﯾﻪ اﻟﺳوداﻧﯾون ﻓﻲ
222
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل وﻫﻲ ﺗﻣﺛل ﺑذﻟك اﻧﻌﻛﺎﺳﺎ آﺧر ﻟﻣﺎ ﻋرﻓﺗﻪ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب ،إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﻘف ﻋﻧد
ﻧﻘﺎط ﺛﻼث ﻣﯾزت ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ وﻫﻲ:
-1طﺎﺑﻊ اﻟﺗﻘﻠﯾد :ﻟم ﯾﺗوﻗف ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺳودان ﻛم أﺷرﻧﺎ ﻋﻧد ﺗدرﯾس أﻣﻬﺎت ﻛﺗب اﻟﻔﻘﻪ
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﺑل ﺗﻌداﻩ ذﻟك اﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﻧﺗﺎج وان ﻟم ﺗﻛن ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﺣﯾث ﯾرى ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
زﺑﺎدﯾﺔ أن ﻣﺎ أﻧﺗﺞ اﻟﺳوداﻧﯾون ﻣن ﻣؤﻟﻔﺎت ﻓﻘﻬﯾﺔ ﺗﺧﻠو ﻣن اﻟﺗﺟدﯾد وﻻ ﺗﺗﻌدى ﺷرح
ﻛﺗب اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ووﺿﻊ اﻟﺣواﺷﻲ واﻟﺗﻌﻠﯾﻘﺎت ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺧرج ﻋن داﺋرة
اﻟﺗﻘﻠﯾد.42
واﻟواﻗﻊ أن ظﺎﻫرة اﻟﺗﻘﻠﯾد اﻟﺗﻲ طﻐت ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳودان ظﺎﻫرة
ﺳﺎدت اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة وﻟم ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ دون أﺧرى ،وﻟﻌل
ﺷﯾوع ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﻫو ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﯾﺗﺷﺑﺛون أﻛﺛر ﺑﺎﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
اﻹﻋراض ﻋن اﻟﻣذاﻫب اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻷﺧرى ،ﻓﻲ ظل ﻏﻠق ﺑﺎب اﻻﺟﺗﻬﺎد ٕواﺟﺑﺎرﯾﺔ اﻻﻟﺗزام
ﺑﺎﻟﻣذﻫب اﻟواﺣد وان اﻟﺧروج ﻋﻧﻪ ﺑدﻋﺔ وﺿﻼﻟﺔ.43
-2طﺎﺑﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎر :إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺗﻘﻠﯾد ﻏﻠب ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻟﻌﻠﻣﺎء ﺑﻼد اﻟﺳودان
طﺎﺑﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎر ﻓﺎﻏﻠب اﻟﻛﺗب اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺗدرﯾس واﻹﻓﺗﺎء ﻧﺟدﻫﺎ
ﻣﺧﺗﺻرة ،واﻟواﻗﻊ أن ظﺎﻫرة اﻻﺧﺗﺻﺎر اﻟﺗﻲ اﺻطﺑﻎ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ وﺣدﻩ ﺑل ﺳﺎدت اﻏﻠب ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وان ﺗﻔﺎوﺗت
ﻣن ﻣﻧطﻘﺔ ﻷﺧرى ،وﻗد ﺑدأ ظﻬور اﻟﻣﺧﺗﺻرات اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻣﻧذ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻟث
اﻟﻬﺟري وازدادت اﻧﺗﺷﺎ ار ﻓﻲ اﻟﻘرون اﻟﻣواﻟﯾﺔ ،وﻻ ﺷك ان ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﻓﻲ ﻧظر ﻛﺛﯾر
ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻏﻠق ﺑﺎب اﻻﺟﺗﻬﺎد وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ رﻛون اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ اﻟﺧﻣول اﻟﻔﻛري
ﺑﺎﻗﺗﺻﺎرﻫم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وﺟدوﻩ ﻣن ﻛﺗب ووﺿﻊ ﺗﺻﻐﯾر واﺧﺗﺻﺎر ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ان طﺎﺋﻔﺔ
أﺧرى ﻛﺎﻧت ﺗرى ﻓﻲ ذﻟك إﻧﻘﺎذا ﻟﻠﺗراث اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻣن اﻻﻧدﺛﺎر وﺗﺳﻬﯾﻼ ﻟﻠﺣﻔظ واﺳﺗﺛﻣﺎ اًر
ﻟﻠوﻗت.
223
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
وﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟذﯾن ﻫﺎﺟﻣوا ظﺎﻫرة اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﺧﺗﺻرات دون أﻣﻬﺎت اﻟﻛﺗب
اﻟﻔﻘﯾﻪ اﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ اﻟﺗﻧﺑﻛﺗﻲ ﺑﻘوﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻌرض ﺣدﯾث ﻋن ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل واﻟرﺳﺎﻟﺔ
واﻫﺗﻣﺎم اﻟﻧﺎس ﺑﻬﻣﺎ "...ﻓﻌﻛف اﻟﻧﺎس ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺷرﻗﺎ وﻏرﺑﺎ ﺣﺗﻰ ﻟﻘد آل اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﻣﺗﺄﺧرة إﻟﻰ اﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧﺗﺻرات ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺑﻼد اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻣراﻛش
ﺑل ﻗﺻﺎر
وﻓﺎس وﻏﯾرﻫﻣﺎ ﻓﻘ ّل أن ﺗرى أﺣدا ﯾﻌﺗﻧﻲ ﺑﺎﺑن اﻟﺣﺎﺟب ﻓﺿﻼً ﻋن اﻟﻣدوﻧﺔ ْ
اﻫم اﻟرﺳﺎﻟﺔ وﺧﻠﯾل وذﻟك ﻋﻼﻣﺔ دروس اﻟﻔﻘﻪ وذﻫﺎﺑﻪ .44"...وﺑرﻏم ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻣن
أﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ ﻓﺎﻧﻪ ﻟم ﯾﺧرج ﻋن داﺋرة ﻣﺎ أﻧﻛرﻩ ،ﺑﺣﯾث إن إﻧﺗﺎﺟﺎﺗﻪ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻓﻲ اﻏﻠﺑﻬﺎ ﻟم
ﺗﺧرج ﻋن داﺋرة اﻻﻧﺗﺣﺎل واﻟﺗﻘﻠﯾد واﻻﺧﺗﺻﺎر ،وﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺷروح وﺣواﺷﻲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻠﯾل أو ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻛﺗب اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ.45
-3طﺎﺑﻊ اﻟﺤﻔﻆ :ﺗﻌﺪ ظﺎھﺮة اﻟﺤﻔﻆ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟﻈﺎھﺮﺗﻲ اﻻﺧﺘﺼﺎر
واﻟﺘﻘﻠﯿﺪ ،ﻟﺬا اھﺘﻢ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ وأﺻﺒﺢ ﻣﻌﯿﺎرا ﻟﻠﻔﻘﮫ ،وﻛﺎن اﻟﻌﻠﻤﺎء ﯾﺤﺜﻮن اﻟﻄﻠﺒﺔ
وﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻀﺮورة اﻟﺤﻔﻆ ،وﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ ﺳﯿﻄﺮة اﻟﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻟﻔﻘﮭﯿﺔ اﺳﺘﻈﮭﺎر اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺧﻠﯿﻞ واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﺘﻮﺿﯿﺢ واﻟﻤﺪوﻧﺔ وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ
اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻔﻘﮭﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺤﻔﻈﻮن اﻟﻘﺮآن ،وﯾﺒﺪو أن اھﺘﻤﺎﻣﮭﻢ ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ ﻗﻠﺔ اﻟﻜﺮارﯾﺲ
واﻷوراق اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺴﺦ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ ﻧﺪرة اﻟﻜﺘﺐ وارﺗﻔﺎع أﺛﻤﺎﻧﮭﺎ ،وﺟﻤﯿﻊ ذﻟﻚ ﯾﻤﺜﻞ
اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﻟﻤﺎ ھﻮ ﺳﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ ﯾﺘﺤﺪث ﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻋﻦ ذﻟﻚ
ﺑﻘﻮﻟﮫ"...ﺗﺠﺪ طﺎﻟﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻌﺪ ذھﺎب اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﻋﻤﺎرھﻢ ﻓﻲ ﻣﻼزﻣﺔ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ
اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﺳﻜﻮﺗًﺎ ﻻ ﯾﻨﻄﻘﻮن وﻻ ﯾﻔﺎﺿﻮن وﻋﻨﺎﯾﺘﮭﻢ ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻼ ﯾﺤﺼﻠﻮن
ﻋﻠﻰ طﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺘﺼﺮف ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺼﯿﻞ ﻣﻦ ﯾﺮى ﻣﻨﮭﻢ اﻧﮫ ﻗﺪ
ﺣﺼﻞ ﺗﺠﺪ ﻣﻠﻜﺘﮫ ﻗﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﻋﻠﻤﮫ أن ﻓﺎوض أو ﻧﺎظﺮ أو ﻋﻠﻢ ،وﻣﺎ أﺗﺎھﻢ اﻟﻘﺼﻮر إﻻ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻧﻘﻄﺎع ﺳﻨﺪه ،وإﻻ ﻓﺤﻔﻈﮭﻢ اﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺣﻔﻆ ﻣﻦ ﺳﻮاھﻢ ﻟﺸﺪة ﻋﻨﺎﯾﺘﮭﻢ ﺑﮫ
وظﻨﮭﻢ اﻧﮫُ اﻟﻤﻘﺼﻮ ُد ﻣﻦ اﻟﻤﻠَ َﻜ ِﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ وﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ .46"...
ﻋﻠﻰ أن ﻧﺗﺑﯾن ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص ﺑرﻏم أﻫﻣﯾﺔ ﻣﻠﻛﺔ اﻟﺣﻔظ ﻓﻲ اﻟﻧﻘل
واﻟﺗﻠﻘﻲ واﻟﺗﻌﻠﯾم ﻟﻠطﻠﺑﺔ واﻟﺳﺎﺋﻠﯾن ﻓﺎن ذﻟك ﯾﺿﻌف ﻣن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻌﻘل ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر واﻻﺟﺗﻬﺎد
وﻫو ﻣﺎ ﯾﻐﯾب ﻓﻲ أﻛﺛر ﻣؤﻟﻔﺎت ﺑﻼد اﻟﺳودان ،ﻫذا ﻧﺎﻫﯾك ﻋن ﺻﻔﺔ اﻟﻧﻘل اﻟﺣرﻓﻲ
224
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
دوﻧﻣﺎ ﺳﻧد أو ﺗوﺛﯾق ،وان ﻛﺎن ذﻟك ﯾدﺧل ﻓﻲ إطﺎر ﺿرورة إﯾﺻﺎل اﻟﻣﻌرﻓﺔ دون
اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟوﻋﺎء اﻟذي اﺣﺗوﺗﻪ أو اﺳﺗﻧدت إﻟﯾﻪ.
ﺧﺎﺗﻣﺔ اﻟﺑﺣث:
ﺑﻘﻲ أن ﻧﺷﯾر ﻓﻲ ﺧﺗﺎم ﻫذا اﻟﺑﺣث إﻟﻰ أن اﻧﺗﺷﺎر ﻫذا اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ
وﺗﺑﻧﻲ اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻟﻪ ﻗد ﺣﺎل دون ﺑروز اﻟﻣذاﻫب اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻷﺧرى ،اﻟﺗﻲ ٕوان ﺗواﺟدت
ﻓﺑﺎﺣﺗﺷﺎم وﻓﻲ ﻓﺗرة ﻣﺑﻛرة ﻣن وﺻول اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻣذﻫب اﻹﺑﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻓﺗرة
ﺳﯾﺎدة إﻣﺑراطورﯾﺔ ﻏﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد اﻟﺳودان أو اﻟﻣذﻫب اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﺣول ﺣوض ﺗﺷﺎد
ﺣﺳب اﻟﻘﻠﻘﺷﻧدي ،وﻫو دﻟﯾل آﺧر ﻋﻠﻰ أن إﻗﺑﺎل اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ
ﻛﺎن ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠﻣؤﺛرات اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ.
-اﻟﻔﺿل اﻷﻛﺑر ﻓﻲ اﻧﺗﺷﺎر اﻹﺳﻼم واﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻣن ﺧﻼﻟﻬﻣﺎ اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﯾﻌود
ﻟﻠدﻋﺎة واﻟﺗﺟﺎر أوﻻً وﺑﻌدﻫﻣﺎ اﻟﻣراﺑطون واﻟطرق اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﻛل ﺣﺳب دورﻩ واﺳﻬﺎﻣﻪ.
-ﻻ ﺷك أن اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻟﻌﺑت دو ار ﻫﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﺗﻘﺑل اﻟﺳوداﻧﯾﯾن ﻟﻠﻣذﻫب
اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ دون ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻣذاﻫب اﻷﺧرى.
-أﺛﺑﺗت اﻟدراﺳﺔ أن ﻓﻘﻬﺎء وﻋﻠﻣﺎء ﺑﻼد اﻟﺳودان ﻏﻠب ﻋﻠﯾﻬم اﻟﺣﻔظ واﻻﻧﺗﺣﺎل
واﻻﺧﺗﺻﺎر ﻓﯾﻣﺎ اﻟﻔوﻩ ﻣن ﻛﺗب وﺣواﺷﻲ ﻓﻘﻬﯾﺔ ﻋن اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺣداﺛﺗﻬم
ﺑﺎﻹﺳﻼم وﻷوﺿﺎع اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.
-ﻗدﻣت ﺑﻼد اﻟﺳودان ﻓﻘﻬﺎء وﻋﻠﻣﺎء أﺟﻼء ﻓﻲ اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ وﺗوارﺛوا ذﻟك ﻓﻲ
ﺑﻌض اﻷﺳر اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﺛل آل اﻗﯾت ،وﺑﻐﯾﻎ ،وﻏﯾرﻫم وﻣن أﺑرز ﻓﻘﻬﺎء ﺑﻼد اﻟﺳودان
ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟدراﺳﺔ اﺣﻣد ﺑﺎﺑﺎ اﻟﺗﻣﺑﻛﺗﻲ.
-ﻫﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣﯾدان ﻣن اﻟﺑﺣث ﺑﻌﺿﻬﺎ اﺗﻠف وآﺧر أﺗت
ﻋﻠﯾﻪ ﻋواﻣل اﻟزﻣن وﺛﺎﻟث ﻻ ﯾزال ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق وﺑﻌث ﻟدى ﺑﻌض اﻷﺳر
اﻟﺳوداﻧﯾﺔ أو ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﻣﺧطوطﺎت ﺑﺗﻣﺑﻛﺗو.
225
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
ٕواذا ﻣﺎ ﺣﺎوﻟﻧﺎ أن ﻧرﺑط اﻷﻣس ﺑﺎﻟﯾوم ﻧﺟد أن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻻ ﯾزال ﻫو
اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺳﺎﺣل إﻻ أن ﻫﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺟﺎذﺑﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻌرﻓﻬﺎ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻛﺑﯾر اﻷﺛر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺳﻠك اﻟﻔﻘﻬﻲ ،ﻟذا وﺟب ﻋﻠﻰ ﺑﻠدان
اﻟﻣﻐرب وﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر أن ﺗﺳﻌﻰ ﺟﺎﻫدة ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻟﻬذﻩ
اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﺑدﻋﻣﻬﺎ دﯾﻧﯾﺎ وﺛﻘﺎﻓﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻛوﯾن أﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣذﻫب ورﺑط ﻋﻼﻗﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ
ﻋﻠﻰ أﺳس وأﻫداف ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﺗﺧدم اﻟدﯾن أوﻻ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻷﻣن ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺎ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﺑﻼد اﻟﺳﺎﺣل ﺧﺎﺻﺔ.
اﻹﺣﺎﻻت واﻟﻬواﻣش:
-1اﻟدرﺟﯾﻧﻲ :طﺑﻘﺎت اﻟﻣﺷﺎﺋﺦ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،طﺑﻊ وﺗﺣﻘﯾق إﺑراﻫﯾم طﻼي ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺑﻌث،
ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر ،1974 ،ج ،2ص.517
-2ﺑن ﺑطوطﺔ :ﺗﺣﻔﺔ اﻟﻧظﺎر ﻓﻲ ﻏراﺋب اﻷﻣﺻﺎر وﻋﺟﺎﺋب اﻷﺳﻔﺎر ،دار إﺣﯾﺎء اﻟﻌﻠوم،
ﻟﺑﻧﺎن1987 ،م ،ص.779
-3اﻟﺷﻛري اﺣﻣد :اﻹﺳﻼم واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺳوداﻧﻲ إﻣﺑراطورﯾﺔ ﻣﺎﻟﻲ1430-1230م ،ﻣرﻛز
اﻟدراﺳﺎت اﻟﺻﺣراوﯾﺔ ،اﻟرﺑﺎط2015 ،م ،ص.273
-4ﻧور اﻟدﯾن ﺷﻌﺑﺎﻧﻲ :اﻟﺗواﺟد اﻟﻣذﻫﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ﺑﯾن اﻟﻘرﻧﯾن اﻟﺧﺎﻣس واﻟﻌﺎﺷر
ﻟﻠﻬﺟرة ،دورﯾﺔ ﻛﺎن اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ،دﯾﺳﻣﺑر ،2012ص.36
-5اﻟﺑﻛري :اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ ذﻛر ﺑﻼد اﻓرﯾﻘﯾﺔ واﻟﻣﻐرب) ،ﺟزء ﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻣﺳﺎﻟك واﻟﻣﻣﺎﻟك( دار
اﻟﻛﺗﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ص.10
-6اوداﻏوﺷت :أﺳﺳت ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن اﻟﻣﯾﻼدي ﺷﻣﺎل ﻏرب إﻓرﯾﻘﯾﺎ وﺗﻘﻊ آﺛﺎرﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻧوب
ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ وﻗﺎل ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺑﻛري ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﻟك واﻟﻣﻣﺎﻟك ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﺑﯾن ﺑﻼد اﻟزﻧوج
وﺳﺟﻠﻣﺎﺳﺔ وذﻛر أن أﻫﻠﻬﺎ ﺧﻠﯾط ﻣن اﻟﺗﺟﺎر اﻟﻌرب اﻟﻘﺎدﻣﯾن ﻣن ﻣدن اﻟﻣﻐرب اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ
واﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑراﺑر واﺑﺎﺿﯾﺔ وﻣن زﻧﺎﺗﺔ وﻟواﺗﺔ وﻧﻔزاوة .اﻧظر ﯾﺣﻲ ﺑوﻋزﯾز :ﺗﺎرﯾﺦ إﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻣن ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر اﻟﻰ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ،دار اﻟﺑﺻﺎﺋر ،طﺑﻌﺔ
ﺧﺎﺻﺔ2009 ،م ،ص.155
226
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
227
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
-19ﻣﺣﻣد اﻟﺻﺎﻓﻲ :اﻟﺗﺻوف اﻟﻣﻐرﺑﻲ ودورﻩ ﻓﻲ ﺗرﺳﯾﺦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟروﺣﯾﺔ ﻣﻊ ﺑﻠدان إﻓرﯾﻘﯾﺎ
ﺧﻼل اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ،أﻋﻣﺎل ﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟﺗﺻوف واﻟﺣواﺿر اﻟروﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐﺎرب ،اﻟﻧﺎﺷر
اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺟدﯾد ،اﻟﺟزاﺋر2018 ،م ،ص.313
-20اﻟﻌﻣري :ﻣﺳﺎﻟك اﻷﺑﺻﺎر ﻓﻲ ﻣﻣﺎﻟك اﻷﻣﺻﺎر ،ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺧرﯾﺳﺎت،
ﻣرﻛز زاﯾد ﻟﻠﺗراث واﻟﺗﺎرﯾﺦ ،اﻹﻣﺎرات ،2001 ،ج ،4ص.74
-21اﻟﺳﻌدي :ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺳودان ،ﻧﺷر وﺗﺣﻘﯾق ﻫوداس ،ﺑﺎرﯾس ،ط ،1964 ،2ص.05اﻧظر
أﯾﺿﺎ ،اﻟﻘﻠﻘﺷﻧدي :ﺻﺑﺢ اﻷﻋﺷﻰ ﻓﻲ ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻹﻧﺷﺎء ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﻠﺗﺄﻟﯾف واﻟﺗرﺟﻣﺔ
واﻟطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر اﻟﻘﺎﻫرة ،1983 ،ص.294
-22اﻟﻌﻣري :ﻣﺻدر ﺳﺎﺑق ،ص.59
-23اﻻﻓراﻧﻲ ﻣﺣﻣد اﻟﺻﻐﯾر :ﻧزﻫﺔ اﻟﺣﺎدي ﺑﺄﺧﺑﺎر ﻣﻠوك اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي ،ﺗﻘدﯾم وﺗﺣﻘﯾق ﻋﺑد
اﻟﻠطﯾف اﻟﺷﺎذﻟﻲ ،ط ،1ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟطﺎﻟب ،اﻟرﺑﺎط1998 ،م ،ص .161ﯾﻧظر أﯾﺿﺎ اﻟﺳﻼوي
اﻟﻧﺎﺻري :اﻻﺳﺗﻘﺻﺎ ﻻﺧﺑﺎر دول اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن،
،1971ج ،2ص.296
-24اﻟﻘﻠﻘﺷﻧدي :اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ،ج ،5ص.295
-25ﻣﺣﻣود ﻛﻌت :ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﺗﺎش ﻓﻲ أﺧﺑﺎر اﻟﺑﻠدان واﻟﺟﯾوش وأﻛﺎﺑر اﻟﻧﺎس ،ﻧﺷر ﻫوداس،
ﺑﺎرﯾس ،1964،ص.23
-26ﻣطﯾر ﺳﻌد :اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وأﺛرﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺳودان اﻟﻐرﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻘرﻧﯾن
اﻟﻌﺎﺷر واﻟﺣﺎدي ﻋﺷر ﻟﻠﻬﺟرة ،دار اﻟﻣدار اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻟﯾﺑﯾﺎ ،ط2004 ،1م ،ص.242
-27اﻟﻣﻘرﯾزي :اﻟﻣواﻋظ واﻻﻋﺗﺑﺎر ﺑذﻛر اﻟﺧطط واﻻﺛﺎر ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة،
،1987ج ،2ص.123
-28اﻻرواﻧﻲ :اﻟﺳﻌﺎدة اﻷﺑدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻌﻠﻣﺎء ﺗﻧﺑﻛت اﻟﺑﻬﯾﺔ ،ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻬﺎدي ﻣﺑروك
اﻟداﻟﻲ ،ﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟدﻋوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ2001،م ،ص.95 ،94
-29ﺳﺣر ﻋﻧﺗر :اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.128
-30اﺑن ﺑطوطﺔ :ﺗﺣﻔﺔ اﻟﻧظﺎر ﻓﻲ ﻏراﺋب اﻷﻣﺻﺎر وﻋﺟﺎﺋب اﻷﺳﻔﺎر ،دار اﻟﻣﻌﺎرف،
اﻟﻘﺎﻫرة1966 ،م ،ج ،4ص.665
-31اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ :أﺳﺋﻠﺔ اﻻﺳﻘﯾﺎ وأﺟوﺑﺔ اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ ،ﺗﺣﻘﯾق ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر زﺑﺎدﯾﺔ ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
ﻟﻠﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر ،1989 ،ص.160
228
ISSN: 1112-9336 ﻣﺟﻠﺔ آﻓﺎق ﻋﻠﻣﯾﺔ
ص 229 - 209 ﻣﺟﻠد 12 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2020
229