Location via proxy:   [ UP ]  
[Report a bug]   [Manage cookies]                
‫ح‬ ‫فوزي حممد ساعاتي‪1438 ،‬هـ‬ ‫فهرسة امللك فهد الوطنية أثناء النشر‬ ‫ساعاتي‪ ،‬فوزي حممد‬ ‫تاريخ الساعاتي عصور الراشدين واألمويني والعباسيني والدويالت املستقلة‬ ‫يف املشرق واملغرب ‪ /...‬فوزي حممد ساعاتي‪.‬ـ مكة املكرمة‪1438 ،‬هـ‬ ‫‪377‬ص؛ ‪24×17‬سم‬ ‫ردمك‪978-603-02-4621-2 :‬‬ ‫‪-1‬التاريخ اإلسالمي ‪ -2‬اإلسالم ـ تاريخ أ‪ .‬العنوان‬ ‫‪1438/7732‬‬ ‫ديوي ‪953‬‬ ‫رقم اإليداع‪1438/7732 :‬‬ ‫ردمك‪978-603-02-4621-2 :‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪1438‬هـ ـ ‪2017‬م‬ @ ‫‪5‬‬ ‫املقدمة‬ ‫الحمد هلل حمد الشاكرين الموقنين‪ ،‬والذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬والصالة‬ ‫والسالم على من بعثه اهلل رحمة للعالمين‪ ،‬وعلى آله الطيبين وصحابته الغر الميامين ‪...‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإن التأليف لعصر الخالفة الراشدة وما تاله خاصة لمن زاوج ومازج بينه وبين‬ ‫استجابة لما حوته كتب التواريخ واألخبار وما أثبته‬ ‫التدريس‪ ،‬فالتهبت به المشاعر في‬ ‫ٍ‬ ‫الجم من المحدثين وغيرهم ممن بذلوا الجهد في خدمة عصور التاريخ وجالئه‪.‬‬ ‫ومن أجل أن يتصور تلك العصور شرعت في المساهمة في صياغة تاريخ عصور‬ ‫الراشدين واألمويين والعباسين والدويالت المستقلة في المشرق والمغرب‪ .‬والدولة‬ ‫ً‬ ‫األموية في األندلس‪ .‬سلكت فيه سبيل االقتضاب غير المخل إشفاقا على القارئ فيه‪،‬‬ ‫وما أملنا منه إال ابتغاء وجه اهلل ‪.‬‬ ‫ومن مطلق الشكر ال يفوتني أن أعبر بالعرفان لوالدي محمد عبده ساعاتي ووالدتي‬ ‫فاطمة بنت ظل الرحيم قاضي وأخي حسني وسامي غفر اهلل لهم وأسكنهم فسيح جناته‪.‬‬ ‫وكتبه الراجي لثوابه عزوجل‬ ‫األستاذ الدكتور فوزي بن محمد بن عبده ساعاتي‬ ‫في شهر رجب سنة ‪1437‬هـ‪2017 /‬م‬ ‫بمكة المكرمة ـ حي العوالي‬ ‫عصر الراشدين‬ ‫(‪40-11‬هـ = ‪660-632‬م)‬ ‫الراشدين‪ :‬هي تسمية من قبل رسول اهلل ! في قوله‪> :‬عليكم بسنتي‬ ‫وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي‪ ،‬عضو عليها بالنواجذ<‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫خالفة أبي بكر الصديق ‪11( K‬هـ‪632/‬م‪13-‬هـ‪634/‬م)‬ ‫اسمه وكنيت�ه ولقبه‪ :‬أبو بكر ـ واشتقاق (بكر) من البرك وهو الفتى من اإلبل‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫الصديق‪ ،‬واسمه عبد اهلل ـ ويقال‪ :‬كان اسمه‬ ‫والجمع بكاره وأبكر في أدنى العدد ـ‬ ‫ً‬ ‫عبد الكعبة في الجاهلية‪ ،‬وكان يسمى ً‬ ‫أيضا عتيقا لجماله‪ ،‬وقيل لقوله !‪> :‬من َسره‬ ‫أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا< ـ بن عثمان ‪ -‬وهو أبو قحافة ‪ -‬بن عامر بن‬ ‫عمرو بن كعب القرشي التيمي ‪ .‬ولقب بالصديق لسبقه الدخول في اإلسالم‪ ،‬وقيل كان‬ ‫ابتداء التسمية في صبيحة اإلسراء والمعراج‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إسالمه‪ :‬كان أول الناس إسالما من الرجال‪ ،‬فقد روى ابن ماجه من طريق‬ ‫عبد اهلل بن مسعود قال‪( :‬أول من أظهر إسالمهم سبعة‪ :‬رسول اهلل !‪ ،‬وأبو بكر‪،‬‬ ‫وعمار بن ياسر بن عامر العنسي‪ ،‬أبو اليقظان‪ ،‬كان من السابقين إلى اإلسالم‪ ،‬وممن‬ ‫ُ ُ‬ ‫عذب بمكة‪ ،‬ومات سنة ‪37‬هـ‪ ،‬وأمه سمية بنت خياط‪ ،‬وصهيب‪ ،‬وبالل‪ ،‬والمقداد‬ ‫بن عمرو بن ثعلبة ويقال له المقداد بن األسود‪ ،‬كان من المهاجرين إلى الحبشة الهجرة‬ ‫ً‬ ‫الثانية‪ ،‬شهد بدرا وما بعدها من المشاهد‪ ،‬مات سنة ‪33‬هـ)‪.‬‬ ‫توليــه اخلالفــــــــة‪ :‬كانت في يوم االثنين – اليوم الذي قبض فيه النبي ! وهذا‬ ‫ثابت بال خالف فيه‪ -‬الثاني عشر من شهر ربيع األول – حيث وقعت وفاة النبي !‬ ‫‪ .‬وفي نفس اليوم كانت بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة ـ وهي تقع شمال المدينة‬ ‫المنورة ـ وفي صباح اليوم التالي (الثالثاء) خرج إلى المسجد النبوي ـ فبايعه الناس‬ ‫وعرفت بالبيعة العامة – سنة ‪11‬هـ‪.‬‬ ‫البيعة اخلاصة ومضمونها‪ :‬كانت في سقيفة بني ساعدة اجتمع بها األنصار‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وانتخبوا سعد بن عبادة ‪ -K‬وكان مريضا محموال‪ ،‬ينقل إليه الكالم نقال‪ .-‬ووصلت‬ ‫ً‬ ‫األنباء إلى عمر بن الخطاب ‪ ،K‬فذهب مسرعا إلى أبي بكر الصديق ‪ -K‬الذي كان‬ ‫في حجرة السيدة عائشة ‪ I‬مشتغال بتجهيز النبي ! تمهيدا لمواراته الثرى‪ -‬ليخبره‬ ‫بما حدث في السقيفة‪ ،‬فناداه ثالثا‪ ،‬حينها خرج وعلم الخبر‪ ،‬فتوجها إلى السقيفـة‪،‬‬ ‫‪10‬‬ ‫وفي أثناء سيرهما صادفا أبي عبيدة ‪ K‬ـ هو عامر بن عبد اهلل بن الجراح ـ وكذا‬ ‫صحابيين من األنصار ـ هما‪ :‬عويم بن ساعدة‪ ،‬ومعن بن عدي ـ نصحاهما بعدم مواصلة‬ ‫َ‬ ‫المسير بقولهما‪ …> :‬ال تقربوهم اقضوا أمركم‪ .‬فقال عمر‪ :‬واهلل لنأتينهم …<‪ ،.‬فلما‬ ‫وصلوا السقيفة جلسوا‪ ،‬قام خطيب األنصار بذكر دورهم في نصرة اإلسالم وأحقيتهم‬ ‫ً‬ ‫في الخالفة قائال‪ …> :‬أما بعد فنحن أنصار اهلل‪ ،‬وكتيبة اإلسالم وأنتم معشر المهاجرين‬ ‫َ َّ ْ َّ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يَختزلونا – يقطعونا – من أصلنا وأن‬ ‫ُ‬ ‫يح ُ‬ ‫ضونا – يخرجونا‪ .-‬من األمر<‪ .‬ثم تكاثر المتقاطرون من المهاجرين إلى السقيفة‪،‬‬ ‫فلما انتهى خطيب األنصار‪ .‬أراد عمر بن الخطاب‪ K‬أن يخطب ولكن الصديق ‪K‬‬ ‫ََ‬ ‫ً ُ‬ ‫بادر هو إلى التكلم نيابة عن المهاجرين‪ - :‬فلم يترك شيئا أنزل في األنصار وال ذك َره‬ ‫ََ‬ ‫رسول اهلل ! من شأنهم‪ ،‬إال وذك َره‪ .-‬ثم بين مكانة مكة المكرمة وأهلها بين العرب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا<‪.‬‬ ‫فقال‪ …> :‬ولن ي ُ ْع َرف هذا األمر إال لهذا‬ ‫ثم رشح لهم رجلين من قريش هما‪ :‬عمر بن الخطاب وأبي عبيدة عامر بن الجراح رضي‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫اهلل عنهما‪ .‬ولكن لم يحسم األمر وكثر اللغط‪ ،‬وحسمه عمر بن الخطاب ‪ K‬بقوله‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫>يامعشر األنصار‪ ،‬ألستم تعلمون أن رسول اهلل ! قد أمر أبا بكر أن يَؤ َّم الناس ؟ فأيكم‬ ‫َ‬ ‫تَط ُ‬ ‫يب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت األنصار‪ :‬نعوذ باهلل أن نتقدم أبا بكر<‪ .‬ـ وهناك‬ ‫ِ‬ ‫عالمات ودالئل كثيرة تشير إلى استخالف الصديق ‪ K‬من أهمها‪ :‬أ – تقديم النبي !‬ ‫أبا بكر ‪ K‬للصالة فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي >أن رسول‬ ‫اهلل ! ذهب إلى بني عمرو بن عوف – يسكنون بقباء‪ -‬ليُصلح بينهم‪ ،‬فحانت الصالة‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال‪ :‬أتصلي للناس‪ ،‬فأقيم قال‪ :‬نعم‪ ،‬فصلى أبو بكر …<‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ـ صحيح البخاري‪( 1 ،‬كتاب اآلذان) – باب من دخل ليؤم الناس فجاء اإلمام األول‬ ‫… ‪.167 -‬؛ صحيح مسلم‪( ،‬كتاب الصالة)‪ -‬باب تقديم الجماعة من يصلي بهم‬ ‫ً‬ ‫إذا تأخر اإلمام‪.25 -‬؛ وقد أخرج أبو داود أيضا الحديث به بمثله‪ ،‬وأخرجه أبو داود‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا من طريق عمرو بن عوف عن حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد مبينا‬ ‫فيه أن ذلك كان بأمر النبي !‪ …> :‬فأتاهم ليُصلح بينهم بعد الظهر فقال لبالل‪( :‬إن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫حضرت صالة العصر ولم ِآتك ف ُمر أبا بكر فليُصل بالناس<)‪ .‬سنن أبي داود‪( ،‬كتاب‬ ‫‪11‬‬ ‫الصالة) – باب التصفيق في الصالة‪.239 ،238 -‬؛ أخرج البخاري عن أبي موسى‬ ‫ُْ َ ّ‬ ‫‪ K‬قال‪> :‬مرض النبي ! فاشتد مرضه‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬ ‫صل بالناس) …<‪.‬‬ ‫(مروا أبا بكر فلي‬ ‫صحيح البخاري‪( ،‬كتاب اآلذان)‪ -‬باب أهل العلم والفضل أحق باإلمامة‪.165 ،-‬؛‬ ‫ً‬ ‫وأخرج البخاري أيضا من جهة عائشة رضي اهلل عنه قالت‪> :‬إن رسول ! قال في مرضه‪:‬‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫صلي بالناس)…<‪ .‬صحيح البخاري‪(1 ،‬كتاب اآلذان) – باب أهل العلم‬ ‫(مروا أبا بكر ي‬ ‫والفضل أحق باإلمامة‪.165 ،-‬؛ وأخرج مسلم حديث الصالة من طريق عائشة رضي‬ ‫َ ُ َ ِّ‬ ‫صل بالناس) …< صحيح‬ ‫اهلل عنها قالت‪> :‬لما دخل النبي ! بيتي قال‪( :‬مروا أبا بكر فلي‬ ‫مسلم‪( :2 ،‬كتاب الصالة)‪ -‬باب استخالف اإلمام إذا عرض له عذر …‪.22 ،-‬؛‬ ‫ً‬ ‫وكانت مدة صالة أبا بكر ‪ K‬بالناس (‪ )15‬يوما‪.‬؛ وهذه داللة كبرى حسمت الخالف‬ ‫ُ‬ ‫كما قال عمر ‪ …> K‬وليس منكم من تقطع األعناق إليه مثل أبي بكر …<‪ .‬البخاري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫صحيح البخاري‪( 8 ،‬كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة)‪ -‬باب رجم الحبلى من‬ ‫الزنا‪.26 ،-‬؛ ب – المرأة التي جاءت إلى رسول اهلل ! تسأله عن أمر من األمور‪:‬‬ ‫أخرج البخاري ومسلم عن محمد بن جبير أن أباه جبير بن مطعم قال‪> :‬أتت امرأة النبي‬ ‫ْ‬ ‫! فأمرها أن ترجع إليه قالت‪ :‬أرأيت إن ِجئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال !‪:‬‬ ‫َ‬ ‫>إن لم تجديني فأتي أبا بكر<‪ .‬صحيح البخاري‪( 4 ،‬كتاب أصحاب النبي ! ‪ -‬باب‬ ‫ً‬ ‫حدثنا الحميدي… ‪.191 -‬؛ وأتي به أيضا في (كتاب األحكام)‪ -‬باب االستخالف –‬ ‫ً‬ ‫‪.127‬؛ وأيضا في (كتاب االعتصام بالكتاب والسنة)‪ -‬باب األحكام التي تعرف بالدالئل‬ ‫…‪ 160 -‬به بمثله‪.‬؛ صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة ‪ – )J‬باب من فضائل أبي‬ ‫بكر الصديق ‪.110 – K‬؛ جـ‪ -‬تصريح بإسناد الخالفة إلى أبي بكر الصديق ‪ K‬فقد‬ ‫ُ َ‬ ‫أخرج مسلم عن ابن أبي مليكة َ‬ ‫وس ِئلت من كان رسول اهلل‬ ‫>سمعت عائشة رضي اهلل عنها‬ ‫ً‬ ‫َْ ََْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫! ُمستخلفا لو استخلف ُه قالت‪ :‬أبو بكر فقيل لها ثم َمن بعد أبي بكر قالت‪ :‬عمر ثم قيل‬ ‫لها من بعد عمر قالت‪ :‬أبو عبيدة بن الجراح< صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة ‪)J‬‬ ‫– باب من فضائل أبي بكر الصديق ‪.110 - K‬؛ د‪ -‬الباب للمسجد لدخوله لإلمامة‪.‬‬ ‫أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري ‪ K‬قال‪> :‬خطب رسول اهلل ! الناس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وقال >… ولو كنت ُمتخذا خليال غير ربي التخذت أبا بكر خليال ولكن أخوة اإلسالم‬ ‫‪12‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫سد إال باب أبي بكر<‪ .‬صحيح البخاري‪( 4 ،‬كتاب‬ ‫وم َودته ال ي َ ْبقين في المسجد باب إال‬ ‫ُ ُّ‬ ‫سدوا األبواب إال باب أبي بكر‪،190 -‬‬ ‫أصحاب النبي !) – باب قول النبي !‬ ‫‪.191‬؛ صحيح مسلم‪( 7 ،‬كتاب فضائل الصحابة ‪ – )J‬باب فضائل أبي بكر الصديق‬ ‫‪ .108 - K‬وفيه “خوخة” (باب صغير) بدال من “باب”‪.‬؛ قال الحافظ السيوطي‪“ :‬‬ ‫قال العلماء‪ :‬هذه إشارة إلى الخالفــة؛ ألنه يخرج منها إلى الصالة بالمسلمين” ـ‪ .‬هذه‬ ‫المقولة كان لها أثرها البالغ في نفوس من حضر بيعة السقيفة‪ ،‬إذ كانت خير حاسم‬ ‫للخالف‪ ،‬بعد ذلك قال عمر ألبي بكر رضي اهلل عنهما‪> :‬أبسط يدك يا أبا بكر فبسط‬ ‫ً‬ ‫يده< فبايعه عمر وبايعه المهاجرون ثم بايعه األنصار‪.‬؛ ولم يكن الصديق حريصا على‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الخالفة بقدر ما كان مشفقا لما قد يحصل من االنشقاق فقال‪ :‬واهلل ما كنت حريصا على‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫يوما وال ليلة وال سألتها اهلل في ِّ‬ ‫سر وال عَالنية<‪ .‬وقوله أيضا‪> :‬طوقت عظيما من‬ ‫اإلمارة‬ ‫ُ ُ‬ ‫األمر ال َّ‬ ‫قوة لي وال يدان إال باهلل<‪.‬‬ ‫البيعة العامة‪ :‬كانت في اليوم التالي لوفاة النبي ! ولبيعة السقيفة وهو يوم‬ ‫الثالثاء من شهر ربيع األول سنة ‪11‬هـ في المسجد النبوي‪ ،‬فبعد تقاطر جموع المصلين‬ ‫قام عمر ‪ K‬فخطب خطبة قصيرة وضح فيها بعضا من فضائل الصديق ثم طلب من‬ ‫أبي بكر الصعود على المنبر‪ ،‬ولم يزل به حتى صعده‪ ،‬ثم طلب من الجموع الحاضرة‬ ‫مبايعته‪ ،‬فبايعه الناس عامة‪ ،‬وبعدها خطب فيهم الصديق خطبة موجزة حوت بعد حمد‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اهلل والثناء عليه التضمين التالي >…‪ ،‬إني قد وليت عليكم ولست بخيركم‪ ،‬فإن أحسنت‬ ‫فأعينوني‪ ،‬وإن أسأت فقوموني‪ ،‬الصدق أمانة‪ ،‬والكذب خيانة‪ ،‬والضعيف فيكم قوي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الحق منه‬ ‫والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ‬ ‫عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء اهلل‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫إن شاء اهلل‪ ،‬ال يدع قوم الجهاد في سبيل اهلل إال ضربهم اهلل بالذل‪ ،‬وال تشيع الفاحشة في‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫قوم قط إال عَ َّم ُه ُم اهللُ بالبالء‪ ،‬أطيعوني ما أطعت اهلل ورسوله‪ ،‬فإذا عصيت اهلل ورسوله‪،‬‬ ‫فال طاعة لي عليكم‪ .‬قوموا إلى صالتكم يرحمكم اهلل<‪.‬‬ ‫ً‬ ‫األجر الذي كان يتقاضاه الصديق ‪ :K‬كان الصديق ‪ K‬تاجرا مختص ببيع‬ ‫المالبس‪ ،‬فلما ولي الخالفة غدا‪ -‬أي صباح يوم األربعاء من شهر ربيع الثاني سنة‬ ‫‪13‬‬ ‫‪11‬هـ‪ .-‬إلى السوق لبيع أثواب‪ ،‬فشاهده صحابة رسول اهلل !‪ ،‬فاجتمعوا في المسجد‬ ‫النبوي وفرضوا له ألفي درهم ثم زادوه خمسمائة درهم‪ .‬إضافة إلى شاة في كل يوم‬ ‫ألضيافه وألهله رأسها وأكارعها‪ ،‬كما جعلوا كسوة له وألهله ومركوب‪ ،‬ومال ينفقه عند‬ ‫حجه وعمرته‪ .‬ولما مرض الصديق ‪ K‬مرضه الذي مات فيه أوصى عائشة رضي اهلل‬ ‫ُ‬ ‫عنها فقال‪> :‬أنظروا ما زاد في مالي منذ دخلت اإلمارة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫…<‪ .‬وكما أمر أيضا بإرجاع عبد حبشي كان يعمل لدى الصديق في حمل أبنائه‪ ،‬وناضح‬ ‫ْ ُ‬ ‫حة وقطيفة فقال عمر‪> :‬لقد أ َ َ‬ ‫تعب أبو بكر‬ ‫ولق‬ ‫كان يسقي بستانا للصديق‪ ،‬وكذا بعير ِ‬ ‫َ َ‬ ‫من بعده تعبا شديدا<‪.‬‬ ‫إرسال جيش أسامة بن زيد ‪ :K‬لما استحكمت البيعة ألبي بكر الصديق ‪،K‬‬ ‫واطمأن الجميع‪ .‬استهل خالفته باالجتماع بالقائد أسامة بن زيد ‪ K‬والطلب منه بالمسير‬ ‫ُ‬ ‫إلى الوجهة التي حددها له النبي ! ‪ -‬فقد أ ِعد هذا الجيش من قبل رسول اهلل ! في‬ ‫يوم الخميس من أواخر شهر صفر من سنة ‪11‬هـ بعدد يبلغ حوالي ‪ 3000‬وقيل ‪700‬‬ ‫رجـل ‪ ،-‬فسار حتى عسكر بالجرف ـ في شمال غربي المدينة المنورة ـ‪ .‬ومكث فيه‬ ‫إلى أن مات رسول اهلل !‪ ،‬فلما بويع الصديق سار إليه وعبر أسامة عن مخاوفه وتغيير‬ ‫َّ‬ ‫أتخوف أن تكفر‬ ‫حالكم هذه‪ ،‬وأنا‬ ‫الحال بقوله‪> :‬إن رسول اهلل ! بعثني وأنا على غير ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العرب‪ ،‬فإن كفرت كانوا أول من يُقاتل‪ ،‬وإن لم تكفر مضيت‪ ،‬فإن معي َس َروات الناس‬ ‫وخيارهم<‪.‬؛ فصمم الصديق على مضيه إلى غايته على الرغم من األخطار المحدقة‬ ‫بالمسلمين بالمدينة بقوله‪> :‬واهلل ألن تَ ْخ َط َفني الطير أحب ّ‬ ‫إلى من أن أبدأ بشيء قبل أمر‬ ‫ً‬ ‫رسول اهلل !<‪ .‬وقوله أيضا‪> :‬أنا أحبس جيشا بعثهم رسول اهلل !‪ :‬لقد اجترأت على‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫أحبس جيشا بعثهم‬ ‫أمر عظيم‪ ،‬والذي نفسي بيده ألن تميل علي العرب أحب إلى من أن ِ‬ ‫رسول اهلل !<‪ .‬فكان لحزمه الصائب في إنفاذه لهذا الجيش وفي هذا الظرف والوقت‬ ‫دوره في تحجيم حجم المرتدين وتأخير إظهار ردة البعض كما ذكر السيوطي‪> :‬فجعل ال‬ ‫يمر بقبيل يريدون االرتداد إال قالوا‪ :‬لوال أن لهؤالء قوة ما خرج مثل هؤالء من عندهم‪،‬‬ ‫ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم<‪ .‬كذلك كان لألنصار رغبة في أن يتم إسناد القيادة إلى‬ ‫‪14‬‬ ‫ً‬ ‫رجل أقدم سنا من أسامة فنقلها عمر ‪ K‬ألبي بكر ‪ K‬فغضب وقال‪> :‬استعمله رسول‬ ‫ً‬ ‫اهلل ! وتأمرني أن أنزعه< ثم توجه إلى الجرف حيث معسكر الجيش وشيعه بنفسه ماشيا‬ ‫ّ‬ ‫وأسامة راكب فقال له أسامة‪> :‬يا خليفة رسول اهلل‪ ،‬واهلل لتركبن أو ألنزلن فقال‪ :‬واهلل ال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تنـزل ‪ .‬واهلل ال أركب ! وما ّ‬ ‫قدمي في سبيل اهلل ساعة‪ ،‬فإن للغازي بكل‬ ‫علي أن أغبّر‬ ‫خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له‪ ،‬وسبعمائة درجة ترتفع له‪ ،‬وترفع عنه سبعمائة‬ ‫خطيئة<‪ .‬واستأذن الصديق ‪ K‬من أسامة في عمر بن الخطاب ‪ K‬للمقام معه‪ ،‬فأذن‬ ‫له‪ .‬ثم أمره بالمسير إلى مؤتة‪ -‬حيث استشهاد والده كما أمره !‪ .-‬وأوصاه هو وجيشه‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫بقوله‪> :‬ال تخونوا وال ت ِغلو‪ ،‬وال تغ ِدروا وال تمثلوا‪ ،‬وال تقتلوا طفال صغيرا‪ ،‬وال شيخا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬وال امرأة وال تعقروا – قطع رأس النخلة – نخال وال تحرقوه‪ ،‬وال تقطعوا شجرة‬ ‫ً‬ ‫مثمرة‪ ،‬وال تذبحوا شاة وال بقرة وال بعيرا إال لمأكلة‪ ،‬وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا‬ ‫َ‬ ‫أنفسهم في الصوامع‪ ،‬فدعُوهم وما فرغوا أنفسهم له‪ .<… ،‬فمضى حتى أتى مؤتة‪،‬‬ ‫فحارب فظفر‪ ،‬وسبى وأدب القبائل فيها وما حولها على حدود الشام‪ ،‬ثم رجع إلى‬ ‫المدينة بعد أن غاب عنها أربعين يوما‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بيت المال‪ :‬كان الصديق ‪ K‬قد خصص ً‬ ‫جانبا من منزله الذي كان يسكنه بالسنح‬ ‫ألموال المسلمين‪ ،‬وكذا عند انتقاله إلى المدينة المنورة‪ ،‬ولم تكن عليه حراسة ألنه ‪K‬‬ ‫كان يقسم ما اجتمع فيه على الناس مساويا في القسم بين الصغير والكبير والحر والمملوك‬ ‫والذكر واألنثى بغض النظر عن التفاضل‪ .‬روى ابن أبي شيبة في مصنفه أن الصديق ‪ K‬لطم‬ ‫ً‬ ‫رجال‪ ،‬ثم طلب من الرجل أن يقتص منه‪ ،‬ولكنه عفا عنه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حركات الردة‪ :‬أقسام املرتديـــن‪ :‬كان منهم من خرج عن اإلسالم كليا‪ ،‬وكان منهم‬ ‫من امتنع عن دفع الزكاة وقد جاء في صحيح البخاري‪> :‬حكم رسول ! في الذين فرقوا‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫(من بَدل دينه فاقتلوه)‬ ‫بين الصالة والزكاة وأ َرادوا تبديل الدين وأحكامه وقال النبي !‪:‬‬ ‫…<‪.‬؛ ومنهم من كان ادعى النبوة مثل‪ :‬طليحة بن خويلد األسدي‪ ،‬ومسيلمة بن حبيب‬ ‫َ َ‬ ‫وسجاح التميمية – هي امرأة من بني تيم بن ُم َّرة ‪.-‬؛ وذو التاج لقيط بن مالك‬ ‫(الكذاب)‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫األزدي‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫أسباب وعوامل الردة‪ )1( :‬العصبية القبلية‪ :‬حيث أن زعماء القبائل الكبيرة ترى‬ ‫ً‬ ‫أنها أولى بالزعامة من قريش مثال ذلك قول عيينة بن حصن الفزاري >واهلل ألن نتبع نبيا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من الحليفين أحب إلينا من أن نتبع نبيَّا من قريش<‪ .‬وأيضا قال طلحة النمري‪> :‬كذاب‬ ‫ربيعة أحب إلينا من صادق مضر<‪ .‬وما عَلموا أولئك المتعصبين أن رسول اهلل ! نهى‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫عنها بقوله‪ …> :‬دعُوها فإنها ُمن ِتنَة …<‪.‬‬ ‫(‪ )2‬عدم ُرسوخ اإليمان في قلوب البعض وهو عائد لتأخر إسالمهم ‪ .‬قال تعالى‪:‬‬ ‫﴿ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ …﴾‬ ‫[ الحجرات‪.]١٤ :‬‬ ‫(‪ )3‬طبيعة األعراب المتسمة بالجفاء مع ضعف المستوى الثقافي‬ ‫موقف الصديق ‪ K‬من هؤالء املرتدين‪ :‬خير تعبير وصفي جململ ما نزل بأبي‬ ‫بكر ‪ K‬من ضخامة األهوال وموقفه البتار فيها هو ما أوجزته ابنته عائشة رضي اهلل عنها‬ ‫ْ‬ ‫بقولها‪ …> :‬فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها‪ -‬كسرها‪ِ -‬إش َرأب النفاق‬ ‫بالمدينة وارتدت العرب‪ ،‬فواهلل ما اختلفوا نقطة إال طار أبي إلى أعظمها في اإلسالم<‪،.‬‬ ‫وكما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ‪ K‬قال‪> :‬لما توفي رسول اهلل ! وكان‬ ‫أبو بكر وكفر من كفر من العرب‪ ،‬قال عمر‪ :‬كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اهلل‬ ‫! >أُمرت أ َ ْن أُقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل‪ ،‬فمن قالها فَقد عَ َ‬ ‫صم ِمني ماله‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ونفسه إال بحقه‪ ،‬وحسابه على اهلل< فقال‪ :‬واهلل ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة فإن‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الزكاة ح ُق المال واهلل لو منعوني عَناقا كانوا يؤ ُّدونها إلى رسول اهلل ! لقاتلتهم على‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫منعها‪ .‬قال عمر ‪ :K‬فواهلل ما هو إال أن قد ش َرح اهلل صدر أبي بكر ‪ K‬ف َعرفت أن ُه‬ ‫ُّ‬ ‫الحق<‪.‬‬ ‫مراكز الثابتني على اإلسالم‪ :‬ما إن انتشر خبر وفاة النبي ! حتى ارتدت قبائل‬ ‫ٌ‬ ‫كثيرة من العرب عن اإلسالم‪ ،‬ولم يبق أحد متمسكا بدينه منهم إال قريشا بمكة وثقيفا‬ ‫بالطائف‪ ،‬وطوائف من بني تميم‪ ،‬وقبيلة بني عبد القيس بالبحرين‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫أول هجوم للمرتدين‪ :‬كان إلصرار الصديق ‪ K‬على خروج جيش أسامة بن زيد‬ ‫رضي اهلل عنهما‪ .‬أن أطمع في المدينـة المنـورة قبائل عبس وذبيان وانضم إليهم جماعة‬ ‫من بني أسد وكنانة وفزارة‪ ،‬فنـزلوا بذي القصة وأرسلوا وفدا منهم لمقابلة الصديق ‪K‬‬ ‫بعد مضي أكثر من شهر من مغادرة جيش أسامة ‪ K‬لعرض جميع أركان اإلسالم ماعدا‬ ‫الزكاة‪ .‬فرفض عرضهم في تعطيل أي ركن منها ‪ ،.‬هذا الحزم منه أغلق الباب مستقبال‬ ‫مما قد يطالب به األعراب من إسقاط ركن آخر‪ ،‬فعادوا إلى معسكرهم وقد بيتوا الغدر‬ ‫بالمسلمين نظرا لما الحظوه في أثناء دخولهم المدنية ومقابلتهم الصديق ‪ K‬قلة أهلها ولم‬ ‫يعلموا أن ما عزموا عليه وما بيتوا له من الغدر بالمسلمين قد تم أخذه في اعتبار الصديق‬ ‫ً‬ ‫‪ ،K‬فجعل على مداخل المدينة أعدادا من الصحابة‪ ،‬كما أمر القادرين على القتال بلزوم‬ ‫المسجد النبوي وقال‪> :‬إن األرض كافرة‪ ،‬وقد رأى وفدهم منكم قلة‪ ،‬وإنكم ال تدرون‬ ‫ً ُ َ‬ ‫ليال من مغادرة الوفد‬ ‫أليال تؤتون أم نهارا …<‪ .‬فكان كما توقع‪ ،‬فلم تمض سوى ثالث ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وج َمت المدينة ليال‪ ،‬ولكن الحراسة أفشلت الهجوم‪ ،‬وأعلمت الصديق بخبرهم‪،‬‬ ‫حتى ه ِ‬ ‫فأمرهم بلزوم مواقعهم‪ .‬ثم خرج بالمقاتلين ممن كانوا بالمسجد النبوي فلم يبزغ الفجر إال‬ ‫وهم يباغتونهم في معسكرهم فأوقعوهم بين قتيل وأسير وفار‪ ،‬هذا االنتصار الكاسح عز‬ ‫المسلمون إذ هرع بعدها فريق من المرتدين إلى أداء الزكاة وطرقوا المدينة بالصدقات‪.‬؛‬ ‫كما كان لعودة جيش أسامة ‪ K‬ظافرا سالما دوره في إلحاق المزيد من الذل والمهانة‬ ‫في هؤالء المرتدين‪ ،‬الذين عاجلهم الصديق ‪ K‬بخروجه الستئصال حركتهم‪ ،‬فلما أن‬ ‫ُ‬ ‫وصل إلى ذي القصة كان للصحابة مخاوف تتلخص في اآلتي‪ ،…> :‬فإنك إن تصب لم‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ومقامك أشد على العدو‪ ،‬فابعث رجال‪ ،‬فإن أصيب أمرت آخر …<‪.‬‬ ‫يكن للناس نظام‪،‬‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ولكنه صمم على خروجه‪ ،‬فهزم فلول من كان من المرتدين بالربذة ـ تقع في الشمال‬ ‫الشرقي من مدينة الحناكية ـ ثم عاد إلى المدينة‪ ،‬وبعد أن استراح جيش أسامة ‪ K‬سار‬ ‫إلى ذي القصة لعزم المسير إلى جميع من ارتد من العرب حتى يذعنوا ألحكام اإلسالم‪،‬‬ ‫فأشار عليه الصحابة في تأمير األمراء بقولهم‪ُ :‬‬ ‫>فأم ْر َمن ِتثق به وارجع إلى المدينة …< ـ إن‬ ‫هذا الرأي هو لعلي بن أبي طالب ‪ K‬حيث قال‪ …> :‬شم سيفك‪ ،‬وال تفجعنا بنفسك‪،‬‬ ‫وارجع إلى المدينة‪ ،‬فواهلل لئن فجعنا بك ال يكون لإلسالم نظام أبدا< ـ فشرح اهلل صدره‬ ‫‪17‬‬ ‫لما أشاروا عليه‪ ،‬فعقد أول اللواءات لخالد بن الوليد ‪ K‬وحدد له وجهته إلى طليحة‬ ‫ُ‬ ‫بن خويلد األسدي في بني أسد القريبة ديارهم من المدينة ثم إلى مالك بن ن َويْرة في بني‬ ‫تميم وأمره أن ال يقبل ممن يمر بهم من القبائل إال اإلسالم والرفض لتعطيل أي حكم‬ ‫من األحكام الشرعية‪ ،‬كما أوصاه أال يباغتهم بالهجوم سواء بليل أم بنهار حتى يتيقن من‬ ‫خالل سماع اآلذان‪ ،‬فإن آذنوا كف عنهم‪ .‬ثم سألهم أداء جميع أركان اإلسالم‪ ،‬فإن أجابوا‬ ‫تركهم‪ ،‬وإن أبوا قاتلهم‪ ،‬إما إذا لم يسمع داعي اآلذان أحل له الهجوم عليهم‪.‬‬ ‫معركة ُبزاخة‪ :‬كان طليحة بن خويلد األسدي قد ادعى النبوة في أواخر حياة النبي !‬ ‫َ‬ ‫في بني أسد‪ ،‬وبعد وفاة النبي ! ازداد خطره‪ ،‬وانضمت إليه فزارة وعبس وذبيان‬ ‫وطئ‪ ،.‬وكان طليحة في خيمته في انتظار نزول الوحي وترك أمر القيادة إلى عُيينة بن‬ ‫ِحصن الفزاري‪ .‬فلما دنا خالد بن الوليد ‪ K‬من معسكر المرتدين سير سرية استكشافية‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مكونة من عكاشة بن ُمحصن‪ ،‬وثابت بن أقرم رضي اهلل عنهما‪ ،‬فلقيا طليحة وأخاه فناال‬ ‫ً‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الشهادة وهو مصداقا لما بشر به النبي ! عُكاشة في قوله !‪ …(> :‬فرأيْت َسوادا كثيرا‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َ‬ ‫فق فقيل هؤالء أ َّمتك ومع هؤالء َس ْبعون ألفا يَدخلون الجنة بغير حساب …) فقام‬ ‫سد األ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عُكاشة بن ُمحصن‪ ،‬فقال‪ :‬أ ِمن ُه ْم أنا يا رسول اهلل قال‪( :‬ن َع ْم) …<‪.‬؛ وأقبل خالد رضي‬ ‫اهلل عنه بالمسلمين حتى مروا عليهما‪ ،‬فأمر بدفنهما‪ ،‬ثم ظعن حتى نزل بزاخة فالتقى‬ ‫ً‬ ‫بالمرتدين‪ ،‬وكلما اشتدت ضراوة القتال كان عيينة يلجأ إلى طليحة لعله يجد عنده عونا‬ ‫من الملك الذي يأتيه بالوحي ويدعى ذا النون‪ ،‬فلما تيقن من كذبه طلب من المقاتلين‬ ‫ً‬ ‫أيضا ما لجأ إليه طليحة حيث أردف زوجته َّ‬ ‫وفر إلى الشام‪ ،‬وانجلت‬ ‫النجاة بأنفسهم وهو‬ ‫ُ‬ ‫لمعركة عن نصر ساحق تم فيه قتل عدد كبير وأ َ‬ ‫سر خلق منهم عيينة‪ .‬ثم تقدم صوب‬ ‫ُ‬ ‫البُطاح حيث يقطن مالك بن نويرة التميمي وقومه من بني ثعلبة بن يربوع الذين تفرقوا‪،‬‬ ‫>ادفئوا أسراكم‬ ‫فتم جمعهم في مكان وفي ليلة شديدة البرودة صدر أمر خالد بقوله‪ِ :‬‬ ‫َ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬ ‫‪ .‬وكانت في لغة كنانة إذا قالوا‪ :‬دثروا الرجل فأدفئوه‪ِ ،‬دفئه قتله وفي لغة غيرهم أد ِفه‬ ‫فاقتله‪ ،‬فظن القوم – وهي في لغتهم القتل ‪ . -‬أنه أراد القتل‪ ،‬فقتلوهم<‪.‬؛ ما نالهم كان‬ ‫تفسير خاص بالمنفذين ولم يكن عن قصد من خالد ‪. K‬‬ ‫‪18‬‬ ‫معركة عقرباء (اليمامة)‪ :‬تقدم خالد بن الوليد ‪ K‬من البطاح إلى مسيلمة بن‬ ‫َْ َ‬ ‫حبيب الذي يسكن هو وقومه اليمامة – حيث ساكنيها معظمهم من بني حنيفة وبعضهم‬ ‫ينتمي إلى بني بكر أو إلى بني تميم ‪ .-‬وكان مسيلمة قد ادعى النبوة في حياة النبي !‬ ‫وأنه شريك في الرسالة‪ ،.‬وازداد خطره وكثر أتباعه بعد وفاة رسول اهلل !‪ ،‬كما حافظ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫لسجاح التميمية ـ هي َسجاح بنت الحارث من بني تغلب‪ ،‬ادعت‬ ‫على قوة رجاله بمهادنته‬ ‫النبوة بعد وفاة النبي !‪ ،‬وسارت إلى مالك بن النويرة فهادنها وكذا فعل مسيلمة وقيل‬ ‫إنه تزوجها‪ ،‬ثم أسلمت في خالفة معاوية ـ مما جعله يحتفظ بقوات كثيفة العدد لم‬ ‫تنهك في قتال‪ ،‬ساعدته في إلحاق الهزيمة بجيش عكرمة بن أبي جهل ‪ -K‬وكان أمر‬ ‫الصديق ‪ K‬له بالتوجه إلى اليمامة وعدم البدء بالقتال وإنما عليه انتظار جيش شرحبيل‬ ‫بن حسنة ليقاتال معا‪ ،‬فاستعجل القتال فهزم‪ ،‬فطلب منه الصديق التوجه إلى عُمان ومهرة‬ ‫وحضرموت ‪ .-‬وفي طريق مسيرة (خالد) وجد فرقة قبل مسيلمة خرجت للسلب والنهب‪،‬‬ ‫فتم أسرهم وعرض عليهم اإلسالم‪ ،‬فأبوا إال مجاعة فاستحياه ‪ .‬ثم واصل تقدمه صوب‬ ‫طرف اليمامة حيث التقى مع جيش مسيلمة في قتال شرس‪ ،‬انكشف المسلمون بادئ األمر‬ ‫ً‬ ‫نظرا لكثرة أعداد العدو بخالف جيش المسلمين البالغ عدده حوالي ‪ 11.000‬مقاتل‪.‬؛‬ ‫فيهم بعض الصائمين‪ ،‬ثم صدقوا في اللقاء حيث كان مناد فيهم بقوله‪ :‬يا أهل القرآن‪،‬‬ ‫ويا أصحاب سورة البقرة ـ مثل ثابت بن قيس ‪ ،K‬وأيضا سالم مولى حذيفة ‪ K‬ومثل‬ ‫زيد بن الخطاب ‪ K‬ـ فلبوا وتنافسوا بل وتحنط البعض منهم فتمكنوا من قهر أعداء اهلل‬ ‫ُّ‬ ‫فتراجعوا حيث أشار عليهم محكم بن الطفيل إلى الحديقة‪ ،‬فرمى البراء بن عازب ‪K‬‬ ‫بنفسه داخلها‪ ،‬فقاتلهم حتى فتح بابها‪ ،‬فدخلها جند اهلل ‪ .‬وجندلوا المتحصنين بها‬ ‫وزعماؤهم‪ ،‬وعلى رأسهم مسيلمة الذي جندلته رمية من حربة وحشي بن حرب ‪ K‬فما‬ ‫ً‬ ‫أخطأته‪ ،‬فدخلت بين ثدييه وخرجت من بين كتفيه‪ ،‬فخر صريعا‪ .‬ثم أجهض عليه بحذ‬ ‫رأسه من قبل عبداهلل بن زيد بن عاصم األنصاري‪.‬؛ جندلة الكثيرين وخاصة هؤالء الزعماء‬ ‫أوهم أهل اليمامة‪ ،‬فتحصنوا في حصونهم‪ ،‬فعرض جماعة الصلح مع خالد على النصف‬ ‫من األموال والسبي (أو الربع من السبي) والسالح وبعض البساتين‪ ،‬فوافقه‪.‬؛ هذا الصلح‬ ‫فيه حقن وصالح لكال الفريقين خاصة وأنها معركة صدق فيها حفظة كتاب اهلل وبذلوا أعز‬ ‫‪19‬‬ ‫ً‬ ‫ما يملكون للظفر بالشهادة وهي غاية ُمناهم أو النصر فنالوهما‪ ،‬وكذا نالها إخوانهم أيضا‬ ‫ُ‬ ‫ممن شاركوا في معارك أخرى ضد المرتدين ‪ .‬هذا الخيار من هؤالء الصحابة حفز عمر‬ ‫لفكرة جمع القرآن‪.‬‬ ‫معركة جوايث‪ :‬كان يقيم بالبحرين بني بكر وبني عبد القيس من قبائل ربيعة‪،‬‬ ‫فلما ترامت إليه أنباء وفاة النبي ! ارتد بنو بكر وثبت بنو عبد القيس على إسالمهم‪،‬‬ ‫وانضموا إلى جيش العالء بن الحضرمي ‪ K‬المرسل من الصديق ‪ K‬لمقاتلة المرتدين‬ ‫بجواثي‪ ،‬فاقتحموهما بعد علمهما بتناول المرتدين للمسكر‪ ،‬فأوقعوا فيهم القتل ومن‬ ‫نجا هرب إلى جزيرة دارين‪ ،‬فتعقبهم العالء ‪ K‬فقاتلهم‪ ،‬فنصره اهلل على هؤالء البقية‬ ‫من المرتدين‪ ،‬فتم له القضاء على ردة أهل البحرين‪.‬‬ ‫لواء عكرمة بن أيب جهل ‪ :K‬كان هذا اللواء مهمته األولى انتظار جيش شرحبيل‬ ‫َ‬ ‫بن حسنة ‪ K‬ومن ثم قتالهما معا ضد مسيلمة بن حبيب ولكن عكرمة تعجل القتال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فه ِزم‪ ،‬فما كان من الصديق ‪ K‬إال أن طلب منه أن يلحق بمن سبقه من جيش عَ ْرفجة‬ ‫ُ‬ ‫بن هرثمة البارقي وحذيفة بن ُمحصن الغلفاني ليقودهم ضد ردة عُمان التي انقسم‬ ‫أهلها فمنهم من ارتد وبالتالي انضم إلى مدعي النبوة ذي التاج لقيط بن مالك األزدي‬ ‫ومنهم من ثبت على إسالمه وتزعمهم جيفر وعباد ابني الجلندي حيث أرغموا على‬ ‫االحتماء بالجبال‪ ،‬فلما قصدهم عكرمة ‪ K‬انضموا إليه وساروا جميعا‪ ،‬فتمكنوا من‬ ‫دحر المرتدين وجندلة مدعي النبوة‪ .‬ثم واصل عكرمة مسيرة إلى مهرة‪ ،‬فدحر من كان‬ ‫بها من المرتدين وواصل عكرمة ‪ K‬تقدمه لدحر مرتدي اليمن وسانده جيش قادم من‬ ‫المدينة تحت قيادة المهاجر بن أبي أمية ‪ ،K‬فواجها مقاومة من المرتدين قيس بن عبد‬ ‫يغوث المكشوح وعمرو بن معد يكرب الزبيدي‪ ،‬فاقتتال‪ ،‬فتمت هزيمة جموعهما وتم‬ ‫أسرهما وإرسالهما إلى الصديق ‪ ،K‬فعفا عنهما ‪.‬؛ أما جيش عكرمة والمهاجر رضي‬ ‫اهلل عنهما فإنهما واصال تقدمهما صوب حضرموت لمساعدة زياد بن لبيد البياضي في‬ ‫القضاء على القسم المرتد من قبائل كندة والسكاسك والسكون‪ ،‬فتمكنوا من دحرهم‬ ‫بعد معارك كثيرة ‪ .‬وأسر زعيمهم األشعث بن قيس الكندي‪ ،‬وإرساله إلى المدينة‪،‬‬ ‫‪20‬‬ ‫فعفا عنه الصديق‪ .‬هذه االنتصارات الساحقة لجيوش المسلمين وما رافقها من عفو ‪.‬‬ ‫أعادت لحمة الصف للدولة اإلسالمية‪ ،‬وقضت على طموحاته القبلية الضيقة‪ ،‬والعصبية‬ ‫المقيتة‪ ،‬واإلقليمية المحدودة ‪ .‬وأعادت الجميع إلى سمو مبادئ اإلسالم ‪.‬‬ ‫جمع القرآن الكريم‪ :‬أن أبا بكر ‪ K‬حين ترامت إليه أسماء من استشهدوا في‬ ‫معركة اليمامة (عقرباء) – كان عددهم ‪ 70‬استشهدوا معظمهم من حفظة كتاب اهلل ‪ .-‬أمر‬ ‫بجمع مدونات القرآن الكريم المفرقة في نسخة واحدة‪ ،‬تنفيذا لما اقترحه عليه عمر ‪،K‬‬ ‫وأسندت هذه المهمة إلى الصحابي زيد بن ثابت ‪ K‬الذي قال‪> :‬بعث ّ‬ ‫إلي أبو بكر لمقتل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫أهل اليمامة وعنده عمر ‪ K‬فقال أبو بكر ‪ :K‬إن عمر أتاني فقال‪ :‬إن القتل قد استح َّر يوم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اليمامة ِبقرا ِء القرآن وإني أخشى أن ي َ ْست ِح َّر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها فيذهب قرآن‬ ‫ً‬ ‫كثير وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ‪ .‬قلت‪ :‬كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول اهلل ! ؟ فقال‬ ‫َ‬ ‫عُمر ‪ K‬واهلل خير فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح اهلل صدري للذي شرح له‬ ‫َ‬ ‫صدر عمر ‪َ K‬و َرأيْت في ذلك الذي رأى عمر ‪ K‬قال زيد‪> :‬قال أبو بكر وإنك رجل شاب‬ ‫عاقل ال نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول اهلل ! فتتبع القرآن فاجمعه قال زيد‪ :‬فواهلل‬ ‫لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل ّ‬ ‫علي مما كلفني من جمع القرآن ‪ .‬قلت‪ :‬كيف‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تفعالن شيئا لم يفعله رسول اهلل ! ؟ قال أبو بكر‪ :‬هو واهلل خير فلم يزل يَحث ُمراجعتي‬ ‫حتى شرح اهلل صدري للذي شرح اهلل له صدر أبي بكر وعمر رضي اهلل عنهما ورأيت في‬ ‫ذلك الذي َرأيا فتتبعت القرآن أجمعه …<‪.‬؛ وكان هذا الجمع يتم عبر العسب – وهو جريد‬ ‫النخل العريض المكشوط عنه الخوص‪ ،-‬والرقاع – هي رقعة من جلد أو ورق‪ -‬واللخاف‬ ‫– الحجارة الرقاق أو الخزف‪ -‬والقراطيس‪ ،‬واألديم – الجلد أيا كان وقيل األحمر وقيل‬ ‫المدبوغ‪ ،-‬والقضيم – هو الجلد األبيض وقيل هو الصحيفة البيضاء‪ ،-‬والرق هو الجلد‬ ‫الرقيق األبيض‪ -‬وصدور الرجال حتى وجدت آيتين هما آخر سورة التوبة {ﮬ ﮭ‬ ‫ﮮﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯙﯚ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ } [ التوبة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ] ١٢٩ - ١٢٨‬مع الصحابي خزيمـة األنصـاري ـ وقيل أن أبيا بن كعب ‪ K‬هو الذي كان‬ ‫‪21‬‬ ‫ً‬ ‫عنده هاتين اآليتين من آخر سورة التوبة‪ ،‬وفي المصاحف أيضا أن عمر ‪ K‬شهد مع خزيمة‬ ‫األنصاري أنه سمع هاتين اآليتين من رسول اهلل ! ‪ -‬أي أنها محفوظـة في صدر خزيمة‬ ‫األنصـاري ‪ K‬ال مكتوبة – وكان النص القرآني خاليا من النقط والحركات ـ وأول من‬ ‫نقط المصحف وشكله أبو األسود الدؤلي وقيل الحسن البصري ويحيى بن يعمر وقيل نصر‬ ‫بن عاصم الليثي ـ ومحفوظا عند الصديق ‪ K‬حتى مات ثم عند عمر ‪ K‬حتى توفي ثم‬ ‫أودعت عند حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي اهلل عنهما‪.‬؛ وأما خبر جمع القرآن في خالفة‬ ‫عثمان ‪ K‬فإنما جمعه من المدونات من الصحف التي كانت عند حفصة رضي اهلل عنها من‬ ‫جمع أبي بكر‪ .‬فبقي عندها إلى أن وفد حذيفة بن اليمان ‪ K‬على عثمان >وكان يُغازي أهل‬ ‫الشام في فتح أرمينية وآذربيجان ـ تقعان في شمالي نهري دجلة والفرات ـ مع أهل العراق‬ ‫ً‬ ‫فأفزع حذيفة اختالفهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان ‪ :K‬يا أمير المؤمنين ـ وجاء أيضا‬ ‫َ َ َّ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ير ال ُعريَان‪ .‬هذا مثل‪ :‬قالته‪ :‬امرأة رقبة بن عامر لتنذر أهلها ـ‬ ‫أنه ابتدأ كالمه بقوله‪ :‬أنا الن ِذ‬ ‫أدرك هذه األمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختالف اليهود والنصارى< ـ وهذا يرجع بنا إلى‬ ‫ما حدث في حياة النبي !‪ ،‬فإن عمر بن الخطاب ‪ K‬حينما سمع قراءة هشام بن حكيم‬ ‫لسورة الفرقان‪ ،‬فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة‪ ،‬فأخذه إلى رسول اهلل ! فقال (إن هذا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه) ـ فجمع عثمان ‪ K‬الصحابة في المسجد‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫النبوي‪ ،‬وخطب فيهم قائال‪> :‬يا أيها الناس‪ ،‬إنما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سـنة –‬ ‫ُ‬ ‫وفي رواية أخرى منذ ثالث عشرة سنة ‪ -‬وقد اختلفتم في القراءة<‪.‬؛ فاستقر الرأي أن‬ ‫يرد القرآن إلى حرف واحد‪ ،‬فأرسل عثمان ‪ K‬إلى حفصة رضي اهلل عنها طالبا منها‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ف ننسخها في المصاحف ثم ن ُر ُّدها إليك ‪ .‬فأرسلت بها حفصة‬ ‫>أن أرسلي إلينا بالصح ِ‬ ‫رضي اهلل عنها<‪ .‬فعمد عثمان ‪ K‬على تشكيل فريق عمل يتألف من‪ :‬زيد بن ثابت‪،‬‬ ‫وعبداهلل بن الزبير‪ ،‬وسعيد بن العاص‪ ،‬وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ـ وعند‬ ‫ابن أبي داود في المصاحف أن عددهم كان اثنا عشر رجال من قريش واألنصار ـ‬ ‫وبين لهم عثمان ‪ K‬طريقة العمل بقوله‪> :‬إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عَ َربية من عَ َر ِبيَّة‬ ‫ُ‬ ‫القرآن فاكتبوها بلسان قريش فإن القرآن أنزل بلسانهم<‪ .‬وقد أنجز فريق العمل مهمته خالل‬ ‫ُّ‬ ‫الص ُح َ‬ ‫ف‬ ‫خمس سنوات ابتدأت من سنة خمس وعشرين إلى سنة ثالثين هجرية‪ ،‬وتم نسخ‬ ‫‪22‬‬ ‫المصاحف على ما هو عليه اليوم؛ ـ ومنه نقلت كافة المصاحف خالل القرون الالحقة‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫عن هذا المصحف الذي أطلق عليه (مصحف اإلمام) وعلى رسمه بالرسم العثماني ـ ورد‬ ‫عثمان الصحف إلى حفصة رضي اهلل عنهما‪ .‬ثم أمر بإرسال مصحف إلى مكة‪ ،‬وإلى الشام‪،‬‬ ‫وإلى البصرة‪ ،‬وإلى الكوفة ـ وزاد ابن أبي داود‪( :‬وإلى اليمن‪ ،‬وإلى البحرين) ـ وبقيت‬ ‫بالمدينة المنورة نسختين إحداها ألهل المدينة والثانية احتفظ بها عثمان ‪ K‬لنفسه ‪ .‬كما‬ ‫أمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق‪ .‬ومنه نقلت كافة المصاحف‬ ‫ُ‬ ‫خالل القرون الالحقة عن هذا المصحف الذي أطلق عليه مصحف اإلمام‪ ،‬وعلى رسمه‬ ‫بالرسم العثماني‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬أن أبا بكر في مرض موته خاف أن يتكرر ما حدث في بيعة السقيفة‬ ‫(سقيفة بني ساعدة) من االختالف بعد وفاته لذا عمد إلى استشارة كبار الصحابة في‬ ‫ً‬ ‫ترشيح من يرونه مناسبا ‪ .‬فلم يتيسر لهم‪ ،‬فرجعوا إليه وطلبوا منه أن يختار لهم‪ .‬فدعا‬ ‫وشاور كل من عبدالرحمن بن عوف‪ ،‬وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد أبا األعور‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأسيد بن الحضير ‪ J‬وغيرهم من المهاجرين واألنصار ‪ .‬ثم دعا عثمان بن عفان ‪K‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ومزير (قلم) فأمره أن يدون اسم عمر بن الخطاب ‪ K‬ليكون الخليفة‬ ‫وأيضا دعا‬ ‫ٍ‬ ‫بداوة ِ‬ ‫ُ‬ ‫الثاني من الخلفاء الراشدين وختمه‪ ،‬ودعا له المولى جل شأنه أن ييسر له اتباع هدى نبي‬ ‫ُ‬ ‫الرحمة وهدى الصالحين‪ ،‬وأن يصلح له رعيته‪ .‬ثم أخرج كتابه إلى المأل ليبايعوا ما جاء‬ ‫فيه من الترشيح بالخالفة‪.‬‬ ‫وفاة الصديق‪ :‬توفي أبو بكر الصديق ‪ K‬في جمادي اآلخرة سنة ثالثة عشر‬ ‫من الهجرة‪ .‬وعمره ثالث وستون سنة وصلى عليه عمر بن الخطاب ‪ . K‬ومكث في‬ ‫الخالفة سنتين وأشهر ال تتجاوز الستة‪.‬‬ ‫أسباب الوفاة‪ :‬ذكر السيوطي أن الوفاة ترجع لحزن أبي بكر الصديق ‪ K‬لفراق‬ ‫المصطفى !‪ .‬وعن الواقدي أنه استحم في يوم بارد‪ ،‬فأصابته الحمى‪ ،‬فمات بعد‬ ‫ً‬ ‫خمسة عشر يوما‪ .‬وروى الحاكم في المستدرك أن اليهود سمته في حريرة‪ -‬نوع من أنواع‬ ‫الطعام‪ .-‬وقد قامت بغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبدالرحمن بن أبي بكر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ودفن ليال في حجرة ابنته وزوجة الرسول ! عائشة رضي اهلل عنها‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫خالفة عمر بن اخلطاب ‪13( K‬هـ ‪634 /‬م – ‪23‬هـ‪643/‬م)‬ ‫ّ‬ ‫ّ َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫اسمه وكنيت�ه ولقبه‪ :‬هو عُ َمر بن الخطاب ـ و(الخطاب)‪ :‬ف َّعال من شيئين‪ :‬إما‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وإما من خ ْطبة النساء ـ بن ن ُ َفيل بن عبد ُ‬ ‫الع َّزى بن رياح بن عبداهلل بن ق ْرط‬ ‫من الخطابة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي بن كعب بن ل َؤ ّ‬ ‫من بني عَد ّ‬ ‫ي القرشي‪ ،‬يُكنى أبا حفص‪ .‬أسلم في السنة السادسة من البعثة‬ ‫ِ‬ ‫النبوية‪ . .‬وأول من سمي بأمير المؤمنين ولقب بالفاروق ـ كان أول من لقبه به هو النبي ! ـ‪.‬‬ ‫كسوة الكعبة‪ :‬كان عمر يأمر بتغييرها كل عام وأنه يقوم بتقطيع الكسوة إلى قطع‬ ‫ويوزعها للحاج‪ - ،‬الحظ عمر بن الخطاب تردد الكثير على شجرة الحديبية ـ هي‬ ‫الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان‪ .‬وهي في الحديبية والتي تقع على مدخل مكة‬ ‫وهي داخلة في حدود الحرم وهي تعرف اآلن بالشميسي ـ مع القيام ببعض التوسالت‬ ‫وغيرها مما دفعه إلى األمر بقطعها سدا للذرائع ‪.‬‬ ‫حترير الرقيق‪ :‬كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يأمر األغنياء وميسوري الحال على‬ ‫مكاتبة ما تحت أيديهم من األرقاء مثل أمره ألنس بن مالك في مكاتبة سيرين ‪.‬‬ ‫املسجد النبوي‪ :‬كان عمر بن الخطاب ‪ K‬أول من وسع المسجد النبوي بهدم‬ ‫الدور المالصقة له من جهة القبلة ومن جهة الغرب والشــمال وتم اســتخدام اللبن‬ ‫والجريد وجعل أعمدته من الخشب‪ ،‬وعمــد إلى جلب الحصى من وادي العقيق وفرش‬ ‫بها أرضية المسجد النبوي‪ ،‬تميز عمر بن الخطاب ‪ K‬ببعد نظر لما يمكن أن يسفر عنه‬ ‫تفرق كبار الصحابة رضوان اهلل عليهم في األمصار المفتوحة لذلك كان يطلب منهم البقاء‬ ‫إلى جانبه الستشارتهم في النوازل ويذكرهم بأنه >‪ ...‬يكفيكم جهادكم مع رسول اهلل !<‪.‬‬ ‫تقبي�ل احلجر األسود‪ :‬روي عن عمر بن الخطاب ‪ K‬أنه جاء إلى الحجر األسود‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫فاستلمه وقبله فقال‪> :‬إني أعلــم أنك حجر ال تضر وال تنفع ولوال أني رأيت رسول اهلل !‬ ‫ُ‬ ‫قبلك ما قبلتك< ‪.‬‬ ‫ي ِ‬ ‫‪24‬‬ ‫النهي عن رفع الصوت باملسجد النبوي‪ :‬روى السائب بن يزيد أنه كان في‬ ‫المسجد النبوي‪ ،‬فدعاه عمر بن الخطاب ‪ K‬وكلفه بمهمة إحضار رجلين‪ ،‬فلما‬ ‫مثال أمامه سألهما عن بلدهما ثم قال لهما‪ :‬لو كنتما من أهل البلد ألوجعتكما ترفعان‬ ‫أصواتكم في مسجد رسول اهلل !<‪.‬‬ ‫دار الدقيق‪ :‬خصص عمر بن الخطاب ‪ K‬دار لخزن المواد الغذائية من الدقيق‬ ‫والسويق والتمر والزبيب والثمر الستخدامها للغرباء واألضياف والمنقطعين‪.‬‬ ‫املسجد احلرام‪ :‬آخر مقام إبراهيم الخليل ‪ L‬وكان لزق بالكعبة زمن إبراهيم ‪L‬‬ ‫والنبي ! وفي زمن أبي بكر ‪ K‬إلى مكانه اليوم وأقام عليه المقصورة‪ .‬كما عمد إلى‬ ‫هدم الدور المالصقة للمسجد الحرام ثم عمد إلى إقامة حائط قصير حول المسجد‬ ‫الحرام ‪ .‬وكسى عمر وعثمان رضي اهلل عنهما من بيت المال الكعبة بالقباطي ـ وهي ثياب‬ ‫من مصر رقيقة بيضاء ـ‪.‬‬ ‫القضاء على االحتكار‪ :‬أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي اهلل عنهما كانا‬ ‫ينهيان عن حبس المواد الغذائية رغبة في زيادة سعرها‪.‬‬ ‫•إصدار أوامره إلى الناس بعدم بيع أمهات األوالد‪.‬‬ ‫•كعب بن سوار هو الذي حكمه عمر ‪ K‬بين المرأة وزوجها‪ -‬الذي كان‬ ‫يصوم النهار ويقوم بالليل‪ -‬وحكم لها في كل أربع ليال بليلة‪.‬‬ ‫التاريخ‪ :‬أن أبا موسى األشعري ‪ K‬كتب إلى عمر بن الخطاب ‪ K‬أن الكتب‬ ‫واألوامر التي تصدر من دار الخالفة ليس لها تاريخ‪ ،‬فجمع عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫الصحابة واستشارهم‪ ،‬فعرضوا عليه تواريخ ألمم سابقة فلم يقبلها وأنه مال إلى رأي‬ ‫علي بن أبي طالب ‪ K‬الداعي إلى أن يكتب التاريخ >من يوم هاجر رسول اهلل ! أرض‬ ‫الشرك< ‪ -‬هجرته من مكة – واتخذ المحرم كبداية للسنة لقول عثمان ‪> :K‬أرخوا‬ ‫المحرم فإنه شهر حرام وهو أول السنة ومنصرف الناس من الحج<‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫العسس‪ :‬كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يقوم بهذه المهمة بنفسه‪ ،‬فهو الذي أوجد‬ ‫هذا النظام وهو من كان يقوم بمهماته‪ ،‬وهذه المهام للعسس تتلخص في أن عملها‬ ‫ينحصر في الليل‪ ،‬وفي حراسة دور المدينة لمن غاب أهلها عنها‪ .‬وكذا حراسة النساء‬ ‫واألطفال لمن ال عائل لهم ولمن غادر عائلهم ‪ .‬إضافة إلى تقديم العون والمساعدة‬ ‫للغرباء‪ ،‬قام بإصالح الجسور وإقامتها على األنهار ورصف وتمهيد الطرق ‪ .‬وفي ذلك‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ال يقال ألوالد الغنم ساعة توضع من الضأن والمعز‪،‬‬ ‫قوله‪> :‬لو ماتت َسخلة ـ جمع ِس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُْ َ‬ ‫ذكرا كان أم أنثى ـ على شاطئ الفرات ضياعا لكنت مسؤوال عنها<‪.‬‬ ‫كتب عمر إلى والته أن هنالك من يأخذ ماال من الديوان ألجل الجهاد ثم ال‬ ‫يذهب إلى ميدان القتال‪ ،‬فإذا الحظوا ذلك عليهم استعادة ما استلمه من الديوان ‪.‬‬ ‫التثبت من رواية احلديث‪ :‬ففي قصة أبي موسى األشعري ‪ K‬لما طرق عليه‬ ‫الباب ثالثا‪ ،‬لم يسمع استجابة عاد‪ ،‬فخرج عمر بن الخطاب ‪ K‬ولم يجد الطارق‪،‬‬ ‫فاستدعاه واستفسر منه عن سبب عدم انتظاره‪ ،‬فأجابه أبو موسى األشعري بأن رسول‬ ‫ْ‬ ‫اس َتأذن أحدكم ثالثا فلم يؤذن له‪ْ ،‬‬ ‫فلير ِجع) فطلب منه عمر أن يأتي‬ ‫اهلل ! قال‪> :‬إذا‬ ‫بشاهد ليعضد روايته‪ ،‬فشهد معه أبو سعيد الخدري ‪ .K‬ومراد عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫من ذلك‪ :‬حسم مادة التقول على رسول اهلل ! وإغالق بابه عن الناس‪.‬‬ ‫بن�اء املدن اإلسالمية‪ :‬في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬تم بناء كل من البصرة‬ ‫بالعراق سنة ‪14‬هـ من قبل القائد عتبة بن غزوان ‪ ،K‬والكوفة بالعراق سنة ‪17‬هـ من‬ ‫قبل القائد والوالي سعد ابن أبي وقاص ‪.K‬؛ والفسطاط في مصر سنة ‪21‬هـ من قبل‬ ‫الوالي عمرو بن العاص ‪ .K‬وكان البناء في البداية عبارة عن خيام ثم تطور إلى قش‬ ‫ثم اللبن والطين‪ ،‬وأول بناء في هذه المدن كان المسجد الجامع وسط المدينة ثم دارة‬ ‫اإلمارة وبيوت األموال بجانب المسجد وقد اشترط عمر بن الخطاب ‪ K‬لبناء هذه‬ ‫ً‬ ‫المدن شروطا منها قربها من مصادر المياه والمراعي‪ ،‬وأال يفصلها عن دار الخالفة‬ ‫عائق مائي وكذا عن الصحراء أي عائق‪ ،‬وأن يكون البناء من دور واحد‪ ،‬كان ينفق على‬ ‫األطفال اللقطاء من بيت مال المسلمين‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫•كان عمر بن الخطاب ‪ K‬ال يفرض للمولود إال بعد بلوغه سنتين وله مائة‬ ‫درهم‪ .‬ولكنه في إحدى جوالته الليلية الحظ امرأة تعجل فطامه‪ ،‬فلم ينم‬ ‫ليلته وبعد صالة الصبح وقد غلبه البكاء أوضح للمسلمين بأن الطفل بمجرد‬ ‫والدته يتم تدوين اسمه في الديوان لصرف نفقته‪.‬‬ ‫•كان للمهاجرين مجلس في المسجد النبوي يجلسون فيه‪ ،‬فكان عمر ‪K‬‬ ‫يجلس معهم فيحدثهم عما ينتهي إليه أمر اآلفاق‪.‬‬ ‫الدرة‪ :‬وهي عصا صغيرة كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يؤدب الناس بها في األسواق‪.‬‬ ‫َ‬ ‫>لد َّرة عمر ْأه َي ُ‬ ‫ب من سيفكم<‪ .‬وذكر البالذري‬ ‫وهي ذا أثر بالغ كما جاء في الطبقات ِ‬ ‫مدى هيبتها في قلوب الناس بقولـه‪> :‬كانت درة عمر أهيب في الصدور من سوطكم‬ ‫ِّ َّ‬ ‫هذا<‪.‬‬ ‫الديوان‪ :‬وكان سبب اتخاذه كثرة تدفق األموال‪ ،‬فجمع عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫الصحابة واستشارهم‪ ،‬وأخذ بالرأي القائل باتخاذ السجل أو الدفتر لتدوين أسماء الجند‬ ‫أو المستحقين للعطاء وتم ترتيبهم بدءً بقرابة رسول اهلل !‪ ،‬ثم األقرب فاألقرب من‬ ‫رسول اهلل !‪ ،‬ثم السابقين في اإلسالم‪ ،‬ثم المبرزين في الجهاد‪.‬‬ ‫صالة الرتاويح‪ :‬لما تولى عمر بن الخطاب ‪ K‬الخالفة سن صالة التراويح في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جماعة‪ ،‬فعيَّن قارئا يصلي بالرجال‪ ،‬وقارئا يصلي بالنساء(‪)1‬؛ هذا التهافت من الناس‬ ‫على قراءة القرآن في ليالي شهر رمضان قال فيه علي بن أبي طالب ‪> :K‬نور اهلل على‬ ‫عمر قبره كما َّ‬ ‫نور مساجدنا< (‪.)2‬‬ ‫تكبرية اجلنائز‪ :‬كان التكبير على الجنائز في عهد رسول اهلل ! وأبي بكر الصديق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ K‬أربعا وخمسا وزاد البيهقي بإسناد حسن >ستا وسبعا<‪ .‬فجمع عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫الناس على أربع‪.‬‬ ‫القضاء‪ :‬وجه عمر بن الخطاب ‪ K‬أوامره إلى عماله أن يختاروا لمنصب القضاء‬ ‫الصالحين وأن ال يتدخلوا في قضائهم‪ .‬كما بين للقضاة ما يجب عليهم مراعاته في كتابه‬ ‫‪27‬‬ ‫إلى أبي موسى األشعري ‪> :K‬إن القضاء فريضة محكمة‪ ،‬وسنة متبعة …‪ ،‬الفهم الفهم‬ ‫ُ‬ ‫فيما أدلي إليك مما ورد عليك‪ ،‬مما ليس في قرآن وال سنة‪ ،‬ثم قايس األمور عند ذلك‪،‬‬ ‫واعرف األمثال ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى اهلل وأشبهها بالحق<‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫ض بما في كتاب اهلل‪ ،‬فإن لم يكن‬ ‫ق‬ ‫وروى َعن شريح القاضي أن عمر كتب إليه >أ ِ‬ ‫في كتاب اهلل فبسنة رسول اهلل ! ‪ .‬فإن لم يكن في كتاب اهلل‪ ،‬وال في ُ‬ ‫سنة رسول اهلل !‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ض بما قضى به الصالحون ‪ .‬فإن لم يكن في كتاب اهلل‪ ،‬وال في سنة رسول اهلل !‪،‬‬ ‫فاق‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ولم يقض به الصالحون‪ ،‬فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر ‪ .‬وال أرى التأخر إال خيرا لك‪،‬‬ ‫والسالم عليكم<‪ .‬ومن قضاته كريب بن سيف األنصاري على األردن‪.‬؛ وعبادة بن الصامت‬ ‫على فلسطين‪.‬؛ وقيس بن أبي العاص القرشي السهمي على مصر‪.‬‬ ‫املؤلفة قلوبهم‪ :‬قال تعالى‪﴿:‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ‬ ‫ﯘ ﯙ ﴾ [ التوبة‪ ] ٦٠ :‬في اآلية بيان لمصارف الزكاة وهم ثمانية أصناف‪،‬‬ ‫وأن المؤلفة قلوبهم هم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم وجمعها على اإلسالم‪ ،‬فرأى‬ ‫عمر‪ ،‬أن اهلل قد أعز اإلسالم وأنه ال ضرر يخشى من ارتدادهم عن اإلسالم فمنع عنهم‬ ‫العطاء كما أنه لم ينقل عن عثمان وعلي رضي اهلل عنهما أن أعطيا أحدا من هذا الصنف‬ ‫مما يدل على سقوط سهم المؤلفة قلوبهم‪.‬‬ ‫نكاح المتع ِة‪ :‬ـ هي النكاح المؤقت بوقت معلوم‪ ،‬أو مجهول سواء بلفظ المتعة‬ ‫ُْ‬ ‫بالمت َع ِة وكان ابن الزبير‬ ‫أو غيره ـ روى مسلم عن أبي نضرة قال‪> :‬كان ابن عباس يأمر‬ ‫َ‬ ‫ينهى عنها‪ .‬قال‪ :‬فذكرت ذلك لجابر بن عبداهلل فقال‪ :‬على ي َ َد َّ‬ ‫ي دار الحديث تمتعنا مع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫رسول اهلل !‪ ،‬فلما قام عمر قال‪ :‬إن اهلل كان ي ُ ِحل لرسوله ما شاء بما شاء وإن القرآن‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫قد نَ َزل َمناز َل ُ‬ ‫وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتي‬ ‫اهلل‬ ‫أمركم‬ ‫كما‬ ‫هلل‬ ‫والعمرة‬ ‫الحج‬ ‫فأتموا‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫برجل نكح امرأة إلى أجل إال رجمته بالحجارة< ‪ .‬وهذا يدل على أن عمر قطع األمر‬ ‫ٌَْ‬ ‫وبت فيه بأن حرم نكاح المتعة سواء أشهد أم ال (‪. )4‬‬ ‫‪28‬‬ ‫حتديد املهور‪ :‬حاول عمر بن الخطاب ‪ K‬أن يحدد المهور‪ ،‬فاعترضت عليه امرأة‬ ‫وقرنت معارضتها وأدلت بحجتها من قوله تعالى‪﴿:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﴾‬ ‫[ النساء‪ ] ٢٠ :‬فقال عمر مقولته‪> :‬امرأة أصابت‪ ،‬ورجل أخطأ<‪.‬‬ ‫َ َ َّ‬ ‫اهتمامه باألرامل من النساء‪ :‬وفي ذلك قوله‪> :‬لئن سلمني اهلل تعالى ألدعَن‬ ‫ً‬ ‫أرامل أهل العراق ال يحتجن إلى رجل بعدي أبدا<‪.‬‬ ‫أراض حكومية خصصت لرعي اإلبل والخيل التي تملكها الدولة‪،‬‬ ‫احلم‪ :‬وهي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فقد حمى عمر بن الخطاب ‪ K‬النقيع لخيل المسلمين وعين هنَ ّي مولى لعمر على‬ ‫والشر َ‬ ‫النقيع‪ ،‬وخصص ّ‬ ‫َ‬ ‫ف إلبل الصدقة‪.‬‬ ‫الربذة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫االسرتاحات‪ :‬وهي أراض ومبان أقيمت بين مكة والمدينة لهدف تقديم ما يحتاجه‬ ‫الحاج والمسافر وشرط عليهم عمر بن الخطاب ‪ K‬أن ابن السبيل له الماء والظل دون مقابل‪.‬‬ ‫خمس السلب‪ :‬كان في البداية من قتل قتيال من الكفار فله سلبه‪ ،‬ولكن مع‬ ‫َّ ْ‬ ‫السلب‪ .‬مثال ذلك‪ :‬البراء بن مالك ‪ K‬عندما‬ ‫انتشار حركة الفتح اإلسالمي غال ثمن هذا‬ ‫ً‬ ‫كان يجاهد في سبيل اهلل في بالد فارس فبارز قائدا من كبار قادتهم فقتله‪ ،‬وأخذ َّ‬ ‫سلبه‪،‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫سلب البراء‪.‬‬ ‫وقوم هذا السلب بآالف الدراهم‪ ،‬فكتب عمر إلى قائده بتخميس‬ ‫ُ‬ ‫نصيب عمر بن اخلطاب‪ :K‬له حلة في الشتاء وأخرى في الصيف وناقة لركوبه‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫وطعام كطعام رجل متوسط الحال من المسلمين ليس بأغناهم وال بأفقرهم‪.‬‬ ‫تقسيم الغنائم‪ :‬كتب عمر بن الخطاب ‪ K‬إلى عمار بن ياسر ‪ K‬أن يقسم‬ ‫الغنائم بين من شارك في المعركة‪.‬‬ ‫اجلن)‪ - :‬هي بلدة صغيرة تقع بين الرملة‬ ‫طاعون عمواس (عم وآىس‪ِ ،‬رماح ِ‬ ‫وبيت المقدس‪ .-‬بدأ منها الطاعون ‪ .‬ثم انتشر في معظم مدن الشام سنة ‪18‬هـ بإجماع‬ ‫ً‬ ‫من ابن إسحاق‪ ،‬وأبي معشر – وله أيضا سنة ‪16‬هـ‪ -‬والليث بن سعد‪ ،‬وأحمد بن‬ ‫ً‬ ‫حنبل‪ ،‬وابن سعد‪ ،‬وخليفة بن خياط – وله أيضا سنة ‪17‬هـ‪ ،-‬والبالذري‪ ،‬والطبري‬ ‫َ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪29‬‬ ‫وابن عبد البر‪ ،‬ومحمد بن حبيب‪ ،‬والنويري‪ ،‬والمقدسي‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وابن حجر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وخالفهم كل من سيف بن عمر‪ ،‬وأبي زرعة الدمشقي‪ ،‬وابن األثير – وله أيضا وقيل‬ ‫سنة ‪15‬هـ‪ .-‬سنة ‪17‬هـ‪.‬؛ والراجح ما أثبتناه‪ ،‬وكان عمر بن الخطاب ‪ K‬ومعه قادة‬ ‫فتح بالد الشام مجتمعين في سرغ‪ ،‬فلما أبلغ بوقوع الطاعون‪ ،‬استشار عمر المهاجرين‬ ‫األولين واألنصار‪ ،‬فاختلفوا ‪ .‬ثم جاء عبدالرحمن بن عوف ‪ K‬فقال‪ :‬أن رسول اهلل !‬ ‫قال‪( :‬إذا سمعتم به بأرض فال تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فال تخرجوا فرارا‬ ‫منه) فنادى في الناس أنه عائد إلى المدينة‪ ،‬فرجع‪ .‬واستشهد فيه ستة وعشرون ألفا ‪.‬‬ ‫وقيل خمسة وعشرون ألفا‪.‬‬ ‫عام الرمادة‪ :‬وفيه انعدم نزول المطر‪ ،‬فاسودت األرض‪ ،‬حتى القت ِّ‬ ‫الرعاء بعصيهم‬ ‫وهلكت الماشية وما بقى منها على قيد الحياة كانوا يذبحونها فال يجدون فيها إال الجلد‬ ‫والعظم‪ .‬وكذا جهد الناس حتى أن البعض منهم قد أسمر لونه مثل عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫ألكله الزيت والشعير‪ ،‬فاضطروا إلى حفر أنفاق في الصحراء الستخراج ما بداخلها‬ ‫من اليرابيع والجرذان‪ ،‬مما جعله يكتب إلى والته في الشام ومصر والعراق إلى إرسال‬ ‫المواد الغذائية‪ ،‬ثم خرج عمر بن الخطاب ‪ K‬ومعه العباس عم النبي ! لالستسقاء‪،‬‬ ‫فكشف اهلل الغمة والتي دامت حوالي تسعة أشهر‪ ،.‬وكان عام الرمادة في سنة ‪18‬هـ كما‬ ‫في تاريخ أبي الفدا‪ ،‬والمنتظم ‪.‬؛ وقيل سنة ‪17‬هـ كما عند محمد بن حبيب في المحبر‪.‬‬ ‫مدة شوق الزوجة لزوجها‪ :‬الحظ عمر بن الخطاب ‪ K‬ذات ليلة بينما كان يعس‬ ‫ً‬ ‫وإذا صوت امرأة مغلقة عليها بابها وهي تنشد أبياتا حنينا إلى حضن زوجها الغائب‪،‬‬ ‫فلما أصبح سأل عمر بن الخطاب ابنته حفصة رضي اهلل عنهما عن مدى قدرة المرأة‬ ‫على الصبر لزوجها‪ ،‬فأشارت بيدها ثالثة أو أربعة أو ستة أشهر ‪ .‬فكتب بأقفال زوجها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أرسل الكتب إلى قادته ووالته بأن ال يغيب أكثر من ستة أشهر عن أهله‪.‬‬ ‫إجالء اليهود والنصارى‪ :‬عن عمر بن الخطاب ‪ K‬أنه سمع رسول اهلل ! يقول‪:‬‬ ‫ُْ‬ ‫>ألخرجن اليهود والنَّصارى من َجزيرة العرب حتى ال ادع إال مسلما<‪.‬؛ وفي مسند‬ ‫ُ‬ ‫أحمد بن حنبل عن عمر بن الخطاب ‪ K‬قال‪> :‬لئن عشت إن شاء اهلل ألخرجن اليهود‬ ‫‪30‬‬ ‫والنَّصارى من َجزيرة العرب<‪. .‬؛ وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬كان آخر ما‬ ‫أوصى به رسول اهلل ! قوله >… أخرجوا المشركين من جزيرة العرب …<‪.‬؛ فأجلى‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ K‬يهود خيبر وفدك وتيماء ونصارى نجران‪.‬؛ وأعطاهــم قيمة ما‬ ‫كان لهم من التمر واألرض ـ بخالف يهود خيبر فإنه عاملهم على النصف‪ .‬مال ـ ماال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وورق وإبل وحبال وأقتاب ـ جمع قتب وهو رحل البعير ـ وسير اليهود إلى‬ ‫هـب‬ ‫ذ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫تيماء وأريحا ‪ .‬وقسم ثمرها وأرضها عمر بن الخطاب ‪ K‬على من كان قد شهد خيبر‬ ‫من أهل المدينة‪ .‬وسير النصارى إلى الكوفة‪.‬‬ ‫قسمةاألرايضاملفتوحة‪ :‬لما افتتح المسلمون األرضين في بالد العراق والشام ومصر‪.‬‬ ‫كان هنالك من الصحابة من طالب قسمتها على الفاتحين‪ ،‬فشاور عمر في أمرها الصحابة‬ ‫ً‬ ‫فقال علي بن أبي طالب ‪> K‬دعهم يكونوا مادة للمسلمين<‪ .‬وقال عمر بن الخطاب ‪:K‬‬ ‫>إذا قسمتها ‪ .‬فما لمن جاء بعدكم من المسلمين‪ ،‬فأخاف أن تفسدوا بينكم في المياه‪،‬‬ ‫وأخاف أن تقتتلوا<‪ .‬فأقر أهلها العاملين على أراضيهم‪ ،‬أن يؤدون عنها الخراج لهم‬ ‫ولمن يأتي بعدهم‪ ،‬وضرب الجزية (الضرائب) على رؤوسهم ومقدارها‪ :‬على الغني‬ ‫ثمانية وأربعين درهما‪ ،‬وعلى ذا الدخل المتوسط أربعة وعشرين درهما‪ ،‬وعلى الفقير‬ ‫اثني عشر درهما‪.‬‬ ‫إلغاء العادات اجلاهلية‪ :‬مثل ما كان في مصر من اختيار أجمل فتاة وإلقاؤها في‬ ‫النيل في كل عام ألن النهر ال يفيض إال بهذه العادة‪ ،‬فكتب عمرو إلى عمر‪ ،‬فأرسل‬ ‫إليه بكتاب طلب منه إلقاؤه في النيل بدال من الفتاة فلما ألقاها فاض النهر وجرى أعظم‬ ‫مما كان‪.‬‬ ‫الطالق‪ :‬في عهد الرسول ! وأبي بكر الصديق ‪ K‬وسنتين من خالفة عمر‬ ‫بن الخطاب ‪ K‬كان طالق الثالث تجعل واحدة‪ .‬فلما أكثر الناس في الطالق دون أناة‬ ‫ً‬ ‫ألزمهم عمر بن الخطاب ‪ K‬بإيقاع طالق الثالث بكلمة واحدة ثالثا‪.‬؛ وقد وافقه على‬ ‫ذلك أبي حنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪.‬‬ ‫‪31‬‬ ‫حد شارب اخلمر‪ :‬في بداية خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬كان حد شارب الخمر‬ ‫أربعين‪ .‬ولكن لما كثر إقبال الناس على شرب الخمر استشار عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫الصحابة في اتخاذ حد رادع‪ ،‬فأشار عليه عبدالرحمن ‪ K‬أن يضاعفها لتصبح ثمانين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فجلد عمر ثمانين ـ روى عن أنس بن مالك ‪ K‬أن النبي ! >أتي برجل قد شرب الخمر‬ ‫فجلده بجريدتين – الجريد‪ :‬سعف النخيل إذا جرد عنها خوصها (ورقها)‪ .-‬نحو أربعين‬ ‫قال وفعله أبو بكر …< ـ‪.‬‬ ‫غزو البحر‪َ [ :‬ر َّب َعات ]‪ -:‬مدينة بالحبشة – ذكر مصعب الزبيري والطبري وابن‬ ‫ماكوال‪ ،‬والبكري‪ ،‬وابن الجوزي‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬والذهبي‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬إرسال عمر بن‬ ‫الخطاب ‪ K‬حملة بحرية في سنة ‪20‬هـ‪640/‬م‪ ،‬قوامها (‪ )300‬رجل وقيل (‪)200‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫المدلجي وأختلف في مصيرها‬ ‫رجل حملتهم (‪ )4‬سفن بقيادة عَلقمة بن ُمج ِّرز (محرز)‬ ‫فقيل أنهم غرقوا جميعهم وقيل بلغوها وفيها استشهدوا كلهم‪ .‬وقيل أن أهل َربَّ َعات قد‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫سمموا المياه فنجا القائد في نفير‪ .‬وأيضا إرسال عثمان بن أبي العاص ‪ K‬حملتين‬ ‫إلى الهند‪ .‬هذه الحمالت رغب والة عمر في الزيادة منها فكتبوا إليه (والته)‪ ،‬فكتب‬ ‫إلى عمرو بن العاص يسأله عن ركوب البحر‪ ،‬فأجابه (عمرو) >أن البحر خلق عظيم‬ ‫يركبه خلق ضعيف‪ُ ،‬د ُّ‬ ‫ود على عُود بين فرق وبرق< وأضاف صاحب كتاب جمل من‬ ‫أنساب األشراف >… فإن انكسر العود هلك الدود<‪ .‬فخشي عمر أن يسأله اهلل عن هؤالء‬ ‫َ َّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬فمنع والته من الغزو بقوله‪ :‬إني ال أحمل المسلمين على أعواد نجرها‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫الجلفاظ‪ :‬هو الذي يَشد ألواح السفن ويصلحها‪ ،.-‬يحملهم‬ ‫‬‫فاظ‬ ‫ل‬ ‫الج‬ ‫وجلفظها‬ ‫ار‬ ‫ج‬ ‫الن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫عدوهم إلى ِعد ِّوهم<‪ .‬وقال عمر بن الخطاب ‪ - K‬أيضا‪> :‬ال يسألني اهلل عن ركوب‬ ‫ً ً‬ ‫المسلمين بحرا أبدا<‪.‬‬ ‫•كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يأمر قادته ووالته بعدم اصطحاب اجملاهد لزوجته‬ ‫وأبنائه عند مشاركته في نشر اإلسالم ‪.‬‬ ‫•في أيام عمر ‪ K‬كان قد كتب إلى قادة جيوشه إنهم ال يؤمرون من شارك‬ ‫مرتدا في الردة‪ .‬وإن كان لهم الحق في الرأي والمشورة‪.‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ً‬ ‫الوالة على البلدان‪ :‬أن عمر بن الخطاب ‪ K‬كان إذا عين واليا على مدينة أو‬ ‫بلد اشترط عليه أن يكتب أمواله‪ .‬فإذا وجدها زادت عمد إلى المشاطر لكل من أبي‬ ‫هريرة‪ -‬الوالي على البحرين‪ -‬ومعاذ بن جبل – عامله على جند اليمن ‪ .-‬وسعد بن أبي‬ ‫وقاص – الوالي على الكوفة‪ .-‬وخالد بن الوليد – أحد قادة جيوش نشر اإلسالم في‬ ‫بالد الشام‪ .‬وعمرو بن العاص‪ -‬الوالي على مصر‪ -‬لسبب أنها تنامت في أثناء الوالية‬ ‫ً‬ ‫ووضعت في بيت المال‪ .‬واشترط عليهم – أيضا – عدم ضرب أبناء المدينة أو البلد في‬ ‫غير حد‪ ،‬وأن عليهم عدم إرهاق أبناء البلد بالمطالبات المالية الباهظة‪ .‬وألزمهم بعدم‬ ‫ً‬ ‫اتخاذ باب لدار اإلمارة ليسهل لكل ذي حجة الولوج إليه‪ ،‬واشترط عليهم ‪ -‬أيضا –‬ ‫ً‬ ‫قسمة الفيء بين أبناء المدينة أو البلد؛ وأيضا عدم تسييرهم للغزو لمدة طويلة‪ .‬وأن أي‬ ‫إخالل لهذه الشروط معناه المحاسبة لهذا الوالي وكيفيتها تختلف بحسب نوعها‪ :‬فعندما‬ ‫اتخذ سعد بن أبي وقاص بابا لدار اإلمارة سير إليه محمد بن مسلمة األنصاري – مهمته‬ ‫اقتصاص آثار من شكي – فحرق الباب ثم قفل راجعا إلى المدينة دون أن يقابل سعد‬ ‫بن أبي وقاص‪ .‬أما عندما تتعلق بالرعية فإن عمر بن الخطاب ‪ K‬كان يستدعي والته‬ ‫إلى المدينة ليحقق بنفسه في الشكوى‪ ،‬فعندما جاء إلى المدينة في الموسم رجل مصري‬ ‫شكى الوالي عمرو بن العاص أنه ضربه مائة سوط دونما حد‪ ،‬فطلب عمر بن الخطاب‬ ‫‪ K‬من الرجل ليقتص من الوالي بضربه كما ضربه ولكن عمرو افتدى من الرجل نفسه‬ ‫بمائتي دينار‪.‬؛ أما مهمة الوالة في الرعية فهي أوال‪ :‬تعليمهم كتاب اهلل وسنة نبيه ! ‪.‬؛‬ ‫ً‬ ‫وثانيا‪ :‬قسمة الفيء – في سورة الحشر آية (‪ )7‬بيان ألوجه الصرف_‪ .‬في أوجه التكافل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫االجتماعي‪.‬؛ وثالثا‪ :‬عدم ضرب الرعية في غير حد‪ .‬ورابعا‪ :‬عدم أخذهم لألموال‬ ‫ً‬ ‫بغير حق‪ .‬وخامسا‪ :‬عدم تسييرهم للغزو في مدد طويلة‪ .‬وأن أي إخالل لهذه المهام‬ ‫معناه المحاسبة حيث بإمكان الرعية التظلم عند الخليفة عمر بن الخطاب ‪ K‬وبالتالي‬ ‫نال العقوبة‪ ..‬وكان عبدالرحمن بن عبد القاري‪ ،‬وعبد اهلل بن األرقم على بيت مال‬ ‫المسلمين ومن وصاياه ألمرائه‪> :‬أال تضربوا المسلمين فتذلوهم‪ ،‬وال تمنعوهم حقوقهم‬ ‫ً ُْ‬ ‫>مذكم‬ ‫فتكفروهم‪ ،‬وال تجمروا بهم فتفتنوهم‪ ،‬وال تنزلوهم الغياض فتضيعوهم<‪ .‬وأيضا‬ ‫ً‬ ‫تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا<‪.‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ومن أولويات عمر‪ :‬أول من عاقب على الهجاء‪ .‬مثال ذلك الحطيئة ـ هو جرول‬ ‫بن أوس ـ الشاعر الذي هجا الزبرقان ابن بدر‪ ،‬فحبس ثم اشترى منه عمر أعرض‬ ‫المسلمين بمبلغ من المال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•أول من اتخذ للسجن دارا‪ .‬فقد اشترى من صفوان بن أمية دارا بمكة وجعله‬ ‫مكانا لسجن المذنبين‪..‬‬ ‫•أول من أعال الفرائض ‪.‬؛ وأول من قال أطال اهلل بقاءك لعلي بن أبي طالب‬ ‫‪ ،K‬وأول من قال أيدك اهلل‪ :‬قالها لعلي بن أبي طالب ‪.K‬‬ ‫•أول من احتبس صدقة في اإلسالم‪.‬‬ ‫•أول من أخذ زكاة الخيل‪.‬‬ ‫•تجديد أنصاب الحرم المكي ونفذ المهمة ُحوطب بن عبد ُ‬ ‫العزى القرشي‪.‬‬ ‫•كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يصرف لكل نفس منفوسة من أهل الفيء في‬ ‫رمضان درهما في كل يوم‪.‬‬ ‫•كان عمر بن الخطاب ‪ K‬قد فرض ألزواج النبي ! درهمين درهمين في‬ ‫رمضان كل يوم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يحبس المهاجرين من قريش بالمدينة وذلك خوفا‬ ‫من انتشارهم في البلدان حتى إن الرجل ليستأذنه في الخروج للجهاد ‪ .‬فيقول‬ ‫له‪> :‬قد كان في غزوك مع رسول ! ما يبلغك<‪ ،‬فلما ولي عثمان سمح لهم‬ ‫بالخروج‪ ،‬فالتف إليهم الناس‪.‬‬ ‫•أن عمر بن الخطاب ‪ K‬كان يطوف في األسواق ويقرأ القرآن‪ ،‬ويقضي بين‬ ‫الناس حيث أدركه الخصوم‪.‬‬ ‫استشهاد عمر بن اخلطاب ‪ :K‬بينما كان عمر بن الخطاب ‪ K‬يؤم المسلمين‬ ‫في صالة الفجر ليلة األربعاء ألربع بقين من ذي الحجة سنة ‪23‬هـ فما هو إال أن كبَّر حتى‬ ‫خرج من بين الصفوف فيروز أبو لؤلؤة اجملوسي غالم المغيرة بن شعبة وطعنه بخنجر‬ ‫‪34‬‬ ‫(سكين) له رأسان ثالث طعنات إحداهن تحت سرته‪ ،‬وفي أثناء فراره طعن ثالثة عشر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رجال‪ ،‬فمات منهم سبعة وأصيب ستة‪ ،‬فألقى عليه رجال ممن كان بالمسجد بُ ْرنسا‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫فلما أيقن العلج أنه مأسور نح َر نفسه‪ .‬وأخذ عمر بن الخطاب ‪ K‬يد عبدالرحمن بن‬ ‫عوف ‪ ،K‬فقدمه‪ ،‬فصلى بهم بأقصر سورتين وأسند عمر بن الخطاب ‪ K‬إلى منـزله‬ ‫ُ‬ ‫فأوتي فشربه فخرج من جرحه‪ ،‬فأيقن أنه ميت‪ .‬حينئذ أرسل عمر بن الخطاب ‪ K‬ابنه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عبداهلل إلى عائشة رضي اهلل عنها يستأذنها في أن يدفن مع صاحبيه فقالت‪> :‬كنت أريده‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫لنفسي فألوثرن ُه اليوم على نفسي< (‪ .)5‬وذلك ألنها كانت في السابق ترفض ألي أحد من‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الصحابة بقولها‪> :‬واهلل ال أثرهم بأحد أبدا<‪ .‬هذه الموافقة كان لها ارتياح مشبوب بحذر‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ ُ ْ‬ ‫ألنها قد تكون مرتبطة بكونه خليفة لذا قال البنه‪> :‬فإذا ق ِبضت فاح ِملوني ثم َسلموا ثم‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫آذنت لي فادفنوني وإال ف ُر ُّدوني إلى مقابر المسلمين‪ .‬ثم‬ ‫فإن‬ ‫الخطاب‬ ‫بن‬ ‫عمر‬ ‫ن‬ ‫قل يستأ ِذ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ َ َ ِّ َّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫طلب منه أن يعين من يخلفه في أمور المسلمين فقال‪ :‬ال أتحمل أمركم حيا وميتا لو ِددت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أن َح ّظي منها الكفاف ال عَ َّ‬ ‫لي وال لي<‪ .‬ثم قال‪> :‬إني ال أعلم أحدا أح َّق بهذا األمر‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫راض فمن استخلفوا بَ ْعدي فهو‬ ‫عنهم‬ ‫وهو‬ ‫!‬ ‫اهلل‬ ‫رسول‬ ‫ي‬ ‫وف‬ ‫ت‬ ‫الذين‬ ‫فر‬ ‫من هؤالء الن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وطلحة ُّ‬ ‫والزبير وعبدالرحمن بن عوف‬ ‫الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا ف َس ّمى عُثمان َوعليا‬ ‫َ‬ ‫وسعد بن أبي وقاص<‪.‬؛ وعاش عمر بن الخطاب ‪ K‬بعد أصابته ثالث ليال‪ ،‬ودفن يوم‬ ‫وصلى عليه ُ‬ ‫األحد األول من المحرم سنة ‪24‬هـ‪ُ ،‬‬ ‫صهيب الرومي في المسجد النبوي‬ ‫ُ‬ ‫ود ِفن في حجرة عائشة بجانب النبي ! وأبي بكر الصديق ‪ ،K‬وكانت خالفته عشر‬ ‫سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين ليلة‪.‬‬ ‫خالفة عثمان بن عفان ‪23( K‬هـ‪643/‬م – ‪35‬هـ‪655/‬م)‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اسمه وكنيت�ه ولقبه‪ :‬هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بن عبد مناف بن قصي القرشي األموي‪.‬؛ يكنى أبا عبداهلل وأبا ليلى وأبا عمرو واألخيرة‬ ‫أشهر‪ ،‬وأن لقبه ذو النُّ َ‬ ‫وريْن‪.‬‬ ‫‪35‬‬ ‫إسالمه‪ :‬كان عثمان بن عفان ‪ K‬أحد السابقين األوليين في اإلسالم وبجهود أبي‬ ‫بكر الصديق ‪ K‬الذي كان يعرض اإلسالم خفية وسرية على من يثق فيهم‪ ،‬وهو ممن‬ ‫هاجر الهجرة األولى إلى الحبشة وبرفقته زوجته رقية ابنة رسول اهلل ! ‪.‬‬ ‫انتخاب عثمان بن عفان ‪ :K‬أن أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب‬ ‫‪ K‬إجتمعوا بعد دفنه في بيت أبي طلحة األنصاري ‪ K‬وبحراسة خمسين من األنصار‪،‬‬ ‫فلما اجتمع الستة‪ ،‬تنازل كل من الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد اهلل وسعد بن أبي وقاص ‪J‬‬ ‫عن الخالفة‪ ،‬وانحصرت في علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف ‪J‬‬ ‫ُ‬ ‫واألخير عرض االقتراح التالي بقوله‪> :‬لست بالذي أنافسكم على هذا األمر ولكن إن‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫شئتم اخترت لكم منكم< ـ وجاء أن عبدالرحمن قال لهم‪> :‬أيكم ي َ ْب َرأ من األمر ويجعل‬ ‫َ‬ ‫ّ َُ‬ ‫األمر ّ‬ ‫إلي‪ ،‬ولكم اهلل عَل َّي أال ال َوكم عن أفضلكم وخيركم للمسلمين<‪ .‬ـ فقبلوا اقتراحه‪.‬؛‬ ‫وبدأ عبدالرحمن بن عوف ‪ K‬في مشاورة كبار الصحابة وأهل الحل والعقد في الليالي‬ ‫المحدودة من قبل عمر بن الخطاب ‪ K‬ولغاية آخرها‪ ،‬حيث غادروها إلى المسجد‬ ‫النبوي‪ ،‬فبعد أن صلى بهم صهيب الرومي صالة الصبح تشهد عبدالرحمن ابن عوف ‪K‬‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ ُ‬ ‫والقدم في اإلسالم ما قد‬ ‫ثم دعا علي بن أبي طالب ‪ K‬وقال له‪ :‬ق‬ ‫رابة من رسول اهلل ! ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ُ َ َّ‬ ‫تعد َل ْن ولئ ْن أ َّم ْر ُ‬ ‫مرتُك َل ْ‬ ‫ت فَاهللُ عليك َلئ ْن أ َ ْ‬ ‫طيعن‪ .‬ثم دعا عثمان‬ ‫ت عُثمان لتسمعن ولت‬ ‫علم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن عفان ‪ K‬واسمعه مثل ما قال لعلي‪ .‬فلمـا توثق منهما‪ .‬قال لعلي بن أبي طالب‪> :‬إني قد‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َّ‬ ‫نظرت في أمر الناس فلم َأرهم ي َ ْع ِدلون بعثمان فال تج َعلن على نفسك سبيال<‪ .‬قال لعثمان‪:‬‬ ‫َ ََ‬ ‫>أُباي ُع َك على ُ‬ ‫سن َّ‬ ‫ين من بَ ْع ِدهِ< ـ وجاء أنه دعا علي بن أبي طالب ‪K‬‬ ‫ت‬ ‫ليف‬ ‫والخ‬ ‫ورسوله‬ ‫اهلل‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقال له‪> :‬أبايعك على كتاب اهلل وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر< فقال علي ابن أبي‬ ‫طالب ‪ :K‬فيما استطعت ‪ .‬ثم دعا عثمان بن عفان ‪ K‬فقال مثل ذلك‪ ،‬فكانت إجابة‬ ‫عثمان ‪ .‬نعم‪ .‬ـ فأعلن أنه الخليفة الثالث من خلفاء الراشدين وبالتالي بايعه من كان‬ ‫بالمسجد من أهل الحل والعقد من المهاجرين واألنصار والعامة ‪ .‬ثم صعد عثمان بن‬ ‫عفان ‪ K‬المنبر ليستهل اليوم األول لخالفته والموافق غرة المحرم سنة ‪24‬هـ‪644/‬م‬ ‫ُ‬ ‫بخطبته في اجملتمعين مبينا لهم سياسته في إدارة الدولة بقوله‪> :‬إني قد ح ِّم ِلت وقد قبلت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإن لكم ّ‬ ‫علي بعد كتاب اهلل عز وجل وسنة نبيه !‬ ‫أال وإني متبع ولست بمبتدع‪ ،‬أال‬ ‫‪36‬‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ثالثا‪ :‬اتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه وسننتم‪ ،‬وسن سنة أهل الخير فيما لم تسنوا‬ ‫عن مإل‪ ،‬والكف عنكم إال فيما استوجبتم …<‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬أوصى عمر بن الخطاب في أثناء إصابته – وعندما عين أصحاب‬ ‫ُ‬ ‫الشورى‪ -‬الخليفة المنتخب بعده أن يستمر والته على األمصار لمدة عام ثم له الرأي فيهم‪.‬‬ ‫قضية عبي�د هللا بن عمر بن اخلطاب ‪ :K‬لما سمع عبيد اهلل بن عمر بن‬ ‫الخطاب رضي اهلل عنهما من عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق رضي اهلل عنهما من أنه‬ ‫ُ َ‬ ‫صـادف أن مر ليال على كل من أبي لؤلؤة اجملوسي وجف ْينة ـ أنه كان يدين بالنصرانية‬ ‫وأنه عمل كمدرس للصبيان بالمدينة للقراءة والكتابة ـ ُ‬ ‫واله ْر ُمزان‪ ،‬فارتبكوا فسقط منهم‬ ‫ُ‬ ‫خنجر (سكين) ذو حرفين‪ ،‬وهو نفسه الذي طعن به عمر بن الخطاب ‪ ،K‬فلم يتمالك‬ ‫ُ َ‬ ‫نفسه وتملكه الغضب‪ ،‬فقصد منزل أبو لؤلؤة اجملوسي فقتل ابنته ثم سار إلى جف ْينة‬ ‫ُ‬ ‫واله ْر ُمزان فقتلهما‪ .‬فقبض عليه وأودع السجن انتظارا للخليفة المنتخب فلما انتُخ َ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫عثمان بن عفان ‪ K‬قال له عمرو بن العاص ‪ :K‬إنماكان هذا الحدث وال ُ‬ ‫سلطان‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫لك‪ .‬قال عثمان‪ :‬أنا وليهم‪ ،‬وقد جعلتها ِدية‪ ،‬واحتملتها في مالي< (‪ .)6‬ودفع عثمان ِدية‬ ‫ُ‬ ‫الرجالن والجارية‪ .‬وأطلق سراحه ‪ .‬ـ ذكر الطبري أن عثمان سلم عبيد اهلل بن عمر بن‬ ‫الخطاب رضي اهلل عنهما إلى القماذبان ابن الهرمزان ليقتص منه – وهو غير مصدق ألنه‬ ‫قال‪ :‬ألي قتله‪ .‬فأجابوه بنعم ‪ .-‬فعفا عنه هلل وألجل الجموع المسلمة المطالبة بالعفو ـ (‪.)7‬‬ ‫توسعه املسجد احلرام واملسجد النبوي‪ :‬قام عثمان بن عفان ‪ K‬بإصدار أمره‬ ‫إلى والي مكة بهدم الدور المالصقة للمسجد الحرام ودفع تقدير أثمانها ألهلها إلدخالها‬ ‫لصالح زيادة مساحة المسجد الحرام‪ ،‬وكذا عمد إلى هدم الدور اجملاورة للمسجد‬ ‫ً‬ ‫النبوي‪ ،‬وبنى جدرانه بالحجارة المنقوشة‪ ،‬وكذا عُمده من الحجارة المنقوشة أيضا‬ ‫والمحشوة بالرصاص‪ ،‬وجعل السقف بالساج هذه التوسعة جعلت طول المسجد ‪160‬‬ ‫ذراع وعرضه ‪ 150‬ذراع أي أنها حوالي ‪496‬مترا ولم يزد في األبواب فهي كما كانت‬ ‫في توسعة عمر ستة‪ ،‬حفر نهر األبلة واألساورة بالبصرة‪.‬‬ ‫‪37‬‬ ‫النداء الثالث يوم اجلمعة‪ :‬لما توسع الناس في بناء الدور وازداد عددهم زاد‬ ‫َّ ْ‬ ‫الزورا ِء ـ هو موضع من سوق المدينة المنورة ـ في يوم‬ ‫عثمان األذان (النداء) على‬ ‫الجمعة عند دخول الوقت – هو األذان األول قبل الخطبة‪.-‬‬ ‫أبو ذر الغفاري ‪ :K‬كان بالشام فاختلف مع معاوية بن أبي سفيان ‪ K‬في إنفاق‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫األموال وأيضا كان >فيه ِشدة على األمراء وإغالظ لهم<‪ .‬مما دفعه إلى الكتابة في أمره‬ ‫إلى الخليفة عثمان‪ .‬الذي استدعاه إلى المدينة‪ ،‬فلما مثل بين يديه استأذنه ـ وقيل أمره‬ ‫َّ َ‬ ‫عثمان أن يغادر المدينة إلى َّ‬ ‫الربَذ ِة ليقضي فيها بقية حياته‪ ،‬فأذن‬ ‫الربذة ـ في أن يسير إلى‬ ‫له وزوده بعشرين وقيل ثالثين من اإلبل وعبدين لخدمته‪،‬وأوصاه أن يأتي المدينة بين‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فترة وأخرى‪ ،‬فنفذ له ما أوصاه‪ .‬ونهاه عثمان عن الفتيا‪.‬‬ ‫َّ َ ّ‬ ‫َّ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫الصدق ِة وذلك ألن منفعة ذلك ستعود على عامة‬ ‫الربَذة إلبل‬ ‫•ح َمى عُثمان‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫سقوط خاتم رســـول هللا!‪ :‬روى عن ابن عمر ‪ K‬أن رسول اهلل ! لبس‬ ‫خاتما من ورق نقشه محمد رسول اهلل‪ .‬وبعد وفاته لبسه خلفائه أبو بكر الصديق وعمر‬ ‫َ‬ ‫بن الخطاب وعثمان بن عفان ‪ J‬ولغاية وقوعه من األخير في بئر أريس(‪ )8‬ـ وأريس‬ ‫(الخاتم) تقع في غربي مسجد قباء ـ (الخاتم)؛ فأمر عثمان بنـزح الماء للبحث عنه ولكن‬ ‫دون جدوى‪ ،‬وعمد إلى اتخاذ خاتما بديال عنه (‪.)9‬‬ ‫حد ّ‬ ‫وىل الكوفة‪ :‬في سنة ‪25‬هـ ّ‬ ‫ولى عثمان بن عفان ‪ K‬الوليد بن عُقبة على‬ ‫الكوفة واستمر فيها إلى أن شهد عليه بأنه قد شرب الخمر ـ وروى مسلم أنه‪> :‬قد َ‬ ‫صلى‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫الص ْبح َركعتين ‪ .‬ثم قال‪ :‬أزيدكم< ـ وأنه تقيأها‪ ،‬فاستدعاه إلى المدينة‪ ،‬وأمر عليَّا ـ‬ ‫ُّ‬ ‫وفي رواية مسلم‪ :‬عبداهلل بن جعفر بن أبي طالب هو الذي جلده وعلي ي َ ُعد ـ أن يجلده‬ ‫َ‬ ‫الحد‪ ،‬فجلده أ ْربَعين جلدة‬ ‫•كان عثمان بن عفان ‪ K‬قد زاد الناس في أعطياتهم مائة‪.‬‬ ‫•كان عثمان بن عفان ‪ K‬قد أمر في شهر رمضان بتقديم األطعمة لمن يتخلف‬ ‫في المسجد وابن السبيل والفقراء‪.‬‬ ‫‪38‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫•كان على شرطة عثمان ‪ K‬قنفذ بن عُمير‪.‬‬ ‫هالك كسرى‪ :‬وقع هالكه في خالفة عثمان بن عفان ‪ K‬وفي مدينة مرو الروذ‬ ‫التي حط فيها يزدجرد بن شهريار بن كسرى آخر ملوك الفرس رحال التنقل من مدينة‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫صح‬ ‫إلى أخرى هربا من قادة نشر اإلسالم حتى استقر به الترحال في مدينة مرو الروذ فن ِ‬ ‫بتسليم نفسه للمسلمين‪ ،‬فرفض ثم غادرها ليال لطلب المساعدة من ملك الترك‪ -‬يسكن‬ ‫في آسيا الصغرى‪ -‬فمر على طحان ليال فقتله‪ .‬فبه انتهى حكم ملوك الفرس‪.‬‬ ‫استشهاد عثمان بن عفان ‪ :K‬لقد انقشع ضباب حقيقة مثيري الفوضى وانبلج‬ ‫صبح الحقيقة عن الدور الجرثومي الفعال فيمن بث الدعايات المغرضة وألب األحزاب‬ ‫على عثمان بن عفان ‪ K‬ووالته أال وهو عبداهلل بن سبأ (ابن السوداء) ـ هو يهودي أظهر‬ ‫ً‬ ‫اإلسالم ليكيد له ـ الذي بث سمومه بادئا ذي بدء من الحجاز ومتنقال وناشرا ألفكاره‬ ‫وضالالته في البصرة ثم في الكوفة ثم في الشام ثم في مصر‪.‬؛ وبذل الخليفة جهده في‬ ‫ُ‬ ‫معرفة مدى مصداقية ما أشيع عن والته‪ ،‬فسير كل من محمد بن مسلمة األنصاري ‪K‬‬ ‫إلى الكوفة‪ ،‬وأسامة بن زيد بن حارثة رضي اهلل عنهما إلى البصرة وعمار بن ياسر ‪K‬‬ ‫إلى مصر وعبداهلل بن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنهما إلى الشام‪ ،‬فعادوا جميعهم بالثناء‬ ‫على الوالة ماعدا عمار بن ياسر ‪ K‬الذي مال إلى الثوار مما أدى إلى استدعائه من‬ ‫قبل الخليفة إلى المدينة‪.‬؛ هذا االستقصاء لألمصار من قبل الخليفة أحبط شر مثير الفتنة‬ ‫والضالل على والتهم‪ ،‬فعمدوا إلى شيطانهم في إعادة النظر في غل أعظم حيث قسموا‬ ‫َ‬ ‫أنفسهم إلى فرق‪ ،‬ومن ثم قصدوا المدينة للطعن في الخليفة‪ ،‬فاستقبلهم وسمع منهم‬ ‫وأصغوا إليه‪ ،‬فلما تبين لهم الحقيقة وإجابة لمطالبهم اقتنعوا‪ ،‬ثم قفلوا إلى مدنهم‪.‬؛‬ ‫هذه النهاية الحميدة لم تكن لترضي المتشبعين بالفكر الضال فسولت لهم أنفسهم إلى‬ ‫مكر؛ ـ وهو يتمثل في إرسال راكبين أحدهما هدفه لفت نظر ثوار مصر‪ ،‬للقبض عليه‬ ‫وتفتيشه‪ ،‬فعثروا على كتاب فيه أمر بقتلهم وقيل بالقبض عليهم وسجنهم‪ .‬والثاني في‬ ‫نفس الوقت هدفه إعالم ثوار الكوفة والبصرة بالقبض على حامل كتاب لثوار مصر ـ‬ ‫فعاد مثيري الفتنة إلى المدينة في وقت واحد بالرغم من سلوكهم لمسلكين مختلفين‬ ‫‪39‬‬ ‫فالمصريون رجعوا من الغرب والعراقيون رجعوا من الشرق‪ .‬فكيف لم شمل العودة معا‬ ‫كال من ثوار الكوفة والبصرة مع ثوار مصر ؟ استفهام لم يجد له علي بن أبي طالب ‪K‬‬ ‫إجابة عند ما قال لوفد الكوفة والبصرة‪> :‬كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما‬ ‫لقي أهل مصر؛ وقد سرتم مراحل؛ ثم طويتم نحونا ؟ …<‪ .‬ثم أردف حديثه بقوله إن‬ ‫اليد اآلثمة التي خطت الكتب هي بالمدينة ـ وجاء في تدريب الراوي أن عثمان هو الذي‬ ‫كتب الكتاب إلى أمير مصر بقوله‪> :‬إذا جاءكم فاقبلوه‪ ،‬فصحفوها‪ :‬فاقتلوه‪ ،‬فجرى ما‬ ‫جرى< ـ وهي التي سعت إلى عودتهم وبالتالي المطالبة بخلع الخليفة‪ .‬فهل يركن إلى‬ ‫مطلبها وعند عثمان بن عفان ‪ K‬نور من هدي النبوة ! بقوله‪> :‬يا عثمان إن اهلل عز‬ ‫ً‬ ‫وجل عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فال تخلعه حتى تلقاني يا‬ ‫ً‬ ‫عثمان‪ ،‬إن اهلل عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فال تخلعه حتى‬ ‫ً‬ ‫تلقاني ثالثا …<‪ .‬هذا الحض على التضحية جعلت عثمان بن عفان ‪ K‬يقسم على‬ ‫من كان في الدار أن يكف يده وأن يغادر إلى منـزله ثم أمر بباب الدار ففتح‪ ،‬ودعا‬ ‫بالمصحف‪ ،‬فدخلوا عليه – وقيل تسوروا داره وقيل من الدور اجملاور تسوروا إلى‬ ‫داره‪ -‬وهو صائم يقرأ في المصحف فقتلوه في صبيحة يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة‬ ‫مضت من ذي الحجة سنة ‪35‬هـ‪ ،‬ودفن في كوكب حش‪ .‬وكان حصر عثمان في الدار‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لمدة ‪22‬ليلة وقيل ‪ 40‬يوما وقيل ‪49‬يوما وقيل شهرين وعشرين يوما‪.‬‬ ‫خالفة علي بن أبي طالب ‪35( K‬هـ‪655/‬م‪660/40 -‬م)‬ ‫اسمه وكنيت�ه ولقبه‪ :‬هو علي بن أبي طالب – واسم أبي طالب عبد منَاف –‬ ‫بن عبد المطلب‪ -‬واسمه شيبة – بن هاشم – واسمه عمرو – بن عبد منَاف – واسمه‬ ‫ُ‬ ‫المغيرة – بن قصي القرشي الهاشمي‪ .‬وروى أنه أول من أسلم من الغلمان‪ ،‬وشهد جميع‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الغزوات ما عدا غزوة تبوك‪ ،‬وكان يكنى أبا الحسن وأبا تراب أيضا وأبا القسم ‪.‬‬ ‫بيعة علي بن أيب طالب ‪ :K‬لقد أخرج أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة‬ ‫ً‬ ‫بسند صحيح أن عليا ‪ K‬حينما أتاه من يخبره بأن عثمان ‪ K‬وكان قد سبقه الثوار إلى‬ ‫‪40‬‬ ‫الدار وقتلوا عثمان ‪ K‬فتألم لهذا السفك لدم الخليفة في عاصمة الخالفة ـ وقد جاء‬ ‫في المستدرك قول علي‪> :‬ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان وأنكرت نفسي< ـ فبادر إلى‬ ‫العودة إلى منـزله‪ ،‬وأغلق عليه الباب‪ ،‬فهرع إليه الصحابة من المهاجرين واألنصار من‬ ‫أصحاب رسول ! المتواجدين بالمدينة ومعهم جمهور الناس‪ ،‬فطرقوا عليه باب داره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فدخلوا عليه‪ ،‬وبايعوه ألنه ال بد للناس من خليفة وأنه لم يبق أحد أحق بها منه‪ ،‬فقال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علي بن أبي طالب ‪ :K‬التمسوا غيري فإنني أفضل أن أكون وزيرا بدال من خليفة ـ‬ ‫ً‬ ‫في الثقات البن حبان‪ :‬أن عليا قال لهم‪ :‬أن هذا ليس إليكم‪ ،‬وإنما هو لمن حضر غزوة‬ ‫بدر الكبرى‪ ،‬فمن اختاروه ورضوه فهو الخليفة‪ ،‬فجاء إليه جميع من حضر غزوة بدر‬ ‫الكبرى‪ ،‬فطلب منهم البيعة في المسجد‪ .‬فخرج وخرجوا فبايعوه في المسجد ثم بايعه‬ ‫الناس ـ فقالوا‪ :‬ال‪ ،‬ننشدك اهلل فإننا ال نرى من هو أحق بها منك‪ ،‬فلما أصروا على‬ ‫البيعة‪ ،‬طلب أن تكون (البيعة) على مأل من الناس بالمسجد‪ ،‬فخرج إلى المسجد النبوي‬ ‫فبايعه المهاجرون واألنصار ـ جاء في تاريخ الرسل والملوك‪ :‬أنه تخلف عن بيعته سبعة‬ ‫منهم سعد بن أبي وقاص‪ ،‬وصهيب الرومي‪ ،‬ومحمد بن مسلمة األنصاري‪ ،‬وأسامة بن‬ ‫زيد بن حارثة‪ ،‬وعبداهلل بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت األنصاري‪ ،‬وسلمة بن وقش‬ ‫رضي اهلل عنهم‪ ،‬الطبري‪431 :4 ،‬؛ والراجح أن الجميع بايع كما جاء في الطبقات‬ ‫الكبرى‪ :‬وقد بايعه طلحة بن عبيد اهلل‪ ،‬والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص‪ ،‬وزيد بن‬ ‫أبي ثابت‪ ،‬ومحمد بن مسلمة‪ ،‬وأسامة بن زيد‪ ،‬وسهل بن حنيف ـ ثم جمهور الناس في‬ ‫شهر ذي الحجة سنة ‪35‬هـ‪655/‬م‪ .‬فلما انتهى الناس من بيعته ارتقى منبر رسول اهلل !‬ ‫وخطب في الجموع الحاضرة بالمسجد النبوي بعد حمد اهلل والثناء عليه‪> :‬إن اهلل عز‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجل أنزل كتابا هاديا بيَّن فيه الخير والشر‪ ،‬فخذوا بالخير ودعوا الشر ‪ .‬الفرائض أدوها‬ ‫إلى اهلل سبحانه يؤدكم إلى الجنة … والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده إال بالحق‪،‬‬ ‫ال يحل أذى المسلم إال بما يجب… اتقوا اهلل في عباده وبالده‪ ،‬إنكم مسئولون حتى عن‬ ‫البقاع والبهائم‪ ،‬أطيعوا اهلل عز وجل وال تعصوه‪ ،‬وإذا رأيتم الخير فخذوا به وإذا رأيتم‬ ‫الشر فدعوه<‪.‬‬ ‫‪41‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬اتخاذ الكوفة عاصمة لخالفته لتصبح العاصمة الثانية لعصر الراشدين‬ ‫بعد المدينة‪ .‬وذلك حين قدم إليها بعد معركة الجمل‪.‬‬ ‫بيت المال‪ :‬كان له بيت مال بالكوفة‪ ،‬وكان يعطي ما فيه حتى ال يبقى فيه مال‬ ‫ثم يصلي فيه لرغبة أن يشهد له أنه لم يحبس فيه المال عن المستحقين من المسلمين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الطواف يف األسواق‪ :‬كان يطوف باألسواق ومعه ِد ّرة كل يوم تقريبا إال أن يغلبه‬ ‫شغل‪ ،‬كما كان يوصي البائعين بتقوى اهلل وتمام الكيل والميزان وعدم النفخ في اللحم‪.‬‬ ‫معركة اجلمل‪ :‬هي معركة وقعت بالبصرة سنة ‪36‬هـ‪656/‬م‪ ،‬فبعد مضي حوالي‬ ‫أربعة أشهر من تسلم علي بن أبي طالب ‪ K‬الخالفة ‪ .‬سار طلحة بن عبيد اهلل والزبير بن‬ ‫العوام رضي اهلل عنهما‪ ،‬دون مشورة منه ـ وفي الطبري أنه استأذناه في العمرة ـ إلى مكة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبها عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬ومنها خرجوا إلى البصرة واضعين هدفا أال وهو المطالبة‬ ‫بتنفيذ القصاص بقتلة عثمان ‪ .‬فلما بلغوا البصرة ألقوا القبض على الوالي ـ هو الوالي‬ ‫عثمان بن حنيف ـ ثم أطلق بأمر من عائشة رضي اهلل عنها‪ .‬وترامت إلى الخليفة علي بن‬ ‫أبي طالب ‪ K‬والحسن بن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنهما إلى الكوفة لحثهم على‬ ‫االلتحاق بجيشه‪ ،‬فلبوا ‪ .‬فسار بهم وبمن معه إلى البصرة‪ ،‬وبذل جهده مع طلحة بن‬ ‫عبيداهلل والزبير بن العوام رضي اهلل عنهما في إيجاد حل سلمي‪ ،‬ففشل‪ .‬ومع ذلك كان‬ ‫ً‬ ‫حريصا على عدم البدء بالقتال إال أن قتلة عثمان بن عفان ‪ K‬في الفريقين تراموا بالنبل‪،‬‬ ‫فنشب القتال‪ ،‬واستمر حتى غروب الشمس‪ ،‬وانجلى عن قتل طلحة بن عبيد اهلل والزبير‬ ‫ُ‬ ‫ابن العوام رضي اهلل عنهما‪ ،‬وعُقر جمل عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬وأرجعت إلى المدينة‪،‬‬ ‫وأمر علي الكف عن الفار واإلحسان إلى األسرى‪.‬‬ ‫معركة ِصفني‪ :‬ـ بليدة في دير الزور اآلن ـ وكان على علي بن أبي طالب ‪ K‬إعداد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العدة لمواجهة معارضة أخرى لبني أمية وفي ذلك قال علي بن أبي طالب ‪> :K‬واهلل‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫لوددت أن بني أمية رضوا لنقلناهم – حلفنا لهم – خمسين رجال من بنين (بني) هاشم‬ ‫ً‬ ‫يحلفون‪ :‬ما قتلنا عثمان‪ ،‬وال نعلم له قاتال<‪ .‬وكان قد التفوا حول والي الشام معاوية بن‬ ‫ّ‬ ‫أبي سفيان ‪ K‬الرافض ألوامر الخليفة بعزله عن الشام بل طالبه بدم الخليفة عثمان بن‬ ‫‪42‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫والطالب بدمه‪ .<… ،‬فهو – معاوية –‬ ‫عفان بقوله‪> :‬إن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عَ ّمه‬ ‫ْ‬ ‫ال يطالب بالخالفة لنفسه في حياة علي بن أبي طالب ‪ K‬ولكن كان طلبه أن يُسلم‬ ‫ّ‬ ‫إليه قتلة عثمان‪ .‬فرد عليه علي بن أبي طالب ‪ K‬بقوله‪> :‬فادخل في الطاعة‪ ،‬ثم حاكم‬ ‫القوم ّ‬ ‫إلي<‪ ،‬فامتنع معاوية بن أبي سفيان ‪ K‬فلم ييأس علي بن أبي طالب ‪ K‬وأصر‬ ‫ّ‬ ‫على موقفه‪ ،‬ولم يكتف بذلك بل عمد إلى تعبئة جيشه والتوجه به نحو صفين ‪ .‬فأثار‬ ‫ً‬ ‫هذا التقدم لجيش معاوية بن أبي سفيان ‪ K‬فتحرك علي ابن أبي طالب ‪ K‬متوجها‬ ‫ّ‬ ‫نحو صفين‪ ،‬فلما التقيا بها تراسلوا‪ ،‬واتفقوا على الهدنة إلى نهاية شهر المحرم سنة‬ ‫‪37‬هـ‪ 657/‬ثم أعلن علي بن أبي طالب ‪ K‬بدء المناجزة لفشل الجهود السلمية في‬ ‫اليوم األول من شهر صفر سنة ‪37‬هـ‪657/‬م‪.‬؛ وكانت عبارة عن وقعات فردية‪ .‬ثم تطور‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ليصبح قتاال شرسا لقي فيه كثيرا من المنضمين إلى الجيشين ـ نذكر منهم – ممن كان‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ َ‬ ‫>ويح عَ ّمار تقتل ُه‬ ‫في جيش علي بن أبي طالب ‪ - K‬عَ َّمار بن ياسر ‪ ،K‬وفيه قال !‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫الفئة الباغية عَ ّمار يَدعوهم إلى اهلل ويَدعُونه إلى النَّار<؛ وجاء في هامش صحيح مسلم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لشارحه النووي بقوله‪> :‬قال العلماء هذا الحديث حجة ظاهرة في أن عليا ‪ K‬كان محقا‬ ‫ً‬ ‫مصيبا والطائفة األخرى بغاة ولكنهم مجتهدون فال إثم عليهم لذلك< ـ واستمر القتال‬ ‫حتى أشرف جيش علي بن أبي طالب ‪ K‬على تحقيق النصر‪ ،‬وتراجع جيش معاوية‬ ‫بن أبي سفيان ‪ K‬فقال عمرو بن العاص ‪ K‬لمعاوية بن أبي سفيان ‪> :K‬أرسل إلى‬ ‫علي بمصحف وادعه إلى كتاب اهلل فإنه لن يأبى عليك …<‪.‬؛ فرفعت المصاحف على‬ ‫رؤوس الرماح من قبل جيش أهل الشام‪ ،‬وتوقف القتال للرغبة من الجيشين إلى حقن‬ ‫الدماء بعد أن أنهكهما القتال وكتبت صحيفة التحكيم ‪.‬‬ ‫اجتماع دومة اجلندل‪ :‬ولقد اتفقا على أن يجتمع كال من أبي موسى األشعري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ K‬ممثال للخليفة علي بن أبي طالب ‪ ،K‬وعمرو بن العاص ‪ K‬ممثال لوالي الشام‬ ‫معاوية بن أبي سفيان ‪ K‬في العام المقبل – سنة ‪38‬هـ‪658/‬م‪ ،‬فلما اجتمعا فشال‬ ‫وافترقا من غير حل الخالف واستعد الخليفة علي بن أبي طالب ‪ K‬لجولة أخرى مع‬ ‫والي الشام معاوية بن أبي سفيان ‪.K‬‬ ‫‪43‬‬ ‫معركة النهروان‪ :‬كان أصحاب النهروان قد اعترضوا على قبول علي بن أبي طالب‬ ‫ّ‬ ‫صفين‪ ،‬ونادوا بشعارهم >ال حكم إال هلل<‪ .‬وعسكروا في‬ ‫‪ K‬تحكيم الرجال في معركة ِ‬ ‫حروراء قرب الكوفة‪ ،‬فبعث إليهم ابن عباس لمناظرتهم‪ ،‬فاقتنع البعض وبقيت طائقة‬ ‫منهم على ضاللتها فحذرها علي بن أبي طالب ‪ K‬من سفك الدماء وقطع السبيل‪.‬؛‬ ‫ّ‬ ‫فلم يذعنوا‪ ،‬وقتلوا عبداهلل بن خبّاب بن األرت وبقروا بطن أم ولده‪ ،‬فطالبهم علي بن‬ ‫أبي طالب ‪ K‬بتسليم القتلة‪ ،‬فرفضوا بل وتمادوا بقتلهم للرسل‪ ،‬فسار إليهم‪ ،‬فقاتلهم‬ ‫بالنهروان سنة ‪38‬هـ‪658/‬م فأبادهم ما عدا النذر اليسير منهم – وهم الجرحى‪.-‬‬ ‫في سنة ‪36‬هـ قدم ما هويه مرزبان مرو على علي ‪ K‬بعد معركة الجمل مقرا‬ ‫بالصلح‪ ،‬فكتب له كتابا إلى دهاقين مرو واألساروة بأنه قد رضي عنه ثم إنهم نقضوا‬ ‫ّ‬ ‫صفين‪ -‬جعدة بن‬ ‫فأرسل علي بن أبي طالب ‪ K‬في سـنة ‪37‬هـ ‪ -‬أي بعد عودته من ِ‬ ‫ً‬ ‫هبيرة المخزومي واليا على خراسان حيث توغل بها إلى أبرشهر ‪ .‬ثم بعث علي بن أبي‬ ‫ً‬ ‫طالب ‪ K‬أيضا خليد بن قرة اليربوعي فحاصر نيسابور ومرو فصالحه‪ .‬وعاد إلى علي‪.‬‬ ‫•أهل نجران‪ :‬جاء أهلها إلى علي بن أبي طالب ‪ K‬فقالوا شفاعتك بلسانك‪ ،‬وكتابك‬ ‫بيدك‪ ،‬أخرجنا عمر بن الخطاب ‪ K‬من أرضنا‪ ،‬فردها إلينا صنيعة‪ ،‬فقال علي ‪:K‬‬ ‫ً‬ ‫ويلكم أن عمر كان رشيد األمر فال أغير شيئا صنعه عمر‪.‬‬ ‫•في خالفة علي بن أبي طالب ‪ K‬كان على سجستان من قبل عبداهلل بن‬ ‫العنْبري‪.‬؛ وعلى أصبهان (أصفهان) م ْخنف بن ُ‬ ‫عباس ر ْبعي بن كأس َ‬ ‫سليم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن الحارث ابن عوف األزدي العبدي (العامري)‪.‬‬ ‫•في خالفة علي بن أبي طالب ‪ K‬تقدم الحارث بن مرة العبدي من مكران‬ ‫إلى ساحل الديبل‪ ،‬فظفر وغنم ولكنه توغل كثيرا مما أدى إلى مقتله ومعظم‬ ‫من كان معه إال نفر يسير عادوا إلى مكران‪.‬‬ ‫استشهاد علي بن أيب طالب ‪ :K‬وكان للنذر اليسير ممن شقي بالبقاء على قيد‬ ‫الحياة من اجملتمعين بالنهروان ممن رأوا أنهم يقوموا في األخذ بثأر إخوانهم‪ ،‬فأعد‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫عبدالرحمن بن ُملجم‪ ،‬وعمرو بن بُكير‪ ،‬والبُ َرك بن عبداهلل تخطيطا للموعد والوقت‬ ‫‪44‬‬ ‫بتنفيذ االغتيال لكل من‪ :‬علي بن أبي طالب‪ ،‬وعمرو ابن العاص‪ ،‬ومعاوية بن أبي سفيان‬ ‫رضي اهلل عنهم في صبيحة ليلة ـ اختلف في الليلة‪ ،‬فقيل هي ليلة سبع عشرة من رمضان؛‬ ‫وقيل ثالث عشرة من رمضان؛ وقيل …‪ ،‬والراجح أنها وقعت فجر يوم الجمعة الحادي‬ ‫والعشرين ـ من شهر رمضان سنة ‪40‬هـ‪660/‬م‪ ،‬فلما حان الموعد المتفق عليه‪ ،‬جاء‬ ‫المؤذن لعلي بن أبي طالب ‪ K‬يعلمه بدخول وقت الصبح‪ ،‬وكان يقول‪ :‬أيها الناس‬ ‫ً‬ ‫الصالة الصالة ‪ .‬فلما قرب من المسجد باغته كال من عبدالرحمن بن ملجم وشبيب‬ ‫بن بجرة األشجعي‪ ،‬فضرباه فطاشت ضربة الثاني‪ ،‬ووقعت عدة ضربات في رأسه من‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عبدالرحمن‪ ،‬فهرب الثاني وقبض على عبدالرحمن‪ ،‬وحمل علي بن أبي طالب ‪K‬‬ ‫ُْ‬ ‫إلى منـزله‪ ،‬حيث استدعي الطبيب‪ ،‬فعاينه وال عالج له‪ ،‬فعاش يومين وتوفي‪ .‬وكان‬ ‫دفنه قبل أن يذهب الناس من صالة الفجر بالكوفة ـ أما قاتله فإن علي بن أبي طالب ‪K‬‬ ‫قال لهم‪> :‬إن أنا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة‪ ،‬وال تمثل بالرجل< ـ وعُمي‬ ‫مكان دفنه‪ .‬وفي يوم وفاة علي بن أبي طالب ‪ K‬وجاء في التنبيه واإلشراف أن الحسن‬ ‫بن علي بويع له بالخالفة بعد يومين من وفاة علي بن طالب ‪ . K‬المسعودي‪ ،‬وهو‬ ‫رأي لم يتابع عليه بويع البنه الحسن بالكوفة من قبل أهل العـراق كما رواه الطبري قال‬ ‫ُ‬ ‫الحسن بن علي رضي اهلل عنهما‪ …> :‬إنكم سامعون مطيعون‪ ،‬تسالمون من سالمت‪،‬‬ ‫وتحاربون من حاربت …<‪.‬؛ ومكث لمدة ستة أشهر ‪ .‬وهي كمال ثالثين سنة التي ورد‬ ‫ُ‬ ‫بها حديث رسول اهلل ! عن مدة الخالفة الراشدة بعده >خالفَة الن ُ ّ‬ ‫بوة ثالثون سنة ثم‬ ‫يُؤتي اهلل ُ‬ ‫الملك أو ُملكه من يَشاءُ<‪ .‬وكان على شرطة علي ‪ K‬عبيد اهلل بن خليفة أبو‬ ‫ً‬ ‫الر ُّ‬ ‫وأيضا معقل بن قيس ِّ‬ ‫ياحي‪.‬‬ ‫الغريف‬ ‫‪45‬‬ ‫حركـة نشـر اإلسـالم يف عصر الراشـدين‬ ‫جغرافية عامة عن الشرق اإلساليم‪ :‬يراد بذكر الشرق اإلسالمي – مصطلح‬ ‫ً‬ ‫ظهر في عهد العباسين‪ -‬في هذا الكتاب بالد العراق والجزيرة وفارس وما يليها شرقا‬ ‫من بالد أواسط آسيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫العراق‪ :‬بكسر العين وفتح الراء المهملتين وفي آخرها قاف (كان يعرف قديما باسم‬ ‫إقليم بابل)‪ :‬بلد معروف يشغل القسم الجنوبي لسهل ما بين النهرين (الفرات ودجلة)‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الق ْربَ ِة‪ ،‬أي أنها أسفل أرض‬ ‫سبب التسمية‪>ُ :‬سميت أرض العراق من عراق ِ‬ ‫َ‬ ‫الع َرب‪ .‬وقد ذكرت آراء أخرى في تسميته منها‪:‬‬ ‫أن العراق في األصل شاطئ النهر أو شاطئ البحر خاصة (أي على طول البحر)‪.‬‬ ‫س ِّمي بذلك ألنه على شاطئ دجلة والفرات‪ .‬وقيل ُ‬ ‫وقيل‪ُ :‬‬ ‫س ِّمي بذلك الستواء أرضه‬ ‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وخ ُل ِّوها من جبال تعلو وأدوية تنخفض‪ .‬وقيل ُ‬ ‫تك َّ‬ ‫ف أرض العرب‪.‬‬ ‫س ِّمي عراقا ألنه اس‬ ‫ً‬ ‫وقيل‪ُ :‬‬ ‫سمي عراقا لقربه من البحر‪ .‬وقيل‪ :‬إن الكلمة مأخوذة من أصل فارسي لفظه‬ ‫>إيَراك< ثم حرفت الكاف إلى قاف‪ .‬وقيل‪ :‬إنها في األصل الفارسي >إيَراف< فقلبت الفاء‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫قافا عند العرب‪ .‬وقيل‪َ :‬‬ ‫>س َّمى به العجم‪َ ،‬س َّمته إيران شهر‪ ،‬معناه كثير النخل والشجر‬ ‫فعرب فقيل ِعراق<‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمناطق اجملاورة إلقليم العراق فمن الشمال‪ :‬إقليم الجزيرة‪ .‬ومن‬ ‫ُ َ‬ ‫بالعذيب من جهة البادية)‪ .‬ومن الجنوب‪:‬‬ ‫الغرب‪ :‬القادسية (طرف القادسية المتصل‬ ‫الخليج الفارسي (العربي)‪ .‬ومن الشرق حلوان‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لتحديد إقليم العراق فقد اختلف فيه من قبل الجغرافيين والمؤرخين‪.‬‬ ‫فذكر كل من ابن سالم‪ ،‬وابن رسته أن حد السواد ـ و>سمي سواد العراق لكثرة مائها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وشجرها< ـ يمتد طوليا‪> :‬من لدن تخوم الموصل‪ ،‬ماد من الماء إلى ساحل البحر‪،‬‬ ‫‪46‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ببالد عَبَّادان‪ ،‬من شرقي ِدجلة‪ .‬وأما عرضه فحده منقطع الجبل من أرض حلوان‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫بالعذيب من أرض العرب<‪ – .‬اللفظ البن سالم‬ ‫إلى منتهى طرف القادسية المتصل‬ ‫– وأيدهما فيما ذهبا إليه كل من المسعودي في التنبيه واإلشراف‪ ،‬والبغدادي في‬ ‫مراصد االطالع على أسماء األمكنة والبقاع ولكنهما ذكرا >العراق< بدل >السواد<‪.‬‬ ‫وأما المقدسي فيجعل العراق يمتد طوليا من البحر إلى السن ومن ُ‬ ‫العذيب إلى عقبة‬ ‫حلوان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد قسم العراق في المصادر الجغرافية اإلسالمية إلى عراق العرب – الذي يراد‬ ‫به بالد ما بين النهرين السفلي‪ .-‬وعراق العجم (الجبل) – الذي يراد به إقليم الجبال في‬ ‫المنطقة الشمالية ذات األغلبية الكردية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لما يشمله عراق العرب الجنوبي من مدن فقد عمدت إلى ذكرها‬ ‫ً‬ ‫على أساس وقوعها على حوض دجلة والفرات – وليس تبعا للقبائل وذلك نظرا لعدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫استقرارها في منطقة معينة ‪ .-‬فذكرت أوال المدن التي تقع في حوض دجلة‪ .‬وثانيا المدن‬ ‫التي تقع في حوض الفرات‪ .‬وهي على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬المدن التي تقع في حوض دجلة (الجنوبي السفلي)‪ :‬يشمل هذا الجزء المدن‬ ‫التي تقع على ضفتي دجلة الشمالية والجنوبية فمنها‪ :‬األبلة‪ ،‬عبادان‪ ،‬المذار‬ ‫(دستميسان)‪ ،‬الثني‪ ،‬بهرسير‪ ،‬جلوالء‪ ،‬تكريت‪ ،‬النهروان‪ ،‬خانقين‪ ،‬السيب‪،‬‬ ‫ميسان‪ ،‬المدائن‪ ،‬ساباط (بالس أباذ)‪ ،‬القادسية‪ ،‬باعقوبا‪ ،‬قصر شيرين‪ ،‬كسكر‪،‬‬ ‫دير العاقول‪.‬‬ ‫‪ -2‬المدن التي تقع في حوض الفرات (الجنوبي السفلي)‪ :‬يشمل هذا الجزء المدن‬ ‫التي تقع على ضفتي الفرات الشمالية والجنوبية‪ .‬وأهم هذه المدن هي‪ :‬هيت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األنبار‪ ،‬بابل‪ ،‬كوثى (هما مدينتان كوثى الطريق وكوثى ربا)‪ ،‬الحيرة‪ ،‬عين التمر‪،‬‬ ‫بريسما‪ ،‬سورا‪ ،‬باروسما‪ ،‬بالس‪ ،‬سابور‪ ،‬الولجة‪ ،‬أليس‪ ،‬الزميل‪ ،‬الخنافس‪،‬‬ ‫الحفير‪ ،‬قس الناطف‪ ،‬الفراض‪ ،‬أمغشيا‪ ،‬فرات بادقلي‪ ،‬بانقيا‪.‬‬ ‫‪47‬‬ ‫ُ‬ ‫ومن عراق العرب بالد الجزيرة‪( :‬كان يطلق عليها قديما مسمى >أقور< أو >قور<‬ ‫أو >آبور<) ‪ .‬مصطلح اتفقت المصادر عليه كمسمى للمناطق (المدن) الواقعة بين الجزء‬ ‫الشمالي لنهري دجلة والفرات‪ .‬ومما برر إطالق هذا المصطلح هو انحناءات والتفاف‬ ‫نهر الفرات من مخرجه من بالد الروم‪ .‬والجزيرة تعتبر الحد الفاصل بين الشام والعراق‪،‬‬ ‫أما بالنسبة لما يجاور الجزيرة من مناطق فهي ما يلي‪:‬‬ ‫الشمال‪ :‬أرمينية وبالد الروم؛ الغرب‪ :‬بالد الشام؛ الجنوب‪ :‬السوداء (العراق)؛‬ ‫الشرق‪ :‬آذربيجان‪ .‬وقد أوردت مدن الجزيرة على أساس تقسيمها إلى ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫فاألول المدن التي تقع في نهر دجلة‪ ،‬والثاني المدن التي تقع في نهر الفرات‪،‬‬ ‫والثالث المدن التي تقع بينهما (دجلة والفرات)‪ .‬وهي على النحو التالي‪:‬‬ ‫المدن التي تقع في حوض دجلة‪ :‬وهي ما يلي‪ :‬ميارفاقين‪ ،‬أرزن‪ ،‬آمد‪ ،‬ثمانين‪،‬‬ ‫الموصل – ولها العديد من القرى والرساتيق والمدن فمن ذلك‪ -:‬نينوى‪ ،‬بابغيش‪،‬‬ ‫والصامغان‪ ،‬شهروز‪ ،‬وسنجار‪ ،‬إربل‪ ،‬تكريت‪.‬‬ ‫المدن التي تقع في حوض نهر الفرات هي‪ :‬سميساط‪ ،‬الرحبة‪ ،‬هيت‪ ،‬الرقة‪،‬‬ ‫منبج‪ ،‬بالس‪ ،‬قرقيسياء‪.‬‬ ‫المدن التي تقع ما بين حوضي نهر دجلة والفرات (المدن الوسطى) فمنها‪:‬‬ ‫حران‪ ،‬نصيبين‪ ،‬الرها‪ ،‬سنجار‪ ،‬سروج‪ ،‬دارا‪ ،‬ماردين‪.‬‬ ‫آذربيجان‪ :‬ومعظم أراضيه جبلية‪ .‬أما بالنسبة للمناطق اجملاورة آلذربيجان فمن‬ ‫الشمال جبال القبق وبعض من بالد الجزيرة‪.‬‬ ‫ومن الغرب بالد األرمن والالن وبعض من حدود الجزيرة‪ .‬ومن الجنوب العراق‬ ‫(عراق العرب) وبعض من بالد الجزيرة‪ .‬ومن الشرق الجبال وبالد الديلم‪.‬‬ ‫وآذربيجان بالد شاسعة تشتمل على كثير من المدن منها‪ :‬أردبيل (أكبر المدن بها)‬ ‫َ َ‬ ‫رزنْد (بَرزة)‪ ،‬أ ُ ْرمية‪ ،‬البيلقان‪َ ،‬س َل َماس‪ ،‬الميانج‪ ،‬ت ْبريز‪ُ ،‬موقان‪ ،‬بَ ْ‬ ‫ـرذعه (الالن) ومن‬ ‫ب‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪48‬‬ ‫مدنها‪ :‬الباب‪( ،‬األبواب‪ ،‬باب األبواب‪ ،‬دربنت)‪.‬‬ ‫الديلم‪ :‬وهي سهل وجبل‪ .‬أما بالسنبة للمناطق اجملاورة للديلم فمن الشمال‬ ‫بحر الخزر وكيالن غربي طبرستان ‪ .‬ومن الغرب بعض من آذربيجان وبعض من الري‪:‬‬ ‫ومن الجنوب قزوين وبقية من آذربيجان وبعض من الري‪ .‬ومن الشرق ما تبقى من‬ ‫الري وبعض طبرستان‪ .‬ومن أهم مدن الديلم هي‪ :‬الهجان كالر‪ ،‬بيمان شهر‪ ،.‬أرمينية‬ ‫ً‬ ‫وتغطي الجبال كثيرا من أراضيها‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمناطق المحيطة بأرمينية فمن الشمال جبال القبق وبعض من بالد‬ ‫الجزيرة‪ .‬ومن الغرب بالد األرمن والالن وبعض من بالد الجزيرة‪ .‬ومن الجنوب العراق‬ ‫وبعض من بالد الجزيرة‪ ،‬ومن الشرق الجبال وبالد الديلم‪ .‬وأهم مدن أرمينية هي‪ :‬دبيل‬ ‫وهي قاعدتها‪ ،‬تفليس‪ ،‬قاليقال‪ ،‬خالط‪ ،‬منازجرد‪ ،‬شمشاط‪ ،‬خنان‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لعراق العجم (عراق الجبال) فيقع في جنوبي شرقي آذربيجان وجباله‬ ‫ً‬ ‫تطل على الجزء الجنوبي السفلي لسهل ما بين النهرين‪ .‬وهذه الجبال تسير شرقا حتى‬ ‫تصل حدود المفازة الكبرى في وسط فارس‪.‬‬ ‫وذكر ياقوت أن حدود العراق العجمي تشمل المناطق الواقعة من بين أصفهان إلى‬ ‫زنجان‪ ،‬وقزوين‪ ،‬وهمذان‪ ،‬والدينور وقرميسين‪ ،‬والري‪ ،‬وما بين ذلك من المناطق‬ ‫الجبلية‪.‬‬ ‫وأورد كل من ابن حوقل وأبي الفداء أن حدود عراق العجم (عراق الجبل) من‬ ‫الناحية الشمالية بالد الديلم وقزوين والري‪ .‬ومن الناحية الجنوبية بعض من بالد عرق‬ ‫العرب وفارس‪ .‬ويحدها من الناحية الغربية آذربيجان ومن الناحية الشرقية مفازة خراسان‪.‬‬ ‫أما ما يضمه عراق العجم (عراق الجبال) من كور فهي كثير منها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫•كورة حلوان (أستان فيروز) ومن مدنها السيروان‪ ،‬خانقين‪ ،‬بندنيجان‪.‬‬ ‫•كورة الدينور َ‬ ‫(م َاه الكوفة)‪.‬‬ ‫‪49‬‬ ‫•كورة قرميسين أو قرماسين (كرمان شاهان) ومن مدنها‪ :‬سن سميره‪ ،‬كنكور‬ ‫(قصر اللصوص)‪.‬‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫رنقذق) ومن أهم مدنها‪َّ :‬‬ ‫الص ْي َ‬ ‫مرة‪.‬‬ ‫(مه‬ ‫•كورة مهرجان قذق ِ‬ ‫•كورة ماسبذان‪ .‬وأهم مدنها‪ :‬السيروان (سيروان)‪.‬‬ ‫•كورة همذان‪ .‬ومن رساتيقها ـ ُ‬ ‫الر ْستاق‪ :‬فارسي معرب‪ ،‬والجمع َ‬ ‫الر َس ِاتيق‪،‬‬ ‫ نهاوند َ‬ ‫وهي السواد ـ ‪ :‬سيسر‪.‬‬ ‫(م َاه البصرة)‪.‬‬ ‫•كورة‬ ‫ُ‬ ‫•كورة قم (ك ُمندان – منيجان) ومن رساتيقها‪ :‬كرزمان‪ ،‬سرداب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫•كورة أصفهان‪ :‬ومن أهم مدنها‪ :‬جي‪ ،‬ماربين‪ ،‬بَ َ‬ ‫هستان‪.‬‬ ‫رزاوند‪ ،‬الران‪ ،‬ف ِريدين‪ِ ،‬ق‬ ‫•كورة قاشان ‪ -‬كورة جلوالء‪• .‬كورة الكرج‪ .‬ومن رساتيقه‪ :‬جابلق‪ ،‬والفائقين‪.‬‬ ‫•كورة قزوين‪ :‬وهي تقع أسفل الجبال المتاخمة إلقليم الديلم‪ .‬ومن أهم مدن‬ ‫إقليم قزوين هي‪ :‬زنجان أبهر‪ ،‬الطالقان‪.‬‬ ‫كورة ال َّري‪ :‬من بالد الجبال المتصلة بالديلم هذا ما ضمنه ابن حوقل في كتابه‬ ‫عند ذكره إلقليم الديلم وطبرستان‪ .‬والري‪ :‬إقليم يقع على جادة طريق خراسان‪ .‬ومن‬ ‫ُ‬ ‫أشهر مدن هذا اإلقليم هي‪ :‬بشاويه (فشاويه) قوسين‪ ،‬ورامين‪ ،‬روذه (الروذه)‪ .‬دستبى‪:‬‬ ‫كورة واسعة تقع جنوب قزوين‪ .‬وهي تشتمل على العديد من القرى منها يزدآباد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خوزستان‪ :‬ـ وهي تعرف اآلن بـ “عربستان” أي إقليم العرب ـ (بالد الخوز أو‬ ‫كورة األهواز) ‪ .‬ومعظم أراضيها سهلة مستوية من األرض‪ .‬وأما الجزء المتبقي منها‬ ‫فهو عبارة عن جبال يسيرة تنحصر في المناطق المتاخمة لمدن تستر‪ ،‬وجندي سابور‬ ‫(جنديسابور) وأصبهان وإيذج‪.‬‬ ‫الحدود‪ :‬والذي يجاور خوزستان من الشمال الصيمرة والكرج‪ .‬ومن‬ ‫الغرب العراق (العربي)‪ .‬ومن الجنوب عبادان وبحر الخليج‪ .‬ومن الشرق فارس‬ ‫وأصبهان‪.‬‬ ‫‪50‬‬ ‫ُ َ‬ ‫وخوزستان بالد تشتمل على مدن منها‪ :‬ت ْستر‪( ،‬شوستر أو شوشتر)‪ ،‬األهواز‬ ‫ُْ‬ ‫ُْ‬ ‫(سوق األهواز أو هرمز شهر أو هرموزشهر)‪ُ ،‬جنْ َ‬ ‫ديسابور (جند يشابور أو جندي‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫السوس‪ ،‬رام ُه ْر ُمز (رامهرمز)‪َ ،‬منَاذر الصغرى‪ُ ،‬‬ ‫س َّرق‪،‬‬ ‫سابور)‪ ،‬إيذج (مال أمير)‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫دو َرق‪ ،‬نهر تيري‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فارس‪ :‬بلد ذو جيل والنسب إليه فارسي‪ ،‬والجمع فرس‪ .‬ذكر كل من ابن حوقل‪،‬‬ ‫وأبي الفداء أن حدود بالد فارس من الجهة الشرقية كرمان ومن الجهة الغربية خوزستان‪.‬‬ ‫ومن الجهة الشمالية المفازة التي بين فارس وخراسان‪ .‬ومن الجهة الجنوبية خليج (بحر)‬ ‫فارس‪ .‬وإقليم فارس يضم خمس كور وهي‪:‬‬ ‫َْ ْ‬ ‫•كورة إصطخر‪ .‬ومن مدنها البيضاء‪ ،‬الفهرج‪ ،‬الميادوان‪ ،‬يزد (إيزد)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫•كورة أرد ِشير خ َّره‪ .‬ومن مدنها‪ :‬جور‪ ،‬شيراز‪ ،‬سيراف‪ ،‬أرجان‪ ،‬سميران‪،‬‬ ‫توج‪ ،‬كازرين‪ ،‬كيز‪ ،‬سينيز‪ ،‬جزيرة بركاوان (الفت)‪ ،‬جزيرة أوال‪.‬‬ ‫•كورة دارابجرد (كورة شبانكاره)‪ .‬ومن أشهر مدنها‪ :‬فسا‪ ،‬دارابجرد‪ ،‬طمستان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫•كورة ّأرجان َ‬ ‫(الرجان)‪ .‬ومن مدنها‪ :‬ريشهر‪ ،‬جناية‪ ،‬طبريان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫•كورة سابور‪ .‬ومن مدنها‪ :‬كازرون‪ ،‬النوبنجان‪ ،‬شعب بوان‪ ،‬الجنان‪،‬‬ ‫(الجنجان)‪ ،‬المورستان‪.‬‬ ‫كرمان‪ :‬إقليم يقع في شرق فارس‪ .‬والمفازة الكبرى‪ -‬التي في وسط فارس‪ -‬هي‬ ‫التي تفصل بين اإلقليمين‪.‬؛ أما بالنسبة للمناطق اجملاورة إلقليم كرمان فمن الشمال‬ ‫مفازة بين خراسان وسجستان‪ .‬ومن الغرب فارس‪ .‬ومن الجنوب بحر فارس‪ .‬ومن الشرق‬ ‫مكران ومفازة ما بين مكران والبحر‪ .‬وقسم المقدسي إقليم كرمان إلى خمس كور‪،‬‬ ‫هي‪:‬‬ ‫‪ .2‬السيرجان (الشيرجان)‪ .3 .‬بَ َّم‬ ‫‪.1‬بردسير (وهي مدينة كرمان اليوم)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫(قلعة)‪ .4 .‬ن ْر َماسير (ن ْرماشير)‪.5 .‬جيرفت‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫بيمند‪ ،‬قهستان‪ ،‬هرمز (الجوز)‪ ،‬الفه َرج‪،‬‬ ‫وأشهر مدن هذا اإلقليم هي‪:‬‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫البارز‪ ،‬البُلوص‪ ،‬خنَّاب‪ ،‬الغ َبيراء‪َ ،‬مغون‪ .‬كذلك يضم هذا اإلقليم‬ ‫ص‪،‬‬ ‫ف‬ ‫َس ْر ِوستان‪ ،‬الق‬ ‫ِ‬ ‫ُْ‬ ‫ً‬ ‫جباال لها شهرتها منها جبال القفص‪ ،‬وجبال البارز‪.‬‬ ‫مكران‪ :‬ـ ويعرف جزء منه اآلن ببلوجستان ـ إقليم يقع في شرق الهند‪ .‬وفيه‬ ‫المفازة الكبرى‪ .‬ولذلك تميز بالجدب وبقلة المياه‪ .‬أما المناطق اجملاورة إلقليم مكران‬ ‫فمن الشمال سجستان‪ .‬ومن الغرب كرمان‪ .‬ومن الجنوب بحر الخليج (الخليج العربي)‪.‬‬ ‫ومن الشرق الهند‪ .‬وأشهر مدن إقليم مكران هي‪ :‬فنـزبور (بنجبور)‪ ،‬التيز‪ ،‬أرمابيل‪.‬‬ ‫سجستان (سيستان‪ ،‬نيمروز)‪ :‬إقليم تتميز أراضيه بأنها سهلة ال جبال فيها‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمناطق اجملاورة إلقليم سجستان فمن الشمال الهند‪ .‬ومن الغرب‬ ‫خراسان‪ .‬ومن الجنوب المفازة التي بين سجستان وكرمان‪ .‬ومن الشرق المفازة التي بين‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫الرخج‪ ،‬خ َواش‪،‬‬ ‫كرمان وأرض الهند‪ .‬ومن أهم مدن سجستان فهي‪ :‬زرنج زالق‪ ،‬كش‬ ‫َسنَاروذ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قومس‪ :‬إقليم يقع بين خراسان وبالد الجبل (عراق العجم)‪ .‬فهو بذلك يشغل‬ ‫ُ‬ ‫مساحة تمتد بحذاء الحافة الشمالية للمفازة الكبرى شرقي الري إلى جبال البرز في‬ ‫ََ‬ ‫الدامغان‪ ،‬خوار‪.‬‬ ‫الجنوب‪ .‬ومن مدنه‪ :‬بسطام‪ ،‬سمنان‪،‬‬ ‫طبرستان (مازندران)‪ :‬إقليم يشتهر بكثرة أشجاره واشتباك غصونها فال يمكن‬ ‫تجاوزها إال بقطعها بالطبر – والطبر بالفارسية الفأس‪ .-‬أما بالنسبة لما يجاورها من أقاليم‬ ‫َّ َ‬ ‫فمن الشمال بحر الخزر‪ .‬ومن الغرب الديْلم‪ .‬ومن الجنوب بعض بالد قومس والري‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقومس‪ .‬ومن أهم مدن إقليم طبرستان هي‪ُ :‬‬ ‫آمل سارية‪َ ،‬‬ ‫مامطير‬ ‫ومن الشرق جرجان‬ ‫(ممطير)‪ ،‬طميس‪ ،‬شالوس‪ُّ ،‬‬ ‫الريان (رويان) وبها كجة‪ ،‬جبل دماوند (دنباوند)‪.‬‬ ‫جرجان (كركان)‪ :‬إقليم مجاور لطبرستان من الجهة الجنوبية الشرقية من بحر‬ ‫قزوين‪ .‬ويضم إقليم جرجان المدن اآلتية‪ :‬جرجان‪ ،‬أبسكون‪ ،‬دهستان‪.‬‬ ‫‪52‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫خ ْر‪ُ :‬ك ْل‪َ ،‬‬ ‫وأسان‪ :‬معناها َسهل‪،‬‬ ‫خراسان‪ :‬بالد واسعة‪ .‬قال الجرجاني‪ :‬معنى‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أي كل بال ت َعب ‪ .‬أما معنى خراسان في الفارسية القديمة‪ :‬فهو مطلع الشمس وأيضا‬ ‫معناها البالد الشرقية‪ .‬أما بالنسبة للمناطق اجملاور إلقليم خراسان فمن الشمال بالد ما‬ ‫وراء النهر‪ .‬ومن الغرب جرجان‪ .‬ومن الجنوب مفازة بين فارس وقومس‪ .‬ومن الشرق‬ ‫سجستان والهند‪ .‬وقد قسم الجغرافيون المسلمون خراسان إلى أربعة أرباع وهي مرو‪،‬‬ ‫ونيسابور (أبرشهر)‪ ،‬وهراة‪ ،‬وبلخ‪.‬‬ ‫* ربع مرو ‪ .‬ويضم المدن اآلتية‪ :‬مرو الروذ (مرو الصغرى)‪ ،‬مرو الشاهجان (مرو‬ ‫َ‬ ‫الدامغان (أول مدن خراسان)‪ ،‬آبيورد‪ ،‬مرغاب (نهر المرغاب)‪ ،‬الطالقان‪،‬‬ ‫الكبرى)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫زم‪ * .‬ربع نيسابور (أبرشهر أو نشاور)‪ .‬ومن مدنه‪ :‬نسا‪ ،‬سرخس‪ ،‬طوس‪ ،‬بيهق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫باخ ْرز‪ ،‬نوقان‪ * .‬ربع هراة‪ .‬ومن مدنه‪ :‬هراة‪ ،‬تيزان‪ * .‬ربع بلخ ويضم المدن اآلتية‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫خلم‪ِ ،‬س ِمنجان بغالن‪ ،‬الترمذ‪ ،‬كش‪ ،‬نسف‪.‬‬ ‫أبرز وقائع الفتح اإلسالمي يف املشرق‬ ‫مما ال شك فيه أن نصوص القرآن الكريم تؤكد على عالمية الرسالة التي جاء بها‬ ‫محمد ! بقول اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬ ‫ﮮ ﮯ ﮰ﴾ [سبأ‪ .]28 :‬باإلضافة إلى كثير من اآليات األخرى التي تقرر أن القيام‬ ‫بهذه الدعوة مسؤولية األمة المسلمة إلى يوم الدين كقوله تعالى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [البقرة‪.]143 :‬‬ ‫ً‬ ‫وتأسيسا على هذه النصوص التي تؤكد عالمية الرسالة‪ ،‬وشمول الدعوة‪ .‬نجد‬ ‫الرسول ! في السنة السادسة من الهجرة يكتب كتبه إلى الملوك‪ ،‬واألمراء المعروفين‬ ‫آنذاك يدعوهم إلى اإلسالم‪ ،‬وكانت رسائل سلمية‪ ،‬ودعوة بالحسنى إلى اإليمان باهلل‬ ‫ورسوله‪ .‬وبهذه الكتب تكون الدعوة اإلسالمية قد تخطت حدود شبه الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫لذا فاألمة اإلسالمية مكلفة بنشر الدعوة وتوصيلها‪ .‬كما أن المسلمين مطالبون بتأمين‬ ‫‪53‬‬ ‫الدعوة اإلسالمية‪ ،‬وحمايتها ورد االعتداء عن النفس‪ ،‬والمال‪ ،‬واألرض‪ ،‬والعرض‪،‬‬ ‫فليس اإلسالم دين الدعة‪ ،‬وطلب العيش بذله‪ ،‬وخضوع‪.‬‬ ‫ولقد قام الفرس بسلسلة من األعمال العدائية ضد اإلسالم والمسلمين إذ مزق‬ ‫كسرى كتاب رسول اهلل !‪ ،‬باإلضافة إلى تدخلهم في شؤون الدولة اإلسالمية بتحريض‬ ‫المرتدين‪.‬‬ ‫من أجل ذلك كله جاء توجيه الخليفة األول أبي بكر الصديق ‪13-11( K‬هـ)‬ ‫لسيف اهلل المسلول خالد بن الوليد ‪ K‬بعد هزيمته للمرتدين في معركة عقرباء (اليمامة)‬ ‫في سنة ‪12‬هـ‪ ،‬وقتل مسيلمة الكذاب بالتوجه إلى العراق في نفس السنة لفتحها من‬ ‫َْ‬ ‫الجنوب‪ ،‬وأن يبدأ بثغر األبلة (فرج الهند)‪ ،‬وفي نفس الوقت أمر عَيّاض بن غنم ‪K‬‬ ‫لفتحها من الشمال وأمرهما أن يتألفا أهل فارس ومن كان في ملكهم من األمم وأن يبدأ‬ ‫ً‬ ‫بالمصيخ‪ ،‬وتحفيزا لهما وعد من يصل منهما إلى الحيرة أوال فهو القائد العام لكال‬ ‫الجيشين‪ ،‬وتوقف عياض عند دومة الجندل‪ .‬وتمكن خالد من اختراق الجبهة الفارسية‪،‬‬ ‫وحقق انتصارات متوالية في عدة معارك بجند يحبون الموت كما يحب الفرس الحياة‪.‬‬ ‫ومنها‪ :‬ذات السالسل (األبلة) وهي المعركة األولى‪ ،‬وفيها قتل هرمز صاحب ثغر األبلة‪،‬‬ ‫وركب العرب أكتاف الفرس‪ -‬المذار (الثنى) وقتل قائد الفرس قارن بن قريانس‪َ -.‬‬ ‫الولجة‬ ‫ُ َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفر قائد الفرس األندر زغر‪ ،‬ومات أثناء فراره عطشانا مقهورا ‪ _.‬أل ْيس وقتل خالد منهم‬ ‫مقتلة عظيمة قدرت بسبعين ألفا في بعض الروايات‪ -.‬أمغيشيا وانتصر خالد انتصارا باهرا‬ ‫حتى قال عنه أبو بكر الصديق ‪ « :K‬أعجزت النساء أن يلدن مثل خالد «‪ -.‬ميسان‪-.‬‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫المقر‪ _.‬الفرات‪ -.‬األنبار‪ -.‬الحيرة – وبها قصور ثالثة تم محاصرتها‬ ‫طماهيج‪ -.‬كسكر‪-.‬‬ ‫‪ .‬فصالحه ملكها عمرو بن بقيلة وقيل عمرو بن عبد المسيح وقيل عبدالمسيح بن حيان‬‫َ‬ ‫بن بُق ْيلة على جزية مقدارها مائة ألف درهم وقيل مائة ألف وتسعين ألفا‪ .‬يؤدونها كل عام‬ ‫فكانت أول جزية في اإلسالم ‪ .‬وهي تعد أول معاهدة أجنبية للمسلمين‪ .‬ومنها كتب خالد‬ ‫إلى أهل المدائن… وأنه من صلى صالتنا‪ ،‬واستقبل قبلتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم‬ ‫الذي له مالنا‪ ،‬وعليه ما علينا‪ .‬أما بعد‪ ،‬فإذا جاءكم كتابي فابعثوا ّ‬ ‫إلي بالرهن‪ ،‬واعتقدوا‬ ‫ً‬ ‫‪54‬‬ ‫مني الذمة‪ ،‬وإال فوالذي ال إله غيره ألبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة‪.‬‬ ‫ولما استقام لخالد األمر واطمأن على الوضع العسكري استخلف على الحيرة‪ ،‬وسارع‬ ‫إلغاثة عياض بن غنم ‪ K‬الذي توقف عند دومة الجندل‪ .‬وعند تقدم خالد دارت‬ ‫المعارك اآلتية‪ :‬عين التمر وتغلب فيها خالد على الفرس‪ ،‬وحلفائهم من قبائل تغلب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الح َ‬ ‫ص ْيد‪-.‬‬ ‫وإياد‪ -.‬دومة الجندل وحاصرها كل من خالد‪ ،‬وعياض وتم لهما فتحها‪– .‬‬ ‫َ‬ ‫الخنافس‪ُ -.‬‬ ‫الم َ‬ ‫صيّخ‪ -.‬البشر‪ -.‬الثني‪ -.‬الزميل وقتل فيها من الفرس جمع كبير‪ -.‬الفراض‬ ‫وهي تخوم الشام‪ ،‬والعراق‪ ،‬والجزيرة‪ ،‬وهزم خالد جيوش الفرس‪ ،‬والروم وحلفاءهم‬ ‫من العرب المتنصرة‪ .‬وانتهى خالد من آخر معارك الفتح في ‪13‬هـ‪ .‬وكان له من الوقائع‬ ‫ً‬ ‫زهاء خمسة عشر موقعة لم تسقط له راية‪ ،‬ولم يهزم أبدا‪.‬‬ ‫ونتيجة لتطور األحداث في بالد الشام‪ ،‬وحاجة المسلمين إلى خالد كقائد محنك‬ ‫ً‬ ‫ذي خبرة‪ ،‬وحنكة عسكرية لذلك كتب إليه الخليفة أبو بكر الصديق ‪ K‬خطابا جاء فيه‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫« أن سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك‪ ،‬فإنهم قد شجوا واشجوا …»‪ .‬وحامل‬ ‫الكتاب هو عبدالرحمن بن جميل الجمحي‪.‬‬ ‫وكانت تعليمات الصديق لخالد أن يترك نصف الجيش بالعراق بقيادة المثنى بن‬ ‫حارثة الشيباني ‪ .K‬ويسير بالنصف اآلخر إلى بالد الشام‪ ،‬وبعد رحيل خالد انتهز الفرس‬ ‫الفرصة وثاروا ضد المسلمين‪ ،‬فأسرع المثنى إلى المدينة ليطلع أبا بكر على حقيقة‬ ‫ً‬ ‫األوضاع في الجبهة الفارسية‪ ،‬وليطلب نجدة سريعة لجند العراق‪ ،‬فوجده مريضا‪،‬‬ ‫فأوصى من بعده خليفته عمر بن الخطاب ‪23 – 13( K‬هـ) بأن يندب الناس للجهاد في‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫العراق‪ ،‬وإن فتح اهلل على أمراء الشام‪ ،‬فيرد أصحاب خالد إلى العراق فإنهم أهله ووالة‬ ‫ُ‬ ‫أمره وجنده‪ ،‬فندب عمر الناس‪ ،‬وأمر عليهم أسبقهم استجابة وهو أبو عبيد (عبيدة) بن‬ ‫مسعود الثقفي ‪ . K‬فخاض هذا الجيش معارك ضارية مع القوات الفارسية هي‪:‬‬ ‫النمارق – َّ‬ ‫السقاطية (كسكر)‪ -.‬باروسما‪ -.‬باقسياثا‪ -.‬الجسر‪ .‬وبها استشهد أبو‬ ‫عبيدة ‪ ،K‬فتسلم القيادة المثنى بن حارثة الشيباني ‪ ،K‬فخاض معركة البويب‪ ،‬وفيها‬ ‫ثأر المسلمون لمصابهم في معركة الجسر‪ .‬ثم انسحبوا من فارس نتيجة كثرة اإلصابات‪،‬‬ ‫‪55‬‬ ‫فعمد عمر ‪ K‬إلى إرسال جيش بقيادة سعد بن أبي وقاص ‪ ،K‬فكانت أولى معاركه‬ ‫القادسية‪ ،‬وفيها قاتل كال الجيشين بعنف‪ ،‬وضراوة لمدة ثالثة أيام‪ ،‬وانتصر المسلمون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫انتصارا باهرا‪ ،‬وهي من المعارك الفاصلة بين المسلمين والفرس‪ ،‬وقتل رستم قائد‬ ‫الفرس‪ ،‬وكان من أشهر قوادهم ‪ .‬وتوغل سعد بن أبي وقاص ‪ K‬حتى حقق انتصارا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رائعا في المدائن (العاصمة الفارسية)‪ ،‬وفتح في طريقه إليها عددا من المدن مثل‪ :‬نرسى‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫– كوثى – بهرسير‪ .‬وفي نفس وقت تقدمه إلى العاصمة (المدائن) سير جيشا آخر أوكل‬ ‫مهمة القيادة فيه إلى عتبة بن غزوان ‪ ،K‬فتمكن من تحقيق التقدم واالنتصار في األبلة‬ ‫(البصرة)‪ ،‬والفرات‪ ،‬والمذار‪ ،‬و(دست) ميسان‪ ،‬وأبزقباذ‪.‬‬ ‫ثم عُزل عتبة ‪ ،K‬وتولى مهمة الفتح قادة تمكنوا من تحقيق النصر في عدة‬ ‫معارك لعل من أشهرها‪ :‬األهواز – مناذر – طاووس – توج – ريشهر‪ -‬تستر – السوس –‬ ‫جنديسابور‪ .‬كما مهد انتصار سعد بن أبي وقاص ‪ ،K‬ودخوله إلى العاصمة (المدائن)‬ ‫ً‬ ‫سبل التقدم أمام القوات اإلسالمية‪ ،‬وتم لها االنتصار تباعا في المعارك اآلتية‪:‬‬ ‫جلوالء – حلوان – ماسبذان – هيت – قرقيسياء – بالد الجزيرة (وهي تضم الكثير‬ ‫من المدن) – نهاوند وتسمى فتح الفتوح‪ ،‬وهي آخر معركة فاصلة في الجبهة الشرقية‬ ‫مع الفرس‪ – .‬قم – أصبهان – الري – آذربيجان – باب األبواب – خراسان – مكران‪.‬‬ ‫وكان من نتائج هذه الفتوح االستيالء على معظم بالد فارس‪َّ ،‬‬ ‫وفر يزدجرد إلى‬ ‫أقصى المشرق‪ .‬ثم كان امتداد الفتوح إلى بالد السند والهند نتيجة طبيعية لالستيالء على‬ ‫األراضي الفارسية‪ ،‬وخضوع فارس لسلطان المسلمين السياسي‪.‬‬ ‫أهم املعارك واملدن املفتوحة يف خالفة أيب بكر الصديق ‪K‬‬ ‫َ‬ ‫بادوريا وقطربُّل ومسكن‪ .‬ذكر ياقوت أن أول من غزا أرض‬ ‫[ العال ]‪ :‬وهي تضم‬ ‫َ‬ ‫العراق من المسلمين المثنى بن حارثة بن َسل َمة بن َ‬ ‫ض ْم َ‬ ‫ضم الشيباني وكتب إلى أبي‬ ‫ً‬ ‫بكر ‪ّ K‬‬ ‫يهون عليه أمر العراق ويعرفه أنه قد اختبر بهم فلم يجد فيهم منعة فأرسل إلى‬ ‫خالد بن الوليد بعد فراغه من أهل الردة فأوقع بأهل الحيرة وأطراف العراق فالمثنى كان‬ ‫ً‬ ‫‪56‬‬ ‫أول من أغرى المسلمين على غزو الفرس‪ .‬ولكن البالذري اختلف معه في أن المثنى‬ ‫بن حارثة ‪ K‬سار بنفسه إلى المدينة‪ ،‬ولم يكتب كتابا كما جاء عند ياقوت ‪ .‬وعند‬ ‫الدينوري بإضافة‪« :‬فخرج رجالن من بكر بن وائل‪ ،‬المثنى واآلخر سويد‪ -‬بن قطبة‬ ‫العجلي – يغيران على الدهاقين»‪.‬‬ ‫[ بانقيا ] – ناحية من نواحي الكوفة – ذكر في الفتوح أن خالد بن الوليد ‪K‬‬ ‫بعث بشير بن سعد أبا النعمان بن بشير األنصاري إلى بانقيا فخرج عليه ُّ‬ ‫فرخبنداذ في‬ ‫جيش فهزمهم بشير وقتل فرخبنداذ وصالحوه على ألف درهم وطيلسان وانصرف بشير‬ ‫ْ‬ ‫وبه جراحة فمات بعين التمر ثم بعث خالد جرير بن عبداهلل إلى بانقيا فخرج إليه بُصبُهرى‬ ‫بن صلوبا فاعتذر إليه وصالحه على ألف درهم وطيلسان‪ .‬وذكر إسحاق بن بشير أبو‬ ‫حذيفة أن خالد بن الوليد سار من الحيرة حتى نزل بانقيا على شاطئ الفرات قاتلوه ليلة‬ ‫حتى الصباح فلما رأوا أنه ال طاقة لهم بحربه طلبوا منه الصلح فصالحم وكتب لهم كتابا‬ ‫فيه (بسم اهلل الرحمن الرحيم) هذا كتاب من خالد بن الوليد َ‬ ‫لصلوبا بن بصبهري –‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫ومنزله بشاطئ الفرات – إنك آمن بأمان اهلل على حقن دمك في إعطاء الجزية عن نفسك‬ ‫ّ‬ ‫ورض َي من‬ ‫وسميا على ألف درهم جزية وقد قبلنا منك‬ ‫وجيرتك وأهل قريتك بانقيا‬ ‫ِ‬ ‫معي من المسلمين بذلك فلك ذمة اهلل وذمة النبي محمد ! وذمة المسلمين على ذلك‬ ‫شهد هشام بن الوليد وجرير بن عبداهلل بن أبي عوف وسعيد بن عمرو وكتب سنة ‪13‬هـ‬ ‫والسالم ‪ .‬وفي خالفة عمر جدد أهل بانقيا وأليس الصلح بأن دلوا أبي عبيدة بن مسعود‬ ‫الثقفي وجرير بن عبداهلل البجلي على مخاضة – موضع من النهر يكون الماء فيه ضحال‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫حتى عبروا إلى باق ْسياثا سنة ‪13‬هـ‪.‬‬ ‫ََّ‬ ‫َ‬ ‫[ الزارة ]‪ :‬حاصرها العالء بن الحضرمي ‪ K‬ودام حصارها لغاية تولي عمر الخالفة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فتم الفتح في أيام عمر حيث قتل مرزبانها من قبل البراء بن مالك ‪ .‬ثم خرج إليه رجل طالبا‬ ‫األمان‪ ،‬ليدلهم على عين خارجة للماء كانوا يشربون منها‪ ،‬فسدها العالء‪ ،‬فصالحوه على‬ ‫أن له ثلث المدينة وثلث ما فيها من الذهب والفضة‪ .‬ثم تقدم إلى الغابة ففتحها‪.‬‬ ‫‪57‬‬ ‫أهم املدن املفتوحة يف خالفة عمر بن اخلطاب ‪K‬‬ ‫[ اطـد ]‪ :‬أرض قرب الكوفة من جهة البر نزلها جيش المسلمين بقيادة أبي عبيدة‬ ‫َ ٌ‬ ‫بن مسعود الثقفي في أول أيام الفتوح‪.‬‬ ‫[ اجلعرانـة ]‪ - :‬أرض قرب الكوفة‪ . -‬وذكر سيف بن عمر في كتاب الفتوح قال‬ ‫أول من قدم أرض فارس حرملة بن ُمريطة وسلمى بن القين وكان من المهاجرين ومن‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫صالحي الصحابة فنـزال أطد ونعمان والجعرانة في أربعة آالف من بني تميم والرباب‬ ‫وكان بإزائهما النُّوشجان والفيومان َ‬ ‫بالو ْركاء فزحفوا إليهما فغلبوهما على الوركاء‪ .‬ومن‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫الرواية نرجح أن بالد العراق (فارس) تعرضت لمحاوالت هجومية من قبل القبائل‬ ‫اجملاورة لها باجتهاد منهم‪ ،‬ودون تكليف من الخليفة أبي بكر الصديق ‪ ،K‬فكان يغير‬ ‫عليها المثنى بن حارثة من ناحية الحيرة‪ ،‬وقطبة بن قتادة وقيل سويد بن قطبة العجلي‪،‬‬ ‫من ناحية الخريبة‪ ،‬وكذا في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬كان هنالك اختراق لحدود‬ ‫العراق (فارس) من قبل حرملة بن مريطة‪ ،‬وسلمى بن القين التميمي رضي اهلل عنهما‪،‬‬ ‫ودون مشورة عمر بن الخطاب ‪ ،K‬وكان ذلك بعد معركة البويب وانسحاب المثنى بن‬ ‫حارثة ‪ K‬بالجيش إلى الحدود‪.‬‬ ‫هذا الوضع في بالد العراق (فارس) أقلق الخليفة‪ ،‬فسارع إلى إرسال جيش بقيادة‬ ‫سعد بن أبي وقاص ‪ K‬إلى الحيرة وآخر بقيادة شريح بن عامر السعدي إلى البصرة‬ ‫إلشغال الفرس عن مساعدة إخوانهم بالقادسية‪.‬‬ ‫[ النمارق ]‪ :‬موضع قرب الكوفة من أرض العراق‪ -‬نزله عسكر المسلمين في أول‬ ‫ورودهم العراق في خالفة عمر‪ .‬بقيادة أبي عبيد بن مسعود الثقفي‪.‬‬ ‫[ الهوايف ]‪ :‬موضع بأرض السواد وكان جيش أبي عبيد الثقفي أوقع بهم بعد‬ ‫معركة النمارق‪ ،‬وفي سنة ‪13‬هـ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫[ السقاطية ]‪“ :‬ناحية بك ْسكر من أرض واسط‪ -‬أوقع عندها أبو عبيد الثقفي‬ ‫بالنرسيان صاحب جيوش الفرس فهزمه شر هزيمة” في سنة ‪13‬هـ‪.‬‬ ‫‪58‬‬ ‫ُ‬ ‫باق ْسياثا ]‪“ :‬ناحية بأرض السواد من عمل ُ‬ ‫بارسما ‪ .‬أوقع عندها أبو عبيد الثقفي‬ ‫[‬ ‫بالجالينوس صاحب الفرس فهزمه‪ ،‬وذلك في سنة ‪13‬هـ في أيام عمر”‪.‬‬ ‫[ بسوسا ]‪ :‬موضع قرب الكوفة نزله مهران أيام الفتوح وكان المسلمون بقيادة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المثنى بن حارثة ‪ .‬وذلك في سنة ‪13‬هـ في خالفة عمر ‪ .‬وهزم الفرس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ َّ َّ‬ ‫الق ْرقس‪ ،‬ويقال لها‬ ‫[ اجلسر ]‪ :‬ـ وأيضا يقال لها‪ :‬القس قس الناطف ويقال لها ِ‬ ‫َ‬ ‫الم ْروحة ـ موضع قرب الحيرة كانت فيه وقعت بين المسلمين والفرس وكان أبا بكر ‪K‬‬ ‫قد أمر خالد بن الوليد وهو بالعراق بالمسير إلى الشام لنجدة المسلمين ويخلف بالعراق‬ ‫ُ‬ ‫المثنى بن حارثة الشيباني فجمعت الفرس لمحاربة المسلمين وكان أبو بكر قد مات فسير‬ ‫المثنى إلى عمر بن الخطاب ‪ K‬يعرفه بذلك فندب عمر الناس إلى قتال الفرس فهابوهم‬ ‫فانتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار بن أبي عبيد في طائفة من المسلمين‬ ‫فقدموا إلى بانقيا فأمر أبو عبيد بعقد جسر على الفرات ويقال بل كان الجسر قديما هناك‬ ‫ألهل الحيرة يعبرون عليه إلى ضياعهم فأصلحه أبو عبيد وعبر إلى عسكر الفرس وواقعهم‬ ‫فكثروا على المسلمين ونكلوا فيهم نكاية قبيحة لم ينكلوا في المسلمين قبلها وال بعدها‬ ‫ُ‬ ‫وقتل أبو عبيد رحمه اهلل وانتهى الخبر إلى المدينة وبعدها خاض من بقي من المسلمين‬ ‫معركة البويُّ ُ‬ ‫ب‪ .‬واختلف في سنة وقوعها فقيل سنة ‪13‬هـ من قبل كل من خليفة بن خياط‪،‬‬ ‫والدينوري‪ ،‬وابن عساكر وهو الراجح ‪ .‬وعند ابن سعد وابن األثير – في أسد الغابة وله‬ ‫ً‬ ‫أيضا سنة ‪15‬هـ‪ ،-‬وابن كثير سنة ‪14‬هـ‪.‬؛ وعند موسى بن عقبة‪ ،‬وابن عبدالبر سنة ‪15‬هـ‪.‬‬ ‫[ َ‬ ‫البوي ُب ]‪ :‬موضع الكوفة على نهر الفرات كانت عنده وقعة أيام الفتوح بين‬ ‫ْ‬ ‫المسلمين والفرس في خالفة عمر في سنة ‪13‬هـ‪ ،‬بعد مقتل أبو عبيدة بن مسعود الثقفي‬ ‫وتولى القيادة المثنى بن حارثة الشيباني‪ ،‬فهزم الفرس‪ ،‬وانسحب إلى الحدود‪.‬‬ ‫[ ديرز ْور ]‪ :‬قال المدائني‪ :‬بعث عمر بن الخطاب ‪ K‬في سنة ‪14‬هـ شريح ابن‬ ‫ً‬ ‫عامر أخ سعد بن بكر إلى البصرة وقال له كن ردءا للمسلمين فسار إلى األهواز فقتل‬ ‫ً‬ ‫بديرزور‪ .‬وأضاف خليفة بن خياط والطبري وبعث أيضا عتبة بن غزوان‪.‬‬ ‫َ َُْ‬ ‫‪59‬‬ ‫[ األهواز ]‪ :‬ذكر خليفة بن خياط‪ ،‬والذهبي – في تاريخه – أنه في سنة ‪16‬هـ‬ ‫وبعد مغادرة عتبة بن غزوان ‪ K‬البصرة إلى المدينة سار خليفته المغيرة بن شعبة ‪K‬‬ ‫إلى األهواز ففتحها صلحا على الجزية‪ .‬ثم نقضوا في سنة ‪17‬هـ كما عند سيف – والقائد‬ ‫أبو موسى ومعه أبو سبرة ‪ ،-‬والبالذري – والقائد هو المغيرة ‪.-‬؛ والطبري – والقائد‬ ‫هو النعمان بن مقرن ‪.-‬؛ والذهبي – في العبر والقائد هو أبو موسى ‪ ،.-‬وانفرد ابن‬ ‫كثير بذكر تاريخين سنة ‪17‬هـ وقيل سنة ‪ 20‬هـ والراجح أن قائد الفتح األول هو المغيرة‬ ‫وإعادة الفتح تم بالقائد أبي موسى األشعري ‪.K‬‬ ‫[ القادسية ]‪ :‬قال المدائني‪ :‬كانت القادسية تسمى قديسا … وبهذا الموضع‬ ‫َ‬ ‫كانت معركة القادسية بين المسلمين والفرس تحت قيادة سعد بن أبي وقاص في أيام‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ K‬في سنة ‪16‬هـ‪ ،‬عند كل من الواقدي‪ ،‬وياقوت‪ ،‬والمزي ‪.‬؛ وأما‬ ‫عند كل من سيف‪ ،‬والطبري‪ ،‬والمسعودي‪ ،‬وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬وابن األثير في‬ ‫الكامل‪ ،‬وابن كثير فهي سنة ‪14‬هـ‪ .‬واإلجماع كان على سنة ‪15‬هـ من ابن إسحاق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والمدائني‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬ومحمد بن حبيب‪ ،‬وابن مندة‪ ،‬وابن عبد البر‪ -‬وله أيضا‬ ‫وقيل سنة ‪16‬هـ‪ ،.-‬وابن األثير – في أسد الغابة‪ ،‬وأبو الفدا‪ ،‬والذهبي‪ -‬في سير أعالم‬ ‫يؤمئذ وسعد في القصر ينظر إليهم ‪.‬‬ ‫النبالء‪ .-‬وسنة ‪15‬هـ هي الراجحة‪ .‬وقاتل المسلمون‬ ‫ٍ‬ ‫وذكر أصحاب الفتوح أن القادسية كانت أربعة أيام فسموا األول يوم أرماث واليوم الثاني‬ ‫يوم أغواث واليوم الثالث يوم عماس وليلة اليوم الرابع ليلة الهرير واليوم الرابع سموه يوم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القادسية وكان الفتح للمسلمين وقتل رستم جازوية ولم يقم للفرس بعد قائمة … وقال‬ ‫ً‬ ‫ابن الكلبي … وكان القائد النريمان ومعه أربعة آالف ‪.‬؛ ومعه ‪ 18‬فيال‪ ،‬وكان سعد به‬ ‫قرح في رجله وقيل دمامل فلم يباشر القتال ‪.‬‬ ‫[ األنب�ار ‪ – :‬ألن فيها أنابير الحنطة والشعير‪ ،‬والتين – (ذات العيون)] قال البخلي‪:‬‬ ‫بعد القادسية سار سعد إلى األنبار فنـزلها‪ – .‬وكان خالد بن الوليد قد سبق له فتحها في‬ ‫أيام الصديق ‪.- K‬‬ ‫‪60‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ُْ‬ ‫[ األ ُبلة‪ ،‬الفرات‪ ،‬املذار‪ ،‬دست ميسان‪ ،‬أبزقباذ]‪ :‬كان يغير عليها قرط ويقال قريط‬ ‫ُ‬ ‫بن أبي رمثة التميمي – اإلصابة – وقيل قطبة بن جزي ويقال ابن حريز – االستيعاب‪-‬‬ ‫َُ ُ‬ ‫وفي األخبار الطوال وفي اإلكمال سويد بن قطبة العجلي – وهو الراجح‪ -‬وفي المنتظم‬ ‫قطبة بن قتادة السدوسي بدون إذن عمر فكتب إليه يطلب اإلذن والمدد‪ ،‬فسير إلى األبلة‬ ‫جيشا بقيادة عتبة بن غزوان – وقيل بل سيره سعد – فتقدم إلى البصرة ولم تكن قد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وح َ‬ ‫صى‬ ‫مصرت وإنما كانت الخريبة ثم سار إلى أرض فيها حجارة خشن بيض وسود‬ ‫َ َ‬ ‫رخوة كالمدر – موضع البصرة – (أي الكذان الغليظ) حتى بلغ األبلة‪ ،‬فخرج إلى أهلها‬ ‫فقاتلهم‪ ،‬فهزمهم ودخل مدينتهم ومنها بعث األخماس مع رافع بن الحارث بن كلدة‬ ‫الثقفي مع ذكر عدد الشهداء وهم سبعون من المسلمين ‪ .‬بعد ذلك تقدم إلى فرات‬ ‫البصرة‪ -‬وقيل فتحها مجاشع بن مسعود بأمر عتبة – ومنها توغل حتى بلغ المذار‪ ،‬فقاتله‬ ‫مرزبانها فأسره‪ ،‬وضرب عنقه وكتب إلى عمر بالفتح‪ .‬وسأل الناس الرسول فقال‪ :‬إن‬ ‫المسلمين يهيلون بها الذهب والفضة هيال‪ ،‬فرغب الناس في التوجه إلى ناحية البصرة‪.‬‬ ‫ثم تقدم عتبة بن غزوان إلى دست ميسان (دستميسان‪ ،‬ميسان) ففتحها وقتل مرزبانها‬ ‫وسبى سبيا منهم‪ ،‬يسار أبو الحسن بن أبي الحسن البصري‪ -‬ويقال فتحها المغيرة بن‬ ‫شعبة‪ -‬ثم تقدم إلى أبزقباذ وأرسل بالخمس مع أنس بن الشيخ بن النعمان ثم عاد إلى‬ ‫البصرة ومنها إلى المدينة‪.‬‬ ‫[ فارس ] كانت االنطالقة األولى لنشر اإلسالم بها من البحرين فمنها جاز العالء‬ ‫بن الحضرمي ‪ K‬إلى فارس في سنة ‪17‬هـ كما ذكر الطبري ففتح توج ثم أخذ في التوغل‬ ‫إلى أن حوصر في طاووس‪ ،‬فطلب الغوث من الخليفة عمر ‪ ،K‬فأمده بما مكنه من‬ ‫ً‬ ‫تحقيق النصر وإرسال األخماس مع مجاشع بن مسعود السلمي ‪ .‬وكانت سببا في عزل عمر‬ ‫للعالء رضي اهلل عنهما‪ .‬وانفرد خليفة بن خياط بذكر سنة ‪19‬هـ لتقدم حملة بقيادة هرم ابن‬ ‫ً‬ ‫حيان العبدي من توج إلى ريشهر فصالحوه على الجزية وأضاف أيضا أنه في سنة ‪19‬هـ‬ ‫ْ‬ ‫ُسهرك (شهرك) قتله عثمان بن أبي العاص الثقفي وأبو موسى األشعري رضي اهلل عنهما في‬ ‫ْ‬ ‫ريشهر‪ -‬والراجح أن قتل ُسهرك تم في سنة ‪23‬هـ كما سيأتي عند خليفة نفسه وغيره‪.-‬؛‬ ‫‪61‬‬ ‫وفي سنة ‪21‬هـ عند خليفة بن خياط – ولفظه وقيل ‪ ،-‬والطبري‪ ،‬وابن عبدالبر‪ -‬ولكنه ذكر‬ ‫القائد هو عثمان ‪.-‬؛ وابن األثير – في أسد الغابة‪.‬؛ وابن كثير فتح توج مجاشع بن مسعود‬ ‫السلمي‪ ،‬وفي سنة ‪23‬هـ عند خليفة بن خياط‪ ،‬والدينوري – وقيل معه أبو موسى األشعري‬ ‫‪ ،- K‬ومحمد بن حبيب‪ ،‬وابن دريد‪ ،‬وابن عبد البر‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬وياقوت‪ ،‬والبلخي‬ ‫فتح عثمان بن أبي العاص الثقفي توج وقتل ُسهرك (شهرك)‪ -‬اختلف في قاتله فعند خليفة‬ ‫بن خياط قاتله هو رجل من اليحمد اسمه جديد بن مالك أو مالك بن جديد‪ ،‬وعند ابن‬ ‫دريد في االشتقاق اسمه ُ‬ ‫َّ‬ ‫الجرة فنفله عثمان بن أبي العاص منطقته وكانت ثالثة‬ ‫باب بن ِذي‬ ‫عشر شبرا مرصعة بالجوهر بيعت بثالثين ألفا‪ .-‬وعند البالذري‪ ،‬والدينوري‪ -‬وذكر أن قتل‬ ‫ُسهرك كان في معركة ريشهر ال توج‪ ،-‬وابن األثير – وفيه وقيل قتل ُسهرك‪ ،-‬والبلخي‪-‬‬ ‫وذكر أن قتل سهرك في أردشير بقيادة عثمان وأبي موسى األشعري رضي اهلل عنهما ‪ .-‬فتح‬ ‫توج الحكم ‪ .‬والراجح فتح توج عثمان والحكم‪.‬؛ وذكر كل من الدينوري‪ ،‬والبالذري‪،‬‬ ‫وابن األثير أن الحكم فتح جزيرة بركاوان (بني كاوان) ثم تقدم إلى توج والراجح أن عثمان‬ ‫سير أخاه الحكم ففتح جزيرة بركاوان ثم سارا معا لفتح توج بخالف ياقوت الذي ذكر‬ ‫أن فتح بركاوان تم على يد عثمان بن أبي العاص‪ .‬ومن توج توغل عثمان بن أبي العاص‬ ‫الثقفي في سنة ‪23‬هـ كما عند الدينوري وابن األثير في أرجان‪ -‬في تاريخ خليفة سنة ‪27‬هـ‬ ‫فتحها عثمان وأبو موسى األشعري رضي اهلل عنهما والراجح أن الفتح تم في سنة ‪23‬هـ‬ ‫كما ذكرنا ثم نقضوا في سنة ‪27‬هـ كما في األخبار الطوال ‪.-‬؛ وكازرون‪ -‬في تاريخ خليفة‬ ‫فتحها سنة ‪26‬هـ ‪ -‬والنوبندجان‪ ،‬ودار بجرد‪ -‬في تاريخ خليفة فتحها عثمان وأبو موسى‬ ‫‪.-‬؛ وجنابا وجهرم واصطخر‪ -‬وكذا عند سيف سار من توج إلى اصطخر‪ ,-‬وكان فتح‬ ‫[ اصطخر ] األولى في سنة ‪23‬هـ عند ابن إسحاق – ولكن يذكر أنه تم حصارها ولم يتم‬ ‫فتحا – وأبي معشر‪ ،‬والواقدي‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪ ،‬وأبي زرعة الدمشقي‪ ،‬وأبي الفرج بن‬ ‫الجوزي‪ ،‬وابن كثير من قبل عثمان بن أبي العاص الثقفي‪ ،‬ونقضوا في خالفة عثمان في‬ ‫سنة ‪29‬هـ عند خليفة بن خياط‪ ،‬والبسوي وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬فسار إليهم عثمان بن‬ ‫أبي العاص الثقفي وعبد اهلل بن عامر – وعند أبي معشر‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪ ،‬وابن األثير‬ ‫‪62‬‬ ‫أنهم نقضوا في سنة ‪28‬هـ ‪.-‬؛ ومن توج سار عثمان بن أبي العاص في سنة ‪26‬هـ إلى‬ ‫[ سابور ]‪ -‬في تاريخ خليفة في سنة ‪21‬هـ بعث عثمان بن أبي العاص سوار بن هبار العبدي‬ ‫‪.‬؛ ففتحها عند الليث بن سعد‪ ،‬والشعبي‪ ،‬والدينوري‪ ،‬والبسوي‪ ،‬وأبي زرعة الدمشقي‪.‬‬‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫[ كوث ]‪ :‬أحدهما كوثى بالطريق واألخر كوثى ربى وبها مشهد إبراهيم الخليل‬ ‫ُ‬ ‫عليه السالم وبها مولده وهما من أرض بابل وبها طرح إبراهيم في النار وهما ناحيتان‪..‬‬ ‫َ‬ ‫وسار سعد من القادسية ففتح نرس‪ ،‬وبابل و كوثى‪ ،‬وعند الطبري أن قائد الجيش هو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحويّة وأنهما وقعتا في سنة ‪15‬هـ وهو الراجح ثم سار إلى بَ ُه َر س ُ‬ ‫ير – قرب‬ ‫بن‬ ‫هرة‬ ‫ز‬ ‫ِ‬ ‫المدائن‪ -‬وحاصرها لمدة تسعة أشهر وقيل ثمانية أشهر ثم عبر نهر دجلة إلى المدائن‬ ‫في سنة ‪15‬هـ وقيل ‪16‬هـ‪ .‬فتم فتحها على يد سعد بن أبي وقاص ‪ K‬في سنة ‪16‬هـ‬ ‫وهو الراجح‪.‬‬ ‫[ املدائن ]‪ :‬اسم أطلقه المسلمون على المدينتين طيسفون وسلوقية وتسمى‬ ‫المدينة العتيقة الشرقية وفيها القصر األبيض وهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة‪:-‬‬ ‫االنتصار المحقق في معركة القادسية جعلهم يتطلعون إلى نشر اإلسالم بالعاصمة (المدائن)‬ ‫َ‬ ‫وللوصول إليها البد من إخضاع المدن‪ :‬بابل وكوثى وبَ ُهرسير‪ -‬وفي األخيرة شاهدوا‬ ‫المدائن فكبروا‪ -‬فتم إخضاعها من قبل القائد سعد بن أبي وقاص ‪ K‬في الضفة الغربية‬ ‫المواجهة للمدائن والبد للمسلمين من العبور إلى الضفة الشرقية لنهر دجلة – على الرغم‬ ‫ُ‬ ‫من أخذ الفرس لجميع السفن وكذلك هدم الجسور ووضع حامية على الضفة األخرى‬ ‫(الشرقية) لعرقلة التقدم اإلسالمي ‪.-‬؛ فكان سعد ‪ K‬أول من اقتحم بفرسه نهر دجلة‪-‬‬ ‫وقيل أول من اقتحم فرسه في دجلة هو هالل بن علفة وقيل رجل من عبد قيس‪.‬؛ والراجح‬ ‫هو سعد‪ .-‬وابتدأ فقال بسم اهلل‪ ،‬ودفع فرسه في النهر ثم تبعه جند اهلل والجميع يتحدثون‬ ‫كما يتحدثون على وجه األرض‪ ،‬ووقفت الحامية الفارسية على الضفة الشرقية تنتظر‬ ‫أن يغرقوا‪ ،‬فلما توغلوا صاحوا ديواني – مجانين – ديواني‪ ،‬ثم صوب إليهم جند اهلل‬ ‫سهامهم ففقئت حوالي ألف عين‪ ،‬فهربوا ‪ .‬ووصل جند اهلل إلى الضفة الشرقية دون فقد‬ ‫أي رجل أو عقاال‪ ،‬فدخل المسلمون المدائن وهي خالية إال من فرقة من الجند في محيط‬ ‫‪63‬‬ ‫القصر األبيض حيث مقر ملك الفرس‪ ،‬ثم استسالم الحامية ودخل سعد ‪ K‬داخل القصر‬ ‫األبيض‪ .‬وغنم المسلمون ما تركه ملكها وأهلها من النفائس التي تم تقسيمها بين المسلمين‪.‬‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫كوفوا‪ :‬أي اجتمعوا‪ ،‬وقيل ِبج َب ْيل صغير يُسمى كوفان)‬ ‫بن�اء الكوفة‪( :‬من قولهم ت‬ ‫ذكر الواقدي‪ ،‬والبالذري‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬والطبري‪ ،‬وياقوت أنها بنيت في سنة ‪17‬هـ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكذا ورد أيضا بنحوه في تاريخ أبي الفداء‪ .‬وأما سنة ‪18‬هـ‪ ،‬فقد وردت عند اليعقوبي‬ ‫ولكن بلفظ‪ .‬وقيل في أول سنة ‪18‬هـ‪ .‬وانفرد سيف بذكر بنائها في سنة ‪16‬هـ‪ .‬وأنها‬ ‫بنيت بعد عبور نهر دجلة وفتح المدائن ‪ .‬وولي سعد بن أبي وقاص السائب بن األقرع‬ ‫وأبا الهياج األسدي خطط الكوفة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫[ مهروذ ]‪ :‬ولما فرغ المسلمون من المدائن وملكوها ساروا نحو َجلوالء‪ ،‬ومنها‬ ‫إلى مهروذ وعلى المقدمة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص فجاءه دهقانها وصالحه على‬ ‫ً‬ ‫جريب من الدراهم على أن ال يقتلوا من أهلها أحدا‪.‬‬ ‫بن�اء البصرة‪ :‬ذكر أبو مخنف‪ ،‬والواقدي‪ ،‬والمدائني‪ ،‬وخليفة بن خياط‪،‬‬ ‫والطبري‪ ،‬والمسعودي‪ ،‬وابن الجوزي‪ -‬وله (ابن الجوزي) قول آخر فيه أنها فتحت في‬ ‫سنة ‪17‬هـ‪ ،.-‬وياقوت‪ ،‬وشيخ الربوة‪ ،‬وأبي الفداء – وله قول آخر ورد بلفظ « وقيل في‬ ‫سنة ‪15‬هـ‪.-‬؛ والذهبي‪ ،‬وابن كثير أن البصرة فتحت ومصرت في سنة ‪14‬هـ‪ .‬إال سيف‬ ‫بن عمر فإنه ذكر أنها فتحت ومصرت في سنة ‪16‬هـ‪ .‬وعقب المسعودي‪ ،‬وابن الجوزي‪،‬‬ ‫وابن كثير على السنة التي أوردها سيف فقالوا‪> :‬وذهب كثير من الناس أنها مصرت في‬ ‫ربيع سنة ‪16‬هـ<‪.‬؛ وقال ابن الجوزي‪> :‬وقد زعم سيف بن عمر أن البصرة مصرت في‬ ‫سنة ‪16‬هـ‪ .‬واألول (أي سنة ‪14‬هـ) أثبت وعليه الجمهور‪.‬؛ واقتصر تعقيب ابن كثير على‬ ‫ذكر وزعم سيف أن البصرة إنما مصرت في سنة ‪16‬هـ<‪.‬؛ وفي اإلكمال البن ماكوال ذكر‬ ‫لبناء عتبة بن غزوان للبصرة ودون إيراد للسنة التي تم فيها البناء‪.‬؛ ونرجح سنة ‪16‬هـ‪.‬‬ ‫جلوالء (فتح الفتوح)‪ :‬هي معركة وقعت في بالد فارس‪ ،‬وقد اختلف في تحديد‬ ‫َُ ْ‬ ‫السنة التي وقعت فيه فيذكر كل من الواقدي‪ ،‬والبالذري‪ ،‬والطبري‪ ،‬وياقوت‪ ،‬وابن‬ ‫‪64‬‬ ‫األثير‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬والسيوطي أنها وقعت في سنة ‪16‬هـ ‪ .‬وذهب كل من سيف بن عمر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وخليفة بن خياط‪ ،‬وابن عبد البر‪ -‬وله أيضا أنها وقعت في سنة ‪19‬هـ_‪.‬؛ والذهبي إلى أنها‬ ‫وقعت في عام ‪17‬هـ‪ .‬وأرخها كل من الليث بن سعد‪ ،‬وقتادة بن دعامة السدوسي‪ ،‬وسعيد‬ ‫بن عفير األنصاري‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬وابن قتيبة‪ ،‬والسمعاني‪ ،‬وابن خلكان‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬بأنها‬ ‫وقعت في سنة ‪19‬هـ‪ .‬ونرجح أنها جرت في سنة ‪16‬هـ التفاق معظم المؤرخين وألنها‬ ‫جرت مباشرة بعد فتح المدائن‪ .‬وكان المسلمون بقيادة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ‪.K‬‬ ‫وسميت جلوالء الوقيعة لما أوقع بهم المسلمون‪ .‬وقال سيف قتل من الفرس مائة ألف‬ ‫فجللت القتلى اجملال فسميت جلوالء لما جللها من قتالهم فهي جلوالء الوقيعة وقيل‬ ‫لما تجللها من الشر واقتسم الناس فيء جلوالء على ثالثين ألف ألف‪ ،‬وكان الخمس ستة‬ ‫آالف ألف‪ .‬وعند الليث بن سعد‪ ،‬والقاضي أبي يوسف‪ ،‬وسعيد بن عفير األنصاري‪ ،‬وأبو‬ ‫عبيد (القاسم بن سالم)‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬وابن عبدالبر أن القائد هو سعد بن أبي وقاص ‪K‬‬ ‫‪ .‬وعند قتادة السدوسي وهشام الكلبي أن القائد عمرو بن عتبة بن نوفل بن أهيب‪ ،‬وعند‬ ‫الدينوري أن القائد عمرو بن مالك بن نجبة‪ ،‬وعند ابن دريد في االشتقاق أنه (القائد)‬ ‫عمرو بن مالك بن عتبة‪ .‬والراجح أن القائد هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ‪. K‬‬ ‫[ ُحلوان ]‪ :‬بعد إخضاع جلوالء سير سعد بن أبي وقاص ‪ K‬القعقاع بن عمرو –‬ ‫وقيل جرير بن عبداهلل البجلي وقيل هاشم بن عتبة‪ ،‬والراجح أنه وجه القعقاع وجرير‪.-‬‬ ‫وأن الفتح تم في سنة ‪16‬هـ عند سيف‪ ،‬والطبري‪ ،‬وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬وأبي‬ ‫الفداء‪ ،‬والنويري‪ ،‬و‪ -‬وهو الراجح ألن جلوالء سنة ‪16‬هـ‪ -‬وذكر خليفة بن خياط أن‬ ‫الفتح تم سنة ‪18‬هـ‪.‬؛ وعند الواقدي وياقوت سنة ‪19‬هـ‪.‬؛ وفي أيام عثمان نقضوا فسار‬ ‫إليهم عبداهلل بن عامر في سنة ‪29‬هـ فافتتحها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫[ خانقني ]‪ :‬من جلوالء أرسل هاشم جيشا بقيادة القعقاع بن عمرو فقتل قائد‬ ‫الفرس ودخل المدينة عنوة‪.‬‬ ‫[ توج ]‪ – :‬مدينة بفارس – فتحها عثمان بن أبي العاص الثقفي ‪.K‬‬ ‫‪65‬‬ ‫[ أرجان ]‪ – :‬مدينة بفارس – أن عثمان بن أبي العاص الثقفي وأبا موسى األشعري‬ ‫رضي اهلل عنهما تقدما من توج إلى َّأرجان وتمكنا من نشر اإلسالم بها صلحا على الجزية‬ ‫َّ‬ ‫والخراج‪.‬‬ ‫[ شيـراز ]‪ – :‬مدينة بفارس – أن عثمان بن أبي العاص الثقفي وأبا موسى األشعري‬ ‫رضي اهلل عنهما سارا معا وتمكنا من فتحها على الجزية والخراج ـ وقيل فتحها في سنة‬ ‫‪27‬هـ ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫[ الدينور ]‪َ :‬م َاه الكوفة – افتتحها سعد بن أبي وقاص ‪ K‬بعد فتح المدائن ثم‬ ‫انتقضت بعد معركة نهاوند في سنة ‪22‬هـ فسار إليهم حذيفة بن اليمان ‪ K‬فأخضعها‬ ‫للمسلمين عنوة‪.‬‬ ‫‪17‬هـ‪.‬‬ ‫َْ ُ‬ ‫[ أر ُبك ]‪ :‬مدينة تقع في نواحي األهواز – فتحها النعمان بن مقرن المزني في سنة‬ ‫فسا‪ :‬مدينة في فارس ‪ .‬كان عمر قد بعث سارية بن زنيم الدؤلي إلى فسا ودار‬ ‫ابجر‪ ،‬فحاصرهم ثم إنهم تداعوا فأصحروا له‪ ،‬وكثروه فأتوه من كل جانب‪ ،‬فقال عمر‬ ‫وهو يخطب في يوم جمعة يا سارية بن زنيم‪ ،‬الجبل‪ ،‬الجبل‪ ،‬الجبل! ولما كان ذلك‬ ‫اليوم وإلى جنب المسلمين جبل‪ ،‬أن لجئوا إليه لم يؤتوا إال من وجه واحد‪ ،‬فلجئوا‬ ‫إلى الجبل‪ ،‬ثم قاتلوهم فهزموهم‪ ،‬فأصاب مغانمهم‪ ،‬وأصاب في المغانم سفطا فيه‬ ‫جوهر‪ ،‬فاستوهبه المسلمين لعمر‪ ،‬فوهبوه له‪ ،‬فبعث به مع رجل‪ ،‬وبالفتح‪ .‬وكان‬ ‫الرسل والوفد يجازون وتقضى لهم حوائجهم‪ ،‬فقال له ساريه‪ :‬استقرض ما تبلغ به‬ ‫وما تخلفه ألهلك على جائزتك فقد الرجل البصرة‪ ،‬ففعل‪ ،‬ثم خرج فقدم على عمر‪،‬‬ ‫فوجده يطعم الناس‪ ،‬ومعه عصاه‪ ،‬التي يزجر بها بعيره‪ ،‬فقصد له‪ ،‬فأقبل عليه بها‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬اجلس‪ ،‬فجلس حتى إذا أكل القوم انصرف عمر‪ ،‬قام فأتبعه‪ ،‬فظن عمر أنه رجل‬ ‫لم يشبع‪ ،‬فقال حين انتهى إلى باب داره‪ :‬ادخل – وقد أمر الخباز أن يذهب بالخوان‬ ‫إلى مطبخ المسلمين‪ -‬فلما جلس في البيت أتى بغدائه خبز وزيت وملح جريش‪ ،‬فوضع‬ ‫‪66‬‬ ‫ثم قال للرجل‪ :‬أدن فكل‪ ،‬فأكال‪ .‬حتى إذا فرغ قال رسول سارية يا أمير المؤمنين …‬ ‫َُ‬ ‫السفيط فقال له‪ :‬ال وال كرامة حتى تقدم على ذلك الجند فتقسمه بينهم‪.‬‬ ‫ثم أخبره بقصة‬ ‫ً‬ ‫فرجع الرسول حتى قدم البصرة‪ ،‬فنفذ األمر عمر ‪ .‬وعن الفتح وهل سمعوا شيئا يوم‬ ‫الواقعة‪ .‬فقال نعم‪ ،‬سمعنا‪“ :‬يا سارية الجبل‪ .‬وقد كدنا أن نهلك‪ ،‬فلجأنا إليه‪ ،‬ففتح اهلل‬ ‫علينا”‪.‬‬ ‫[ كسكر ]‪ :‬مدينة بالعراق ومن طساسيجها زندورد‪ .‬سير إليها سعد بن أبي وقاص ‪K‬‬ ‫َ ْ َ‬ ‫في سنة ‪21‬هـ القائد النعمان بن مقرن المزني فعقد الصلح مع أهل زندورد وجوخي‬ ‫وكسكر ثم واله عمر على كسكر‪ ،‬وجوخي‪ .‬فطلب النعمان إعفائه فعزله وأمره بالمسير‬ ‫على رأس الجيش السائر إلى نهاوند‪.‬‬ ‫نه َاوند‪ :‬وهي معركة وقعت في بالد فارس‪ ،‬وقد اختلف المؤرخون في تحديد‬ ‫ََ ْ‬ ‫السنة التي وقعت بها معركة نهاوند ‪ .‬فذكر سيف أنها وقعت في سنة ‪18‬هـ‪ .‬وأما أبو‬ ‫مخنف فقد أورد تاريخين وهما ‪19‬هـ وقيل ‪20‬هـ‪ .‬وذكر البالذري أنها وقعت في‬ ‫سنة ‪20‬هـ‪ .‬وذهب كل من ابن إسحاق‪ ،‬وأبو معشر‪ ،‬والواقدي‪ ،‬وخليفة بن خياط‪،‬‬ ‫والدينوري‪ ،‬والطبري‪ ،‬وابن سعد‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬وابن عبد البر‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬والمزي‪،‬‬ ‫وأبو الفدا‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬والخزرجي أنها وقعت في سنة ‪21‬هـ‪.‬‬ ‫ونميل إلى اعتبار انها وقعت في سنة ‪21‬هـ إلجماع معظم المؤرخين منهم‪:‬‬ ‫ابن إسحاق‪ ،‬وأبو معشر‪ ،‬والواقدي ‪ .‬ترتيب قادة المعركة‪ :‬ذكر ياقوت والبالذري‪،‬‬ ‫والدينوري‪ ،‬والمسعودي في ترتيب قادة المعركة ‪ .‬وزاد األخير >وأرسلوا إلى أم ولده‪:‬‬ ‫َُ‬ ‫سفيط فيه كتاب فأخرجوه فإذا‬ ‫هل عهد إليك النعمان عهد له أم عندك كتاب ؟ قالت‪ :‬بل‬ ‫فيه‪ :‬إذا قتل النعمان ففالن وإن قتل …<‪.‬‬ ‫وأما الطبري فذكر النعمان ثم حذيفة بن اليمان ثم نعيم بن مقرن‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫المسلمون ثالثين ألفا وقائدهم النعمان بن مقرن المزني وعدد جيش الفرس ممن قتل‬ ‫ً‬ ‫في اللهب ممن هوى فيه ثمانون ألفا‪ ،‬وفي المعركة ثالثون ألفا مقترين سوى من قتل في‬ ‫الطلب‪.‬‬ ‫‪67‬‬ ‫[ الديلم ]‪ :‬كان سعد بن أبي وقاص ‪ K‬قد غزاها ‪ .‬ثم سار عنها ‪ .‬وسير إليهم‬ ‫نعيم بن مقرن فالتقى بهم فهزمهم وقتل ملك الديلم ودخل المدينة وأرسل األخماس مع‬ ‫سماك ابن خرشة األنصاري إلى المدينة‪.‬‬ ‫[ شيخ ]‪ :‬من كور أصبهان كتب عمر إلى عبداهلل بن عتبان أن سر إلى أصبهان وعلى‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫مقدمتك عبداهلل بن ورقاء الرياحي وعلى مجنبتك عبداهلل بن ورقاء األسدي فسار إلى قرب‬ ‫َ‬ ‫أصبهان وقد اجتمع له جند من العجم عليهم اإلسبيذدار (االستندار) وكان على مقدمته‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شهربراز جاذ َويه كان شيخا كبيرا في جمع كثير فالتقى المسلمون والمشركون في رستاق من‬ ‫رساتيق أصبهان فاقتتلوا وخرج الشيخ شهربراز ودعا إلى البراز فخرج له عبداهلل ابن ورقاء‬ ‫فقتله وانهزم ال أصبهان وسمي المسلمون ذلك الرستاق رستاق الشيخ فهو اسمه إلى اليوم‪.‬‬ ‫[ أصبهان ]‪ :‬تم فتحها في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬في سنة ‪19‬هـ بعد فتح‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫نهاوند بعث عبداهلل – بن عبداهلل – بن عتبان وعلى مقدمته عبداهلل بن ورقاء الرياحي‬ ‫وعلى مجنبته عبداهلل بن ورقاء األسدي‪ ...‬وسار عبداهلل بن عتبان إلى َج ّي والملك يؤمئذ‬ ‫بأصبهان القاذوسقان (الفاذوسفان) ونزل بالناس على َج ّي فخرجوا إليه بعد ما شاء اهلل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫من زحف فلما التقوا قال القاذوسقان لعبد اهلل ال تقتل أصحابي وال أصحابك ولكن أبرز‬ ‫لي فإن قتلتك رجع أصحابك وإن قتلتني سالمتك أصحابي فبرز له عبداهلل فقال له إما أن‬ ‫تحمل ّ‬ ‫علي وإما أن أحمل عليك فقال أنا أحمل عليك فأثبت لي فوقف له عبداهلل وحمل‬ ‫َ‬ ‫عليه القاذوسقان فطعنه فأصاب قربوس السرج فكسره وقطع اللبب والحزام فأزال اللبب‬ ‫ً‬ ‫والسرج فوقف عبداهلل قائما ثم استوى على فرسه عريانا فقال له اثبت فحاجزه وقال له‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ما أحب أن أقاتلك فإني رأيتك رجال كامال ولكني أرجع معك إلى عسكرك فأصلحك‬ ‫وأدفع المدينة إليك على أن من شاء أقام وأدى الجزية وأقام على ماله وعلى أن يجري‬ ‫من أخذتم أرضه مجراهم ومن أبى أن يدخل في ذلك ذهب حيث شاء ولكم أرضه قال‬ ‫ذلك لك … وقدم عليه أبو موسى األشعري من ناحية األهواز وكان عبداهلل قد صالح‬ ‫ً‬ ‫القاذوسقان فخرج القوم من ّ‬ ‫جي ودخلوا في الذمة إال ثالثين رجال من أصبهان لحقوا‬ ‫بكرمان ودخل عبداهلل وأبو موسى ٌ‬ ‫جي مدينة أصبهان … وكتب عبداهلل بالفتح إلى‬ ‫‪68‬‬ ‫ً‬ ‫عمر ‪ K‬فرجع إليه الجواب يأمره أن يلحق بكرمان مددا لسهيل بن عدي لقتال أهلها‬ ‫فاستخلف على أصبهان السائب بن األقرع ومضى … وكان نسخة كتاب صلح أصبهان‪:‬‬ ‫« بسم اهلل الرحمن الرحيم هذا كتاب من عبداهلل للقاذوسقان وأهل أصبهان وحواليها‬ ‫إنكم آمنون ما أديتم الجزية وعليكم من الجزية على قدر طاقتكم كل سنة تؤدونها إلى‬ ‫من يلي بلدكم من كل حاكم وداللة المسلم وإصالح طريقه وقراه يومه وليلته وحمالن‬ ‫الراجل إلى رحله ال تسلطوا على مسلم وللمسلمين نصحكم وأداء ُ ما عليهم ولكم‬ ‫ً‬ ‫شيئا أو غيره منكم مغير ولم تسلموه فال أمان لكم ومن َّ‬ ‫سب‬ ‫األمان بما فعلتم فإن غيرتم‬ ‫ً‬ ‫مسلما بلغ منه فإن ضربه قتلناه وكتب وشهد عبداهلل بن قيس وعبداهلل بن ورقاء وعصمة‬ ‫بن عبداهلل‪ .. .‬قال البالذري‪ .‬وكان فتح أصبهان ورساتيقها في بعض سنة ‪23‬هـ وبعض‬ ‫سنة ‪24‬هـ في خالفة عمر‪ .‬وأيد سنة ‪23‬هـ كل من اليعقوبي‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬وياقوت‪،‬‬ ‫والذهبي‪ .‬وهو الراجح‪.‬‬ ‫[ قم‪ّ َ ،‬‬ ‫ج ]‪ :‬ذكر في الفتوح أن أبا موسى األشعري ‪ K‬لما انصرف من وقعة‬ ‫ُ‬ ‫نهاوند إلى األهواز فاستقراها ثم أتى ق َّما فأقام عليها أياما ثم افتتحها ووجه األحنف‬ ‫ُ‬ ‫بن قيس إلى قاشان ففتحها عنوة ويقال بل كتب عمر بن الخطاب ‪ K‬إلى أبي موسى‬ ‫األشعري‪ ،‬يأمره بتوجيه عبد اهلل بن بديل الرياحي إلى أصبهان في جيش فوجهه ففتح‬ ‫ً‬ ‫عبد اهلل بن بديل َج ّي صلحا على أن يؤدي أهلها الخراج والجزية وعلى أن يؤمنوا على‬ ‫أنفسهم وأموالهم خال ما في أيديهم من السالح ونزل األحنف بن قيس على اليهودية‬ ‫فصالحه أهلها على مثل صلح أهل َج ّي‪ ...‬قال الدينوري‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬وابن كثير‪،‬‬ ‫وكان فتح قم وقاشان في سنة ‪21‬هـ‪.‬وفي الطبري سنة ‪22‬هـ‪ ،‬وعند ياقوت سنة ‪23‬هـ‬ ‫‪ .‬والراجح سنة ‪21‬هـ‪.‬‬ ‫[ الري ]‪ :‬قصبة بالد الجبال وقال لوط بن يحيى كتب عمر بن الخطاب ‪K‬‬ ‫َّ ّ‬ ‫إلى عمار ابن ياسر وهو عامله على الكوفة بعد شهرين من فتح نهاوند يأمره أن يبعث‬ ‫عُروة بن زيد الخيل الطائي إلى الري ودستني في ثمانية آالف ففعل وسار عروة لذلك‬ ‫فجمعت له الديلم وأمدوا أهل الري وقاتلوه فأظهره اهلل عليهم فقتلهم واستباحهم وذلك‬ ‫‪69‬‬ ‫في سنة ‪20‬هـ وقيل في سنة‪19‬هـ‪ .‬وأعاد فتحها في سنة ‪23‬هـ قرظة بن كعب بن ثعلبة‬ ‫األنصاري ‪ . K‬سنة الفتح‪ :‬نقل عن سيف أنها فتحت سنة ‪18‬هـ أما ابن األثير فقال أن‬ ‫الفتح تم في سنة ‪21‬هـ والقائد هو قرظة‪ .‬أما كل من أبي معشر‪ ،‬والواقدي وخليفة بن‬ ‫خياط‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وأبي الفرج فذكروا أن الفتح كان سنة ‪22‬هـ‪ .‬وعند الواقدي – خبر‬ ‫آخر له‪ -‬واليعقوبي‪ ،‬والطبري سنة ‪23‬هـ‪ .‬وعند أبي عبيدة‪ ،‬وأبي عمرو الشيباني‪ ،‬وابن‬ ‫األثير‪ -‬القائد هو البراء ابن عازب‪ -‬أن الفتح كان سنة ‪24‬هـ‪ .‬والراجح ما ثبتناه‪ .‬قائد‬ ‫الفتح فمختلف فيه‪ :‬قال ابن األثير‪ ،‬وأبو الفرج‪ ،‬وابن كثير – بصيغة وقيل‪ -‬القائد كان‬ ‫نعيم بن مقرن المزني‪ ،‬وحذيفة بن اليمان عند خليفة بن خياط‪ ،‬وابن األثير‪ -‬خبر آخر‬ ‫له‪ -‬سنة ‪22‬هـ‪ .‬وعند ابن أبي حاتم الرازي كثير بن شهاب الحارثي‪.‬؛ وقرظة بن كعب‬ ‫قالها خليفة بن خياط – في خبر آخر له – واليعقوبي‪.‬؛ وعند المدائني‪ ،‬والبلخي‪ ،‬أبو‬ ‫موسى األشعري ‪. K‬‬ ‫[ قزوين ]‪ :‬فتحها كثير بن شهاب الحارثي سار إليها بعد فتح الري‪ .‬وقيل فتحها‬ ‫البراء بن مالك وحنظلة بن زيد الخيل وكذا أبهر‪.‬‬ ‫[ َه َمذان (ماه البصرة) ]‪ :‬اختلف في سنة فتحها فقيل في سنة ‪18‬هـ وهي التي‬ ‫انفرد بها سيف‪ .‬وكذا سنة ‪21‬هـ انفرد بها البلخي في البدء والتاريخ‪.‬؛ أما سنة ‪22‬هـ فهي‬ ‫عند أبي عبيدة‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وأما سنة ‪23‬هـ‬ ‫فهي عند الواقدي‪ ،‬وأبي معشر‪ ،‬وأبي زرعة الدمشقي‪ ،‬وابن كثير‪ .‬والراجح أن الفتح‬ ‫األول كان في سنة ‪22‬هـ والقائد هو حذيفة بن اليمان وإعادة الفتح تمت في سنة ‪23‬هـ‬ ‫من قبل جرير بن عبداهلل البجلي وبأمر من المغيرة بن شعبة رضي اهلل عنهما‪.‬‬ ‫[ آذربيجان ]‪ :‬وكان عمر بن الخطاب ‪ K‬قد أنفذ المغيرة بن شعبة الثقفي ‪K‬‬ ‫واليا على الكوفة ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بوالية آذربيجان فورد الكتاب على‬ ‫حذيفة وهو بنهاوند فسار منها إلى آذربيجان وكان مرزبانها قد جمع المقاتلة من أهل‬ ‫ّ‬ ‫وميمذ والبذ وسراو (سراة) وشيز (الشيز) والميانج وغيرها فقاتلوا المسلمين‬ ‫باجروان‬ ‫قتاال شديدا أياما ثم إن المرزبان صالح حذيفة على جميع آذربيجان على مائة ألف وقيل‬ ‫‪70‬‬ ‫ثمانمائة ألف درهم وزنا على أن ال يقتل منهم أحدا وال يسبيه وال يهدم بيت نار وال‬ ‫البالشجان (البالسجان) َ‬ ‫يعرض ألكراد َ‬ ‫وس َبالن وميان (ساتر)‪ ،‬وودان (روذان) وال‬ ‫يمنع أهل الشيز خاصة من َّ‬ ‫الزفن في أعيادهم وإظهار ما كانوا يظهرونه ثم إنه غزا ُموقان‬ ‫وجيالن فأوقع بهم وصالحهم على إتاوة … ثم إن عمر ‪ K‬عزل حذيفة وولى عُتبة بن‬ ‫َّ‬ ‫فرقد على آذربيجان فأتاها من الموصل ويقال بل أتاها من شهرزور فلما دخل أردبيل‬ ‫وجد أهلها على العهد وقد انتقضت عليه نواح فغزاها وظفر وغنم فكان معه عمرو بن‬ ‫عتبة بن فرقد الزاهد… وعن الواقدي غزا المغيرة بن شعبة آذربيجان من الكوفة سنة‬ ‫‪22‬هـ وقيل سنة ‪20‬هـ ففتح بعض نواحي آذربيجان عنوة ووضع عليها الخراج… وروى‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أبو المنذر هشام بن محمد عن أبي مخنف أن المغيرة بن شعبة غزا آذربيجان في سنة‬ ‫عشرين ففتحها ثم إنهم كفروا فغزاهم األشعث بن قيس الكندي ففتح حصن جابروان‬ ‫وصالحهم على صلح المغيرة ومضى ُ‬ ‫صلح األشعث إلى اليوم… وقال المدائني لما‬ ‫ُه َ‬ ‫زم المشركون بنهاوند رجع الناس إلى أمصارهم وبقي أهل الكوفة مع حذيفة فغزا بهم‬ ‫آذربيجان فصالحهم على ثمانمائة ألف درهم ولما استعمل عثمان ابن عفان ‪ K‬الوليد‬ ‫بن عقبة على الكوفة عزل عتبة بن فرقد عن آذربيجان فنقضوا فغزاهم الوليد بن عقبة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األحمسي فأغار على أهل موقان‬ ‫سنة خمس وعشرين وعلى مقدمته عبداهلل بن شبيل‬ ‫والتبريز والطيلسان فغنم وسبى ثم صالح أهل آذربيجان على ُ‬ ‫صلح حذيفة‪ .‬أما سنة فتح‬ ‫آذربيجان‪ :‬ذكر كل من ابن إسحاق‪ ،‬وأبو معشر‪ ،‬والواقدي‪ ،‬والمدائني‪ ،‬وخليفة بن‬ ‫خياط‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬وأبو الفداء‪ ،‬والذهبي أن آذربيجان فتحت في سنة‬ ‫‪22‬هـ وخالفهم أبو مخنف فذكر أنها فتحت في سنة ‪20‬هـ‪ .‬وعند سيف أن الفتح وقع‬ ‫في سنة ‪18‬هـ‪ .‬وعند ابن األثير في سنة ‪21‬هـ ونرجح سنة ‪22‬هـ التفاق معظم المصادر‪.‬‬ ‫قائد الفتح في خالفة عمر بن الخطاب ‪22( K‬هـ)‪ .‬أورد ابن إسحاق‪ ،‬وأبو‬ ‫معشر‪ ،‬والواقدي‪ ،‬وخليفة بن خياط أن القائد هو المغيرة بن شعبة ‪ . K‬وقال اليعقوبي‪:‬‬ ‫«وافتتحت آذربيجان سنة ‪22‬هـ وأمير الناس المغيرة بن شعبة وقيل هاشم بن عتبة»‪. .‬‬ ‫ً‬ ‫وقال أيضا‪ « :‬وافتتحها – آذربيجان – المغيرة بن شعبة سنة ‪22‬هـ في خالفة عثمان ‪.‬‬ ‫‪71‬‬ ‫والراجح في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬ألنه بقي في الخالفة إلى سنة ‪23‬هـ ‪ .‬وذكر كل‬ ‫من الزهري‪ ،‬والمدائني‪ ،‬والبالذري أن القائد هو حذيفة بن اليمان ‪ K‬ووقع عند أبي‬ ‫عبيد (القاسم بن سالم) أن القائد هو حبيب بن مسلمة الفهري ‪ ،K‬وعند الطبري‪ ،‬وابن‬ ‫األثير‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وأبي الفداء أنه بكير بن عبداهلل ‪ .‬وفي خالفة عثمان كما ذكر الطبري‪،‬‬ ‫والذهبي مسير الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى آذربيجان وأرمينية في سنة ‪24‬هـ‪ .‬فسبى‬ ‫وغنم‪ ،‬وجاء في تاريخ الرسل والملوك للطبري أنه (الوليد) تولى على الكوفة في سنة‬ ‫ً‬ ‫‪26‬هـ‪ -‬نقال عن الواقدي‪ -‬وقيل ‪25‬هـ‪ - .‬نقال عن سيف ‪ .‬لما سبق نستبعد غزو الوليد‬ ‫لها في سنة ‪24‬هـ‪ .‬وذكر خليفة بن خياط والذهبي في قول له أنه غزاها في سنة ‪28‬هـ‪.‬‬ ‫وعند ابن األثير أنها في سنة ‪25‬هـ‪.‬‬ ‫[ أرميني�ة ]‪ :‬وهي في الجزء الشمالي لنهري دجلة والفرات – وأول مدينة افتتحت‬ ‫بها هي مدينة تفليس (طفليس) في أيام عمر ‪ K‬سار إليها عثمان بن أبي العاص الثقفي‬ ‫عند الواقدي‪ ،‬وعند الطبري أن القائد هو عياض‪ -‬والراجح هو عياض – فصالحهم‬ ‫على الجزية على كل أهل بيت دينار في سنة ‪19‬هـ عند الواقدي‪ ،‬والطبري‪ ،‬وابن كثير‬ ‫– بصيغة ويقال في سنة ‪19‬هـ‪.-‬؛ واستشهد فيها الصحابي صفوان بن المعطل السلمي‬ ‫‪.‬؛ وذكر خليفة بن خياط أنه في سنة ‪29‬هـ غزا حبيب بن مسلمة الفهري‪ ،‬فجمعوا له‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جمعا غفيرا فطلب النجدة‪ ،‬فسير إليه والى الكوفي سعيد بن العاص سلمان بن ربيعة‬ ‫ً‬ ‫الباهلي ‪ .‬فتمكنوا من فتح تفليس ‪ .‬وعند الطبري أن حبيب سار في سنة ‪23‬هـ نقال عن‬ ‫الواقدي‪ ،‬وعند ابن األثير في سنة ‪26‬هـ ‪ .‬والراجح سنة ‪29‬هـ‪ .‬ثم في سنة ‪31‬هـ ‪ -‬عند‬ ‫الواقدي‪ ،‬والطبري‪ ،‬وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬وابن األثير سار حبيب من أرمينية إلى‬ ‫جرزان فاففتحها صلحا‪.‬‬ ‫[ رام ُهرمز ]‪ :‬سار إليها أبو موسى األشعري ‪ K‬ثم سار عنها إلى تستر وخلف‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫عليها جرير بن عبداهلل البجلي ففتحها ثم سار إلى تستر‪ .‬وقيل أنهما شاركا معا في فتحها‪.‬‬ ‫[ تسرت ]‪ :‬إن مدينة تستر – في بالد فارس – تم حصارها للمرة األولى في سنة‬ ‫‪17‬هـ عند سيف‪ ،‬وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬والبلخي‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬والقائد النعمان بن‬ ‫‪72‬‬ ‫مقرن‪ ،‬وتم عقد الصلح مع ملك األهواز وما جاورها الهرمزان‪ ،‬والذي ما لبث أن نقض‬ ‫ً‬ ‫الصلح وأعد الجيوش لمواجهة المسلمين‪ ،‬فوجه إليه عمر بن الخطاب ‪ K‬جيشا بقيادة‬ ‫ً‬ ‫أبي موسى األشعري ‪ K‬فتمكن من فتحها بعد حصار دام لمدة سنة وقيل ‪18‬شهرا وقيل‬ ‫سنتين‪ .‬حيث دلهم أحد المستأمنة على مدخل سري للبلد عن طريق مدخل الماء إليهم‪،‬‬ ‫فدخلت مجموعة مختارة إلى داخل البلد وفتحت األبواب للمسلمين‪ ،‬وجرت معركة‬ ‫شديدة تم النصر للمسلمين سنة ‪ 20‬قال به خليفة بن خياط‪ ،‬وابن كثير ‪.‬‬ ‫[ السوس ]‪ :‬سار أبو موسى األشعري وأبو سبرة بن أبي رهم من تستر إلى‬ ‫السوس ومرزبانها هو شهريار أخو الهرمزان‪ ،‬فطلب الصلح على أن يؤمنه في ثمانين‬ ‫– وقيل مائة‪ -‬رجال‪ ،‬فأجابه إلى ذلك‪ ،‬فعد ثمانين – وقيل مائة‪ -‬ونسى نفسه‪ ،‬فقتله‬ ‫ودخل المدينة ‪.‬؛ وقيل أن ابن صياد دفع باب سور السوس‪ ،‬فتقطعت السالسل وانفتح‬ ‫الباب‪ ،‬ودخل المسلمون‪ ،‬فطلبوا الصلح فدخلوها وبها وجدوا جثة النبي دانيال(‪ )10‬عليه‬ ‫السالم فأخرجه وكفنه وصلى عليه ودفنه بنهر السوس‪ .‬واختلف في سنة الفتح‪ ،‬فذكر‬ ‫خليفة بن خياط أن الفتح كان سنة ‪18‬هـ‪ .‬بخالف ابن كثير وأبي الفرج فذكرا سنة ‪17‬هـ‪.‬‬ ‫أما الطبري فذكر سنة ‪20‬هـ‪.‬‬ ‫(جندي ُ‬ ‫سابور ُ‬ ‫[ ُجند ُ‬ ‫سابور) ]‪ :‬من السوس سار أبو سبرة بأمر من أبي موسى‬ ‫َ‬ ‫َْْ‬ ‫األشعري وقيل بأمر من عمر إلى جندسابور في سنة ‪17‬هـ في الطبري‪ ،‬والبالذري‪،‬‬ ‫وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬وابن كثير‪ -‬خالفهم في أن القائد هو زر بن عبداهلل بن كليب‬ ‫العقيمي (الفقيمي)‪ .-‬وانفرد خليفة بن خياط بذكر فتحها سنة ‪18‬هـ وبالقائد أبي موسى‬ ‫األشعري‪ ،‬وكذا ياقوت بذكر سنة ‪19‬هـ لفتحها‪ .‬وتم الفتح صلحا حيث كان قد رمى‬ ‫ُ‬ ‫كنفا‪ -‬أصله منهم‪ -‬وكتبوا إلى عمر‪ ،‬فأجاز ذلك‪.‬‬ ‫لهم األمان عبد يسمى م ِ‬ ‫[ االنسياح يف بالد فارس ]‪ :‬لما كثرت ثورات أهل فارس سأل عمر عن السبب‬ ‫وقال‪ :‬لعل المسلمين يفضون إلى أهل الذمة بأي أذى وبأمور لها ما ينتقضون بكم فقالوا‪:‬‬ ‫ما نعلم إال وفاء وحسن ملكه‪ ،‬قال‪ :‬فكيف هذا ؟ فلم يجد عند أحد منهم شيئا يشفيه‬ ‫ويبصر به مما يقولون‪ ،‬إال ما كان من األحنف‪ -‬كان جاء إلى المدينة مع الهرمزان ملك‬ ‫‪73‬‬ ‫األهواز الذي أسر بتستر ‪ ،-‬فقال يا أمير المؤمنين‪ ،‬أخبرك انك نهيتنا عن االنسياح في‬ ‫البالد‪ ،‬وأمرتنا باالقتصار على ما في أيدينا‪ ،‬وأن ملك فارس حي بين أظهرهم‪ ،‬وإنهم‬ ‫اليزالون يساجلوننا مادام ملكهم فيهم‪ ،‬ولم يجتمع ملكان فاتفقا حتى يخرج احدهما‬ ‫صاحبه‪ ،‬وقد رأيت إننا لم نأخذ شيئا بعد شيء إال بانبعاثهم‪ ،‬وأن ملكهم هو الذي‬ ‫يبعثهم‪ ،‬واليزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فلنسح في بالدهم حتى نزيله عن فارس‪،‬‬ ‫ونخرجه من مملكته وعزامته‪ ،‬فهنالك ينقطع رجاء أهل فارس ويضربون جأشا فقال‪:‬‬ ‫صدقني واهلل‪ ،‬وشرحت لي األمر عن حقه ‪ .‬ونظر في حوائجهم وسرحهم‪.‬‬ ‫[ جريفت ]‪ :‬وفتحت جيرفت في أيام عمر بن الخطاب ‪ K‬وأمير المسلمين ُ‬ ‫سهيل‬ ‫َْ‬ ‫بن عدي وقيل مجاشع بن مسعود عنوة‪.‬‬ ‫[ ُمكران ]‪ :‬وفتحت في خالفة عمر ‪ K‬سنة ‪23‬هـ وقائد المسلمين الحكم بن‬ ‫عمرو التغلبي (الثعلبي)‪ .‬وأمده بشهاب بن شهاب بن المخارق‪ ،‬وسهيل بن عدي‪،‬‬ ‫وعبداهلل ابن عبداهلل بن عتبان وتقدموا في بالد السند حتى بلغوا ساحل الديبل وهناك‬ ‫التقوا مع ملك السند فهزموه‪ .‬ثم عادوا إلى ُمكران ومنها كتبوا إلى عمر بالفتح مع‬ ‫األخماس مع صحار العبدي فسأله عنها فقال‪ « :‬يا أمير المؤمنين أرض سهلها جبل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وماؤها وشل‪ ،‬وثمرها دقل‪ ،‬وعدوها بطل‪ ،‬وخيرها قليل‪ ،‬وشرها طويل‪ ،‬والكثير بها‬ ‫قليل‪ ،‬والقليل بها ضائع‪ ،‬وما وراءها شر منها‪ – »… ،‬وقيل أن هذا القول لحكيم بن‬ ‫جبلة العبدي حينما سيره عثمان في خالفته إلى السند فعاد وأخبره بما سبق كما ذكر ذلك‬ ‫خليفة بن خياط‪.‬؛ والراجح أن هذا كان في خالفة عمر ‪ .-‬فكتب عمر إلى الحكم أن ال‬ ‫يجوزن مكران واقتصروا على ما دون النهر‪ .‬وفي أيام عثمان وجه والي خراسان (عمير‬ ‫ً‬ ‫بن عثمان بن سعد) جيشا تجاوز مكران حتى بلغ ساحل الديبل ثم عاد إلى مكران‪.‬‬ ‫[ ب ُيوذ ]‪ :‬في سنة ‪23‬هـ وفي شهر رمضان ترامت األنباء إلى جمع عظيم من‬ ‫َْ‬ ‫األكراد والفرس يتجمعون فهيا لقتال المسلمين‪ ،‬فسار إليهم أبو موسى األشعري ‪،K‬‬ ‫ً‬ ‫وأفطر البعض واقتتلوا قتاال شديد قتل فيه المهاجرين بن زياد الحارثي وهزم المشركين‪.‬‬ ‫ثم سار أبو موسى إلى أصبهان وجعل على حصارهم الربيع بن زياد الحارثي فتم إخضاع‬ ‫‪74‬‬ ‫بيروذ وما حولها‪ ،‬وإرسال الخمس من الغنيمة إلى دار الخالفة‪.‬‬ ‫[ أيـذج ]‪ – :‬مدينة بها خليط من األكراد والفرس‪.-‬في سنة ‪23‬هـ سار إليهم أبو‬ ‫موسى األشعري‪ ،‬فتم حصارهم ثم صدرت إليهم األوامر بالتوجه إلى أصبهان‪ ،‬وسير‬ ‫إليهم عمر جيشا عليهم سلمة بن قيس األشجعي‪ ،‬فقاتلهم فهزمهم وقسم الغنائم ‪ .‬ثم‬ ‫رأى سلمة جوهر في سفط فاسترضى عنه المسلمين ‪ .‬وبعث به إلى عمر الذي رفض قبوله‬ ‫وأمر من جاء به برده وبيعه وتقسيمه على من شارك في فتحها‪ .‬وفي سنة ‪29‬هـ وفي خالفة‬ ‫عثمان ثار أهل ايذج‪ ،‬فسار إليهم أبو موسى األشعري وأخمد ثورتهم وفتح مدينتهم‪.‬‬ ‫[ خراسان (البالد الشرقية)]‪ :‬أنفذ عمر بن الخطاب ‪ K‬األحنف بن قيس في‬ ‫سنة ‪18‬هـ فدخلها وتملك ُمدنها فبدأ بالطبسين ثم هراة ومرو الشاهجان ونيسابور في‬ ‫مدة يسيرة كذلك عبر خاقان ملك الترك نهر جيحون إلى خراسان لما استنجد به ملك‬ ‫فارس يزدجر بن شهريار بن كسرى وواصل تقدمه حتى وصل إلى مرو الروذ وأصبح‬ ‫في مواجهة الجيش اإلسالمي دون قتال‪ .‬ثم ما لبثوا أن انسحبوا نتيجة لمقتل ثالثة من‬ ‫فرسانهم قتلهم قائد الجيش األحنف بن قيس ولما أثاره الصينيون من القالقل والفتن في‬ ‫بالده ‪ .‬ثم صدرت األوامر من عمر بن الخطاب ‪ K‬إلى األحنف بن قيس بعدم التقدم‬ ‫إلى ما وراء نهر جيحون واالكتفاء بما تم فتحه‪ .‬ولما تولى عثمان بن عفان الخالفة سمح‬ ‫للجيوش اإلسالمية بالتوغل في خراسان فهرب منها يزدجرد بن شهريار ملك الفرس‬ ‫إلى خاقان ملك الترك بما وراء النهر‪ .‬وفي سنة ‪25‬هـ أرسل الخليفة عثمان حملة بقيادة‬ ‫عمير بن عثمان بن سعد فتوغل حتى بلغ فرغانة‪ .‬وفي سنة ‪31‬هـ سار عبداهلل بن عامر‬ ‫إلى خراسان فلقي أهل هراة فهزمهم ‪.‬؛ ومنها (أي هراة) سير خليد بن عبداهلل بن زهير‬ ‫َ‬ ‫إلى باذغيس فافتتحها – ثم نقض أهل هراة وباذغيس في سنة ‪33‬هـ فتركها الوالي قيس‬ ‫بن الهيثم وسار إليهم عبداهلل بن خازم السلمي ففتحهما عنوة وقتل الملك قارن – ومن‬ ‫هراة تقدم إلى أبرشهر ففتحها صلحا‪-‬ومنها بعث األسود بن كلثوم العدوي إلى [بيهق]‬ ‫من أرض أبرشهر ففتحها واستشهد بها ‪.-‬؛ هذا التساقط لمدن وقرى أبرشهر جعلت‬ ‫ملكها يصالحه على ما تبقى منها‪ .‬ثم تقدم إلى الدامغان – أول مدن خراسان فافتتحها‬ ‫‪75‬‬ ‫ثم فتح كل من مرو الروز وجوزجان وقومس – سبق أن عقد سويد بن مقرن في سنة‬ ‫‪22‬هـ الصلح‪ ،‬وقيل فتح مرو تم في سنة ‪31‬هـ من قبل حاتم بن النعمان الباهلي‪,-‬‬ ‫حتى بلغ [ نيسابور ] فحاصرها لمدة تسعة أشهر وبنى بها جامعا ثم تقدم نحو سرخس‬ ‫وهراة وبوشنح‪ -‬وفي اليعقوبي فتحها أوس بن ثعلبة التيمي واألحنف في خالفة عثمان‬ ‫‪ K‬بتوجيه من عبداهلل بن عامر‪ .-‬ففتحهم – أما مرو الشاهجان فتم فتحها من قبل حاتم‬ ‫بن النعمان الباهلي‪ .-‬ثم عبر األحنف بن قيس نهر جيحون إلى بالد ما وراء النهر بأمر‬ ‫من الوالي عبداهلل بن عامر– أي ما وراء نهر جيحون حيث يسكن الترك في آسيا الصغرى‬ ‫– والتقى مع الهياطلة فهزمهم ثم سار إلى طخارستان (الجوزان) – تقع في أعالي نهر‬ ‫جيحون وهي اآلن جزء من أراضي جمهورية طاجكستان‪ .-‬وتمكن من فتحها‪ .‬ثم عمد‬ ‫ملوك مدن بالد ما وراء النهر إلى عقد الصلح مع األحنف بن قيس‪ ،‬فترك بالد ما وراء‬ ‫النهر وعاد إلى خراسان‪ .‬وجاء في فتوح البلدان للبالذري أن عبداهلل بن عامر بن كريز هو‬ ‫الذي عبر نهر جيحون إلى بالد ما وراء النهر وعقد الصلح مع أهلها وقيل بل هم الذين‬ ‫جاؤا إليه وعقد معهد الصلح‪ ،‬وبعث معهم من يأخذ منهم الجزية‪ .‬واستخلف على‬ ‫خراسان قيس بن الهيثم السلمي – وقيل عبداهلل بن قيس في سنة ‪33‬هـ‪.‬‬ ‫[ نيسابور ]‪ :‬تقدم من خراسان إلى نيسابور فافتتحها عبداهلل بن خازم عنوة والذي‬ ‫كسر باب الحصن هو جودان بن سبعة الطائي‪. .‬؛ وقيل فتحها عبداهلل بن عامر‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫والد ْ‬ ‫ربند‪ ،‬دربند‪ ،‬دربنت)‪ :‬هي مدينة في جنوب القوقاز‬ ‫[ باب األبواب ]‪( :‬الباب‪،‬‬ ‫على ضفة بحر قزوين (الخزر) وهي بوابة الحدود بين الفرس والترك‪ -‬والترك يقطنون‬ ‫في آسيا الصغرى‪ -‬قيل أن أبا موسى األشعري لما فرغ من نشر اإلسالم من أصبهان في‬ ‫خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬أرسل ُ‬ ‫سراقة بن عمرو إلى باب األبواب (الباب) وكان على‬ ‫مقدمته عبدالرحمن بن ربيعة الباهلي ففتحها بعد عدة معارك ‪ .‬ثم عمد القائد سراقة بن‬ ‫مالك المدلجي إلى إرسال عدة حمالت لنشر اإلسالم في سنة ‪22‬هـ بقيادة كل من‪ :‬بكير‬ ‫بن عبداهلل ووجهته إلى موقان – مدينة بخراسان‪ ،‬وحبيب بن مسلمة الفهري ووجهته‬ ‫إلى تفليس – مدينة في أول حدود أرمينية ‪ ،-‬وحذيفة بن أسيد ووجهته إلى جبال الالن‬ ‫‪76‬‬ ‫– تقع في بالد الخزر في بالد ما وراء النهر‪ ،-‬وعبدالرحمن بن ربيعة الباهلي‪ ،‬وسلمان‬ ‫بن ربيعة الباهلي ووجهتهما إلى مدينة الباب (باب األبواب)‪ ،‬فلما وصل إليها الجيش‬ ‫َْ‬ ‫اإلسالمي طلب ملكها شهر براز الصلح‪ ،‬فتم له ذلك‪ .‬ثم سار المسلمون إلى بَلنجر فلم‬ ‫ً‬ ‫يجدوا بها أحدا من أهلها‪ ،‬فعادوا منها محملين بما تركه أهلها من الغنائم ودون أن ِتئم‬ ‫فيها امرأة ولم ييتم فيها صبي ‪ .‬ولما تولى الخالفة عثمان بن عفان ‪ K‬سمح للجيوش‬ ‫بالتوغل‪ ،‬فتقدم عبدالرحمن ابن ربيعة وسلمان بن ربيعة الباهلي – (سلمان الخيل) – كان‬ ‫على مقاسم مغانم المسلمين وعلى قضائهم‪ .-‬إلى مدينة الباب فأعادوا فتحها وتقدموا‬ ‫إلى برذعة وحيزان فصالحوهم ثم انتهى إلى بَلنجر حيث لقيه خاقان ملك الخزر في‬ ‫جيشه ووقعت معركة حامية بين الجيشين استشهد فيها سلمان بن ربيعة وعبدالرحمن بن‬ ‫ربيعة ومعهما حوالي أربعة آالف‪ ،‬ودفنوا جميعهم ببلنجر‪ ،‬وذكر أنهم كانوا يبصرون في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كل ليلة نورا عظيما على موضع مصارعهم فيقال إنهم دفنوهم وأخذوا سلمان بن ربيعة‬ ‫وقيل عبدالرحمن وجعلوه في تابوت وسيروه إلى بيت عبادتهم فإذا أجدبوا أو أقحطوا‬ ‫أخرجوا التابوت وكشفوا عنه فيسقون»‪ .‬وتستشفى به من األسقام‪ .‬أما االختالف فيمن‬ ‫استشهد في بلنجر في خالفة عثمان فذكر ابن سعد‪ ،‬وخليفة بن خياط – وأضافا أنه كان‬ ‫في والية سعيد بن العاص على الكوفة (‪34-30‬هـ) ‪ ،.-‬وابن قتيبة‪ ،‬والبالذري‪ ،‬وابن‬ ‫أعثم الكوفي‪ ،‬وابن دريد‪ ،‬وابن عبدالبر – وأضاف ابن عبدالبر أن استشهاده كان في سنة‬ ‫‪28‬هـ‪ ،‬وقيل سنة ‪29‬هـ وقيل ‪30‬هـ وقيل ‪31‬هـ‪ ،.-‬والحميري‪ ،‬والبكري أنه سلمان بن‬ ‫ربيعة الباهلي‪ ،‬وذكر سيف بن عمر‪ ،‬والطبري‪ ،‬وابن الجوزي‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬والذهبي‪-‬‬ ‫واألخير بلفظ وقيل للتضعيف‪ .-‬أن عبدالرحمن بن ربيعة الباهلي هو الذي استشهد‬ ‫ببلنجر ال أخوه سلمان ‪ .‬والراجح أنهما استشهدا‪ -‬عبدالرحمن وأخوه سلمان‪ -‬ببالد‬ ‫بلنجر‪ ،‬وأن الذي يستسقى بقبره هو سلمان ألنه القاضي والقاسم للمغانم ‪.‬‬ ‫[ بلخ ]‪ :‬في سنة ‪30‬هـ عند خليفة وابن األثير سار األحنف من مرو الروذ إلى بلخ‬ ‫فصالحوه فهرب يزدجرد منها‪.‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫جغرافية عامة عن الشأ ُم‪ :‬بفتح أوله وسكن همزته أو فتحها أو بغير همز (الشام)‪:‬‬ ‫بلد مشهور قيل‪ :‬إنها سميت السام؛ ألن أول من استوطنها سام بن نوح عليهما السالم‬ ‫وقيل‪ :‬ألن هناك شامات ُحمر ُ‬ ‫وسود وبيض‪ .‬احلدود‪ :‬يحدها من الغرب‪ :‬بحر الروم‬ ‫(البحر المتوسط)‪ .‬يحدها من الشرق‪ :‬البادية وهي تمتد من أيلة إلى الفرات‪ .‬يحدها‬ ‫من الشمال‪ :‬بالد الروم (بالد األناضول – تركيا)‪ .‬يحدها من الجنوب‪ :‬مصر‪ .‬وهي‬ ‫بذلك تحتل رقعة تمتد طوليا من الفرات إلى حدود مصر‪ .‬وعرضيا تمتد من جبلي طيئ‬ ‫إلى بحر الروم (البحر المتوسط)‪ .‬وكان الروم يطلقون عليها مسمى سورية فلما نشر‬ ‫المسلمون بها اإلسالم أطلقوا عليها مسمى الشام‪ .‬وهي تضم خمس أجناد‪.‬‬ ‫‪1.1‬جند فلسطين وحاضرتها ال َّر ْملة‪ .‬وتضم المدن والقرى التالية‪ :‬إيلياء (بيت‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ونابلس‪َ ،‬‬ ‫وس َب ِطية‪،‬‬ ‫المقدس)‪ ،‬ولد (مدينة فلسطين القديمة)‪ ،‬وعَ َم َواس‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ويُبنا‪ ،‬وبيت جبرين‪ ،‬ومدن ساحلية هي‪ :‬قيسارية‪ ،‬ويافا‪ ،‬وعَسقالن‪ ،‬وغ َّزة‪.‬‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫‪2.2‬جند األردن‪ :‬وحاضرتها ط َبرية‪ .‬وتضم المدن والقرى التالية‪ :‬قدس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبَيسان‪ ،‬وفَ ْحل‪َ ،‬‬ ‫والس َواد‪ .‬ومدينتان ساحليتان هما‪ُ :‬‬ ‫َّ‬ ‫صور‪ ،‬وعَكا‪.‬‬ ‫وجرش‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫‪3.3‬جند ِد َمشق‪ :‬وتشمل المدن التالية‪ :‬الغوطة‪ ،‬وحوران (وحاضرتها بُصرى)‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والبثنيّة (وحاضرتها أذرعات)‪ ،‬والظاهر (وحاضرتها عَ ّمان)‪ ،‬والغور‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫(وحاضرتها أريحا)‪ ،‬ومآب وزغر (وبها قرية ُمؤتة)‪ ،‬والشراة (وحاضرتها‬ ‫ْ‬ ‫أذ ُرح)‪ ،‬والجوالن (وحاضرتها بانياس)‪ ،‬وبعلبك‪ ،‬وجبل الجليل‪ ،‬ولبنان ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إضافة إلى مدن ساحلية هي‪ :‬عرقة‪ ،‬واطرابلس‪ ،‬وجبيل‪ ،‬وصيدا‪ ،‬وبيروت‪.‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫والرستن‪ ،‬وح َماة‪،‬‬ ‫‪4.4‬جند حمص وهي تضم المدن والقرى التالية‪ :‬التمه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وص َّو َران‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وسلميَّة‪ ،‬وتَ ْد ُمر‪ ،‬وتل َمنس‪َ ،‬‬ ‫وم َعرة‬ ‫وجوسيه‪ ،‬وعقبة الرمان‪،‬‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫النعمان‪ ،‬وفامية‪ ،‬وش ْي َزر‪ ،‬وكفر طاب‪ ،‬واألطميم‪ .‬وعلى ساحل البحر أربع‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫وط َر ُ‬ ‫مدن ساحلية هي الالذقية‪َ ،‬‬ ‫سوس (أنظ ْرظوس)‪.‬‬ ‫وج َبلة‪ ،‬وبُلنياس‪،‬‬ ‫‪5.5‬جند قنسرين من أصغر األجناد وهي تضم المدن والقرى التالية‪ :‬حلب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫وق ُ‬ ‫ورش‪ .‬وتضاف إلى هذه األجناد الثغور‬ ‫ومنبج‪،‬‬ ‫وخناصره‪ ،‬وبالس‪،‬‬ ‫‪78‬‬ ‫ََ‬ ‫والعواصم الشامية وهي تشمل المدن والقرى التالية‪ :‬المصيّصة‪ ،‬وأذنة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫وأنطاكية‪َ ،‬‬ ‫وم ْرعَش‪ ،‬والحدث‪ ،‬وبغراس‪ ،‬والبلقاءُ‪ ،‬وعين ز ْربة‪ ،‬والهارونيّة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ود ُلوك‪َ ،‬‬ ‫ورعبان‪ ،‬وملطية وغيرها‪.‬‬ ‫نشر اإلسالم يف الشام‪ :‬على ضوء االنتصارات المحققة في العراق من قبل خالد‬ ‫بن الوليد ‪ K‬وتوغله في أراضيها ناشرا اإلسالم في مدنها الواحدة تلو األخرى ومرسال‬ ‫بأنباء تقدمه وانتصاراته إلى أبي بكر الصديق ‪ ،K‬فشجعه ذلك على إرسال أول جيش‬ ‫ً‬ ‫لفتح بالد الشام في سنة ‪13‬هـ‪ .‬وهذا التاريخ أورده كل من خليفة بن خياط نقال عن ابن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إسحاق‪ ،‬والطبري نقال عن علي ابن محمد المدائني ونقل عن ابن إسحاق أيضا أن تقدم‬ ‫المسلمين لنشر اإلسالم في بالد الشام كان في سنة ‪12‬هـ‪ .‬وذكر ابن األثير قولين بصيغة‬ ‫قيل أولهما أن توجيه الجيوش إلى الشام كان في سنة ‪13‬هـ ‪ .‬وثانيهما قيل في سنة ‪12‬هـ‬ ‫‪ .‬وأورد ابن كثير خبرين في تقدم الجيوش في الشام‪ :‬أولهما‪ :‬أن إرسالها كان في سنة‬ ‫ً‬ ‫‪12‬هـ‪ .‬ثانيهما‪ :‬نقال عن الطبري أن الفتح كان في سنة ‪13‬هـ‪ .‬وذكر ابن خلدون أن تقدم‬ ‫جيش خالد بن سعيد بن العاص ‪ K‬كان في سنة ‪13‬هـ ثم أورد بصيغة التضعيف وقيل‬ ‫في سنة ‪12‬هـ‪.‬‬ ‫•وقد أخذت بتاريخ سنة ‪13‬هـ وفي المحرم منها‪ :‬لعدة أسباب منها‪:‬‬ ‫•أن تقدم جيوش المسلمين إلى بالد العراق كان في سنة ‪12‬هـ بعد أن تم‬ ‫القضاء على حركة الردة‪.‬‬ ‫•األنباء المشجعة التي وصلت إلى أبي بكر الصديق ‪ K‬بمدى تقدم جيش‬ ‫خالد ابن الوليد ‪ K‬في العراق وقدوم األخماس والرسل عليه بالمدينة‬ ‫المنورة استغرق حوالي العام‪.‬‬ ‫•بعد أن توحدت القيادة في بالد العراق لخالد بن الوليد ‪ K‬حينئذ اطمئن أبو‬ ‫بكر على الوضع في بالد العراق وشجعه على التفكير في إرسال حملة إلى‬ ‫بالد الشام لعلها تفعل كفعل خالد بالعراق‪.‬‬ ‫•انتهز أبو بكر الصديق ‪ K‬موسم حج عام‪12‬هـ ليعلن رغبته في نشر اإلسالم في‬ ‫‪79‬‬ ‫بقاع العالم وحث المسلمين على الجهاد والقدوم إلى المدينة ألجل هذه الغاية‪.‬‬ ‫•بعد أن أدى أبو بكر الصديق ‪ K‬وجموع المسلمين الحج قدموا عليه من‬ ‫مختلف أنحاء بالد العرب‪.‬‬ ‫ومع إطالالت العام الهجري الجديد عمد أبو بكر الصديق ‪ K‬إلى إرسال‬ ‫حملة إلى الشام –كما فعل بالعراق‪ -‬بقيادة خالد بن سعيد بن العاص ‪ K‬الذي سار‬ ‫إلى حدود الشام ليلتقي مع قاطني المدن الحدودية والحامية الرومية بقيادة ماهان فهزمه‬ ‫ً‬ ‫خالد بن سعيد ‪ ،K‬وتقهقر القائد الرومي عمدا ليسمح للمسلمين بالتوغل داخل‬ ‫أراضيهم وهدفه من ذلك إنهاكهم وإبعادهم عن طرق تموينهم ثم لكي يلتقي بهم مرة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثانية وقد جمع للمسلمين أعدادا تفوقهم عدادا وتسليحا فضال عن معرفتهم بأحوال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫المنطقة والطقس حيث اختاروا يوما مطيرا من شهر صفر من سنة ‪13‬هـ لبدء معركة َم ْرج‬ ‫ُّ َّ‬ ‫الصفر‪-‬تقع بالقرب من دمشق‪ -‬وفيها استطاع الروم أن يلحقوا بالجيش اإلسالمي الكثير‬ ‫من اإلصابات واضطروهم على التراجع إلى الحدود‪.‬‬ ‫نتيجة لهذه المعركة تيقن الخليفة والمسلمون بأن نشر اإلسالم في بالد الشام ال‬ ‫يتأتى لهم إال بإرسال أعداد كبيرة من اجملاهدين‪ ،‬والمتواجدين في معسكرين خارج‬ ‫المدينة وكان يصلي بهم أبو عبيدة عامر بن الجراح ‪ .K‬ومع ما استجد من أحداث‬ ‫ألربعة‬ ‫سار إليهم الخليفة أبو بكر الصديق ‪ K‬في شـهر ربيـع األول ‪ .‬وعمد تقسيمهـم‬ ‫ِ‬ ‫جيوش وعين لكل جيش قائد ووجهة يسلكها في تقدمه في بالد الشام كما ذكر ذلك‬ ‫كل من مالك ابن أنس‪ ،‬واألزدي‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬والطبري‪ ،‬ومن أخذ عنهم –ابن‬ ‫عساكر‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬والذهبي‪ ،‬وابن كثير‪ -‬وأما البالذري فذكر أنه أرسل ثالثة جيوش‬ ‫بقيادة كل من يزيد بن أبي سفيان – بعد عزل خالد بن سعيد بن العاص‪ -‬وعمرو بن‬ ‫العاص وشرحبيل بن حسنة‪ .‬وأيده ابن عساكر بذلك في قول آخر له‪.‬‬ ‫وهذه الجيوش في مجموعها تبلغ حوالي ثمانية وعشرون ألفا ألن الطبري حدد‬ ‫عدد ثالثة جيوش وان كل واحد منها يبلغ عدده (‪ )7000‬فيصبح مجموعها (‪)21000‬‬ ‫‪ .‬ووافقه في هذا اجملموع ابن خلدون دون تحديد لعدد كل جيش‪ .‬وخالفهما البالذري‬ ‫‪80‬‬ ‫فذكر أن العدد اإلجمالي لها يبغ (‪ )24000‬ألفا وأن عدد كل جيش في بداية مسيرته‬ ‫كان (‪ )3000‬ثم أخذ العدد في التزايد نتيجة إلرسال أبي بكر الصديق ‪ K‬المزيد من‬ ‫اجملاهدين لالنضمام إلى هذه الجيوش حتى وصل عدد كل جيش منها إلى (‪)7500‬‬ ‫عند بلوغها لحدود الشام‪.‬‬ ‫هذا اجملموع الذي أورده المؤرخون هو مقصور على أعداد ثالثة جيوش وإذا‬ ‫أضفنا عدد الجيش الرابع والذي رجحت أن عدد ه حوالي (‪ )7000‬استنادا إلى أن عدد‬ ‫جند المسلمين باليرموك بلغ (‪)46000‬ألفا وهو محصلة مجموع من (‪ )28000‬ألفا‬ ‫(عدد جيوش المسلمين األربعة كما رجحت) ‪( )9000( +‬عدد جيوش خالد بن الوليد‬ ‫‪ K‬القادم من العراق) ‪( )3000( +‬عدد فلــول ما تبقى من جيــش خالد بن سعيد بن‬ ‫العاص ‪( )6000( + )K‬كانوا ردءا لخالد بن سعيد بن العاص ‪ K‬على حدود الشام)‪.‬‬ ‫وكان أول الجيوش تقدما جيش بقيادة يزيد بن أبي سفيان ‪ K‬ورافقه كل من‬ ‫ً‬ ‫ربيعة بن عامر بن األسود بن عامر وسهيل بن عمرو ‪ .K‬ثم انضم إليه الحقا أخوه‬ ‫معاوية بن أبي سفيان ‪ .K‬وأوكلت مهمة تولى قيادة مقدمة هذا الجيش إلى زمعة بن‬ ‫األسود بن عامر القرشي‪ .‬وكانت مهمة هذا الجيش التوجه إلى دمشق‪.‬‬ ‫كان أبو بكر الصديق ‪ K‬ومعه أصحابه من صحابة رسول اهلل ! شديدي‬ ‫الحرص على تتبع سلوك وآداب الرسول ! في نشر اإلسالم ‪ .‬فكان الرسول ! يوصي‬ ‫أمرائه بعدم التعرض للنساء واألطفال والشيوخ والمتعبدين في صوامعهم وعدم الحرق‬ ‫أو السلب أو النهب… وأن يدعوهم إلى خصال ثالث‪ :‬اإلسالم أو الجزية أو القتال‪.‬‬ ‫وهذا ما أوصى به أبو بكر الصديق ‪ K‬أول قائد له – من قادة الجيوش األربعة‪ -‬يسير‬ ‫إلى الشام وهو يزيد بن أبي سفيان ‪ K‬وغيره من قادة نشر اإلسالم في الشام‪ .‬وذلك في‬ ‫ً َ‬ ‫رواية أنس بن مالك ‪ K‬عن أبي بكر الصديق ‪ K‬قوله‪ … « :‬إنك ستجد قوما زعَموا‬ ‫ً‬ ‫أنهم حبسوا أنفسهم هلل‪ .‬فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له‪ .‬وستجد قوما فحصوا‬ ‫عن أوساط رؤوسهم من الشعر‪ .‬فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف‪ .‬وإني موصيك بعشر‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال تقتلن امرأة‪ ،‬وال صبيا‪ ،‬وال كبيرا هرما‪ ،‬وال تقطعن شجرا مثمرا‪ ،‬وال تخربن عامرا‪،‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وال تعقرن شاة‪ ،‬وال بعيرا‪ ،‬إال لمأكلة‪ .‬وال تحرقن نخال‪ ،‬وال تفرقنه‪ ،‬وال تغللن –‬ ‫ُُ‬ ‫الغلول‪ :‬السرقة من الغنيمة قبل القسمة – وال تجبن‪.‬‬ ‫ثم بعد مضي ثالثة أيام من مسيرة الجيش األول سير الجيش الثاني وأوكل قيادته‬ ‫إلى شرحبيل بن حسنة ‪ .K‬وكان يحمل لواء هذا الجيش سليم بن خلدة األنصاري‬ ‫الزرقي‪ .‬وعليه أن يقصد األردن وسلك نفس طريق الجيش األول حتى معان ثم اتجه إلى‬ ‫عمان – وهي تقع على طرف حدود األردن‪ .‬ثم بعدهما بأيام سير أبو عبيدة عامر ابن‬ ‫الجراح ‪ K‬على رأس جيش ثالث ومهمته نشر اإلسالم في حمص‪ .‬وسلك نفس الطريق‬ ‫السابق حتى ذات المنار ثم اتجه إلى زيزاء فمآب – حيث عقد مع أهلها أول صلح‬ ‫بالشام‪ -‬ثم سار إلى حمص ‪ .‬ثم أردفهم بالجيش الرابع تحت قيادة عمرو بن العاص ‪K‬‬ ‫‪ -‬وقيل القائد معاذ بن جبل ‪ -K‬ووجهته إلى فلسطين وعليه أن يأخذ طريق الساحل‪.‬‬ ‫وهو طريق مخالف للطرق السابقة‪.‬‬ ‫فلما ترامت أنباء تقدم هذه الجيوش إلى الشام سارع أمراء وحكام المدن والقرى‬ ‫ً َّ َ‬ ‫بالر ْملة أكبر مدن فلسطين فجمع كبار‬ ‫الحدودية بالكتابة إلى ملك الروم ‪ .‬وكان مقيما‬ ‫رجال الدولة ومستشاريه وتشاوروا في كيفية مواجهة الجيوش المتقدمة إليهم‪ ،‬فأجمعوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رأيهم على مواجهة كل جيش على حدة وبأعداد تفوقه عددا وعدة‪.‬‬ ‫وألجل تحقيق ما اتفقوا عليه سارع ملك الروم هرقل للمسير بنفسه إلى المدن‬ ‫الكبرى لحشد أكبر عدد من الروم لمواجهة المسلمين ونجح في مسعاه‪ .‬ونقل خبر هذه‬ ‫الجموع الضخمة إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح ‪ … « :K‬وأنه قد جمع لكم من‬ ‫الجموع ما لم يجمعه أحد كان قبله من آبائه ألحد من األمم قبلكم …»‪.‬‬ ‫وعمد ملك الروم إلى تقسيم جيشه إلى أربعة فرق ولكل فرقة قائد لتواجه مثيالتها‬ ‫اإلسالمية فسير إلى عمرو بن العاص القائد الرومي تذارق في جيش يبلغ تعداده تسعين‬ ‫ً‬ ‫ألفا‪ .‬وسير إلى يزيد بن أبي سفيان ‪ K‬القائد الرومي جرجه بن توذر في جيش يبلغ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫تعداده خمسين ألفا‪ .‬وسير إلى شرحبيل بن حسنة القائد الرومي الدراقص وسير إلى عبيدة‬ ‫‪82‬‬ ‫ً‬ ‫عامر بن الجراح القائد الرومي الفيقار بن نسطوس‪ .‬وفي جيش يبلغ تعداده ستين ألفا‪.‬‬ ‫وكان هدف ملك الروم من ذلك مواجهة كل جيش على حدة ليسهل القضاء‬ ‫عليها وهي متفرقة ولكن قادة الجيوش اإلسالمية األربعة لم يمكنوه من تحقيق هدفه بل‬ ‫سارعوا إلى التشاور فيما بينهم لوضع أفضل الخطط لمواجهة هذه األعداد المهولة‪ .‬كما‬ ‫عمد كل من أبي عبيدة عامر بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان رضي اهلل عنهما – وكان‬ ‫رسول يزيد إلى أبي بكر هو عبداهلل بن قرط الثمالي – بالكتابة إلى الخليفة أبي بكر‬ ‫الصديق ‪ K‬والذي كان قد أوصى أبا عبيدة عامر بن الجراح ‪ K‬بالكتابة إليه في قوله‪:‬‬ ‫« … وال تحاصرن المدائن حتى يأتيك أمري‪ ،‬فإن ناهضوك فانهض إليهم …»‪.‬‬ ‫فجاء أمر الخليفة إلى جيوش الشام – وكان عبداهلل بن نزار العبسي هو حامل‬ ‫الرسالة من الخليفة إلى أبي عبيدة‪ -‬بالتجمع باليرموك وتوحد قيادتها لتسند إلى خالد بن‬ ‫الوليد ‪ K‬الذي كان بالعراق فكتب له أبو بكر الصديق ‪ K‬كتابا وأرسله مع عبدالرحمن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ابن جميل الجمحي يأمره بالمسير إلى الشام ألن المسلمين يواجهون بها أمرا خطيرا وهذا‬ ‫ما يوضحه النصين التاليين‪ … « :‬أن سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك فإنهم قد‬ ‫شجوا وأشجوا…»‬ ‫ََ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫العجل العجل إلى إخوانكم بالشام فواهلل لقرية من قرى الشام يفتحها اهلل تعالى‬ ‫…‬ ‫على المسلمين أحب إلينا من رستاق من رساتيق العراق …‪.‬‬ ‫وذكر البشاري (المقدسي) حرص أبي بكر الصديق ‪ K‬على فتح الشام والتغلب‬ ‫على المعوقات التي تعترض جيش المسلمين بإيراد إجابة أبي بكر الصديق ‪ K‬لعمر‬ ‫بن الخطاب ‪ K‬حينما طلب منه إرسال الجيوش إلى بالد العراق بقوله‪ « :‬ألن يفتح اهلل‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫أحب ّ‬ ‫إلى من رستاق من رساتيق العراق»‪.‬‬ ‫يدي شيرا من األرض المقدسة‬ ‫على‬ ‫ولما وردت رسالة أبي بكر الصديق ‪ K‬إلى خالد بن الوليد ‪ K‬بالعراق قسم‬ ‫جيشه إلى ثالثة أقسام األول‪ :‬بقي بالعراق والثاني سار إلى المدينة وبه الضعفاء والنساء‬ ‫تحت حراسة يقودها الصحابي الجليل عمير بن سعد بن النعمان بن قيس بن عمرو‬ ‫‪83‬‬ ‫األنصاري‪ .‬والثالث سار به إلى الشام ويبلغ تعداده تسعة آالف مسلم وسلك أقصر‬ ‫الطرق وأقل األيام للوصول إلى اليرموك وكان دليله رافع بن عميرة الطائي‪ ،‬وهي رحلة‬ ‫ً‬ ‫استغرقت خمس ليال وقيل خمسة أيام وقيل ثمانية عشر يوما‪ .‬اعتبروا أن جميع المدينة‬ ‫فتحت صلحا‪.‬‬ ‫[ الريموك ]‪ :‬معركة وقعت في بالد الشام بين المسلمين والروم‪ .‬وكان النصر‬ ‫ً‬ ‫للمسلمين وبها أصبح الطريق للمسلمين إلى إخضاع مدن الشام فهي استغرقت يوما‬ ‫ً‬ ‫واحدا‪ ،‬كان هذا اليوم في خالفة أبي بكر الصديق ‪ K‬وكان األمر بالتقدم بعد اليرموك بأمر‬ ‫من عمر وفي أيام خالفته‪ .‬قائد الفتح‪ :‬ذكر كل من ابن إسحاق‪ ،‬وابن الكلبي‪ ،‬واألزدي‪،‬‬ ‫وابن سعد‪ ،‬والزبيري‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬وسعيد بن عبد العزيز‪ ،‬والبلخي‪ ،‬والذهبي أن‬ ‫القائد هو أبو عبيدة عامر بن الجراح ‪ . K‬وخالفهم كل من سيف‪ ،‬وصالح بن كيسان‪،‬‬ ‫وابن عساكر‪ ،‬والمقدسي‪ ،‬وياقوت فإنهم قالوا أن القائد هو خالد بن الوليد وهو الراجح‪.‬‬ ‫أهم املعارك (املدن املفتوحة) يف بالد الشام يف عهد اخللفاء الراشدين‬ ‫دمشـق (ذو مسكنني)‪ :‬مهد انتصار المسلمين في اليرموك سبل التقدم إلى داخل‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫بالد الشام وفتحهم لمدنه‪ .‬فكان التقدم التالي إلى مدينة دمشق وذلك بناءا على توجيهات‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ K‬مع إرسال ثالث فرق‪:‬‬ ‫األولى وترابط بين دمشق وبين حمص‪ ،‬والثانية بين دمشق وبين فحل‪ ،‬والثالثة بين‬ ‫دمشق وبين فلسطين وهدف عمر بن الخطاب ‪ K‬من وراء ذلك إلى إشغال هذه المدن‬ ‫بنفسها وعن إمداد أهل دمشق بالمؤمن والرجال واألسلحة‪ .‬واستخلف على اليرموك‬ ‫بشير ابن كعب الحميري ثم تقدم الجيش اإلسالمي نحو دمشق وحاصرها وجعل أبو‬ ‫ً‬ ‫عبيدة ‪ K‬محاصرا لبابها الشرقي وأوكل إلى كل من خالد بن الوليد ‪ K‬مهمة المرابطة‬ ‫على باب الجابية وإلى يزيد بن أبي سفيان ‪ K‬المرابطة على باب الصغير وإلى عمرو بن‬ ‫العاص المرابطة على باب توما واستمر الحصار لمدة ‪ 70‬ليلة وقيل ‪ 4‬أشهر‪ ،‬وقيل ‪6‬‬ ‫أشهر‪ ،‬وقيل سنة‪ ،‬وقيل ‪14‬شهرا‪ .‬وفي أثناء الحصار ترامت إلى القائد خالد بن الوليد‬ ‫‪84‬‬ ‫‪ K‬خبر أن أهل دمشق يقيمون في هذه الليلة احتفاال بمناسبة قدوم مولود لبطريق مدينة‬ ‫دمشق‪ .‬فأراد خالد انتهاز إقامة هذا الحفل وما يتخلله من إنهاك ألهلها بما يتناولون فيه‬ ‫مما يذهب العقل وينهك القوى‪ ،‬فمع قرب حلول الفجر أمر مجموعة مختارة من ذوي‬ ‫البأس والشدة بتسلق السور ثم فتح الباب ليعبر منه بقية الجيش‪ .‬ونجح الجيش في التقدم‬ ‫إلى داخل المدينة‪ ،‬فسارع أهل بقية األبواب – وقيل دخلها يزيد بن أبي سفيان عنوة من‬ ‫باب الصغير‪ .-‬إلى عقد الصلح مع القادة المرابطين عليها وإدخالهم إلى داخل المدينة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فالتقى الجميع في منتصف المدينة‪ ،‬ولكنهم اعتبروا أن جميع المدينة فتحت صلحا‪ .‬وتم‬ ‫صلحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رؤوسهم – دينار على كل رأس ‪ ،-‬على‬ ‫أن ال ي ُ ْمنعوا من أعيادهم وال يهدم شيء من كنائسهم وال تسكن ‪ .‬سنة الفتح‪ :‬إجماع أهل‬ ‫التواريخ على أن الفتح كان سنة ‪14‬هـ نذكر منهم ابن الكلبي‪ ،‬وابن إسحاق‪ ،‬والوليد‬ ‫بن مسلم‪ ،‬األزدي‪ ،‬يزيد بن عبيدة‪ ،‬خليفة بن خياط‪ ،‬اليعقوبي‪ ،‬والطبري‪ ،‬والبسوي‪،‬‬ ‫وابن الجوزي‪ ،‬وخالفهم أبو عبيد‪ ،‬وابن سعد‪ ،‬وأبو الفدا فذكروا أن الفتح كان سنة‬ ‫‪13‬هـ‪ .‬والراجح سنة ‪14‬هـ‪.‬؛ أما البشير الذي أرسل إلى عمر بفتح دمشق كان هو عقبة‬ ‫بن عامر الجهني‪ .‬وقيل أبو عبيدة عامر بن الجراح حيث قيل «مرحبا بمن بعثناه بريدا‬ ‫فقدم علينا أميرا» والراجح هو عقبة‪.‬‬ ‫[ دمـر ]‪ :‬هي قرية من قرى الغوطة بدمشق – فبعد فتح دمشق سار أبو عبيدة إلى‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫د َّمر فسارع أهلها إلى عقد الصلح‪.‬‬ ‫[ البثني�ة (بثني�ة)‪ ،‬حوران‪ ،‬برزة‪ ،‬عني ميسنون) ]‪ . :‬بعد إخضاع دمشق سير‬ ‫واليها يزيد بن أبي سفيان ‪ - K‬وقيل بل سير أبو عبيدة عامر بن الجراح ‪ K‬كما في‬ ‫البداية البن كثير ‪ ،-‬أبا الزهراء القشيري ‪ K‬إلى البثينة‪ ،‬وحوران فصالحوهم على‬ ‫صلح مدينة دمشق‪ .‬وكذلك سير يزيد أبا الدرداء في خيل إلى برزة وعين ميسنون فتم‬ ‫إخضاعهما‪.‬؛ وعين عمر ‪ K‬على حوران علقمة بن عُالثة العامري الكالبي ‪.K‬‬ ‫[ فحـل (ذات الردغة) ]‪ :‬استخلف أبو عبيدة ‪ K‬على دمشق يزيد بن أبي سفيان‬ ‫‪ K‬ثم سار إلى فحل‪ ،‬وكان أهلها قد عمدوا إلى إغراق المنطقة المحيطة بمدينتهم‬ ‫‪85‬‬ ‫بالمياه وذلك عندما وصلت إليهم فرقة من الجيش اإلسالمي لتمنع خروج اإلمدادات‬ ‫منها ألهل دمشق‪ .‬واستمروا محاصرين لها حتى قدم عليهم أبو عبيدة ‪ .‬ثم أراد أهلها‬ ‫مفاجأة المسلمين بهجوم ليلي‪ ،‬فوجدوا المسلمين مستعدين لهم‪ ،‬فدارت معركة بين‬ ‫الطرفين‪ .‬ألحق الجيش اإلسالمي بهم الكثير من اإلصابات مما اضطرهم إلى االنسحاب‬ ‫تحت جنح الظالم‪ ،‬فوقع الكثيرون منهم في الوحل‪ .‬ثم عقد الصلح مع أهلها وتم‬ ‫فتح المدينة لهم‪ .‬سنة الفتح‪ :‬ذكر كل من ابن إسحاق‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬وابن سعد‪،‬‬ ‫والبسوي‪ ،‬والطبري – قائد الفتح هو خالد بن الوليد‪ ،-‬وابن عبد البر‪ ،‬وأبو زرعة‬ ‫الدمشقي‪ ،‬والمقدسي – قائد الفتح هو شرحبيل بن حسنة ‪.-‬؛ ابن األثير‪ ،‬وابن كثير‪،‬‬ ‫وابن حجر أن الفتح كان في سنة ‪13‬هـ‪ .‬وبخالف ابن الكلبي واألزدي فذكرا أن الفتح‬ ‫تم في سنة ‪14‬هـ والراجح سنة ‪14‬هـ بإجماع معظم المؤرخين‪.‬‬ ‫[ بيسان ]‪ :‬بعد فتح فحل‪ ،‬أرسل أبو عبيدة عامر بن الجراح ‪ K‬شرحبيل بن‬ ‫حسنة وعمرو بن العاص رضي اهلل عنهما إلى بيسان‪ ،‬فحاصروها ثم صالحوهم على‬ ‫صلح أهل دمشق‪.‬‬ ‫[ حمص (الكويفة ُ‬ ‫الصغرى – لشكايتهم العمال ‪ :] )-‬سار إليها أبو عبيدة ‪- K‬‬ ‫ومعه خالد ‪ -‬وحاصرها واستمر حصارها حتى انقضاء الشتاء‪ ،‬ثم صادف مع تكبير الصحابة‬ ‫وقوع زلزال‪ ،‬فارتجت المدينة حتى تصدعت بعض جدران منازلها‪ ،‬فطلبوا الصلح على‬ ‫األمان على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم‪ ،‬وعلى أنصاف منازلهم‪ ،‬وأال يعمروا بيعهم‪،‬‬ ‫وعلى أن يضيفوا المسلمين يوما وليلة‪ ،‬وعلى أن يترك المسلمون أموال الروم وبنيانـهم وال‬ ‫ينـزلونه عليهم وأن يؤخذ منهم جزية مقدراها مائة ألف دينار وسبعين ألف دينار‪ ،‬وتولى‬ ‫قسمة منازلها شرحبيل بن السمط‪ ،‬وعين عليها واليا هو عبداهلل بن قرط‪ .‬سنة الفتح‪ :‬ذكر‬ ‫ابن إسحاق وخليفة بن خياط – وله خبر آخر فيه وقيل سنة ‪15‬هـ‪ -‬والبسوي‪ ،‬وابن كثير –‬ ‫ً‬ ‫وله أيضا أنها فتحت سنة ‪15‬هـ‪ -‬وانفرد اليعقوبي بذكر فتحها في سنة ‪16‬هـ‪ .‬أما أبي الفرج‬ ‫بن الجوزي‪ ،‬و أبو الفدا‪ ،‬وابن حجر فذكروا فتحها في سنة ‪15‬هـ وجاء في تاريخ الرسل‬ ‫والملوك‪ ،‬والمنتظم أنها انتقضت سنة ‪17‬هـ‪.‬‬ ‫‪86‬‬ ‫[ بعلبك – اشتهرت بقطيفتها البيضاء اليت فرشت حتت جنب�ه ! يف اللحد‪:]-‬‬ ‫وسير أبو عبيدة عامر بن الجراح خالد بن الوليد رضي اهلل عنهما إلى بعلبك – وقيل سار‬ ‫أبو عبيدة بنفسه إلى بعلبك كما عند ابن إسحاق والراجح خالد‪ .-‬فقاتلهم حتى ألجأهم‬ ‫إلى حصونهم‪ ،‬فطلبوا الصلح فكتب لهم كتابا صالحهم على أنصاف منازلهم وكنائسهم‬ ‫ً‬ ‫ووضع الخراج وزاد ابن عساكر وأخضع أيضا أرض البقاع‪ .‬أما سنة الفتح فهي سنة‬ ‫‪14‬هـ‪ ،‬وقيل سنة ‪15‬هـ كما ذكر ابن إسحاق‪.‬‬ ‫(قنسرون‪ ،‬قن نسرين‪ ،‬قن نشر‪ِ ،‬ق ِنسرى – أي مسن) ]‪ :‬بعد إخضاع‬ ‫[ قنسرين ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حمص للمسلمين بعث أبو عبيدة عامر بن الجراح خالد بن الوليد إلى قنسرين وواقعهم‬ ‫فأكثر فيهم القتل ومنهم القائد ميناس (ميتاس) ثم حاصر بقيتهم وقال لهم‪> :‬إنكم لو كنتم‬ ‫في السحاب لحملنا اهلل إليكم أو ألنزلكم إلينا<‪ .‬فطلبوا الصلح فرفض إال على اخرابها ثم‬ ‫بعد ذلك صالحهم على «مشاطرة المنازل وأال يحدثوا كنيسة‪ ،‬وال يضربوا بالناقوس إال‬ ‫ً‬ ‫في جوف البيعة‪ ،‬وال يرفعوا أصواتهم بالقراءة‪ ،‬وال يرفعوا صليبا إال في كنيسة‪ ،‬وأن يؤخذ‬ ‫منهم القبلي من الكنائس للمساجد‪ ،‬وأن ال تكون الخنازير بين ظهراني المسلمين»‪ .‬سنة‬ ‫الفتح عند الطبري‪ ،‬وأبي الفرج‪ ،‬وابن كثير سنة ‪15‬هـ وقائد الفتح خالد بن الوليد ‪. K‬؛‬ ‫وعند خليفة بن خياط‪ ،‬والذهبي سنة ‪16‬هـ وقائد الفتح عمرو بن العاص وكذا في اإلصابة‬ ‫البن حجر القائد هو عمرو دون ذكر لسنة الفتح‪ ،‬وعند سعيد بن كثير بن عفير سنة ‪17‬هـ‬ ‫وأنها انتقضت في خالفة عثمان سنة ‪27‬هـ فسار إليها معاوية واخضعها للمسلمين‪.‬‬ ‫[ حاضر طيء ]‪ – :‬مدينة إلى جانب قنسرين بها منازل لطيء‪ .-‬سار إليهم أبو عبيدة‬ ‫عامر بن الجراح ‪ ،K‬فصالح معظمهم على الجزية‪ ،‬واعتنق البعض منهم اإلسالم ‪.‬‬ ‫[ حـمـاة ]‪ :‬سار إليها أبو عبيدة عامر بن الجراح من حمص‪ ،‬فصالحوه على‬ ‫الجزية والخراج على األرض‪ ،‬وجعل كنيستهم العظمى جامعا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫[ كورة األردن ]‪ :‬تم فتحها في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬عَدا مدينة طبرية فإن‬ ‫أهلها عقدوا الصلح مع أبا عبيدة عامر بن الجراح ‪ K‬وقيل أن الذي عقد الصلح هو‬ ‫أبو األعور السلمي‪ .‬سنة الفتح‪ :‬ذكر كل من سيف بن عمر‪ ،‬وخليفة بن خياط‪ ،‬وابن‬ ‫‪87‬‬ ‫الجوزي‪ ،‬والذهبي أن إخضاع مدن األردن تم في سنة ‪15‬هـ بخالف اليعقوبي والطبري‪،‬‬ ‫فذكر األول في سنة ‪14‬هـ والثاني في سنة ‪13‬هـ‪ .‬قائد الفتح‪ :‬أورد الهيثم بن عدي‪،‬‬ ‫ً ً‬ ‫وخليفة بن خياط‪ ،‬والبالذري – وله أيضا نقال عن أبي بشر المؤذن أنهم نقضوا الصلح‬ ‫فسار إليهم عمرو بن العاص ‪ K‬وقيل شرحبيل ابن حسنة ‪ . K‬والراجح شرحبيل ألنه‬ ‫ً‬ ‫هو المكلف من الصديق بفتح األردن‪ ،.-‬وابن عساكر‪ ،‬وياقوت الحموي – وله أيضا‬ ‫(ياقوت) أنهم نقضوا فتولى عمرو بن العاص ‪ K‬إعادة الفتح‪ .-‬أن القائد هو شرحبيل‬ ‫بن حسنة ‪ . K‬وذكر اليعقوبي أن الفتح بدء من قبل أبو عبيدة عامر بن الجراح ‪K‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم أستكمل من قبل القائدين عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضي اهلل عنهما‪ .‬وذكر‬ ‫الطبري أن الفتح لألردن تم من القائدين عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة رضي اهلل‬ ‫عنهما ماعدا طبرية فإن الذي فتحها هو أبو األعور السلمي‪ .‬وعند ابن الجوزي أن الفتح‬ ‫حدث من القائدين عمرو وشرحبيل بن حسنة رضي اهلل عنهما‪.‬‬ ‫[ حلب (الشهباء‪ ،‬البيضاء لرتبتها وبن�اء عمائرها باحلوار األبيض) ]‪َ – :‬معرة‬ ‫– ْ‬ ‫مصرين (معرة النعمان (ذات القصور) ]‪ .‬أن أبا عبيدة عامر بن الجراح سير عمرو‬ ‫ً‬ ‫بن العاص رضي اهلل عنهما – وذكر خليفة بن خياط نقال عن ابن الكلبي أن أبا عبيدة‬ ‫هو الذي صالح أهل حلب‪ .‬والراجح هو عمرو – فدخل المسلمون حلب من باب‬ ‫أنطاكية‪ -‬انطالية ‪ ،-‬ووقفوا داخل الباب وحفوا حولهم بالتراس‪ -‬بنى في ذلك المكان‬ ‫مسجد – وتم الصلح على الجزية ‪ .‬ثم تقدم منها إلى معرة َم ْ‬ ‫صرين (معرة النعمان‪ ،‬ذات‬ ‫القصور‪ ،‬من عمل حلب) وهي اآلن تتبع محافظة ادلب في سورية)‪ ،‬فصالحه أهلها على‬ ‫مثل صلح أهل حلب‪ .‬وكان فتح حلب قد تم في سنة ‪16‬هـ كما عند خليفة بن خياط‪،‬‬ ‫والذهبي‪ ،‬وابن كثير‪ .‬ثم نقضـوا (حلب) في سنة ‪21‬هـ كما ذكر الطبري‪ ،‬وابن األثير‪،‬‬ ‫فسار إليهم أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس‪ ،‬فصالحوه‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫[ عرب ُسوس‪ ،‬عرب سوس ]‪ :‬من المدن الساحلية الشامية الجزرية تلقاء الحدث –‬ ‫أن عُ َم ْير بن سعد بن عبيد األنصاري ‪ K‬سار إلى مدينة عربسوس وخيرهم بين الجالء‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫وتعويضهم مكان شي ٍء ش ْيئين أو القتال وتخريب المدينة‪.‬‬ ‫‪88‬‬ ‫أجناديـن‪ :‬لما تمكن أبو عبيدة ‪ K‬من عقد الصلح مع مدينة حمص ودخوله‬ ‫للمدينة وجه شرحبيل بن حسنة‪ ،‬وعمرو بن العاص رضي اهلل عنهما إلى بيسان فتمكنا‬ ‫من فتحها‪ .‬ثم سار شرحبيل ‪ K‬إلى األردن‪ ،‬وعمرو ‪ K‬إلى أجنادين الجتماع الروم‬ ‫بها‪ ،‬فوصل إليها عمرو ‪ K‬ثم كتب إلى عمر بن الخطاب ‪ K‬يستمده‪ ،‬فسارع عمر‬ ‫‪ K‬بالكتابة إلى قادة جند بالد الشام يأمرهم بإرسال فرقة من جنودهم إلمداد عمرو ‪K‬‬ ‫كما أمر بتوجيه ثالث فرق‪ :‬األولى إلى قيسارية‪ ،‬والثانية إلى بيت المقدس‪ ،‬والثالثة إلى‬ ‫الرملة وذلك لمنع أهالي هذه المدن من مساعدة أهل أجنادين‪ .‬ثم إن عمرو ‪ K‬أراد‬ ‫ً‬ ‫أن يعرف تحصينات أجنادين فدخلها بصفته موفدا من عمرو ‪ ،K‬فاجتمع مع القائد‬ ‫ً‬ ‫أرطبون‪ ،‬فعلم أرطبون أنه إنما يحادث عمرو أو قائدا كبير من المسلمين فهمس إلى‬ ‫بعض أتباعه بقتله‪ ،‬ففطن لذلك عمرو ‪ K‬فقال له‪ :‬إنني فرد من مجموعة سوف آتيك‬ ‫بهم ليجتمعوا بك‪ .‬ثم خرج ولم يعد لمثلها‪ .‬وبدأت المعركة حيث استطاع جند اهلل من‬ ‫تحقيق النصر ودخول أجنادين وفرار قائدها إلى بيت المقدس‪.‬‬ ‫بيـــت املقــــدس‪ :‬سار إليها عمرو بن العاص وحاصرها‪ ،‬ولما رأت الحامية‬ ‫الرومية بقيادة أرطبون أن ال فائدة من المقاومة تركتها إلى مصر‪ ،‬فطلب أهل المدينة أن‬ ‫يتم عقد الصلح مع الخليفة عمر بن الخطاب ‪ ،K‬فكتب إليه عمرو ‪ K‬بذلك‪ ،‬فسار‬ ‫من المدينة إلى بيت المقدس حيث تسلم مفاتيحها وعقد الصلح مع أهلها‪ ،‬ودخلها جند‬ ‫اهلل دون إراقة قطرة من الدماء‪ .‬وقام عمر ‪ K‬بإزالة األتربة عن مســرى النبي ‪ r‬وجعل‬ ‫القبلة أمام الصخرة – أي مقدم المسجد‪ .-‬سنة الصلح هي سنة ‪16‬هـ باتفاق كل من‬ ‫أبي معشر‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬وابن الكلبي‪ ،‬ويزيد بن عَبيدة‪ ،‬والوليد بن مسلم‪ ،‬وخليفة بن‬ ‫ً‬ ‫خياط‪ ،‬والبسوي‪ ،‬وسيف بن عمر‪ ،‬والطبري‪ ،‬وابن الجوزي‪ -‬وله أيضا أن الصلح تم‬ ‫في سنة ‪14‬هـ‪ .-‬وذكر أبو الفدا أن الصلح تم في سنة ‪15‬هـ واكتفى ابن إسحاق بذكر‬ ‫« خرج أهل إيلياء إلى عمر ‪ K‬فصالحوه على الجزية وفتحوها « ‪ .‬فاإلجماع على أن‬ ‫الصلح ودخول بيت المقدس من قبل الخليفة عمر بن الخطاب ‪ K‬تم في سنة ‪16‬هـ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫[ غـزة ]‪ :‬حاصرها سنة ‪15‬هـ علقمة بن ُمج ِّزز األعور المدلجي‪ ،‬ففتحها‪.‬‬ ‫‪89‬‬ ‫[ قيس ِاريـة ]‪ – :‬مدينة ساحلية بالشام – حاصرها معاوية بن أبي سفيان ‪K‬‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫سبع سنين وقيل سبع سنين إال شهرا وقيل سبع سنين إال أشهر‪ ،‬وأن الفتح تم عن طريق‬ ‫مدخل سري دلهم عليه أحد المسـتأمنة من سكان المدينة‪ ،‬فدخلوا منه وتم الفتح عنوة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وكتب إلى عمر بن الخطاب ‪ K‬فنَادى‪ :‬إال أن قيسارية قد فتحت قسرا‪ .‬سنة الفتح‪:‬‬ ‫اختلف في سنة فتحها فعند أبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬وابن كثير سنة ‪15‬هـ‪ ،‬وانفرد سيف‬ ‫ً‬ ‫بذكر سنة ‪16‬هـ‪ .‬وكذا الطبري بذكر سنة ‪17‬هـ‪ -‬وله أيضا سنة ‪15‬هـ‪ -‬وعند اليعقوبي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والخزرجي سنة ‪18‬هـ‪.‬؛ وعند أبي معشر – وله أيضا سنة ‪16‬هـ‪ .-‬وسعيد بن كثير بن‬ ‫عفير‪ ،‬وابن عبدالبر‪ ،‬والمقدسي والذهبي سنة ‪19‬هـ‪ .‬وعند ابن إسحاق‪ ،‬والليث بن‬ ‫سعد‪ ،‬وابن عبدالحكم سنة ‪20‬هـ‪.‬‬ ‫[ عسقالن ]‪ – :‬مدينة ساحلية بالشام – فتحها معاوية صلحا سنة ‪23‬هـ‪ .‬كما عند‬ ‫الطبري‪ ،‬وأبي الفرج بن الجوزي‪ ،‬والبلخي‪ ،‬وابن األثير‪ ،‬والنويري‪.‬‬ ‫[ انظرسوس ]‪ :‬فتحها عبادة بن الصامت ‪ . K‬وهي حصن بالشام‪.‬‬ ‫[ انطاكية‪ ،‬انطاليا‪ ،‬قلقية‪ ،‬مقربة (معرة) مصرين) ]‪ .:‬هي مدن وقرى في بالد‬ ‫الشام سار عمرو بن العاص بأمر من أبي عبيدة عامر بن الجراح في سنة ‪16‬هـ عند خليفة‬ ‫بن خياط‪ ،‬والذهبي‪ ،‬وابن كثير إلى انطاكية فصالحوه على الجزية ‪.‬؛ وفي بغية الطلب‬ ‫في تاريخ حلب البن العديم «فتحها أبو عبيدة عامر بن الجراح صلحا واسكنها المسلمين‬ ‫وعند أهلها كتاب الصلح وبها قبر يحيى بن زكريا عليهما السالم‪ ،‬ذكرت في القرآن في‬ ‫موضعين …‪ ،‬ذكرها في سورة الكهف في قصة الجدار « ثم نقضوا فسار إليهم أبو هاشم‬ ‫بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس في سنة ‪21‬هـ‪ -‬ذكرها ابن إسحاق‪ ،‬والبسوي‪ ،‬والطبري‪،‬‬ ‫وابن األثير‪ .-‬فصالح أهل انطاكية‪ ،‬ومنبج‪ ،‬وقلقية‪ ،‬ومقبرة (معرة) مصرين على الجزية‪.‬‬ ‫[ اجلزيرة ]‪ – :‬منطقة تضم مدنا وقرى كثيرة‪ -‬واختلف في سنة الفتح فعند ابن‬ ‫العديم سنة ‪16‬هـ‪ ،‬وعند سيف والطبري سنة ‪17‬هـ‪ ،‬وعند الواقدي سنة ‪18‬هـ‪ ،‬وعند‬ ‫ابن إسحاق‪ ،‬وابن كثير سنة ‪19‬هـ‪ .‬جاء في األموال ألبي عبيد القاسم بن سالم أن‬ ‫الجزيرة كلها فتحت صلحا من قبل القائد عياض‪ -‬والراجح أنه تسلم االنطالق لحركة‬ ‫‪90‬‬ ‫الفتح وعين القادة فشاركه كل من خالد بن الوليد‪ ،‬وعمير بن سعد األنصاري‪ ،‬وميسرة‬ ‫ابن مسروق العبسي‪.-‬؛ عياض بن غنم الفهري ‪.‬؛ ومن أهم المدن المفتوحة هي [‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ورعبان‪ ،‬وعراجين‪ ،‬وبالس‪ ،‬وقاصرين ] فتحها عياض بن غنم صلحا على‬ ‫دلوك‪،‬‬ ‫الجزية ما عدا قاصرين ففتحها حبيب بن مسلمة الفهري بأمر من عياض‪.‬‬ ‫[ سـروج ]‪ :‬فتحها عياض بن غنم عند البالذري‪ ،‬وياقوت‪ ،‬والذهبي ‪.‬؛ وانفرد‬ ‫البلخي بذكر شرحبيل بن حسنة‪ ،‬أما سنة الفتح فهي بين سنوات ‪16‬هـ عند الذهبي‪،‬‬ ‫و‪17‬هـ عند ياقوت‪ ،‬و‪19‬هـ عند البالذري‪.‬؛‬ ‫[ الرهـا ]‪ :‬فتحها عياض كما ذكر ابن إسحاق‪ ،‬والواقدي – سنة ‪18‬هـ‪ -‬والطبري‪،‬‬ ‫وخليفة بن خياط – سنة ‪18‬هـ والقائد أبو موسى ‪.-‬؛ وأبو عبيدة – دون إيراد سنة الفتح‬ ‫ً‬ ‫‪.‬؛ والذهبي – سنة ‪16‬هـ وله أيضا سنة ‪18‬هـ‪.-‬؛ وابن كثير – سنة ‪16‬هـ فتحها عياض‬‫وقيل أبو موسى وعمر بن سعد بن أبي وقاص وعثمان بن أبي العاص‪ .-‬وعند البلخي فتحها‬ ‫شرحبيل بن حسنة‪ .‬والراجح عياض كما في األموال ألبي عبيد « هذا كتاب عياض بن‬ ‫غنم ومن معه من المسلمين ألهل الرها‪ :‬إني امنتهم على دمائهم وأموالهم‪ ،‬وذراريهم‪،‬‬ ‫ونسائهم‪ ،‬ومدينتهم‪ ،‬وطواحينهم … «‪.‬‬ ‫[ حران ]‪ :‬عند الواقدي فتحها عياض سنة ‪18‬هـ‪ .‬وعند خليفة بن خياط سنة‬ ‫‪18‬هـ‪ ،‬والقائد عياض وأبو موسى األشعري؛ وعند البالذري فتحها عياض‪ ،‬وعند‬ ‫ً‬ ‫الطبري سنة ‪17‬هـ ‪ -‬وله أيضا سنة ‪18‬هـ‪ -‬والقائد عياض‪.‬؛ وعند أبي الفرج بن الجوزي‬ ‫ً‬ ‫سنة ‪18‬هـ والقائد عياض وأبو موسى – وله أيضا سنة ‪17‬هـ والقائد عياض وسهيل‬ ‫بن عدي وعبداهلل بن عبداهلل بن عتبان ‪.-‬؛ وعند الذهبي وابن كثير سنة ‪18‬هـ والقائد‬ ‫عياض‪.‬؛ وعند ابن إسحاق سنة ‪19‬هـ‪ .‬والقائد عياض‪.‬؛ والراجح قائد الفتح هو عياض‪.‬‬ ‫[ دارا ]‪ :‬فتحها عياض عند ابن إسحاق – سنة ‪19‬هـ‪ ،-‬والطبري – سنة ‪19‬هـ ‪.-‬؛‬ ‫ً‬ ‫وأبي الفرج بن الجوزي – سنة ‪19‬هـ وله أيضا فتحها سعد بن أبي وقاص‪.-‬؛ وابن كثير‬ ‫ً‬ ‫– سنة ‪16‬هـ وله أيضا سنة ‪17‬هـ ‪ .-‬وانفرد خليفة بذكر أبي موسى كقائد للفتح ‪ .‬أما‬ ‫سنة الفتح فهي سنة ‪18‬هـ‪.‬‬ ‫‪91‬‬ ‫[ الرقـة ]‪ :‬عند البلخي فاتحها هو عياض – دون ذكر السنة ‪.-‬؛ وكذا الواقدي‬ ‫ً‬ ‫– وله سنة ‪18‬هـ ‪.‬؛ والطبري – والسنة هي ‪17‬هـ وله أيضا أن الفتح تم من أبي موسى‬ ‫وعمر بن سعد وعياض‪.-‬؛ وياقوت سنة ‪17‬هـ ‪ .‬وانفرد ابن إسحاق بذكر سنة ‪19‬هـ‬ ‫للفتح‪.‬‬ ‫[ املوصـل ]‪ :‬فتحها عياض وفي سنة ‪18‬هـ عند خليفة بن خياط‪ ،‬واليعقوبي‪،‬‬ ‫وابن كثير‪ .‬وخالفهم البلخي في البدء والتاريخ بذكر أبي موسى كقائد للفتح‪.‬‬ ‫[ نصبني ]‪ :‬فتحها‪ ،‬أبو موسى عند ابن إسحاق‪ ،‬والطبري‪ -‬سنة ‪19‬هـ ‪.-‬؛ وأبو‬ ‫الفرج بن الجوزي – سنة ‪17‬هـ والقائد هو عبداهلل بن عبداهلل بن عتبان ‪.-‬؛ وابن كثير‬ ‫– سنة ‪17‬هـ‪.-‬؛ وخالفهم خليفة بن خياط‪ ،‬والذهبي فذكرا أن الفتح تم بيد أبي موسى‬ ‫وعياض وزاد خليفة وقيل خالد ‪ ،.‬وسنة الفتح هي سنة ‪18‬هـ‪.‬‬ ‫[ آمـد ]‪ :‬عند خليفة بن خياط فتحها خالد بن الوليد في سنة ‪18‬هـ ‪.‬‬ ‫[ احلدث (كينوك‪ ،‬الهث) ]‪ :‬فتحها حبيب بن مسلمة وقيل خالد بن الوليد ‪. K‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫[ مرعـش ]‪ :‬فتحها خالد بن الوليد ‪. K‬‬ ‫[ قرقيساء ]‪ :‬في تاريخ الرسل والملوك‪ ،‬وفي معجم البلدان فتحها عمرو بن‬ ‫مالك بن عتبة بن أهيب وفي سنة ‪16‬هـ‪ ،‬وفي فتوح البلدان فتحها حبيب بن مسلمة‬ ‫الفهري سنة ‪19‬هـ‪.‬‬ ‫[ هـيت ]‪ :‬في سنة ‪16‬هـ تم فتحها ‪ .‬واختلف في قائد الفتح فعند البالذري‬ ‫الحارث بن يزيـد العامـري وقيل مدالج بن عمرو السلمي ‪.‬؛ وعند ياقوت عمرو بن‬ ‫مالك بن عتبة بن أهيب‪.‬‬ ‫[ عني الوردة ]‪ :‬فتحها عمير بن سعد األنصاري‪ ،‬أما سنة الفتح فقيل في سنة‬ ‫‪18‬هـ كما ذكر أبو الفرج بن الجوزي‪ ،‬وخالفه البالذري فذكر سنة ‪19‬هـ ‪ .‬وهي‬ ‫الراجحة‪.‬‬ ‫‪92‬‬ ‫فتح مصـر‪ :‬بعد أن ساد السالم على جميع مدن بالد الشام – تم إخضاع جميع‬ ‫ْ‬ ‫مدن الشام ماعدا مدينة أطرابلس (طرابلس) فتم إخضاعها في خالفة عثمان بن عفان ‪K‬‬ ‫ومن قبل معاوية بن أبي سفيان ‪ .-K‬وجاء توجيه الخليفة عمر بن الخطاب ‪ K‬لقائده‬ ‫عمرو بن العاص – وقيل استأذن عمرو الخليفة عمر في التقدم للفتح وهو الراجح‪ -‬بعد‬ ‫فتحه لبيت المقدس (القدس) بالمسير إلى مصر لنشر اإلسالم‪ ،‬فدخلها من العريش‬ ‫بجيش عدده ‪3500‬مقاتل وقيل ‪ 4000‬مقاتل – مدخل مصر من جهة فلسطين – وتغلب‬ ‫فيها عمرو على جند الروم‪ .‬ثم أخذ في التقدم وتحقيق انتصارات متوالية‪ :‬ومنها‪ :‬الفرما‬ ‫ـ هي أول مدينة مصرية يدخلها الجيش اإلسالمي‪ ،‬ولها ميناء على ساحل البحر األبيض‬ ‫المتوسط وموقعها بين العريش والفسطاط ـ‪ ،‬وبلبيس‪ ،‬وأم دنين (المقس)‪ .‬وفيها وصل‬ ‫مدد من الخليفة عمر بن الخطاب ‪ K‬إلى المسلمين وعدده حوالي أربعة آالف وقيل في‬ ‫اثنى عشر ألف فيه الزبير بن العوام‪ ،‬وعبادة بن الصامت‪ ،‬وعمير ابن وهب الجمحي‪،‬‬ ‫وبسر بن أرطأة‪ ،‬ومسلمة بن مخلد‪ ،‬فتم الفتح‪ .‬ثم واصل عمرو بن العاص ‪ K‬تقدمه‬ ‫حتى وصل إلى حصن بابليون ـ يقع شمال شرقي القاهرة ـ حيث ضاق أهلها بالحصار‬ ‫ُ‬ ‫فطلبوا الصلح‪ - .‬أي حاكمها القبطي وهو جريج بن مينا‪ .-‬هذه االنتصارات مهدت‬ ‫لعمرو بن العاص من التقدم نحو االسكندرية فحاصرها‪ ،‬وتم الصلح وخروج الروم‬ ‫منها ‪ .‬ثم سير عمرو الحمالت إلى مدن وقرى مصر إلخضاعها للمسلمين‪ ،‬فتم له‬ ‫ما أراد‪ .‬سنة الفتح‪ :‬تم اإلجماع على أن فتح مصر كان في سنة ‪20‬هـ من قبل كل من‬ ‫مالك بن أنس‪ ،‬وابن إسحاق‪ ،‬وأبو معشر‪ ،‬والليث بن سعد‪ ،‬وابن لهيعة‪ ،‬وخليفة بن‬ ‫خياط‪ ،‬ويزيد بن حبيب‪ ،‬والواقدي‪ ،‬والطبري‪ ،‬وأبو زرعة الدمشقي‪ ،‬وأبو الفرج بن‬ ‫الجوزي‪ ،‬وابن كثير‪.‬؛ وانفرد سيف بذكر سنة ‪16‬هـ ولم يتابعه أحد‪.‬؛ وأما أبو الفدا‬ ‫فذكر ‪19‬هـ‪ ،‬و‪20‬هـ وأما فتح االسكندرية‪ ،‬فذكر الليث بن سعد‪ ،‬وابن عبدالحكم‬ ‫سنة ‪20‬هـ وخالفهم خليفة بن خياط‪ ،‬وأبو زرعة الدمشقي فذكرا سنة ‪21‬هـ وانتقضوا‬ ‫في سنة ‪25‬هـ كما في فتوح مصر والمغرب‪ ،‬وتاريخ خليفة‪ ،‬والمنتظم‪ ،‬وفي الكامل‬ ‫سنة ‪24‬هـ والراجح سنة ‪ 25‬في أيام عثمان‪ .‬أما اليعقوبي فذكر فتحها في سنة ‪23‬هـ‪.‬‬ ‫والراجح سنة ‪21‬هـ‪.‬‬ ‫‪93‬‬ ‫فتح مدن بـالد املغرب (إفريقية) (برقـة – النقية ‪ُ ،-‬‬ ‫أنطابلـس‪ ،‬بنطابلس‬ ‫– معناه ثالث مدن ‪ِ ،-‬جربة‪ ،‬سفاقس‪ ،‬قابس)‬ ‫بعد أن ساد نشر اإلسالم مدن مصر تقدم عمرو بن العاص ‪ K‬بجيشه‬ ‫لنشر اإلسالم في مدن بالد المغرب (إفريقية)‪ ،‬فدخلها من برقة‪ ،‬فصالحها‬ ‫أهلها على جزية مقدارها ثالثة عشر ألف دينار وعلى أن يبيعوا من أبنائهم فيما‬ ‫عليهم من الجزية من أحبوا بيعه‪ .‬وتم الصلح في سنة ‪22‬هـ كما ذكر ابن عبد‬ ‫الحكم‪ -‬في خبر آخر له‪ -‬وابن األثير‪ ،‬وأبو الفداء ‪ .‬وقيل تم الصلح في سنة‬ ‫‪23‬هـ أورده اليعقوبي وابن عبدالحكم عن الليث بن سعد‪ .‬والراجح سنة ‪22‬هـ‪.‬‬ ‫[ قرطاجنة‪ ،‬معركة ُسبيطلة ]‪ :‬في خالفة عثمان وفي سنة ‪27‬هـ‪ ،‬ـ وقيل سنة‬ ‫ُ‬ ‫(ج ْرجيس)‬ ‫‪37‬هـ ـ سار عبداهلل بن سعد بن أبي سرح إلى سبيطلة فلقى ملكها جرجير ِ‬ ‫في مائتي ألف‪ ،‬فهزم وقتل جرجير وبلغت الغنائم ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار‬ ‫َْ‬ ‫وعشرين ألف دينار فروى أن عثمان أمر لمروان بن الحكم بخمس هذا المال ‪ .‬وكان‬ ‫البشير بهذا الفتح عبداهلل بن الزبير‪ .‬وفي سنة ‪36‬هـ افتتح عبداهلل بن سعد بن أبي السرح‬ ‫قونية – وهي موضع القيروان – وجبل القرن‪ ،‬وجلوالء ‪.‬‬ ‫[ زويلة ]‪ :‬بعد فتح برقة بعث عمرو بن العاص ‪ K‬عقبة بن نافع لنشر اإلسالم‪،‬‬ ‫فسار إليها وأخضعها للمسلمين ووضع على أهل زويلة وما بينها من المدن ما رأى أنههم‬ ‫يطيقونه‪ ،‬وأن عمرو بن العاص ‪ K‬عين والته على ما تم إخضاعه وأمرهم أن يأخذوا‬ ‫الصدقة من األغنياء فيردوها إلى الفقراء ويأخذوا الجزية من أهل الذمة فتحمل إليه في‬ ‫مصر‪ .‬ذكر ابن األثير في الكامل أن فتحها كان سنة ‪21‬هـ وقيل سنة ‪20‬هـ‪.‬‬ ‫[ ودان ]‪ - :‬تبعد عن زويلة مسيرة عشرة أيام – كان عمرو قد بعث إلى ودان وفزان‬ ‫ولوبية (لبدة) بسر بن أرطأة (وقيل بن أبي أرطأة واسمه عمير) القرشي وهو محاصر‬ ‫أطرابلس فافتتحها في سنة ‪23‬هـ‪ .‬وقيل أن الفتح تم في خالفة عثمان ‪ K‬وفي سنة‬ ‫‪26‬هـ‪ .‬والراجح أنه في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬وفي سنة ‪23‬هـ‪.‬‬ ‫‪94‬‬ ‫أطر ُابلس (طرابلس)‪ – :‬هي على شاطئ البحر المتوسط‪ -‬على ضوء االنتصارات‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫المحققة من فتح برقة وزويلة تقدم عمرو من برقة إلى أطرابلس‪ ،‬فحاصرها لمدة شهر أو‬ ‫شهرين ال يقدر على الدخول إليها‪ ،‬فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو‬ ‫ً‬ ‫متصيدا في سبعة أنفار‪ ،‬فمضوا غربي المدينة فاشتد عليهم الحر‪ ،‬فأخذوا راجعين على‬ ‫ضفة البحر وكان الصقا بسور المدينة ولم يكن فيم بين المدينة والبحر سور وكانت سفن‬ ‫البحر شارعة في مرساها إلى بيوتهم ففطن المدلجي وأصحابه فإذا البحر قد غاض من‬ ‫ناحية المدينة‪ ،‬فدخلوا منه حتى أتوا ناحية الكنيسة فكبروا فهرب جند الروم بما خف إلى‬ ‫سفنهم ودخل جند عمرو إلى داخل المدينة وسير من فوره جيشا إلى سبرت‪ ،‬فصبحت‬ ‫خيله سبرت فدخلوها دون مقاومة‪ .‬وتم الفتح في سنة ‪22‬هـ كما ذكر البالذري‪ ،‬وابن‬ ‫ً‬ ‫األثير‪ ،‬وأبو الفدا‪ ،‬والذهبي وقيل سنة ‪23‬هـ كما أوردها خليفة بن خياط – وله أيضا أنها‬ ‫ً‬ ‫فتحت في سنة ‪22‬هـ ‪.-‬؛ وابن عبدالحكم – وله أيضا عن غير الليث بن سعد أنها فتحت‬ ‫في سنة ‪22‬هـ ‪ ،.-‬واليعقوبي‪ ،‬والبكري‪ ،‬وياقوت ‪.‬؛ ونرجح أن سنة نشر اإلسالم في‬ ‫برقة كانت في سنة ‪22‬هـ إلجماع المصادر على هذا التاريخ‪ .‬وكتب عمرو بن العاص ‪K‬‬ ‫إلى عمر بن الخطاب ‪ K‬بهذا الفتح وأنه ولى عقبة بن نافع الفهري على المغرب‪ ،‬فرد‬ ‫عليه عمر ابن الخطاب ‪ K‬بكتاب ينهاه عن التوغل فيها واالكتفاء بما تم فتحه وكانت‬ ‫ْ‬ ‫أطرابلس هي آخر ما افتتح من المغرب في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬وقيل إن عمرو‬ ‫بن العاص ‪ K‬تقدم إلى جبل نفوسة ففتحه ومنه رجع بكتاب عمر بن الخطاب ‪.K‬‬ ‫فتح مدين�ة أبرشهر يف خالفة عثمان ‪ :K‬تقدم عبداهلل بن عامر في واليته على‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العراق إلى مفازة خبيص‪ ،‬ثم على خواست – ويقال‪ :‬على‪ :‬يَزد – ثم على ق ِهستان‪،‬‬ ‫فقدم األحنف فلقيه الهياطلة‪ ،‬فقاتلهم فهزمهم‪ ،‬ثم أتى ْأب َرشهر‪ ،‬فنـزلها ابن عامر‪ ،‬وكان‬ ‫سعيد بن العاص في جند أهل الكوفة‪ ،‬فأتى جرجان وهو يريد خراسان‪ ،‬فلما بلغه نزول‬ ‫ابن عامر أبرشهر‪ ،‬رجع إلى الكوفة‪.‬‬ ‫املعارك البحرية‪ :‬الحبشة‪ :‬أرسل الخليفة عثمان بن عفان ‪ K‬حملة بحرية إلى‬ ‫بالد الحبشة‪.‬‬ ‫‪95‬‬ ‫•جزيرة قبرص‪ .‬في خالفة عمر بن الخطاب ‪ K‬كما مر بنا منع والته عن‬ ‫الغزو في البحر إلى أن سمح الخليفة عثمان بن عفان ‪ K‬لمعاوية بن أبي‬ ‫سفيان ‪ K‬في أن يجهز أسطوال بحريا لنشر اإلسالم في جزيرة قبرص سنة‬ ‫‪28‬هـ‪ ،‬بشروط منها أن يصطحبوا معهم نساؤهم وأطفالهم‪ ،‬وتمكنوا من‬ ‫دخول الجزيرة‪ ،‬وليمكنوا أهلها من حرية االختيار للدين دون إكراه‪.‬‬ ‫•معركة األساود‪ :‬هي معركة وقعت في بالد النوبة – واألساود هي في بالد‬ ‫ُ ُ‬ ‫النوبة الواقعة في جنوبي مصر‪ ،‬وعاصمة النوبة د ْمقلة – في خالفة عثمان بن‬ ‫عفان ‪ K‬وكان القائد عبداهلل بن سعد بن أبي السرح فهزمهم ثم تقدم إلى‬ ‫ُ ُ‬ ‫العاصمة د ْمقلة‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫•معركة د ْمقلة‪ :‬بعد معركة األساود تقدم القائد عبداهلل بن سعد بن أبي السرح‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫نحو العاصمة – العاصمة هي د ْمقلة لبالد النوبة وهي أيضا مدخل بالد النوبة‬ ‫من مدينة أسوان المصرية – واستطاع إخضاعها للمسلمين‬ ‫َّ‬ ‫واري (ذات السواري)‪ :‬معركة بحرية وقعت على شاطئ االسكندرية‬ ‫•ذات الص ِ‬ ‫في البحر األبيض المتوسط بين المسلمين والروم سنة ‪34‬هـ‪ .‬عند كل من أبي‬ ‫معشر‪ ،‬وأبي زرعة الدمشقي‪ ،‬والليث بن سعد‪ ،‬وابن عبدالحكم‪ ،‬والذهبي‬ ‫‪ .‬وعند الواقدي‪ ،‬وابن األثير أنها كانت في ســنة ‪31‬هـ والراجح سنة ‪34‬هـ‪.‬‬ ‫وعدد سفن المسلمين مائتا سفينة ونيف‪ .‬واستطاع القائد عبداهلل بن سعد بن‬ ‫أبي السرح هزيمة أسطول العدو‪ .‬بتقريب السفن بعضها إلى بعض بالسالسل‬ ‫عند القتال‪.‬‬ ‫فتح السوس‪ :‬وكان القائد أبو موسى األشعري تقدم إليها في خالفة عثمان‬ ‫واستطاع فتحها وهي تقع بالعراق‪.‬‬ ‫(جرزان)‪ – :‬موضع من بالد أرمينية – أن حبيب بن مسلمة الفهري القرشي صالح‬ ‫أهل جرزان على أن عليهم نزل الجيش من حالل طعام أهل الكتاب في خالفة عثمان ‪.K‬‬ ‫‪96‬‬ ‫[ سجستان‪ ،‬كابل‪ُ ،‬جر َوس ]‪ :‬في أيام عمر بن الخطاب ‪ K‬وفي سنة ‪23‬هـ سار‬ ‫ْ‬ ‫عاصم بن عمرو إلى سجستان فصالحوه ‪ .‬ثم نقضوا في أيام عثمان ففي سنة ‪30‬هـ وجه‬ ‫عبداهلل بن عامر الربيع بن زياد الحارثي إلى سجستان فاخضع زالق وشرواذ‪ ،‬وناشروذ‪،‬‬ ‫ََْ‬ ‫والقندهار حتى بلغ العاصمة – بها الملوك‪ -‬زرنج فافتتحها‪.‬؛ وفي سنة ‪33‬هـ وجه‬ ‫عبداهلل بن عامر عبدالرحمن بن َس ُم َرة القرشي العبشمي إلى سجستان فصالحه ملك‬ ‫زرنج ثم تقدم إلى الرخج فعقد الصلح مع ملكها‪ .‬ثم واصل تقدمه إلى كابل وزابلستان‬ ‫كما ذكر ابن سعد‪ ،‬ومصعب الزبيري‪ ،‬واليعقوبي‪ ،‬وابن أعثم الكوفي‪ ،‬وابن عبد البر‪،‬‬ ‫والمقدسي‪ ،‬والخزرجي مسير عبدالرحمن إلى كابل وفتحها‪ .‬وزاد ابن أعثم الكوفي عن‬ ‫ُ‬ ‫مدة الفتح وأنه استغرق عام وأسر ملكها‪ .‬ثم تقدم إلى العاصمة ج ْر َوس (أو هند‪ ،‬تقع‬ ‫بين هراة وغزنة في الجبال) حيث دخلها عبدالرحمن واخضعها للمسلمين‪.‬‬ ‫[ ِكرمان ]‪ :‬في خالفة عمر سار إليها – بعد نهاوند في سنة ‪21‬هـ‪ -‬سهيل بن عدي‬ ‫َْ‬ ‫في سنة ‪23‬هـ فتم فتحها ‪.‬؛ وفي خالفة عثمان وجه عبداهلل بن عامر عبدالرحمن بن‬ ‫َس ُمرة فصالح ملكها على ألف ألف درهم وألفي وصيف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫الح ْسي يجتمع فيه الماء‪ -‬أن‬ ‫[ الكر ]‪ – :‬موضع من ثغور بالد الترك‪ ،‬وأيضا ِ‬ ‫ََ‬ ‫عبداهلل بن عامر في أثناء واليته على البصرة في خالفة عثمان ‪ K‬أمر قطن بن عوف‬ ‫الهاللي – قطن بن عبد عوف‪ -‬على فارس وقيل بل سيره على رأس في الجيش ‪.-‬‬ ‫ُ‬ ‫فسار على رأس جيش إلى كرمان فصادف قنطرة الك ّر – وهي على وادي وفيه سيل‪,-‬‬ ‫ََ‬ ‫وللتشجيع على العبور ‪ .‬قال قطن‪ :‬من عبره فله ألف درهم فعبره رجل ثم آخر حتى جاز‬ ‫جميعهم فبلغ ما أجازهم به أربعة آالف ألف‪ ،‬فاستكثرها ابن عامر فكتب إلى الخليفة‬ ‫فأجازها بقوله‪ :‬كل ما كان في سبيل اهلل فهو جائـز ‪.‬‬ ‫الدولة األموية (‪132-40‬هـ‪660/‬م‪750-‬م)‬ ‫العاصمة‪ :‬دمشق‪ ،‬الشعار‪ :‬البياض‪.‬‬ ‫•معاوية بن أبي سفيان‪60-40:‬هـ = ‪679-660‬م‪.‬‬ ‫•يزيد بن معاوية بن أبي سفيان‪64-60 :‬هـ = ‪683-679‬م‪.‬‬ ‫•معاوية الثاني‪64 :‬هـ‪683/‬م‪.‬‬ ‫•مروان بن الحكم‪65-64 :‬هـ = ‪684-683‬م‪.‬‬ ‫•عبد الملك بن مروان‪86-65 :‬هـ = ‪705-684‬م‪.‬‬ ‫•الوليد بن عبد الملك بن مروان‪96-86 :‬هـ = ‪714-705‬م‪.‬‬ ‫•سليمان بن عبد الملك‪99-96 :‬هـ = ‪717-705‬م‪.‬‬ ‫•عمر بن عبد العزيز‪101-99 :‬هـ = ‪719-717‬م‪.‬‬ ‫•يزيد بن عبد الملك بن مروان‪105-101 :‬هـ = ‪723-719‬م‪.‬‬ ‫•هشام بن عبد الملك‪125-105 :‬هـ = ‪742-723‬م‪.‬‬ ‫•الوليد بن يزيد بن عبد الملك‪126-125 :‬هـ = ‪743-742‬م‪.‬‬ ‫•يزيد بن الوليد بن عبد الملك‪126 :‬هـ‪743/‬م‪.‬‬ ‫•إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك‪126 :‬هـ‪743/‬م‪.‬‬ ‫•مروان بن محمد بن مروان بن الحكم‪132-126 :‬هـ = ‪-743‬‬ ‫‪749‬م‪.‬‬ ‫‪98‬‬ ‫معاوية بن أبي سفيان (‪60-40‬هـ = ‪750-660‬م)‬ ‫هو معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي‬ ‫األموي‪ ،‬ولد قبل البعثة بخمس سنوات‪ ،‬أسلم يوم فتح مكة‪ ،‬في عهد الرسول !‬ ‫ً‬ ‫شهد غزوة حنين والطائف وقد روى عن النبي ! ‪ 160‬حديثا‪ ،‬في عهد الراشدين‬ ‫شهد معركة اليمامة‪ ،‬وشارك مع أخيه يزيد في معارك فتح الشام والمدن الساحلية‪،‬‬ ‫وبعد وفاة أخيه أقره عمر على والية دمشق وضم إليه األردن‪ ،‬وكذا عثمان لحكم الشام‬ ‫بكامله وإقليم الجزيرة‪ ،‬وفي خالفة علي خاض معركة صفين ضد علي بن أبي طالب‪،‬‬ ‫ثم مقتله وتنازل الحسن بن علي بالخالفة لمعاوية بشرط أن تكون الخالفة بعده شورى‬ ‫بين المسلمين‪ ،‬وهذا التنازل امتثااًل لقوله !‪> :‬إن ابني هذا سيد وسوف يصلح بين‬ ‫فئتين من المسلمين<‪ ،‬وصدق الرسول ! فجمعت كلمة المسلمين وتوحدت صفوفها‬ ‫ً‬ ‫في معاوية وتوكيدا لألمن في أرجاء الدولة اإلسالمية فيما عُرف بعام الجماعة في سنة‬ ‫‪41‬هـ‪661/‬م‪ ،‬وجرت المبايعة العامة لمعاوية في المسجد األقصى بالقدس‪ ،‬ومن ثم‬ ‫عاد الحسن بن علي إلى المدينة ولغاية وفاته سنة ‪49‬هـ‪669/‬م‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جالسا‪ ،‬مؤسس البحرية اإلسالمية في‬ ‫إصالحاته وإجنازاته‪ :‬أول من خطب‬ ‫طرابلس بالشام وفي مدينة الروضة بمصر‪ ،‬أول من اتخذ الحجاب والحراس‪ ،‬أول من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وراثيا بتولية ابنه يزيد‪.‬‬ ‫خرج عن تقاليد الخالفة وجعلها ملكا‬ ‫في عصر الراشدين فتح جزيرة قبرص وخاض معركة ذات الصواري‪ ،‬معركة‬ ‫ً‬ ‫حليما باذاًل للمال‪ ،‬أول من حدد‬ ‫صفين‪ ،‬التحكيم بعد صفين‪ ،‬كان من دهاة العرب‬ ‫وقت المحاكمة في المسجد السبت واالثنين‪.‬‬ ‫أول من نظم البريد وجعل له محطات لتبديل الخيل كل (‪ )4‬فراسخ ـ الفرسخ (‪)3‬‬ ‫أميال ـ‪ ،‬ويجعل في هذه المحطات خياًل وموظفين‪.‬‬ ‫أول من أحدث المقصورة ـ مكان في المسجد يصلي فيه الخليفة أو الوالي تحت‬ ‫‪99‬‬ ‫الحراسة ـ في المسجد لمعاوية عقب اعتداء الخوارج عليه‪ ،‬وكذلك عملها مروان بن‬ ‫ً‬ ‫وأيضا عملها زياد بن أبي سفيان المقصورة‬ ‫الحكم في المدينة سنة ‪44‬هـ‪664/‬م‪،‬‬ ‫بالكوفة سنة ‪50‬هـ‪670/‬م‪.‬‬ ‫في خالفة معاوية أمر واليه على المدينة مروان بن الحكم أن أجرى الماء من بئر‬ ‫عين األزرق (العين الزرقاء) من قرب مسجد قباء حتى تصل إلى المنهل المقام أمام‬ ‫المسجد النبوي بين بابي السالم والرحمة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫كسى معاوية الكعبة بالديباج والقباطي‪ ،‬وأجرى عليها وظيفة الطيب لكل صالة‪،‬‬ ‫وكان يبعث لها ُ‬ ‫بالمجمر ـ هو العود الرطب ـ والخلوق ـ طيب من الزعفران ـ في موسم‬ ‫الحج‪ ،‬وفي شهر رجب وعين موظفين يقومون على خدمتها‪ ،‬وأجرى لإلضاءة في‬ ‫ً‬ ‫المسجد الحرام زيتا وقناديل‪.‬‬ ‫في عهد الخليفة عثمان ‪ K‬أخذ المصحف شكله الموحد في الرسم والترتيب‬ ‫وصارت تلك المصاحف تعرف بالمصاحف العثمانية وهي أصل لكل المصاحف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الموجودة اليوم‪ ،‬ولقد كتب المصاحف في عهد عثمان‪ ،‬دون نقط وال شكل‪ ،‬وقام أبو‬ ‫األسود الدؤلي (ت‪69‬هـ‪688/‬م) بتكليف من والي العراق زياد بن أبي سفيان بوضع أول‬ ‫عالمات تدل على الحركات الفتحة والضمة والكسرة والتنوين للقرآن الكريم‪ ،‬وأكمل‬ ‫نصر بن عاصم الليثي (ت‪89‬هـ‪707/‬م) عمل أبو األسود بأمر من والي العراق الحجاج بن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يوسف الثقفي في خالفة عبد الملك بن مروان‪ ،‬فوضع النقاط أفرادا وأزواجا والمخالفة‬ ‫بين أماكنها‪ ،‬مما سهل التفريق بين الحروف (الباء‪ ،‬والتاء‪ ،‬والياء‪ ،‬وما يماثلها)‪.‬‬ ‫إن عقبة بن نافع الفهري لما سار إلى إفريقية كان في جيشه خمسة وعشرين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صحابيا‪ ،‬وخلف منهم جماعة يعلموا البربر القرآن ومنهم شاكر الذي أقام رباطا حمل‬ ‫اسمه ـ في مدينة تونس في والية حسان بن النعمان الغساني سنة ‪84‬هـ‪703/‬م عهد‬ ‫إلى ثالثة عشر ً‬ ‫فقيها من التابعين بمهمة تعليم القرآن واللغة العربية والشريعة اإلسالمية‬ ‫للبربر‪ ،‬ولما فتح موسى بن نصير طنجة أرسل إليهم سبعة وعشرين ً‬ ‫فقيها من التابعين‬ ‫بمهمة تعليم البربر القرآن والشريعة واللغة العربية‪.‬‬ ‫‪100‬‬ ‫في خالفة معاوية أمر واليه مسلمة بن مخلد األنصاري فهدم جامع عمرو بن العاص‬ ‫في الفسطاط سنة ‪53‬هـ‪673/‬م‪ ،‬ثم بناءه وضاعف في مساحته وبنى له أربع مآذن‪.‬‬ ‫إن معاوية بعث مجاهد بن جبر المخزومي (ت‪103‬هـ‪721/‬م) إلى جزيرة رودس‬ ‫سنة ‪52‬هـ‪672/‬م ليقرئ الناس القرآن ويعلمهم الشريعة اإلسالمية واللغة العربية‪.‬‬ ‫كان معاوية يستقبل في مجلسه بدمشق كبار علماء األمة ومثقفيها‪ ،‬وكان كل واحد‬ ‫ََ‬ ‫منهم مبدع في تخصص معين فيستمع معاوية إليهم ويأمر الكتبة أن يدونوا أقوالهم‪ ،‬فقد‬ ‫كان يجلس إلى ثلث الليل يسمع ممن يقرأ أخبار العرب والعجم وسياستهم وغير ذلك‪.‬‬ ‫إن معاوية قد أسس خزانة للكتب في قصر الخضراء (دار الخالفة) بدمشق وأسماها‬ ‫ُ‬ ‫بيت الحكمة‪ ،‬يجمع فيها الكتب‪ ،‬والكتابات التي يسجلها كتابه‪ ،‬وعين معاوية كتاب‬ ‫وغلمان ومرتبون وكلوا بالخدمة والحفظ ـ وفي خالفة الوليد بن عبد الملك ازدهرت‬ ‫بيت الحكمة وكثر النساخ والخطاطين ومن أشهرهم الخطاط خالد بن أبي الهياج الذي‬ ‫اختاره الخليفة الوليد لكتابة المصاحف ـ‪.‬‬ ‫حرية ممارسة العبادة والطقوس الدينية لجميع رعايا الدولة من غير المسلمين‪،‬‬ ‫رمم كنيسة َّ‬ ‫الرها (أوديسا)‪ ،‬وسمح ببناء كنيسة مارمرقص باإلسكندرية‪ ،‬وبناء كنيسة‬ ‫بالفسطاط‪ ،‬بناء قصر الخضراء بدمشق الذي كان ً‬ ‫مقرا إلقامته واستعان في البناء بمهندسين‬ ‫من غير المسلمين‪ ،‬حفر األنهار بالبصرة مثل نهر األيلة‪ ،‬ونهر األساورة‪ ،‬ونهر أم عبد اهلل‬ ‫مرة (نسبة إلى ّ‬ ‫(نسبة إلى والدته)‪ ،‬ونهر َّ‬ ‫مرة مولى أبي بكر الصديق ‪ ،)K‬بناء دار الرزق‬ ‫في البصرة في والية زياد بن أبية‪ ،‬أعاد المغيرة والي الكوفة بناء مسجدها ووسعه ليتسع‬ ‫ً‬ ‫لحوالي أربعين ألفا من المصلين‪ ،‬وفي والية زياد بن أبي سفيان زاد في مساحته‪ ،‬وفرش‬ ‫أرضيته بالحصى بداًل من التراب‪ ،‬واتخذ فيه المقصورة‪.‬‬ ‫وفي البصرة قام زياد بن أبي سفيان بهدم مسجد البصرة وأعاد بنائه باآلجر والجص‬ ‫وسقفه بخشب الساج وأعمدته من حجر نحتها من جبل األهواز وبنى منارته بالحجارة‪،‬‬ ‫واتخذ فيه المقصورة‪ ،‬وفرش أرضيته بالحصى‪ ،‬وحول المنبر إلى صدر المسجد‪،‬‬ ‫‪101‬‬ ‫وزاد في مساحته‪ ،‬كذلك قد بنى مساجد بالبصرة منها‪ :‬مسجد بني عدي‪ ،‬ومسجد بني‬ ‫واألساورة‪ ،‬توسعة مسجد الفسطاط في والية مسلمة بن مخلد األنصاري‬ ‫مجاشع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتشييد منارته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قام عقبة بن نافع ببناء مسجدا في مدينة إيجلي (قاعدة السوس األقصى)‪.‬‬ ‫أول من استحدث ديوان الخاتم ونظمه‪ ،‬السبب ما قام به عمرو بن الزبير بأن صير ما‬ ‫َ‬ ‫دون في الكتاب مائتين بداًل من مائة فأمر باستحداث هذا الديوان وحزم الكتب وعين لهذا‬ ‫ً‬ ‫خاتما نقشه (ال قوة إال باهلل)‪ ،‬وكان قد جمع ديوان الرسائل‬ ‫الديوان الموظفين وجعل له‬ ‫في دمشق مع ديوان الخاتم في ديوان واحد‪.‬‬ ‫أبقى على نظم اإلدارة البيزنطية في الشام ومصر والمغرب‪ ،‬والنظم الفارسية في‬ ‫العراق وخراسان‪ ،‬والنظم القبطية في مصر‪ ،‬واستعان بالموالي والنصارى في أعمال‬ ‫الدواوين‪ ،‬وفي إدارة البالد‪ :‬ابن مينا وابن النضير من عماله على الصوافي‪ ،‬والمستشار‬ ‫ُ‬ ‫المالي سريج (سرجون) بن منصور الرومي‪ ،‬والطبيب الخاص‪ :‬ابن أثال وكذا استعان‬ ‫بالموالي في إدارة شؤون الخراج فكان على خراج الكوفة عبد اهلل بن دراج‪ ،‬وعلى خراج‬ ‫مصر ِو ْردان‪ ،‬وفي والية زياد بن أبية (بن سفيان) كان على الخراج مهران وأضاف له‬ ‫ُ‬ ‫الحجابة‪ ،‬ومن حجاب معاوية سعد ومنهم من تولى القيادة والوالية لبالد المغرب مثل‬ ‫أبو المهاجر دينار مولى لمسلمة بن مخلد األنصاري‪.‬‬ ‫كتب معاوية لوالي المدينة سعيد بن العاص بهدم دار مروان بن الحكم فلم يفعل‬ ‫ولما ولى مروان كتب إليه بهدم دار سعيد بن العاص فلم يفعل‪.‬‬ ‫القضاء يف عهد معاوية‪ :‬دمشق‪ :‬أبو الدرداء عويمر بن عامر الخزرجي‪ ،‬ثم فضالة‬ ‫بن عبيد الليثي األنصاري‪ ،‬ثم النعمان بن بشير األنصاري‪ ،‬وبعده بالل بن أبي الدرداء‬ ‫األنصاري لغاية وفاة معاوية‪ ،‬فلسطين‪ :‬عبادة بن الصامت‪ ،‬وفي البصرة عمران بن‬ ‫الحسين الخزاعي‪ ،‬ثم عبد اهلل بن فضالة الليثي‪ ،‬وعاصم بن فضالة الليثي‪ ،‬ثم زرارة بن‬ ‫أوفى الجرشي‪ ،‬وعمير بن يثربي الضبي‪ ،‬وفي الكوفة‪ :‬شريح بن الحارث الكندي‪ ،‬وفي‬ ‫‪102‬‬ ‫المدينة المنورة‪ :‬عبد اهلل بن نوفل بن الحارث‪ ،‬ثم أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف‪،‬‬ ‫ثم مصعب بن عبد الرحمن بن عوف‪ ،‬ثم ابن زمعة العامري لغاية وفاة معاوية‪ ،‬وفي‬ ‫ُّ‬ ‫مصر‪ُ :‬‬ ‫سليم بن عتر التجيبي ‪.‬‬ ‫وله أوليات‪ :‬نظام التعويضات‪ ،‬وسجل محاضر جلسات المحاكم‪ ،‬ونظر في‬ ‫الجراح وحكم فيها‪.‬‬ ‫القصور يف عهد معاوية وما بعده‪ :‬قصر الخضراء (نسبة إلى القبة الخضراء التي‬ ‫كانت تعلوه) بدمشق بناه معاوية بالحجارة ليكون ً‬ ‫مقرا إلقامته وابنه يزيد‪ ،‬وعبد الملك‬ ‫بن مروان ـ اشتراه من خالد بن يزيد بن معاوية ـ ومن بعده الوليد‪ ،‬وسليمان وفترة يسيرة‬ ‫من حكم هشام ـ الذي بنى قصرين في الرصافة ـ وأما مروان بن محمد بن مروان فابتنى‬ ‫ً‬ ‫قصرا في مدينة حران‪.‬‬ ‫الوالة‪ :‬البصرة‪ :‬عبد اهلل بن عامر‪ ،‬ثم زياد بن أبية (بن أبي سفيان)‪ ،‬ثم ابنه عبيد اهلل‬ ‫بن زياد‪ ،‬الكوفة‪ :‬المغيرة بن شعبة الثقفي‪ ،‬ثم بعد وفاته جمعت الكوفة والبصرة لزياد بن‬ ‫أبية‪ ،‬مصر‪ :‬عتبة بن أبي سفيان‪ ،‬ثم مسلمة بن مخلد األنصاري‪ ،‬اليمن‪ :‬فيروز الديلمي‬ ‫لمدة ‪ 8‬سنوات‪ ،‬ثم سعيد بن دادويه وخلفه الضحاك بن فيروز الديلمي‪ ،‬المغرب‪ :‬عقبة‬ ‫بن نافع‪ ،‬ثم أبو المهاجر دينار‪ ،‬ثم عقبة بن نافع‪.‬‬ ‫في سنة ‪45‬هـ‪665/‬م قسم زياد بن أبية والي البصرة خراسان إلى (‪ )4‬أقسام‬ ‫ُ‬ ‫وال‪ :‬مرو‪ :‬أمير بن أحمر اليشكري‪ ،‬نيسابور‪( :‬أبو شهر) خليد بن‬ ‫إدارية وعين لكل قسم ٍ‬ ‫عبد اهلل الحنفي‪ ،‬مرو الروذ والطالقان والفارياب‪ :‬قيس بن الهيثم السلمي‪.‬‬ ‫هراة وباذغيس وبو شج وقادس‪ :‬نافع بن خالد الطاحي األزدي‪ ،‬وفي سنة‬ ‫َ‬ ‫‪47‬هـ‪667/‬م وحدها وجعل العاصمة مرو وعين الحكم بن عمرو الغفاري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصا يقوم على حمايته وتنفيذ أوامره يدعى >صاحب‬ ‫حراسا‬ ‫كان أول من اتخذ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وأيضا كان معاوية أول من أوقف الحجاب‬ ‫الحرس<‪ ،‬واقتدى به سائر خلفاء بني أمية‪،‬‬ ‫على بابه واقتدى به سائر خلفاء بني أمية‪.‬‬ ‫‪103‬‬ ‫كان زياد بن أبية (ابن أبي سفيان) أول من استحدث وظيفة العريف ـ هو سيد‬ ‫ً‬ ‫ملخصا عما يحدث في الحي ـ في البصرة في خالفة‬ ‫القوم‪ ،‬وعليه أن يقدم للوالي‬ ‫معاوية‪.‬‬ ‫احلمالت ضد البزينطيني‪ :‬حملة بقيادة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد سنة‬ ‫‪43‬هـ‪663/‬م في إحدى الشواتي‪ ،‬وفي سنة ‪46‬هـ‪666/‬م بقيادة مالك بن عبد اهلل‬ ‫ُ‬ ‫الخثعمي‪ ،‬ثم أطلق عليه لقب >مالك الصوائف< لما حققت حمالته ضد البيزنطيين من‬ ‫انتصارات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫•وفيما بين سنتي ‪48-47‬هـ‪668-667/‬م أرسلت أربع حمالت شتوية ضد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫البيزنطيين قادها كل من‪ :‬مالك بن هبيرة السكوني‪ ،‬وعبد اهلل بن كرز البجلي‪،‬‬ ‫وفضالة بن عبيد الليثي األنصاري‪ ،‬وعبد الرحمن القيني‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪49‬هـ‪669/‬م حملتين بحرية وبرية لفتح القسطنطينية بقيادة كل‬ ‫من‪ :‬فضالة بن عبيد الليثي‪ ،‬وسفيان بن عوف العامري‪ ،‬ويزيد بن شجرة‬ ‫الرهاوي‪ ،‬وثم الحصار البري في ظروف قاسية تتمثل في البرد القارص‬ ‫ً‬ ‫طالبا‬ ‫وانتشار مرض الجدري فأرسل القائد البري فضالة بن عبيد الليثي‬ ‫ً‬ ‫اإلمدادات فأرسل له جيشا بقيادة ابنه يزيد بن معاوية واستمر الحصار لمدة‬ ‫ستة أشهر ولكنه ُرفع وعاد الجيش إلى الشام للصعوبات المتمثلة في البرد‬ ‫القارص‪ ،‬والنار اإلغريقية‪ ،‬غزارة األمطار‪ ،‬نقص الطعام‪ ،‬إنحياز البحارة‬ ‫المسيحيين الذين يعملون في االسطول اإلسالمي‪ ،‬تفشي األمراض‪ ،‬حدوث‬ ‫الزالزل‪ ،‬استنجاد ليو الثالث بالبلغار‪ ،‬وفاة الصحابي أبو أيوب األنصاري‪:‬‬ ‫خالد بن زيد ودفن عند أسوارها‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪53‬هـ‪672/‬م تم فتح جزيرة رودوس بقيادة جنادة بن أبي أمية‬ ‫الغساني وأسكنها بعض الجند‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪54‬هـ‪674/‬م سير معاوية حملة بحرية من جزيرة أرواد إلى‬ ‫القسطنطينية بقيادة كل من عبد اهلل بن قيس الحارثي‪ ،‬وفضالة بن عبيد‬ ‫‪104‬‬ ‫الليثي‪ ،‬ويزيد بن شجرة الرهاوي وتمكنوا من االستيالء على مدينة أزمير‬ ‫وساحل خليج قلقيا ووصلوا إلى أسوار القسطنطينية وحاصروها لغاية سنة‬ ‫‪60‬هـ‪680/‬م ولم يتم الفتح‪ ،‬ثم وفاة معاوية وتولى الخالفة يزيد فأمر بعودة‬ ‫الجيش وترك الحصار‪ ،‬فتح جزيرة سزيكوس (على ساحل بحر مرمرة) بقيادة‬ ‫عبد اهلل بن قيس الفزاري‪ ،‬التوغل في أراضي الدولة البيزنطية في شتاء سنة‬ ‫‪58‬هـ‪678/‬م بقيادة مالك بن عبد اهلل الخثعمي‪.‬‬ ‫•حملة بحرية إلى صقلية بقيادة معاوية بن حديج السكوني ـ والي إفريقية ـ‬ ‫ومعه مائتي سفينة إلى صقلية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفقيها‬ ‫•لما فتح جزيرة رودوس جنادة بن أبي أمية الغساني أسكنها الجند‬ ‫لتعليم أهلها القرآن هو مجاهد بن جبر‪.‬‬ ‫•في سنة ‪54‬هـ‪674/‬م فتح جزيرة كريت بقيادة جنادة بن أبي أمية الغساني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫•فتح مدينة كمخ (كماخ) من ثغور الجزيرة في سنة ‪59‬هـ‪679/‬م بقيادة عمر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بن الحباب السلمي في حملة برية ـ وفي خالفة يزيد بن معاوية أصدر أوامر‬ ‫بعودة الجيوش البرية والبحرية من كل األراضي البيزنطية بما فيها جزيرتا‬ ‫قبرص رودوس ـ‪.‬‬ ‫•تقوية الثغور البحرية مثل عكا وصور واالسكندرية وشحنها بالرجال والسفن‪.‬‬ ‫•ترميم وبناء دور صناعة السفن في عكا‪ ،‬وطرابلس‪ ،‬وعسقالن‪ ،‬وصور‪،‬‬ ‫وصيدا‪ ،‬وقيسارية‪ ،‬والسويس‪ ،‬واالسكندرية‪ ،‬وكذلك استعان بالصناع‬ ‫األقباط واليونانيين‪.‬‬ ‫•حملة البيزنطيين بقيادة حبيب بن مسلمة الفهري سنة ‪41‬هـ‪661/‬م في أول‬ ‫صائفة ضد البيزنطيين‪ ،‬إرسال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد لنشر اإلسالم‬ ‫في آسيا الصغرى‪ ،‬رتب الشواتي والصوائف ضد البيزنطيين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•أوغل معاوية بنفسه فاتحا في بالد الروم حتى وصل إلى عمورية‪.‬‬ ‫‪105‬‬ ‫ً‬ ‫عاما في‬ ‫•عقد معاهدة مع االمبراطور قسطنطين الرابع مدتها (‪)30‬‬ ‫سنة ‪59‬هـ‪679/‬م‪.‬‬ ‫•فتح حصن ملطية وشحنها بقوات المسلمين‪ ،‬أوغل بسر بن أرطأة بالد الروم‬ ‫حتى بلغ مدينة القسطنطينية‪.‬‬ ‫الفتوحات يف بالد ما وراء النهر‪ :‬وفي سنة ‪42‬هـ‪662/‬م وجه عبد اهلل بن عامر‬ ‫بن كريز والي البصرة القائد عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب إلى سجستان ففتح مدينة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫زرنج صلحا ووافق مرزبانها على دفع ألفي وألفي وصيف‪ ،‬ثم سار منها ففتح مدن‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫خواش‪ ،‬وبست‪ ،‬وخشك‪ ،‬ورزان‪ُّ ،‬‬ ‫والرخج‪ ،‬ثم حاصر مدينة كابل لمدة (‪ )6‬أشهر ما‬ ‫لبث أن استسلمت‪ .‬هذه الفتوحات لمدن سجستان جعلت معاوية يجعلها والية مستقلة‬ ‫ويعين عليها ً‬ ‫واليا هو عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب إلى سنة ‪45‬هـ‪665/‬م فعادت‬ ‫تبعيتها تحت إشراف والي البصرة الذي عين في سنة ‪47‬هـ‪667/‬م على كل خراسان‬ ‫وسجستان الحكم بن عمرو الغفاري فتقدم ً‬ ‫عابرا نهر جيحون إلى طخارستان فكان أول‬ ‫من صلى وراء النهر وهزم بيروز بن يزدجر الثالث ـ ابن آخر ملوك الفرس يزدجر ـ الذي‬ ‫هرب إلى الصين‪ .‬ولما توفي الحكم خلفه غالب بن فضالة الليثي‪ ،‬ثم ولى الربيع بن زياد‬ ‫ً‬ ‫الحارثي في سنة ‪51‬هـ‪671/‬م ـ كما سير زياد حوالي خمسين ألفا بأهلهم من البصرة‬ ‫والكوفة وأسكنهم مرو بخراسان ـ الذي تقدم بجيوشه إلى بلخ فصالحه أهلها‪ ،‬ثم سار‬ ‫ً‬ ‫إلى قوهستان ففتحها‪ ،‬ثم قطع ابنه عبد اهلل بن الربيع بن زياد نهر جيحون وعقد صلحا‬ ‫مع آمل وزم‪ ،‬ثم عاد إلى مرو‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪53‬هـ‪672/‬م توفي عبد اهلل بن الربيع وخلفه خليد بن عبد اهلل الحنفي‪،‬‬ ‫ثم ولى عبيد اهلل بن زياد بن أبي سفيان في سنة ‪54‬هـ‪673/‬م فعبر عبيد اهلل نهر جيحون‬ ‫َ‬ ‫وفتح مدن راميثين ونسف‪ ،‬ورامدين‪ ،‬وبيكند وحاصر بخارى‪ ،‬فعقدت ملكة بخارى‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫خودا صلحا على ألف ألف ودخل بخارى ـ ومن بخارى اختار ألفين جندي من أهالي‬ ‫بخارى يجيدون الرمي بالنِّشاب وأرسلهم إلى البصرة كحرس خاص له ولحراسة‬ ‫المنشآت العامة ـ‪.‬‬ ‫‪106‬‬ ‫وفي سنة ‪55‬هـ‪674/‬م عين سعيد بن عثمان بن عفان ً‬ ‫واليا على خراسان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأسندت إلى أسلم بن زرعة الكالبي والية الخراج‪ ،‬وعندما وصل سعيد إلى مرو سار‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متقدما حتى بلغ مدينة سمرقند فصالحهم على سبعمائة ألف‬ ‫عابرا نهر جيحون‬ ‫منها‬ ‫درهم وأن يعطوه (‪ )15‬من أبناء عظمائهم رهنًا وأن يدخل المدينة متى شاء‪ ،‬ثم سار‬ ‫منها إلى مدينة ترمذ ـ على جانبي نهر جيحون الشرقي ـ ففتحها ثم عُزل ـ فأخذ من‬ ‫أبناء الصغد معه إلى المدينة للسقي والسواني والعمل في الزراعة بالمدينة ـ في سنة‬ ‫‪59‬هـ‪678/‬م‪ ،‬وعُين عبد الرحمن بن زياد بن أبي سفيان ً‬ ‫واليا على خراسان وعامل‬ ‫الخراج قيس بن الهيثم السلمي‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪61‬هـ‪680/‬م عبر َسلم بن زياد بن أبي سفيان ـ والي خراسان ـ نهر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫جيحون إلى خوارزم‪ ،‬وصالحه أهلها‪ ،‬ثم وجه جيشا إلى خجندة (قرب فرغانة) على‬ ‫شاطئ نهر جيحون‪ ،‬ثم عاد إلى مرو نتيجة وفاة يزيد بن معاوية‪ ،‬وبقي المهلب بن‬ ‫أبي صفرة األزدي وأبناؤه يحافظون على ما تم فتحه في بالد ما وراء النهر حتى تولى‬ ‫عبد الملك بن مروان الخالفة‪.‬‬ ‫وفي خالفة الوليد بن عبد الملك أمر الحجاج بن يوسف الثقفي القائد قتيبة بن‬ ‫مسلم الباهلي ـ والي خراسان ـ بمواصلة نشر اإلسالم في بالد ما وراء النهر وأمده‬ ‫بقوات من البصرة والكوفة تقدم بقواته من مرو وعبر نهر جيحون إلى مدينة بيكند سنة‬ ‫‪87‬هـ‪705/‬م ففتحها‪ ،‬وبعدها تقدم نحو بخارى فحاصرها عدة أشهر فدخلها وترك فيها‬ ‫حامية‪ ،‬ثم سار عنها إلى كش ونسف وفتحهما وأسكنهما أربعة آالف جندي‪ ،‬ثم سار‬ ‫نحو خوارزم سنة ‪93‬هـ‪711/‬م ففتحها‪ ،‬ثم سار نحو طشقند سنة ‪94‬هـ‪712/‬م وفتحها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وسار منها إلى فرغانة وفتح كبرى مدنها خجندة‪ ،‬ثم توغل حتى وصل إلى حدود الصين‬ ‫ً‬ ‫مدينة كاشغر (قاعدة تركستان الشرقية) في سنة ‪96‬هـ‪714/‬م فحاصرها وأرسل وفدا‬ ‫ُ‬ ‫برئاسة هبيرة بن المشمرج الكالبي‪ ،‬فقعد الصلح على تلبية مطالب قتيبة والمتمثلة‪ :‬أن‬ ‫يطأ أرض الصين وأن يختن أبناء ملوك الصين وأن يدفعوا الجزية‪ ،‬فلبى له ملك الصين‬ ‫مطالبه؛ إال أنه اضطر قتيبة إلى المهادنة والعودة لما حدث من توفي الخليفة الوليد وتولي‬ ‫‪107‬‬ ‫سليمان الخالفة فلم يبايعه قتيبة وأعلن تمرده ولكنه قتل سنة ‪96‬هـ‪714/‬م من قبل الجند‪.‬‬ ‫الفتوحات يف السند‪ :‬يقع إقليم السند شمال غرب القارة الهندية وشرق بالد‬ ‫فارس‪.‬‬ ‫في عهد عمر بن الخطاب ‪ K‬فتح مكران في سنة ‪23‬هـ‪653/‬م الحكم بن‬ ‫عمرو التغلبي‪ ،‬ومنها تنطلق الحمالت إلى الداخل‪ ،‬ولما بُعث إليه الحكم باألخماس‬ ‫مع ُ‬ ‫صحار العبدي وأخبره عن كثرة شرورها فأمر بعدم تجاوز مكران‪ ،‬وكان قد سبق‬ ‫الحملة البرية حمالت أرسلها والي البحرين عثمان بن أبي العاص الثقفي‪ ،‬فوجه أخاه‬ ‫ً‬ ‫حاليا) والثانية بقيادة الحكم بروص (بروح في والية‬ ‫المغيرة إلى خور الديبل (كراتشي‬ ‫كجرات)‪ ،‬وقاد عثمان حملة ثالثة إلى تانه (تهانه‪ ،‬هي اليوم بومباي)‪ ،‬فعادت منتصرة‬ ‫فكتب إليه عمر ينهاه عن إرسال المزيد من الحمالت‪.‬‬ ‫وفي خالفة عثمان سار عبيد اهلل بن معمر التيمي حتى بلغ نهر السند ثم عاد‬ ‫ووجهه حكيم بن جبلة العبدي الذي وصف الهند لعثمان بقوله‪> :‬ماءها وشل (قليل)‬ ‫وثمرها دقل (ردئ) ولصها بطل‪ ،‬إن قل الجيش بها ضاعوا‪ ،‬وإن كثروا جاعوا فلم يرسل‬ ‫حمالت لغزوها حتى توفي والوالي على مكران ابن كندير القشيري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفي عهد علي بن أبي طالب ‪ K‬وبعد إذنه سار الحارث بن مرة العبدي متجاوزا‬ ‫مكران إلى القيقان (كيكانات) وأخذ يتوغل حتى وصل إلى جبل قيقان فالتقى معهم‬ ‫وانتصر عليهم‪ ،‬ثم في طريق العودة التقى بهم فاستشهد الحارث وعادت بقية المسلمين‬ ‫إلى مكران‪ .‬وفي خالفة معاوية بن أبي سفيان سار راشد بن عمرو الجديدي إلخضاع‬ ‫القيقان وتوغل في بالد السند إلى أن عُزل‪ ،‬فعاد أهل القيقان إلى التمرد فسار إليهم‬ ‫عبد اهلل بن سوار العبدي فأخمد ثورتهم وأخذ الخيول القيقانية وسيرها إلى معاوية عند‬ ‫عودته من القيقان إلى دمشق فرجع أهل القيقان إلى التمرد فأرسل الحكم بن عمرو‬ ‫الغفاري والي خراسان المهلب بن أبي صفرة في سنة ‪44‬هـ‪664/‬م ففتح بَنَّه والهور‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جميعا وعاد المهلب‬ ‫فارسا من الترك فقتلهم‬ ‫وأخضع القيقان وفي أثناء توغله لقي (‪)18‬‬ ‫‪108‬‬ ‫إلى خراسان‪ ،‬وفي سنة ‪45‬هـ‪665/‬م سار عبد اهلل بن سوار العبدي إلى القيقان والتقى‬ ‫ُ‬ ‫الطرفان سنة ‪47‬هـ‪667/‬م أستشهد ابن سوار‪ ،‬وعادت البقية إلى مكران فتوجه سنان بن‬ ‫سلمة المحبق إلى مكران سنة ‪48‬هـ‪668/‬م ونظم أحوالها فعزل في نفس السنة وتولى‬ ‫راشد بن عمرو الجديدي فسار إلى القيقان وأخضعها للحكم اإلسالمي‪ ،‬وأقام بها سنة‪،‬‬ ‫في طريق العودة إلى مكران التقى مع أهل جبل مندر وبهرج‪ ،‬استشهد راشد ورجعت‬ ‫بقية الجيش إلى مكران‪ ،‬وتولى سنان بن سلمة المحبق للمرة الثانية‪ ،‬فتقدم إلى القيقان‪،‬‬ ‫وأخضعها وتقدم إلى قصدار وفتحها‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪53‬هـ‪672/‬م سار عباد بن زياد بن أبي سفيان من سجستان إلى الهند‬ ‫ُ‬ ‫ففتح كيش والقندهار حتى بلغ بيت الذهب بباميان ثم عاد إلى سجستان‪ ،‬فعاد أهل‬ ‫القيقان إلى التمرد فسار إليهم في سنة ‪61‬هـ‪680/‬م المنذر بن الجارود فأخضع القيقان‬ ‫والبوقان وقصدار وأقام باألخيرة إلى أن توفي في أول سنة ‪62‬هـ‪681/‬م‪.‬‬ ‫وفي خالفة يزيد بن معاوية سار في سنة ‪61‬هـ‪681/‬م المنذر بن الجارود العبدي‬ ‫فأخضع القيقان والبوقان وقصدار وأقام بقصدار إلى أن توفي في أول سنة ‪62‬هـ‪681/‬م‬ ‫وولى ابنه الحكم بن المنذر لغاية عزله في نفس السنة وتولى حرى بن حرى الباهلي‬ ‫فأعاد إخضاع ُقصدار والبوقان وظل ً‬ ‫واليا لغاية أن تغلب على مكران معاوية العالفي في‬ ‫سنة ‪64‬هـ‪684/‬م وبسط نفوذه على مكران حوالي عشر سنوات حتى ولى عبد الملك‬ ‫بن مروان على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي فأرسل إليها سعيد بن أسلم بن زرعة‬ ‫الكالبي في سنة ‪75‬هـ‪694/‬م على مكران السند وسعيد بن أسلم بن زرعة الكالبي‬ ‫في سنة ‪75‬هـ‪694/‬م فهرب معاوية العالفي إلى داهر ملك السند ولما قتل سعيد‬ ‫سفهوى أحد أقرباء العالفيين‪ ،‬فترصدوا لسعيد‪ ،‬فقتلوه‪ ،‬فسار مجاعة بن سعر التميمي‬ ‫في سنة ‪79‬هـ‪698/‬م إلى مكران‪ ،‬فتمكن من التغلب على العالفيين وسار للغزو في‬ ‫بالد السند ففتح أماكن من قندبيل‪ ،‬ولما توفي في سنة ‪80‬هـ‪699/‬م تولى بعده محمد‬ ‫بن هارون النمري فتمكن من إلقاء القبض على أحد العالفيين وقتله‪ ،‬وظل ً‬ ‫واليا لغاية‬ ‫قدوم القائد محمد بن القاسم الثقفي في خالفة الوليد بن عبد الملك‪ ،‬ففيها مات‬ ‫‪109‬‬ ‫بعض التجار المسلمين في جزيرة سرنديب (تعرف اليوم باسم سيرالنكا) وكانت لهم‬ ‫نساؤهم وأطفالهم‪ ،‬فأرسلهم على ثماني سفن مع الحجاج لتأدية فريضة الحج وزيارة‬ ‫المسجد النبوي‪ ،‬إضافة إلى الهدايا من األموال والتحف ولكن الرياح غيرت اتجاه‬ ‫السفن إلى ساحل الديبل حيث تعرض لها قراصنتها ونهبوها بمن عليها فنادت امرأة‬ ‫>يا حجاج أغثني أغثني< وصل الخبر إلى الحجاج‪ ،‬فأرسل رسواًل إلى داهر‪ ،‬فراوغ‬ ‫داهر وأنه ال سلطان له عليهم‪ ،‬فأرسل حملة بقيادة عبيد اهلل بن نبهان السلمي في سنة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪86‬هـ‪705/‬م ولكنه هزم وقتل فسار بُديل بن طهفة البجلي وتمكن من االنتصار‪ ،‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫النجدة العاجلة‪ ،‬أخلت بميزان القوى وقتل بديل ووقع جنوده في األسر فكر الحجاج‬ ‫في إرسال حملة كبيرة في سنة ‪89‬هـ‪707/‬م وأشرف الحجاج في إعدادها وسيرها إلى‬ ‫شيراز وجعلها تحت قيادة محمد بن القاسم الثقفي ثم سار إلى مكران‪ ،‬فقسم جيشه‬ ‫إلى قسمين‪ :‬بحري بقيادة خريم بن عمرو‪ ،‬وابن المغيرة مهمتهم حمل المنجنيقات إلى‬ ‫ساحل الديبل‪ ،‬وأما القسم البري فهو بقيادة محمد بن القاسم الذي تقدم من مكران‬ ‫ففتح قنزبور‪ ،‬وأرمابيل لغاية موافاة الديبل سنة ‪90‬هـ‪708/‬م ووصلت ً‬ ‫أيضا السفن‪،‬‬ ‫فحفر خندق حولها وصورها للحجاج وحاصرها لعدة أشهر حتى تمكن من فتحها‪،‬‬ ‫وأخرج المسجونين من الحجاج المسلمين وبعض النساء من سجن الديبل الحكومي‬ ‫واختط ابن القاسم في الديبل أول مدينة إسالمية وأنزلها (‪ )4000‬من المسلمين وبنى‬ ‫أول جامع‪ ،‬وانظم إلى الجيش محمد عند الديبل حوالي (‪ )4000‬رجل من رجال الزط‬ ‫(الميد والجات)‪ ،‬ثم تابع محمد تقدمه فسار إلى نيرون‪ ،‬وأعلنوا المسالمة وأداء الجزية‬ ‫فكتب لهم كتابًا وبنى المسجد الجامع في موضع بيت األصنام وعين المؤذن واإلمام‬ ‫ً‬ ‫ونصب ً‬ ‫عربيا عليها وأسكنها حامية عسكرية‪ ،‬ثم واصل محمد تقدمه في غربي‬ ‫واليا‬ ‫النهر حتى وصل إلى سيوستان فحاصرها ورماها بأحجار المنجنيقات لمدة أسبوع ودخل‬ ‫واليا ً‬ ‫محمد المدينة بعد هروب حاكمها وبنى المسجد وعين ً‬ ‫عربيا مع حامية من الجند‪،‬‬ ‫وواصل تقدمه حتى وصل إلى بدهة (البودهية) وملكها كاكا بن كوتك وحاصرها‪،‬‬ ‫فأعلنوا الطاعة وولى عليها حميد بن وادع النجدي مع حامية من الجند وتقدم منها إلى‬ ‫حصن سيسم ففتحه وصدرت األوامر من الحجاج بتعديل خط السير صوب الشاطئ‬ ‫‪110‬‬ ‫الشرقي لنهر السند‪ ،‬فرجع محمد إلى نيرون ثم إلى مدينة أشبهار فحاصرها إسبوعًا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فطلبوا األمان وعين عليها ً‬ ‫عربيا مع حامية من جند اإلسالم وواصل تقدمه حتى‬ ‫واليا‬ ‫وصل إلى الضفة الغربية لنهر السند (مهران) وعمد داهر إلى تعطيل التقدم ببث فرق‬ ‫الزط (الميد والجات) لإلغارة على طرق المؤن ومهاجمة القراصنة للسفن ـ وفي أثناء‬ ‫االستعداد للعبور قام أهل سيوستان بالثورة فسار إليهم محمد بن مصعب الثقفي فهزمهم‬ ‫وأرجعهم إلى الطاعة ـ هذه الخطة من داهر أحدثت في معسكر المسلمين نقص في الغلة‬ ‫والعلف ومرض الخيل وموت الكثر منها‪ ،‬فأرسل الحجاج كميات كبيرة من مركز الخل‬ ‫ُ‬ ‫فقد أشرب القطن المحلوج ثم جفف وأرسل إلى الجند المسلمين إضافة إلى إرسال‬ ‫ألفين من الخيول وكميات كبيرة من المؤن‪ ،‬فعبر النهر إلى ضفته الشرقية حتى وصلوا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫إلى جيبور والتقى مع داهر في رمضان سنة ‪93‬هـ‪711/‬م قتااًل شديدا حتى قتل داهر‬ ‫وتشتت جيشه تقدم إلى راور وفيها ابن داهر جيسيه فحاصرها وفتحها‪ ،‬ومنها تقدم إلى‬ ‫برهمان آباد وفي الطريق أخضع بهرور‪ ،‬ودهليلة ووصل إلى برهمان آباد وفرض عليها‬ ‫ً‬ ‫حاكما ً‬ ‫عربيا وحامية عسكرية ومنها تقدم إلى‬ ‫الحصار لمدة ستة أشهر ففتحها وعين عليها‬ ‫أرور (الور) وفي الطريق أخضع مدينة ساوندري وبسمد حتى بلغ أرور (ألور) فضرب‬ ‫ً‬ ‫شهورا‪ ،‬وهرب حاكمها قوفي بن داهر‪ ،‬فرغب أهلها في الصلح‪ ،‬على‬ ‫عليها الحصار‬ ‫شرط أن ال يتعرض لبيت األصنام (نوبهار) فقعد الصلح وبنى المسجد ونصب الوالي‬ ‫وتقدم محمد إلى الملتان (المولتان‪ ،‬فرج بيت الذهب) وضرب ابن القاسم حصاره‬ ‫عليها في سنة ‪95‬هـ‪713/‬م فأعلنوا الدخول في طاعة محمد وأصاب في الملتان ً‬ ‫ذهبا‬ ‫ً‬ ‫كثيرا ـ وكان بُد (صنم) الملتان تهدى إليه األموال ويتقربون له بالقربان ويحجون إليه‬ ‫ويزعمون أن صنمه هو أيوب النبي ‪ L‬ـ فتركه على حاله وبنى بالملتان المسجد الجامع‬ ‫وعين الوالي وبعد الفتح جاءه الخبر بوفاة الحجاج‪ ،‬فتقدم إلى الكيرج فأخضع البيلمان‬ ‫ُ‬ ‫وسرسنت (سرشت) حتى وصل إلى الكيرج وملكها دوهر‪ ،‬فحاصرها فانهزموا وقتل‬ ‫دوهر وبنى المسجد وعين الوالي وتقدم إلى كشمير ووقف على الحدود‪ ،‬وفي أثناء ذلك‬ ‫ً‬ ‫انتظارا ألوامر الخليفة سليمان‬ ‫توفي الخليفة الوليد وتولى سليمان فتوقف ابن القاسم‬ ‫الذي قام بعزله وإسناد والية السند إلى يزيد بن أبي كبشة السكسكي الكندي‪.‬‬ ‫‪111‬‬ ‫ولما تولى الخالفة سليمان عزل ابن القاسم وولى السند يزيد بن أبي كبشة‬ ‫السكسكي فأخذ ابن القاسم سنة ‪96‬هـ‪714/‬م وقيده وحمله إلى العراق فحبسه صالح‬ ‫بن عبد الرحمن والي خراجها بواسط‪ ،‬فقتل من جراء التعذيب‪.‬‬ ‫أصبح موقف المسلمين بعد وفاة محمد بن القاسم في بالد السند توقف الفتوحات‬ ‫وقيام الثورات في معظم مدن السند ضد المسلمين خاصة بعد وفاة يزيد ـ الذي توفي‬ ‫بعد ثمانية عشر ً‬ ‫يوما من قدومه السند ـ فعين سليمان الوالي حبيب بن المهلب على‬ ‫السند فحارب ثورات المدن وأخضعهم للحكم اإلسالمي‪.‬‬ ‫ولما تولى الخالفة عمر بن عبد العزيز عزل حبيب وولى عمرو بن مسلم الباهلي‪،‬‬ ‫فأخمد الثورات وأعاد إليها األمن واالستقرار‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪100‬هـ‪718/‬م بعث الخليفة عمر بن عبد العزيز ً‬ ‫كتبا إلى أمراء وملوك‬ ‫السند يدعوهم إلى اإلسالم والطاعة على أن يقرهم على ما في أيديهم من أمالك‬ ‫وواليات‪ ،‬كما أوصى عمرو بالرفق بأهلها والعمل على ترغيبهم في اإلسالم دون إكراه‬ ‫فأسلم معظم ملوك وأمراء السند واتخذوا ألنفسهم أسماء عربية‪ ،‬وانتشر اإلسالم‪.‬‬ ‫عادت االضطرابات إلى السند بعد وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز سنة‬ ‫‪101‬هـ‪719/‬م فترك واليها عمرو بن مسلم الباهلي السند وبسط وداع بن حميد األزدي‬ ‫سيطرته على السند ـ بعثه المتغلب على البصرة يزيد بن المهلب ـ فسار إليه هالل بن‬ ‫أحوز التميمي فتمكن من هزيمة وداع ومن معه من آل المهلب وظل في السند حتى قدوم‬ ‫الوالي الجنيد بن عبد الرحمن المري في سنة ‪105‬هـ‪723/‬م‪.‬‬ ‫أقر الخليفة هشام الوالي الجنيد بن عبد الرحمن المري على السند الذي تقدم‬ ‫في سنة ‪107‬هـ‪725/‬م لتأديب الخارجين عن سيطرة الدولة األموية في شرقي النهر‬ ‫واستطاع السيطرة وقتل جيسيه بعد أسره وأعاد الجنيد إلى بالد السند األمن واالستقرار‪،‬‬ ‫ومنها تقدم إلى الكيرج ـ آخر مدينة فتحها محمد بن القاسم ـ فحاصرها واستطاع دخولها‬ ‫ً‬ ‫والسيطرة على المدينة وغنم األموال الكثيرة ومنها أرسل جيشا إلخضاع إقليم الكجرات‬ ‫‪112‬‬ ‫(غجرات) فتمكن من إخضاع مدن‪ :‬المرمد (ماروار)‪ ،‬والمندل‪ ،‬ودهنج حتى أخضع‬ ‫ً‬ ‫جميع مدن الكجرات‪ ،‬كما أرسل جيشا لقمع تمرد مدينة بروض‪ ،‬فهزم أهلها وقضى‬ ‫ً‬ ‫على الثورة‪ ،‬ووجه جيشا بقيادة حبيب بن مرة إلى المالبة (مالوا) وفتحها‪ ،‬ثم سار‬ ‫ُ‬ ‫إلى أزين (أجين) وبهربمد (بهرمد)‪ ،‬والبيلمان‪ ،‬والجرز فأخضعهم للحكم اإلسالمي‬ ‫لذلك يعتبر الجنيد الفاتح الثاني بعد ابن القاسم لنشر اإلسالم في السند ولكنه نقل إلى‬ ‫خراسان في سنة ‪111‬هـ‪729/‬م وتولى مكانه تميم بن زيد القيني فاضطربت األحوال‬ ‫في واليته خاصة إقليم كجرات‪ ،‬وفي أثنائها توفي تميم في سنة ‪112‬هـ‪730/‬م‪ ،‬فولى‬ ‫عليها الحكم بن عوانة الكلبي في سنة ‪112‬هـ‪730/‬م فخاض حروبًا شتى في سبيل‬ ‫إخضاع المدن السندية المتمردة إلى الطاعة فأخضعها ونعمت بالد السند باالستقرار‬ ‫في عهده‪ ،‬وعمل على بناء مدينة إسالمية فكان أول بناء أقيم فيها هو المسجد وحوله‬ ‫المنازل وسماها المحفوظة وظل لغاية استشهاده في سنة ‪122‬هـ‪739/‬م فقام بأمور‬ ‫السند محمد ابن غزان الكلبي الذي عُزل وولى على السند عمرو بن محمد بن القاسم‬ ‫ُ‬ ‫الثقفي وعمل عمرو على بناء مدينة أخرى على الضفة الشرقية لنهر السند (مهران‪،‬‬ ‫موضع مدينة برهمان آباد) وبنى الجامع وأنزلها الجند واتخذها ً‬ ‫مقرا لحكومته بداًل من‬ ‫المحفوظة ـ التي بناها الحكم بن عوانة ـ وسماها المنصورة‪ ،‬ولم يعكر صفو االستقرار‬ ‫في السند سوى محاولة مروان بن يزيد بن المهلب االستيالء على حكم السند‪ ،‬فتصدى‬ ‫لهم عمرو وتمكن من هزيمة المتمردين وقتل مروان بن يزيد بن المهلب وبقي عمرو في‬ ‫واليته حتى قتل الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان سنة ‪126‬هـ‪743/‬م‬ ‫وتولى الخالفة يزيد بن الوليد (الناقص) فولى على العراق منصور بن جمهور الذي ولى‬ ‫على السند محمد بن غزان الكلبي فأخذ عمرو وقيده‪ ،‬ثم توفي عمرو‪ ،‬وقام محمد بن‬ ‫غزان ببعض الحمالت الناجحة في بالد السند حتى سنة ‪129‬هـ‪746/‬م وهي السنة التي‬ ‫قدم فيها منصور بن جمهور هاربًا من فارس بعد هزيمة عبد اهلل بن معاوية بن عبد اهلل بن‬ ‫جعفر بن أبي طالب لصلة القرابة التي تربطه بمحمد بن غزان ولكن محمد خيب أمله‬ ‫فالتقيا في معركة نهرية فهزم محمد والتجأ إلى المنصورة فحاصره منصور حتى استسلم‬ ‫ً‬ ‫متغلبا عليها حتى سنة ‪134‬هـ‪751/‬م‪.‬‬ ‫فقتله‪ ،‬وظل منصور‬ ‫‪113‬‬ ‫ً‬ ‫حاليا بلدان‪( :‬ليبيا‪ ،‬وتونس‪،‬‬ ‫الفتوحات يف شمال إفريقيا (املغرب)‪ :‬تشمل‬ ‫والجزائر‪ ،‬والمغرب) في عهد الدولة األموية‪.‬‬ ‫في سنة ‪41‬هـ‪661/‬م سير عمرو بن العاص ابن خالته عقبة بن نافع الفهري من‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫فاتحا لمدن‪ :‬غدامس‪ ،‬ولوبية‪ُ ،‬‬ ‫ومراقية‪ ،‬ولبدة‪ ،‬وودان ـ كانت تسكنها قبائل لواته‬ ‫برقة‬ ‫َ‬ ‫وهواره‪ ،‬وزناته البربرية ـ ثم عاد إلى برقة ومنها إلى مصر عند وفاة عمرو بن العاص ـ‬ ‫والي مصر ـ فعين معاوية أخاه عتبة بن أبي سفيان ثم عقبة بن عامر الجهني الذي سير‬ ‫معاوية بن حديج السكوني ومعه عشرة آالف مقاتل إلى برقة إلى جبل القرن ـ قرب‬ ‫ً‬ ‫مرابطا بها لغاية أن عينه معاوية ً‬ ‫واليا‬ ‫القيروان التي اتخذت مركز النطالق الجيوش ـ وظل‬ ‫ً‬ ‫على إفريقية سنة ‪47‬هـ‪667/‬م فتقدم فاتحا لمدن بنزت‪ ،‬وقمونيه‪ ،‬ومصراته‪ ،‬وسير‬ ‫عبد اهلل بن الزبير ففتح ُ‬ ‫سوسة بعد هزيمة نقفور حاكمها‪ ،‬كما سير عبد الملك بن مروان‬ ‫ً‬ ‫وأيضا سير عقبة بن نافع الفهري في حوالي (‪ )400‬جندي‬ ‫في ألف جندي ففتح َجلوالء‪،‬‬ ‫ففتح‪ :‬ودان‪ ،‬وجأوان‪ ،‬وغدامس‪ ،‬وقفصه‪ ،‬وقصطيلية‪ ،‬وسير ً‬ ‫أيضا ُرويفع بن ثابت‬ ‫األنصاري ففتح جزيرة جربة‪ ،‬كما قاد معاوية بن حديج حملة بحرية بحوالي (‪)200‬‬ ‫سفينة وفي معيته القائد البحري عبد اهلل بن قيس الحارثي إلى صقلية وتمكنوا من دخولها‬ ‫وحصولهم على السبي والغنائم ثم عودتهم بعد حوالي الشهر إلى مصر‪.‬‬ ‫هذه االنتصارات لم ترض معاوية فعمد إلى تولية عقبة بن نافع الفهري سنة‬ ‫‪50‬هـ‪670/‬م فشرع في بناء مدينة القيروان وأسكنها الناس وبنى المسجد الجامع‬ ‫واستغرق في البناء حوالي خمس سنوات‪ ،‬وأمده معاوية بعشرة آالف فارس فتقدم بهم‬ ‫ً‬ ‫وبمن انضم إليهم ممن أسلم من البربر فاتحا لمدن مقداش وودان‪ ،‬وفزان‪ ،‬وكوار‪،‬‬ ‫وخاور‪ ،‬وغدامس‪ ،‬وما زال ينشر اإلسالم لغاية سنة ‪55‬هـ‪674/‬م حيث عُزل وتولى أبو‬ ‫المهاجر دينار فسجن عقبة وقيده بالحديد ألن عقبة لم يرض بالعزل وأنه أحق بالوالية‬ ‫ً‬ ‫من أبي المهاجر دينار وخوفا من استغالل الروم للموقف‪ ،‬عمد المهاجر إلى سياسة‬ ‫اللين مع البربر إلبعادهم عن الروم ولنشر اإلسالم بينهم ألن البربر يعتزون بكرامتهم‬ ‫‪114‬‬ ‫وحريتهم‪ ،‬وأول عمل قام به أبو المهاجر دينار بالمسير لقتال الروم في مدينة قرطاج‬ ‫(قرطاجنة) وحاصرها وتم الصلح على رفع الحصار عن قرطاج في مقابل تنازل الروم‬ ‫عن جزيرة شريك بين سوسه وتونس‪ ،‬ثم سار إلى مدينتي ميله‪ ،‬وبجاية وتمكن من‬ ‫السيطرة عليهما‪ ،‬وكان السابق لهذه االنتصارات معركة تلمسان ضد كسيلة بن لمزم‬ ‫األوربي ـ زعيم قبيلة أوربة البربرية ـ وتمكن من هزيمة كسيلة وأسره وهزيمة جيشه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ولم يلبث كسيلة أن أعلن اعتناقه للدين اإلسالمي‪ ،‬وأمر أبو المهاجر ببناء مدينة قرب‬ ‫القيروان ـ كانت تسمى دكرور (تكرور) ـ وأمر جيشه بسكنها مع أهاليها األصليين‬ ‫وظل لغاية عزله سنة ‪62‬هـ‪682/‬م‪ ،‬وأعاد يزيد بن معاوية عقبة بن نافع في الوالية‬ ‫فعمد عقبة إلى القبض على أبي المهاجر دينار ـ وقيده وسجنه ثم عفا عنه وصحبه‬ ‫في حمالته لنشر اإلسالم حيث استخلف على القيروان زهير بن قيس البلوي ومعه‬ ‫ستة آالف مقاتل‪ ،‬وتقدم إلى طنجة‪ ،‬وقرطاج‪ ،‬وباغاية‪ ،‬ولميس‪ ،‬وأذنة‪ ،‬والميستير‪،‬‬ ‫والزاب‪ ،‬والسوس األقصى‪ ،‬وليلى‪ ،‬ودرعة‪ ،‬ونفيس‪ ،‬وإيجلي‪ ،‬وماسة‪ ،‬ومنها‬ ‫إلى إيفيران على المحيط األطلسي واقتحمه بفرسه قائاًل‪> :‬اللهم أشهد إني قد بلغت‬ ‫ُ‬ ‫اجملهود‪ ،‬ولوال هذا البحر لمضيت أجاهد وأقاتل من كفر بك حتى ال يعبد أحد‬ ‫سواك<‪ ،‬وفي طريق العودة إلى القيروان أعد له كسيلة كمينًا ـ ألن عقبة أساء معاملته‬ ‫ـ إضافة إلى أن عقبة سير معظم جيشه إلى القيروان وبقي مع أعداد يسيرة ومعه أبو‬ ‫َ َ‬ ‫المهاجر دينار فأحاط به كسيلة في معركة ت ُهوذه ـ قرب بسكره من أرض الجزائر ـ‬ ‫ُ‬ ‫وتمكن من قتل عقبة وأبي المهاجر وسيطر كسيلة على القيروان بعد هزيمة الحامية ـ‬ ‫قائدها زهير بن قيس البلوي ـ وانسحب المسلمون إلى برقة وإلى مصر بصحبة حنش‬ ‫الصنعاني‪ .‬وفي خالفة عبد الملك بن مروان سير إمدادات إلى زهير بن قيس البلوي فتقدم‬ ‫إلى القيروان والتقى مع كسيلة في ممس (ممش) سنة ‪69‬هـ‪688/‬م فقتل كسيلة ودخل‬ ‫زهير القيروان ثم وقعت معركة درنه سنة ‪71‬هـ‪690/‬م مع البيزنطيين فهزم وقتل زهير‬ ‫ودخل البيزنطيون برقة وظل الوضع لغاية سنة ‪74‬هـ‪693/‬م ففيها سير عبد الملك بن‬ ‫ً‬ ‫مروان جيشا قوامه أربعون ألف مقاتل بقيادة حسان بن النعمان الغساني فهزم البيزنطيين‬ ‫في برقة وطرابلس‪ ،‬والقيروان ومنها سار إلى قرطاج ففتحها وهرب البيزنطيين إلى صقلية‬ ‫‪115‬‬ ‫واألندلس وهدم سورها‪ ،‬وافتتح ً‬ ‫أيضا صطفورة‪ ،‬وبنزرت ثم عاد إلى القيروان فأرسل‬ ‫الوالة على مدن قابس‪ ،‬ونقزاوة‪ ،‬وقسطيلية‪ ،‬وقفصه‪ ،‬ومن القيروان سار بجيشه للقاء‬ ‫الكاهنة ـ امرأة من قبيلة َجراوه ـ في جبال األوراس التي استفحل أمرها وفرضت سيطرتها‬ ‫على البربر ـ فهزمت المسلمين في موقعة نيني (على نهر نيني أو وادي مسكيانه) قرب‬ ‫مدينة بجاية سنة ‪78‬هـ‪697/‬م وتراجع حسان بقواته إلى برقة وعاد البيزنطيون إلى قرطاج‪.‬‬ ‫ظل حسان في منطقة عُرفت بقصور حسان (قرب مدينة سرت) لمدة خمس‬ ‫سنوات حتى وصول اإلمدادات من الخليفة عبد الملك بن مروان فاستعادوا ما خسروه‬ ‫من المدن ثم التقى مع الكاهنة في حصن الجم ـ بين سوسه وصفاقس سنة ‪79‬هـ‪698/‬م‬ ‫التي انهزمت وانسحبت إلى جبال األوراس فالحقها حتى قتلها في موقعة بئر الكاهنة‬ ‫سنة ‪82‬هـ‪701/‬م‪ ،‬وكان قتلها بداية النهاية لمقاومة البربر ثم سار حسان وأعاد فتح‬ ‫قرطاج وطرد البيزنطيين‪ ،‬هذا ما شجع حسان على القيام باإلصالحات فأسس مدينة‬ ‫ً‬ ‫حوضا لبناء السفن وعمل على تعريب الدواوين‪ ،‬ونظم الخراج وجدد‬ ‫تونس وأنشأ فيها‬ ‫بناء جامع القيروان‪ ،‬وبنى الدواوين إلى جانب دار اإلمارة‪ ،‬وأشرك البربر في حركة‬ ‫نشر اإلسالم‪ ،‬ووزع األراضي على الفالحين من البربر ليستصلحوها‪ ،‬وظل لغاية طلبه‬ ‫االستعفاء من الخليفة الوليد فكان له ذلك وعين الخليفة الوليد موسى بن نصير اللخمي‬ ‫ً‬ ‫الذي أتم الفتح‪ ،‬فسار من القيروان بقواته إلخضاع البربر في سجومة (فاس) وسير جيشا‬ ‫بقيادة زرعة بن أبي مدرك البربري لقتال البربر في منطقة طرابلس العليا‪ ،‬فأخضعهم‪،‬‬ ‫وسار موسى ومعه طارق بن زياد النفزاوي البربري إلى طنجة ففتحها ثم سار موسى‬ ‫نحو سبته وكان يحكمها يوليان الذي تحالف مع المسلمين شريطة أن يبقوه على حكم‬ ‫سبته‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪89‬هـ‪707/‬م سير حمالت بحرية لإلغارة على جزر البحر المتوسط‬ ‫صقلية وسردينية وعلى جزر البليار (ميورقة ومينورقة) وتمكنوا من دخولهم ثم العودة‬ ‫إلى إفريقية‪ .‬ومن اإلصالحات العمرانية التي قام بها موسى في مدينة القيروان بناء دار‬ ‫الضرب لسك النقود‪ ،‬وتسابق السكان إلى إنشاء دورهم وبنى الموسرون إلى جانبها‬ ‫‪116‬‬ ‫المساجد والكتاتيب‪.‬‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬ثورات في باذغيس‪ ،‬وهراة‪ ،‬وبُوشنج‪ ،‬وبلخ فأرسل والي‬ ‫معاوية على البصرة عبد اهلل بن عامر بن كريز القائد قيس بن الهيثم السلمي لقمع الثورات‬ ‫فتمكن من إخمادها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حركة حجر بن عدي الكندي وأعوانه‪ :‬بدأت حركته في سنة ‪51‬هـ‪671/‬م إذ‬ ‫حصبوا عمرو بن حريث المخزومي نائب زياد على الكوفة‪ ،‬فعاد زياد وحذر أشرافها‬ ‫ً‬ ‫حجرا وأعوانه‪ ،‬فكان ذلك له‪ ،‬فاستسلم لزياد فبعث به إلى معاوية‬ ‫مغبة مساندتهم‬ ‫في ثالثة عشر رجاًل وعريضة عليها توقيع حوالي سبعين ً‬ ‫نفرا من أهل الكوفة يشهدون‬ ‫ً‬ ‫حجرا جمع الجموع وخلع الطاعة وفارق الجماعة‪ ،‬وأنهم رؤساء الفتنة‪ ،‬فحبسهم‬ ‫أن‬ ‫معاوية في مرج عذراء‪ ،‬وأمر بقتل حجر وستة من أعوانه وقبل الوساطة في ستة آخرين‪،‬‬ ‫هذا ما جعل أنصار العلويين ساكنين حتى وفاة معاوية‪.‬‬ ‫وفي خالفة يزيد ثاروا في عمان‪ :‬فسار إليهم نجدة بن عامر الحنفي من البحرين‬ ‫إلي عمان وقتل الوالي عباد بن الجلندي والسيطرة لمدة خمس سنوات ثم توالها أبا‬ ‫القاسم لغاية قتله في سنة ‪72‬هـ‪692/‬م من قبل سعيد وسليمان أبناء عباد بن الجلندي‪.‬‬ ‫الخوارج‪ :‬هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب ‪ K‬أثر قبوله للتحكيم‬ ‫وعابوا على علي بن أبي طالب ‪ K‬قبوله للتحكيم‪ ،‬وقالوا‪> :‬ال حكم إال هلل< وأن‬ ‫قبوله للتحكيم معناه قد وضع نفسه في مرتبة معاوية الذي كان ً‬ ‫واليا فقط وأنه (علي)‬ ‫َ‬ ‫لم يسمح لهم في معركتي الجمل وصفين بأخذ الغنائم‪ ،‬وعسكروا في حروراء ـ قرية‬ ‫ً‬ ‫بظاهر الكوفة ـ وعينوا قائدا لهم شبث بن ربعي الرياحي وعبد اهلل بن الكواء اليشكري‬ ‫إمام الصالة‪ ،‬أرسل إليهم عبد اهلل بن العباس ثم جاء إليهم بنفسه واستطاع إقناع فريق‬ ‫منهم وبقي حوالي (‪ )1800‬رجل ساروا إلى النهروان وقتلوا عبد اهلل بن خباب بن األرت‬ ‫وبقروا بطن زوجته الحامل‪ ،‬فأرسل إليهم (علي) الحارث بن مرة العبدي فقتلوه‪ ،‬وسار‬ ‫إليهم وطلب منهم أن يسلموه قتلة عبد اهلل فرفضوا‪ ،‬ونصب لهم علي راية لمن يريد‬ ‫‪117‬‬ ‫ُ‬ ‫التوبة والخروج فاستجاب بعضهم فدارت المعركة لمدة ساعتين وقتل من الخوارج‬ ‫معظمهم ومن بقي فر إلى جهات متفرقة ومنها جماعة لجأت إلى التدبير الخفي لقتل‬ ‫علي ومعاوية وعمرو بن العاص‪ ،‬وقد نجح من ترصدوا لعلي في قتله سنة ‪40‬هـ‪660/‬م‬ ‫وظلت خالياها تغير على المدن والقرى وتقلق األمن للدولة األموية وما أن تولى معاوية‬ ‫الخالفة حتى بدأ الخوارج في إعالن التمرد والخروج عن الطاعة‪ ،‬فأولهم‪ :‬فروة بن‬ ‫نوفل األشجعي الذي تقدم من شهروزور (منطقة واسعة في الجبال بين أربيل وهمدان)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نحو الكوفة فأرسل لهم معاوية جيشا من أهل الشام هزموه‪ ،‬ثم أرسل لهم جيشا من أهل‬ ‫الكوفة بقيادة خالد بن عُرفطة ُ‬ ‫العذري هزمهم وأسر فروة‪ ،‬ومن بقي منهم عينوا عبد اهلل‬ ‫ابن أبي الحوساء الطائي وقصدوا النخيلة ـ موضع قرب الكوفة ـ‪ ،‬فتقدم إليهم خالد بن‬ ‫عرفطة فقتلوا عبد اهلل وفر من نجى من أتباعه وعينوا حوثرة بن وداع بن مسعود األسدي‬ ‫وعسكروا بالنخيلة فسار إليهم عبد اهلل بن عوف األحمري الذي استطاع قتل حوثرة‬ ‫وحوالي (‪ )150‬من أتباعه ومن بقي أمنهم معاوية‪.‬‬ ‫وفي نفس السنة ً‬ ‫أيضا ثار معين بن عبد اهلل المحاربي في الكوفة فسار إليه المغيرة‬ ‫بن قبيصة بن الدمون الهاللي وقتله‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪42‬هـ‪662/‬م ثار أبو ليلى ـ شخص من المولى حليف بني الحارث بن‬ ‫كعب ـ فسار إليه معقل بن قيس الرياحي وقتله في سواد الكوفة‪.‬‬ ‫وفي العام التالي ثار كل من معاذ بن جوين الطائي‪ ،‬والمستورد بن عُلفة التيمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وحيان بن ظبيان السلمي‪ ،‬وعقدوا اجتماعهم مع أنصارهم في بيت حيان وعينوا قائدا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لهم هو المستورد‪ ،‬وسار إليهم قبيصة بن الدمون الهاللي‪ ،‬ففر المستورد وقبض على‬ ‫حيان‪ ،‬ومعاذ ومن معهم وسجنوهم بالكوفة‪ ،‬ولما تجمع لدى المستورد حوالي (‪)300‬‬ ‫شخص فسار بهم إلى المذار ـ مدينة في ميسان بين واسط والبصرة ـ وسار إليهم معقل‬ ‫ُ‬ ‫بن قيس الرياحي قتل فيها المستورد والقائد معقل فتولى القيادة عمرو بن ُمحرز بن‬ ‫شهاب المنقري‪ ،‬وهزم الخوارج وفر من بقي منهم‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪49‬هـ‪669/‬م ثار شبيب بن بجرة األشجعي في الكوفة فهرب إلى‬ ‫‪118‬‬ ‫معاوية‪ ،‬ثم عاد إلى الكوفة بعد رفض معاوية إعطائه األمان فعاد إلى الكوفة ومنها إلى‬ ‫القف ـ موضع قريب من الكوفة ـ فسار إليه خالد بن عُرفطة فقتلوه‪.‬‬ ‫وأما في البصرة فقد ثار سهم بن غالب ُ‬ ‫الهجيمي ومعه زياد بن مالك الباهلي في‬ ‫ً‬ ‫خارجيا‪ ،‬وقتلوا الصحابي عُبادة بن قرظ الليثي وزوجته وولده‪ ،‬وسار إليهم والي‬ ‫سبعين‬ ‫ُ‬ ‫البصرة عبد اهلل بن عامر بن كريز‪ ،‬فاستسلموا‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪46‬هـ‪666/‬م في والية زياد بن أبي سفيان على البصرة ثار كل من سهم‬ ‫بن غالب وزياد بن مالك (الملقب بالخطيم لوجود أثر ضربة في وجهه)‪ ،‬وتمكن زياد‬ ‫ً‬ ‫سهما ونفى زياد بن مالك إلى البحرين‪ ،‬ثم أعاده تحت المراقبة‬ ‫من القبض عليهما فشنق‬ ‫من قبل مسلم بن عمرو الباهلي‪ ،‬ثم قتله (هو زياد بن مالك)‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪47‬هـ‪667/‬م ثار عباد بن الحصين الطائي وقتل ابنا لشيبان بن عبد اهلل‬ ‫السعدي التميمي‪ ،‬فسار إليه زياد بن بشر بن عتبة التميمي‪ ،‬وقتلوه وكثير من أتباعه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وفي سنة ‪50‬هـ‪670/‬م ثار بالبصرة قريب بن مرة األزدي وزحاف بن زجر الطائي‬ ‫ً‬ ‫خارجيا وقتلوا األشخاص في المسجد فسار إليهم جماعة من بني راسب في‬ ‫في سبعين‬ ‫خمسمائة رجل وحاصروا الخوارج في ناحية بني يشكر وقتالهما‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪52‬هـ‪672/‬م ثار زياد بن خراش العجلي في األخنوتية ـ موضع من‬ ‫أعمال بغداد ـ في ثالثمائة خارجي وسار إليهم سعد بن حذيفة بن اليمان ففر زياد‪ ،‬ثم‬ ‫ُ‬ ‫ألقي القبض عليه وقتله في نهاوند‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خارجيا‪ ،‬وسار إليه قائد لزياد‬ ‫وفي نفس السنة ثار معاذ بن جوين الطائي في ثالثين‬ ‫بن أبي سفيان فقتله ومن كان معه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪58‬هـ‪678/‬م ثار عروة بن أدية التميمي في والية عبيد اهلل بن زياد بن‬ ‫أبي سفيان على البصرة‪ ،‬وقتله‪ ،‬وكذا ثار طواف بن عالق‪ ،‬وعقبه بن الورد الباهلي في‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫خارجيا‪ ،‬فأرسل إليهم الشرط والبخارية‪ ،‬فهزموهم‪.‬‬ ‫سبعين‬ ‫‪119‬‬ ‫وثار مرداس بن أدية التميمي ـ الملقب بأبي هالل ـ في البصرة‪ ،‬وطارده حتى‬ ‫قبض عليه‪ ،‬فسجنه ثم أطلق سراجه‪ ،‬فسار إلى األهواز ومنها إلى آسك ـ بلدة من‬ ‫ُ‬ ‫أعمال األهواز ـ وجمع الخراج وسار إليه أسلم بن زرعة الكالبي سنة ‪60‬هـ‪680/‬م‪،‬‬ ‫هزم أسلم‪ ،‬وعاد إلى البصرة فأرسل إليه في سنة ‪61‬هـ‪681/‬م القائد عباد بن علقمة‬ ‫ُ‬ ‫المازني‪ ،‬فالتقى مع مرداس في درابجرد ـ بلدة قريبة من اصطخر ـ قتل مرداس وعاد‬ ‫عباد إلى البصرة فقتلته الخوارج بالبصرة‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬كانت هذه فكرة المغيرة بن شعبة رغبة منه أن يثبته معاوية على والية‬ ‫الكوفة‪ ،‬وقال لمعاوية‪> :‬أنا أكفيك أهل الكوفة‪ ،‬وقيل هي فكرة عمرو بن العاص‪ ،‬وقيل‬ ‫هي فكرة نبعت من معاوية في قوله ‪> :‬أنا إن مت فخليفتي ابني يزيد<‪ ،‬وقوله >إني أرهب‬ ‫أن أدع أمة محمد ! بعدي كالضأن ال راعي لها<‪ ،‬فجهد معاوية في إعداد يزيد للقيام‬ ‫بمهام هذا األمر فأسند له قيادة الجيش السائر إلى القسطنطينية‪ ،‬وأما زياد بن أبي سفيان‬ ‫ـ والي البصرة فأشار على معاوية بالتمهل‪ ،‬وبعد وفاة زياد أعلن معاوية البيعة البنه وعمد‬ ‫ُ‬ ‫إلى أخذ العهد له بأساليب الترغيب تارة وأسلوب الترهيب تارة أخرى مع من هم أفضل‬ ‫من ابنه في الخالفة مثل‪ :‬الحسين بن علي‪ ،‬وعبد اهلل بن الزبير‪ ،‬وعبد اهلل بن عمر بن‬ ‫الخطاب فقرر معاوية أداء الحج ألخذ بيعة هؤالء ومر بالمدينة وخطب في الناس بأحقية‬ ‫ابنه يزيد في الخالفة‪ ،‬ثم قصد مكة وطلب من عبد اهلل بن عمر بن الخطاب البيعة فقال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫>‪ ...‬ولكن المسلمين إذا أجمعوا على أمر واحد فلن أكون مخالفا لهم‪ ،<...‬وكذلك‬ ‫قاال الحسين وعبد اهلل بن الزبير‪> :‬أن بايعوا الناس بايعنا< ـ وفي رواية‪ :‬أن معاوية طلب‬ ‫من هؤالء البيعة أمام الناس وهددهم بالقتل ـ؛ وكان معاوية يبث جواسيسه في الكوفة‬ ‫والبصرة والحجاز أن يأتوا إليه بأخبار كتب أهالي األمصار إلى الحسين بن علي ـ فقد‬ ‫كتبوا إليه أن يأتي إليهم ليبايعوه بالخالفة ـ‪ ،‬ولما توفي معاوية‪ ،‬ورفض الحسين البيعة‬ ‫ليزيد وسار إلى مكة ومنها سار إلى الكوفة بعد أن أخذ معاوية البيعة بوالية العهد البنه‬ ‫ً‬ ‫يزيد من أهل المدينة‪ ،‬قال ناصحا لبني أمية‪> :‬ألخبرنكم عني يا بني أمية‪ ،‬لن يبرح هذا‬ ‫األمر فيكم ما عظمتم ملوككم‪ ،‬فإذا تمناها كل إمريء منكم لنفسه وثب بنو عبد المطلب‬ ‫في أقطارها وقال الناس‪> :‬آل الرسول فكانت الخالفة فيكم كحجر المنجنيق‪ ،‬يذهب‬ ‫‪120‬‬ ‫أمامه وال يرجع وراءه<‪.‬‬ ‫وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب سنة ‪49‬هـ‪669/‬م بالمدينة المنورة‪ ،‬وقالوا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أول ذل دخل الكوفة وفاة الحسن وقتل حجر‪.‬‬ ‫وفاة أبو أيوب األنصاري‪ ،‬خالد بن زيد سنة ‪49‬هـ‪669/‬م في آسيا الصغرى عند‬ ‫أسوار مدينة القسطنطينية عند محاصرتها‪.‬‬ ‫يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (‪64-60‬هـ‪683-679/‬م)‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬ما أن توفي معاوية سنة ‪60‬هـ‪679/‬م وتولى يزيد وكتب‬ ‫إلى واليه على المدينة الوليد بن محمد بن أبي سفيان يطلب منه البيعة له بالخالفة‬ ‫من الحسين بن علي‪ ،‬وعبد اهلل بن الزبير رفضا البيعة وخرجا لياًل إلى مكة ـ وكان‬ ‫الشيعة‪ :‬لقب غلب على من يناصرون علي بن أبي طالب ‪ K‬وأهل بيته وقد ظهر أمرهم‬ ‫ً‬ ‫جليا بعد قتل الحسين بن علي ـ‪ ،‬وكتب إليه أهالي الكوفة يلحون عليه بالمسير إليهم‬ ‫وقالوا‪ :‬أنه ليس علينا إمام فأقدم علينا‪ ،<...‬فأرسل مسلم بن عقيل فعمل على أخذ البيعة‬ ‫للحسين‪ ،‬وأرسل مسلم رسالة إليه يطلب منه القدوم إلى الكوفة‪ ،‬فأرسل رسالة إلى بني‬ ‫عبد المطلب في المدينة يطلب منهم أن يحضروا إلى مكة‪ ،‬والتف الناس حول الحسين‬ ‫لثنيه عن الخروج ونصحه عبد اهلل بن عباس بعدم الخروج وعندما أصر على الخروج‬ ‫نصحه عبد اهلل بن العباس أن يترك نسائه وأطفاله وزوجاته وأمواله بمكة‪ ،‬والذي شجعه‬ ‫على الخروج عبد اهلل بن الزبير حتى تتاح له الفرصة للخالفة‪ ،‬وخرج مع أوالده وأمواله‬ ‫ونسائه وبعض بني عبد المطلب ومواليه وعبيده سنة ‪60‬هـ‪679/‬م حتى وصلوا إلى‬ ‫كربالء ولم يعلم بمقتل ابن عمه مسلم بن عقيل ـ ولم يعلم بما جرى في الكوفة من عزل‬ ‫أميرها النعمان بن بشير ووالية عبيد اهلل بن زياد فاستعمل الشدة والترهيب حتى عرف‬ ‫ً‬ ‫أخبار ومكان مسلم بن عقيل الذي كان مختبيئا في دار هانئ بن عروة المرادي‪ ،‬فاعترف‬ ‫بمكانه فلما علم مسلم أعلن الخروج والتف معه (‪ )4000‬من أهل الكوفة وكلما تقدم‬ ‫ً‬ ‫تفرق عنه حتى بقي في (‪ )500‬رجل وعند حلول المساء لم يبق معه أحدا فعاد إلى‬ ‫المنزل‪ ،‬وأرسل إليه عبيد اهلل رئيس شرطته ومعه (‪ )70‬فارس فقاتلهم مسلم ثم أعطوه‬ ‫‪121‬‬ ‫األمان فلما مثل أمام ابن زياد قتله ـ فكان أول من قتل من بني هاشم في العصر األموي‬ ‫ـ ثم رماه من أعلى المنزل هو وهانئ المرادي ـ ولما علم بمقتله وكان قد اقترب من‬ ‫الكوفة‪ ،‬قرر العودة لكن إخوة مسلم قرروا األخذ بثأر أخيهم‪ ،‬ثم اتجه إلى نينوي فقابله‬ ‫عمر بن سعد بن أبي وقاص وطلب منه البيعة ليزيد وأن ندخلك على ابن زياد فرفض‬ ‫وعرض الرجوع إلى مكة‪ ،‬أو الجهاد في الثغور أو الذهاب إلى يزيد‪ ،‬رفضوا‪ ،‬فوقع‬ ‫ُ‬ ‫القتال في معركة كربالء فقتل الحسين ومعه (‪ )72‬رجل وحمل رأسه إلى ابن زياد فطاف‬ ‫به في سكك الكوفة وأرسل الرأس والنساء واألطفال إلى دمشق‪ ،‬فبكى يزيد ثم أمر بأهل‬ ‫الحسين وزاد في عطاءهم وسيرهم إلى المدينة المنورة ـ أما عبيد اهلل بن زياد فقد انتقم‬ ‫اهلل منه فقتله إبراهيم بن األشتر ـ‪.‬‬ ‫موقعة احلرة سنة ‪63‬هـ‪682/‬م‪ :‬أسباب الموقعة‪ :‬عزل يزيد لكل من الوليد‬ ‫بن عتبة ثم عمرو بن األشدق وولى على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان يتميز‬ ‫ً‬ ‫بحداثة السن والخبرة فسير وفدا من أهالي المدينة إلى دمشق بقيادة عبد اهلل بن حنظلة‬ ‫واحد منهم عشرة آالف درهم‪ ،‬ولما عادوا‪:‬‬ ‫ومعه ثمانية‪ ،‬فأكرمهم يزيد وأعطى كل‬ ‫ٍ‬ ‫>قدمنا من عند رجل يشرب الخمر ويضرب بالطنابير‪ ،‬ويلعب بالكالب‪ ،‬وإنا نشهدكم‬ ‫إنا خلعناه‪ ،<....‬وأن عبد اهلل بن الزبير لم يبايع يزيد بل شتمه‪ ،‬وطرد من كان في المدينة‬ ‫ً‬ ‫وأيضا حبس أموال الصوافي‪ ،‬وغالء أسعار الحنطة‪ ،‬فسير الخليفة القائد‬ ‫من بني أمية‪،‬‬ ‫عقبة بن مسلم المري ومعه عشرة آالف مقاتل وأن يدعوا أهالي المدينة إلى ثالث لمدة‬ ‫(‪ )3‬أيام‪ :‬الطاعة‪ ،‬لزوم الجماعة‪ ،‬عدم الفتنة‪ ،‬رد أهل المدينة‪ :‬شتم يزيد وخلعه‪،‬‬ ‫وحاصروا وأخرجوا الوالي‪ ،‬وعمل أهل المدينة خندق وقسمت المدينة ثالث أقسام‪:‬‬ ‫قريش واألنصار والموالي‪ ،‬وهذا أول الوهن فكان األنصار بقيادة عبد اهلل بن حنظلة‪،‬‬ ‫وقريش عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬فلما وصل مسلم بحرة واقم ـ الحرة الشرقية ـ ففتح لهم‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫بني الحارث طريقا للدخول ودارت المعركة قتل حوالي (‪ )700‬من المدافعين عن‬ ‫المدينة وأباح المدينة لمدة (‪ )3‬أيام وعين روح بن زنباع‪ ،‬ثم واصل مسيره إلى مكة‬ ‫لقتال عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬فتوفي قرب المشلل وتولى القيادة الحصين بن نمير حاصر‬ ‫‪122‬‬ ‫مكة ونصب اجملانيق على جبل أبي قبيس سنة ‪64‬هـ‪683/‬م‪ ،‬واتخذ عبد اهلل بن الزبير‬ ‫ً‬ ‫من المسجد الحرام إلى ما بعد المروة مكانا لجنوده‪ ،‬وكان فيه النساء يسقين ويداوين‬ ‫الجرحى ويطعمن من في المسجد من الرجال‪ ،‬وترامى الفريقان بالنبل وحجارة اجملانيق‬ ‫مما تسبب في تصدع جدران الكعبة‪ ،‬وفي هذه األثناء ترامت أنباء وفاة يزيد‪ ،‬فاجتمع‬ ‫الحصين وعرض على عبد اهلل بن الزبير أن يسير معه إلى الشام ليبايع له بالخالفة بقوله‪:‬‬ ‫>‪ ...‬والجند الذين معي هم أشراف أهل الشام ووجوههم وفرسانهم فليس يختلف عليك‬ ‫منهم اثنان‪ <...،‬فرفض ورجع الحصين إلى الشام وبدأ عبد اهلل يدعوا إلى نفسه بالخالفة‬ ‫فجاءته البيعة من أهالي األمصار فيما عدا األردن‪.‬‬ ‫في خالفة يزيد بن معاوية‪ ،‬وعندما استباح مسلم بن عقبة المري المدينة‬ ‫إبان وقعة الحرة سنة ‪63‬هـ‪683/‬م قاموا بحرق خزانة كتب كانت لعروة بن الزبير‬ ‫(ت‪94‬هـ‪712/‬م)‪ ،‬وقد حزن عروة لحرقها وقال‪> :‬ألن تكون عندي‪ ،‬أحب إلي من أن‬ ‫ُ‬ ‫يكون لي مثل أهلي ومالي<‪ .‬ويروى أن يزيد بن معاوية قد أعطى مائة دينار معونة لكل‬ ‫جندي من أهل الشام الذين سيرهم لقتال أهل المدينة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫في خالفة يزيد بن معاوية ألف عَالقة بن كرسم (كريم) الكالبي كتاب أيام العرب‬ ‫واألمثال في خمسين ورقة‪ .‬في خالفة يزيد أمر بعودة الجيوش البرية والبحرية من‬ ‫األراضي البيزنطية بما فيها جزيرتا رودس وقبرص‪.‬‬ ‫معاوية (الثاني) بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (‪64‬هـ‪683/‬م)‬ ‫عهد يزيد بن معاوية قبل وفاته سنة ‪64‬هـ‪683/‬م بالخالفة من بعده لولده معاوية‬ ‫على الرغم من اعتالل صحته‪ ،‬ولد معاوية بدمشق سنة ‪43‬هـ‪663/‬م تولى الخالفة وهو‬ ‫ابن (‪ )21‬سنة ولم يخلف‪.‬‬ ‫أن معاوية بن يزيد قد أعلن تنازله عن منصب الخالفة في يوم بيعته إذ خطب‬ ‫الناس في مسجد دمشق وقال لهم‪ ....> :‬فإني قد ضعفت عن أمركم‪ ،‬فابتغيت لكم مثل‬ ‫َ‬ ‫عمر بن الخطاب حين استخلف أبو بكر فلم أجده‪ ،‬فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم‬ ‫‪123‬‬ ‫أجدهم‪ ،‬فأنتم أولى بأمركم‪ ،‬فاختاروا له من أحببتم<‪ ،‬ورفض أن يعهد بالخالفة إلى‬ ‫ُ‬ ‫أخيه خالد وقال‪> :‬ال يكون لي ُمرها ولكم حلوها<‪ ،‬ولزم بيته حتى وافاه األجل بعد‬ ‫أربعين ً‬ ‫يوما‪ ،‬ولعدم وجود مرشح للخالفة إذ أعلن عبد اهلل بن الزبير لنفسه بالخالفة‬ ‫في مكة وجاءته بيعة األقطار اإلسالمية‪ ،‬وفي ذات الوقت عقد كبار رجاالت بني أمية‬ ‫ومناصريهم ورشحوا مروان بن الحكم بناءً على ترشيح عبيد اهلل بن زياد له‪ ،‬ثم تاله في‬ ‫الجابية اجتماع موسع ضم حلفائهم من القبائل اليمنية لتأكيد البيعة لمروان فنالها بعد‬ ‫أن وافق على مطالب القبائل اليمنية في أن يكون ولي عهده خالد بن يزيد بن معاوية‬ ‫وولي ولي العهد عمرو بن سعيد بن العاص (المعروف باألشدق)‪ ،‬وأن يكون لهم األمر‬ ‫والنهي واالقطاعات والعطاء‪ ،‬وبويع له بالخالفة في سنة ‪64‬هـ‪683/‬م‪.‬‬ ‫مروان بن احلكم بن أبي أمية (‪65-64‬هـ‪684-683/‬م)‬ ‫مؤتمر اجلابي�ة سنة ‪64‬هـ‪683/‬م‪ :‬كان االجتماع في دمشق بين األمويين‬ ‫وأنصارهم واتفقوا على مبايعة مروان بن الحكم خليفة للمسلمين‪ ،‬ثم ولي عهده خالد‬ ‫بن يزيد ـ كان صغير السن ـ‪ ،‬ثم عمرو بن سعيد بن العاص الملقب باألشدق‪ ،‬وتزوج‬ ‫مروان من والدة خالد بن يزيد ـ قيل أنها هي التي قتلته ـ إضافة إلى اشتراطات طلبتها‬ ‫القبائل اليمينة مقابل البيعة له ـ ذكرت في عهد معاوية بن يزيد ـ‪.‬‬ ‫معركة مرج راهط سنة ‪64‬هـ‪683/‬م‪ :‬انقسم أهالي الشام إلى قسمين‪:‬‬ ‫•مؤيد ومبايع لعبد اهلل بن الزبير وهم‪ :‬القيسيين بزعامة الضحاك بن قيس الفهري‬ ‫وانضم إليه زفر بن الحارث أمير قنسرين والنعمان بن بشير أمير حمص‪.‬‬ ‫•مؤيد لبني أمية وهم‪ :‬اليمنيين بزعامة حسان بن مالك بن بحدل أمير األردن‬ ‫ووصول مروان بن الحكم من المدينة وعبيد اهلل بن زياد من الكوفة والحصين بن‬ ‫نمير من مكة فهؤالء أخذوا في توحيد كلمة األمويين على رجل واحد ـ هذا ما‬ ‫حدث في مؤتمر الجابية ـ وهو مروان بن الحكم الذي طرد الضحاك من دمشق‬ ‫وعمد إلى إسناد قيادة الجنود إلى عمرو بن سعيد وعبيد اهلل بن زياد‪ ،‬فوقعت‬ ‫‪124‬‬ ‫بين الطرفين معركة لمدة عشرين ً‬ ‫يوما دون انتصار ألي فريق فعمدوا إلى الخديعة‬ ‫وطلب الهدنة وإلقاء السالح وتوقف القتال حتى ألقى السالح القيسيين هجموا‬ ‫عليهم وقتلوهم‪ ،‬وبذلك انتصر األمويين وتوحيد الشام لصالح األمويين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫معركة عني شمس سنة ‪64‬هـ‪683/‬م‪ :‬أرسل مروان بن الحكم جيشا من الشام‬ ‫إلى مصر وأعلن الوالي من قبل عبد اهلل بن الزبير عبد الرحمن بن جحدم تسليم مصر‬ ‫لمروان وعين عليها ابنه عبد العزيز بن مروان بن الحكم‪.‬‬ ‫معركة عني الوردة سنة ‪65‬هـ‪684/‬م‪ :‬وقعت بين الجيش األموي بقيادة عبيد اهلل‬ ‫ابن زياد الذي سار من الشام إلى العراق فالتقى مع جيش من العراق بقيادة سليمان‬ ‫ابن صرد الخزاعي الذي سار لالنتقام من عبيد اهلل بن زياد لقتله الحسين ـ وأطلقوا‬ ‫على أنفسهم التوابين وندموا على عدم نصرة الحسين وصمموا على الثأر للحسين وهم‬ ‫مجموعة من شيعة الكوفة وكان عددهم (‪ )4000‬آالف رجل ـ فلما تقابال قتل من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الفريقين أعدادا كبيرة على رأسهم سليمان وهرب الباقين إلى الكوفة وانضموا إلى جيش‬ ‫المختار‪.‬‬ ‫إصالحاته وإجنازاته‪ :‬كان ً‬ ‫واليا على المدينة في خالفة معاوية‪ ،‬أول من ضبط‬ ‫المكاييل والموازيين‪ ،‬أول من ضرب الدنانير الشامية ونقش عليها >قل هو اهلل أحد<‪،‬‬ ‫كان يتحرى العدل واالستشارة لصلحاء الناس في األمور العظام‪ ،‬كان من المؤيدين‬ ‫لحملة عقبة المري على المدينة‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬وعلى الرغم من إمالءات مؤتمر الجابية إال أنه بمجرد أن سيطر على‬ ‫أوضاع الشام بعد موقعة مرج راهط وسيطرته على مصر في موقعة عين شمس ـ قرب‬ ‫الفسطاط ـ وتعيين ابنه عبد العزيز عليها‪ ،‬قام بعزل خالد وعمرو وعهد بالعهد إلى ابنيه‪:‬‬ ‫عبد الملك‪ ،‬ثم عبد العزيز‪.‬‬ ‫عبد امللك بن مروان بن احلكم (‪86-65‬هـ‪705-684/‬م)‬ ‫تولى الخالفة بعد وفاة والده مروان‪ ،‬كان يلقب بحمامة المسجد الجتهاده في‬ ‫‪125‬‬ ‫ً ُ‬ ‫وأيضا لقب بـ >رشح الحجر لبخله<‪ ،‬قال فيه عامر‬ ‫العبادة‪ ،‬ولطول مكوثه في المسجد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بن شراحبيل الشعبي‪> :‬ما جالست أحدا إال وجدت لي الفضل عليه‪ ،‬إال عبد الملك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شعرا إال زادني فيه<‪.‬‬ ‫فإني ما ذاكرته حديثا وال‬ ‫ً‬ ‫مقتل عبي�د هللا بن زياد‪ :‬كان المختار بن أبي عبيد الثقفي مسجونا في الكوفة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تفويضا من ابن الحنفية‪ ،‬وانضم إليه‬ ‫وخرج بضمان بعض أصحابه وأشاع بأن لديه‬ ‫ً‬ ‫وأيضا انضم من هرب إلى الكوفة من جيش سليمان بن صرد‪،‬‬ ‫عبد الرحمن بن األشتر‪،‬‬ ‫وقوي أمره فقام بإخراج والي عبد اهلل بن الزبير عبد اهلل بن مطيع العدوي وانضمت إليه‬ ‫البصرة‪ ،‬وكثر أتباعه بعد تمكنه من تتبع قتله الحسين منهم‪ :‬شمر بن ذي الجوشن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وعمر بن سعد بن أبي وقاص‪ ،‬وعبيد اهلل بن زياد الذي سار إليه جيشا بقيادة إبراهيم بن‬ ‫األشتر‪ ،‬والتقى الجمعان عند نهر الخازر قرب الموصل سنة ‪67‬هـ‪686/‬م فقتل واحتز‬ ‫رأس عبيد اهلل وأرسله إلى مصعب بن الزبير ـ الوالي المعين من قبل ابن الزبير على‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫مقتل املختار‪ :‬لما قتل المختار عبيد اهلل بن زياد سار إلى البصرة فخرج إليه‬ ‫مصعب فالتقيا خارج البصرة عند حروراء فقتل المختار ومحمد بن األشعث واعداد‬ ‫هائلة من جيش المختار وانضم عبد الرحمن بن األشعث إلى مصعب‪.‬‬ ‫ثورة عمرو بن سعيد األشدق‪ :‬لما سار عبد الملك لقتال أهل البصرة وعند حصاره‬ ‫لقرقيسيا أعلن عمرو التمرد ضد عبد الملك وأخذ أموال بيت مال دمشق وتحصن بها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فرجع عبد الملك وحاصر عمرو األشدق وجرت سفارات بينهما أتفق على الصلح‬ ‫ً‬ ‫بشروط منها‪ :‬ـ أن يكون عمرو ولي العهد‪ ،‬أن يعين عبد الملك ً‬ ‫وأيضا يعين عمرو‬ ‫واليا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫واليا ـ واليان لمدينة واحدة ـ وتم كتابة كتاب األمان‪.‬‬ ‫ولكن عبد الملك استعمل الخديعة فطلب أن يأتي عمرو ـ على الرغم من تحذيره‬ ‫من االلتقاء مع عبد الملك ـ إلى مجلس عبد الملك وأوعز إلى حراسه والحاجب في‬ ‫ً‬ ‫العمل على حجب رفاق عمرو حتى بقي وحيدا فتحادثا وعبد الملك يغلظ له في القول‬ ‫‪126‬‬ ‫ويعدد له إساءاته‪ ،‬ثم أمر بضرب عنقه وإلقاء رأسه مع بدر من المال‪.‬‬ ‫مقتل مصعب بن الزبري‪ :‬سار عبد الملك إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير‬ ‫فأخضع قرقيسيا وواليها زفر بن الحارث‪ ،‬ونصبين‪ ،‬والجزيرة‪ ،‬ثم عاد لقمع ثورة عمرو‬ ‫بن سعيد بن األشدق‪ ،‬فلما قضى عليها عمل على إعداد جيش قاده بنفسه وسار إلى‬ ‫العراق وعسكر في منطقة مسكن وعمد إلى مراسلة قادة ورؤساء جيش مصعب‪ ،‬واطلع‬ ‫إبراهيم بن األشتر على هذه الرسائل من قبل عبد الملك وفيها عروض بأموال ومزايا‬ ‫هائلة ولكن مصعب لم يكترث لهذه الرسائل وإلى ما أشار إليه إبراهيم بن األشتر من قتل‬ ‫رؤساء القبائل الذين عندما التقى الفريقان في دير الجاثليق وتخاذلوا مما أدى إلى هزيمة‬ ‫وقتل إبراهيم بن األشتر ومصعب بن الزبير وسيطر عبد الملك على البصرة وعين أخاه‬ ‫بشر بن مروان بن الحكم ً‬ ‫واليا على العراق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫املدين�ة يف عهد عبد امللك‪ :‬سير عبد الملك جيشا بقيادة عبد الملك بن الحارث‬ ‫ً‬ ‫إلى المدينة‪ ،‬فأرسل عبد اهلل بن الزبير جيشا بقيادة شرحبيل الهمذاني‪.‬‬ ‫وفي خالفة عبد الملك كان الوالي على المدينة يحيى بن الحكم بن أبي العاص‬ ‫بن أمية‪ ،‬ثم عُزل وولى مكانه أبان بن عثمان بن عفان‪.‬‬ ‫ثورة جندة بن عامر‪ :‬في أثناء انشغال عبد الملك بحربه لعبد اهلل بن الزبير سار‬ ‫نجدة بن عامر الحنفي في سنة ‪67‬هـ‪686/‬م من عُمان باتجاه صنعاء فصالحه أهلها على‬ ‫مال يؤدونها إليه‪ ،‬وسير أبا فديك عبد اهلل بن ثور الثعلبي إلى حضرموت فصالحه أهلها‪،‬‬ ‫ثم رجع نجدة إلى البحرين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثورة أيب فديك بالبحرين‪ :‬أرسل عبد الملك جيشا من أهل الشام والعراق بقيادة‬ ‫عمر بن عبيد اهلل بن معمر التيمي إلى الخارجي أبي فديك ـ عبد اهلل بن ثور الثعلبي وقتله‬ ‫في ُ‬ ‫المشقر (قرب القطيف) سنة ‪74‬هـ‪694/‬م‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أرسل الحجاج جيشا بقيادة يزيد بن أبي كبشة السكسي لمحاربة الثائر الريان‬ ‫النكري (من بني عبد القيس) في بلدة الخط ـ قرب القطيف ـ فقتله بقرب الزارة ـ بلدة‬ ‫‪127‬‬ ‫حاليا ـ وهزم ً‬ ‫الرمادة ً‬ ‫أيضا قوات داود بن محرز في القطيف ـ كان الظهور للكيسانية في‬ ‫عهد عبد الملك بن مروان يبنون معتقداتهم على أساس معتقدات اجملوس المزدكية التي‬ ‫ظهرت في بالد الفرس‪ ،‬والبراهمة في الهند‪ ،‬والفالسفة القدماء‪ ،‬والصابئة ويعتقدون‬ ‫بنبوة الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية أوالد علي بن أي طالب ـ‪.‬‬ ‫حركة (ثورة) عبد الرحمن بن محمد بن األشعث بن قيس‪ :‬لما سار جيش من‬ ‫العراق بقيادة عبيد اهلل بن أبي بكرة إلى سجستان والتقى مع رتبيل ملك كابل فهزم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫غضب الحجاج لما لحق بهذا الجيش‪ ،‬فجهز جيشا بقيادة عبد الرحمن بن محمد‬ ‫بن األشعث ـ عُرف هذا الجيش بجيش الطواويس لتعدد ألوان أكسية الجند ودوابهم‬ ‫ـ وتوغل في إقليم سجستان حتى وصل إلى مدينتي بًست (غوست) والرخج ـ في‬ ‫أفغانستان اليوم ـ وعسكر هنالك‪ ،‬وكان يعزم قضاء الشتاء ثم السير في الفتح وكتب‬ ‫إلى الحجاج‪ ،‬فأمره بالمسير الفوري للفتح بقوله‪> :‬إمض لما أمرتك به من الوغول في‬ ‫أرضهم‪....‬؛ وإال فإن إسحاق بن محمد أخاك أمير الناس<‪ ،‬وجمع ابن األشعث جنده‬ ‫ً‬ ‫وخطب فيهم موضحا ما جاء في كتاب الحجاج بتعجيل الفتح والتقدم في أرض العدو‪،‬‬ ‫وبايعوه على محاربة الحجاج‪ ،‬فعاد إلى العراق بعد عقد اتفاقية مع رتبيل وحاول أن‬ ‫ً‬ ‫يشاركه والي فارس المهلب بن أبي صفرة‪ ،‬فرفض ـ وكتب المهلب إلى الحجاج ناصحا‬ ‫بقوله‪ ...> :‬وإن ألهل العراق شدة في أول مخرجهم‪ ،‬وصبابة إلى أبنائهم ونسائهم‬ ‫فليس شيء بردهم‪ ،....‬ثم واقعهم عندها<‪ ،‬ولكن الحجاج لم يصغ إلى قوله وخرج‬ ‫لقتال ابن األشعث في تستر (في إقليم خوزستان) ُ‬ ‫فهزم الحجاج وعاد إلى البصرة حيث‬ ‫عسكر في الزاوية وكتب إلى عبد الملك يطلب منه المدد‪ ،‬فأرسل له إمدادات من أهل‬ ‫الشام‪ ،‬والتقى ابن األشعث في وقعة الزاوية سنة ‪82‬هـ‪701/‬م فهزم وهرب والتجأ ابن‬ ‫األشعث إلى الكوفة‪ ،‬لكن الحجاج طارده وألجأه إلى دير الجماجم حيث كانت بينهما‬ ‫مناوشات ومراسالت لمدة (‪ )103‬يوم منها‪ :‬إقرار عبد الملك بعزل الحجاج وتولية‬ ‫محمد بن مروان‪ ،‬وبزيادة عطاء أهل العراق‪ ،‬وتولية عبد الرحمن أي بلد شاء من بلد‬ ‫العراق‪ ،‬ولما رفض عبد الرحمن وأهل العراق إقرار عبد الملك فبقي الحجاج ً‬ ‫واليا‬ ‫‪128‬‬ ‫ً‬ ‫وقائدا‪ ،‬ونشب القتال فهزم ابن األشعث فهرب إلى الكوفة‪ ،‬ثم إلى البصرة حيث عسكر‬ ‫في مسكن ـ على نهر دجيل األهواز ـ فسار إليه الحجاج والتقيا في موقعة مسكن لمدة‬ ‫عشرين ً‬ ‫يوما‪ ،‬انتهت بهزيمة ابن األشعث وفراره إلى الملك رتبيل فقيل أن الحجاج‬ ‫أغرى وهدد رتبيل بتسليمه ابن األشعث مقابل أن يعفى من الجزية لمدة (‪ )7‬سنوات‬ ‫فوافق وفي الطريق ألقى بنفسه من على سطح قصر الرخج فمات‪ ،‬وقيل أنه توفي بالسل‬ ‫وكان انتصار الحجاج معناه القضاء على المعارضين للسيادة األموية‪ ،‬وإعطاء الحجاج‬ ‫دفعة قوية لتعريب الدواوين ـ إذ قام أهل الكوفة بحرق سجالت ديوان الخراج فيها ـ‬ ‫بإنشاء سجالت جديدة لألراضي والمالية باللغة العربية وقيام الحجاج ببناء مدينة واسط‪.‬‬ ‫حركات املعارضة يف ُعمان‪ :‬لما تولى الحجاج بن يوسف الثقفي والية العراق‬ ‫ُ‬ ‫سير حمالت إلى عُمان منها‪ :‬حملة بحرية بقيادة القاسم بن شعوة المزني‪ ،‬قتل القائد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا حملة بحرية وبرية بقيادة مجاعة بن شعوة المزني‪ ،‬فتصدى لهم سعيد وسليمان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأخيرا‬ ‫حاليا)‪،‬‬ ‫ابني عباد بن الجلندي‪ ،‬وهزم مجاعة وفر إلى جلفار (رأس الخيمة‬ ‫حملة بقيادة عبد الرحمن بن سليمان الكلبي‪ ،‬استطاع هزيمة ابني الجلندي وفرارهما‬ ‫ُ‬ ‫وأسندت الوالية إلى عبد الرحمن بن سليمان‪ ،‬ثم عزله وولى عليها عبد الجبار بن سبرة‬ ‫اجملاشعي‪ ،‬ونفى إليها جابر بن زيد‪ ،‬ثم عمران بن حطان‪.‬‬ ‫إصالحاته وإجنازاته‪ :‬في خالفة عبد الملك بن مروان قام الحجاج بن يوسف‬ ‫الثقفي بهدم الزيادة التي أحدثها عبد اهلل بن الزبير في الكعبة وأحدث لها بابًا للخروج‪،‬‬ ‫وكذا أدخل الحجر وأعاد الكعبة لما كانت عليه‪ ،‬وجعل لها بابًا وأحد وأخرج الحجر‬ ‫منها‪ ،‬وكساها الحجاج بالديباج والذي كان يرسله سنويًا عبد الملك فيمر على المدينة‬ ‫ويُنشر ً‬ ‫يوما في المسجد النبوي على األساطين‪ ،‬ثم يُطوى ويُبعث إلى مكة‪ ،‬وكذلك كان‬ ‫يبعث بالطيب وباجملمر‪.‬‬ ‫أمر عبد الملك بن مروان واليه برفع جدران المسجد الحرام وأن يسقفه بالساج‪،‬‬ ‫وكذلك أمر واليه عبد اهلل بن أبي سفيان بعمل سواتر وردميات على السكك المؤدية إلى‬ ‫المسجد الحرام لمنع السيول‪ .‬وكذلك أمر عبد الملك واليه بإعادة بناء مسجد قيسارية‬ ‫الذي هدمه الروم إثر هجومهم على المدينة‪.‬‬ ‫‪129‬‬ ‫في خالفة عبد الملك بن مروان بنى الحجاج بن يوسف الثقفي مدينة واسط‬ ‫بين البصرة والكوفة واشترى أرضها بحوالي عشرة آالف درهم‪ ،‬وشرع في البناء سنة‬ ‫‪83‬هـ‪702/‬م‪ ،‬وفرغ من بنائها سنة ‪86‬هـ‪705/‬م‪ ،‬ونقل إليها جميع المؤسسات‬ ‫الحكومية‪ ،‬كما أسكنها جند أهل الشام‪ ،‬وقام الحجاج ً‬ ‫أيضأ ببناء مدينة النيل على نهر‬ ‫النيل ـ بالقرب من مدينة الح ّلة ً‬ ‫حاليا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫في خالفة عبد الملك قام واليه على مصر عبد العزيز بن مروان بهدم جامع عمرو‬ ‫بن العاص بالفسطاط واعاد بناءه وزاد في مساحته وزينه في سنة ‪77‬هـ‪696/‬م‪.‬‬ ‫في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان بنى حسان بن النعمان الغساني والي إفريقية‬ ‫مدينة تونس ـ على أنقاض مدينة رومانية قديمة ـ وبنى ً‬ ‫دارا لصناعة السفن وجلب إليها‬ ‫من مصر ألف من الحرفيين األقباط الماهرين بصناعة السفن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في خالفة عبد الملك بن مروان وضع خالد بن عبد اهلل القسري الولي مصباحا‬ ‫على بئر زمزم مقابل الركن األسود‪ ،‬كما قام واليه على إفريقية حسان بن النعمان الغساني‬ ‫بهدم مسجد عقبة بن نافع في القيروان وإعادة بنائه وزاد في مساحته‪.‬‬ ‫قام حسان بن النعمان الغساني ببناء جامع هشام جدده عبيد اهلل بن الحباب وزاد‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وأيضا بناء مسجد فوق الصخرة ـ (قبة الصخرة) ـ‬ ‫فيه وأطلق عليه مسجد الزيتونة‪،‬‬ ‫وهو بناء حجري ُمثمن الشكل تعلوه قبة قطرها (‪)20.44‬م ‪ ،‬وارتفاعها من القاعدة‬ ‫حتى القمة (‪)31.5‬م‪ ،‬فيها ستة عشر نافذة ـ وللمسجد أربع أبواب وزينت الجدران‬ ‫والسقوف بالزخرفة بالفسيفساء ذات صيغ نباتية كالنخيل وأغصان الزيتون وثمار الرمان‬ ‫والعنب والورود‪ ،‬وكذلك الخطوط التي كتبت بها اآليات القرآنية‪ ،‬وتاريخ البناء ـ‬ ‫‪68‬هـ‪688/‬م لغاية ‪72‬هـ‪691/‬م ـ‪ ،‬وبلغ طول أشرطة الكتابة ‪240‬م‪.‬‬ ‫بناء على طلب من الخليفة عبد الملك بن مروان كتب سعيد بن جبير األسدي‬ ‫(ت‪95‬هـ‪713/‬م) كتابًا في التفسير‪.‬‬ ‫‪130‬‬ ‫ُ‬ ‫قام عبد العزيز بن مروان في عهد عبد الملك بن مروان ببناء مدينة حلوان واتخذها‬ ‫ً‬ ‫مقرا إلقامته وبنى المساجد والدور‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا كان‬ ‫كان الخليفة عبد الملك بن مروان يجلس للنظر في المظالم بنفسه‪،‬‬ ‫أول من سجل سجاًل بقضائه‪ ،‬ففي مصر سجل سليم بن عتر أول سجل حكم القاضي‪.‬‬ ‫كان عبد الملك أول من قام بتعريب الدواوين‪ ،‬ففي الشام عرب ديوانه سليمان بن‬ ‫ُ‬ ‫سعد الخشني‪ ،‬وفي العراق قام بتعريب ديوان الخراج صالح بن عبد الرحمن السجستاني‬ ‫التميمي‪ ،‬وأما في بالد المغرب فقد قام حسان بن النعمان الغساني بتعريب الديوان‪.‬‬ ‫تعريب النقود‪ :‬كان عبد الملك بن مروان أول من أمر أن تكتب في ورق الكتابة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫(القراطيس) المصنوع من البردي ـ كانت تصنع في مصر وتصدر إلى الروم وفي مقابلها‬ ‫يحصل المسلمون على الدنانير الرومية ـ {ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} في صدره هذه األوراق‬ ‫بداًل عن عبارات التثليث ـ اسم المسيح وعبارة التثليث ـ والصليب الذي كان يرسم‬ ‫عليها‪ ،‬فكتب ملك الروم إلى عبد الملك >إنكم أحد ثم في قراطيسكم كتابًا نكرهه‪ ،‬فإن‬ ‫تركتموه‪ ،‬وإال أتاكم في الدنانير من ذكر نبيكم ما تكرهونه< فأشار عليه خالد بن يزيد‬ ‫بالتمسك بالقراطيس وبأن تحل اللغة العربية محل اللغتين البيزنطية والفارسية في الدينار‬ ‫والدرهم‪ ،‬فأصدر عبد الملك في عام ‪74‬هـ‪693/‬م بإنشاء ً‬ ‫دارا للضرب في دمشق‬ ‫إلصدار الدينار العربي الذهبي مكتوب على وجهه >ال إله إال اهلل وحده ال شريك له< في‬ ‫المركز يطوقها هامش خارجي فيه >محمد رسول اهلل أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره‬ ‫على الدين كله<‪ ،‬وعلى الظهر >اهلل أحد اهلل الصمد لم يلد ولم يولد< في المركز يطوقها‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أصدر أمره للحجاج بإنشاء دار للضرب في‬ ‫في هامش خارجي تاريخ الضرب‪،‬‬ ‫الكوفة إلصدار الدرهم العربي اإلسالمي‪ ،‬وعمم ضرب العملة على جميع أنحاء الدولة‬ ‫اإلسالمية منذ سنة ‪76‬هـ‪695/‬م‪.‬‬ ‫إن الخليفة عبد الملك بن مروان خلع على األخطل الشاعر لقب‪ :‬شاعر بني أمية‪،‬‬ ‫َ َّ َ ُ‬ ‫ف القطين<‪:‬‬ ‫وذلك بعد ما مدح بني أمية في قصيدة >خ‬ ‫َ‬ ‫شمس العداوة حتى يُستقاد لهم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أحالما إذا قدروا‬ ‫وأعظم الناس‬ ‫‪131‬‬ ‫عالقاته مع البزينطيني‪ :‬عقد عبد الملك بن مروان معاهدة مع اإلمبراطور‬ ‫البيزنطي جستنيان الثاني في سنة ‪70‬هـ‪689/‬م‪ ،‬كان يتعهد عبد الملك بدفع مبلغ معين‬ ‫من المال للبيزنطيين مقابل عدم اعتداءاتهم على األراضي اإلسالمية‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬ ‫أن يقوم اإلمبراطور بنقل جماعات الجراجمة ـ نسبة إلى مدينة الجرجومة في جبل‬ ‫اللكام‪ ،‬ويدينون بالنصرانية ـ إلى تراقيا ومواقع في آسيا الصغرى وأرمينية‪.‬‬ ‫في سنة ‪73‬هـ‪692/‬م قام البيزنطيين بنقل جماعات من القبارصة وأوطنهم جزيرة‬ ‫ُ‬ ‫سزيكوس‪ ،‬وهذا نقض لما أتفق عليه بأن يتقاسم الطرفان الضرائب التي يدفعها أهل‬ ‫الجزيرة‪.‬‬ ‫معركة سيب�استوبوليس‪ :‬وقعت بين المسلمين والبيزنطيين في سنة ‪73‬هـ‪692/‬م‬ ‫وانتهت بفتح أرمينية مرة ثانية‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬بلغ به من شدة إيثاره لولده الوليد أن حاول عزل أخيه عبد العزيز‬ ‫عن والية العهد بالتهديد والوعيد والترغيب‪ ،‬وكذا يتوجه عبد الملك إلى ابني يزيد بن‬ ‫ُ‬ ‫معاوية خالد وعبد اهلل فسألهما‪> :‬يا بني يزيد‪ ،‬أتحبان أن أقيلكما بيعة الوليد؟ فقاال‪:‬‬ ‫معاذ اهلل يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال عبد الملك‪ :‬لو قلتما غير ذلك ألمرت بقتلكما<؛ وفي‬ ‫ُ‬ ‫المدينة جلد سعيد بن المسيب مائة سوط لرفضه إعطاء البيعة بوالية العهد للوليد بن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫موصيا أبنائه‪> :‬كونوا بني أم بررة‪ ،‬ال تدب بينكم العقارب<‪ ،‬وعلى‬ ‫عبد الملك؛ وقال‬ ‫أثر وفاة أخيه عبد العزيز سنة ‪85‬هـ‪704/‬م قد سهلت له البيعة البنه الوليد وعلى أن‬ ‫يخلف الوليد أخوه سليمان وفي ذلك قوله‪> :‬أما إنا لو تركنا الوليد وإياها لجعلها لبنيه<‪،‬‬ ‫لكن ما خشي منه عبد الملك فقد أراد الوليد عزل أخيه سليمان وتولية ابنه عبد العزيز‬ ‫وسانده الحجاج وبعض القادة‪ ،‬ولكن ذلك لم يتم لوفاة الحجاج ثم الوليد المفاجئة‪.‬‬ ‫خالفة عبد اهلل بن الزبري (‪73 -64‬هـ = ‪692-683‬م)‬ ‫‪132‬‬ ‫بايعه أهل الحجاز عبد اهلل بن الزبير وعين على المدينة عبيدة بن الزبير‪ ،‬كما بايع‬ ‫أهل البصرة وعين عليها أنس بن مالك‪ ،‬وبايعه أهل مصر وعين عليها عبد الرحمن بن‬ ‫جحدم‪ ،‬وأهل الشام ما عدا إقليم األردن‪ ،‬بايعه أهل اليمن وخراسان‪ ،‬بايعه أمير قنسرين‬ ‫وحمص وأمير دمشق‪ ،‬بايعه القائد الحصين بن نمير وطلب منه المسير معه إلى الشام‬ ‫ليبايع له بالخالفة في قوله‪ :‬إن هذا الرجل قد هلك وأنت أحق بهذا األمر‪ ،‬فتعالى معي‬ ‫إلى الشام فو اهلل ال يختلف عليك اثنان< فرفض‪ ،‬وبدأ الناس في الواليات اإلسالمية في‬ ‫سنة ‪64‬هـ‪683/‬م في البيعة لعبد اهلل بن الزبير كما أشرنا‪.‬‬ ‫كان هذا في الوقت الذي عمد فيه األمويين إلى توحيد صفوفهم ووحدتهم باختيار‬ ‫مروان بن الحكم للخالفة ـ كان ذلك في مؤتمر الجابية ـ ونجح في توحيد الشام ووالئهم‬ ‫ً‬ ‫لبني أمية بعد انتصاره في موقعة مرج راهط (‪64‬هـ‪683/‬م) وسير جيشا إلى مصر فانتصر‬ ‫في موقعة عين شمس وقتل الوالي عبد الرحمن بن جحدم الفهري‪ ،‬فاستعادها من‬ ‫ابن الزبير ولما خلفه ابنه عبد الملك بن مروان عمد إلى مهادنة الجراجمة والبيزنطيين‬ ‫سنة ‪70‬هـ‪691/‬م على مال يؤديه كل جمعة وإلى القضاء وعلى ثورة عمرو بن سعيد‬ ‫بن العاص المعروف باألشدق وقتله‪ ،‬ثم مسيره نحو العراق وعقد الصلح مع زفر بن‬ ‫الحارث الكالبي‪ ،‬ولقائه مع مصعب بن الزبير في موقعة دير الجاثليق (قرب الموصل)‬ ‫ومراسلة قادة ورؤساء جيش مصعب وعرض عليهم المزايا واألموال فتخاذلوا‪ ،‬وكذا‬ ‫ُ‬ ‫على مصعب األمان وله والية العراق‪ ،‬فرفض وتقاتال‪ ،‬وقتل مصعب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وجه عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي في عشرين ألفا إلى مكة ونصب‬ ‫اجملانيق ورمى باألحجار على المسجد الحرام‪ ،‬وحاصره ألكثر من ستة أشهر توقف‬ ‫خاللها القتال ألداء الحج وبدأ القتال وقاتل عبد اهلل حتى استشهد سنة ‪73‬هـ‪692/‬م‬ ‫وصلب‪ ،‬وعاد الحجاز إلى سلطة بني أمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سير عبد اهلل جيشا إلى المدينة بقيادة شرحبيل الهمذاني إلى المدينة فالتقى في‬ ‫ً‬ ‫الرقيم مع جيشا سيره المختار من العراق بقيادة عباس بن سهل‪ ،‬واستعمل شرحبيل‬ ‫معهم الحيلة فتظاهر لهم بما عرضوا عليه‪ ،‬ثم هاجمهم لياًل وهم نيام وقتل عباس ومن‬ ‫ُ‬ ‫بقي أسر‪ ،‬ودخل المدينة لمواجهة الجيش األموي بقيادة عبد الملك بن الحارث‪.‬‬ ‫‪133‬‬ ‫عزل عبد اهلل بن الزبير عن البصرة مصعب بن الزبير وعين ابنه حمزة‪ ،‬وعلى‬ ‫الكوفة مصعب فكتب األحنف بن قيس إلى عبد اهلل بن الزبير بالعدول عن قراره فعزل‬ ‫ابنه واعاد مصعب الذي أسند والية الكوفة إلى الحارث بن ربيعة‪ ،‬وظل مصعب ً‬ ‫واليا‬ ‫على البصرة لغاية قتله من قبل عبد الملك بن مروان‪.‬‬ ‫الوليد بن عبد امللك بن مروان (‪96-86‬هـ‪714-705/‬م)‬ ‫تولى الخالفة بعد وفاة والده عبد الملك الذي ترك له وحدة قوية مما مكنه من‬ ‫تنفيذ اإلنجازات‪ ،‬منها‪ :‬حفر اآلبار بالمدينة‪ ،‬بنى مستشفى للمجزومين في دمشق‪ ،‬أعطى‬ ‫ً‬ ‫ضرير قائد‪ ،‬اهتم بإصالح الطرق للحجاج‪ ،‬وبناء المساجد‪:‬‬ ‫خادما‪ ،‬وكل‬ ‫لكل مقعد‬ ‫ٍ‬ ‫قام الوالي موسى بن نصير ببناء مسجد الرايات في الجزيرة الخضراء باألندلس‪ ،‬كما بنى‬ ‫موسى وطارق المساجد في مدن األندلس مثل‪ :‬سرقسطة‪ ،‬وقرطبة‪ ،‬وإلبيرة‪.‬‬ ‫قام القائد قتيبة بن مسلم ببناء مساجد في بالد ما وراء النهر في مدن‪ :‬سمرقند‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وبخارى‪ ،‬وطشقند‪ ،‬وخوارزم‪.‬‬ ‫وفي بالد السند بنى محمد القاسم الثقفي مساجد منها‪ :‬مسجد جامع في مدينة‬ ‫الديبل‪ ،‬والرور (أرور)‪ ،‬والنيرون‪ ،‬وبرهمان آباد‪ ،‬وسيهوان‪ ،‬والملتان‪ ،‬وبنى الحكم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جامعا في مدينة المحفوظة‪ ،‬وبنى عمرو‬ ‫بن عوانة الكلبي ـ في خالفة هشام ـ مسجدا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جامعا في مدينة المنصورة‪.‬‬ ‫بن محمد بن القاسم الثقفي مسجدا‬ ‫وفي العواصم والثغور في بالد الروم فقد ابتنى عبد اهلل بن عبد الملك في خالفة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جامعا‬ ‫الوليد مسجدا في بلدة المصيصة‪ ،‬وبنى العباس بن الوليد بن عبد الملك مسجدا‬ ‫في بلدة َم ْرعش‪ ،‬وفي واسط بنى الحجاج المسجد الجامع وكانت مساحته (‪ )200‬ذراع‬ ‫× (‪ )200‬ذراع‪.‬‬ ‫وفي اليمن‪ :‬أمر الوليد واليه بإعادة بناء مسجد صنعاء والزيادة في مساحته‪.‬‬ ‫‪134‬‬ ‫في عهد الوليد بن عبد الملك ازدهرت خزانة بيت الحكمة ـ كانت البداية في‬ ‫عهد معاوية ـ ضمت مصاحف وأشعار وكثر بها النساخون المشتهرون بحسن الخط وقد‬ ‫اشتهر خالد بن أبي الهياج بكتابة المصاحف‪.‬‬ ‫في خالفة الوليد أمر واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز بتوسعة المسجد‬ ‫النبوي‪ ،‬فبدأ بهدم حجرات زوجات الرسول ! وأدخلها في المسجد وقدم القبلة‪ ،‬وتم‬ ‫بناء األساس والجدران واألعمدة بالحجارة‪ ،‬وبنيت المقصورة ورواق القبلة من خشب‬ ‫الساج‪ ،‬وزركشة شقفهما بالذهب‪ ،‬وزينت جدران المسجد بالفسيفساء‪ ،‬وفرشت أرضيته‬ ‫بالحصباء التي جلبت من وادي العقيق‪ ،‬وبنيت للمسجد أربع مآذن‪ ،‬وجعل له عشرون‬ ‫بابًا‪ ،‬وتمت إنارة المسجد بالقناديل‪ ،‬كما أرسل بالبنائين والفنيين المهرة من أهل الشام‬ ‫ومصر وفارس‪ً ،‬‬ ‫أيضا بعث بالرخام‪ ،‬والمرمر‪ ،‬والفسيفساء‪ ،‬كما قام واليه عبد اهلل بن‬ ‫عبد الملك سنة ‪89‬هـ‪707/‬م برفع سقف مسجد جامع عمرو بن العاص في الفسطاط‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي والية قرة بن شريك قام بهدم المسجد واعاد بناءه ووسعه وطاله وزخرفه وذهب‬ ‫رؤوس العمد فيه وأحدث فيه المحراب اجملوف‪.‬‬ ‫بناء الجامع األموي في خالفة الوليد وأكمل البناء سليمان‪ ،‬وقد استغرق العمل‬ ‫فيه (‪ )9‬سنوات‪ ،‬وعمل فيه اثنى عشر ألف عامل وسبب البناء كما قال الوليد‪> :‬يا أهل‬ ‫دمشق‪ ،‬إني رأيتكم تفاخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأحببت أن أزيدكم‬ ‫خامسة وهي هذا الجامع<‪.‬‬ ‫وهو يتألف من صحن (فناء واسع) تحيطه أروقة من جميع جهاته‪ ،‬وله أربع‬ ‫مآذن‪ ،‬وكانت جدرانه وسقوفه وأرضياته مزينة ومزركشة بالفسيفساء الملون والمذهب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أمر ببناء المسجد األقصى في القدس وهو‬ ‫وبألواح الخشب المحفور بالرخام‪،‬‬ ‫يبعد (‪)500‬م إلى الجنوب الشرقي من مسجد قبة الصخرة‪ ،‬وعمل في بنائه عمال‬ ‫وفنيون من مختلف األقاليم‪.‬‬ ‫في خالفة الوليد أمر واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز ببناء جدار يسد به‬ ‫الجهة الشمالية مما يلي القبر فاصبح الداخل من الباب يتقدم فيسلم على النبي !‪ ،‬ثم‬ ‫‪135‬‬ ‫على صاحبيه‪ ،‬ثم يمضي حتى يخرج من الباب اآلخر‪ ،‬وكتب في جدار القبلة خمسة‬ ‫أسطر مكتوبة بالذهب بكتاب ثخين غلظه قدر أصبع من سور قصار المفصل وتبدأ من‬ ‫سورة الشمس وتنتهي بسورة الناس‪ ،‬وكان يسبق هذه السور سورة الفاتحة‪ ،‬وأن هذه‬ ‫اآليات عددها (‪ )200‬آية قد كتبت بيد مولى آلل حويطب بن عبد العزى أو خالد بن‬ ‫َ‬ ‫أبي الهياج‪ ،‬وأن الوليد كتب إلى واليه يأمره أن يبني الف َّوارة بالمدينة فبناها عمر في ظاهر‬ ‫المسجد يستفاد منها في الوضوء‪ ،‬وفي مكة بعث إلى خالد بن عبد اهلل القسري الوالي‬ ‫بثالثين ألف دينار ذهبية‪ ،‬فضربت صفائح على باب الكعبة وعلى األساطين (األعمدة)‬ ‫ً‬ ‫رخاما (أبيض وأخضر وأصفر)‬ ‫التي داخل الكعبة وعلى األركان والميزاب‪ ،‬كما أرسل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫من الشام فرشت به أرض الكعبة وأزر به جدرانها‪.‬‬ ‫كما أمر واليه بزيادة رواق دائري على حافة المسجد الحرام من الجهة الشرقية‬ ‫َ َّ‬ ‫وجعل له سرادقات يتظلل بها المصلون وأزر المسجد بالرخام من داخله وسقف المسجد‬ ‫بخشب الساج المزخرف بالذهب‪ ،‬وقد تميز الوليد ببره حفظة كتاب اهلل ويقضي ديونهم‬ ‫ويقسم األموال على قراء بيت المقدس‪.‬‬ ‫كان الخليفة الوليد بن عبد الملك أول من قام بتعريب الديوان فعربه عبد اهلل بن‬ ‫عبد الملك بن مروان بمساعدة ابن يربوع الفزاري في مصر‪ ،‬وأما في األندلس فقد عربه‬ ‫موسى بن نصير اللخمي‪.‬‬ ‫إن طارق بن زياد لما سار بجيشه إلى األندلس كان معه الصحابي المنيذر األسلمي‬ ‫اإلفريقي وعدد من التابعين لتعليم القرآن واللغة والشريعة‪.‬‬ ‫احلمالت ضد البزينطيني‪ :‬في سنة ‪88‬هـ‪706/‬م تمكن كل من مسلمة بن‬ ‫عبد الملك والعباس بن الوليد من فتح حصون في األراضي البيزنطية في آسيا الصغرى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وس َ‬ ‫وقمودية‪ ،‬والحديد‪َ ،‬‬ ‫وسنة‪ ،‬وغزالة‪،‬‬ ‫ففتحوا حصن الطوانة‪ ،‬وحصون هرقلة‪،‬‬ ‫وبُرجمة‪ ،‬وفي سنة ‪90‬هـ‪708/‬م استطاع القائد البحري خالد بن كيسان من أسر‬ ‫ُ‬ ‫اإلمبراطور البيزنطي جستنيان الثاني ثم أفرج عنه‪.‬‬ ‫فتح األندلس‪ :‬نشر اإلسالم وتأمين وجودهم في إفريقية‪ ،‬رفع الظلم والبطش‪،‬‬ ‫‪136‬‬ ‫الصراع بين أبناء غيطشة والملك لذريق‪ ،‬االعتداء على ابنة يليان من قبل الملك لذريق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إرسال حملة بحرية بقيادة طريف بن مالك المعافري سنة ‪91‬هـ‪709/‬م على الساحل‬ ‫الجنوبي لألندلس بأربع سفن وخمسمائة جندي فاستطاع النزول على جزيرة بالوما ـ‬ ‫جنوبي إسبانيا ـ التي عرفت فيما بعد بجزيرة طريف ولم تلق مقاومة فتشجع الناس‬ ‫وموسى على إرسال حملة قادها طارق بن زياد في سنة ‪92‬هـ‪711/‬م‪ ،‬وفي معيته حوالي‬ ‫ً‬ ‫حاليا‬ ‫(‪ )7000‬مقاتل من العرب والبربر‪ ،‬أركبهم السفن إلى الجزيرة الخضراء ـ تعرف‬ ‫ُ‬ ‫بجبل طارق ـ فلما علم الملك لذريق (رودريك) وكان منشغاًل بإخماد ثورات داخلية في‬ ‫ُ‬ ‫الشمال‪ ،‬فتركها وعاد إلى العاصمة طليطلة ومنها إلى قرطبة ومنها إلى قرب مدينة شذونة‬ ‫ومعه جيش يقدر عدده بحوالي (‪ )90000‬مقاتل‪ ،‬فزحف طارق مع النجدة التي وصلته‬ ‫مع طريف بن مالك ومعه (‪ )5000‬مقاتل والتقى مع الملك لذريق في رمضان سنة‬ ‫‪92‬هـ‪711/‬م في معركة وادلكة (شذونة) واستمرت لمدة (‪ )8‬أيام انتهت بمقتل لذريق‬ ‫ً‬ ‫ناشرا اإلسالم في شمال‬ ‫وهزيمة جيشه ودخوله مدينة شذونة‪ ،‬ثم تقدم طارق بن زياد‬ ‫األندلس‪ ،‬ففتح مدينة استجه‪ ،‬وسير مغيث الرومي ففتح قرطبة‪ ،‬أما طارق فواصل الفتح‬ ‫لمدن طليطلة‪ ،‬ومالقة‪ ،‬وغرناطة‪ ،‬وإلبيرة‪ ،‬ومرسية (تدمير)‪ ،‬فلما ترامت االنتصارات‬ ‫إلى مسامع موسى سارع بجيش قوامه (‪ )18000‬في سنة ‪93‬هـ‪711/‬م بعبور الجزيرة‬ ‫الخضراء ومنها إلى شذونة ومنها سار إلى قرمونة ثم إشبيلية ثم ماردة وبعدها التقى مع‬ ‫َ َ‬ ‫طارق في مدينة طلبيرة فسارا لنشر اإلسالم في مدن الشمال الشرقي ففتحا سرقطة‪،‬‬ ‫ووشقة‪ ،‬والردة‪ ،‬وطركونة‪ ،‬وبرشلونة‪ ،‬وفي والوقت ذاته فتح عبد العزيز بن موسى بن‬ ‫ُ‬ ‫نصير مدن‪ :‬البيرة‪ ،‬وغرناطة‪ ،‬وتدمير‪ ،‬ومالقة‪ ،‬وعقد معاهدات مع يابرة‪ ،‬ولشبونة‪،‬‬ ‫وشنترين‪ ،‬وقلمرية‪ ،‬وكذا سار طارق في جبليقة وسار موسى شمااًل ففتح ليون‪ ،‬واخترق‬ ‫جبال البرتات ففتح مدينة سبتمانيا‪ ،‬وقرقشونة‪ ،‬ووادي الرون متوغاًل في المناطق‬ ‫الجبلية الشمالية التي تعتصم بها أقلية تعتنق النصرانية‪ ،‬لكن األوامر صدرت بالعودة‬ ‫ً‬ ‫تاركا الجبال التي منها بعد (‪ )8‬قرون تتمكن من التقدم وطرد المسلمين من األندلس‪،‬‬ ‫وعاد موسى وطارق إلى دمشق بناءً على استدعاء الخليفة الوليد واستخلف على األندلس‬ ‫‪137‬‬ ‫مقيما بوادي الشام ‪ُ ،‬‬ ‫ابنه عبد العزيز وظل موسى ً‬ ‫العال اآلن ـ لغاية وفاته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي خالفة عمر بن عبد العزيز تقدم القائد السمح بن مالك الخوالني إلى ما وراء‬ ‫جبال البرانس (جبال البرت جنوب فرنسا) وفتح مدينة ناربونة في إقليم سبتمانية وواصل‬ ‫َ‬ ‫تقدمه وحاصر مدينة تولوز (طلوشة) سنة ‪102‬هـ‪721/‬م ولكنه استشهد أثناء الحصار‬ ‫وانسحبت الجيوش‪.‬‬ ‫وفي والية عنبسة بن ُ‬ ‫سحيم الكلبي تم فتح قرقشونة (جنوب غربي ناربونة)‪،‬‬ ‫ونيمة‪ ،‬ووادي الرون‪ ،‬وبرغندية‪ ،‬ثم عبر النهر إلى مدينة أوتان في أعالي الرون ففتحها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم تقدم حتى بلغ سانس (على مسافة (‪)30‬كم جنوب باريس)‪ ،‬ولكنه قتل وخلفه في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متقدما وفاتحا لمدن‬ ‫الوالية في خالفة هشام‪ :‬عبد الرحمن بن عبد اهلل الغافقي الذي سار‬ ‫بوردو ـ على ضفاف نهر الجارون ـ‪ ،‬وبُواتييه‪ ،‬ومنها تقدم إلى مدينة تور ففيها وقعت‬ ‫معركة بالط الشهداء (موسيه الباتاي‪ ،‬تورالباتاي) ـ على بعد (‪)20‬كم شمال شرق‬ ‫بُواتييه ـ لمدة عشرة أيام سنة ‪114‬هـ‪732/‬م استشهد عبد الرحمن وأخذوا يتراجعون‬ ‫ً‬ ‫نهائيا‪ ،‬وأما شارل مارتل قائد الفرنجة فأصبح بطاًل ولقب‬ ‫فيما فتحوه حتى خرجوا‬ ‫(مارتل‪ :‬أي المطرقة) ويقول المؤرخ اإلنجليزي إدوارد جيبون‪> :‬لو أن العرب المسلمين‬ ‫ُ‬ ‫انتصروا في هذه المعركة‪ :‬إذن فلربما كان القرآن يُفسر اليوم في جامعة أكسفورد<‪.‬‬ ‫نشر اإلسالم يف بالد ما وراء النهر‪ :‬اسم يطلق على المنطقة الواقعة بين نهر سيحون‬ ‫شمااًل وجيحون جنوبًا في الشمال الشرقي لفارس‪.‬‬ ‫في خالفة معاوية كان أمير الكوفة المغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه على البصرة‬ ‫ولما توفي المغيرة سنة ‪51‬هـ‪671/‬م جمع واليتي الكوفة والبصرة لزياد وبعد وفاته‬ ‫ولى ابنه عبيد اهلل بن زياد سنة ‪53‬هـ‪672/‬م‪ ،‬كانت الجيوش تنطلق من خراسان ـ‬ ‫التي فتحت في عهد عثمان وكذا إقليم طخارستان ـ إلى بالد ما وراء النهر التي تضم‬ ‫ممالك‪ :‬طخارستان‪ ،‬صغانيان‪ ،‬الختل‪ ،‬الصغد‪ ،‬خوارزم‪ ،‬فرغانة‪ ،‬واستطاع المسلمين‬ ‫من التوغل واالستيالء على مدن وامتين‪ ،‬وبيكند‪ ،‬ثم العودة إلى خراسان‪.‬‬ ‫‪138‬‬ ‫وفي عهد عبد الملك بن مروان سار المهلب لن أبي صفرة لقتال مملكة الختل‬ ‫وحقق انتصارات ولما توفي ولى ابنه يزيد فغزا خوارزم‪ ،‬وكذا تقدم لنشر اإلسالم الفضل‬ ‫ابن المهلب‪ ،‬ثم في خالفة الوليد بن عبد الملك تقدم قتيبة بن مسلم الباهلي فعبر نهر‬ ‫جيحون إلى مدينة بيكند سنة ‪78‬هـ‪697/‬م وتم الصلح وعين عليها ً‬ ‫أميرا‪ ،‬ثم سار عنهم‬ ‫ـ ولكن أهل بيكند نقضوا وقتلوا الوالي ـ فرجع إليهم قتيبة وتمكن من إخضاعها‪ ،‬ثم‬ ‫عاد إلى مرو ‪ ،‬ثم عبر النهر وفتح مدينة نورمشكت‪ ،‬ورامثنه‪ ،‬ثم تقدم إلى بخارى ففتح‬ ‫في الطريق كش‪ ،‬ونسف وحاصر بخارى وأرسل بخريطتها للحجاج بن يوسف فتم‬ ‫فتحها‪ ،‬ثم صالح إقليم خوارزم على عشرة آالف رأس ومتاع‪ ،‬وكذا فتح سمرقند بعد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حصارها‪ ،‬وتم الفتح صلحا على أن يخلوا له المدينة ويبني مسجدا ويخرج‪ ،‬فدخلها‬ ‫وحطم أصنامها وبنى المسجد‪ ،‬ورفض الخروج ـ وفي عهد عمر بن عبد العزيز رفع‬ ‫ً‬ ‫تظلما من عدم الخروج فحكم القاضي بخروج المسلمين وبدأ المناجزة فرضي‬ ‫أهلها‬ ‫أهلها بما كان من الفتح ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪94‬هـ‪712/‬م سار قتيبة إلى الشاش وفرغانة ففتحهما‪ ،‬ثم وصلته أنباء‬ ‫بوفاة الحجاج فرجع إلى مرو فوصلته رسالة من الوليد على مواصلة نشر اإلسالم فتقدم‬ ‫ً‬ ‫إلى كاشغر فحاصرها وأرسل وفدا إلى ملكها برئاسة هبيرة بن المشمرج وحاول التهديد‬ ‫ولكنه رضخ لما طلبه قتيبة أن يطأ أرض الصين ويختم ملوكهم ويأخذ الجزية فبعث إليه‬ ‫بتراب من أرض الصين وبعض األبناء وبعث بالجزية‪ ،‬فرجع قتيبة‪ ،‬مات الخليفة الوليد‬ ‫وتولى سليمان فخشي قتيبة العزل فتعجل وخلع سليمان ـ على الرغم من أن سليمان‬ ‫ً‬ ‫أرسل له عهدا بوالية خراسان ولكنه تعجل ـ فغضب الجند وشغبوا عليه وقتلوه‪.‬‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬هروب يزيد بن المهلب بن أبي صفرة من سجن واسط في والية‬ ‫الحجاج سنة ‪90‬هـ‪708/‬م ولجوئه إلى سليمان ومحاولة الوليد لترحيله إلى دمشق مما‬ ‫اضطر سليمان إلى تسييره مع ولده الوليد الذي عفا عن آل المهلب‪ ،‬سيطرة مسعود بن أبي‬ ‫زينب العبدي على البحرين لمدة تسع سنوات من ‪95‬هـ‪714/‬م لغاية ‪105‬هـ‪723/‬م‪،‬‬ ‫وقتل مسعود في سنة ‪105‬هـ‪723/‬م من قبل والي اليمامة سفيان بن عمرو العقيلي‪.‬‬ ‫‪139‬‬ ‫الوالة‪ :‬كان الوالي على مصر عبد اهلل بن عبد الملك بن مروان‪ ،‬ثم عزله وولى‬ ‫قرة بن شريك العبسي‪ ،‬وفي المدينة‪ :‬كان واليها عمر بن عبد العزيز‪ ،‬ثم عزل‪ ،‬وفي‬ ‫العراق‪ :‬الحجاج بن يوسف الثقفي وخلفه يزيد الكسكي‪.‬‬ ‫سليمان بن عبد امللك بن مروان (‪99-96‬هـ = ‪717-714‬م)‬ ‫ولد بالمدينة سنة ‪60‬هـ‪679/‬م‪ ،‬بايعه الناس بالخالفة في مسجد قبة الصخرة‬ ‫بالقدس‪ ،‬وقالوا‪ :‬سليمان مفتاح الخير لما بدأ به خالفته بإطالق األسارى وإطالق من‬ ‫في السجون وختم خالفته بإستخالف عمر بن عبد العزيز‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬قام واليه على مكة بإنارة فيما بين الصفا والمروة في شهر الحج‪،‬‬ ‫وفي شهر رجب‪ ،‬وفي المدينة المنورة لما حج سليمان أمر بهدم إحدى المآذن األربع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا بنى جامع‬ ‫وبدأ في بناء مسجد في مدينة الرملة وأكمله بعده عمر بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫في مدينة حلب بناه واليه خالد بن يزيد بن معاوية‪ ،‬كان ينهى عن الغناء‪ ،‬وأمر بإقامة‬ ‫الصالة في وقتها‪ ،‬استعان بابن عمه عمر بن عبد العزيز وبالبطانة الصالحة‪ ،‬في عهده‬ ‫ُ‬ ‫عمد إلى عزل والة الحجاج بن يوسف الثقفي وقتل في خالفته القائدين قتيبة بن مسلم‬ ‫ُ‬ ‫الباهلي‪ ،‬ومحمد بن القاسم الثقفي‪ ،‬وغرم موسى بن نصير (ت‪97‬هـ‪715/‬م) ـ وكان‬ ‫موسى قد ولى على طنجة طارق بن زياد وأبناؤه عبد اهلل القيروان‪ ،‬وعبد العزيز على‬ ‫األندلس‪ ،‬وعبد اهلل على طنجة ـ‪.‬‬ ‫نشر اإلسالم‪ :‬إرسال حملة عسكرية لفتح القسطنطينية سنة ‪98‬هـ‪716/‬م بقيادة‬ ‫مسلمة بن عبد الملك واتخذ سليمان من دابق قاعدة عسكرية إلمداد الجيش وسير السفن‬ ‫بقيادة سليمان بن معاذ األنطاكي التي فرضت حصارها على مدخل البسفور الجنوبي والمدخل‬ ‫الشمالي في حوالي (‪ )1800‬سفينة والجيش البري في عدد (‪ )80000‬مقاتل‪ ،‬وتم الحصار‬ ‫وأمدهم سليمان بقوات إضافية برية وبحرية‪ ،‬ولكن لم يتم الفتح ألسباب منها‪ :‬خديعة ليون‬ ‫األيسوري بإحراق الطعام فاضطروا إلى أكل الدواب والجلود وأوراق الشجر إضافة إلى‬ ‫الشتاء القاسي والنار اإلغريقية وحرقها ً‬ ‫نحوا من (‪ )20‬سفينة ومقتل القائد البحري سليمان‬ ‫‪140‬‬ ‫بن معاذ ـ وحدوث الزالزل مما أثر على تحركات الجيش‪ ،‬ثم وفاة سليمان وولى عمر بن‬ ‫عبد العزيز فأمر قتيبة بالعودة إلى بالد الشام‪ ،‬وقام كذلك بافتداء كل أسير مسلم بعشرة من‬ ‫أسارى البيزنطيين‪ ،‬وزاد من تحصينات حصن ملطية (القريب منه) وشحنه بالمرابطة‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬كتب سليمان بن عبد الملك كتابًا فيه عهد إلى عمر بن عبد العزيز‬ ‫بالخالفة من بعده‪ ،‬وحذر بني أمية من التنافس والتنازع على هذا المنصب بقوله‪> :‬ال‬ ‫تختلفوا فيطمع فيكم< ـ وكان سليمان قد ولى ابنه أيوب في سنة ‪96‬هـ‪714/‬م ولكنه‬ ‫توفي‪ ،‬ثم أراد سليمان أن يولي ابنه داود لكنه كان ً‬ ‫غائبا مع الجيش في القسطنطينية لذلك‬ ‫عهد سليمان لعمر‪ ،‬ثم يأتي بعده يزيد بن عبد الملك بن مروان‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬أصيب بالحمى في مرج دابق سنة ‪96‬هـ‪714/‬م ـ فيه عسكر لتوجيه قواته‬ ‫إلى المعسكرين في القسطنطينية وتوفي هناك وعمره (‪ )39‬سنة‪.‬‬ ‫عمر بن عبد العزيز بن مروان (‪101-99‬هـ = ‪719-717‬م)‬ ‫ولي الخالفة بعهد من سليمان أهم أعماله‪ :‬األمر بعودة جيش قتيبة المحاصر‬ ‫ُ‬ ‫لمدينة القسطنطينية‪ ،‬وإخالء حصن ط َرندة‪ ،‬وزاد من تحصينات حصن ملطية وأكثر من‬ ‫عدد مرابطيه‪.‬‬ ‫رفع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة وقوله لوالي مصر أيوب بن شرحبيل‪:‬‬ ‫>‪ ...‬فإن محمد بعث هاديًا ولم يبعث ً‬ ‫جابيا<‪.‬‬ ‫وأراد والي خراسان الجراح بن عبد اهلل أن يمتحن الداخلين في اإلسالم بالختان‬ ‫فقال له‪> :‬إن اهلل بعث محمد هاديًا ولم يبعثه خاتنًا<‪.‬‬ ‫كتب إلى ملوك الهند يدعوهم إلى اإلسالم مع بقاء أمالكهم وإماراتهم فأسلموا‬ ‫ً‬ ‫وأيضا إلى ملوك بالد ما وراء النهر‪.‬‬ ‫وتسموا بأسماء عربية‪،‬‬ ‫•مناظرة الخوارج‪ :‬ـ في عهده تحرك الخوارج ُ‬ ‫الصفرية بقيادة بسطام اليشكري‬ ‫(شوذب) فناظرهم فكريًا وكاد أن ينجح‪ ،‬ولكن وفاته حالت دون ذلك‬ ‫‪141‬‬ ‫ُ‬ ‫فقتل بسطام على يدي مسلمة بن عبد الملك والي البصرة ألخيه يزيد سنة‬ ‫‪101‬هـ‪719/‬م ـ واستعمل سياسة اللين والبرهان‪ ،‬منع سب علي على‬ ‫المنابر‪.‬‬ ‫•بناء الخانات في البلدان وضيافة أي زائر يوم وليلة‪.‬‬ ‫•أمر كل قائد أن يقيم في كل جمعة ً‬ ‫يوما وليلة راحة للجندي‪.‬‬ ‫•أمر بخروج جيش المسلمين ووالتهم من سمرقند وحصارها من جديد فرضي‬ ‫ً‬ ‫أهلها بما تم سابقا‪.‬‬ ‫•بنى دار تسمى دار الطعام للفقراء والمساكين وأبناء السبيل‪.‬‬ ‫•استرداد األموال من بني أمية ومنعهم من أخذ األموال دون وجه حق‪.‬‬ ‫•سدد ديون المعسرين وأن يعطى من بيت مال المسلمين لمن أراد الحج‪ ،‬رفع‬ ‫رواتب الوالة إلى (‪ )300‬دينار‪.‬‬ ‫•حفر اآلبار وتعمير الطرق وبناء المساجد‪ .‬ولما تولى الخالفة عمر بن‬ ‫عبد العزيز طالب يزيد بن المهلب بن أبي صفرة بخمس أموال جرجان لكن‬ ‫يزيد أنكر وأوضح لعمر أنه إنما يقصد إرضاء الخليفة سليمان لكن عمر سجنه‬ ‫ً‬ ‫في الشام حتى يؤدي ما عليه وظل في السجن حتى وفاة عمر فهرب خوفا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صهرا للحجاج وصديقا له‬ ‫من انتقام الخليفة يزيد بن عبد الملك ـ ألنه كان‬ ‫ـ إلى البصرة‪.‬‬ ‫في عهد الخليفة عمر بنيت المساجد وأمر واليته باإلكثار منها‪ ،‬فلما كتب إليه‬ ‫واليه على مصر أيوب بن شرحبيل األصبحي بفائض األموال لديه‪ ،‬فأشار عليه عمر بأن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جامعا في كفربيا وفيه صهريج دون‬ ‫ينفق الفائض في بناء المساجد فقد بنى عمر مسجدا‬ ‫ً‬ ‫عليه اسمه‪ ،‬كما أنه بنى مسجدا في الالذقية‪ ،‬وأنطاكية‪ ،‬والبحرين‪ ،‬وفي المدينة بنى‬ ‫ً‬ ‫مسجد في بني عدي بن النجار باللبن‪ ،‬وفي الرملة بفلسطين بنى مسجدا‪ ،‬كما أسس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا افتتح فيها معهدا للعلوم الطبية‪ ،‬جلب إليه‬ ‫خزانة للكتب العلمية في أنطالية‪،‬‬ ‫‪142‬‬ ‫مدرسين من معهد الطب في اإلسكندرية ومنهم‪ :‬الطبيب عبد الملك بن أبجر الكناني‪.‬‬ ‫إن الخليفة عمر بن عبد العزيز بعث سنة ‪100‬هـ‪718/‬م عشرة من كبار التابعين‬ ‫إلى إفريقية منهم‪ :‬عبد الرحمن بن رافع التنوخي‪ ،‬وسعد بن مسعود التجيبي برفقة‬ ‫إسماعيل بن عبيد اهلل بن أبي المهاجر مولى بني مخزوم (الوالي من قبل عمر على‬ ‫المغرب) فانتشر هؤالء في مناطق مختلفة لتعليم الناس القرآن واللغة العربية والشريعة‬ ‫ً‬ ‫وأيضا سير يزيد بن أبي مالك الدمشقي والحارث بن يمجد األشعري يفقهان‬ ‫اإلسالمية‪،‬‬ ‫الناس في بادية بدو بني تميم‪ ،‬وفرض لهما ً‬ ‫راتبا‪.‬‬ ‫في خالفة عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم‬ ‫األنصاري (ت‪120‬هـ‪737/‬م) واليه على المدينة‪> :‬أن أنظر ما كان من حديث رسول‬ ‫اهلل ! أو ُ‬ ‫سنَّة ماضية‪ ،‬فاكتبه‪ ،‬فإني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله<‪ ،‬في أول‬ ‫عملية جمع وتدوين للحديث وساعد الوالي كل من القاسم بن محمد بن أبي بكر‬ ‫(ت‪107‬هـ‪725/‬م)‪ ،‬ومحمد بن شهاب ُّ‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أرسل‬ ‫الزهري (ت‪124‬هـ‪741/‬م)؛‬ ‫عمر بن عبد العزيز إلى والته وإلى علماء األمصار فيه‪> :‬أن أنظروا إلى حديث رسول اهلل‬ ‫دفترا ً‬ ‫! فأجمعوه<‪ ،‬وتم إنجاز هذا الجمع للسنن ً‬ ‫دفترا‪ ،‬وبعث إلى كل أرض مسلمة‬ ‫ً‬ ‫دفترا من هذه الدفاتر‪.‬‬ ‫كان عمر بن عبد العزيز يشترط في القاضي خمس خصال وهي‪> :‬أن يكون ً‬ ‫عالما‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مشاورا‪ ،‬فإذا اجتمع ذلك في القاضي‬ ‫حليما‪ ،‬ذا أناة‪ ،‬عفيفا‪،‬‬ ‫بما مضت عليه السنة‪،‬‬ ‫قاضيا‪ ،‬وإن نقص منهن شيءٌ كان َو ُ‬ ‫ً‬ ‫ص ًما فيه<‪ ،‬وكان يجلس للنظر في المظالم‪.‬‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫في عهد معاوية بن أبي سفيان قام ماسرجيس (ماسرجويه) بالترجمة من اليونانية‬ ‫والسريانية لثالثين مقالة في الطب إلى العربية ولكن لم يسمح بتداولها حتى خالفة عمر‬ ‫بن عبد العزيز‪ ،‬ويروى أن عمر استخار اهلل أربعين ً‬ ‫يوما ثم بث الكتاب في الناس‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬لم يغير ولي العهد خشية أن تثير الفتن وفي ذلك قوله‪> :‬لو اخترت‬ ‫ُ‬ ‫لألمة غير يزيد كان أولى ولكني أخاف إن أخرجتها من بني عبدالملك أن يقع في ذلك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فتنة وفرقة‪ ،‬وأنا أولي سليمان ما تولى‪ ،‬والمسلمون أولى بالنظر في أمرهم<‪.‬‬ ‫‪143‬‬ ‫يزيد بن عبد امللك بن مروان (‪105-101‬هـ = ‪723-719‬م)‬ ‫ولد سنة ‪65‬هـ‪684/‬م‪ ،‬بدمشق‪ ،‬ولما توفي عمر سنة ‪101‬هـ‪719/‬م بويع ليزيد‬ ‫ابن عبد الملك بالخالفة من بعده‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬ثورة يزيد بن المهلب‪ :‬ولما هرب يزيد بن المهلب بن أبي صفرة‬ ‫من سجنه بالشام بعد وفاة الخليفة عمر إلى البصرة‪ ،‬فقبض على الوالي عدي بن أرطأة‬ ‫وحبسه وأعلن الثورة على الخليفة ووصلته البيعة من الجزيرة‪ ،‬واليمن‪ ،‬وعمان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والبحرين‪ ،‬وسير والته إلى فارس واألهواز وعمان فسار إليه جيشا بقيادة مسلمة بن‬ ‫عبد الملك وابن أخيه العباس بن الوليد فالتقوا في معركة َ‬ ‫العقر ـ قرب كربالء ـ وتقاتل‬ ‫الجيشان لمدة (‪ )8‬أيام في سنة ‪102‬هـ‪720/‬م وانتهت بمقتل يزيد ومن بقي من آل‬ ‫المهلب فر إلى السند وأسر حوالي (‪ )300‬من جنده فأرسل مسلمة بن عبد الملك في‬ ‫مطاردتهم في السند للقبض عليهم وإعادتهم إلى العراق‪ ،‬وقد تشفع عمر بن يزيد بن‬ ‫هبيرة فيمن بقي من آل المهلب عند الخليفة يزيد‪ ،‬فعفى عنهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أسندت والية إفريقية إلى يزيد بن أبي مسلم سنة ‪102‬هـ‪720/‬م وقتل وولي‬ ‫هشام بن عبد الملك في خالفته عبيد اهلل بن الحباب‪.‬‬ ‫املدين�ة‪ :‬كان واليها في عهد يزيد عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري ـ‬ ‫وكان الوالي السابق للمدينة أبي بكر بن محمد بن حزم األنصاري ـ ثم عزله وولى‬ ‫عبد الواحد بن عبد اهلل بن بشر النصري الذي عذب عبد الرحمن بعد هروبه وعودته إلى‬ ‫المدينة بسبب تعرضه لفاطمة بنت الحسين وإكراهها على الزواج به‪.‬‬ ‫عزل واليه على إقليم الجزيرة الفراتية عمر بن هبيرة الفزاري وولى مروان بن‬ ‫محمد في سنة ‪102‬هـ‪720/‬م‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أسندت والية العراق في خالفة يزيد إلى أخيه مسلمة بن عبد الملك‪ ،‬ثم عزله‬ ‫‪144‬‬ ‫وولى عمر بن يزيد بن هبيرة الفزاري‪.‬‬ ‫في عهد الخليفة يزيد كان التدوين الرابع لديوان الجند من قبل بشر بن صفوان‬ ‫الكلبي ـ كان التدوين األول لديوان الجند من قبل عمرو بن العاص‪ ،‬والثاني في خالفة‬ ‫ُ‬ ‫عبد الملك بن مروان‪ ،‬والثالث من قبل والي مصر قرة بن شريك العبسي ـ‪.‬‬ ‫عهد بالخالفة من بعده ألخيه هشام بن عبد الملك ومن بعده البنه الوليد بن يزيد‬ ‫ـ وكان إذ ذاك في الحادية عشرة من عمره ـ ولكن بعد انتصاره على يزيد بن المهلب ندم‬ ‫على تسرعه وحاول أن يعهد لولده الوليد لكنه توفي قبل أن يحقق أمنيته‪ ،‬وكان يزيد‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪> :‬إذا لم تكن في ولدي‪ ،‬فأخي أحق بها من ابن أخي<‪ ،‬أولع بجاريتيه حبابة وسالمة‪.‬‬ ‫هشام بن عبد امللك بن مروان بن احلكم (‪125-105‬هـ = ‪742-723‬م)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حكيما في تعامله مع اليمانية‬ ‫حازما‬ ‫ولد بدمشق سنة ‪72‬هـ‪ ،‬كان صاحب رأي‬ ‫والقيسية وأشرك الفريقين في أمور الدولة‪ ،‬واشتهر بإغداق األموال‪.‬‬ ‫كان من أحرص خلفاء بني أمية في التدقيق في ديوان الخراج وفي ذلك قول أبي‬ ‫ً‬ ‫جعفر المنصور العباسي‪> :‬جمعت دواوين بني أمية‪ ،‬فلم أر ديوانا أصح وال أصلح‬ ‫للعامة والسلطان من ديوان هشام<‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أهم أعماله‪ :‬كان أول من قام بتعريب ديوان خراسان فقد أسندت ديوان هذه‬ ‫المهمة إلى إسحاق بن طلق النهشلي سنة ‪124‬هـ‪741/‬م‪ ،‬أهان نصر بن سيار وحلق‬ ‫رأسه وضربه بالسياط‪ ،‬عزل والي العراق خالد القسري‪ ،‬بنى مدينة الرصافة‪ ،‬كان يهوى‬ ‫الخيل واقتنى حوالي (‪ )4000‬فرس وأنشأ حلبة السباق‪ ،‬بنى البرك وحفر اآلبار في‬ ‫طريق الحج‪ ،‬تزوج الكثير من النساء‪.‬‬ ‫كان عبد الحميد بن يحيى المعافري المعروف بالكاتب واسع الثقافة وبرع في‬ ‫استخدام العبارات المنمقة حين كان يكتب للخليفتين هشام بن عبد الملك ومروان بن‬ ‫محمد‪ ،‬كما منح مؤدب ولده سليمان بن سليم الكلبي ألف درهم شهريًا إضافة إلى‬ ‫كسوته وجائزته‪.‬‬ ‫‪145‬‬ ‫وفي مجال الترجمة كان أبو العالء سالم بن عبد اهلل ـ كاتب رسائل هشام بن‬ ‫عبد الملك بن مروان ـ الذي قام بترجمة رسائل أرسطو إلى اإلسكندر‪ ،‬وذلك من اللغة‬ ‫اليونانية إلى العربية‪.‬‬ ‫وفي خالفة هشام قام جبلة بن سالم بن عبد اهلل بترجمة كتابين عن تاريخ الفرس‬ ‫ً‬ ‫وأيضا قام واليه بشر بن صفوان بتوسعة مسجد عقبة بن‬ ‫وسياسات ملوكهم إلى العربية‪،‬‬ ‫نافع في القيروان وبنى له مئذنة من الحجر مربعة الشكل‪ ،‬ولما تولى عبيد اهلل بن الحباب‬ ‫ً‬ ‫على إفريقية بنى خمسة عشر صهريجا (ماجال) خارج سور القيروان لسقي األهالي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أول‬ ‫كان هشام أول من جعل للصدقات ديوانا مستقاًل عن ديوان الخارج‪،‬‬ ‫من أنشأ ديوان الطراز ـ يُشرف على نسج المالبس الرسمية ـ وقيل عبد الملك بن مروان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بناء مدينة الرصافة وملجأ يهرب إليه سليمان من الطاعون الذي تفشى في دمشق‬ ‫ً‬ ‫وأيضا بنى الحكم بن عوانة الكلبي والي السند مدينة المحفوظة‪،‬‬ ‫وابتنى له فيها قصرين‪،‬‬ ‫وبنى عمرو بن محمد بن القاسم الثقفي مدينة المنصورة في بالد السند‪ ،‬واستشهد عبد‬ ‫الرحمن الغافقي في معركة بالط الشهداء (توروبواتيه) في جنوب فرنسا ـ‪.‬‬ ‫والة األقاليم‪ :‬تولى إقليم الجزيرة محمد بن مروان بن الحكم من ‪96-74‬هـ‪-693/‬‬ ‫‪714‬م‪ ،‬وعهد هشام إلى مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بوالية إقليم الجزيرة في‬ ‫سنة ‪114‬هـ‪732/‬م وظل لغاية سنة ‪126‬هـ‪743/‬م‪ ،‬وهي السنة التي تولى فيها الخالفة‪.‬‬ ‫ولى هشام بن عبد الملك خالد بن عبد اهلل القسري على العراق في سنة ‪105‬هـ‪/‬‬ ‫‪723‬م وظل لغاية عزله سنة ‪120‬هـ‪737/‬م‪ ،‬وولى يوسف بن عمر فقام بسجن وتعذيب‬ ‫خالد ثم أطلق سراحه ورجع خالد إلى العاصمة وحاول الدخول على الخليفة هشام فلم‬ ‫يؤذن له‪.‬‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬في سنة ‪107‬هـ‪725/‬م ثار عباد الرعيني (المعافري) في اليمن‬ ‫واستطاع والي اليمن يوسف بن عمر الثقفي القضاء عليها‪.‬‬ ‫‪146‬‬ ‫احلمالت ضد البزينطيني‪ :‬معركة ربض أقرن (أكرونيون) سنة ‪122‬هـ‪740/‬م‬ ‫التي كانت بقيادة مسلمة بن هشام بن عبد الملك حاصر نيقية والطوانة وتقدم نحو عمورية‬ ‫ولكن اإلمبراطور ليو األيسوري تمكن من إيقاف تقدمهم وأصاب الجيش اإلسالمي من‬ ‫ً‬ ‫نقص األغذية والمؤن وغالء األسعار‪ ،‬فاضطروا للتراجع شرقا وجنوبًا‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬ولما تولى هشام بن عبد الملك الخالفة بدأ في البداية في معاملة‬ ‫حسنة لولي عهده الوليد بن يزيد‪ ،‬لكنه أراد خلعه وإسناد والية العهد إلى ابنه معاوية‪،‬‬ ‫ولما توفي معاوية أرادها البنه مسلمة فبدأ في تحقيره وحرمه من العطاء‪ ،‬فغادر الوليد‬ ‫ً‬ ‫الرصافة إلى واحة األزرق ـ في األردن اآلن) ـ مكانا لسكنه‪ ،‬وتوفي هشام دون أن يخلع‬ ‫ولي العهد‪ ،‬وتولى الخالفة الوليد بن يزيد في سنة ‪125‬هـ‪742/‬م‪.‬‬ ‫الوليد بن يزيد بن عبد امللك بن مروان (‪126‬هـ‪743/‬م)‬ ‫ولد بدمشق سنة ‪90‬هـ‪708/‬م‪ ،‬تولى الخالفة وعمره (‪ً )35‬‬ ‫ً‬ ‫كريما‬ ‫عاما‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شاعرا‪ ،‬زاد في أعطيات الجند والناس‪ ،‬أعطى العميان واجملذومين وجعل لكل واحدا‬ ‫ً‬ ‫خادما‪ ،‬اتهم بالفسق والفجور‪ ،‬باع التحف والطيب‪ ،‬عكف على شرب الخمر‪،‬‬ ‫منهم‬ ‫كان ينهى عن الغناء‪.‬‬ ‫عندما قتل الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك في َ‬ ‫البخراء ـ قرب تدمر ـ سنة‬ ‫ُ‬ ‫‪126‬هـ‪743/‬م أخرجت الكتب من مقر إقامته في األزرق (في األردن) وحملت على‬ ‫الدواب لكثرتها‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬أخذ الوليد بن يزيد بن عبد الملك البيعة بوالية العهد إلى ولده‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الحكم ـ كان ابن َ‬ ‫أمة ـ‪ ،‬وعثمان ـ كان ابن ح ّرة ـ على الرغم من صغر سنهما‪ ،‬وإن‬ ‫ُ‬ ‫الناس قد أنكروا البيعة البنيه ألنهما لم يحتلما‪ ،‬وكان رد الوليد‪> :‬أفأدخل بيني وبين ابني‬ ‫غيري‪ ،‬فيلقى منه كما لقيت من هشام بعد أبي<‪.‬‬ ‫سياسته الداخلية‪ :‬سلم خالد القسري إلى يوسف الثقفي فعذبه حتى مات سنة‬ ‫‪126‬هـ‪743/‬م بسبب رفض خالد القسري أن يبايع للحكم وعثمان أبناء الوليد مما أثار‬ ‫حنقه فسجنه وعذب من قبل يوسف‪.‬‬ ‫‪147‬‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬قيام الثورة ضده من قبل يزيد بن الوليد وسليمان بن هشام‬ ‫ً‬ ‫محذرا الذين هجموا عليه ليقتلوه‪:‬‬ ‫سنة ‪126‬هـ‪743/‬م فحوصر وقتل‪ ،‬وكان قد قال‬ ‫>أما واهلل ال يُرتق فتقكم‪ ،‬وال يُلم شعثكم‪ ،‬وال تجتمع كلمتكم<‪ ،‬وسجنوا ابني الوليد‬ ‫الحكم وعثمان‪.‬‬ ‫يزيد بن الوليد بن عبد امللك (‪126‬هـ‪743/‬م)‬ ‫كان من أُم اسمها شاهفرند بنت فيروز بن يزدجرد بن كسرى ـ وهي ً‬ ‫أيضا أم‬ ‫إبراهيم ووليا الخالفة ـ ولد سنة ‪90‬هـ‪708/‬م‪ ،‬كان يسمى الناقص ألنه أنقص أعطيات‬ ‫الجند وبسبب ذلك ثار عليه أهل حمص وفلسطين واألردن‪ ،‬بعد قتله للخليفة الوليد بن‬ ‫يزيد أعلن البيعة لنفسه وحاصر دمشق بقيادة عبد العزيز بن الحجاج‪ ،‬وبويع له بالخالفة‬ ‫ولكن خالفته لم تدم سوى (‪ )6‬أشهر‪ ،‬كان يتشبه بأبي بكر وعمر‪ ،‬أغدق األموال على‬ ‫القبائل اليمانية مما أدى إلى نفور القبائل المضرية وتدهور بيت المال‪.‬‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬ثورة أهل حمص وانضموا إلى يزيد بن خالد بن يزيد بن‬ ‫ً‬ ‫معاوية فسير إليهم جيشا بقيادة عبد العزيز بن الحجاج وآخر بقيادة سليمان بن هشام بن‬ ‫عبد الملك وقضى على ثورتهم‪.‬‬ ‫ثورة أهل فلسطين وبايعوا يزيد بن سليمان بن عبد الملك‪ ،‬وعين عليهم وضبعان‬ ‫بن روح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثورة أهل األردن وبايعوا محمد بن عبد الملك فسار إليهم جيشا بقيادة سليمان بن‬ ‫هشام بن عبد الملك فأخمد ثورتهم وعين عليها أخاه إبراهيم بن الوليد‪.‬‬ ‫ترضى مروان بن محمد أمير أرمينية وآذربيجان الذي سار إلى دمشق بأن أضاف‬ ‫إليه والية الموصل والجزيرة فرضي ورحل إلى أرمينية ـ ولما توفي الخليفة سار بجيشه‬ ‫إلى دمشق ـ‪.‬‬ ‫‪148‬‬ ‫والية العهد‪ :‬ولما بويع له بالخالفة‪ ،‬عقد والية العهد من بعده ألخيه إبراهيم بن‬ ‫الوليد ويليه عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بن مروان‪.‬‬ ‫إبراهيم بن الوليد بن عبد امللك بن مروان (‪126‬هـ‪743/‬م)‬ ‫ولما توفي يزيد بن الوليد بن عبد الملك سنة ‪126‬هـ‪743/‬م إثر مرض الطاعون‬ ‫ُ‬ ‫فخلفه أخوه إبراهيم ولكنه لم يهنأ بالخالفة فكان يُسلم عليه جمعة بالخالفة وجمعة‬ ‫باإلمرة وجمعة ال يسلمون عليه ال بالخالفة وال باإلمرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬أرسل جيشا إلى حمص بقيادة عبد العزيز بن الحجاج بن‬ ‫عبد الملك فحاصرها لغاية مسير مروان بن محمد فهرب وترك حصارها‪.‬‬ ‫سار مروان بن محمد من أرمينية إلى دمشق وطالب بإطالق سراح ابني الوليد‬ ‫الحكم وعثمان‪ ،‬أصدر إبراهيم أوامره بقتل الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد‪.‬‬ ‫خلع إبراهيم بن الوليد‪ :‬لم يهنأ إبراهيم بالخالفة إذ سرعان ما خرج عليه مروان بن‬ ‫ً‬ ‫مطالبا بدم‬ ‫محمد بن مروان بن الحكم ـ والي إقليم الجزيرة الفراتية وأرمينية وآذربيجان ـ‬ ‫الخليفة المقتول الوليد بن يزيد‪ ،‬وإطالق سراح ابنيه الحكم وعثمان وسار إلى دمشق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فأمر إبراهيم بقتل الحكم وعثمان وجهز جيشا بقيادة سليمان بن هشام بن عبد الملك‬ ‫فوقعت بينهما معركة عين الجر ـ قرب بعلبك ـ سنة ‪126‬هـ‪743/‬م وانتهت عن أسر‬ ‫سليمان ومقتل عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك وأسر الخليفة إبراهيم الذي خلع‬ ‫نفسه وبايع مروان بن محمد بالخالفة‪.‬‬ ‫مروان بن حممد (‪132-126‬هـ‪751-744/‬م)‬ ‫كان أحزم بني أمية‪ ،‬وأنجدهم وأبلغهم‪ ،‬نقل العاصمة إلى مدينة حران في إقليم‬ ‫ً‬ ‫قصرا ـ مما جعل أهل الشام يتخاذلون في نصرته‪ ،‬ولد‬ ‫الجزيرة الفراتية ـ وابتنى له فيها‬ ‫ُ‬ ‫سنة ‪73‬هـ‪692/‬م وأمه أم ولد كردية‪.‬‬ ‫لقبه‪ :‬لقب بالحمار لصبره على مكاره الحزن‪ ،‬ولقب بالجعدي نسبة إلى مؤدبه‬ ‫الجعد بن درهم‪ ،‬شهرته‪ :‬اشتهر بالدهاء والتقشف‪.‬‬ ‫‪149‬‬ ‫لما انتصر مروان في معركة عين الجر‪ ،‬دخل دمشق وبويع له بالخالفة عام‬ ‫ً‬ ‫وفرسا عربية وبغلة لثقله لكل جندي من أهل‬ ‫‪127‬هـ‪744/‬م‪ ،‬كان يعطي مائة دينار‬ ‫الشام الذين سيرهم لقتال أبي حمزة المختار بن عوف األزدي في الحجاز واليمن‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬في حران بايع لوالية عهده البنيه عبيد اهلل وعبد اهلل ولكن لم يتم‬ ‫لهما األمر لقتل مروان وسقوط الدولة األموية‪.‬‬ ‫حركات املعارضة‪ :‬قام المهير بن سلمى بن هالل الحنفي بالثورة باليمامة ضد‬ ‫الوالي علي بن مهاجر الكالبي سنة ‪126‬هـ‪744/‬م‪ ،‬وسيطر على اليمامة بعد هزيمة‬ ‫واليها‪ ،‬وفي سنة ‪129‬هـ‪746/‬م سار إليه المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري‬ ‫وبسط السيادة األموية لغاية قدوم الوالي العباسي السري بن عبد اهلل الهاشمي سنة‬ ‫‪132‬هـ‪751/‬م‪.‬‬ ‫ثورة عبد هللا بن حيىي الكندي‪ :‬باليمن بمساعدة أبو حمزة المختار بن عوف‬ ‫األزدي بالبصرة وأعلن عبد اهلل الثورة في سنة ‪129‬هـ‪747/‬م وهزم الوالي القاسم بن‬ ‫عمر الثقفي واستولى على صنعاء وعلى بيت المال وهرب الوالي القاسم إلى الشام‪ ،‬وفي‬ ‫سنة ‪130‬هـ‪748/‬م سار محمد بن عطية السعدي إلى صنعاء وقتل عبد اهلل ثم زحف‬ ‫نحو حضرموت ولكن األوامر من محمد بن مروان صدرت إليه بالتوجه إلى مكة ليؤم‬ ‫ُ‬ ‫الحجيج وفي طريق العودة قتل‪.‬‬ ‫ثورة طالب احلق‪ :‬عبد اهلل بن يحيى الكندي في حضرموت واليمن سنة‬ ‫‪130‬هـ‪748/‬م‪ ،‬وهزم وأخمدت ثورته‪.‬‬ ‫حملته ضد البزينطيني‪ :‬وفي سنة ‪130‬هـ‪747/‬م حدثت معركة بحرية بين‬ ‫األسطول اإلسالمي والبيزنطي قرب جزيرة قبرص انتهى لصالح البيزنطيين وبالتالي أعادة‬ ‫سيطرتهم على البحر المتوسط ثانية‪.‬‬ ‫مقتله ونهاية الدولة األموية‪( :‬معركة الزاب)‪ :‬كانت بين القوات العباسية بقيادة‬ ‫‪150‬‬ ‫عبد اهلل بن علي بن عبد اهلل بن العباس وقوات مروان بن محمد على ضفاف نهر الزاب‬ ‫األعلى قرب الموصل سنة ‪132‬هـ‪750/‬م فهزم مروان وتقهقر إلى الموصل ثم إلى‬ ‫حران ثم إلى حمص فدمشق ثم إلى فلسطين ومنها إلى مصر ولكن الجيوش العباسية‬ ‫طاردته بقيادة صالح بن علي بن عبد اهلل بن العباس وتمكنت من قتله ببلدة بوصير ـ قرب‬ ‫ً‬ ‫حاليا ـ في شهر ذي الحجة من عام ‪132‬هـ‪/‬أغسطس ‪750‬م‪ ،‬وبمقتله انتهت‬ ‫الجيزة‬ ‫الدولة األموية‪.‬‬ ‫أسباب سقوط الدولة األموية‪:‬‬ ‫•تعصب بعض خلفاء بني أمية للعرب مما جعل المسلمين من الوالي وغيرهم‬ ‫في األقاليم المفتوحة إلى مناصرة حركات الثورة ضد األمويين‪.‬‬ ‫•والية العهد وعدم وضع نظام سياسي لتعاقب منصب الخالفة‪.‬‬ ‫•ثورات العلويين والخوارج أدت إلى إضعاف الدولة األموية‪.‬‬ ‫•حياة البذخ والترف لبعض الخلفاء األمويين‪.‬‬ ‫•التنازع بين أبناء البيت األموي مما أدى إلى افتراق وحدتهم‪.‬‬ ‫العصر العباسي األول (‪232-132‬هـ = ‪847-750‬م)‬ ‫•أبو العباس السفاح‪ ،‬عبداهلل‪136-132 :‬هـ = ‪754-750‬م‪.‬‬ ‫•أبو جعفر المنصور‪ ،‬عبداهلل‪158-136 :‬هـ = ‪775-734‬م‪.‬‬ ‫•المهدي‪ ،‬محمد‪169-158 :‬هـ = ‪785-775‬م‪.‬‬ ‫•الهادي‪ ،‬موسى‪170-169 :‬هـ = ‪786-785‬م‪.‬‬ ‫•هارون الرشيد‪193-170 :‬هـ = ‪809-786‬م‪.‬‬ ‫•األمين‪ ،‬محمد‪198-193 :‬هـ = ‪813-809‬م‪.‬‬ ‫•المأمون‪ ،‬عبداهلل‪218-198 :‬هـ = ‪833-813‬م‪.‬‬ ‫•المعتصم‪ ،‬محمد‪227-218 :‬هـ = ‪842-833‬م‪.‬‬ ‫•الواثق‪ ،‬هارون‪232-227 :‬هـ = ‪846-842‬م‪.‬‬ ‫‪153‬‬ ‫التنظيم السري (‪128-100‬هـ = ‪745-718‬م)‬ ‫ُ‬ ‫مركز الدعوة الحميمة ـ موقعها شرقي األردن‪ ،‬أقطعها الخليفة األموي الوليد‬ ‫بن عبد الملك بن مروان لعلي بن عبد اهلل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن‬ ‫عبد مناف‪ ،‬والشعار‪> :‬الرضا من آل محمد< يعني لشخص معين من آل البيت‪.‬‬ ‫سموا أنفسهم بالهاشميين‪ ،‬وهي كلمة عامة تنسب للشيعة الكيسانية‪ ،‬وقد تنسب‬ ‫ً‬ ‫أيضا لإلمام أبي هاشم بن محمد بن الحنفية‪ ،‬أو لهاشم بن عبد مناف جد الجميع‪،‬‬ ‫والشيعة الكيسانية ال يقتنعون بتنازل أبي هاشم محمد بن الحنفية لعلي بن عبد اهلل بن‬ ‫العباس وابنه محمد‪.‬‬ ‫الدعوة العباسية بدأت شيعية في األصل‪ ،‬ثم تحولت بعد نجاحها إلى خالفة‬ ‫سنية‪ ،‬وبرر العباسيون عدم أحقية آل علي بقولهم‪ :‬إنكم بنو بنته وال يجوز لها الميراث‬ ‫وال ترث وال يجوز لها اإلمامة‪ ،‬فكيف تورث بها‪.‬‬ ‫نشر الدعوة‪ :‬أقام علي بن عبد اهلل بن العباس وابنه محمد بالحميمة وقد أنجب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بها (‪ )22‬ولد ذكر و(‪ )11‬بنتا‪ ،‬ومن أشهر أبنائه محمد الذي أظهر طموحا نحو الخالفة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منظما لنيلها وهو أول من تطلع إلى الظفر بالخالفة وبدأ بالتنظيم‬ ‫سعيا سريًا‬ ‫وسعى‬ ‫العقائدي السري‪.‬‬ ‫إن اإلمام أبا هاشم عبد اهلل بن محمد بن الحنفية ـ نسبه إلى أمه خولة بنت قيس بن‬ ‫جعفر الحنفي ـ بن علي بن أبي طالب ـ إمام الشيعة الكيسانية‪ :‬نسبة إلى عمرو بن كيسان‬ ‫قائد حرس المختار بن عبيد اهلل الثقفي والملقب بالمهدي ـ الذي آلت إليه األمر بعد‬ ‫مقتل محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية‪ ،‬فمكث فيه خمس سنوات‬ ‫ً‬ ‫مسموما‬ ‫حتى زار الخليفة سليمان بن عبد الملك‪ ،‬ولما خرج دس من تعقبه وسقاه لبنًا‬ ‫وشعر أبو هاشم عبد اهلل بن محمد بأعراض السم تسري في جسده‪ ،‬وكان بالقرب من‬ ‫الحميمة فنزل بها عند علي بن عبد اهلل بن العباس وأوصى باألمر من بعده لعلي بن‬ ‫‪154‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أعلمه كيف يتصل‬ ‫عبد اهلل ألنه ال عقب له وأعلمه أن الخالفة صائرة إلى ولده‬ ‫بالدعاة ثم مات عنده ـ وفي سنة ‪100‬هـ‪718/‬م بدأ في إصدار أوامره إلي الدعاة في‬ ‫العراق وخراسان في خالفة عمر بن عبد العزيز ـ‪ .‬وكان أبو هاشم قد أبلغ شيعته من‬ ‫أهل العراق وخراسان عند ترددهم عليه أن األمر صائر إلى ولد علي بن عبد اهلل وأمرهم‬ ‫بقصده بعده وأمد علي وابنه محمد بأسماء دعاة الشيعة في الكوفة وخراسان وأراه كتبهم‬ ‫ً‬ ‫إليه توكيدا لوصيته وعلى أساس هذه الوصية ورث علي وابنه محمد بن علي بن عبد اهلل‬ ‫بن العباس حق الكيسانية في اإلمامة‪ ،‬فما كاد ابو هاشم يموت في سنة ‪96‬هـ‪714/‬م‬ ‫حتى قصده دعاة الشيعة وبايعوه ثم عادوا إلى مراكزهم في نشر الدعوة‪ ،‬ولما توفي علي‬ ‫بن عبد اهلل (ت‪118‬هـ‪736/‬م) انتقلت الدعوة إلى ابنه محمد بن علي بن عبد اهلل بن‬ ‫العباس (ت‪125‬هـ‪742/‬م) بعد أن كان قد وضع مبادئ دعوة بني العباس فخلفه ابنه‬ ‫إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اهلل بن العباس الذي اتصل به عبد الرحمن وكنيته أبو‬ ‫ً‬ ‫رئيسا للدعاة في خراسان سنة ‪129‬هـ‪747/‬م‪ ،‬وكان‬ ‫مسلم الخراساني من الكوفة وواله‬ ‫ً‬ ‫والي خراسان نصر بن سيار الذي كتب إلى الخليفة مروان بن محمد يطلب منه مددا‬ ‫ً‬ ‫شعرا‪:‬‬ ‫وأنشده‬ ‫أرى بيــن الرمــاد وميــض حمر‬ ‫يوشــك أن يكــون لــه ضــرام‬ ‫غير أن الخليفة األموي مروان بن محمد كان مشغواًل بإخماد ثورات الخوارج في‬ ‫العراق والجزيرة الفراتية واليمن والحجاز فرد عليه >احفظ ناحيتك بجندك<‪ ،‬وأضاف‬ ‫>إن الشاهد يرى ما ال يرى الغائب فاحسم الثؤلول ـ الثؤلول‪ :‬خراج أو حبة تظهر في‬ ‫الجلد كالحمصة ـ من قبلك<‪ ،‬ولكنه في الوقت نفسه أخذ يبحث عن الهاشمي وتوصل‬ ‫عن طريق خطاب مرسل من اإلمام إبراهيم إلى أبي مسلم يأمره بتشديد الوطأة على من‬ ‫يتكلم العربية‪ ،‬فوقع في يده فأمر بالقبض على إبراهيم وسجنه في مدينة حران شمال‬ ‫ً‬ ‫مسموما فأوصى ألخيه أبي العباس عبد اهلل بن محمد السفاح باإلمامة‬ ‫الشام حيث مات‬ ‫سرا عن جميع القواد والشيعة ً‬ ‫وأمره بالمسيرة من الحميمة إلى الكوفة‪ ،‬فسار إليها ً‬ ‫نحوا‬ ‫من شهرين‪ ،‬وقيل أربعين ليلة وفي خالل هذه الشهرين كانوا نازلين بدار أحد الموالي‬ ‫‪155‬‬ ‫لغاية أن تقدمت الجيوش العباسية من خراسان بعد هزيمة واليها نصر بن سيار سنة‬ ‫‪131‬هـ‪748/‬م وفراره إلى العراق ولكنه مات في الطريق‪ ،‬ثم واصلت جيوش أبو مسلم‬ ‫تقدمها نحو العراق وسلم عامل الكوفة محمد بن خالد بن عبد اهلل القسري المدينة‬ ‫لهم‪ ،‬وهنا يظهر أبو العباس من مخبئه ويدخل المسجد الجامع بالكوفة‪ ،‬ثم يخطب في‬ ‫يوم الجمعة من شهر ربيع الثاني سنة ‪132‬هـ‪749/‬م خطبته بفضائل أهل البيت وحقهم‬ ‫ً‬ ‫مريضا‪.‬‬ ‫الشرعي في الخالفة وأكمل الخطبة عمه داود بن علي ألن أبي العباس السفاح كان‬ ‫مراكز نشر الدعوة‪ :‬العراق وخراسان‪ ،‬ومن دعاة العراق‪ :‬ميسرة العبدي (‪-102‬‬ ‫موسرا نظم الدعوة زهاء (‪ً )22‬‬ ‫ً‬ ‫عاما‪ ،‬وبكير بن ماهان‬ ‫‪105‬هـ = ‪723-720‬م)‪ :‬كان‬ ‫(‪127-105‬هـ = ‪744-723‬م)‪ :‬لما توفي خلفه صهره أبو سلمة الخالل (‪132-127‬هـ‬ ‫= ‪749-744‬م)‪ :‬واسمه حفص بن سليمان الفارسي‪.‬‬ ‫دعاة خراسان‪ :‬أبو عكرمة السراج‪ :‬وهو أبو محمد الصادق‪ ،‬ومحمد بن خنيس‪:‬‬ ‫قتلهما أسد بن عبد اهلل القسري والي العراق‪ ،‬وشى بهما رجل من كندة إليه‪ ،‬وحيان‬ ‫العطار‪ ،‬وزياد أبو محمد‪ ،‬وسليمان بن كثير‪ ،‬ومالك بن الهيثم‪ ،‬وعمار العبدي‪.‬‬ ‫فكان عدد الدعاة عشرة يبلغون أخبارهم إلى القائم بالكوفة‪ ،‬وهو بدوره يبلغها‬ ‫إلى اإلمام بالحميمة‪ ،‬ولكل داعية (‪ً )12‬‬ ‫نقيبا يأتمرون بأمر الدعاة ويجهلون إمام الوقت‪،‬‬ ‫ولكل نقيب سبعون عاماًل والعمال يشرفون على الخاليا السرية‪ ،‬وقد لقي الدعاة‬ ‫والدعوة في والية أسد بن عبد اهلل القسري محنة كبيرة ولم تتقدم إال بعد وفاته سنة‬ ‫‪120‬هـ‪737/‬م‪ ،‬وكان دعاة الدعوة يتنكرون في ثياب التجار أو الحرفيين أو المؤدبين أو‬ ‫المتصوفة‪ ،‬ثم يندسون بين الناس دون أن يعرفهم أحد‪ ،‬ومقابلة كبارهم من قبل اإلمام‬ ‫في موسم الحج‪.‬‬ ‫التنظيم العسكري‪ :‬الطور العسكري (‪132-129‬هـ = ‪750-746‬م)‬ ‫مركز انطالقه خراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني ـ واسمه عبد الرحمن ـ سنة‬ ‫‪129‬هـ‪746/‬م‪ ،‬وهي السنة التي اتصل بها أبو مسلم الخراساني باإلمام إبراهيم بن‬ ‫‪156‬‬ ‫ً‬ ‫رئيسا للدعاة‪ ،‬وكللت جهود أبي مسلم‬ ‫محمد بن علي بن عبد اهلل بن العباس وعينه‬ ‫بالنجاح بمساعدة الموالي الذين تدفقوا من كل جانب على خراسان وانضموا إلى دعاة‬ ‫العباسين‪ ،‬وتمكن من استمالة اليمنية أعداء األمويين في خراسان‪ ،‬وبعث نصر بن سيار‬ ‫ً‬ ‫عدة رسائل متتابعة إلى مروان بن محمد مستغيثا فلم تأته نجدة‪ ،‬ولكن الخليفة قبض على‬ ‫ً‬ ‫مسموما فأوصى ألخيه أبي العباس عبد اهلل‬ ‫إبراهيم وسجنه في مدينة حران حيث مات‬ ‫بن محمد باإلمامة وطلب منه مغادرة الحميمة إلى الكوفة فساروا إليها ً‬ ‫سرا ونزلوا بدار‬ ‫أحد الموالي وكتم أبو سلمة الخالل أمرهم عن جميع القواد والشيعة ً‬ ‫نحوا من شهرين‬ ‫وقيل أربعين ليلة إلى أن تم لهم األمر‪ ،‬وفي خالل هذين الشهرين استطاع أبو مسلم‬ ‫بما تجمع لديه من جيوش بأن يهزم نصر وأن يستولي على مرو سنة ‪131‬هـ‪748/‬م‪،‬‬ ‫وهرب نصر إلى العراق ولكنه مات في الطريق بنواحي الري في سنة ‪131‬هـ‪748/‬م‪،‬‬ ‫واصلت جيوش أبو مسلم زحفها نحو العراق بقيادة قحطبة بن شبيب الطائي ومعه ابنه‬ ‫الحسن واضطر عامل العراق يزيد بن هبيرة إلى االنسحاب والتقهقر نحو مدينة واسط‬ ‫جنوبي العراق والتحصن بها‪ ،‬فسار الحسن بن قحطبة إلى الكوفة لمالقاة عامل الكوفة‬ ‫محمد بن خالد بن عبد اهلل القسري‪ ،‬الذي استسلم سلم لهم المدينة‪ ،‬وهنا يخرج‬ ‫أتباع العباسين أبو العباس ومعه كبار بني هاشم من ولد العباس‪ ،‬ومن بينهم أخوه أبو‬ ‫جعفر وابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن العباس عم السفاح ورفع العلم‬ ‫األسود‪ ،‬وبايعوا أبا العباس في أواخر سنة ‪132‬هـ‪750/‬م‪ ،‬ثم يخطب أبو العباس‬ ‫ً‬ ‫السفاح في يوم الجمعة من شهر ربيع الثاني سنة ‪132‬هـ‪750/‬م موضحا فيها فضائل‬ ‫أهل البيت وحقهم الشرعي في الخالفة وأكمل الخطبة عمه داود بن علي ألن أبي العباس‬ ‫ً‬ ‫مريضا‪ ،‬فأرسل أبو العباس السفاح عمه عبد اهلل بن علي لقتال مروان بن محمد على‬ ‫كان‬ ‫ضفاف نهر الزاب األعلى ـ أحد روافد دجلة من جهة الشرق ـ بالقرب من الموصل في‬ ‫معركة الزاب حيث التقيا لمدة يومين في جمادى اآلخرة سنة ‪132‬هـ‪750/‬م وانتهت‬ ‫بانتصار الجيش العباسي وفر مروان إلى الموصل ثم عبر نهر الفرات إلى حران والموصل‬ ‫واألردن وفلسطين إلى مصر‪ ،‬فلحقته الجيوش العباسية بقيادة صالح بن علي عند بلدة‬ ‫‪157‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بوصير باألشمونين (مصر الوسطى) من أعمال الفيوم حيث هزم مروان وقتل في أواخر‬ ‫ُ‬ ‫سنة ‪132‬هـ‪750/‬م‪ ،‬وأرسل رأسه إلى السفاح بالكوفة‪ ،‬ولما قتل مروان رأى يزيد بن‬ ‫هبيرة المتحصن في واسط ال فائدة من المقاومة فوافق على التسليم مقابل تامين حياته‬ ‫فوافق أبو جعفر ولكنه فيما بعد غدر به وقتله‪.‬‬ ‫الدعوة العباسية‪ :‬عمدت إلى نشر فكرة أن كل رجل ال ينتسب إلى البيت‬ ‫ً‬ ‫مغتصبا لحق غيره‪ ،‬وإنهم يحكمون بتفويض من اهلل ال من‬ ‫الملكي ويتولى الملك يعتبر‬ ‫الشعب في العبارة التي قالها أبو جعفر المنصور‪> :‬إنما أنا سلطان اهلل في أرضه<؛ ولذا‬ ‫ظل الخليفة في العصر العباسي مصدر قوة ومرجع جميع األوامر المتعلقة بإدارة الدولة‪.‬‬ ‫كان الخلفاء العباسيون يرتدون بردة النبي ! ـ البردة‪ :‬رداء من الصوف يسدل‬ ‫على الكتفين‪ ،‬اشتراها معاوية من ولد كعب الذي منحه النبي ! بردته عندما مدحه في‬ ‫قصيدة بانت سعاد وظل خلفاء بني أمية يتداولونها‪ ،‬ثم انتقلت إلى خلفاء بني العباس‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وحاليا هي بمدينة القسطنطينية ـ عند توليتهم‬ ‫وحاول هوالكو حرقها ولكنها أنقذت‪،‬‬ ‫الخالفة وفي صالة الجمعة والعيدين وفي المناسبات الدينية على اعتبار أنهم ينوبون عنه‬ ‫ً‬ ‫في حكم المسلمين‪ ،‬تلقب الخلفاء العباسيون بلقب >إمام< توكيدا للمعنى الديني فجذبوا‬ ‫الفقهاء والعلماء‪ ،‬لقد اصطنع العباسيون األحاديث النبوية الموضوعة أن المهدي المنتظر‬ ‫منهم لخالص الناس إلى حياة أفضل‪.‬‬ ‫الشيعة يرون أنهم أحق بالخالفة؛ ألنهم أوالد الرسول ! من ابنته فاطمة‪ ،‬بينما‬ ‫يرى العباسيون أن أباهم العباس بن عبد المطلب هو عم النبي !‪ ،‬والعم في الميراث‬ ‫مقدم على ابن البنت فهم أولى بالخالفة من آل علي (العلويين‪ ،‬والشيعة)‪.‬‬ ‫هذين الرأيين المتضادين أدى إلى توتر العالقات وبالتالي لجأ العلويين إلى الثورات‬ ‫ضد العباسين الذين جهدوا في إخمادها‪ ،‬حكمت قرابة ‪ً 524‬‬ ‫عاما من ‪565-132‬هـ =‬ ‫‪1258-750‬م‪ ،‬وابتدأت بأبي العباس السفاح وانتهت بوفاة المستعصم‪.‬‬ ‫‪158‬‬ ‫أبو العباس السفاح (‪136-132‬هـ = ‪753-749‬م)‬ ‫هو أبو العباس‪ ،‬عبد اهلل بن محمد بن علي بن عبد اهلل بن عباس بن عبد المطلب‬ ‫بن هاشم‪ ،‬ولد من أم عربية اسمها ريطة الحارثية‪ ،‬بويع بالخالفة بالكوفة في ربيع الثاني‬ ‫ُ‬ ‫وصلى بالناس الجمعة فلما بلغ مروان بن محمد سار لقتاله فهزم ثم قتل‪.‬‬ ‫لقب بالسفاح‪ :‬أنه في صبيحة اليوم التالي لخالفته في مسجد الكوفة خطب‬ ‫ُ‬ ‫وأطنب في مدح أهل الكوفة وزاد في أعطياتهم مائة درهم‪ ،‬وختم خطبته بقوله‪> :‬أنا‬ ‫السفاح المبيح‪ ،‬والثائر المنيح<‪.‬‬ ‫عالقته بالبزينطيني‪ :‬استغلت الدولة البيزنطية من االضطرابات ومن تقاتل‬ ‫األمويين والعباسين فهاجمت المناطق الشمالية للدولة االسالمية وهي منطقة الثغور‬ ‫(العواصم) بقيادة االمبراطور قسطنطين الخامس‪ ،‬فأرسل عمه عبد اهلل بن علي والي‬ ‫الشام على رأس حملة عسكرية لتأمين الحدود فاتجه شمااًل سنة ‪136‬هـ‪753/‬م عند‬ ‫حران بالجزيرة‪ ،‬ولكنه توقف حينما علم بموت الخليفة وأخذ يستعد لمحاربة أبي جعفر‬ ‫المنصور وانتزاع الخالفة منه‪.‬‬ ‫عالقته بالصني‪ :‬في سنة ‪134‬هـ‪751/‬م استطاعت جيوش أبي مسلم الخراساني‬ ‫أن تهزم الجيوش الصينية التي أخذت تتدخل في بالد تركستان وقد استطاعت الجيوش‬ ‫الحد من الهجمات وعادت محملة بالغنائم من متاع الصين واألواني الخزفية المنقوشة‬ ‫ُ ُّ‬ ‫والديباج المزخرف مما صرف الصينيين عن التدخل في بالد ما وراء النهر وت ِعد معركة‬ ‫>طراز< نهاية تعرض الدولة الصينية لبالد ما وراء النهر‪.‬‬ ‫في عهده أصبح الناس يخطبون وهم وقوف بعد أن كانوا يخطبون وهم قعود‪،‬‬ ‫وكان يميل إلى تشجيع األدب والشعر وسماع الغناء ويجزل لهم العطاء‪ ،‬وكان من‬ ‫أسخى الناس‪ ،‬ما وعد عدة فأخرها عن وقتها‪ ،‬وال قام من مجلسه حتى يقضيها‪ ،‬واتسم‬ ‫بحب المسامرة‪ ،‬وأرسل هدية إلى الكعبة وهي الصفحة الخضراء وعلقت بالكعبة‪ ،‬وأمر‬ ‫ببناء القصور في طريق الحاج إلى مكة‪.‬‬ ‫‪159‬‬ ‫في سنة ‪134‬هـ‪752/‬م أمر الخليفة السفاح بوضع األميال وبناء المنار على طريق‬ ‫الكوفة ـ مكة‪ ،‬وإيقاد النار عليها لياًل‪ ،‬وأقيمت على الطريق عالمات ومنارات لتوضيح‬ ‫ُ‬ ‫مسار الدرب‪ ،‬وأمر ببناء القصور على طريق الكوفة من القادسية إلى زبالة‪.‬‬ ‫الثورات‪ :‬ثورة أهل قرقيسياء والرقة ودارا وماردين والرها وسميساط واستمرت‬ ‫لغاية خالفة أبي جعفر المنصور‪.‬‬ ‫•ثورة حبيب بن مرة المري في إقليم البثنية بحوران وفلسطين‪.‬‬ ‫•ثورة ابن إسحاق بن مسلم أحد قواد مروان بن محمد بالجزيرة شمال العراق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وعند قيام الدولة العباسية وجه أبو مسلم الخراساني جيشا بقيادة مغلس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العبدي إلى السند‪ ،‬فالتقى مع منصور بن جمهور هزم وأسر وقتل مغلس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأرسل جيشا آخر بقيادة موسى بن كعب في سنة ‪134‬هـ‪751/‬م حيث التقى‬ ‫ً‬ ‫مع منصور انتهت بهزيمة منصور وفراره‪ ،‬فمات في البرية عطشا وأعاد النفوذ‬ ‫العباسي‪.‬‬ ‫•ثورة أبي الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكالبي في قنسرين‬ ‫فسار إليه عبد اهلل بن علي العباسي‪ ،‬ثم تزعمها من بعده أبو محمد السفياني‬ ‫عبد اهلل بن يزيد بن معاوية المعروف بالسفياني بدمشق فبعد القضاء على ثورة‬ ‫ُ‬ ‫أبي الورد سار إلى دمشق ففر إلى تدمر‪ ،‬ثم إلى الحجاز حتى قتل في خالفة‬ ‫أبي جعفر المنصور‪.‬‬ ‫•ثورة بالجزيرة‪ ،‬فأرسل أبا جعفر المنصور عمه عبد اهلل بن علي للقضاء عليها‬ ‫وظل أبو جعفر ً‬ ‫واليا على الجزيرة حتى تولى الخالفة‪.‬‬ ‫•خروج المسلمين من مدينة ناربونة ـ مركز إقليم سبتمانيا ـ إلى األبد في سنة‬ ‫‪133‬هـ‪750/‬م‪.‬‬ ‫•عبد اهلل بن علي عم السفاح وكان ً‬ ‫واليا على الشام‪ ،‬وكان قد اشتهر بالقسوة والبطش‬ ‫بين ألوف من األمويين وأنصارهم في مذبحة نهر أبي فطرس بين فلسطين واألردن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بساطا وأخذ يتناول طعام الغداء‪ ،‬ثم حفر ً‬ ‫بئرا وألقاهم فيه‪.‬‬ ‫ثم فرش عليهم‬ ‫‪160‬‬ ‫َ َّ‬ ‫•ضايق أبو مسلم وحد من نفوذه في موسم الحج ‪136‬هـ‪753/‬م حينما خرج‬ ‫معه عشرة آالف جندي فأمره باصطحاب ألف فقط كما أوعز إلى أخيه أبو‬ ‫جعفر بأن يحج كي تكون له إمارة الحج فقال أبو مسلم‪> :‬أما وجد أبو جعفر‬ ‫ً‬ ‫عاما يحج فيه غير هذا<‪.‬‬ ‫عند وفاته أوصى أن تكون الخالفة من بعده ألخيه أبي جعفر ومن بعده لعيسى بن‬ ‫موسى بن محمد بن علي‪ ،‬دفن في مدينة األنبار‪.‬‬ ‫الوزراء‪ :‬في عهده استحدث نظام الوزارة ألول مرة وأول من توالها هو أبو سلمة‬ ‫الخالل >وزير آل محمد<‪ ،‬ومهمة الوزير هي تنفيذ أوامر الخليفة‪ ،‬وبعده أبا الجهم‪ ،‬ثم‬ ‫خالد بن برمك‪.‬‬ ‫العاصمة‪ :‬الكوفة‪ ،‬ثم الهاشمية وهي قريبة من الكوفة سنة ‪132‬هـ‪749/‬م‪ ،‬ثم‬ ‫األنبار‪ :‬وهي تقع شمالي الكوفة على الضفة اليسرى لنهر الفرات في الشمال الشرقي‬ ‫للعراق على بعد ‪ 68‬كيلو متر من بغداد ـ واألنبار كلمة فارسية تعني السوق أو مخزن‬ ‫الغالل ـ‪ ،‬وانتقل إليها الخليفة في سنة ‪134‬هـ‪751/‬م‪ ،‬ثم بنى بجوارها مدينة عرفت‬ ‫بهاشمية األنبار وأقام بها حتى وفاته‪.‬‬ ‫أمراء األقاليم‪ :‬داود بن علي وكان يحكم الحجاز واليمن‪ ،‬وسليمان بن علي‬ ‫واليا على البصرة وأعمالها كالبحرين وعُمان‪ ،‬وإسماعيل بن علي وكان ً‬ ‫وكان ً‬ ‫واليا على‬ ‫األهواز‪ ،‬وصالح بن علي وكان ً‬ ‫واليا على مصر‪.‬‬ ‫القضاء على األحياء من بني أمية ومصادرة أموالهم‪ ،‬وكذلك األموات بالتمثيل‬ ‫بجثة الموتى وإحراقها فنبش قبور خلفاء بني أمية معاوية وابنه يزيد وعبد الملك بن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مروان كما ضربت جثة هشام بالسياط‪ ،‬وقد قتل حوالي ‪ 90‬من بني أمية في عهده‪.‬‬ ‫الغدر بمن تم تأمين�ه‪ :‬مثال‪ :‬ابن هبيرة قائد جيوش مروان كان في واسط فحاصره‬ ‫أبو سلمة الخالل ثم أرسل أخاه المنصور فحاصره فأوصى أبا جعفر في الصلح على‬ ‫األمان وتسليم ابن هبيرة كتابًا بذلك يحمل إمضاء الخليفة ولكن لم تمض على ذلك‬ ‫بضعة أيام حتى قتل ابن هبيرة‪.‬‬ ‫‪161‬‬ ‫قتل وزيره أبا سلمة الخالل ولقيه وزير آل محمد الذي تعمد على تحويل الخالفة‬ ‫إلى العلويين فأرسل إليه أبو مسلم رجااًل من أهل خراسان فقتلوه لياًل وادعى السفاح أن‬ ‫الخوارج هم الذين قتلوه‪.‬‬ ‫أبو جعفر املنصور (‪158-136‬هـ = ‪744-753‬م)‬ ‫ُ‬ ‫هو أبو جعفر‪ ،‬عبد اهلل بن محمد بن علي بن عبد اهلل بن عباس‪ ،‬كان من أم ولد‬ ‫اسمها سالمة‪.‬‬ ‫لقبه‪ :‬أبا الدوانيق أو الدوانيقي ـ الدانق هو سدس الدرهم‪ ،‬والدينار عشرون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا لحرصه على ادخار‬ ‫درهما ـ نسبة لحرصه على أصغر عمله في العراق وهي الدانق‬ ‫األموال واالقتصاد في النفقات والتدقيق في األمور المالية‪ ،‬فكان يشرف بنفسه على مالية‬ ‫الدولة وينفق منها ويدقق في عملية الصرف‪.‬‬ ‫•ضرب أبا حنيفة النعمان بن ثابت ألنه رفض أن يتولى القضاء ثم سجن‪،‬‬ ‫فمات بعد أيام‪ ،‬وقيل إنه قتله بالسم بكونه أفتى بالخروج عليه‪.‬‬ ‫•البعد عن اللهو والترف واتّسامه بالزهد ول ْب َ‬ ‫س الخشن من المالبس‪ ،‬ولم يكن‬ ‫ِ‬ ‫بشرب وال غناء بل يجلس وبينه وبين الندماء ستارة وبينهم وبينها‬ ‫يظهر لندمائه‬ ‫ٍ‬ ‫عشرون ذراعًا وبينهما وبينه كذلك‪.‬‬ ‫•لقب نفسه في سنة ‪145‬هـ‪762/‬م بالمنصور ألنه انتصر فيها على جميع‬ ‫الثورات‪ ،‬ميله إلى سفك الدماء‪ ،‬وأول خليفة قرب المنجمين‪.‬‬ ‫•انتقل من هاشمية الكوفة إلى المدائن ثم إلى بغداد‪.‬‬ ‫•في خالفة أبي جعفر المنصور ترجم عبد اهلل بن المقفع (ت‪142‬هـ‪759/‬م)‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ود ْمنَة‪ ،‬وكتاب التاج في سيرة‬ ‫ليلة‬ ‫ك‬ ‫كتاب خداي نامه (سير الملوك)‪ ،‬وكتاب‬ ‫ِ‬ ‫أنوشروان من الفارسية إلى العربية‪ ،‬وكتاب السند هند‪ ،‬وكتاب أقليدس في‬ ‫الهندسة‪ ،‬وترجم حنين بن إسحاق كتب بقراط وجالينوس في الطب من‬ ‫الفارسية واليونانية إلى العربية‪ ،‬وكان الخليفة أبو جعفر المنصور هو أول من‬ ‫‪162‬‬ ‫بدأ النَّقل‪ ،‬والذي يقال إنه كان أعلم من في عصره‪ ،‬وفي عهده شرع علماء‬ ‫اإلسالم في تدوين العلوم وقبله كان األئمة يتكلمون من حفظهم‪ ،‬فصنف في‬ ‫الحديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والتاريخ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صاحب الربيد‪ :‬استخدمه المنصور عيونا له وعونا في اإلشراف على أمور دولته‬ ‫ووقف بواسطتهم على أعمال الوالة وعلى ما يصدره القضاة من األحكام وعلى ما يرد‬ ‫لبيت المال من األموال‪ ،‬كما كانوا يوافونه بأسعار الحاجيات من قمح وحبوب وآدم‬ ‫ومأكوالت وكان عماله يوافونه بذلك مرتين في كل يوم‪ ،‬فإذا صلى المغرب وافوه بما‬ ‫حدث طوال النهار‪ ،‬وإذا صلى الصبح كتبوا إليه بما جرى في الليل من األمور‪.‬‬ ‫•أمر الخليفة المنصور ببناء المنازل على الطريق إلى مكة وقد أطلق على من‬ ‫تناط إليه وظيفة اإلشراف على المنازل (متولي المنازل) ووظيفته اإلشراف‬ ‫على بناء الدور في األماكن التي ينزل بها الحجاج بين بغداد ومكة فضاًل عن‬ ‫الدور التي كانت تبنى للخلفاء ويباشرون العمل بإعدادها قبل موسم الحج‪،‬‬ ‫وكان يعاقب ويحاسب المقصرين من المشرفين على المنازل‪.‬‬ ‫•أمر بتغطية جدر الحجر ِبالرخام (حجر الكعبة) في سنتي ‪137‬هـ‪755/‬م‬ ‫وسنة ‪140‬هـ‪758/‬م زاد في المسجد زيادتين في شقه الشامي مع تزيين‬ ‫جدرانه بالنقوش كما عمر من منائر المسجد الحرام‪.‬‬ ‫أشهر قصور بغداد‪ :‬قصر >القبة الخضراء< الذي استخدم للضيافة يُقيم فيه‬ ‫ُ‬ ‫السفراء‪ ،‬وقصر الخلد على شاطئ دجلة الغربي‪ ،‬وبناء مدينة الرصافة تقع في الجهة‬ ‫الشرقية من نهر دجلة‪.‬‬ ‫•بناء الكرخ في سنة ‪157‬هـ‪773/‬م من الناحية الجنوبية لبغداد بسبب الدخان‬ ‫المتصاعد من األسواق مما ضايق المنصور وأمر بنقل هذه األسواق إلى‬ ‫الكرخ‪ ،‬وهو أول خليفة قرب المنجمين‪ ،‬وأول خليفة ترجمت له الكتب‪،‬‬ ‫والمنصور أول من استعمل مواليه وقدمهم على العرب‪.‬‬ ‫•بناء بغداد‪ :‬البدء في بنائها سنة ‪145‬هـ‪762/‬م ولمدة أربع سنوات انتهت في‬ ‫‪163‬‬ ‫سنة ‪149‬هـ‪766/‬م‪ ،‬واسم بغداد‪ُ :‬مشتق من كلمتين هما‪ :‬باغ وداد تعني‬ ‫عطية اهلل‪.‬‬ ‫وزرائه‪ :‬كان وزيره أبو الجهم الذي مات بالسم‪ ،‬قام لينصرف‪ ،‬فقال له المنصور‪:‬‬ ‫إلى أين؟ قال‪ :‬إلى حيث بعثتني يا أمير المؤمنين‪ ،‬ثم خالد بن برمك‪ ،‬ثم أبا أيوب‬ ‫ُ‬ ‫المورياني فلما قتل ولى الربيع بن يونس وظل إلى أن مات المنصور فقام بأخذ البيعة‬ ‫للمهدي وظل إلى أن قتله الهادي‪.‬‬ ‫عالقته باألندلس‪ :‬في سنة ‪138‬هـ‪756/‬م تمكن عبد الرحمن بن معاوية بن‬ ‫هشام بن عبد الملك بن مروان من دخول األندلس وهزيمة والي األندلس يوسف بن‬ ‫عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة الفهري المصري والي قرطبة واالستقالل عن‬ ‫الخالفة العباسية وتأسيس الدولة األموية باألندلس‪ ،‬وطمع المنصور في استرداد‬ ‫األندلس فاتفق مع زعيم عربي من سكان باجة في غرب األندلس (جنوب البرتغال ً‬ ‫حاليا)‬ ‫اسمه العالء بن مغيث اليحصبي ووعده بإمارة األندلس‪ ،‬وبعث إليه بلواء الدولة وبسجل‬ ‫تعينه على األندلس واستطاع ً‬ ‫سرا أن يضم الساخطين على عبد الرحمن وال سيما القبائل‬ ‫اليمنية ـ بسبب ميله للمضرية ـ قام بثورته في مدينة باجة سنة ‪147‬هـ‪764/‬م وانتصر‬ ‫على عبد الرحمن ثم حاصره في مدينة قرمونة بالقرب من إشبيلية‪ ،‬ففك عبد الرحمن‬ ‫ً‬ ‫وعددا ً‬ ‫كبيرا من رجاله ثم أخذ رأس العالء وحشاه بالملح والكافور‬ ‫الحصار وقتل العالء‬ ‫ثم وضعه في قفه (قف) مع السجل وللواء العباسي وأرسله مع أحد الحجاج األندلسيين‬ ‫وأمره أن يضعه أمام سرادق المنصور‪ ،‬ولم يكتف بل عمد إلى تأليب ملوك الفرنجة‬ ‫واتفق مع شارلمان ملك الفرنجة أن يغزو شارلمان األندلس من الجهة الشمالية الشرقية‬ ‫ً‬ ‫وأن المنصور يرسل إليه جيشا لمعاونته قوة من إفريقية حيث ذهب عبد الرحمن بن‬ ‫حبيب إلى المغرب (إفريقية) بجيش من البربر يهاجم من الجهة الشرقية وأن يثور والي‬ ‫برشلونة سليمان األعرابي ويعاون شارلمان ولكنها فشلت إذ أنه وقت هجوم شارلمان‬ ‫على األندلس لم تكن حملة البربر قد وصلت وقضى عبدالرحمن على خصومه ألن‬ ‫عبد الرحمن بن حبيب تعجل ونزل شاطئ األندلس قبل تحرك شارلمان كما أن جيش‬ ‫‪164‬‬ ‫سليمان األعرابي لم يساعد شارلمان عند ما عبر الحدود وحاصر سراقطا إضافة إلى ثورة‬ ‫السكونيين عجلت برحيل شارلمان عن األندلس‪ ،‬ولقب المنصور عبد الرحمن الداخل‬ ‫بصقر قريش‪.‬‬ ‫ضم املغرب األدىن لسلطة الدولة‪ :‬الخوارج ُ‬ ‫الصفرية واإلباضية أكثر مذاهب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫فالصفرية واإلباضية ال يرون‬ ‫الخوارج رواجا في المغرب وأكثرها اعتدااًل وتسامحا‬ ‫إباحة دماء المسلمين وال يرون جواز سبي النساء واألوالد وال يرون قتال أحد سوى‬ ‫جيش الحكومة‪ ،‬وال زالت دعوة اإلباضية قائمة في المغرب في جنوب طرابلس الغرب‬ ‫وفي جبل نفوسة بليبيا وفي منطقة مزاب في جنوب الجزائر‪ ،‬لم تقتصر هذه الحركات‬ ‫ً‬ ‫أيضا إلى المغرب األدنى‬ ‫االستقاللية على المغربين األقصى واألوسط بل امتدت‬ ‫(إفريقية) فاستطاع القائد محمد بن األشعث والي مصر أن يدخل القيروان ويسيطر على‬ ‫إفريقية وهكذا تمكن المنصور من استعادة المغرب األدنى للخالفة العباسية‪.‬‬ ‫وفي عهد المنصور قامت في المغرب دولتان خارجتان من الخوارج‪ :‬الصفرية‪،‬‬ ‫واألباضية هما‪:‬‬ ‫‪1.1‬دولة بني مدرار أو بني واسول (الزيادية) تدين بالمذهب الصفري ـ الصفرية‬ ‫نسبة إلى زياد بن محمد األصفر ولهذا فهم يعرفون ً‬ ‫أيضا بالزيادية ـ وهي‬ ‫دولة بني مدرار أو بني واسول الصفرية‪ ،‬التي قامت في منطقة سجلماسة‬ ‫ً‬ ‫حاليا) في جنوب المغرب األقصى سنة ‪140‬هـ‪757/‬م ومؤسسها‬ ‫(تافياللت‬ ‫ً‬ ‫سودانيا أسود اللون يدعى عيسى بن يزيد المكناسي الصفري أما تسميتها‬ ‫كان‬ ‫بدولة بني مدرار أو بني واسول فنسبة إلى اسم ثالث ملوكها أبي القاسم‬ ‫سمعون بن واسول الملقب بـ مدرار والذي استمر ملك هذه الدولة في أبنائه‬ ‫من بعده‪.‬‬ ‫‪2.2‬الدولة الرستمية اإلباضية ـ اإلباضية نسبة إلى عبد اهلل بن إباض المري ـ التي‬ ‫قامت في المغرب األوسط سنة (‪144‬هـ‪761/‬م) ومؤسسها رجل فارسي‬ ‫األصل وهو عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬وكانت عاصمة هذه الدولة مدينة تاهرت‬ ‫‪165‬‬ ‫التي بناها عبد الرحمن بن رستم سنة (‪150‬هـ‪767/‬م) وتقع ً‬ ‫قريبا من تياريت‬ ‫في والية وهران غربي الجزائر ولم تلبث هذه المدينة أن ازدهرت وهاجر إليها‬ ‫التجار والعلماء والطلبة من جميع أنحاء العالم اإلسالمي حتى صارت تسمى‬ ‫بالعراق الصغير‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومذهب الخوارج انتشر في المغرب منذ أيام األمويين ولقي نجاحا بين البربر ألنه‬ ‫يقوم على مبدأ عدم حصر الخالفة في بيت معين أو جنس معين ويرى تركها الختيار‬ ‫األمة بغض النظر عن نسبه أو جنسه أو لونه‪.‬‬ ‫ثورة النفس الزكية‪ :‬تزعمها محمد بن عبد اهلل بن حسن بن الحسن بن علي‬ ‫بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية (أي الطاهر من الذنوب) ومعه أخوه إبراهيم‬ ‫ـ الذي تم االتفاق معه على قيام الثورتين ً‬ ‫معا بالمدينة والبصرة ـ فظهر بالمدينة‬ ‫ً‬ ‫وأخرج من بها من السجن وأمر بحبس والي المدينة وحفر خندقا حول المدينة ـ ولما‬ ‫قامت ثورة محمد النفس الزكية في المدينة‪ ،‬فأفتى اإلمام مالك ألهل المدينة‪ :‬إنما‬ ‫ً‬ ‫مكرها‬ ‫بايعتم مكرهين وليس على مكره يمين أو طالق يقصد أن من بايع العباسين‬ ‫فله أن يتحلل من بيعته لهم ويبايع محمد النفس الزكية ـ وسار إليه عيسى بن موسى‬ ‫وجرت مراسالت للصلح وبذل األمان لكل من يخرج فخرج منها عدد كبير وبقي‬ ‫ُ‬ ‫محمد ومعه نفر قليل وانتهى بقتله وأرسل برأسه إلى المنصور في منتصف رمضان‬ ‫سنة ‪145‬هـ‪762/‬م ثم سار إلى قتال أخيه إبراهيم بالبصرة ـ وأمر بقطع المؤن عن‬ ‫المدينة وصادر أموال بني الحسن‪ ،‬وكان المنصور أول من أوقع الفتنة بين العباسين‬ ‫ً‬ ‫جمعا من العلماء منهم أبو حنيفة‪ ،‬ومالك‬ ‫والعلويين وكانوا قبل متفقين‪ ،‬وآذى المنصور‬ ‫بن أنس الذي أفتى بجواز الخروج لما قيل له‪ :‬إن في أعناقنا بيعة للمنصور‪ ،‬فقال‪> :‬إنما‬ ‫بايعتم مكرهين‪ ،‬وليس على مكره يمين أو طالق<‪ُ ،‬‬ ‫فضرب بالسياط ومنعوه في الخوض‬ ‫في هذا الحديث من قبل والي المدينة جعفر بن علي‪.‬‬ ‫ثورة إبراهيم بن عبد هللا بن حسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب بالبصرة‪:‬‬ ‫جنوب العراق ولكن مرض إبراهيم بالجدري وتأخرت ثورته شهرين عن ثورة أخيه‬ ‫‪166‬‬ ‫النفس الزكية بالمدينة المنورة وكان االتفاق على قيام الثورتين ً‬ ‫معا في نفس الوقت ـ‬ ‫وأخذ البيعة ً‬ ‫سرا من الناس وأعلن الثورة واستولى على البصرة وعلى األقاليم اجملاورة‪،‬‬ ‫ثم سار إليه القائد العباسي عيسى بن موسى من المدينة بعد قضائه على ثورة محمد‬ ‫النفس الزكية فلما وصل عند قرية باخمرى بالقرب من الكوفة هزم وقتل إبراهيم في‬ ‫أواخر ذي القعدة ‪145‬هـ‪762/‬م لذلك ُ‬ ‫سمي بشهيد باخمرى وولى العلويين شطر‬ ‫المغرب في إفريقية بعد هزيمتهم في المشرق‪.‬‬ ‫•بدأ ظهور حركة الراوندية بعد مقتل أبي مسلم الخراساني ـ أمثال‪ :‬سنباذ رجل‬ ‫ً‬ ‫ناشرا أن أبا مسلم الخراساني متغيب‬ ‫مجوسي ظهر بنيسابور‪ ،‬وإسحاق التركي‬ ‫وأنه سيظهر ً‬ ‫يوما‪ ،‬وأستاذ سيس على أساس المزدكية في نيسابور ـ في قرية‬ ‫راوند قرب أصفهان وكانوا يقدسون ملوكهم ويعتبرونهم آلهة يؤمنون بتناسخ‬ ‫األرواح وأن الروح التي كانت في عيسى قد حلت في علي ثم في األئمة حتى‬ ‫وصلت إلى إبراهيم بن محمد‪ ،‬ويستحلون ما حرم اهلل وما لبثوا أن عبدوا‬ ‫الخليفة المنصور ـ وأن روح اهلل حلت في أبي جعفر المنصور‪ ،‬وصعدوا‬ ‫القبة التي بناها المنصور ببغداد‪ ،‬فألفوا أنفسهم يطيرون وقد نظر المنصور إلى‬ ‫الراوندية كأعداء سياسيين ألنهم من أتباع أبي مسلم الخراساني كما نظر إليهم‬ ‫باعتبارهم زنادقة فقتلهم ثم ظهروا في ثورة المقنع ـ وخرج جماعة يصيحون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا‬ ‫بأبي جعفر أنت أنت (أي أنت اهلل) فحاربهم المنصور وحبس عددا‬ ‫منهم فاقتحموا السجون وأخرجوا من فيها وحاولوا قتل أبي جعفر إال أنه نجا‬ ‫من الموت ـ وهم يعدون أنفسهم من اتباع أبي مسلم الخرساني وقد أرادوا‬ ‫قتل أبو جعفر المنصور لقتله أبي مسلم الخرساني ـ لكن ظهر معن بن زائدة‬ ‫الشيباني وقاتل عن الخليفة وأوقع برجال هذه الطائفة ثم كشف عن لثامه فأمنه‬ ‫المنصور وسماه >أسد الرجال< وواله بالد اليمن ثم سجستان فبقي فيها حتى‬ ‫قتله الخوارج سنة ‪151‬هـ‪768/‬م‪.‬‬ ‫•لما قتل أبو مسلم ظهرت الحركات التي كانت تظهر اإلسالم وتبطن الديانة‬ ‫‪167‬‬ ‫اجملوسية ـ وكانت مبادئها هي مبادئ الخرمية والمزدكية القديمة ـ في‬ ‫خراسان منها‪ :‬فرقة المسلمية نسبة إلى أبي مسلم الخراساني بزعامة سنباذ بدأ‬ ‫ً‬ ‫ثورته في نيسابور سنة ‪137‬هـ‪754/‬م ونادى بإمامة أبي مسلم فأرسل له جيشا‬ ‫قتله بنواحي طبرستان بعد قتال سبعين ً‬ ‫يوما من قيام حركته‪.‬‬ ‫•قتل عمه عبد اهلل بن علي والي الشام ـ وقد وعده السفاح بالخالفة من بعده‬ ‫لتتبع مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية ـ ولما تولى الخالفة أبي جعفر‬ ‫خرج عن طاعته وبايع لنفسه بالخالفة في مدينة حران بالجزيرة ثم سار إلى‬ ‫ً‬ ‫نصبين شمال العراق معتمدا على الجيش الذي تحت قيادته وكان قد أعد‬ ‫لغزو الروم في عهد السفاح فأرسل إليه أبي مسلم ألن عامة جند عبد اهلل من‬ ‫خراسان وتحصن عبد اهلل في مدينة نصبين شمال العراق ثم تركها إلى الشام‬ ‫فاستولى عليها أبو مسلم‪ ،‬وأراد الصلح ولم يجب طلبه ووقعت الحرب‬ ‫حوالي ستة أشهر انتصر في سنة ‪137‬هـ‪754/‬م وفر عبد اهلل إلى أخيه سليمان‬ ‫بالبصرة وأختفى عنده ثم سلمه سليمان إلى المنصور سنة ‪139‬هـ فأمنه ثم‬ ‫سجنه ثم قتله بعد تسع سنين في سنة ‪147‬هـ‪764/‬م‪.‬‬ ‫قتل أبو مسلم اخلرساين‪ :‬أرسل إليه رسواًل ليحصي عليه الغنائم التي غنمها من‬ ‫ُ‬ ‫عمه عبد اهلل بن علي فغضب أبو مسلم وقال‪> :‬أؤتمن على األرواح وال أؤتمن على‬ ‫األموال< وأراد قتل الرسول ثم خرج أبو مسلم من الجزيرة إلى خراسان فسارع بالكتابة‬ ‫إليه قد وليتك الشام ومصر >لتكون بالقرب من أمير المؤمنين< فرفض ثم واصل سيره إلى‬ ‫خراسان استعمل سياسة الترغيب والتهديد حتى انخدع أبو مسلم وذهب للقائه بمدينة‬ ‫المدائن وبعد أن انتهى من مواجهة خصمه أمر رجاله بقتله خلف الستور في مجلسه في‬ ‫شهر شعبان سنة ‪137‬هـ‪754/‬م‪.‬‬ ‫بقتله اضطربت خراسان وظهرت فرق دينية غريبة عن اإلسالم يظهرون اإلسالم‬ ‫ويبطنون اجملوسية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ومما أخذ على أبي مسلم الخراساني‪ :‬إعادة إحياء الحكم الفارسي‪ ،‬وقتله لسليمان‬ ‫‪168‬‬ ‫بن كثير‪ ،‬ولعدد من رؤساء القبائل اليمنية‪ ،‬والرغبة في المسير إلى خراسان‪ ،‬وخطب‬ ‫لنفسه آمنة بنت علي‪ ،‬وإدعاء النسب العباسي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جميعا وأرسلهم‬ ‫عندما حج المنصور في سنة ‪144‬هـ‪761/‬م قبض على آل الحسن‬ ‫إلى العراق وسجنهم بالكوفة‪.‬‬ ‫نظام الصوائف والشوايت‪ :‬منطقة الثغور الجزرية للدفاع عن الجزيرة أو شمال‬ ‫العراق ومن أهم حصونها ملطية والمصيصة ومرعش‪.‬‬ ‫منطقة الثغور الشامية وتقع غرب الثغور الجزرية‪ ،‬وقد خصصت للدفاع عن الشام‬ ‫ومن أهم حصونها طرسوس وأطنة‪ ،‬وقد امتازت الثغور الشامية بأن الحمالت التي‬ ‫تخرج منها كانت برية وبحرية في آن واحد وقد خصص هذه المناطق وحشد فيها آالف‬ ‫ً‬ ‫نظاما يسيرون عليه في غاراتهم على األراضي البيزنطية‬ ‫المقاتلين والمرابطين كما نظم‬ ‫وهو نظام الصوائف والشواتي‪.‬‬ ‫•في سنة ‪155‬هـ‪771/‬م طلب قسطنطين الخامس الصلح مع العباسين على‬ ‫أن يؤدي لهم جزية سنوية‪.‬‬ ‫•في سنة ‪137‬هـ‪754/‬م غزا قسطنطين الرابع بعض أراضي الشام واستولى‬ ‫ً‬ ‫على ملطية في آسيا الصغرى فأرسل إليه جيشا تمكن من استردادها في سنة‬ ‫‪138‬هـ‪755/‬م‪ ،‬وأقام فيها حامية كبيرة من الجند‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪146‬هـ‪763/‬م كانت غزوة قبرص وفي العام التالي خلع المنصور‬ ‫عمه عيسى بن موسى من والية العهد‪.‬‬ ‫•اهتم بعقد الصفقات التجارية بالحصول على الكتب العلمية القديمة في بالد‬ ‫البيزنطيين‪.‬‬ ‫•في سنة ‪141‬هـ‪758/‬م سار عمرو بن العالء إلخضاع أهل طبرستان فهزمهم‬ ‫وفتح بالدهم من جديد‪.‬‬ ‫•ثورة اإلباضية بتونس تصدى لهم يزيد بن حاتم بن المهلب‪.‬‬ ‫‪169‬‬ ‫ً‬ ‫•ثورة الخوارج بقيادة ملبدة بن حرملة الشيباني بالجزيرة فتصدى لهم جيشا‬ ‫بقيادة خازم بن خزيمة‪.‬‬ ‫•ثورة عبد الرحمن بن عبد الجبار األزدي بخراسان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•ثورة األستاذ سيس بخراسان سير إليه جيشا بقيادة ابنه محمد المهدي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•ثورة االصبهذ بطبرستان أرسل إليه جيشا بقيادة ابنه >محمد< المهدي فقتله‬ ‫وأسر ابنه‪.‬‬ ‫•حركة المقنعية نسبة إلى زعيمها المقنع الخراساني‪ ،‬تم القضاء عليها في عهد‬ ‫المهدي سنة ‪159‬هـ‪775/‬م‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬كانت البن أخيه عيسى بن موسى بن محمد العباسي استعمل معه‬ ‫وسائل االرهاب والترغيب حتى أجابه إلى طلبه وخلع نفسه منها سنة ‪147‬هـ‪764/‬م‬ ‫فصارت والية العهد البنه محمد المهدي ثم لعيسى بن موسى بعده‪.‬‬ ‫توفي وهو ذاهب ألداء الحج سنة ‪158‬هـ‪774/‬م على مقربة من مكة‪ ،‬وكان‬ ‫يرافقه طبيب يدعى ابن الجالج‪ ،‬وكان يشكو من عسر الهضم فعانى من اآلالم فمات‪،‬‬ ‫يعتبر المؤسس الحقيقي للدولة العباسية‪ ،‬مدة حكمه ما يقارب من ‪ً 22‬‬ ‫عاما‪ ،‬فرض لكل‬ ‫شخص من أهل بيته ألف ألف درهم في كل عام‪.‬‬ ‫املهدي (‪169-158‬هـ = ‪785-775‬م)‬ ‫هو أبو عبداهلل‪ ،‬محمد بن عبد اهلل بن محمد بن علي بن عبد اهلل بن عباس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ولد بالحميمة‪ ،‬من أم اسمها أم موسى بنت منصور الحميرية‪ ،‬مدة حكمه قرابة (‪)10‬‬ ‫ً‬ ‫أعوام‪ ،‬بويع له بمكة يوم توفي والده‪ ،‬وكان جوادا‪ ،‬وعُرف عن المهدي االمتناع عن‬ ‫شرب النبيذ‪ ،‬وولعه بالموسيقى والشعر والحكمة واألدب‪ ،‬وأمر بتحلية مقام إبراهيم‬ ‫الحجر بالرخام توسعة المسجد الحرام في سنتي‬ ‫بصفائح الذهب‪ ،‬وكذا تبليط بطن ِ‬ ‫‪160‬هـ‪776/‬م لما حج المهدي‪ ،‬فأمر بتوسعته والثانية هدم فيها ً‬ ‫دورا ألحقت المسجد‬ ‫الحرام في أعاله وأسفله وشقه الشامي والشرقي الذي يلي دار الندوة‪ ،‬وكذا فتح للمسجد‬ ‫‪170‬‬ ‫خمسة أبواب وجعل له ثالث منائر وأكمل ابنه موسى الهادي التوسعة‪.‬‬ ‫•في سنة ‪160‬هـ‪777/‬م حمل الخليفة المهدي الكسوة معه من بغداد وأمر‬ ‫بإزالة الكسوات القديمة‪ ،‬فهو أول من أمر برفع الكسوة القديمة لتحل الكسوة‬ ‫الجديدة محله وفي نفس السنة أمر بتوسعة المسجد النبوي من الجهة الشمالية‪.‬‬ ‫•في سنة ‪164‬هـ‪781/‬م أمر الخليفة يقطين بن موسى (ت‪185‬هـ‪801/‬م)‬ ‫باتخاذ المصانع وبتجديد األميال والبرك (التي صنعت مورد للحاج يشربون‬ ‫منها عندما يجتمع فيها ماء كثير يكفيهم ويفضل عنهم وحفر الحفر فيملؤها‬ ‫ماء السماء فيشربونها ‪ ...‬في طريق الحاج إلى مكة‪.‬‬ ‫•في سنة ‪166‬هـ‪782/‬م أمر المهدي بإقامة المحطات البريدية ـ البريد اثنا عشر‬ ‫مياًل‪ ،‬وهو المسافة بين كل منزلين من منازل الطريق ـ من مكة إلى المدينة وإلى‬ ‫اليمن وسخر الحيوانات من بغال وإبل وعين األشخاص الذين يتولون ذلك‪،‬‬ ‫وكذا أمر بتحديد األميال على طريق بغداد ـ مكة ووضعت عليها عالمات‬ ‫ً‬ ‫وأيضا وضع علمين أخضرين بين الصفا والمروة‪.‬‬ ‫ليكتب عليها رقم الميل‬ ‫•في سنة ‪171‬هـ‪788/‬م أمرت الخيزران زوج الخليفة المهدي ببناء دار عُرف‬ ‫باسمها (دار الخيزران) ـ كانت تعرف بدار األرقم بن أبي األرقم ـ في أثناء حجها‪.‬‬ ‫•أول خليفة أقبل على سماع الغناء وظهر في مجالس الغناء مثله مثل عادة بعض‬ ‫الخلفاء‪ ،‬وأول خليفة للندماء من خلفاء بني العباس‪.‬‬ ‫•اهتم بالفنون‪ ،‬كان المهدي يجيد قول الشعر ويحفظ ً‬ ‫كثيرا من أمثال العرب‪.‬‬ ‫•أمر أن يكون طعام المسجونين على حساب الدولة بعد أن كان يرسل إليهم‬ ‫من بيوتهم وأجرى لهم أرزاق (رواتب)‪.‬‬ ‫•أمر بمنع المرضى المصابين بالجذام من أن يتسولوا وأجرى عليهم األرزاق‬ ‫(الرواتب)‪.‬‬ ‫•اهتم بطريق الحجاج المؤدي إلى مكة المكرمة فأقام القصور والمحطات‬ ‫والمصانع (أي خزانات ـ أحواض ـ المياه على جانبيه) كما وضع فيه الحراس‬ ‫‪171‬‬ ‫لحمايته‪ ،‬ووضع عالمات على طول طريق الحاج ليهتدي بها المسافرون‪.‬‬ ‫•إغداقه األموال على العلماء والوزراء واألطباء والشعراء‪ ،‬وضع الخراج على‬ ‫الحوانيت‪.‬‬ ‫•أقام سور الرصافة وبنى مسجدها‪.‬‬ ‫•أمر بأن تكون المنابر في جميع المساجد متوسطة االرتفاع كالمسجد النبوي‪.‬‬ ‫•كسا الكعبة بالديباج والخز والقباطي وطلى جدرانها بالمسك والعنبر بعد أن‬ ‫نزع الكسوة القديمة عنها‪ ،‬وهو أول من قام بكسوة الكعبة كل عام‪.‬‬ ‫•وسع المسجد النبوي وجمله وزينه بالفسيفساء والعمد الرائعة‪.‬‬ ‫•زاد مسجد البصرة وجمله‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•استرضاء أهل مكة‪ :‬ضم إلى حرسه الخاص عددا من الجنود الحجازيين يبلغ‬ ‫الخمسمائة لحفظ التوازن بين العرب والعجم ووسيلة السترضاء أهل الحجاز‪.‬‬ ‫•في سنة ‪160‬هـ‪776/‬م عندما حج المهدي وزع على أهل الحرمين أموااًل‬ ‫طائلة وأعاد إليهم الغالل والحبوب الواردة من مصر والشام وكان المنصور‬ ‫قد قطعها‪.‬‬ ‫•كان أول من استحدث أول خط بريدي بين العراق والحجاز واليمن‪.‬‬ ‫•عمل على اكتساب مودة أهل الشام فزارهم في بالدهم ونزل دمشق والقدس‬ ‫وفرق األموال‪.‬‬ ‫•الشاعر الضرير بشار بن برد قيل أن المهدي رآه بالبصرة يُؤذن وهو سكران‬ ‫فاتهمه بالزندقة وضربه بالسياط حتى مات وقيل بدسيسه وزيره يعقوب بن‬ ‫داود ألن بشار هجاه‪.‬‬ ‫•إطالق سراح المسجونين السياسيين ال سيما العلويين منهم وأمر لهم بأرزاق‬ ‫وصالت‪.‬‬ ‫•رد معظم األموال التي صودرت في عهد أبيه إلى أصحابها‪.‬‬ ‫•بناء المدارس والمستشفيات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•اتخذ بيتا له نافذة من حديد كي يضع فيه الناس عرائض شكواهم‪ ،‬فيمكن‬ ‫‪172‬‬ ‫بذلك النظر فيها دون إبطاء أو تأخير‪.‬‬ ‫•كان يجلس مع القضاة في بغداد عند النظر في المظالم‪.‬‬ ‫•وكان يجلس للمظالم بنفسه فأنصف المظلوم ورد المظالم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مركزا‬ ‫•اهتم بشؤون التجارة فأنشأ شبكة من الطريق التجارية جعلت من بغداد‬ ‫ً‬ ‫عالميا‪.‬‬ ‫تجاريًا‬ ‫•انتهج سياسة السلمية مع العلويين‪.‬‬ ‫من وزرائه‪ :‬يعقوب بن داود‪ :‬ألنه كان يقول بما تقول به الشيعة الزيدية وألنه‬ ‫اشترك في ثورة محمد النفس الزكية فإن العلويين لم يثوروا في عهد محمد المهدي وإنما‬ ‫ثاروا في عهد ابنه موسى الهادي‪.‬‬ ‫ومن الشعراء‪ :‬أبو العتاهية‪ ،‬وكان مواله عمرو بن ربيع يقول الشعر‪ ،‬وجمع له‬ ‫المفضل الضبي أمثال العرب ومختارات من شعرهم‪.‬‬ ‫الثورات‪ :‬حركات الزنادقة‪ :‬حركة الزنادقة (المالحدة‪ ،‬الهراطقة في الدين) وقد‬ ‫ُ‬ ‫أطلقت على إتباع الديانات اجملوسية الفارسية كالزرادشتية ـ مؤسسها‪ :‬زرادشت في‬ ‫القرن ‪6‬ق‪.‬م‪ ،‬قدسوا النار وعبدوها ـ‪ ،‬والمانوية ـ فرع من الزرادشتية مؤسسها ماني في‬ ‫ُ‬ ‫القرن ‪3‬م‪ ،‬كتاب األفستا (الزند) لهم نزعة صوفية تحث على الزهد ـ‪ ،‬والراوندية وفرق‬ ‫المسلمية ـ الراوندية والمسلمية‪ :‬ظهرتا في عهد أبي جعفر المنصور بعد قتله ألبي مسلم‬ ‫الخراساني ـ‪ ،‬وعلى الماجنين وهؤالء كانوا ينادون باإلباحة المطلقة والفوضى والتحلل‬ ‫ُ‬ ‫من جميع الروابط االجتماعية‪ ،‬وكذلك ألقيت هذه التهمة على األشخاص الغير مرغوب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مقصورا للبحث عن الزنادقة‬ ‫سياسيا‪ ،‬كما أوجد المهدي هيئة جعل اختصاصها‬ ‫فيهم‬ ‫ً ُ‬ ‫والتنكيل بهم وجعل عليها رئيسا أطلق عليه اسم صاحب الزنادقة‪ ،‬وكانت تعاقب على‬ ‫الظن وتعذب وتحرق‪ ،‬وكان للزنادقة سجن خاص ُ‬ ‫سمي بسجن الزنادقة‪ ،‬وكان منهم‬ ‫عدد كبير من رجال العلم واألدب‪.‬‬ ‫•ثورة (حركة) المقنع (المقنعية) بزعامة المقنع الخراساني‪ :‬هو رجل فارسي‬ ‫من مدينة مرو إحدى مدن خراسان واسمه هاشم بن حكيم‪ ،‬ومن رجال أبي‬ ‫‪173‬‬ ‫مسلم الخراساني وعُرف بالمقنع ألنه كان يضع على وجهه قناعًا أو نقابًا‬ ‫موشى بالذهب لكي يُخفي وجهه األعور الذميم المشوه الخلقة نادى بمبادئ‬ ‫الراوندية التي تقول بالحلول والتناسخ وأن روح آدم حلت في األنبياء إلى‬ ‫أن وصلت إلى أبي مسلم الخراساني ثم حلت في هاشم وهاشم في دعواه‬ ‫هو المقنع أي أن اهلل قد حل فيه بعد أبي مسلم الخراساني‪ ،‬وادعى األلوهية‬ ‫وأسقط الزكاة والصوم والحج وأباح المحرمات‪ ،‬وبايعه خلق كثير كانوا‬ ‫يسجدون له‪ ،‬وكان يعتقد أن أبا مسلم أفضل من النبي !‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫انتشرت دعوته في خراسان وبالد ما وراء نهر جيحون‪ ،‬أرسلت إليه الجيوش إلى‬ ‫أن انتهى بقتله في سنة ‪163‬هـ‪779/‬م إذ أحرق نفسه بالنار أما أتباعه فقد انتحرو عن‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪ ،‬وكانت الثورة قد بدأت في سنة ‪159‬هـ‪775/‬م‪.‬‬ ‫طريق شرب السم الزعاف فماتوا‬ ‫•ثورة الموصل بقيادة ياسين من بني تميم‪.‬‬ ‫•ثورة حكيم الخرمي‪.‬‬ ‫•ثورة الخوارج بقيادة يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرم بخراسان سار إليهم‬ ‫يزيد بن مزيد الشيباني فهزمه وأسره وأرسله إلى بغداد‪.‬‬ ‫•ثورة المحمرة بجرجان بقيادة عبد القهار سار إليهم عمر بن العالء‪.‬‬ ‫معركة فخ‪ :‬ـ فخ‪ :‬بين مكة والمدينة ـ تقابل العلويين مع الجيوش العباسية سنة‬ ‫‪169‬هـ‪785/‬م هزم فيها العلويون وقتل قائدهم الحسين والحسن بن محمد النفس‬ ‫الزكية وفرار إثنان من كبار العلويين أحدهما إدريس بن عبد اهلل الذي فر إلى المغرب‬ ‫األقصى حيث أسس دولة علوية مستقلة وهي دولة األدارسة‪ ،‬عاصمتها فاس‪ ،‬أما‬ ‫ً‬ ‫مختفيا‬ ‫العلوي الثاني فهو أخوه يحيى بن عبد اهلل الذي فر إلى بالد طبرستان‪ ،‬وظل‬ ‫ً‬ ‫وثار في عهد الرشيد فأرسل إليه جيشا بقيادة الفضل بن يحيى البرمكي وتم الصلح‬ ‫واألمان فحبس ببغداد فأطلقه البرامكة فرحل إلى الحجاز ـ وقيل قتل يحيى بعد‬ ‫استسالمه ـ‪.‬‬ ‫‪174‬‬ ‫محاولة السيطرة على األندلس‪ :‬اشترك محمد المهدي في مؤامرة للقضاء‬ ‫على حكم عبد الرحمن الداخل في األندلس باالتفاق مع ثالثة رجال‪ :‬عبد الرحمن بن‬ ‫حبيب الفهري ويلقب بالصقلبي الوالي على بالد المغرب‪ ،‬وسليمان بن يقظان األعرابي‬ ‫حاكم سرقسطة من مدن األندلس‪ ،‬والرجل الثالث هو شارلمان ملك الغال (فرنسا)‪،‬‬ ‫وكانت الخطة أن يعبر شارلمان بجيوشه جبال البرتات (البرانس) شمال إسبانيا ويتجه‬ ‫إلى مدينة سرقسطة فيسلمها له ابن األعرابي وفي نفس الوقت يأتي عبد الرحمن بن‬ ‫حبيب من بالد المغرب في اسطوله ويهاجم الساحل الشرقي األندلسي وينزل مدينة‬ ‫مرسية ولكن عبد الرحمن سبقه في النزول إلى مرسية سنة ‪160‬هـ‪777/‬م ويهاجمه‬ ‫ويهزمه‪ ،‬وفي سنة ‪161‬هـ‪778/‬م سار شارلمان إلى سرقسطة وخرج واليها سليمان‬ ‫فقامت ثورة ضده من قبل الحسين بن يحيى األنصاري وأغلقوا األبواب في مواجهة‬ ‫شارلمان والحاكم سليمان فعمد إلى الحصار واضطر شارلمان إلى االنسحاب والعودة‬ ‫في سنة ‪162‬هـ‪779/‬م إلخماد ثورة القبائل السكونية الجرمانية في ألمانيا وأنها تركت‬ ‫الديانة المسيحية وارتدت إلى الديانة الوثنية واضطر شارلمان للعودة إلى بالده سنة‬ ‫‪162‬هـ‪779/‬م وصحب معه سليمان بن األعرابي كأسير حرب ألنه السبب في فشل‬ ‫ً‬ ‫حملته على األندلس‪ ،‬وبينما كان شارلمان يعبر جبال البرانس عائدا إلى بالده إذا بسكان‬ ‫هذه المناطق الجبلية ويعرفون باسم البشكنس باالشتراك مع ذلك قوة عربية يقودها‬ ‫أبناء سليمان بن األعرابي يهاجمون مؤخرة الجيش وأدى ذلك إلى إفناء مؤخرة هذا‬ ‫الجيش وقتل قائده واسمه روالن ثم ظهرت بمدة طويلة ملحمة فرنسية تشيد ببطولة‬ ‫هذا الضابط‪.‬‬ ‫عالقته مع البزينطيني‪ :‬في سنة ‪159‬هـ‪775/‬م أرسل المهدي قواده العباس بن‬ ‫محمد وثمامة بن الوليد والحسن بن قحطبة بقصد غزو بالد الروم ولكنهم لم يستطيعوا‬ ‫التقدم والتوغل مما شجع الروم على اإلغارة في سنتي ‪162‬هـ‪778/‬م‪ ،‬و‪163‬هـ‪779/‬م‬ ‫بل استولوا على مرعش وأحرقوها وخرج المهدي على رأس جيش بنفسه في سنة‬ ‫‪165‬هـ‪781/‬م‪ ،‬حتى بلغ مدينة أبلستان (أبلستين) في آسيا الصغرى ثم اضطر للعودة‬ ‫‪175‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مدمرا حصون الروم واستولى‬ ‫تاركا قيادة الجيش لولده هارون الرشيد الذي وصل تقدمه‬ ‫على حمص وأجبر الروم على التعهد بدفع غرامة حربية وإطالق األسرى ثم عاد هارون‬ ‫إلى حلب فانتهزوا وأعلنوا نقضهم لشروط الصلح‪ ،‬فعاد هارون لقتالهم فاستطاع التوغل‬ ‫في بالد الروم حتى وصل إلى سواحل (مضيق) البسفور وأرغم الملكة إيريني أرملة‬ ‫ليو الرابع وكانت وصية على ابنها قسطنطين السابع على طلب الصلح فعقدت هدنة‬ ‫بين الطرفين سنة ‪165‬هـ‪781/‬م لمدة ثالث سنوات وأن تدفع للمسلمين تسعين ألف‬ ‫دينار جزية سنوية تدفع على دفعتين وعلى أن تقيم لهم األسواق واألدالء في الطريق‬ ‫عند عودتهم إلى بالدهم‪ ،‬وأن تسلم أسرى المسلمين لمدة ثالث سنوات‪ ،‬وأن يسمح‬ ‫ألفراد الجيش اإلسالمي بأن يحملوا معهم كافة الغنائم ـ وظلت الهدنة صامدة لغاية سنة‬ ‫‪168‬هـ‪784/‬م ـ‪ ،‬وفي عهده فتحت مدينة أربد من الهند عنوة‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬حرص المهدي على خلع عيسى بن موسى ونقلها إلى ولديه موسى‬ ‫الهادي ثم هارون الرشيد رفض هذا الطلب‪ ،‬فاستعمل معه المهدي سياسة الضغط‬ ‫والتهديد كما استعملها المنصور قباًل‪ ،‬واضطر عيسى أن يجيب المهدي إلى طلبه‪،‬‬ ‫فخلع نفسه ونال في مقابل ذلك عشرين ألف دينار وقطائع كثيرة ثم بايع المهدي البنه‬ ‫موسى الهادي سنة ‪159‬هـ‪775/‬م‪ ،‬ثم بايع البنه هارون الرشيد بوالية العهد بعد الهادي‬ ‫سنة ‪166‬هـ‪782/‬م‪.‬‬ ‫اهلادي (‪170-169‬هـ = ‪786-785‬م)‬ ‫هو أبو محمد‪ ،‬موسى بن محمد المهدي بن عبد اهلل المنصور بن محمد بن‬ ‫علي بن عبد اهلل بن عباس‪ ،‬ولد من أم بربرية اسمها الخيزران‪ ،‬بويع بالخالفة في اليوم‬ ‫الذي توفي فيه المهدي بعهد منه‪ ،‬وكان يسمى موسى أطبق ـ ألن شفته العليا كانت‬ ‫ً‬ ‫فصيحا‪ً ،‬‬ ‫أديبا‪ ،‬وله سطوة وشهامة‪ ،‬وهو أول من مشت الرجال بين‬ ‫تقلص ـ وكان‬ ‫يديه بالسيوف‪ ،‬واألعمدة والقسى‪ ،‬وكثر السالح في عصره‪ ،‬وكان يتناول المسكر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فارسا‪ ،‬وال يعرف خليفة ركب البريد إال الهادي من جرجان إلى‬ ‫حمارا‬ ‫ويلعب ويركب‬ ‫بغداد‪.‬‬ ‫‪176‬‬ ‫•عُرف عن الهادي غيرته الشديدة ‪ ،‬وكان يميل إلى سماع األدب والتاريخ‬ ‫ً‬ ‫فيروي الطبري أن الهادي كان يجالس مؤرخا حجازيًا اسمه عيسى بن دأب‬ ‫كان يحدثه عن األقطار اإلسالمية وأخبارها وفضائلها وعيوبها‪.‬‬ ‫•وقد جرت عادة بعض الخلفاء على الظهور في مجالس الغناء مثل الهادي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خاتما كان قد أعطاه إياه المهدي فرفض ورماه‬ ‫•طالب الهادي هارون الرشيد‬ ‫في نهر دجلة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫•من وزرائه‪ :‬الربيع بن يونس والذي قتل في عهد الهادي‪.‬‬ ‫•ظهر في عهده من المواهب الفنية أمثال‪ :‬حكم الوادي‪ ،‬وسياط‪ ،‬وإبراهيم‬ ‫الموصلي‪ ،‬أكثر الخلفاء ً‬ ‫حبا للموسيقى والغناء‪.‬‬ ‫•أمر بتوسعة المسجد الجامع بالموصل في سنة ‪163‬هـ‪779/‬م‪.‬‬ ‫•دب الفساد في الجيش إذ كان الجند يتعصبون بعضهم على بعض كما أنهم‬ ‫طالبوا بمرتباتهم عن سنوات مقبلة‪.‬‬ ‫•بدأ نساء القصر بتدخلهن في شئون الدولة فكانت أمه الخيزران ـ ال تعرف امرأة‬ ‫ولدت خليفتين إال الخيزران أم الهادي والرشيد وكذلك والدة بنت العباس‬ ‫زوج عبد الملك بن مروان ولدت الوليد‪ ،‬وسليمان ـ حاكمة مستبدة‪ ،‬وكانت‬ ‫المواكب تغدوا إلى بابها فزجرهم عن ذلك‪ ،‬وقال‪ :‬لئن وقف ببابك أمير‬ ‫ألضربن عنقه! أما لك مغزل يشغلك‪ ،‬أو مصحف يذكرك أو سبحة‪. .... ،‬‬ ‫•صرف األموال على المقربين وعلى المتصلين بالخليفة من الشعراء‪.‬‬ ‫ثورات العلويني‪ :‬في عهد والده المهدي اتسمت العالقات بالودية ومع تولي‬ ‫الهادي قطع عنهم الصالت واألرزاق وتجسس عليهم وأصدر أوامره إلى الوالة بالتضييق‬ ‫عليهم مما أدى إلى تفجر األوضاع وقيامهم بالثورة فكان أولها ثورة الحسين بن علي بن‬ ‫الحسين بن علي بن أبي طالب ابن عم النفس الزكية (قتيل فخ أو صاحب فخ) بالمدينة‬ ‫في أوائل خالفة الهادي سنة ‪169‬هـ‪785/‬م بسبب أن عمر بن عبد العزيز الوالي العباسي‬ ‫على المدينة أمر بضرب الحسين بن محمد النفس الزكية مع بعض أصحابه ألنهم شربوا‬ ‫‪177‬‬ ‫ً‬ ‫نبيذا ثم وضع في أعناقهم حباًل وطاف بهم في أنحاء المدينة ثم سجنهم مما أثار غضب‬ ‫الحسين بن علي فقام بثورته فقصد دار اإلمارة ثم كسروا السجون وأخرجوا من فيها من‬ ‫العلويين ـ وكانت سياسة الهادي مع العلويين سياسة شديدة قاسية فيقطع عنهم األرزاق‬ ‫والصالت التي أجراها أبوه المهدي كما يأمر عماله بمراقبتهم والتضييق عليهم ـ‪ .‬ثم‬ ‫ً‬ ‫رحل عن المدينة إلى مكة فأرسل إليهم جيشا بقيادة محمد بن سليمان (قتل) هزمه في‬ ‫موقعة فخ ـ بالشهداء في مدخل مكة المكرمة من جهة المدينة المنورة بعد مسجد عائشة‬ ‫ُ‬ ‫للهابط إلى مكة من المدينة ـ حيث قتل الحسين كما قتل الحسن بن محمد النفس الزكية‬ ‫وفرار اثنان من كبار العلويين أحدهما‪ :‬إدريس بن عبد اهلل إلى المغرب األقصى حيث‬ ‫أسس دولة علوية مستقلة وهي دولة األدارسة كما أسس فيها عاصمته مدينة فاس سنة‬ ‫‪172‬هـ‪788/‬م أما العلوي الثاني فهو أخوه يحيى بن عبد اهلل الذي فر إلى بالد طبرستان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مختفيا‪ ،‬وفي عهد الرشيد أعلن العصيان فأرسل إليه الرشيد جيشا‬ ‫بالمشرق وظل هناك‬ ‫بقيادة الفضل بن يحيى البرمكي وأقنعه بقبول الصلح واألمان حقنًا للدماء فقبله بعد أن‬ ‫ً‬ ‫كتب له الرشيد أمانا بخطه وأرسل إلى بغداد وحددت إقامته في بغداد ثم إطالقه من قبل‬ ‫البرامكة مما كان ً‬ ‫سببا في نكبة البرامكة‪.‬‬ ‫•ثورة الخوارج بالجزيرة بقيادة عبد السالم بن هشام اليشكري هزم وقتل‬ ‫بقنسرين‪.‬‬ ‫•ثورة دحية بن المصعب بن األصبغ بن عبد العزيز بن مروان في مصر فأرسل‬ ‫إليه عدة جيوش‪.‬‬ ‫•ظهرت في عهده حركة ثورة المقنع الخراساني‪.‬‬ ‫أغار الروم على مدينة مرعش وأحرقوها‪.‬‬ ‫والية العهد‪ :‬أراد الهادي أن تكون الخالفة البنه جعفر دون أخيه هارون وكان‬ ‫ابنه جعفر ال يزال طفاًل وكاد هارون الرشيد أن يرضخ لطلب أخيه لوال أستاذه يحيى بن‬ ‫خالد بن برمك نصحه بالمماطلة والخروج إلى الصيد تهربًا من الخليفة‪ ،‬وعرض عليه‬ ‫‪178‬‬ ‫(الهادي) يحيى البرمكي في بقاء هارون في والية العهد ويبايع البنه جعفر من بعده فوافق‬ ‫الهادي على رأيه غير أن الهادي لم يلبث أن عاد ثانية إلى رأيه األول تحت تأثير بعض‬ ‫رجال الحاشية والقواد وأمر بالقبض على يحيى البرمكي وصمم على قتله ولكن الهادي‬ ‫مات فجأة‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬أن موت الهادي من قرحة كانت في جوفه وقيل كان بتدبير أمه (الخيزران‪،‬‬ ‫ت‪174‬هـ‪790/‬م) إذ دست إليه ببعض الجواري لقتله بالجلوس على وجهه حتى مات‪،‬‬ ‫وقيل غموا وجهه ببساط جلسوا على جوانبه ـ وقيل كانت ألمه كلمة مسموعة في بغداد‬ ‫وكان الناس يتوافدون على دارها لقضاء حوائجهم فمنعها فدبرت لقتله ـ لما قيل إنه‬ ‫(الهادي) بعث إليها بطعام مسموم‪ ،‬فأطعمت منه ً‬ ‫كلبا فانتثر فعملت على قتله ـ وكان عند‬ ‫ُ‬ ‫وفاته قد اعتذر منها وقال‪> :‬وقد كنت أمرتك بأشياء ونهيتك عن أخرى مما أوجبته سياسة‬ ‫ً‬ ‫عاقا بل كنت لك صائنًا ً‬ ‫وبرا واصاًل<‪.‬‬ ‫الملك ال موجبات الشرع من برك ولم أكن بك‬ ‫هارون الرشيد (‪193-170‬هـ = ‪809-786‬م)‬ ‫هو أبو جعفر‪ ،‬هارون بن المهدي محمد بن المنصور عبد اهلل بن محمد بن علي‬ ‫ُ‬ ‫بن عبداهلل بن العباس‪ ،‬ولد من أم ولد اسمها الخيزران‪ ،‬وكان الرشيد يجزل العطاء‬ ‫للعلماء واألدباء أعطى سفيان بن عيينة مائة ألف‪ ،‬وأجاز إسحاق الموصلي بمائتي ألف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وفرسا‪ ،‬وعشرة من رقيق‬ ‫وأجاز مروان بن أبي حفصة الشاعر خمسة آالف‪ ،‬وخلعه‪،‬‬ ‫الروم‪ ،‬وكذلك أجزل العطاء لكل من‪ :‬إبراهيم الموصلي‪ ،‬وأبي العتاهية‪ ،‬ومنصور‬ ‫النمري الشاعر العباس بن األحنف‪ ،‬وأبي يوسف القاضي‪ ،‬واألصمعي‪ ،‬والواقدي‪،‬‬ ‫وما عُلم أن الملك رحلة في طلب العلم إال للرشيد‪ ،‬فإنه رحل بولديه األمين والمأمون‬ ‫لسماع الموطأ على مالك‪.‬‬ ‫عاما ويغزو ً‬ ‫•كان يحج ً‬ ‫عاما‪ ،‬وإذا لم يحج حج عنه ثالثمائة رجل بالنفقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ماشيا خليفة سواه‪ ،‬وكان إذا حج حج معه (‪)100‬‬ ‫ماشيا ولم يحج‬ ‫وكان يحج‬ ‫من الفقهاء وأبنائهم‪.‬‬ ‫‪179‬‬ ‫•ينظر إلى السحابة المارة ويقول‪> :‬اذهبي وأطري حيث شئت‪ ،‬فسيأتيني‬ ‫خراجك<‪.‬‬ ‫•بث عيونه وجواسيسه بين الناس ليعرف أمورهم وأحوالهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫متنكرا في األسواق‬ ‫•كان يقود الغزو ضد الروم بنفسه‪ ،‬كان يطوف بنفسه‬ ‫واجملالس ليعرف ما يقال فيها‪.‬‬ ‫•عمر دار القوارير ـ دار القوارير‪ :‬كانت لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن‬ ‫عبد مناف‪ .‬ثم صارت لزبيدة فاستعملت في بنائها القوارير فنسبت إليها ـ في‬ ‫مكة‪ ،‬وكذا قسم الخليفة الرشيد طريق الحاج إلى مراحل بريدية لكل مرحلة‬ ‫ً‬ ‫حدا‪ ،‬وبنى في كل مرحلة ً‬ ‫دارا‪ ،‬وحددت معالم الطريق باألميال ليعرف‬ ‫ٍ‬ ‫الحجاج المسافات التي قطعوها‪.‬‬ ‫•في سنة ‪174‬هـ‪790/‬م حج هارون الرشيد‪ ،‬فبدأ بالمدينة فقسم في أهلها‬ ‫ً‬ ‫عظيما‪ ،‬ووقع الوباء في هذه السنة فأبطأ عن دخولها ثم دخلها يوم التروية‬ ‫مااًل‬ ‫فقضى طوافه وسعيه ولم ينزل مكة‪.‬‬ ‫•أمر بنقب الحجر األسود من أعاله وأسفله بالماس ثم أفرغ فيه الفضة‪.‬‬ ‫•السيدة زبيدة ـ نسبة إلى زبيدة بنت جعفر المنصور زوجة الخليفة العباسي‬ ‫هارون الرشيد ـ أرادت توفير الماء لمكة لما كانت تعانيه من قلة المياه‪،‬‬ ‫فأمرت أن يضعوا فكرة شق قناة تحمل الماء إلى وسط مكة‪ ،‬وأمرت باتخاذ‬ ‫(حفر) المصانع في طريق مكة من العراق ـ سميت عين زبيدة جلبت الماء من‬ ‫أقصى واد النعمان‪ ،‬وأقامت له األقنية حتى بلغت مكة‪.‬‬ ‫•كمل بناء جامع طرسوس‪.‬‬ ‫•أحب الغناء والموسيقى وشرب النبيذ‪ ،‬وهو أول خليفة جعل للمغنيين مراتب‬ ‫وطبقات‪ ،‬كان آخرها طبقة المضحكين وأهل الهزل والفكاهات‪ ،‬وأول خليفة‬ ‫لعب بالصوالجة والكرة ورمي النشاب في البرجاس‪ ،‬ولعب الشطرنج من بني‬ ‫العباس‪ ،‬وفاق هارون الرشيد الخلفاء في ولوعه بالغناء والموسيقى وإجزاله العطاء‬ ‫‪180‬‬ ‫للمغنيين والموسيقيين‪ ،‬وممن اشتهر في عهده من المغنيين زرياب‪ ،‬ومن‬ ‫المؤلفات كتاب ألف ليلة وليلة (المترجم)‪.‬‬ ‫الوزارة‪ :‬وممن تولى الوزارة يحيى بن خالد البرمكي‪ ،‬والفضل بن ربيع‪ ،‬وأول‬ ‫من لقب بـ قاضي القضاة هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم‪ ،‬وفي سنة ‪165‬هـ‪781/‬م‬ ‫تزوج هارون ابنة عمه زبيدة بنت جعفر وكان جدها أبو جعفر المنصور‪.‬‬ ‫البيعة لوالية العهد‪ :‬في سنة ‪170‬هـ‪786/‬م أعلن البيعة في مكة ألبنائه على‬ ‫الحجاج في ثالث وثائق رسمية وأنه عقد والية العهد ألوالده الثالثة سنة ‪186‬هـ‪802/‬م‬ ‫وهم‪ :‬محمد األمين‪ ،‬وعبد اهلل المأمون واله القسم الشرقي وهو خراسان‪ ،‬والقاسم‬ ‫(أبا القاسم) الملقب بالمؤتمن‪ ،‬واله على الثغور في آسيا الصغرى (أي إقليم الجزيرة‬ ‫والعواصم)‪ ،‬ثم المعتصم‪ ،‬وقسم الدولة إلى ثالثة أقسام‪ ،‬ثم أنه علق نسخة البيعة في‬ ‫الكعبة‪.‬‬ ‫نكبة الربامكة‪ :‬هم أسرة فارسية تنتسب إلى جدها برمك‪ ،‬وممن اشتهر منهم‬ ‫ً‬ ‫يحيى بن خالد بن برمك الذي أدى ً‬ ‫دورا بارزا في تأمين والية العهد للرشيد فلما تولى‬ ‫الخالفة حفظ ليحيى فضله فمنحه سلطات واسعة وامتيازات جديدة وساعده ولداه‬ ‫الفضل وجعفر مدة حوالي سبعة عشر ً‬ ‫عاما هي العصر الذهبي لهذه األسرة‪.‬‬ ‫أسباب نكبة الربامكة يف سنة ‪187‬هـ‪802/‬م‪ :‬الزندقة‪ ،‬استئثارهم بالملك‬ ‫وجمعهم األموال‪ ،‬وقيل أن مائدة الفضل بن يحيى البرمكي ضمت من ألوان الطعام ما ال‬ ‫يحصى وما غسلوا به أيديهم بعد األكل من ألوان الطيب والغالية والعنبر‪ ،‬والعباسة أخت‬ ‫الرشيد وجعفر البرمكي وأن بينهما عالقة أثمر عنها طفاًل‪ ،‬ونقل الخالفة إلى العلويين‬ ‫بإطالق سراح يحيى بن عبد اهلل العلوي من السجن‪ ،‬وكراهية زبيدة أم األمين للبرامكة‪.‬‬ ‫عبد الملك بن صالح العباسي كان يدعو لنفسه وأن البرامكة يساعدونه‪ ،‬والوشاية‬ ‫أدت في التأثير على الرشيد لإليقاع بهم‪ ،‬فأمر بقتل جعفر وحبس يحيى ومات يحيى‬ ‫والفضل في السجن وظل الباقون حتى عفا عنهم األمين‪.‬‬ ‫‪181‬‬ ‫الثورات‪ :‬ثورة رافع بن ليث بن نصر بن سيار بسمرقند وعجز عن قمعها الوالي‬ ‫علي بن عيسى والقائد هرثمة بن أعين حتى سار الرشيد بنفسه في سنة ‪193‬هـ‪808/‬م‬ ‫فهزمه وقتل أخا رافع بن الليث‪.‬‬ ‫•ثورة عرب الحوف بمصر وسكان الجهة الشرقية من الدلتا‪.‬‬ ‫•ثورة قبائل البربر في إفريقية بين سنتي ‪178‬هـ‪794/‬م و‪181‬هـ‪797/‬م‬ ‫ً‬ ‫فأرسل جيشا بقيادة هرثمة بن أعين فهزمهم ولكنه ما لبث أن عاد إلى المشرق‬ ‫ثم عين الخليفة إبراهيم بن األغلب الذي جعله ً‬ ‫أميرا على بالد إفريقية لتأديب‬ ‫البربر والوقوف في وجه األدارسة ولكنها األغالبة استقلت‪.‬‬ ‫•في عهد الرشيد إطالق سراح كثير من العلويين ممن كان منهم في بغداد‪،‬‬ ‫في عهد الرشيد أعلن يحيى بن عبد اهلل بن الحسن بن الحسن بن علي بن‬ ‫ً‬ ‫أبي طالب بطبرستان ثورته فأرسل إليه الرشيد جيشا بقيادة الفضل بن يحيى‬ ‫البرمكي وفاوضه وأقنعه بقبول التسليم والصلح واألمان حقنًا للدماء فقبله بعد‬ ‫ً‬ ‫أن كتب له الرشيد أمانا بخطه على حياته وأرسل إلى بغداد وحددت إقامته في‬ ‫بغداد ولكنه ما لبث أن نقضه وحبسه ثم إطالقه من قبل البرامكة مما كان ً‬ ‫سببا‬ ‫في نكبة البرامكة (وقيل أنه ظل في حبسه حتى مات)‪ ،‬وأما إدريس بن عبد اهلل‬ ‫فقد توجه إلى بالد المغرب األقصى فأرسل إليه رجاًل دس إليه السم فمات‬ ‫ً‬ ‫سنة ‪177‬هـ‪793/‬م وولدت زوجته ولدا سموه إدريس وبايعوه بالخالفة‪.‬‬ ‫•ثورة المحمرة بجرجان بقيادة عمرو بن محمد العمركي (طائفة من الزنادقة)‬ ‫فسار إليه علي بن عيسى بن ماهان فهزمه‪.‬‬ ‫•ثورة الخزر بالقوقاز وأرمينية سار عبد اهلل بن مالك لقمعها‪.‬‬ ‫•ثورة بالد الزاب (جنوب الجزائر) سار إبراهيم بن األغلب‪.‬‬ ‫•فتنة الشام بين النزارية واليمنية فسار جعفر بن يحيى البرمكي فهدم سور‬ ‫الموصل‪.‬‬ ‫‪182‬‬ ‫•ثورة حمزة الشاري في خراسان سار إليهم عيسى بن علي بن عيسى فهرب‪.‬‬ ‫•ثورة الخارجي الوليد بن طريف الشاري الشيباني ـ وهو من تغلب من عرب‬ ‫الجزيرة ـ بالجزيرة بمدينة نصبين ثم تقدم نحو أرمينية وآذربيجان ثم عاد إلى‬ ‫الجزيرة وعبر نهر دجلة حتى وصل إلى حلوان فسار إليه إبراهيم بن خازم بن‬ ‫ً‬ ‫خزيمة فهزم فسار إليه جيشا آخر بقيادة يزيد بن مزيد الشيباني فقتله‪.‬‬ ‫•ثورة عرب الموصل في الجزيرة ومنعوا الخراج سار إليهم الرشيد بنفسه‬ ‫وضرب مدينتهم‪ ،‬هنالك أقنع الرشيد بأن موسى الكاظم عازم على الثورة‬ ‫عليه وأن الناس يحملون إليه خمس أموالهم ويعتقدون بإمامته‪ ،‬فأمر الرشيد‬ ‫بحبسه في بغداد‪ ،‬فظل إلى أن مات سنة ‪173‬هـ‪789/‬م‪.‬‬ ‫العالقة مع شارلمان‪ :‬تبادل السفارات والهدايا بين الرشيد وشارلمان إمبراطور‬ ‫الدولة الرومانية المقدسة الذي بعث وافد من رجلين من المسيحيين ورجل من اليهود‬ ‫رغبة في تسهيل سبيل الحج المسيحي إلى بيت المقدس وإنماء التجارة‪ ،‬فأرسل إليه‬ ‫الرشيد مفاتيح كنيسة بيت المقدس وأرسل ً‬ ‫أيضا الفيل والساعة المائية الدقاقة‪.‬‬ ‫العالقة بني البزينطيني‪ :‬في سنة ‪190‬هـ‪806/‬م غزى العباسيون بقيادة حميد بن‬ ‫معيوف جزيرة قبرص فهدم وحرق وأسروا ستة عشر ألف نفس بينهم أسقف هذه الجزيرة‬ ‫نفسه‪ ،‬وفي نفس السنة فتح هرقلة‪ ،‬وبث جيوشه بأرض الروم‪ ،‬فافتتح شراحيل بن‬ ‫معن بن زائدة حصن الصقالبة‪ ،‬وفتح يزيد بن مخلد قونية‪ ،‬وكان قد تم فتح الصفصاف‬ ‫على يد الرشيد‪ ،‬وفتح مدينة دبسة على يد األمير عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح‬ ‫العباسي‪ ،‬وأغار الخزر على أرمينية‪ ،‬فأوقعوا بأهلها وسبوا ما يزيد من مائة ألف نفس‬ ‫مسلمة‪.‬‬ ‫في سنة ‪165‬هـ‪781/‬م قاد حملة عسكرية بنفسه ضد إيريني (إيزيني) وواصل‬ ‫زحفه إلى أن وصل إلى أبواب القسطنطينية وعقد الصلح على أن تدفع إيريني جزية‬ ‫سنوية ثم نقضت الهدنة فسار هارون في سنة ‪181‬هـ‪797/‬م وحارب وانتصر حتى وصل‬ ‫إلى القسطنطينية وسارت إيريني (إيزيني) إلى طلب هدنة مقابل دفع الجزية واستمرت‬ ‫‪183‬‬ ‫في دفعها إلى أن ماتت ثم خلفها اإلمبراطور نقفور األول الذي نقض الهدنة في كتاب‬ ‫كتبه إلى الرشيد في سنة ‪187‬هـ‪802/‬م وطالب بالجزية التي دفعتها اإلمبراطورة فغضب‬ ‫هارون فدعا الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه‪ ،.....> :‬والجواب ما تراه‪ ،‬ال ما‬ ‫ً‬ ‫تسمعه<‪ ،‬ثم سار ليومه مخترقا آسيا الصغرى على رأس جيش كبير بلغ تعداده ‪135‬‬ ‫ً‬ ‫ألفا سوى األتباع والمتطوعين حتى وصل إلى هرقلة (تسمى اليوم باسم أركالي وتشتهر‬ ‫بمناجم الفحم) فحاصرها واستولى عليها سنة ‪191‬هـ‪806/‬م‪ ،‬والذي عقب ذلك‬ ‫توجيه حمالت مالحقة بقيادة داود بن عيسى‪ ،‬وشراحيل بن معن بن زائدة‪ ،‬ويزيد بن‬ ‫مخلد‪ ،‬أوقعت هزائم بجيوش البيزنطيين ودمرت حصونهم واضطر نقفور إلى طلب‬ ‫الصلح وتعهد فيه بدفع الجزية من جديد‪ ،‬خمسين ألف دينار‪ ،‬وقيل ثالثمائة ألف دينار‬ ‫سنويًا‪ ،‬كما تعهد بأال يعيد ترميم الحصون التي دمرها الرشيد مثل‪ :‬هرقلة وأنقرة ودبسة‬ ‫والصفصاف‪ ،‬تستمر الهدنة لمدة ثالث سنوات ثم نقضوا وأغاروا في السنة التالية على‬ ‫الحدود‪ ،‬فسار الرشيد واستولى على المدن الكبرى في آسيا الصغرى وأسر من الروم‬ ‫عشرة آالف وأخذ الجزية وقدرها عشرون ألف قطعة من العملة الذهبية‪.‬‬ ‫•عمر في الثغور الشامية على الحدود بين آسيا الصغرى وسوريا‪ ،‬فعمر فيها‬ ‫ً‬ ‫المصيصة‪ ،‬وطرسوس‪ ،‬وأطنة (أدنة)‪ ،‬وعين زربة‪ ،‬كما أقام فيها حصونا‬ ‫جديدة مثل‪ :‬الهارونية بين مرعش وعين زربة وولى على الثغور ابنه الثالث أبا‬ ‫القاسم الملقب بالمؤتمن‪.‬‬ ‫•سفارة ملك الهند إلى هارون الرشيد وأن هذه السفارة كانت تحمل الهدايا‬ ‫الثمينة وأنها استقبلت في بغداد استقبااًل ً‬ ‫رائعا‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬في طريق عودته من الغزو توفي بمدينة طوس من خراسان (مشهد الحالية‬ ‫في إيران)‪ ،‬ودفن بها في سنة ‪193‬هـ‪809/‬م‪.‬‬ ‫‪184‬‬ ‫األمني (‪198-193‬هـ = ‪813-809‬م)‬ ‫هو أبو عبد اهلل‪ ،‬محمد األمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور‬ ‫الهاشمي العباسي‪ ،‬ولد من أم اسمها زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور ـ اسمها‬ ‫أمة العزيز‪ ،‬وزبيدة لقب لها‪ ،‬اجتمعت لها خصائل‪ :‬فإن المنصور جدها‪ ،‬والسفاح‬ ‫أخو جدها‪ ،‬والمهدي عمها‪ ،‬والرشيد زوجها‪ ،‬واألمين ابنها‪ ،‬والمأمون والمعتصم‬ ‫ابناء زوجها‪ ،‬والواثق والمتوكل أبناء ابن زوجها ـ كان ولي عهد أبيه‪ ،‬فلما مات الرشيد‬ ‫بطوس‪ ،‬بويع لولده األمين فصلى بالناس الجمعة ببغداد ثم نعى الرشيد‪ ،‬وأخذ رجاء‬ ‫الخادم البرد والقضيب والخاتم‪ ،‬وسار من مرو حتى وصل بغداد‪ ،‬فدفع ذلك إلى‬ ‫األمين‪ ،‬وكان أول من دعا له بلقبه على المنابر ولم يلي الخالفة في بني العباس هاشمي‬ ‫ابن هاشمية سوى األمين‪ ،‬ولما ولي وجه إلى اآلفاق في طلب الملهين وأجرى لهم‬ ‫األرزاق‪ ،‬وابتاع الخصيان‪ ،‬وأمر ببناء ميدان جوار قصر المنصور للعب الكرة‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عالما بالشعر‪ ،‬واقتنى الوحوش والسباع والطيور‪ ،‬وكان رجاًل مثقفا واسع االطالع في‬ ‫اللغة والفقه واألدب والتاريخ‪ ،‬وكان حاد الذكاء وقد شهد بذلك أساتذته كالكيسائي‬ ‫واألصمعي‪ ،‬وأمر األمين بتحلية باب الكعبة بصفائح الذهب‪ ،‬وعفا عن بقية البرامكة؛‬ ‫وعزل أخاه القاسم عما كان الرشيد واله‪ ،‬وكان وزيره الفضل بن الربيع‪ :‬وهو الذي‬ ‫شجع األمين على خلع أخيه المأمون وتولية ابنه موسى سنة ‪195‬هـ‪810/‬م والية العهد‬ ‫وسماه الناطق بالحق‪.‬‬ ‫•ثورة في بالد الشام بقيادة السفياني‪ :‬علي بن عبد اهلل بن خالد بن يزيد‪.‬‬ ‫مقتل األمني (الزناع بني األمني والمأمون)‪ :‬بدأ النزاع على شكل مراسالت‬ ‫وسفارات متبادلة بين األخوين حول العهد بشؤون خراسان بل ينبغي للخليفة شيء من‬ ‫ً‬ ‫النفوذ وأن يضع على خراسان بريدا ولكن المأمون رفض‪ ،‬ثم طلب األمين من المأمون‬ ‫أن يتنازل له عن بعض كور خراسان بحجة أن مال خراسان يكفيها ولكن المأمون رفض‪.‬‬ ‫بعد فشل المفاوضات السلمية بدأ االحتكام للسيف ففي أوائل سنة ‪195‬هـ‪810/‬م‬ ‫أمر األمين بوقف الدعاء للمأمون وأعلن البيعة البنه موسى ولقبه الناطق بالحق ونهى‬ ‫‪185‬‬ ‫عن ذكر المأمون والمؤتمن على المنابر‪ ،‬وبعث من سرق الكتب من الكعبة وحرقهما‬ ‫وقيل أنه أمر بإحضار الكتب التي كتبها الرشيد وأودعها الكعبة بترتيب والية العهد من‬ ‫بعده ومزقها مما جعل المأمون يأمر الجيش الذي كان ـ رفض األمين القبض على ولدي‬ ‫المأمون اللذين كانا في بغداد ـ على حدود خراسان في منطقة الري وولى عليه قائدين‬ ‫هما‪ :‬طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين وأمرهما بالتوجيه إلى بغداد وأما األمين فسير‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫جيشا بقيادة علي بن عيسى بن ماهان نحو الري لمقابلة الجيش المتقدم ولكنه هزم وقتل‬ ‫ً‬ ‫القائد علي في سنة ‪195‬هـ‪810/‬م من قبل قائد المأمون طاهر ثم أرسل األمين جيوشا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أخرى إلى الري ولكنها هزمت ثم أمر المأمون القائدين طاهر وهرثمة بالتقدم من الري‬ ‫فسيطر على ما يقابلهما من أقاليم خاضعة لألمين فاستولى على أقاليم الجبال جنوب‬ ‫بحر قزوين ثم سار إلى األهواز‪ ،‬فواسط والمدائن حتى أصبح على مقربة من بغداد‬ ‫فحاصر هرثمة بن أعين الجانب الشرقي من بغداد وطاهر بن الحسين الجانب الغربي‬ ‫لمدة اثنى عشر ً‬ ‫شهرا وعمدا إلى االستمالة بالهدايا والهبات واشتد بها الجوع ثم استولى‬ ‫ُ‬ ‫طاهر على بعض أحياء بغداد وأضطر األمين إلى طلب األمان والتسليم فركب في السفينة‬ ‫مع هرثمة في نهر دجلة فهاجمه أفراد جيش طاهر فانقلبت فسبح األمين إلى الشاطئ‬ ‫في الجانب الشرقي‪ ،‬فهجم عليه الجنود الخراسانيون وقتلوه وأرسلوا برأسه وبالبرد‬ ‫والقضيب والمصلى ـ وهو سعف مبطن ـ إلى المأمون‪.‬‬ ‫املأمون (‪218-198‬هـ = ‪833-813‬م)‬ ‫هو أبو العباس‪ ،‬وقيل أبو جعفر‪ :‬عبد اهلل المأمون بن هارون الرشيد الهاشمي‪،‬‬ ‫ولد سنة ‪170‬هـ‪786/‬م في اليوم الذي ولى أبوه الرشيد الخالفة وقبل مولد األمين‬ ‫بأربعة أشهر في ربيع‪ ،‬وكان من أم فارسية تدعى مراجل‪ ،‬فهو يميل إلى الفرس تارة ثم‬ ‫ُ‬ ‫إلى العلويين تارة أخرى ثم يميل إلى السنة تارة ثالثة فاستطاع أن يرضي جميع األحزاب‬ ‫ويتغلب على معظم الصعاب‪.‬‬ ‫بعد قتل األمين وإرسال رأسه إلى خراسان تمت البيعة للمأمون وهو بخراسان‬ ‫فمكث بها ست سنوات ثم انتقل إلى بغداد سنة ‪204‬هـ‪819/‬م‪.‬‬ ‫‪186‬‬ ‫ولما استقر ببغداد جمع الفقهاء من اآلفاق وحرص على نقل التراث الهليني‬ ‫والشرقي إلى العربية ـ وكان قد بدأت حركة النقل في عهد أبي جعفر المنصور ـ وعُني‬ ‫بالفلسفة وعلوم األوائل‪ ،‬فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن في سنة ‪212‬هـ‪827/‬م إذ‬ ‫جعل القول بخلق القرآن عقيدة رسمية للدولة وكتب إلى اآلفاق بامتحان الفقهاء فيها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫جهارا اعتناقه لها ضرب وقيد وأرسل إلى بغداد لمحاكمته وحبسه وظلت‬ ‫فمن لم يعلن‬ ‫في عهد المعتصم وإن خفت حدتها ً‬ ‫كثيرا ثم تعود إلى االشتداد لعهد الواثق ويعود معها‬ ‫العنف بالفقهاء حتى إذا ولي المتوكل أمر في أوائل خالفته وقف القول لخلق القرآن‪.‬‬ ‫ما أتاه المأمون من محنة الناس في القول بخلق القرآن من عقيدة حركة االعتزال‬ ‫(العدل والتوحيد ـ هم يسمون أنفسهم ـ)‪ :‬أن اإلنسان حر اإلرادة وله قدرة على أعماله‪،‬‬ ‫ُسمي هؤالء بالقدرية أو المعتزلة‪ ،‬وسبب التسمية‪ :‬راجع إلى اعتزال واصل بن عطاء وعمرو‬ ‫بن عبيد حلقة أستاذهما الحسن البصري بسبب اختالفهما معه في بعض المسائل الفقهية‬ ‫ً‬ ‫وأنها اعتزلت أو خالفت األقوال السابقة وأحدثت رأيًا جديدا‪ :‬ال حدود للعقل‪.‬‬ ‫وقالوا‪ :‬أن القرآن مخلوق كسائر المخلوقات‪ ،‬نشأت في البصرة وسرعان ما‬ ‫انتشرت في العراق وفي العصر العباسي األول حيث وافقهم الخليفة المأمون وحمل‬ ‫الناس على القول بذلك فكتب إلى والي بغداد يطلب منه امتحان القضاة في مسألة خلق‬ ‫ً‬ ‫القرآن وكذا الخليفة المعتصم تنفيذا لوصية أخيه المأمون في تأييده للمعتزلة في رأيهم‬ ‫القائل بخلق القرآن وللمعتزلة مدرستان‪ -1 :‬مدرسة البصرة‪ -2 ،‬مدرسة بغداد‪.‬‬ ‫•وكان يقال لبني العباس فاتحة‪ ،‬وواسطة‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬فالفاتحة السفاح‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأمارا‬ ‫والواسطة المأمون‪ ،‬والخاتمة المعتضد‪ ،‬وكان المأمون حافظا للقرآن‪،‬‬ ‫بالعدل‪ ،‬جلس للمظالم كل يوم أحد‪ ،‬وللمناظرة في الفقه يوم الثالثاء‪ ،‬فقيه‬ ‫النفس‪ ،‬يعد من كبار العلماء‪ ،‬وكان يشرب النبيذ‪.‬‬ ‫•اعتنى بحركة الترجمة من اللغات اليونانية والسريانية والفارسية إلى العربية‪،‬‬ ‫وأنفق عليها األموال وممن برز منهم‪ :‬بختيشوع‪ ،‬والحجاج بن مطر‪ ،‬وثابت‬ ‫ابن قرة‪ ،‬وحنين بن إسحاق‪.‬‬ ‫‪187‬‬ ‫•كذلك ازدهرت في عهده صفقات شراء الكتب العلمية في بالد البيزنطين‪.‬‬ ‫•كذلك أسهم المأمون بتوفير الماء للحاج وذلك بتعمير البرك واآلبار على‬ ‫طريق الحج العراقي والشامي‪ ،‬مع حفر خمس برك ألهل مكة‪.‬‬ ‫•أن أول من كساها الديباج األبيض المأمون ـ واستمر ذلك بعده إلى أيام‬ ‫الخليفة الناصر لدين اهلل إال أن محمود بن سبكتكين كساها في خالل هذه‬ ‫ً‬ ‫المدة ديباجا أصفر ـ‪ ،‬وكذا أمر بكسوتها ثالث مرات ـ كانت تكسى مرتين‬ ‫في السنة ـ‪ .‬وكذا أرسل ياقوتة كانت تعلق كل سنة في وجه الكعبة في الموسم‬ ‫بسلسلة من ذهب‪.‬‬ ‫•من بين الخلفاء الذين أقبلوا على لعبة الشطرنج ببغداد بعد قدومه من خراسان‬ ‫إليها‪ ،‬وكذلك شجع المأمون المناظرات الكالمية والبحث العقلي‪.‬‬ ‫ومن أشهر العلماء‪ -1 :‬إبراهيم النظام (ت‪220‬هـ‪835/‬م)‪ -2 ،‬أبو الهذيل‬ ‫العالق (ت‪235‬هـ‪849/‬م)‪ -3 ،‬أبو عثمان الجاحظ (ت‪254‬هـ‪868/‬م)‪.‬‬ ‫•أن مائدة المأمون ضمت ذات يوم أكثر من ثالثمائة لون‪ ،‬وكلما وضع لون‬ ‫بين المأمون منافعه ومضاره‪.‬‬ ‫•إنفاق المأمون على طعامه ً‬ ‫يوميا ستة آالف دينار‪.‬‬ ‫•أنفق وزير المأمون ابن أبي خالد على طعامه ً‬ ‫يوميا ألف درهم‪.‬‬ ‫•أعطى المأمون بوران بنت الحسن بن سهل عندما تزوجها ألف ياقوتة وأوقد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حصيرا منسوجا بالذهب وكلاًل بالدر والياقوت‪،‬‬ ‫لها شموع العنبر وبسط لها‬ ‫وقدرت نفقات الزواج بخمسين مليون درهم‪ ،‬وكتب رقاعًا فيها أسماء‬ ‫ً‬ ‫جواهرا بين يدي‬ ‫ضياع له‪ ،‬ونثرها على القواد‪ ،‬والعباسين ونثر صينية ملئت‬ ‫المأمون‪.‬‬ ‫•أن المأمون نوع في مجالسه بحيث تكون لكل طائفة من العلماء مجلس‪،‬‬ ‫وكانت هذه المناظرة تعقد يوم الثالثاء‪.‬‬ ‫‪188‬‬ ‫•أن الشعراء يلبسون الوشى والمقطعات الحريرية‪ ،‬ويلبس المغنون قطوع‬ ‫الديباج والخز‪.‬‬ ‫في سنة ‪201‬هـ‪816/‬م جعل المأمون اإلمام علي الرضا بن موسى الكاظم ـ‬ ‫لقب بالكاظم ألنه كان يحسن إلى من يسيء إليه ـ بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن‬ ‫علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ وهو اإلمام الثامن عند اإلمامية‬ ‫االثنى عشرية ـ وبايعه بوالية عهده ولقبه بالرضا من آل محمد وزوجته ابنته أم حبيب‬ ‫وأمر جنوده بطرح السواد ولبس الثياب الخضراء ـ شعار العلويين ـ وضرب الدراهم‬ ‫باسمه وخطب له مع الخليفة على المنابر‪ ،‬فثار أهل بغداد وبايعوا عمه إبراهيم بن‬ ‫المهدي خليفة ولقبوه بلقب المبارك‪ ،‬فسار المأمون من مرو إلى بغداد وفي الطريق قتل‬ ‫وزيره الفضل بن سهل وقيل قتل ولي العهد علي الرضا في مدينة سرخص‪ ،‬وقيل بل‬ ‫مات من جراء اضطراب في الجهاز الهضمي‪ ،‬وإن كانت الشيعة تتهم المأمون بقتله بأن‬ ‫ً‬ ‫دس إليه من أطعمه ً‬ ‫مسموما فدفن بجوار قبر الرشيد في طوس في سنة‬ ‫عنبا أو شرابًا‬ ‫‪203‬هـ‪818/‬م فلما وصل المأمون إلى بغداد سنة ‪204‬هـ‪819/‬م بايعه أهلها وخلعوا‬ ‫إبراهيم واختفى عمه إبراهيم لمدة ثماني سنوات ثم شفع فيه لدى المأمون‪.‬‬ ‫ولى المأمون طاهر بن الحسين على خراسان سنة ‪205‬هـ‪820/‬م فعمد إلى قطع‬ ‫ً‬ ‫طاهرا أن توفي بالحمى قبل أن‬ ‫اسم الخليفة المأمون في خطبة الجمعة ولكن ما لبث‬ ‫يصل إليه أمر الخليفة بتدبير قتله وولى على خراسان من بعده ابنه طلحة بن طاهر بن‬ ‫الحسين وبذلك قامت في خراسان أول إمارة شبه مستقلة في الدولة العباسية وهي الدولة‬ ‫الطاهرية‪.‬‬ ‫الوزراء‪ :‬الفضل بن سهل السرخسي وأخيه الحسن بن سهل وتزوج ابنته بوران بنت‬ ‫الحسن‪ ،‬قتله المأمون وهو في طريق عودته من مرو إلى بغداد في الحمام في مدينة‬ ‫سرخص على يد أربعة رجال وكان قد خلع عليه لقب >ذو الرئاستين< أي رئاسة السيف‬ ‫ورئاسة القلم وهو أول وزير اجتمع له اللقب والتأمير وكان يقال له‪> :‬الوزير األمير<‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد قتل القائد هرثمة بن أعين بوشاية من قبل الوزير الفضل فأمر المأمون بحبسه ثم‬ ‫قتله‪ ،‬والفضل بن الربيع‪ :‬تسلم الوزراة مدة ثم حبس ثم عفا عنه‪.‬‬ ‫‪189‬‬ ‫ممن اشتهر من الكتاب‪ :‬الحسن بن سهل‪ ،‬وأحمد بن يونس‪ ،‬وفي سنة‬ ‫‪204‬هـ‪819/‬م عزل الحسن بن سهل عن والية العراق وأمر الناس بلبس السواد مرة ثانية‪.‬‬ ‫بيت احلكمة‪ :‬في سنة ‪215‬هـ‪830/‬م تم تأسيس بيت الحكمة بمثابة معهد علمي‬ ‫يضم مكتبة لحفظ الكتب ونسخها وتدريسها وتعريبها إضافة إلى مرصد فلكي‪.‬‬ ‫الثورات‪ :‬ثورة بابك‪ :‬في سنة ‪201‬هـ‪816/‬م ثار بابك الخرمي على المأمون‬ ‫واعتصم باألقاليم الجبلية الشمالية الشرقية في منطقة حران شمال الشام وآذربيجان في‬ ‫المناطق الواقعة إلى الغرب من بحر قزوين‪ ،‬واستقل عن الدولة العباسية اثنتى وعشرون‬ ‫سنة من ‪201‬هـ‪ 816/‬لغاية ‪223‬هـ‪837/‬م وأن روح جاويدان قد حلت به ونشر مبادئ‬ ‫ُ‬ ‫اإلباحية وسارت إليه الجيوش في عهد المأمون وفي عهد أخيه المعتصم حتى قتل بابك‬ ‫سنة ‪223‬هـ‪837/‬م فأرسل إليه الحملة تلو الحملة وعين األفشين حيدر بن كاوس ً‬ ‫أميرا‬ ‫على الجبال فحاربه حتى تمكن من أسره وسيره إلى سامراء وطافوا به شوارعها ثم قطعوا‬ ‫رأسه‪.‬‬ ‫•ثورة إبراهيم بن موسى العلوي باليمن‪.‬‬ ‫•ثورة عبد الرحمن بن أحمد بن عبد اهلل بن محمد بن عمر بن علي بن أبي‬ ‫طالب ببالد عك باليمن فسار إليه القائد دينار بن عبد اهلل‪.‬‬ ‫•ثورة ابن طباطبا بالكوفة وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن‬ ‫الحسن بن علي بن أبي طالب سار إليه القائد زاهر بن زهير بن المسيب‪.‬‬ ‫•ثورة الزط‪ :‬في جنوب العراق بنواحي البصرة ـ الزط جيل من السند موطنه‬ ‫في شمال غرب الهند ثم ارتحلوا إلى نواحي البصرة واستقروا في البطائح‬ ‫بين واسط والبصرة ـ فغلب الزط على طريق البصرة وأرسل المأمون حملتين‬ ‫في سنتي ‪205‬هـ‪820/‬م و‪206‬هـ‪821/‬م لم تتمكن من قمع الثورة بل ازداد‬ ‫خطرهم حتى فرضوا المكوث على السفن الداخلة إلى بغداد وحالوا دون‬ ‫وصول األقوات إلى بغداد وظلوا في ثورة حتى عهد المعتصم فسار إليهم‬ ‫‪190‬‬ ‫القائد عجيف بن عنبسة فهزمهم ونفاهم إلى مدينة عين زوربة في منطقة‬ ‫ً‬ ‫الثغور اإلسالمية بآسيا الصغرى ويقدر عددهم نحو ستة وعشرين ألفا‪ ،‬وفي‬ ‫سنة ‪241‬هـ‪855/‬م هاجمهم الروم وتم أسرهم‪.‬‬ ‫•ثورة في الشام والجزيرة بقيادة نصر بن سيار بن شيت فسار إليهم عبد اهلل بن‬ ‫طاهر فاستطاع تهدئتهم برفع الكثير من الضرائب عن كاهلهم‪.‬‬ ‫•ثورة بمصر‪ :‬قامت ثورة الربض في العاصمة قرطبة على الحكم بن هشام األموي‬ ‫باألندلس‪ ،‬فأمر بنفيهم من األندلس فعبر بعضهم إلى المغرب األقصى واستقروا‬ ‫ً‬ ‫في فاس‪ ،‬أما البعض اآلخر فقد واصلوا سيرهم في البحر شرقا حتى بلغوا‬ ‫شواطئ اإلسكندرية فنزلوا في ضواحيها في أوائل عصر المأمون واستولوا على‬ ‫مدينة اإلسكندرية بمعاونة أعراب البحرية وأسسوا فيها إمارة أندلسية مستقلة‬ ‫عن الخالفة العباسية دامت أكثر من عشر سنوات‪ ،‬ثم أرسل المأمون في سنة‬ ‫‪212‬هـ‪828/‬م قائده عبد اهلل بن طاهر بن الحسين إلى مصر فعقد الصلح على‬ ‫مغادرة الديار المصرية وعلى أن يمدهم بالمال والسالح ليتوجهوا من اإلسكندرية‬ ‫إلى جزيرة كريت فاستولوا عليها بقيادة زعيمهم أبي حفص عمر البلوطي في سنة‬ ‫‪213‬هـ‪829/‬م وبعد هذا التاريخ بدأ دخول اإلسالم إلى كريت وصارت قاعدة‬ ‫بحرية إسالمية إلى سنة ‪350‬هـ‪961/‬م‪ ،‬ثم استعادها البيزنطيون‪.‬‬ ‫•وبعد رحيل عبد اهلل بن طاهر عن مصر ثار أهلها فسار إليهم المعتصم‪.‬‬ ‫•في سنة ‪216‬هـ‪831/‬م قام األقباط بثورة عمت الوجه البحري كله واستمرت‬ ‫ثمانية أشهر فسار المأمون بنفسه‪ ،‬وكان واليه على مصر عيسى بن منصور‪،‬‬ ‫فأمر بعزله واستعمل الشدة في إخماد الثورة‪.‬‬ ‫•ثورة نصر سيار بن شيت العقيلي في حلب وتغلب على ما جاوره من البلدان‬ ‫ثم حاصر حران شمال الشام‪ ،‬سار إليه عبد اهلل بن طاهر بن الحسين وهزمه‬ ‫وقبض عليه وأرسله إلى المأمون‪.‬‬ ‫•في سنة ‪199‬هـ‪814/‬م ثورة أبو السرايا السري بن منصور الشيباني ـ قائد عربي‬ ‫ـ في الكوفة جنوب العراق فسير إليه الحسن بن سهل الجيوش فانتصر عليها‬ ‫‪191‬‬ ‫واستولى على البصرة والقادسية وواسط وضرب النقود باسمه وأرسل والته إلى‬ ‫مكة والمدينة وسائر بالد العرب وأقام بالعراق حكومة علوية‪ ،‬فسار إليه القائد‬ ‫ُ‬ ‫هرثمة بن أعين فهزم وقتل أبو السرايا وهرب أتباعه في سنة ‪201‬هـ‪816/‬م وقيل‬ ‫سنة ‪200‬هـ‪815/‬م‪.‬‬ ‫•في سنة ‪203‬هـ‪818/‬م ولى المأمون محمد بن إبراهيم بن عبد اهلل بن‬ ‫ً‬ ‫حاكما على اليمن‪ ،‬فقمع الثورات وسيطر على تهامة‪ ،‬وحضرموت‬ ‫زياد‬ ‫والشحر‪ ،‬وأبين وأختط مدينة زبيد وظل يحكمها لمدة عشرين ً‬ ‫عاما إلى سنة‬ ‫موال للدولة العباسية فأقام الخطبة والسكة وإرسال‬ ‫‪225‬هـ‪839/‬م‪ ،‬وكان‬ ‫ٍ‬ ‫الهدايا واألموال كما أمدتهم الدولة العباسية بجند من خراسان لتعزيز سلطانهم‬ ‫باليمن‪ ،‬وظلوا في الحكم لغاية القرن الرابع الهجري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫احلمالت ضد البزينطيني‪ :‬سار المأمون بنفسه متوغاًل وأحيانا إلى ابنه العباس‬ ‫في أراضي آسيا الصغرى ففتح حصن قرة‪ ،‬وحصن ماجدة عنوة‪ ،‬وكانت وفاة المأمون‬ ‫في آخر غزوة من غزواته في األراضي البيزنطية شمالي مدينة طرسوس إلصابته بالحمى‬ ‫سنة ‪218‬هـ‪833/‬م‪.‬‬ ‫•االستيالء على صقلية من قبل زيادة اهلل األغلبي سنة ‪212‬هـ‪827/‬م بقيادة‬ ‫قاضي القيروان أسد بن الفرات بن سنان على مائة مركب حاملة عشرة آالف‬ ‫جندي انطلقوا من سوسة (بلدة بتونس ً‬ ‫حاليا) إلى جنوب صقلية‪ ،‬فتقاتلوا مع‬ ‫الروم وتم االستيالء على سرقوسة شرقي الجزيرة سنة ‪213‬هـ‪828/‬م وتم‬ ‫فتح صقلية‪.‬‬ ‫•أخذ في تدعيم حركة توماس الصقلبي ضد االمبراطور البيزنطي ميخائيل‬ ‫الثاني سنة ‪206‬هـ‪821/‬م وأمده بالمال والسالح ولكنه قتل (توماس) سنة‬ ‫‪208‬هـ‪823/‬م‪.‬‬ ‫•أهدى ملك الروم إلى المأمون هدية‪ ،‬فيها مائتا رطل مسك‪ ،‬ومائتا جلد‬ ‫سمور فقال‪ :‬أضعفوها له ليعلم عز اإلسالم‪.‬‬ ‫‪192‬‬ ‫في سنة ‪218‬هـ‪833/‬م خرج المأمون على رأس جيش لفتح القسطنطينية ولكنه‬ ‫توفي‪ ،‬وكان قد عهد بالخالفة من بعده إلى أخيه أبي إسحاق المعتصم ودفن بطرسوس‪.‬‬ ‫املعتصم باهلل (‪227-218‬هـ = ‪842-833‬م)‬ ‫هو أبو إسحاق‪ :‬محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور‬ ‫العباسي‪ ،‬ولد من أم اسمها ماردة‪ ،‬لقب بالمثمن ألنه ثامن ولد للعباس‪ ،‬والثامن من‬ ‫الخلفاء من ذريته‪ ،‬وثامن من أوالد الرشيد‪ ،‬ومكث في الخالفة ثماني سنوات وثمانية‬ ‫أشهر وثمانية أيام‪ ،‬وأنه تمكن من إحراز ثماني فتوحات‪ ،‬أنه ولد في شعبان ثمانين‬ ‫ومائة‪ ،‬وأنه خلف ثمانية بنين وثماني بنات‪ ،‬وأنه فتح ثمانية فتوح‪ ،‬بويع له بالخالفة يوم‬ ‫مات أخوه المأمون بطرسوس ورفض الجند في بادئ األمر وأرادوا توليتها العباس بن‬ ‫المأمون‪ ،‬ولكن العباس أسرع إلى مبايعة عمه بالخالفة‪ ،‬فحذا الجيش حذوه بعد ذلك‪.‬‬ ‫•أولع بالعمارة والزراعة وكرس وقته لتشييد القصور وتخطيط الحدائق‬ ‫ً‬ ‫والبساتين‪ ،‬وكان ذا شجاعة‪ ،‬وقوة‪ ،‬وهمة‪ ،‬وهيبة‪ ،‬ومن أشد الناس بطشا‪،‬‬ ‫وهو أول خليفة أدخل األتراك الديوان‪ ،‬وبلغت غلمانه األتراك بضعة عشر‬ ‫ً‬ ‫ألفا‪ ،‬وسلك ما كان عليه المأمون من حمل الناس على القول بخلق القرآن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقتل عليه خلقا من العلماء‪ ،‬وضرب اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬ولم يجتمع‬ ‫الملوك بباب أحد اجتماعها بباب المعتصم‪ ،‬أسر ملك آذربيجان‪ ،‬وملك‬ ‫طبرستان‪ ،‬وملك استنيسان‪ ،‬وملك الشياصح‪ ،‬وملك فرغانة‪ ،‬وملك كابل‪،‬‬ ‫وملك طخارستان‪ ،‬وكان أول من ثرد الطعام وكثره‪ ،‬حتى بلغ ألف دينار‪،‬‬ ‫ولما كتب إليه ملك الروم كتابًا يهدده فيه‪ ،‬فال للكاتب‪ :‬اكتب بسم اهلل‬ ‫الرحمن الرحيم‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد قرأت كتابك‪ ،‬وسمعت خطابك‪ ،‬والجواب‬ ‫ما ترى‪ ،‬ال ما تسمع‪ ،‬وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار‪ ،‬أمر بلبس القالنس‬ ‫(المعتصميات)‪ ،‬واستبدل قفل الكعبة بآخر من ذهب‪ ،‬ومن وزرائه‪ :‬محمد بن‬ ‫ُ‬ ‫عبد الملك‪ ،‬وممن اشتهر من الكتاب‪ :‬الحسن بن وهب‪ ،‬وأحمد بن المدبر‪.‬‬ ‫‪193‬‬ ‫•بناء سامراء (سر من رأى) على مسافة مائة كيلو متر شمالي بغداد إلسكان‬ ‫جنده األتراك‪ ،‬تتميز بمئذنة جامعها ذات الساللم الخارجية (الملوية) التي‬ ‫طراز أبراجها البابلية القديمة المعروفة باسم الزكورات‪.‬‬ ‫•وينوه المؤرخون بأناقة المعتصم حتى قيل أن ثيابه كانت تشبه بالزهرة لتألقها‪،‬‬ ‫واشتهر بلبس قالنس طويلة ذات ألوان مختلفة سميت بالمعتصميات‪.‬‬ ‫•ثورة األكراد في الموصل‪.‬‬ ‫•تخلص من محمد الجواد بن علي الرضا‪.‬‬ ‫•ثورة أبو حرب المبرقع اليماني بفلسطين بالشام فسار إليه القائد رجاء بن‬ ‫أيوب‪.‬‬ ‫•ثورة مازيار بن قارن بن يزد أهرمز الفارسي بامل طبرستان ـ وكان المازيار قد اعتنق‬ ‫المازيار اإلسالم وتسمى باسم محمد وواله المأمون على طبرستان فاستغل ما‬ ‫حدث من الخالف بين الطاهريين واألفشين الذي حرض المازيار على الثورة كما‬ ‫كاتب المازيار بابك الخرمي للمساعدة‪ ،‬حيث يجمع األفشين والمازيار وبابك‬ ‫ً‬ ‫مزيجا من الدوافع العنصرية والدينية‪ ،‬دين مذهب الثنوية واجملوس والخرمية‬ ‫ـ والسياسية ولكن حركة هؤالء لم تصمد في قوة دولة الخالفة وخلفائها فلم‬ ‫يكلفهم الكثير من الجهد للقضاء على حركتهم وقتلهم ـ فأرسل إليه عبد اهلل‬ ‫بن طاهر وقبض عليه وأرسله إلى المعتصم حيث قتله ثم صلبه إلى جانب‬ ‫بابك وأظهر فيها أمر الرسائل التي بعث بها األفشين يحرضه فيها على الخليفة‬ ‫ووالي خراسان وعلى أثر ذلك تنكر المعتصم لألفشين وأمر بحبسه‪.‬‬ ‫•ثورة محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب‬ ‫بخراسان‪ ،‬حارب جيوش الخالفة في عدة مواقع إال أن عبد اهلل بن طاهر‬ ‫والي خراسان قبض عليه وأرسله إلى المعتصم فحبسه بسامراء حتى مات‪.‬‬ ‫•في سنة ‪220‬هـ‪835/‬م أرسل قائده عجيف بن عنبسة للقضاء على ثورة الزط‬ ‫ـ كانت بدأت في عهد المأمون ـ بالبصرة‪.‬‬ ‫‪194‬‬ ‫•ثورة بابك الخرمي التي قضى عليها القائد حيدر بن كاوس (األفشين)‪.‬‬ ‫العالقات مع البزينطيني‪ :‬في سنة ‪223‬هـ‪838/‬م أغار ثيوفيل على منطقة أعالي‬ ‫الفرات بآسيا الصغرى واستولى على زبطرة وخربها وأسر من فيها من المسلمين ومثل‬ ‫بهم وسبى المسلمات وهدمها فغضب المعتصم ألنها مسقط رأس والدة الخليفة‪ ،‬إضافة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إلى أن امرأة هاشمية أخذت تصيح >وامعتصماه< فأعد جيشا كثيفا وخرج على رأس هذا‬ ‫ً‬ ‫متوجها صوب عمورية مسقط رأس ثيوفيل وناقشا على درع كل جندي عمورية‬ ‫الجيش‬ ‫وسير ً‬ ‫أيضا جيشين لتلقي الجيوش الثالثة عند سهل أنقرة لفتحها واستطاع األفشين‬ ‫التقدم وفتح سيواس‪ ،‬وتوقات وحاصرت الجيوش الثالثة أنقرة التي ما لبث أن سقطت‬ ‫ً‬ ‫مقدما اعتذاره‬ ‫بيد الخليفة المعتصم فدمرها ولم يسعى ثيوفيل بعدها إلى طلب الصلح‬ ‫ً‬ ‫عن مذابح زبطرة ومتعهدا بإعادة بناء زبطرة وإعادة أهلها واألسرى إلى زبطرة‪ ،‬ولكن‬ ‫الخليفة رفض وتابع تقدمه نحو عمورية‪ ،‬فوصلها في سبعة أيام وشرع في حصارها‬ ‫وقذفها بالمناجيق لمدة أسبوعين مما أدى إلى التهام النيران للمدينة فاستسلمت‪ ،‬وأسر‬ ‫المسلمون ً‬ ‫كثيرا من أهلها وهدم المعتصم سورها وكان يرافقه الشاعر أبو تمام الذي خلد‬ ‫هذا الفتح بقصيدة عصماء وهي هذه‪:‬‬ ‫السيف أصدق انباء من الكتب‬ ‫في حده الحد بين الجد واللعب‬ ‫ثم عقدت الهدنة بين الطرفين‪ ،‬وكذلك هدم مدينة طوانة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫في سنتي ‪227‬هـ‪899/‬م‪228 ،‬هـ‪900/‬م في عهدي المعتصم‪ ،‬والواثق هزم يعفر‬ ‫بن عبد الرحمن الحولي ـ مؤسس الدولة اليعفرية في شبام باليمن في خالفة المعتصم‬ ‫ـ من قبل نائب الخليفة العباسي على صنعاء‪ ،‬وانسحب إلى مدينة شبام واتخذها ً‬ ‫مقرا‬ ‫لحكمه ولدولته‪ ،‬فأقره المتوكل‪ ،‬وكذا المعتمد والموفق ابنه محمد بن يعفر وأقاموا‬ ‫الخطبة والسكة للدولة العباسية وظلت اليعفرية في شبام لغاية ‪228‬هـ‪900/‬م‪.‬‬ ‫اقتن�اء األتراك‪ :‬لقد ساءت العالقات بين العباسين والخراسانيين منذ انتقال‬ ‫المأمون من مرو ولم يثق بالعرب ألنهم فقدوا الكثير من مقومات قوتهم السياسية‬ ‫‪195‬‬ ‫والعسكرية مما حمل بالمعتصم على أن يصبح الحرس التركي مسؤواًل عن أمر سالمته‬ ‫الشخصية وكذا قيادة الجيوش‪ ،‬وبدأ عددهم يتزايد وهم من أقاليم ما وراء النهر من‬ ‫سمرقند‪ ،‬وفرغانة‪ ،‬والشاش‪ ،‬وأشروسنة‪ ،‬وخوارزم‪ ،‬وأسكنهم سامراء وألبسهم أنواع‬ ‫الديباج ومناطق الذهب فكانوا يطردون خيلهم في بغداد‪ ،‬ويؤذون الناس وضاقت بهم‬ ‫بغداد‪ ،‬وتذمر أهلها منهم فكان ذلك سبب بنائه وأسكنهم سامراء (سر من رأى)‪ ،‬وكان‬ ‫لهذا األمر عواقب منها‪:‬‬ ‫•ثورة القادة العرب على حكم المعتصم حيث دبروا مؤامرة الغتياله ولكنها‬ ‫فشلت‪.‬‬ ‫•أدت على المدى الطويل إلى إضعاف سلطة الخليفة بل إلى قتل الخلفاء‬ ‫وإلى توليتهم وعزلهم وإلى إظهار اإلسالم ويسر اجملوسية مثل القائد حيدر‬ ‫بن كاوس (األفشين) الذي قتله المعتصم بعد أن حبسه ثم منع عنه الطعام‬ ‫ُ‬ ‫حتى مات ثم أحرق بالنار في سنة ‪226‬هـ‪840/‬م وسبب القبض عليه أن‬ ‫ُ‬ ‫مازيار بن قارن الفارسي الثائر بطبرستان لما قبض عليه أظهر الرسائل التي‬ ‫بعث بها األفشين يحرضه فيها على الخليفة ووالي خراسان وعلى أثر ذلك‬ ‫ً‬ ‫مجلسا لمحاكمته في سنة‬ ‫تنكر المعتصم لألفشين وأمر بحبسه ومعقد له‬ ‫‪225‬هـ‪839/‬م وتولى أمر محاكمته محمد بن عبد الملك الزيات وزير‬ ‫المعتصم وانتهت بإعادته إلى السجن وظل به حتى مات ثم أحرق وقد وجد‬ ‫في حوزة األفشين عدة أصنام وبعض كتب اجملوس وأنه كان يظهر اإلسالم‬ ‫ويسر اجملوسية‪ ،‬قتل القائد أشناس‪ ،‬قتل القائد إيتاخ‪ ،‬أن المعتصم كتب‬ ‫إلى عامله التركي على مصر ويدعى كيدر يأمره بإسقاط العرب من ديوان‬ ‫الجند ففعل ذلك بينما تحول العرب إلى األعمال الزراعية والتجارية إلى‬ ‫جانب اشتراكهم في القتال عند الضرورة‪.‬‬ ‫•القبض على العباس بن المأمون والقائد عجيف بن عنبسة ومنع الماء عنهما‬ ‫إلى أن ماتا‪.‬‬ ‫‪196‬‬ ‫وفاته‪ :‬أصيب بمرض قضى عليه في أوائل سنة ‪227‬هـ‪841/‬م‪ ،‬وأوصى بعتق‬ ‫ثمانية آالف من مماليكه‪.‬‬ ‫الواثق باهلل (‪232-227‬هـ = ‪846-842‬م)‬ ‫هو أبو جعفر‪ ،‬هارون بن المعتصم بن الرشيد‪ ،‬كان من أم ولد رومية اسمها‬ ‫قراطيس‪ ،‬بويع بالخالفة بعهد والده المعتصم‪ ،‬لقبه‪ :‬المأمون األصغر ألنه أفرد في‬ ‫ً‬ ‫قصره مكانا للمناظرة والجدل‪ ،‬وقيل ألدبه وفضله‪ ،‬وكان المأمون يعظمه ويقدمه على‬ ‫ولده‪ ،‬وقد تفشت الرشوة في عهده وتمتع والة األقاليم بنفوذ كبير‪ ،‬وكان الواثق كثير‬ ‫ً‬ ‫األكل جدا‪ ،‬وله خوان من ذهب مؤلف من أربع قطع يحمل كل قطعة عشرون رجاًل‪،‬‬ ‫وكان الواثق اعتنق عقيدة المعتزلة بخلق القرآن وساندها ويبدوا أنه تراجع قبل موته‬ ‫ومن تشدده أنه قبض على أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي وكان أهل الحديث وأعوانه‬ ‫الذين أنكروا القول بخلق القرآن ودعوا إلى عزله‪ ،‬فقبض عليه وعلى أعوانه وناظرهم‬ ‫في مسألة خلق القرآن‪ ،‬وقد أحسن إلى آل أبي طالب‪ ،‬ما مات وفيهم فقير‪ ،‬وكان أحلم‬ ‫الخلفاء وأصبرهم على األذى‪ ،‬وكان الواثق يتقن فن الغناء والموسيقى‪ ،‬وقد وضع‬ ‫ً‬ ‫شاعرا له شعر حسن وأجزل‬ ‫بعض األصوات ـ نحو مائة صوت ـ واألنغام الجديدة وكان‬ ‫ً‬ ‫مجلسا للمناقشات الفكرية‪،‬‬ ‫العطاء للشعراء واقتدى بالمأمون في أنه جعل في قصره‬ ‫وكان له سرير مرصع بالجواهر وعليه ثياب منسوجة بالذهب‪..‬‬ ‫أشهر الكتاب واألعالم‪ :‬الحسن بن وهب‪ ،‬وأحمد بن المدبر‪ ،‬ومحمد بن‬ ‫ُ‬ ‫عبد الملك الزيات‪ ،‬وكان يلي ديوان الرسائل وهو الذي كتب البيعة بوالية المتوكل‬ ‫العهد‪ ،‬والكندى فيلسوف العرب‪ ،‬وحنين بن إسحاق برع في الطب‪ ،‬واليعقوبي‪،‬‬ ‫والبالذري‪ ،‬وأبو حنيفة‪ ،‬والدينوري من المؤرخين‪ ،‬ألف له حنين بن إسحاق كتاب‬ ‫>المسائل الطبيعية<‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫في سنة ‪231‬هـ‪846/‬م‪ :‬أراد الواثق الحج فأخبر بقلة الماء فأناب عنه ولم يحج‬ ‫ثمان ثريات كبار يستصبح بها عُلقت بالمسجد الحرام‪ ،‬وفي نفس السنة وقع‬ ‫وكذا أرسل‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الفداء وتم فك األسرى من الروم ألفا وستمائة أسير مسلم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أحدا وقال‪> :‬ال أتحمل أمركم ً‬ ‫حيا وميتا<‪.‬‬ ‫•رفض أن يولي عهده‬ ‫‪197‬‬ ‫•مات الواثق بسرى من أرى‪ ،‬وكان قد ولي الخالفة حوالي الست سنوات‬ ‫ويعتبر آخر خلفاء العصر العباسي األول وبنهاية عهده انتهى العصر العباسي‬ ‫األول‪.‬‬ ‫العصر العباسي الثاني (عصر النفوذ التركي والدول المستقلة)‬ ‫‪334-232‬هـ = ‪945-847‬م‬ ‫•المتوكل على اهلل‪ ،‬جعفر‪247-232 :‬هـ = ‪861-847‬م‪.‬‬ ‫•المنتصر باهلل‪ ،‬محمد (الزبير)‪248 :‬هـ‪862/‬م‪.‬‬ ‫•المستعين باهلل‪ ،‬أحمد‪252-248 :‬هـ = ‪866-862‬م‪.‬‬ ‫•المعتز باهلل‪ ،‬محمد (الزبير)‪255-252 :‬هـ = ‪868-866‬م‪.‬‬ ‫•المهتدي باهلل‪ ،‬محمد‪256-255 :‬هـ = ‪869-868‬م‪.‬‬ ‫•المعتمد على اهلل‪ ،‬أحمد‪279-256 :‬هـ = ‪892-869‬م‪.‬‬ ‫•المعتضد باهلل‪ ،‬أحمد‪289-279 :‬هـ = ‪901-892‬م‪.‬‬ ‫•المكتفي باهلل‪ ،‬علي‪295-289 :‬هـ = ‪907-901‬م‪.‬‬ ‫•المقتدر باهلل ‪ ،‬جعفر‪320-295 :‬هـ = ‪932-907‬م‪.‬‬ ‫•القاهر باهلل (المنتقم)‪ ،‬محمد‪322-320 :‬هـ = ‪933-932‬م‪.‬‬ ‫•الراضي باهلل‪ ،‬محمد‪329-322 :‬هـ = ‪940-933‬م‪.‬‬ ‫•المتقي باهلل‪ ،‬إبراهيم‪333-329 :‬هـ = ‪944-940‬م‪.‬‬ ‫•المستكفي‪ ،‬عبد اهلل‪334-333 :‬هـ = ‪945-944‬م‪.‬‬ ‫•بني بويه‪363-334 :‬هـ = ‪974-946‬م‪.‬‬ ‫•فرقة (ثورة) القرامطة‪270-255 :‬هـ = ‪883-868‬م‪.‬‬ ‫•طائفة (ثورة) الزنج‪270-255 :‬هـ = ‪883-868‬م‪.‬‬ ‫•الحراك الثقافي والسياسي‪.‬‬ ‫‪201‬‬ ‫املتوكل على اهلل ‪247-232‬هـ = ‪861-847‬م‬ ‫هو أبو الفضل‪ ،‬جعفر بن المعتصم بن الرشيد‪ ،‬بويع له بالخالفة بعد وفاة الواثق‪،‬‬ ‫كان من أم ولد اسمها شجاع‪ ،‬أبطل القول بخلق القرآن وكتب بذلك إلى اآلفاق وجلب‬ ‫المحدثين إلى سامراء‪ ،‬وأجزل لهم العطاء حتى قالوا‪ :‬الخلفاء ثالثة‪ :‬أبو بكر ‪ K‬في محاربة‬ ‫الردة‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم‪ ،‬والمتوكل في إحياء السنة وإماتة التجهم‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬ثورة في آذربيجان سنة ‪234‬هـ‪848/‬م‪ ،‬فسار إليهم القائد محمد بن‬ ‫البعيث وقضى على ثورتهم‪.‬‬ ‫ثورة البجة في شمال السودان في سنة ‪241‬هـ‪855/‬م على والي مصر وامتنعت‬ ‫عن دفع الخراج وقاتلهم محمد بن عبد اهلل المعروف بالقمي في سلسلة من المعارك‬ ‫حتى أنابوا إلى الطاعة‪.‬‬ ‫هجوم البيزنطيين في سنة ‪239‬هـ‪890/‬م دمياط ـ ونهبوا وأحرقوا وسبوا وهربوا‬ ‫ـ وبعض الثغور في شمال الشام والموصل ويُنزل بهم علي بن يحيى األرمني في سنة‬ ‫‪245‬هـ‪859/‬م هزائم متالحقة كما ينكل بهم عمر بن عبد اهلل األقطع ويغزو الفضل بن‬ ‫ً‬ ‫مركبا ويفتتح حصن أنطالية‪.‬‬ ‫قارن في عشرين‬ ‫غزوة بحرية دمر فيها اسطول المتوكل بقيادة أحمد بن دينار اسطول الروم‪ ،‬أغار‬ ‫البيزنطيون على مدينة عين زوربة سنة ‪241‬هـ‪855/‬م فأسروا من بها من الزط ونقلوهم‬ ‫إلى القسطنطينية‪.‬‬ ‫كانت الكعبة في عصر المتوكل تكسى كل شهرين كسوة جديدة‪ ،‬وكذا أرسل الخليفة‬ ‫المتوكل بشمسة عملها من ذهب‪ ،‬مكللة بالدر الفاخر وسلسلة تعلق مع الياقوتة التي بعثها‬ ‫ً‬ ‫وأيضا في سنة ‪241‬هـ‪855/‬م‬ ‫المأمون في وجه الكعبة في كل موسم‪ ،‬ثم تنزع يوم التروية‪،‬‬ ‫تم إصالح أرضية الكعبة المفروشة بالرخام وألبس سائر حيطانها وسقفها بالذهب وهو أول‬ ‫ً‬ ‫خليفة جعل سقفها ً‬ ‫وأيضا أمر المتوكل بتوفير المياه على طريق الحج‪.‬‬ ‫ذهبا‪،‬‬ ‫‪202‬‬ ‫أمر بهدم بيع أهل الذمة وكنائسهم المحدثة وأال يستعان بهم في الدواوين وأعمال‬ ‫الدولة‪ ،‬وأمر في سنة ‪235‬هـ‪849/‬م بأن يلبس أهل الذمة كلهم الطيالس العسلية ويشدوا‬ ‫في أوساطهم الزنانير‪.‬‬ ‫عمد المتوكل سنة ‪243‬هـ‪849/‬م على تثبيت تاريخ النوروز (نيروز) أو إصالح‬ ‫التقويم السنوي الفارسي (النوروز)‪ :‬نيروز‪ :‬معناها اليوم الجديد أي بداية السنة عند‬ ‫الفرس وجرت العادة أن يحتفل الفرس بعيد الحصاد وكذلك أن يجمع الخراج في أول‬ ‫سنتهم الشمسية وهو يوم (النوروز)‪ ،‬وجعلت موعد النوروز في ‪ 27‬حزيران (يونيو)‬ ‫من كل سنة‪ ،‬وقد قوبل بالترحاب ألنه آخر جمع الخراج حتى ينضج المحصول‪ ،‬وقد‬ ‫مدح البحتري الشاعر المتوكل في هذه المناسبة بقصيدة ـ ولكنه لم يتم األمر ألنه قتل‬ ‫المتوكل ـ وفي عهد المعتضدي استقر الرأي على أن يكون موعد النوروز في الحادي‬ ‫عشر من حزيران وعُرف بالنوروز في المعتضدي نسبة إلى الخليفة المعتضد وجرى‬ ‫العمل بهذا التقويم المعتضدي في جميع الشؤن المالية والزراعية وهو يتناسب مع تاريخ‬ ‫جمع الخراج وموعد الحصاد كل سنة ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪236‬هـ‪850/‬م أمر المتوكل بهدم قبر الحسين في كربالء وهدم ما حوله‬ ‫من المنازل والدور ويمنع الناس من إتيان قبر الحسين ويقول المسعودي‪ :‬أنه حين انتهى‬ ‫الفعلة إلى الحفر وموضع اللحد لم يروا فيه أثر جثة وال غيرها‪.‬‬ ‫غضب على عمر بن فرج ُّ‬ ‫الرخجي أحد كبار موظفي الدولة وصادر أمواله‪ ،‬وقد‬ ‫ً‬ ‫ُحمل ما في داره من فرش وأمتعة على خمسين ً‬ ‫وأيضا في سنة ‪244‬هـ‪858/‬م‬ ‫بعيرا ـ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا‬ ‫غضب المتوكل على بختيشوع الطبيب وصادر أمواله وأمر بنفيه إلى البحرين‪،‬‬ ‫غضب على يعقوب بن السكيت العالم اللغوي معلم كتاب عهد إليه المتوكل لتعليم‬ ‫ولديه وعين له ً‬ ‫راتبا وأجزل في العطاء‪ ،‬ثم أمر بقتله‪.‬‬ ‫كان المتوكل يعقد في قصوره مجالس كثيرة للمنادمة والشراب‪ ،‬وكان يحب‬ ‫الشراب ومن حوله الورود والرياحين‪ ،‬وفي إحدى المرات جمع المتوكل بين الشعراء‬ ‫واألدباء والملهين في مناسبة إعذار (ختان) ابنه المعتز أمر وزيره الفتح بن خاقان أن‬ ‫‪203‬‬ ‫ً‬ ‫يلتمس في خزائن الفرش بساطا إليوان قصر البركوار الذي أقام فيه اإلعذار قيمته عشرة‬ ‫رقبة ونثر عشرين‬ ‫آالف دينار وخلع على سائر من حضر ثالث خلع وأعتق المتوكل ألف ٍ‬ ‫مليون درهم‪ ،‬ونثرت زوجته قبيحة أم المعتز مليون درهم على المزين‪.‬‬ ‫ندمائه‪ :‬كان كثير الندماء منهم أبو العبر‪ ،‬وأبو العنبس الصيمري‪ ،‬وإسحاق بُنان‬ ‫المغني وكان أخص الناس بالمتوكل‪.‬‬ ‫إن المتوكل والفتح بن خاقان وزيره كانا يجزالن العطاء للمبرد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وصل علي بن يحيى المنجم من المتوكل ثالثمائة ألف دينار‪ ،‬وكان ً‬ ‫نديما ممتازا‪،‬‬ ‫فهو شاعر وطبيب وأديب‪ ،‬كما وصل منادمه إبراهيم بن حمدون ـ كان ينادم المعتصم‬ ‫ثم الواثق ولحق عصر المتوكل ـ وكذا كان أحمد بن حمدون أبو عبد اهلل ينادم المتوكل‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أهدى إلى حنين بن‬ ‫ووصله المتوكل مدة خالفته بثالثمائة وستين ألف دينار‪،‬‬ ‫إسحاق (ت‪264‬هـ‪877/‬م) الطبيب ثالث دور وحمل إليها كل ما تحتاج إليه من األثاث‬ ‫والفرش واآلالت والكتب وأنواع الستائر وأقطعة بعض اإلقطاعات وجعل له ً‬ ‫راتبا شهريًا‬ ‫خمسة عشر ألف درهم‪.‬‬ ‫يقول المسعودي‪> :‬كانت أيام المتوكل أحسن أيام أنضرها من استقامة الملك وشمول‬ ‫ً‬ ‫شاعرا ما أعطى المتوكل‪ ،‬وولى الخالفة من‬ ‫الناس باألمن والعدل<‪ ،‬وقالوا‪> :‬ما أعطى خليفة‬ ‫أوالد المتوكل خمسة‪ :‬المستعين العباس‪ ،‬والمعتضد داود‪ ،‬والمستكفي سليمان‪ ،‬والقائم‬ ‫حمزة‪ ،‬والمستجد يوسف<‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منادما للمتوكل وداعية ً‬ ‫كبيرا من دعاته‪ ،‬والبحتري أبو‬ ‫الشعراء‪ :‬منهم علي بن الجهم‪،‬‬ ‫عبادة الوليد بن عبيد‪ ،‬وابن الرومي‪ :‬علي بن العباس بن جريج‪ ،‬وابن المعتز‪ ،‬والصنوبري‪:‬‬ ‫أحمد بن محمد بن الحسن الضبي‪ ،‬والشاعرة والعالمة محبوبة جارية المتوكل‪.‬‬ ‫الغناء‪ :‬وممن كن يحسن الغناء فريدة زوجة المتوكل‪ ،‬ومحبوبة جارية المتوكل‪،‬‬ ‫وقلم الصالحية‪.‬‬ ‫املؤلفات‪ :‬النصيبي‪ :‬وله كتاب في األغاني ألفه على حروف المعجم للمتوكل‪،‬‬ ‫‪204‬‬ ‫وعين زروبة أهم المؤلفات في عهد المتوكل‪ ،‬ألف الجاحظ للفتح بن خاقان وزير‬ ‫المتوكل رسالة في فضائل الترك‪ ،‬فأجرى عليه ً‬ ‫راتبا شهريًا من خزانة الدولة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان لدى قبيحة زوجة المتوكل وأم المعتز ثالثة أسفاط‪ :‬سفط مملوء زمردا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وسفط مملوء ياقوتًا‪ ،‬وسفط مملوء ُد ًّرا ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬وقومت األسفاط فبلغت قيمتها مليونين‬ ‫من الدنانير‪.‬‬ ‫بلغت ُ‬ ‫قصوره نحو العشرين وهي‪ :‬بركوار (دار الهناءة)‪ ،‬والشاه‪ ،‬والعروس‪،‬‬ ‫والبركة‪ ،‬والجوسق‪ ،‬والمختار‪ ،‬والجعفري‪ ،‬والغريب‪ ،‬والبديع‪ ،‬والصبيح‪ ،‬والمليح‪،‬‬ ‫والشباز‪ ،‬والقصور‪ ،‬والجامع‪ ،‬والقالية‪ ،‬والبرج‪ ،‬والمتوكلية‪ ،‬والبهو‪ ،‬واللؤلؤة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأنفق في بنائها مائتين وأربعة وسبعين مليونا من الدراهم ومن أجملها البرج‪.‬‬ ‫كان لدى المتوكل أربعة آالف جارية‪ ،‬وسلم على المتوكل بالخالفة ثمانية كل‬ ‫واحد منهم أبوه خليفة‪.‬‬ ‫قتله‪ :‬كان المتوكل بايع بوالية العهد ألبنائه المنتصر ثم المعتز‪ ،‬ثم المؤيد‪ ،‬ثم‬ ‫ألجل حبه لقبيحة أم المعتز أراد تقديمه فطلب من المنتصر التنازل‪ ،‬فأبى‪ ،‬فعمد المتوكل‬ ‫إلى الحط من منزلته‪ ،‬وصادف أن األتراك انحرفوا عن المتوكل‪ ،‬فحرض األتراك محمد‬ ‫المنتصر بن المتوكل على قتل أبيه‪ ،‬فهجم عليه خمس غلمان من األتراك‪ ،‬فقتلوه في‬ ‫سنة ‪247‬هـ‪861/‬م‪ ،‬ومعه وزيره الفتح بن خاقان‪ ،‬بقتله سيطر األتراك على الدولة‬ ‫ً‬ ‫تماما فكان الخليفة في أيديهم كاألسير إن شاؤا أبقوه‪ ،‬وإن شاؤا خلعوه‪ ،‬وإن شاؤا‬ ‫قتلوه‪.‬‬ ‫املنتصر باهلل ‪248‬هـ‪862/‬م‬ ‫هو أبو جعفر‪ ،‬وقيل أبو عبد اهلل‪ ،‬وقيل أبو العباس‪ ،‬الزبير وقيل محمد بن جعفر‬ ‫المتوكل بن المعتصم بن الرشيد‪ ،‬ولد من أم ولد رومية اسمها حبيشة‪ ،‬مدة حكمه ستة‬ ‫ً‬ ‫أشهر‪ ،‬وكان ً‬ ‫كريما عاداًل منصفا للرعية‪ ،‬وقال الثعلبي‪ :‬أعرق الخلفاء في الخالفة المنتصر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فإنه هو وآباؤه الخمسة خلفاء‪ ،‬وكذلك أخواه المعتز والمعتمد‪ ،‬أتهم بالمشاركة في قتل‬ ‫‪205‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مدعيا أن الوزير ابن خاقان هو الذي قتله أخذا‬ ‫والده المتوكل وقد نفى عن نفسه هذه التهمة‬ ‫بثأر أبيه‪ ،‬وقيل إن المتوكل قد رأى أن يقدم ابنه المعتز على أخويه المؤيد والمنتصر غضب‬ ‫المنتصر ودبر مع األتراك لقتل والده المتوكل‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬أمر بالكف عن العلويين وأال يمنع أحد من زيارة كربالء والنجف‪ ،‬أمر‬ ‫ً‬ ‫جميعا وأمر‬ ‫برد أرض فدك في الحجاز إلى أوالد الحسن والحسين‪ ،‬أطلق أوقاف العلويين‬ ‫أال يتعرض أحد لشيعتهم بأذى أو مكروه‪.‬‬ ‫تولى إمرة الحج في سنة ‪236‬هـ‪851/‬م ـ تكون مدة إمارته سبعة أيام من اليوم‬ ‫السابع حتى الثالث عشر من شهر ذي الحجة وعندما يعهد الخليفة إلى أحد المسلمين‬ ‫لتولي إمارة الحج نيابة عنه يكون بكتاب صادر من الخليفة كما في سنوات ‪138‬هـ‪756/‬م‪،‬‬ ‫و‪159‬هـ‪768/‬م‪ ،‬و‪204‬هـ‪820/‬م‪ ،‬وحدث أمر نادر في سنة ‪228‬هـ‪844/‬م تولى‬ ‫القائد التركي (أشناس) قائد الخليفة المعتصم مهمة إصدار أمر بتولي مهمة الحج بالناس‬ ‫إلى محمد بن داود بن عيسى‪.‬‬ ‫في عهده بدأ يعقوب بن الليث الصفار ثورته في سجستان وسار منها إلى هراة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وكذا ثورة محمد بن عمرو الشاري بناحية الموصل فسير إليه جيشا بقيادة سيما التركي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أرسل جيشا بقيادة وصيف لغزو‬ ‫وأسره وسيره إلى سامراء فقتلوا وصلبوا‪،‬‬ ‫الصائفة‪ ،‬وكان المغني إسحاق بُنان من أخص الناس بالمنتصر‪.‬‬ ‫قتله‪ :‬لما تولى المنتصر الخالفة أحس بإستبداد الترك‪ ،‬فسبهم ولقبهم بقتلة الخلفاء‬ ‫فدسوا له الطبيب ابن طيفور ففصده بريشة مسمومة مقابل ثالثين ألف دينار منحه إياها األتراك‬ ‫فمات بعد ستة أشهر‪ ،‬وأقاموا بعده المستعين‪.‬‬ ‫املستعني باهلل ‪252-248‬هـ ُ‬ ‫(عزل) = ‪866-862‬م‬ ‫هو أبو العباس‪ ،‬وقيل أبو عبد اهلل‪ ،‬أحمد بن (المعتصم) بن الرشيد‪ ،‬وتلقب‬ ‫بالمستعين باهلل لقوله‪ :‬استعن باهلل وأفعل‪ ،‬مكث في الخالفة ثالث سنين وثمانية أشهر‪،‬‬ ‫خيرا‪ً ،‬‬ ‫ولد من أم ولد اسمها مخارق‪ ،‬وكان ألثغ ً‬ ‫أديبا‪.‬‬ ‫‪206‬‬ ‫ومن أولوياته‪ :‬أنه أحدث لبس األكمام الواسعة‪ ،‬فجعل عرضها ثالثة أشبار‪،‬‬ ‫وصغر القالنس‪ ،‬غلبة النساء على الحكم واقتنائهن الضياع واألموال‪ ،‬كان في خزائن أمه‬ ‫مليون دينار كامل‪ ،‬ولما مات المنتصر تشاور األتراك ورفضوا أوالد المتوكل واطمأنوا‬ ‫ألوالد المعتصم فاختاروا‪ :‬أحمد بن المعتصم‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬في سنة ‪249‬هـ‪863/‬م غزا الروم عمر بن عبيد اهلل األقطع ملطية‬ ‫فلقيه إمبراطور بيزنطة فاستشهد عمر مع ألف من المسلمين ثم سار لنجدته علي بن يحيى‬ ‫األرمني في (‪ )400‬مقاتل فأحاط به الروم‪ ،‬فاستشهد علي‪ ،‬وفي سنة ‪250‬هـ‪864/‬م‬ ‫ثورة الحسن بن زيد وهو من حفدة زيد بن علي زين العابدين بن علي بن أبي طالب‬ ‫بطبرستان ويغلب على بالد الديلم حتى توفي ويخلفه محمد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثورة يحيى بن عمر الطالبي حفيد زيد بن علي زين العابدين ويرسل إليه جيشا قضى‬ ‫على ثورته ويحمل رأسه إلى بغداد ويصلب ويبكيه الشاعر الرومي في رثية له‪ .‬ثورة العلويين‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪.‬‬ ‫بالري وقزوين والكوفة وتم القضاء عليها‬ ‫وصل أبو عبد اهلل أحمد بن حمدون كان ينادم المستعين وصله بأكثر من ثالثمائة‬ ‫ألف دينار‪ ،‬كان عند المستعين فص ياقوت أحمر اشتراه الرشيد ألربعين ألف دينار‪.‬‬ ‫قتله‪ :‬ولما تنكر له األتراك خاف وفر من سامراء إلى بغداد‪ ،‬فأقام حاجبيه وصيف‬ ‫وبغا ابن عمه المعتز باهلل بن المتوكل في الخالفة‪ ،‬ومن ثم قامت حرب أهلية بينهما عدة‬ ‫أشهر ارتفعت األسعار وانتهت بالصلح على خلع المستعين وشهد عليه القضاة وغيرهم‬ ‫فحبس المستعين بواسط تسعة أشهر‪ ،‬ثم أمر المعتز سعيد الحاجب بقتله ـ وقيل طلب‬ ‫ذلك من أحمد بن طولون فرفض ـ فقتله‪.‬‬ ‫املعتز باهلل ‪255-252‬هـ = ‪868-866‬م‬ ‫هو أبو عبد اهلل‪ ،‬محمد‪ ،‬وقيل الزبير بن المتوكل بن المعتصم‪ ،‬كان من أم ولد‬ ‫رومية تسمى قبيحة‪.‬‬ ‫‪207‬‬ ‫منذ مقتل المتوكل بن المعتصم سنة (‪247‬هـ‪861/‬م) أخذ األتراك يتدخلون في‬ ‫شئون الدولة حتى صار الخليفة في أيديهم إن شاؤا أبقوه‪ ،‬وإن شاؤا خلعوه‪ ،‬وإن شاؤا‬ ‫قتلوه‪ ،‬ذكر ابن طباطبا في كتابه الفخري في اآلداب السلطانية أنه لما ولي المعتز الخالفة‬ ‫وكان باجمللس بعض الظرفاء فقال‪> :‬أنا أعرف من هؤالء بمقدار عمره وخلفته‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫فكم تقول أنه يعيش وكم يملك؟ قال‪ :‬ما أراد األتراك<‪ ،‬تولى الخالفة بعد الصلح وعزل‬ ‫المستعين في سنة ‪252‬هـ‪866/‬م‪ ،‬ولم يل الخالفة قبله أحد أصغر منه‪ ،‬وهو أول من‬ ‫أحدث الركوب بحلية الذهب ـ وكان الخلفاء قبل يركبون بالحلية الخفيفة من الفضة ـ‬ ‫كان المعتز يأنس لغناء سليمان بن القصار ـ كان يغني على الطنبور ـ ويأنس ً‬ ‫أيضا لغناء‬ ‫َ ُ‬ ‫شارية جاريته‪ ،‬وللغناء على آلة وز ْمرزنام ـ آلة من آالت الطرب عملها أحمد بن موسى‬ ‫الخوارزمي من نحاس ـ‪ ،‬وكان يشرب أثناء الغناء وبين ندمائه وفي مجالس الشراب‬ ‫بقصوره وباألديرة‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬أقطع المعتز حاجبه بايكباك مصر سنة ‪254‬هـ‪868/‬م فولى عليها‬ ‫أحمد بن طولون وسرعان ما أسس بها الدولة الطولونية‪ ،‬وفي خالفته مات التركي‬ ‫أشناس ـ كان الواثق استخلفه على السلطنة ـ‪ ،‬وخلع خلعة الملك كما عزل كل من‬ ‫محمد بن عبد اهلل بن طاهر‪ ،‬وأخيه أبا أحمد‪ ،‬وبغا الشرابي‪ ،‬وخلع أخاه المؤيد من‬ ‫والية العهد وعذبه فمات‪.‬‬ ‫ثورة عبد العزيز بن أبي دلف بالكرج فسار إليه مفلح فهزمه ودخل مفلح سنة‬ ‫‪255‬هـ‪869/‬م طبرستان‪ ،‬ثورة الحسن بن زيد العلوي في الديلم فسار إليه القائد‬ ‫مفلح‪ ،‬فقضى على ثورته‪ ،‬وفي عهده قام يعقوب بن الليث الصفار باستيالء على كرمان‬ ‫وفارس‪ ،‬حاجبه‪ :‬صالح بن وصيف‪ ،‬بنى المعتز قصره التاج أو الساج‪ ،‬كان أبي الصفر‬ ‫إسماعيل بن بلبل رئيس ديوان الضياع في سامراء في عهد المعتز‪ ،‬واصطنع الجنود‬ ‫المغاربة والفراعنة دون األتراك بالجيش‪.‬‬ ‫في سنة ‪255‬هـ‪868/‬م طالبه األتراك بدفع خمسين ألف دينار رواتب متأخرة‬ ‫للجيش‪ ،‬فطلب من أمه قبيحة أن تعطيه هذا المبلغ فرفضت ـ ولما خلعه األتراك وسفكوا‬ ‫‪208‬‬ ‫دمه هربت أم المعتز وصادر أموالها الحاجب صالح بن وصيف‪ ،‬وجد في خزانة لها‬ ‫ألف ألف دينار غير الجواهر قيمتها ألفي ألف دينار‪ ،‬وقيل كان عندها من األموال‬ ‫(‪ )18.00000‬ـ فلما اعتذر لألتراك بخلو خزائنه‪ ،‬اتفقوا على خلعه وقتله‪ ،‬وهجم‬ ‫عليه جماعة من األتراك فجروه برجله إلى باب الحجرة‪ ،‬وضربوه بالدبابيس وأقاموه‬ ‫في الشمس في صحن الدار في يوم صائف وهم يلطمون وجهه ثم أدخلوه في حجرة‬ ‫وأحضروا ابن أبي الشوارب وجماعة أشهدوهم على خلعه وبايعوا محمد بن الواثق‬ ‫وسلموا المعتز إلى من يعذبه فمنعه الطعام والشراب ثالثة أيام فمات‪ ،‬وقيل بعد خمسة‬ ‫أيام اقتادوا المعتز فأدخلوه الحمام ومنعوا عنه الماء حتى مات‪.‬‬ ‫املهتدي باهلل ‪256-255‬هـ = ‪869-868‬م‬ ‫هو أبو عبد اهلل‪ ،‬وقيل أبو إسحاق‪ ،‬محمد بن هارون الواثق بن المعتصم بن‬ ‫الرشيد‪ ،‬كان من أم ولد اسمها وردة‪ ،‬وبويع له بالخالفة بعد أن جيء بالمعتز وبالشهود‬ ‫فشهدوا على المعتز أنه عاجز عن القيام بأمر الخالفة‪ ،‬ومد المعتز يده فبايع المهتدي‬ ‫ً‬ ‫حينئذ ُ‬ ‫صالحا ورعًا ً‬ ‫تقيا عاداًل طاهر السيرة واصل العبادة والصيام‬ ‫سلم له بالخالفة‪ ،‬كان‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫فكان صائما منذ ولي إلى أن قتل‪ ،‬وكان يحرم الشراب والغناء واالختالف إلى القيان‬ ‫للسماع وطرح المالهي‪ ،‬وحسم أصحاب السلطان عن الظلم فقد بنى قبة جلس فيها‬ ‫الستقبال العام والخاص والنظر في المظالم‪ ،‬وكان يتشبه بعمر بن عبد العزيز في ورعه‬ ‫وتقواه وعبادته ـ أنه وجد للمهتدي سفط فيه جبة صوف وكساء كان يلبسه بالليل ويصلي‬ ‫فيه ـ وكان يؤم الناس ويخطب بنفسه خطبة الجمعة في المسجد الجامع‪ ،‬أنفق على‬ ‫مائدته مائة درهم بداًل مما كانت الخلفاء قبله تنفق على موائدها في كل يوم عشرة‬ ‫آالف درهم‪ ،‬وكان يشرف على أمر الدواوين‪ ،‬يجلس بنفسه ويجلس الكتاب بين يديه‬ ‫فيعملون الحساب‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬كانت البداية لثورة الزنج في خالفته ـ طائفة من عبيد إفريقية ثورتهم‬ ‫في المستنقعات في جنوب العراق في المناطق الممتدة بين البصرة وواسط قائدهم‬ ‫ُ‬ ‫رجل فارسي يدعى علي بن محمد استمرت لمدة أربع عشرة سنة ـ وقتل صاحب الزنج‬ ‫‪209‬‬ ‫على يد الموفق في خالفة المعتمد ـ وكان أول جيش أرسله الخليفة المهتدي في سنة‬ ‫‪256‬هـ‪869/‬م لقتال الزنج ولكنه لم يستطع المسير إلى المختارة مدينة صاحب الزنج‬ ‫فقام صاحب الزنج باقتحام مدينة األبلة مما يلي نهر دجلة ويسفك ويحرق‪ ،‬وهاجم‬ ‫عبادان وانظموا إليه من كان بها من العبيد فنهب وسفك ثم سار إلى األهواز واستولى‬ ‫عليها‪ ،‬وظلت ثورتهم ومحاربة الجيوش العباسية لهم لغاية عهد المعتمد‪.‬‬ ‫قتله‪ :‬سار موسى بن بغا من الري إلى سامراء لقتل صالح بن وصيف ـ للمشاركة‬ ‫بقتل المعتز ومصادرة أموال والدته ـ فاختفى‪ ،‬وعرض موسى بن بغا جائزة عشرة آالف‬ ‫دينار لمن يدله عليه‪ ،‬فلما دله أحدهم فقتله ثم غادر موسى إلى السند وكتب الخليفة‬ ‫المهتدي إلى القائد التركي بايكباك أن يقتل موسى‪ ،‬فاطلع موسى على ما في الكتاب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واتفقا على قتل المهتدي‪ ،‬فدافع عنه الجنود المغاربة والفراغنة واألشروسنية ولكنه أسر‬ ‫وعذبوه حتى مات‪ ،‬واجتمعت كلمة األتراك على المعتمد على اهلل فأخرجوه من السجن‬ ‫وولوه الخالفة‪.‬‬ ‫املعتمد على اهلل ‪279-256‬هـ = ‪892-869‬م‬ ‫ُ‬ ‫هو أبو العباس‪ ،‬أحمد بن جعفر المتوكل بن المعتصم بن الرشيد‪ ،‬ولد من أم‬ ‫ً‬ ‫رومية اسمها فتيان‪ ،‬وكان الخليفة المعتمد مشغوفا بالطرب والغناء والموسيقى والمعاقرة‬ ‫واللذات والمالهي غير أنه رزق حظوة أخيه أبي طلحة أحمد (الموفق) نهض باألمر من‬ ‫دونه فثبت الخالفة وأعاد إليها هيبتها ومكانتها وقضى على ثورة الزنج قضاءً ً‬ ‫مبرما وكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مقداما عارفا بأمور الحرب وشئون السياسة‪ ،‬غلب عليه أخوه الموفق حتى‬ ‫حازما‬ ‫الموفق‬ ‫لم يبق له من الخالفة إال اسمها‪ ،‬وألخيه طلحة الموفق األمر والنهي وقيادة العساكر‬ ‫ومحاربة األعداء وترتيب الوزراء واألمراء حتى تضايق المعتمد فخرج عن أخيه الموفق‬ ‫فاصطلحا‪ ،‬ثم رجع األمر كما كان حتى بلغ مسامع أحمد بن طولون فأعلن خلع الموفق‬ ‫من العهد ـ فأمر الموفق بلعنه على المنابر ـ وكتب المعتمد إلى ابن طولون يستجير به‪،‬‬ ‫فرد عليه بكتاب يشير فيه عليه بالتوجه إلى مصر ـ وكان الموفق مشغواًل بحرب الزنج‬ ‫ـ فخرج الخليفة من سامراء إلى الرقة سنة ‪269‬هـ‪882/‬م‪ ،‬وما لبث أن علم الموفق‬ ‫‪210‬‬ ‫فأحبط المشروع حيث أمر إسحاق بن كنداج بالقبض على كل من رافق المعتمد بالقيود‬ ‫ويعودوا من حيث أتوا‪.‬‬ ‫الوزراء‪ :‬الحسن بن مخلد‪ ،‬وإسماعيل بن بلبل‪ ،‬وسليمان بن وهب ـ استخلص‬ ‫منه المعتمد ومن ابنه عبيد اهلل نحو مليون دينار ـ‪ ،‬وعبد اهلل بن يحيى بن خاقان ـ كان‬ ‫يضرب الصوالجة على الخيل ويتقاذفها الخيالة‪ ،‬والفرسان ـ‪ ،‬إبراهيم بن المدبر ـ‬ ‫ً‬ ‫ماهرا في المقامرة في لعبة الشطرنج والنرد (الطاولة)‪ ،‬وصاعد بن مخلد يلقب ذا‬ ‫كان‬ ‫الوزارتين ـ‪ ،‬والقاسم بن عبيد اهلل‪ ،‬وكاتبه أبو الصفر إسماعيل بن بلبل‪.‬‬ ‫ازدهر عصره بالعلماء كالبخاري ومسلم ومحمد بن عبد الحكم المؤرخ المصري‪،‬‬ ‫والقاضي بكار بن قتيبة‪ ،‬وثابت بن قرة وله ألف مقالة في الهندسة‪ ،‬وقسط بن لوق الذي‬ ‫ً‬ ‫أهدى الحسن بن مخلد مؤلفا‪.‬‬ ‫كان أحمد الموفق يجري على ثعلب ً‬ ‫راتبا سنويًا‪ ،‬وكان المعتمد كثير الندماء ـ‬ ‫ولكنه كان له سبعة ندماء ال يأنس بغيرهم وال ينبسط إلى سواهم ـ مثل المتوكل فله‬ ‫مجلسان ومذكرات مجالس في أنواع من األدب‪ ،‬منها مدح النديم وذكر فضائله‪ ،‬كما‬ ‫ً‬ ‫وأيضا بنى قصر‬ ‫أن الخليفة حلف الوارقين أال يبيعوا كتب الكالم والجدل والفلسفة‪،‬‬ ‫المعشوق على شاطئ دجلة‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬محاربة الموفق للخوارج في الموصل وخراسان وقضى على‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪ ،‬والتي بدأت سنة ‪256‬هـ‪869/‬م ـ انتهت سنة ‪270‬هـ‪883/‬م وبلغ‬ ‫حركاتهم‬ ‫عدد قتلى المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف‪ ،‬وكان رئيسهم بهبوذ له منبر في المختارة‬ ‫ً‬ ‫وعليا ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة ‪ ،J‬وكانوا لما‬ ‫ـ عاصمتهم يرتقيه ويسب عثمان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يأسر المرأة العلوية يبيعها ويهبهن إلى أصحابه يطؤهن ويستخدمهن‪ ،‬ولما قتل حمل‬ ‫رأسه إلى بغداد وطيف له على رمح وأمن العباد ـ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•أرسل الموفق جيشا لقتال صاحب الزنج ولكنه لم يستطيع الوصول إليه‬ ‫ً‬ ‫فانسحب وسار جيش منصور بن جعفر لم يصنع شيئا ثم هاجم البصرة‬ ‫‪211‬‬ ‫فدخلها وأعمل فيها السلب والنهب ثم سار لقتالهم جيش آخر بقيادة الموفق‬ ‫أخي الخليفة المعتمد‪ ،‬وهزمهم وعاد الموفق وخلف على قتالهم موسى‬ ‫بن بغا ثم سار إليهم أبا الساج ولكنهم هزموه ودخلوا األهواز ـ وشغلت‬ ‫الدولة في عهد المعتمد بقتال يعقوب بن الليث الصفار وكان قد استولى‬ ‫على سجستان وكرمان وفارس وقضى على الطاهريين واستولى على خراسان‬ ‫ـ‪ ،‬وأقبل صاحب الزنج في سنة ‪262‬هـ‪875/‬م يريد بغداد فهزم من قبل‬ ‫الموفق‪ ،‬وفي سنة ‪265‬هـ‪878/‬م هاجم الزنج األهواز وواسط‪ ،‬ودست‬ ‫ً‬ ‫ميسان وأرسل إليهم جيشا بقيادة ابن الموفق أبي العباس أحمد (المعتضد)‬ ‫في سنة ‪267‬هـ‪880/‬م فهزم سليمان بن جامع قائد الزنج واستولى على ما‬ ‫ُ‬ ‫كان يسيطر عليه من قرى دجلة ودخل واسط وردها إلى أهلها وسار بعسكره‬ ‫إلى حصن الزنج الشمالي في البطيحة الذي سموه باسم المدينة المنيعة وهزم‬ ‫قائد الزنج الشعراني وجنده‪ ،‬وأعلن العفو عمن يستسلم له من جند الزنج‪،‬‬ ‫ثم اتجه إلى حصن الزنج األوسط الذي سموه مدينة >المنصورة< وكان بجوار‬ ‫>طهيئا< والتقى بسليمان بن جامع واستولى على المدينة وفر سليمان وأعلن‬ ‫الموفق العفو للمرة الثانية عمن يستسلم له من جند الزنج وسار إلى األهواز‬ ‫والقرى التي بينها وبين فارس ففر القائدين المهلبي وبهبوذ بن عبد الوهاب‬ ‫ثم سار إلى مدينة المختارة حاضرة صاحب الزنج آخر معاقله وكان الموفق‬ ‫قد شيد مدينة بجانب المختارة سماها >الموفقية< وهاجم الزنج وحاصرهم‬ ‫في المختارة حتى غدت كأنها سجن ونادى باألمان التباعه فتفرق عنه ومازال‬ ‫الموفق يحاصر المدينة وصاحبها حتى سنة ‪269‬هـ‪882/‬م إذ هاجمت سفنه‬ ‫قصر صاحب الزنج والتقى بجيش للزنج في غربي النهر بجيش أبي الخصيب‬ ‫فهزمه وطلب األمان كثير من قواد الزنج الشعراني وشبل بن سالم ودلوه على‬ ‫مسالك مدينة المختارة فاستولى على قصره في صفر سنة ‪270‬هـ‪883/‬م‬ ‫وقتل صاحب الزنج وأمر بصلب قائديه سليمان بن جامع وعلي بن أبان‬ ‫‪212‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المهلبي وكان الموفق قد جرح جرحا بليغا في صدره في أثناء المعارك‪ ،‬قال‬ ‫ابن الرومي‪ :‬انتهت ثورة الزنج‪.‬‬ ‫•خروج عمرو بن الليث الصفار ـ وكان قد استولى على سجستان وكرمان‬ ‫وفارس وخراسان وقضى على الدولة الطاهرة‪ ،‬وحرص يعقوب بن الليث‬ ‫على طاعة الخليفة المعتمد ودعا له على منابره وأرسل إليه الهدايا القيمة كما‬ ‫هاجم األراضي الهندية والتركية ليظهر للخليفة أنه يجاهد زحف يعقوب غربًا‬ ‫نحو بغداد واحتل فارس واألهواز وتقدم فخرج إليه المعتمد وصحب معه‬ ‫أخاه أحمد الموفق فهزم وفر هاربًا إلى سجستان‪ ،‬كما قام المعتمد بجمع‬ ‫حجاج خراسان والري‪ ،‬وطبرستان‪ ،‬وجرجان‪ ،‬وقرئ عليهم كتاب الخليفة‬ ‫بلعن يعقوب وأرسلت عشرات النسخ من هذا الكتاب إلى األمصار لتقرأ بين‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪261‬هـ‪874/‬م أصدر الخليفة المعتمد تقليده بتولية نصر بن أحمد‬ ‫بن الساماني والية جميع بالد ما وراء النهر فكان بداية تأسيس الدولة السامانية‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪878-265‬م أرسل الخليفة المعتمد رسواًل إلى يعقوب بن‬ ‫الليث يترضاه ويوليه أعمال فارس فرضي وعاد الرسول‪ ،‬فلم يلبث أن‬ ‫توفي يعقوب‪ .‬ثم ساءت العالقة بين عمرو الصفار والخالفة‪ ،‬فقد عزل‬ ‫الخليفة المعتمد عمرو بن الليث ولعنه على المنابر وعين محمد بن طاهر‬ ‫بن الحسين بالد خراسان الذي أناب عنه رافع بن هرثمة في حكم خراسان‬ ‫ـ لما ولي المعتضد عزل رافع عن خراسان وأعادها إلى عمرو بن الليث ـ‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪274‬هـ‪887/‬م هاجم أسطول الروم طرسوس من البحر فهزم‬ ‫الروم وغنم المسلمون غنائم جمة ومنها أربعة مراكب‪ ،‬وفي نفس السنة سار‬ ‫المهدي عبيد اهلل إلى اليمن ومنها إلى مكة للحج‪ ،‬فالتقى برجال من قبيلة‬ ‫كتامة‪ ،‬فطلبوا منه صحبتهم إلى بالدهم المغرب فوافق‪ ،‬وسار معهم ونشر‬ ‫دعوته‪.‬‬ ‫‪213‬‬ ‫•وفي سنة ‪278‬هـ‪891/‬م بدأ أمر القرامطة ـ وهم نوع من المالحدة ـ بالكوفة‪،‬‬ ‫وفي السنة التالية‪ :‬أعلن المعتمد خلع ولده المفوض من والية العهد وبايع‬ ‫ألبي العباس أحمد بن الموفق‪ ،‬ولقبه بالمعتضد‪.‬‬ ‫•بعد موت أحمد بن طولون تولى ابنه خمارويه مصر‪ ،‬فولى الموفق ابنه أبا‬ ‫العباس على رئيس جيش للمسير إلى مصر فحدث بينهما قتال انتهى بالنصر‬ ‫لخمارويه على الجيش العباسي‪.‬‬ ‫مات أحمد الموفق وابن كنداج وتوفي الخليفة المعتمد بعدهما بأشهر‪.‬‬ ‫املعتضد باهلل ‪289-279‬هـ= ‪901-892‬م‬ ‫هو أبو العباس‪ ،‬أحمد بن أبي أحمد الموفق باهلل بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ولد من أم ولد اسمها صواب ـ وقيل حرز‪ ،‬وقيل ضرار ـ‪ ،‬وكان يتميز بالشجاعة والمهابة قليل‬ ‫ً‬ ‫فارسا شجاعًا أنقذ الخالفة مع أبيه الموفق من الزنج‪،‬‬ ‫الرحمة‪ ،‬ذا سياسة عظيمة‪ ،‬وكان‬ ‫وفي أيامه سكنت الفتن وصلحت البلدان ورخصت األسعار ‪،‬وعم األمن‪ ،‬ورفع الظلم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هو آخر خليفة عقد ناموس الخالفة ثم أخذ أمر الخلفاء بعده في إدبار‪ ،‬وكان شغفا بالصيد‬ ‫والقنص فكان يخرج ومعه الكالب والصقور والفهود‪ ،‬ومن الخلفاء الذين أقبلوا على لعبة‬ ‫الشطرنج الخليفة المعتضد الذي اشتهر في عهده نوع من الشطرنج يسمى الجوارحية أو‬ ‫اللعب بالجوارح ألن حواس اإلنسان تعمل أثناء لعبها‪ ،‬وكان يسمى السفاح الثاني ألنه‬ ‫أرجع للخالفة هيبتها‪ ،‬وكان قد سيطر وغلب على الخلفاء األتراك منذ قتل المتوكل‪ ،‬وفي‬ ‫بداية خالفته‪ :‬منع الوراقين من بيع كتب الفالسفة والجدل‪ ،‬وأن ال يعقد في الطريق قصاص‬ ‫وال منجم‪ ،‬وصلى بالناس صالة األضحى‪ ،‬وكان قد عزم المعتضد على لعن معاوية على‬ ‫المنابر فنصحه الوزير عبد اهلل والقاضي يوسف من مغبة ذلك فأمسك المعتضد‪ ،‬وقسم‬ ‫ً‬ ‫أقساما ثالثة‪ :‬ديوان المشرق‪ ،‬ديوان المغرب‪ ،‬ديوان السواد (العراق)‪،‬‬ ‫المعتضد الديوان‬ ‫ويتولى الوزير واليته بنفسه‪ ،‬ولما سار الجدب والعسر أعفيت بعض األراضي من دفع‬ ‫الضرائب كما حدث حين تجاوز الخليفة المعتضد عن ربع الضريبة‪.‬‬ ‫‪214‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضم كل دواوين الدولة بعضها إلى بعض‪ ،‬وكون منها ديوانا واحدا وأطلق عليه >ديوان‬ ‫الدار< أو >الدار الكبير< وبلغ نظام الدواوين في عهده حد الكمال ويقول هالل الصابي‪:‬‬ ‫وسمعت مشايخ الكتاب يقولون‪ :‬أنه لم يجتمع في زمن من األزمنة خليفة ووزير وصاحب‬ ‫ديوان وأمير جيش مثل المعتضد‪.‬‬ ‫ساهم في اصالح التقويم السنوي الفارسي النوروز ـ نيروز‪ :‬ومعناها اليوم‬ ‫الجديد أي بداية السنة عند الفرس ـ حيث ثبت موعد النوروز بحث األمر وأجرى‬ ‫بعض التعديالت على ما عمله الخليفة المتوكل ـ كان في عهد المتوكل في (‪)27‬‬ ‫حزيران (يونيو) ـ حتى استقر الرأي على أن يكون موعد النوروز في الحادي عشر‬ ‫من حزيران وعُرف بالنوروز المعتضدي نسبة إلى الخليفة المعتضد وجرى العمل بهذا‬ ‫التقويم المعتضدي في جميع الشئون المالية والزراعية بالدواوين المختلفة‪ ،‬وقد ثبت في‬ ‫موعد محدد يتناسب مع تاريخ جمع الخراج وموعد الحصاد كل سنة‪ ،‬إال أنه لم يسلم‬ ‫من العيوب ولما ولى السلطان جالل الدين أبو الفتح ملكشاه السلجوقي رأى ضرورة‬ ‫اصالح عيوب هذا الحساب السنوي الفارسي فجمع لجنة من علماء المنجمين الفلكيين‬ ‫في سنة ‪467‬هـ‪1074/‬م إلصالح العيوب واستقر على تعيين رأس السنة الشمسية في‬ ‫أول نقطة من دخول الشمس برج الحمل بعد أن كان يقع عند توسط الشمس برج الحوت‬ ‫وال يزال إلى اليوم عند اإليرانيين‪ ،‬وفي سنة ‪282‬هـ‪895/‬م أبطل ما يفعل بالنيروز من‬ ‫وقد النيران وصب الماء على الناس وأزال سنة اجملوس‪ ،‬وفي السنة التالية أمر بأن‬ ‫يورث ذوو األرحام‪ ،‬وأن يبطل ديوان المواريث‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•إن الزجاج ـ تلميذ المبرد ـ جعل المعتضد له ً‬ ‫وراتبا في العلماء‬ ‫راتبا في الفقهاء‬ ‫ً‬ ‫وراتبا في الندماء‪ ،‬أرسل المعتضد بعشرة آالف درهم إلى إبراهيم بن إسحاق‬ ‫الحربي وكان من كبار المحدثين فرفضها‪ ،‬ومن وزراء المعتضد القاسم بن عبيد‪،‬‬ ‫وللرغبة في تحسين العالقات أرسل والي فارس الصفار للمعتضد من تماثيل‬ ‫وماليين الدراهم وصناديق الثياب‪.‬‬ ‫•ومن أشهر الحكائين المضحكين لعصر المعتضدي رجل يعرف بابن المغازلي‬ ‫‪215‬‬ ‫يقف على الطريق ويقص على الناس األخبار والنوادر المضحكة‪ ،‬ويقلد‬ ‫لهم على اختالف طوائفهم‪ ،‬وقد سمع به الخليفة المعتضد بنوادره‪ ،‬فأمر‬ ‫بإحضاره بين يديه‪ ،‬ليقصها عليه‪ ،‬فأعجب بها وأجزل له العطاء‪.‬‬ ‫•بلغ الخراج في عهده سنة ‪280‬هـ‪893/‬م مليون ونصف من الدنانير‪ ،‬وادخر‬ ‫كل سنة من سني خالفته مليون دينار بلغت تسعة ماليين‪ ،‬كان يفرد حجره‬ ‫للندماء ليستدعيهم منها‪ ،‬وكان لكل منهم نوبته أو دوره‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫•بنى المعتضد قصر الثريا ووصل بينها وبين قصر التاج بسرداب طويل لتمشي فيه‬ ‫حظاياه‪ ،‬وهو يمتد إلى ثالثة فراسخ كلفه أربعمائة ألف دينار‪.‬‬ ‫•وسع المسجد الحرام بإزالة دار الندوة وضم مساحتها للمسجد الحرام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•إن الخليفة المعتضد أقر خمارويه على والية البالد الممتدة بين العراق شرقا‬ ‫وبرقة غربًا مدة ثالثين سنة وألوالده من بعده ابتداء من سنة ‪289‬هـ‪901/‬م‪،‬‬ ‫تزوج الخليفة من قطر الندى ابنة خمارويه سنة ‪282‬هـ‪895/‬م ـ وقد توفيت بعد‬ ‫قليل من زواجها ولحق بها الخليفة المعتضد سنة ‪289‬هـ‪901/‬م ـ حمل معها‬ ‫والدها خمارويه ـ صاحب مصر من الجهاز ما لم يُر مثله وال ُسمع به‪ ،‬وكان‬ ‫ابن الجصاص الجواهري البغدادي القائم على الجهاز بلغ أربعمائة ألف دينار‪.‬‬ ‫•وفي بداية خالفة المعتضد عزل رافع بن هرثمة ـ وكان محمد بن طاهر بن‬ ‫الحسين قد أنابه في والية خراسان ـ عن خراسان وأعادها إلى عمرو بن الليث‬ ‫الصفار فلم يرض رافع وأعلن العصيان‪ ،‬فحاربه عمرو بن الليث وتمكن من‬ ‫قتله في سنة ‪283‬هـ‪896/‬م وبعث برأسه إلى المعتضد‪ ،‬فأرسل إليه الخليفة‬ ‫الخلع واللواء فاعتذر عمرو بن الليث‪ ،‬وطمع في والية بالد ما وراء النهر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أسيرا‪.‬‬ ‫وسار لحرب إسماعيل بن أحمد الساماني‪ ،‬فهزم ووقع عمرو‬ ‫الثورات‪ :‬ثورة محمد بن زيد العلوي سار إليه السامانيون بطبرستان وقتلوه سنة‬ ‫‪287‬هـ‪900/‬م‪ ،‬ثورة هارون الشاري بالموصل تم إخمادها‪ ،‬ثورة بكر بن عبد العزيز‬ ‫‪216‬‬ ‫ابن أبي دلف العجلي الشيباني بأصبهان والجبل في سنة ‪283‬هـ‪896/‬م فسار إليه عيسى‬ ‫النوشري ففر ثم عاد في سنة ‪284‬هـ‪897/‬م فقضى على ثورته‪.‬‬ ‫وكان البداية لظهور القرامطي أبو سعيد بالبحرين في سنة ‪286‬هـ‪899/‬م وقتاله‬ ‫لعسكر الخالفة‪ ،‬وتقدم نحو البصرة ونواحيها والتقى بجيوش الخالفة هزمها ثم أسر قائد‬ ‫القرامطة المعروف بابن أبي قوس (فوارس) أسره بدر غالم الطائي بنواحي روذميستان‬ ‫من قرى السواد وأرسله إلى المعتضد فيضرب عنقه ويصلبه على الجسر في جماعة من‬ ‫القرامطة ويختفي اسم حمدان وصهره عبدان ويتولى الزعامة زكرويه سنة ‪289‬هـ‪901/‬م‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مركبا ألهل‬ ‫أحرق المعتضد جميع السفن البحرية مع جميع آالتها وكان خمسين‬ ‫طرسوس بوشاية من أحد قادته وهو دميانه فأضر ذلك بالمسلمين وقوي به الروم وأمنوا‬ ‫أن يُغزوا في البحر‪.‬‬ ‫غزت جيوش المعتضد الروم في البحر قائده راغب سنة ‪285‬هـ‪898/‬م واستولى‬ ‫على مراكب كثيرة وفتح حصونهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ونحوا من عشرة آالف علم‬ ‫نازل الترك وفتحوا حاضرتهم وأسروا ملكهم وامرأته‬ ‫من أعالمهم ممن يرتفع للترك في عهده أصواتهم‪.‬‬ ‫في خالفته غادر أبو عبد اهلل الشيعي الشام إلى المغرب وينزل بقبيلة كتامة ويدعوهم‬ ‫إلى عبيد اهلل المهدي جد الخلفاء الفاطميين الذي كان قد فر من الحسين بن زكرويه من‬ ‫قرامطة وإسماعيلية‪.‬‬ ‫مرض المعتضد في سنة ‪289‬هـ‪901/‬م ثم مات وخلفه في الخالفة ابنه علي بن‬ ‫المعتضد‪.‬‬ ‫املكتفي باهلل ‪289‬هـ‪295-‬هـ = ‪907-901‬م‬ ‫هو أبو محمد‪ ،‬علي بن المعتضد بن أحمد (الموفق) بن المتوكل بن المعتصم بن‬ ‫ُ‬ ‫الرشيد‪ ،‬كان من أم تركية اسمها جيجك‪.‬‬ ‫‪217‬‬ ‫توليه اخلالفة‪ :‬عند وفاة والده المعتضد سنة ‪289‬هـ‪901/‬م كان المكتفي ً‬ ‫غائبا‬ ‫بالرقة‪ ،‬ويضطر رئيس الحرس مؤنس إلى حبس جماعة من وجوه العباسين حتى تؤخذ‬ ‫البيعة للمكتفي ـ وكان يقوم بأعمال بيعته القاسم بن عبيد اهلل لحين حضوره إلى بغداد ـ‬ ‫ً‬ ‫كان المكتفي شغوفا بالصيد ومعه الكالب والصقور والفهود والعقاب‪.‬‬ ‫كانت فاطمة خاتون زوجة الخليفة المكتفي محبة للفضائل وأعمال الخير وتعمل‬ ‫على توزيع الكثير من المساعدات والمؤن للفقراء والمحتاجين‪ ،‬وكان الخليفة المكتفي‬ ‫قد أمر برد البساتين والحوانيت التي صادرها والده‪ ،‬وهدم المطامير التي اتخذها والده‬ ‫وصيرها مساجد‪.‬‬ ‫وكانت فاطمة خاتون زوجة الخليفة المكتفي على دراية واسعة باألمور السياسية‬ ‫مما أكسبها شهرة واسعة في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫وكان من الخلفاء الذين أقبلوا على لعبة الشطرنج تسمى الجوارحية‪َ ،‬سموا كل‬ ‫بيت من أبياتها باسم حاجة من جوارح اإلنسان‪ ،‬كما عمد إلى استدعاء أبي القاسم‬ ‫التوزي الشطرنجي ومحمد بن يحيى الصولي إلجادته لعبة الشطرنج وجعله يلعب‬ ‫(محمد بن يحيى) بين يديه مع العب آخر مشهور بلعبه هو الماوردي‪.‬‬ ‫إن زيادة اهلل بن األغلب أهدى المكتفي حين تسلم الخالفة مائة وخمسين جارية‪،‬‬ ‫كما أرسل إسماعيل بن أحمد الساماني والي خراسان إلى المكتفي سنة ‪292‬هـ‪904/‬م‬ ‫ثالثمائة بعير عليها صناديق فيها المسك والعنبر والثياب من كل لون‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬قام رجل من أهل الشام يدعى محمد بن الخلنجي ودعا للطولونيين‬ ‫في جنوب فلسطين فانضم إليه عدد كبير من أهل الشام ومصر واستطاع أن يهزم جيوش‬ ‫الوالي العباسي على مصر عيسى النوشري وأن يسيطر على مصر مدة ثمانية أشهر فأرسل‬ ‫ً‬ ‫إليه المكتفي جيشا في سنة ‪292‬هـ‪904/‬م بقيادة محمد بن سليمان المعروف بالكاتب‬ ‫وفي نفس الوقت تحرك األسطول العباسي بالثغور الشامية بقيادة دميانه إلى مصر وتمكن‬ ‫من االنتصار عند مدينة تنيس (بجوار دمياط) ثم صعد في التل نحو الفسطاط وفي نفس‬ ‫‪218‬‬ ‫الوقت تقدمت الجيوش مخترقة الشام ومصر بقيادة محمد الذي دخل مدينة القطائع‬ ‫ودمرها ما عدا المسجد‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫تم في عهده القضاء على يحيى بن زكرويه القرمطي ومن بقي من أبنائه ـ فقام‬ ‫محله أخوه الحسين وابن عمه مهروية بالشام فقاتلته الجيوش العباسية وقتلته ـ ثم أرسل‬ ‫ً‬ ‫جيشا آخر في سنة ‪291‬هـ‪903/‬م بقيادة محمد بن سليمان فالتقى القرمطي الحسين بن‬ ‫زكرويه بالقرب من حماة فهزمهم وحملهم أسرى إلى بغداد حيث جرى صلبهم ببغداد‪.‬‬ ‫في سنة ‪293‬هـ‪905/‬م سار جيش لقتال داعية لزكرويه يسمى أبا غانم في بُصرى‬ ‫واذرعات فقتله وقضى على دعوة زكرويه واستعادت الدولة العباسية سيطرتها كاملة على‬ ‫سواد الكوفة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفي سنة ‪294‬هـ‪906/‬م أرسل جيشا لقتال القاسم بن أحمد القرمطي في سواد‬ ‫الكوفة نهب قوافل الحجاج فبعث المكتفي وصيف بن صوارتكين في جيش فقتله‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أسيرا ونائبه وخواصه وابنه وأقاربه وكاتبه وامرأته وحمل زكرويه‬ ‫واستسلم زكرويه وأخذه‬ ‫وهو جريح فتوفي في الطريق إلى بغداد وبذلك قضى على حركة زكرويه في سواد الكوفة‬ ‫وبواد الشام قضاءً ً‬ ‫نهائيا‪.‬‬ ‫أكثر ابن المعتز في مدح المكتفي وبنوه بانتصارات جيوشه على قرامطة الشام‬ ‫وزعيمهم الحسين بن زكرويه القرمطي المعروف بصاحب الشامة وينادمه ويحضر‬ ‫مجالس سماعه وشرابه‪ ،‬وفي نفس السنة ثورة السفياني بالشام وتبعه نفر فحملوا مقيدين‬ ‫إلى باب المكتفي‪.‬‬ ‫فتح الجيش بطرسوس مدينة أنطاكية على ساحل البحر المتوسط عنوة واستولى‬ ‫ً‬ ‫مركبا للروم في سنة ‪293‬هـ‪905/‬م‪.‬‬ ‫على ستين‬ ‫وفي نفس السنة استولى المسلمون على مدينة سالونيقي ثانية مدن الدولة البيزنطية‬ ‫ً‬ ‫وأسروا من أهلها اثنين وعشرين ألفا‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪294‬هـ‪906/‬م غزت جنود المكتفي سلندو‪ ،‬وآلس وإنطالية من مدن الدولة‬ ‫البيزنطية وفتح اهلل عليهم‪ ،‬وغنم منها ما ال يحصى من األموال‪.‬‬ ‫‪219‬‬ ‫ولي عهد أخاه المقتدر وهو ال يزال ً‬ ‫صبيا في السن (‪ )13‬سنة بعد وفاته خلفه‬ ‫أخوه المقتدر سنة ‪295‬هـ‪907/‬م‪.‬‬ ‫املقتدر باهلل ‪320-295‬هـ = ‪932-907‬م‬ ‫هو أبو الفضل‪ ،‬جعفر بن المعتضد أحمد بن طلحة الموفق بن المتوكل بن‬ ‫المعتصم بن الرشيد‪ ،‬تولى الخالفة وهو صبي وسنه ثالث عشرة ولم يل الخالفة قبله‬ ‫ُ‬ ‫أصغر منه‪ ،‬ولد من أم رومية وقيل تركية اسمها غريب وقيل شغب‪ ،‬وكان المقتدر‬ ‫صحيح الرأي مؤثر للشراب‪ ،‬وفي نادره لم يل الخالفة من اسمه جعفر إال المتوكل‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪.‬‬ ‫والمقتدر‪ ،‬فقتال‬ ‫ولما ولي وهو ابن ثالث عشرة سنة أجمع واجتهد كثيرون من الكتاب والقضاة‬ ‫وذوي الرأي والوزير العباس بن الحسن على خلعه وتولية عبد اهلل بن المعتز الملقب‬ ‫بالراضي وتتم له البيعة وال يكاد يمضي عليه يوم وليلة حتى يقتل وترد الخالفة على‬ ‫المقتدر ويصبح ألعوبة في أيدي الترك وعاد األتراك إلى طغيانهم وفسادهم‪ ،‬ولم يعد‬ ‫الخلفاء يحكمون منذ عهد المقتدر فقد أصبح الترك والنساء والجند هم الذين ي ُ َ‬ ‫ص ِرفون‬ ‫أمور الدولة‪ ،‬وولي الخالفة من أوالده ثالثة‪ :‬الراضي‪ ،‬والمتقي‪ ،‬والمطيع‪ ،‬وكذلك‬ ‫اتفق للمتوكل‪ ،‬والرشيد‪ ،‬وفي عهده كثرة الرشوة‪ ،‬وبدد األموال‪ ،‬وعم الظلم والبغي‬ ‫وكثر االستيالء على أموال ذوي اليسار بغير حق‪ ،‬وكثر الوزراء وكثرت مصادراتهم‪،‬‬ ‫وكذلك كثرت مصادرات الكتاب والتجار‪ ،‬وكثرة تولية كبار الموظفين وعزلهم حتى قيل‬ ‫ً‬ ‫أنه عين في يوم واحد تسعة عشر ناظر للكوفة آخذا من كل واحد منهم رشوة‪.‬‬ ‫كان المقتدر يجري على ابن دريد العالم اللغوي (ت‪321‬هـ‪933/‬م) خمسين ً‬ ‫دينارا‬ ‫في كل شهر‪ ،‬كان في قصر المقتدر أحد عشر ألف غالم خصي غير الصقالبة والروم‬ ‫ً ً‬ ‫تحريما باتا‪ ،‬والترك يسمون الخصي الخادم واألستاذ ـ‪.‬‬ ‫والسود ـ اإلسالم حرم الخصاء‬ ‫•صودرت في عهده أموال ابن الجصاص التاجر الجوهري البغدادي الذي‬ ‫‪220‬‬ ‫أشرف على جهاز قطر الندى بنت خمارويه وحينما صودرت أمواله بلغ ما‬ ‫ً‬ ‫أخذه منه من المال والجواهر ستة عشر مليونا من الدنانير‪.‬‬ ‫•تحكمت أم المقتدر شعب الملقبة بـ >السيدة< وهي أم ولد رومية ووصيفاتها‬ ‫في شئون الدولة وكانت تمسك بيديها زمام األمر والنهي في الدولة وكانت‬ ‫تستعين بقهرمانتها الثانية ـ األولى أم موسى ـ >ثمل< وأقعدتها في الرصافة‬ ‫كل يوم جمعة للنظر في المظالم‪ ،‬وتحضر القضاة وتبرز التواقيع وعليها‬ ‫ً‬ ‫غريبا في النفوذ والسلطان‪،‬‬ ‫خطها‪ ،‬كما فسحت ألخيها الرومي المسمى‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أتاحت لقهرمانتها أم موسى من اسنادها نقابة بني هاشم ألخيها‪.‬‬ ‫•وفي عهده استقل المغرب عن الخالفة العباسية ودعي للمهدي الفاطمي بالخالفة‬ ‫وغادر المغرب األمير زيادة اهلل بن األغلب إلى مصر‪.‬‬ ‫وزيرا عزل بعضهم ً‬ ‫ً‬ ‫مرارا‪ ،‬ومنهم من‬ ‫وزارته‪ :‬ولي الوزارة في عهده اثني عشر‬ ‫وزر له لمرتين ولثالث أولهم ابن الفرات ثم الخاقاني ـ وكان األخير قد أولم وليمة‬ ‫ُ‬ ‫ضخمة بمناسبة دخول ابن له الكتاب ومنح المعلم ألف دينار ـ وعلي بن عيسى (عزلته‬ ‫أمه) الوزير المصلح اشتهر بالورع والزهد‪ ،‬الحافظ كان ينفق سنويًا أربعين ألف درهم‪،‬‬ ‫والوزير أبي العباس أحمد بن عبد اهلل بن أحمد بن الخصيب صودرت أمواله في سنة‬ ‫‪314‬هـ‪( 926/‬عزلته أمه)‪ ،‬والوزير أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات‪ ،‬وكان يطلق‬ ‫لطالب الحديث سنويًا عشرين ألف دينار‪ ،‬والوزير حامد بن العباس ثم ابن الفرات‪،‬‬ ‫والوزير أبو علي محمد بن مقلة (وزير ضعيف)‪.‬‬ ‫•إن حامد بن العباس أحد وزراء الخليفة المقتدر يأمره الخليفة أن يفرد أطباء‬ ‫للمسجونين يزورونهم ً‬ ‫يوميا ومعهم األدوية واألشربة‪.‬‬ ‫•بنى كبير األطباء سنان بن ثابت بن قرة في سنة ‪304‬هـ‪916/‬م‪ ،‬وفي سنة‬ ‫‪306‬هـ‪918/‬م مارستانين كبيرين أحدهما للخليفة المقتدر والثاني ألمه‪،‬‬ ‫ً ً‬ ‫وبنى للوزير ابن الفرات مارستانا ثالثا في سنة ‪311‬هـ‪923/‬م‪ ،‬ولما أرسل‬ ‫‪221‬‬ ‫ملك الروم رساًل بهدايا عمد إلى بناء ً‬ ‫دارا الستقبال رسول االمبراطور البيزنطي‬ ‫عُرف بدار الشجرة في سنة ‪305‬هـ‪917/‬م وقد جاءوا يطلبون عقد هدنة إذ‬ ‫فرشت قصوره بأجمل الفرش ُ‬ ‫ومليئت دار الخالفة بالجند والسالح‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫•أنشأ في عهد المقتدر ديوان أطلق عليه >ديوان المواريث<‪ ،‬وذلك ِب َرد من‬ ‫يموت من أهل الذمة دون وارث إلى أهل ملته ال إلى بيت المال‪.‬‬ ‫•تدهور دخل الخراج في عهد المقتدر فقد بدد األموال في بيت المال في عهد‬ ‫ً‬ ‫المعتضد والمكتفي ومقدارها خمسة عشر مليونا من الدنانير وقيل أربعة عشر‬ ‫ً‬ ‫مليونا من الدنانير‪ ،‬أنفق على ختان أبنائه ستمائة ألف دينار‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان المقتدر متالفا فأنفق أموال الدولة على النساء وأهداهن جواهرها وتحفها‬ ‫النفيسة من ذلك إهداؤه >الدرة اليتيمة< التي ظل آباؤه يحتفظون بها ً‬ ‫حقبا طوااًل لبعض‬ ‫حظاياه وكانت زنتها ثالثة مثاقيل‪.‬‬ ‫•إن المقتدر طلب الصناديق وأوعيتها المحفوظة بالخزائن‪ ،‬فاختار منها ياقوت‬ ‫أحمر مائة حبة‪ ،‬ونظمها ُ‬ ‫سبحة يُسبح بها عُرضت على تجار الجواهر فقدموا‬ ‫كل حبة بمائة ألف دينار‪.‬‬ ‫الثورات‪ :‬ثورة بطبرستان والديلم في سنة ‪300‬هـ‪912/‬م من األطروش العلوي‬ ‫وهو الحسن بن علي الحسني لقبه >بالداعي< وبنى المساجد ودخل كثير في دين اهلل‪.‬‬ ‫هجوم القرامطة بقيادة أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي في سنة ‪307‬هـ‪919/‬م‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وفي سنة ‪311‬هـ‪923/‬م مدينة البصرة ودخلها وعاثوا فسادا وأحرقوا الجوامع والمربد‬ ‫وهاجموا في السنة التالية قوافل الحجاج العائدة من مكة‪ ،‬وفي سنة ‪313‬هـ‪925/‬م‬ ‫هاجم الكوفة ودخلها ونهبها لمدة ستة أيام‪ ،‬ثم غادرها‪ ،‬وفي سنة ‪315‬هـ‪927/‬م‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫سار إلى الكوفة فأرسل له المقتدر جيشا بقيادة يوسف بن أبي الساج فجرح وأسر وهزم‬ ‫ً‬ ‫ثم سار سير إليه جيشا آخر بقيادة مؤنس الخادم ومعه أبو الهيجاء بن حمدان وجرت‬ ‫مناوشات دون حسم‪.‬‬ ‫‪222‬‬ ‫ثم سار إلى الرحبة جنوبي قرقيسياء ودخلها وصالح أهل قرقيسياء ودخل الرقة‪ ،‬ثم في‬ ‫سنة ‪317‬هـ‪929/‬م تقدم القرامطة في األحساء والبحرين بقيادة علي أبي سعيد الحسن بن‬ ‫بهرام الجنابي ودخولهم مكة في يوم التروية‪ ،‬فقتل الحجيج‪ ،‬وضرب الحجر األسود بدبوس‬ ‫فكسره‪ ،‬ثم أخذوا الحجر األسود وظل لغاية أن رد في عهد المطيع سنة ‪339‬هـ‪950/‬م ـ‬ ‫بقي لمدة أكثر من عشرين سنة ـ وكانت نهاية أبي سعيد أن تقطع جسده بالجدري‪.‬‬ ‫•غزا القائد دميانه قبرص وفتح بها كثير من الحصون في سنة ‪298‬هـ‪910/‬م‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خلقا ً‬ ‫وفي نفس السنة أغارت الروم على الالذقية ً‬ ‫كثيرا‪.‬‬ ‫بحرا وسبوا منها‬ ‫•صد الحملة األولى للمهدي الفاطمي البرية والبحرية على مصر سنة‬ ‫‪301‬هـ‪913/‬م‪ ،‬وكذا الحملة الثانية في سنة ‪307‬هـ‪919/‬م بقيادة مؤنس‬ ‫الخادم‪.‬‬ ‫•فتح مدينة بلوخستان في سنة ‪313‬هـ‪925/‬م‪ ،‬وقبلها فتحت فرغانة من قبل‬ ‫والي خراسان‪.‬‬ ‫•غزا الروم في سنة ‪314‬هـ‪926/‬م فدخلوا ملطية بالسيف وقتلوا وسبوا وظلوا‬ ‫فيها ً‬ ‫أياما‪.‬‬ ‫الفداء‪ :‬أرسل مع القائد مؤنس الخادم مائة وعشرين ألف دينار لفداء أسارى‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫خروج القائد مؤنس الخادم في سنة ‪317‬هـ‪929/‬م وبايع محمد بن المعتضد‬ ‫بالخالفة ولقبوه القاهر باهلل وعزل الجند القاهر وحملوا المقتدر وردوه إلى دار الخالفة‪،‬‬ ‫ولكن خرج عليه مؤنس الخادم مرة ثانية في سنة ‪320‬هـ‪932/‬م وحاربه بجنده من البربر‬ ‫فقتل الخليفة ـ من قبل أحد البربر ـ وولى أخوه القاهر باهلل‪.‬‬ ‫‪223‬‬ ‫القاهر باهلل (املنتقم من أعداء دين اهلل) ‪322-320‬هـ = ‪933-932‬م‬ ‫(ت‪339‬هـ‪950/‬م)‬ ‫هو أبو منصور‪ ،‬محمد بن المعتضد بن أحمد (طلحة الموفق) بن المتوكل بن‬ ‫ُ‬ ‫المعتصم بن الرشيد‪ ،‬كان من أم ولد اسمها فتنه‪ ،‬وفي ‪320‬هـ‪332/‬م اتفق كل من مؤنس‪،‬‬ ‫وابن مقلة‪ ،‬والجند على خلعه‪ ،‬وتولية محمد بن المكتفي‪ ،‬فلم يتمكنوا فاستقام له األمر‪.‬‬ ‫في سنة ‪321‬هـ‪933/‬م أمر الخليفة القاهر بتحريم القيان والخمر على الناس وقبض‬ ‫على المغنين وكسر آالت اللهو‪ ،‬وأمر ببيع المغنيات من الجواري مع أن هذا الخليفة كان‬ ‫يدمن الخمر‪ ،‬كما كان ً‬ ‫مولعا بسماع المغنيات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكان سفاكا للدماء شديد البطش بمن يغضب عليه من األتراك فقتل مؤنس الملقب‬ ‫بالمظفر أكبر الحجاب في عصره وعصر المقتدر‪ ،‬كان من كبار األطباء‪ :‬سنان بن ثابت‬ ‫بن قرة الذي أسلم على يد الخليفة القاهر‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪322‬هـ‪933/‬م ثار مردويج بن زياد الديلمي بالديلم وسيطر عليها‪،‬‬ ‫ثم سار إلى أصبهان وتمكن من هزيمة نائب الخليفة محمد بن ياقوت‪ ،‬ثم سير أحد‬ ‫قواده وهو علي بن بويه إلى فارس وهمذان وخراسان فبسط نفوذه عليهم‪ ،‬وفي نفس‬ ‫السنة شغب عليه الجند‪ ،‬ألن الوزير ابن مقلة كان يوحشهم منه‪ ،‬هجموا عليه وعزلوه‬ ‫ُ‬ ‫وبايعوا أبا العباس محمد بن المقتدر ولقبوه الراضي باهلل‪ ،‬ثم حبس إلى أن مات سنة‬ ‫‪339‬هـ‪950/‬م‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خلع بعد سنة ونصف من خالفته ُ‬ ‫وسلمت عيناه وهو أول خليفة عُوقب هذا‬ ‫العقاب الصارم من الخلفاء وقد عاش بعدها سبعة عشر ً‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫الراضي باهلل ‪329-322‬هـ = ‪940-933‬م‬ ‫ُ‬ ‫هو أبو العباس‪ ،‬محمد بن المقتدر بن المعتضد بن طلحة بن المتوكل‪ ،‬ولد من أم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رومية اسمها ظلوم‪ ،‬تولى الخالفة بعد عزل القاهر باهلل‪ ،‬كان سمحا جوادا مقربًا للعلماء‬ ‫‪224‬‬ ‫واألدباء‪ ،‬وأنه كان يوسع في مجالسه للندماء‪ ،‬ولم يكن ينصرف عنه أحد من ندمائه‬ ‫في أي يوم إال بصلة أو خلعة أو طيب منهم‪ :‬أستاذه محمد بن يحيى الصولي‪ ،‬وابن‬ ‫األنباري‪ ،‬وخصه الصولي بترجمة ضافية في كتابه األوراق‪ ،‬ورى فيها طائفة كثيرة من‬ ‫أشعاره‪ ،‬عمل على القصد الشديد في نفقات دار الخالفة حتى بلغت ثالثة آالف دينار‬ ‫ً‬ ‫يوميا‪ ،‬وكان الراضي عاهد ربه أال يشرب وظل على ذلك سنتين من خالفته‪ ،‬ثم وجدوا‬ ‫له رخصة من يمينه فكفر عنها‪ ،‬وعاد إلى الشرب‪ ،‬وله فضائل منها‪ :‬أنه آخر خليفة انفرد‬ ‫بتدبير الجند‪ ،‬وآخر خليفة خطب في صالة الجمعة‪ ،‬وآخر خليفة جالس الندماء‪ ،‬وآخر‬ ‫خليفة دون له شعر‪ ،‬وآخر خليفة انفرد بتدبير الملك‪ ،‬وآخر خليفة وصل إليه العلماء‪.‬‬ ‫•ذكر ابن األثير‪> :‬لم يبق للخليفة غير بغداد وأعمالها‪ ،‬والحكم في جميعها‬ ‫البن رائق وليس للخليفة حكم‪ ،‬فكانت البصرة‪ ،‬وخوزستان‪ ،‬وفارس‪،‬‬ ‫وكرمان‪ ،‬والري والجبل‪ ،‬وأصبهان‪ ،‬والموصل‪ ،‬وديار بكر‪ ،‬ومصر‪،‬‬ ‫والشام‪ ،‬وإفريقية‪ ،‬واألندلس‪ ،‬وخراسان‪ ،‬وما وراء النهر‪ ،‬وطبرستان‪،‬‬ ‫وجرجان‪ ،‬والبحرين‪ ،‬واليمامة كلها تحت سيطرة والة مستقلين<‪.‬‬ ‫•عجز الوزراء في عهد الراضي عن إدارة الدولة بسبب ازدياد نفوذ القواد‪،‬‬ ‫واضطر الخليفة إلى تقليد محمد بن رائق أمير واسط ونواحيها شئون الدولة‬ ‫كافة وتلقيبه أمير األمراء‪ ،‬وسلم إليه مقاليد الحكم ورئاسة الجيش وتدبير‬ ‫الخراج والضياع وبذلك بطل يومئذ أمر الوزارة ثم تغير الخليفة على ابن رائق‬ ‫ولكنه لم يستطع فعل شيء حتى لم يتمكن الخليفة أن يدفع أرزاق الجند أو‬ ‫يحصل على ما يكفيه‪.‬‬ ‫•وفي سنة ‪322‬هـ‪933/‬م توفي مرداويج مقدم الديلم بأصبهان‪ ،‬وبعث إليه‬ ‫قائده علي بن بويه يطلب من الخليفة إقراره على ما في يده مقابل ثمانمائة‬ ‫ً‬ ‫وخلعا ثم أخذ ابن بويه يماطل بإرسال‬ ‫ألف ألف درهم كل سنة‪ ،‬فبعث له لواء‬ ‫المال‪ ،‬واستعان الراضي بالقرامطة وأدخلهم في صفوف جيشه‪.‬‬ ‫•في سنة ‪324‬هـ‪935/‬م شن سيف اهلل الحمداني أول حرب على الدمستق‬ ‫في آمد‪.‬‬ ‫‪225‬‬ ‫•في عهده ُقتل ابن ُمقلة األديب والخطاط بعد أن اعتلى كرسي الوزارة ً‬ ‫مرارا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫محجورا عليه‪.‬‬ ‫عظم أمر ابن رائق بعد توليه الوزارة غير أنه لم يلبث أن صار‬ ‫•استقل بنو حمدان بالموصل وديار بكر وديار ربيعة ومضر‪ ،‬استقل نصر بن‬ ‫أحمد الساماني بخراسان‪ ،‬ولى محمد األخشيد في سنة ‪323‬هـ‪934/‬م على‬ ‫مصر بعد انتصاره على الفاطميين‪ ،‬ثم استقل األخشيد بمصر والشام‪ ،‬ولكن‬ ‫مصر تعترف في الخطبة بسيادة العباسين عليها ووقع قتال بين محمد بن رائق‬ ‫واألخشيد سنة ‪328‬هـ‪939/‬م عقد الصلح أن تكون الرملة لألخشيد وطبرية‬ ‫وما في شمالها لمحمد بن رائق ولكنه نقض الصلح ابن رائق وسار من دمشق‬ ‫إلى مصر والتقيا في العريش هزم ابن رائق وعاد إلى دمشق ثم أرسل األخشيد‬ ‫أخاه الحسين ولكنه هزمه ابن رائق ثم عقد الصلح‪.‬‬ ‫املتقي باهلل ‪333-329‬هـ ‪944-940 -‬م‪( ،‬ت‪327‬هـ‪968/‬م)‬ ‫هو أبو إسحاق‪ ،‬إبراهيم بن المقتدر بن المعتضد بن الموفق طلحة بن المتوكل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ناسكا ً‬ ‫تقيا يصوم الدهر ولم يشرب‬ ‫ولد من أم اسمها خلوب‪ ،‬وقيل زهرة‪ ،‬وكان‬ ‫النبيذ قط وال اتخذ جلساء وال ندماء‪ ،‬والمصحف نديمه‪ ،‬وكان الذي يدبر الدولة هو‬ ‫عبد اهلل بن أحمد بن علي الكوفي كاتب بجكم‪ ،‬ولما قتل عبد اهلل ولى اإلمرة كورتكين‬ ‫الديلمي‪ ،‬ثم اختفى وولي مكانه محمد بن رائق‪ ،‬ثم قيام نزاع على منصب إمرة‬ ‫األمراء بين محمد بن رائق وأبي عبد اهلل البريدي صاحب األهواز‪ ،‬انتهى بقتل محمد‬ ‫بن رائق من قبل ناصر الدولة بن حمدان وتقلد ناصر الدولة أعباء هذه الوظيفة سنة‬ ‫‪330‬هـ‪941/‬م ولكن طردهم توزون التركي رئيس الشرطة سنة ‪331‬هـ‪942/‬م وتقلد‬ ‫إمرة األمراء‪ ،‬وكان قد استولى الحسين علي بن محمد اليزيدي على بغداد وسام الناس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ظلما فادحا‪ ،‬فلجأ الخليفة إلى الحمدانيين في الجزيرة حتى قدموا به إلى بغداد وهرب‬ ‫منها اليزيدي وخلع على الحسين بن عبد اهلل بن حمدان ولقبه بناصر الدولة وعلى أخيه‬ ‫علي ولقبه سيف الدولة‪.‬‬ ‫‪226‬‬ ‫•وصف البيروني موقف الخلفاء من بني بويه‪> :‬إن الدولة والملك قد انتقل في‬ ‫آخر أيام المتقي وأول أيام المستكفي من آل العباس إلى آل بويه‪ ،‬والذي بقي‬ ‫في أيدي الدولة العباسية إنما هو أمر ديني اعتقادي ال ملك دنيوي<‪.‬‬ ‫•تزوج الخليفة المتقي من فاطمة بنت محمد ملك شاه السلجوقي وأخت‬ ‫السلطان محمود بن محمد ملك شاه‪ ،‬في عهده تفاقم أمر َ‬ ‫العيَّارين وزادوا‬ ‫النهب‪ ،‬سقوط قبة قصر المنصور فهي قبة تاج بغداد وعلمها المعلم‪.‬‬ ‫•في سنة ‪331‬هـ‪942/‬م زحف الروم على أرزن بأرمينية‪ ،‬وميافارقين ونصبين‬ ‫بديار بكر فقتلوا وسبوا كثيرين‪ ،‬ثم طلب الروم من أهل مدينة الرها مندياًل من‬ ‫كنيستها زعموا أن المسيح ‪ L‬مسح به وجهه فارتسمت صورته فيه‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن‬ ‫ُ‬ ‫سلمتموه أطلقنا كل من بأيدينا من أسرى المسلمين فأرسل المنديل وأطلقت‬ ‫األسارى‪.‬‬ ‫•في سنة ‪333‬هـ‪944/‬م التقى محمد األخشيد بالخليفة المتقي في مدينة الرقة‬ ‫في شمال الفرات وطلب منه أن يصحبه إلى مصر حيث يكون تحت حمايته‬ ‫ولكن الخليفة لم يقبل وعاد األخشيد إلى الشام بينما عاد الخليفة إلى بغداد‬ ‫بعد أن تعهد أمير األمراء التركي توزون بحمايته إذا ما عاد ولكنه لم يلبث أن‬ ‫غدر به فقبض عليه وخلعه مقابل ستمائة ألف دينار أخذها وأخذ الخاتم من‬ ‫يد المتقي والبردة (بردة النبي !)‪ ،‬والقضيب وسلمها للمستكفي وتولت‬ ‫ُ‬ ‫>حسن< سمل عينيه ـ ولما بلغ القاهر أنه ُ‬ ‫سمل قال‪ :‬صرنا‬ ‫الجارية الشيرازية‬ ‫اثنين نحتاج إلى ثالث‪ ،‬فكان كذلك سمل المستكفي ـ بيد غالم لها سندي‬ ‫ً‬ ‫خمسا وعشرين سنة ومات توزون بعد خلعه بقليل‪.‬‬ ‫وعاش بعد خلعه‬ ‫املستكفي ‪334-333‬هـ = ‪945-944‬م‬ ‫ُ‬ ‫هو أبو القاسم‪ ،‬عبد اهلل بن علي المكتفي بن المعتضد‪ ،‬كان من أم ولد رومية اسمها أملح‬ ‫الناس‪ ،‬ولقب نفسه إمام الحق‪ ،‬اشتهر بالصالح والتقوى وعدم شرب النبيذ‪ ،‬كانت خالفته سنة‬ ‫‪227‬‬ ‫وأربعة أشهر‪ ،‬كان للخليفة المستكفي قهرمانة >علم الشيرازية< عاقلة وجزلة في حديثها غلبت‬ ‫على أمره كله حيث كانت تأمر وتنهى وتتحكم في كثير من أمور الدولة لعهد المستكفي‪.‬‬ ‫كانت األحوال السياسية واالقتصادية في بغداد قد تدهورت وعجزهم عن دفع رواتب‬ ‫الجند وحفظ األمن وطلب األهالي من أحمد بن بويه المسير إليهم وزحف بجيوشه نحو‬ ‫بغداد ودخلها سنة ‪334‬هـ‪945/‬م وبايع الخليفة المستكفي الذي استقبله استقبااًل حافاًل‬ ‫ومعه أمير األمراء أبو جعفر بن شيراز وقلد الخليفة أحمد بن بويه منصب أمير األمراء ومنحه‬ ‫لقب معز الدولة وأعطاه الطوق والسوار وآلة السلطنة وعقد له لواء‪ ،‬كما منح أخاه ً‬ ‫عليا لقب‬ ‫عماد الدولة‪ ،‬وأخاه الحسن لقب ركن الدولة وأصبحت الخالفة العباسية في قبضة بني بويه‬ ‫ـ كانت سنة ‪334‬هـ‪945/‬م هي بداية لعصر نفوذ بني بويه وانتهى في سنة ‪447‬هـ‪1055/‬م ـ‬ ‫بنهاية عهد المستكفي انتهت سيطرة األتراك على مقاليد الخالفة وبداية ظهور النفوذ البويهي‬ ‫في بغداد وإلى نهاية دولتهم في سنة ‪447‬هـ‪1055/‬م‪.‬‬ ‫في عهده مات توزون التركي فخلفه في إمرة األمراء أبو جعفر بن شيراز الذي‬ ‫طمع ثم دخل أحمد بن بويه فاختفى‪ ،‬وكانت العالقة الجيدة بين الخليفة وأحمد بن بويه‬ ‫استمرت لمدة شهر إذ اتهم أحمد بن بويه الخليفة أنه يعمل على إزالته وإعادة األتراك‬ ‫وطلبوا منه أن يخلع نفسه‪ ،‬فخلعها وبايع ابن عمه المطيع واشترط أال يقطع شيء من‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫انتقاما‬ ‫أعضائه‪ ،‬فحبس لغاية وفاته سنة ‪338‬هـ‪949/‬م‪ ،‬وأمر المطيع بأن تسمل عيناه‬ ‫ألخيه في سنة ‪334‬هـ‪945/‬م‪.‬‬ ‫في العصر العباسي الثالث بدأ نفوذ بني بويه‪.‬‬ ‫بين بويه يف فارس ‪447-320‬هـ = ‪1055-932‬م‬ ‫• عماد الدولة (معز الدولة)‪ ،‬أبو الحسن علي‪338-320 :‬هـ = ‪946-932‬م‪.‬‬ ‫•عضد الدولة‪ ،‬أبو شجاع خسرو‪372-338 :‬هـ = ‪982-946‬م‪.‬‬ ‫•شرف الدولة‪ ،‬أبو الفوارس شيرزاد‪379-372 :‬هـ = ‪989-982‬م‪.‬‬ ‫•صمام الدولة‪ ،‬أبو كالينجار المرزبان‪388-379 :‬هـ = ‪998-989‬م‪.‬‬ ‫‪228‬‬ ‫•بهاء الدولة (العراق)‪403-388 :‬هـ = ‪1012-998‬م‪.‬‬ ‫•سلطان الدولة‪ ،‬أبو شجاع‪415-403 :‬هـ = ‪1024-1012‬م‪.‬‬ ‫•عماد الدولة‪( ،‬أبو كالينجار المرزبان)‪415 :‬هـ‪1024/‬م‪.‬‬ ‫•أبو نصر‪ ،‬خسرو فيروز (الملك الرحيم آخر سالطين بني بويه)‪:‬‬ ‫•‪447-440‬هـ = ‪1055-1048‬م‪.‬‬ ‫بنو بويه يف العراق واألهواز وكرمان‬ ‫•معز الدولة‪ ،‬علي بن بويه‪356-334 :‬هـ = ‪967-945‬م‪.‬‬ ‫•بختيار بن علي بن بويه‪ ،‬أبو منصور‪367-356 :‬هـ = ‪977-967‬م‪.‬‬ ‫•عضد الدولة‪ ،‬أبو شجاع خسرو‪372-367 :‬هـ = ‪982-977‬م‪.‬‬ ‫•شرف الدولة (بهاء الدولة)‪ ،‬أبو الفوارس شيراز‪379-372 :‬هـ = ‪-982‬‬ ‫‪989‬م‪.‬‬ ‫•بهاء الدولة‪ ،‬أبو منصور (فيروز)‪403-379 :‬هـ = ‪1012-989‬م‪.‬‬ ‫•سلطان الدولة‪ ،‬أبو شجاع‪415-403 :‬هـ = ‪1024-1012‬م‪.‬‬ ‫•جالل الدولة‪435-415 :‬هـ = ‪1043-10124‬م‪.‬‬ ‫•عماد الدولة‪ ،‬أبو كالينجار‪440-435 :‬هـ = ‪1048-1043‬م‪.‬‬ ‫•أبو نصر‪ ،‬خسرو فيروز (الملك الرحيم آخر ملوك بني بويه)‪447-440 :‬هـ‬ ‫= ‪1055-1048‬م‪.‬‬ ‫‪229‬‬ ‫عصر (دولة) بين بويه (عصر النفوذ الفاريس‪447-334 :‬هـ = ‪1055-945‬م)‬ ‫عصر (دولة) بني بويه شيعية على مذهب الزيدية في فارس والعراق وتنسب إلى‬ ‫بويه من إقليم الديلم في جنوب غرب بحر قزوين التحق أبو شجاع بويه هو وأبناؤه‬ ‫علي وحسن وأحمد بخدمة مواطن لهم يدعى مرداويج بن زياد الديلمي الذي كان قد‬ ‫استقل بمنطقة طبرستان والديلم وتغلب على نفوذ الزيدية هناك ولقد رحب مرداويج‬ ‫ببني بويه‪ ،‬ومنح االبن األكبر علي بن بويه حكم إقليم الكرج بين همذان وأصفهان‬ ‫سنة (‪318‬هـ‪930/‬م) إذ سرعان ما احتل همذان وأصفهان واستعان بإخوته على ضم‬ ‫ُ‬ ‫مناطق جديدة أخرى في فارس‪ ،‬عاصمتهم شيراز‪ ،‬ولقد جاء مقتل مرداويج على يد‬ ‫جنوده سنة (‪324‬هـ‪935/‬م) فرصة لإلخوة للتوسع نحو الجنوب فاحتل علي بن بويه‬ ‫مدينة شيراز واتخذها ً‬ ‫مقرا لحكمه بينما اتجه أخوه الحسن إلى بالد الجبل أو عراق‬ ‫العجم فاحتلها واستقر فيها‪ ،‬أما األخ الثالث أحمد بن بويه فقد اتجه جنوبًا نحو بالد‬ ‫كرمان واألهواز (خوزستان) فاحتلها وكانت األحوال السياسية واالقتصادية في العراق‬ ‫قد تدهورت واستغل أحمد بن بويه هذه الفرصة وزحف بجيوشه نحو بغداد واحتلها سنة‬ ‫(‪334‬هـ‪945/‬م) وبايع الخليفة المستكفي الذي استقبله استقبااًل حافاًل وقلده منصب‬ ‫أمير األمراء ومنحه لقب معز الدولة‪ ،‬كما منح أخاه ً‬ ‫عليا لقب عماد الدولة‪ ،‬وأخاه‬ ‫الحسن لقب ركن الدولة على أن العالقة لم تلبث أن ساءت بعد شهر إذ اتهمه معز الدولة‬ ‫أحمد بن بويه أنه يعمل ً‬ ‫سرا على إزالته وإعادة األتراك ثم خلعه وبايع ابن عمه المطيع‬ ‫بالخالفة (‪363-334‬هـ = ‪974-946‬م)‪.‬‬ ‫ظل الخلفاء بال نفوذ وليس لهم من السلطة إال بعض مظاهرها الدينية كالخطبة‬ ‫والسكة وتعيين القضاة وخطباء المساجد بينما استأثر البويهيون بالحكم واتخذوا لقب‬ ‫ملك أو شاهنشاه بداًل من لقب أمير األمراء لكنهم حرصوا على إظهار الطاعة والوالء‬ ‫لمقام الخليفة أمام الناس كما أنهم حرصوا على توثيق عالقتهم بالخالفة الفاطمية الشيعية‬ ‫وزيرهم الصاحب بن عباد في مصر وشاركوا في االحتفاالت بأعياد الشيعة الدينية مثل‬ ‫‪230‬‬ ‫(واد بين مكة والمدينة به غدير) ـ وأن سالطين بني بويه رغبوا في تحويل‬ ‫يوم غدير خم ـ ٍ‬ ‫ً‬ ‫الخالفة إلى العلويين ولكنهم لم يفعلوا خوفا من ضياع نفوذهم‪ ،‬استمر بني بويه في‬ ‫الحكم مدة قرن من الزمان وكانت عاصمتهم شيراز وقد ولي الخالفة في أيامهم أربعة‬ ‫من الخلفاء‪:‬‬ ‫المستكفي الذي عزلوه في بداية حكمهم سنة ‪334‬هـ‪946/‬م‪ ،‬ثم المطيع (‪-334‬‬ ‫‪363‬هـ)‪ ،‬ثم الطائع (‪381-363‬هـ = ‪991-974‬م)‪ ،‬ثم القادر (‪422-381‬هـ = ‪-991‬‬ ‫‪1030‬م) الذي انتهت دولة بني بويه في عهده‪.‬‬ ‫أهم أعمال بين بويه‪ :‬اصالح أنظمة الري وعمل السكور (السدود)‪ ،‬بناء‬ ‫المارستان شيده عضد الدولة بن الحسن بن بويه (المستشفى)‪ ،‬أما الحياة العلمية فقد‬ ‫ازدهرت على عهد بني بويه‪ ،‬فقد أجرى عضد الدولة بن الحسن بن بويه الجرايات‬ ‫على الفقهاء والمحدثين والمفسرين والنحاة‪ ،‬وبالغ في إكرام العلماء واإلنعام عليهم‬ ‫وصنفت المصنفات الرائعة فمنها كتاب الحجة في القراءات السبع ألبي علي الحسن‬ ‫بن أحمد الفاسي النحوي‪ ،‬وكتاب التاجي في أخبار بني بويه ألبي إسحاق إبراهيم‬ ‫الصابي‪ ،‬وكتاب اإليضاح في النحو ألبي علي الفارسي النحوي‪ ،‬ومن أشهر وزراء بني‬ ‫بويه‪ :‬أبو الفضل بن العميد (ت‪360‬هـ‪970/‬م)‪ ،‬وخلفه الصاحب إسماعيل بن عباد‬ ‫(ت‪385‬هـ‪995/‬م)‪.‬‬ ‫ومن الوزراء سابور بن أردشير الفارسي وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة‪ ،‬وقد‬ ‫أنشأ في بغداد ً‬ ‫دارا للعلم وألحق بها مكتبة ضخمة بلغ عدد مجلداتها عشرة آالف كتاب‪،‬‬ ‫كما ظهرت جماعة إخوان الصفا ازدهرت ووضعوا رسائلهم في عهد البويهيين ـ جمعية‬ ‫إخوان الصفا‪ :‬جمعية سياسية دينية شيعية ظهرت في القرن الميالدي واتخذت مقرها‬ ‫البصرة‪ ،‬كتبوا رسائل كثيرة ومن مؤلفيها أبو سليمان المقدسي‪ ،‬وأبو الحسن الزنجاني‪،‬‬ ‫والعوفي‪ ،‬وزيد بن رفاعة ـ ولما استولى بنو بويه على بغداد سنة ‪334‬هـ‪945/‬م قضوا‬ ‫على نفوذ الخلفاء وزال نفوذ الوزراء ألن بني بويه حلوا محلهم‪ ،‬واتخذ بنو بويه ألنفسهم‬ ‫وزراء‪.‬‬ ‫‪231‬‬ ‫وكان للنساء البويهيات دورهن في مجال السياسة والحديث‪ ،‬والعلم والنسخ‪،‬‬ ‫واألدب‪ ،‬والشعر منهن السيدة أم مجد الدولة زوجة األمير البويهي فخر الدولة على‬ ‫عرش‪ ،‬وكانت امرأة عاقلة وحازمة استطاعت أن تدبر شؤون البالد حيث قامت بأخذ‬ ‫البيعة البنها من الجنود‪ ،‬وأغدقت عليهم األموال وبذلك كسبت تأييدهم لها‪ ،‬كما أنها‬ ‫سيطرت على الشؤون المالية‪ ،‬وقامت فترة حكمها بنشر العدل بين أفراد شعبها‪ ،‬كذلك‬ ‫كانت تجلس مرة في االسبوع مع الوزير لتناقش معه أمور الدولة والجيش وأحوال‬ ‫الرعية‪ ،‬وكانت لها اليد الطولى في عزل عمال األقاليم التابعة لدولتها وتعيين غيرهم‬ ‫وساهمت ً‬ ‫أيضا في التصدي للمطامع الخارجية على دولتها حيث أوقفت محاوالت‬ ‫السلطان محمود سبكتكين في فرض تبعيته على بالدها وبدهائها جعلته يرسل رسله‬ ‫للتفاوض معها وبذلك أبعدت خطره عن البالد وكان ألم مجد الدولة نفوذ خالل فترة‬ ‫حكم ابنها جعلها تنفرد في اتخاذ القرارات الحازمة والمؤثرة في مصير الدولة‪ ،‬ورابعة‬ ‫بنت أبي الحكم بن أبي عبد اهلل الخيري سمعت من الجوهري وابن المسلمة وابن‬ ‫النقور وغيرهم‪ ،‬وحدثت وروى عنها ولدها وكانت خيرة‪ ،‬وفاطمة بنت عبد اهلل الخيري‬ ‫الفرضي التي سمعت الحديث وحدثت به‪ ،‬وعابدة بنت محمد الجهنية أديبة وشاعرة‬ ‫فصيحة تحضر مجالس عضد الدولة البويهي‪ ،‬والسيدة العالمة شهدة بنت األبري ممن‬ ‫اشتهرن بحسن خطها وجودته‪ ،‬وأم الفضل فاطمة بنت الحسن المعروفة ببنت األقرع‬ ‫ممن اشتهرن بحسن الخط وجودته‪ ،‬والسيدة نسيم من الناسخات اجمليدات‪ ،‬وتوفيق‬ ‫ُ‬ ‫السوداء وهي من الجواري تخدم في دار العلم ببغداد وتخرج الكتب إلى النساخ‪.‬‬ ‫كانت نهاية بني بويه على يد األتراك السالجقة حينما دخل طغرل بك مدينة بغداد‬ ‫سنة (‪447‬هـ‪1055/‬م) وقضى على دولة الملك الرحيم آخر ملوك البويهيين‪.‬‬ ‫القرامطة فرقة سياسية‬ ‫قامت ثورتهم في جنوب العراق في أعقاب ثورة الزنج‪ ،‬زعموا أنهم من ولد‬ ‫محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق‪ ،‬وانضم إليهم الفالحين في سواد الكوفة والبصرة‬ ‫‪232‬‬ ‫رغبة في تغيير ظروفهم االقتصادية السيئة‪ ،‬وانضم إليها الطبقة الكادحة في المدن من‬ ‫ملتهم تخفيفهم للصالة وكفرهم بالرحمن‪.‬‬ ‫علمهم أبيض داللة على دينهم دين النور‪ ،‬وكان يكتب عليها‪ { :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} [القصص‪ ،]5 :‬والقرامطة نسبة‬ ‫إلى حمدان قرمط الذي أرسل الدعاة والجيوش لنشر دعوته‪.‬‬ ‫هجوم حمدان على قرى السواد فتصدى لهم بدر غالم الطائي وقتل منهم مقتلة‬ ‫عظيمة بنواحي روذميستان‪ ،‬وبأسر قائده ابن أبي قوس (فوارس) ويرسله إلى الخليفة‬ ‫المعتضد فيضرب عنقه‪.‬‬ ‫وبعد قتل ابن أبي قوس سنة ‪289‬هـ‪901/‬م في عهد المعتضد يختفي من العراق‬ ‫َ‬ ‫وسواده‪ ،‬اسم حمدان وصهره عبدان ويظهر داعية يتولى الرياسة وهو زكرويه الدنداني‪،‬‬ ‫كان أحد دعاة قرمط المهمين‪.‬‬ ‫فصارت إليه الرياسة الدعوية في سواد العراق والكوفة إلى زكرويه الدنداني‪،‬‬ ‫أرسل أوالده يحيى والحسين ومحمد إلى بادية السماوة بين العراق والشام فنفروا منهم‬ ‫حينما رأوهم يدعونهم إلى العقيدة القرمطية ولم يتابعهم إال بنو ُ‬ ‫العليص في آخر سنة‬ ‫ً‬ ‫‪289‬هـ‪901/‬م ليحيى فعاثوا فسادا في المدن السورية وكانت تحت سيطرة الدولة الطولونية‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وكانت تعاني من الضعف‪ ،‬فأرسل اإلخشيدي والي مصر البن زكرويه جيشا هزمه وقتل‬ ‫قائده وسار ابن زكرويه إلى الرقة فأوقع جيش للخليفة المكتفى وهزمه وقتل قائده‪ ،‬ثم سار‬ ‫إلى دمشق فحاصرها وقتل زكرويه فبايع القرامطة أخاه الحسين وزعم أنه أحمد بن عبد اهلل‬ ‫بن إسماعيل بن جعفر الصادق المسمى بصاحب الشامة؛ ألن في وجهه ـ شامة‪.‬‬ ‫ووفد عليه ابن عم له يسمى عيسى بن مهرويه فزعم أنه من نسل جعفر الصادق‬ ‫ولقبه المدثر‪ ،‬ثم زحفوا إلى دمشق وصالحوه على خراج يؤديه‪ ،‬ثم سار إلى حمص‬ ‫وتغلب عليها وخطب له على منابرها باسم المهدي المنتظر‪ ،‬ثم سار إلى حماة والمعرة‬ ‫وبعلبك‪ ،‬وسليمة يقتل وينهب وضج أهل الشام من الحسين بن زكرويه‪ ،‬أرسل المكتفي‬ ‫‪233‬‬ ‫ً‬ ‫جيشا بقيادة محمد بن سليمان فنازله بالقرب من حماة سنة ‪291‬هـ‪903/‬م فهزمهم‬ ‫وأسرهم وصلبهم ببغداد‪.‬‬ ‫أرسل زكرويه داعية له إلى بادية الشام يسمى أبا غانم فالتف حوله من المدن مثل‪:‬‬ ‫بُصرى وأذرعات فتعقبهم جنود الخالفة وقتل أبا غانم أحد أتباعه سنة ‪293‬هـ‪905/‬م‬ ‫وقضى على الثورة‪ ،‬وبذلك تنتهي حركة زكرويه في بوادي الشام واستعادة الدولة العباسية‬ ‫سيطرتها كاماًل على سواد الكوفة في عهد المكتفي‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪294‬هـ‪906/‬م أنفذ زكرويه من أتباعه القاسم ين أحمد في سواد الكوفة‬ ‫واجتمعوا وهاجموا قوافل الحجاج فأرسل الخليفة المكتفي وصيف بن صوارتكين‬ ‫فهزمهم وأسر زكرويه ونائبه وخواصه وابنه وأقاربه وكاتبه وامرأته وحمل زكرويه وهو‬ ‫مصاب فتوفي في الطريق إلى بغداد‪ ،‬وبذلك قضى على حركة زكرويه في سواد الكوفة‬ ‫وبادية الشام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫القضاء على حركة القرامطة في سواد الكوفة وبوادي الشام قضاءً‬ ‫نهائيا إال أنها‬ ‫نجحت في منطقة األحساء والبحرين على يد أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي ـ جناية‬ ‫من قرى فارس ـ من كبار دعاة حمدان قرمط‪ ،‬استطاع أن يؤسس دولة إلى نحو منتصف‬ ‫القرن الرابع إذ دخلوا منذ سنة ‪358‬هـ‪968/‬م في طاعة الخليفة وخطبوا له‪.‬‬ ‫تقدم إلى البصرة في عهد الخليفة المكتفي فهزم فرجع ومازال في دولته حتى قتله‬ ‫غالم له صقلبي في سنة ‪301‬هـ‪913/‬م وقتل معه جماعة من قواده فقام باألمر بعده ابنه‬ ‫أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي يهاجم البصرة في سنة ‪307‬هـ‪919/‬م ودخلها سنة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪311‬هـ‪923/‬م وعاثوا فسادا وسفكا للدماء‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪312‬هـ‪924/‬م هاجموا قوافل الحجاج العائدة من مكة‪ ،‬وفي سنة‬ ‫‪313‬هـ‪925/‬م هاجم قافلة للحجاج فرجعت إلى بغداد‪ ،‬ثم اتجه إلى الكوفة ودخلها‬ ‫في سنة ‪313‬هـ‪925/‬م‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪315‬هـ‪927/‬م سار إلى الكوفة‪ ،‬وعلم المقتدر فأرسل لحربه يوسف‬ ‫‪234‬‬ ‫ً‬ ‫بن أبي الساج وتقاتال على أبواب الكوفة فجرح وأسر أبي الساج‪ ،‬فأرسل المقتدر جيشا‬ ‫بقيادة مؤنس وانضم إليه أبو الهيجاء بن حمدان من األنبار وجرت مناوشات‪ ،‬ثم سار أبا‬ ‫طاهر إلى الرحبة جنوبي قرقيسياء شمال العراق فسفك‪ ،‬وبعث إليه أهل قرقيسياء يطلبون‬ ‫ُ‬ ‫األمان فأمنها‪ ،‬ثم دخلها ثم توجه إلى الرقة فأخذها وتفاقم أمره وكثر أتباعه حتى موسم‬ ‫حج سنة ‪317‬هـ‪929/‬م دخل مكة أبو طاهر فوافى الحجاج يوم التروية فقتلهم ودخل‬ ‫البيت فقتل نحو عشرة آالف وعرى البيت من كسوته وقلع بابه واقتلع الحجر األسود‬ ‫وأخذه إلى هجر وظل حتى عهد الخليفة المطيع سنة ‪339‬هـ‪950/‬م ولم يحج أحد منذ‬ ‫ً‬ ‫هذا التاريخ حتى سنة ‪326‬هـ‪937/‬م خوفا من شره‪.‬‬ ‫هاجم الكوفة سنة ‪319‬هـ‪931/‬م‪ ،‬وفي سنة ‪325‬هـ‪936/‬م‪ ،‬وفي سنة‬ ‫‪330‬هـ‪941/‬م‪ ،‬ومات في شهر رمضان سنة ‪332‬هـ‪943/‬م بالجدري وخلفه أخوه‬ ‫سعيد بن الحسن الجنابي وهو الذي رد الحجر األسود إلى مكانه وضعف أمرهم‬ ‫واضطروا إلى الدخول في طاعة الخالفة ونبذ عقيدتهم القرمطية‪.‬‬ ‫نهايتهم‪ :‬بعد معركة نهر الطواحين بالقرب من الرملة بين الفاطميين بقيادة العزيز‬ ‫ُ‬ ‫الفاطمي وبين القرامطة بقيادة الحسن األعصم واألتراك بقيادة أفتكين وهزم القرامطة‬ ‫واضطروا إلى التقهقر في جزيرة أورال ـ في بالد البحرين ـ ومكثوا بها إلى أن سقطت‬ ‫دولتهم في سنة ‪470‬هـ‪1078/‬م بعد هزيمتهم من قبل الجيوش العباسية في معركة‬ ‫الخندق وزال خطرهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفي سنة ‪462‬هـ‪1069/‬م‪ ،‬أرسل السالجقة جيوشا حققت انتصارات على‬ ‫القرامطة في األحساء وإنهاء دولتهم وخطرهم ـ وكان القرامطة قد بسطوا نفوذهم على‬ ‫الملتان الهندية حتى طردهم منها السلطان محمود الغزنوي ـ‪.‬‬ ‫طائفة الزنج‬ ‫هم طائفة من العبيد كانوا هؤالء يعملون في كسح السباخ والزراعة وكانون يجلبون‬ ‫من شرقي إفريقيا‪ ،‬وأثاروا القلق والرعب في المستنقعات الممتدة بين البصرة واسط‬ ‫‪235‬‬ ‫ألكثر من (‪ً )14‬‬ ‫عاما‪ ،‬بدأت ثورتهم في شهر رمضان سنة ‪255‬هـ‪868/‬م ولغاية شهر‬ ‫صفر سنة ‪270‬هـ‪883/‬م‪.‬‬ ‫قاد هذه الثورة رجل فارسي من َو ْرزنين‪ :‬من قرية من قرى الري بإيران زعم في‬ ‫البداية أنه من بني عبد القيس سكان البحرين‪ ،‬وفيهم أخذ ينشر آرائه وأنه يوحى إليه وأن‬ ‫اسمه علي بن محمد ووصل نسبه بإمام الزيدية زيد بن علي زين العابدين بن الحسين‬ ‫بن علي بن أبي طالب وهو نسب مكذوب إذ هو فارسي ـ وأنه لو كان علويًا ما استباح‬ ‫استرقاق العلويات ـ ثم ترك البحرين إلى البصرة التف إليه الزنج ومعهم عبيد الفرات مما‬ ‫يوحي بأنها ثورة العبيد على السادة‪ ،‬ثم حولها إلى ثورة ضد الدولة واعتنق آراء األزارقة‬ ‫من الخوارج كان يبدأ بخطبة الخوارج >أال ال حكم إال هلل< ـ كما ادعى النبوة وعلم‬ ‫الغيب ـ نشر صاحب الزنج دعوته إلى تحرير العبيد بين أهالي هجر والبحرين والبصرة‬ ‫ُ‬ ‫فأسرعوا إليه فسار بهم إلى سبخة تسمى سبخة أبي قرة بالبصرة فأقام بها‪ ،‬وسير منها‬ ‫أتباعه باإلغارة على القرى‪ ،‬ثم تحول إلى الجانب الغربي من نهر أبي الخصيب واتخذ‬ ‫مدينة سماها المختارة بنى له فيها ً‬ ‫دورا حصينة‪ ،‬وأمر أصحابه بالبناء فيها وكثرت إغارته‬ ‫ُ‬ ‫على البصرة وقراها فاستغاث أهلها بالخليفة المهتدي فأرسل في سنة ‪256‬هـ‪869/‬م‬ ‫ً‬ ‫جيشا فلم يستطع الوصول إلى مدينة صاحب الزنج فعاد فسار صاحب الزنج إلى مدينة‬ ‫األبلة مما يلي نهر دجلة فدخلها وسار منها وهاجم مدينة عبادان فطلبوا األمان وانضم‬ ‫إليه عبيدها ونهب السالح والمؤن‪ ،‬ثم سار إلى األهواز فدخلها وسفك وسلب‪ ،‬وتولى‬ ‫ً‬ ‫بعضا من االنتصارات على‬ ‫المعتمد الخالفة سير إليه جيشان سنة ‪257‬هـ‪870/‬م حققا‬ ‫بعض كتائب الزنج والبعض اآلخر استتروا بالقنوات واألدغال‪ ،‬فانسحب جيش الخالفة‬ ‫ً‬ ‫ثان لم يصنع شيئا‪ ،‬ثم سار‬ ‫ثم سار إليهم القائد منصور بن جعفر بن دينار‬ ‫بجيش ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صاحب الزنج إلى البصرة وهاجمها من ثالث جهات فدخلها معماًل فيها النهب والسلب‬ ‫والقتل وإشعال النار في المسجد الجامع وانتشرت اجملاعة حتى أكلوا الكالب والفئران‬ ‫ً‬ ‫والسنانير‪ ،‬وسيرت إليهم الدولة جيشا بقيادة الموفق أخي الخليفة المعتمد غير أن الزنج‬ ‫استتروا منه بالقنوات وباألدغال الملتفة والنخيل الكثيف‪ ،‬فانسحب ثم سير إليهم القائد‬ ‫‪236‬‬ ‫منصور بن جعفر بن دينار فهزموه وقتلوه‪ ،‬فتقدم الموفق إلى نهير معقل وقاتل الزنج‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وهزمهم ً‬ ‫مرارا وأسر قائدا من قوادهم هو يحيى البحراني وأرسل به إلى سامراء حيث ذبح‬ ‫ُ‬ ‫وأحرق‪ ،‬وعاد الموفق إلى سامراء وخلف على قتال الزنج موسى بن بغا‪ ،‬ونشب حروب‬ ‫ُ‬ ‫متتابعة قتل فيها كثير من الجانبين‪ ،‬ويولي المعتمد في سنة ‪261‬هـ‪874/‬م على األهواز‬ ‫القائد أبا الساج وينازل الزنج فيهزم ويدخلون ـ الزنج ـ األهواز وينهبونها ويحرقون‬ ‫دورها‪ ،‬في ظل إنشغال الموفق بحرب يعقوب بن الليث الصفار إلى وفاة الموفق سنة‬ ‫‪265‬هـ‪878/‬م‪ ،‬فأغار صاحب الزنج على بعض المدن مثل واسط‪ ،‬ودست ميسان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فجهز جيشا بقيادة ابن المعتمد أبي العباس (الذي ولي الخالفة بعد عمه المعتمد وتلقب‬ ‫ً‬ ‫بالمعتضد) في سنة ‪267‬هـ‪880/‬م فواقع قائدا للزنج يسمى سليمان بن جامع وهزمه‬ ‫واستولى ما كان بيده من قرى دجلة ودخل واسط واستردها من الزنج‪ ،‬ثم سار إلى‬ ‫مدينة الزنج واستولى على أكثر من سميريات ـ هي سفن صنعها الزنج لكل منها (‪)40‬‬ ‫ً‬ ‫مجدافا والمالحون في أعالها ـ‪ ،‬ثم مضى إلى حصن الزنج الشمالي في البطيحة الذي‬ ‫سموها باسم >المدينة المنيعة< وأوقعا بقائد لهم يسمى الشعراني وجنده‪ ،‬ثم أعطى‬ ‫الموفق العفو عمن يستسلم له من جند الزنج فاستسلم له كثيرون‪ ،‬واتجه إلى حصن‬ ‫الزنج األوسط الذي سموه مدينة >المنصورة< وكان بجوار >طهيئا< فالتقى بسليمان بن‬ ‫جامع فقتلهم ودخلها وفر سليمان وأعلن الموفق العفو فاستسلم له كثيرون‪ ،‬ثم سار‬ ‫الموفق إلى األهواز والقرى التي بينها وبين فارس‪ ،‬ففر عنها القائدان المهلبي وبهبوذ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضخما وكتب الجنود يطلبون األمان فأمنهم واستأمن قائد‬ ‫بن عبد الوهاب تاركين عتادا‬ ‫اسمه >منتاب< وكثير من المقاتلين في سميريات الزنج وسفنهم‪ ،‬وتقدم الموفق إلى‬ ‫المدينة >المختارة< حاضرة صاحب الزنج آخر معاقله فبنى الموفق لجيشه أمامها على‬ ‫الضفة الثانية لدجلة مدينة سماها >الموفقية< شيد فيها المرافق وشدد حصار المختارة‬ ‫ونادى باألمان واستسلمت الزنج‪.‬‬ ‫ومازال الموفق يحاصر المدينة وصاحبها حتى سنة ‪269‬هـ‪882/‬م‪ ،‬إذ هاجمت‬ ‫سفنه قصر صاحب الزنج ففر صاحب الزنج وطلب كثير منهم األمان في مقدمهم الشعراني‬ ‫‪237‬‬ ‫وشبل بن سالم‪ ،‬ثم سار إلى قصره في سنة ‪270‬هـ‪883/‬م بعد موقعة عظيمة وقتله في‬ ‫صفر من نفس السنة‪ ،‬وأمر بصلب قائديه سليمان بن جامع وعلي بن أبان المهلبي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجرح الموفق جرحا بليغا في صدره وبذلك انتهت ثورة الزنج التي راح ضحيتها نحو‬ ‫مليون ونصف‪ ،‬وأمر الموفق بالنداء في أهل البصرة واألبُلة وكور دجلة واألهواز وواسط‬ ‫بقتل صاحب الزنج وعودة األهالي إلى ديارهم آمنين‪.‬‬ ‫احلراك الثقايف والسياسي للعصر العباسي الثاني‬ ‫المؤلفات منها‪ :‬كتاب الياقوت في اللغة‪ ،‬كتاب الحيوان‪ ،‬كتاب البيان والتبيين‪،‬‬ ‫المؤلف الجاحظ أهداه ألحمد بن أبي داود فمنحه خمسة آالف دينار؛ كتاب الزرع‬ ‫والنخيل للصولي فمنحه أحمد بن أبي داود خمسة آالف دينار‪ ،‬كتب في فن الطبيخ‬ ‫للمؤلفين‪ :‬الحارث بن بسخنر‪ ،‬إبراهيم بن العباس الصولي‪ ،‬ولعلي بن يحيى المنجم‪،‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ولجحظة البرمكي؛ كتاب في الطنبوريين‪ ،‬المؤلف جحظة البرمكي؛ كتاب األغاني‪،‬‬ ‫مؤلفه عمرو بانه؛ كتاب في أخبار الطنبوريين‪ ،‬المؤلف محمد بن علي بن أمية المعروف‬ ‫باسم أبي حشيشة؛ كتاب اجملرد في األغاني لمؤلفه أحمد بن يحيى المكي؛ كتاب‬ ‫ُ‬ ‫معجم الجمهرة البن دريد‪.‬‬ ‫املكتب�ات‪ :‬منها‪ :‬مكتبة علي بن يحيى المنجم ـ نديم من زمن المتوكل إلى‬ ‫ً‬ ‫قصرا جلياًل وسماه خزانة دار الحكمة يقصدها‬ ‫زمن المعتمد ـ خصص لهذه المكتبة‬ ‫الطالب من كل بلد والكتب مبذولة والنفقة مشتملة عليهم فيقيمون ويعكفون على‬ ‫المصنفات‪ ،‬وكان أبو معشر يريد الحج فلما قصدها عدل عن الحج؛ مكتبة جعفر بن‬ ‫محمد بن حمدان الموصلي الشافعي مألها بكتب من جميع العلوم والفنون وأوقفها‬ ‫على كل طالب علم تفتح كل يوم‪ ،‬وكان ابن حمدان قد خصص في هذه المكتبة‬ ‫غرف إللقاء الدروس التي كان يلقيها لقاصديها؛ مكتبة محمد بن القاسم األنباري فيها‬ ‫ً‬ ‫حوالي ثالثة عشرة صندوقا؛ مكتبة القاضي أبي عمر محمد بن يوسف‪ ،‬كان بها جميع‬ ‫دواوين العرب؛ مكتبة إسحاق بن سليمان العباسي‪ ،‬وكانت تضم من الكتب واألسفاط‬ ‫‪238‬‬ ‫والرفوف والقماطر والدفاتر والمساطر والمحابر ما ال يحصى؛ مكتبة أحمد بن حنبل‬ ‫ُ‬ ‫قدرت كتبها باثني عشرة جماًل وعداًل؛ مكتبة (خزانة) الفتح بن خاقان ـ وزير المتوكل ـ‬ ‫ً‬ ‫لم ير أعظم منها كثرة وحسنًا؛ مكتبة ثعلب حافلة بكتب من جميع العلوم‪.‬‬ ‫في العصر العباسي الثاني سيطر األتراك على إدارة الحكم وأصبح الخلفاء مسلوبي‬ ‫السلطة بعد مقتل المتوكل في السنوات الثمان التي تلته‪ ،‬ثم منذ عهد المقتدر كان الترك‪،‬‬ ‫والنساء ـ وكن يقتنين الجواهر والضياع والعقارات واألموال مثال‪ :‬أم المستعين‪ ،‬وأم المعتز‪،‬‬ ‫وأم المقتدر ـ والجند هم الحكام الحقيقيين للدولة ويصرفون أمورها‪ ،‬فكان الخليفة في‬ ‫أيديهم كاألسير إن شاؤا أبقوه‪ ،‬وإن شاؤوا خلعوه‪ ،‬وإن شاؤا قتلوه‪ ،‬وانتهت سيطرة األتراك‬ ‫في سنة ‪334‬هـ‪945/‬م بعد سيطرة بني بويه على بغداد‪ ،‬ولكن سرعان ما لبث العالقة أن‬ ‫ساءت بعد شهر من دخولهم بغداد‪ ،‬إذ أصبحوا هم الذين يصرفون أمور الدولة وطلبهم خلع‬ ‫الخليفة المستكفي‪ ،‬وأنزلوا بالخلفاء ما ال يطاق من الذل والهوان وليس لهم من السلطة إال‬ ‫بعض مظاهرها الدينية كالخطبة والسكة وتعيين القضاء بينما استأثر البويهيون بالحكم لمدة‬ ‫قرن من الزمان حرصوا في خاللها على إظهار الطاعة أمام الناس‪.‬‬ ‫العصر العباسي الثالث (عصر النفوذ البويهي الفاريس)‬ ‫‪467-334‬هـ = ‪1074-946‬م‬ ‫•المطيع هلل‪ ،‬الفضل‪363-334 :‬هـ = ‪973 -945‬م‪.‬‬ ‫•الطائع هلل‪ ،‬عبد الكريم‪381-363 ،‬هـ = ‪991-973‬م‪.‬‬ ‫•القادر باهلل‪ ،‬أحمد‪422-381 :‬هـ = ‪1031-991‬م‪.‬‬ ‫•القائم بأمر اهلل‪ ،‬عبد اهلل‪467-422 ،‬هـ = ‪1074-1031‬م‪.‬‬ ‫العصر العباسي الرابع ‪658-467‬هـ = ‪1259-1074‬م‬ ‫•المقتدي بأمر اهلل‪ ،‬عبد اهلل‪487-467 ،‬هـ = ‪1094-1074‬م‪.‬‬ ‫•المستظهر باهلل‪ ،‬أحمد‪512-487 :‬هـ = ‪1118-1094‬م‪.‬‬ ‫•المسترشد باهلل‪ ،‬الفضل‪529-512 :‬هـ = ‪1134-1118‬م‪.‬‬ ‫•الراشد باهلل‪ ،‬منصور‪530-529 :‬هـ = ‪1135-1134‬م‪.‬‬ ‫•المقتفي ألمر اهلل‪ ،‬محمد‪555-530 :‬هـ = ‪1160-1135‬م‪.‬‬ ‫•المستنجد‪ ،‬يوسف‪566-555 :‬هـ = ‪1170-1160‬م‪.‬‬ ‫•المستضيء‪ ،‬الحسن‪575-566 :‬هـ = ‪1179-1170‬م‪.‬‬ ‫•الناصر‪ ،‬أحمد‪622-575 :‬هـ = ‪1225-1179‬م‪.‬‬ ‫•الظاهر‪ ،‬محمد‪623-622 :‬هـ = ‪1226-1225‬م‪.‬‬ ‫•المستنصر‪ ،‬منصور‪640-623 :‬هـ = ‪1242-1226‬م‪.‬‬ ‫•المستعصم‪ ،‬عبد اهلل‪658-640 :‬هـ = ‪1259-1242‬م‪.‬‬ ‫•الخلفاء العباسين في مصر‪.‬‬ ‫‪241‬‬ ‫املطيع هلل‪ :‬أبو القاسم‪ ،‬الفضل بن املقتدر بن املعتضد ‪363-334‬هـ = ‪973-945‬م‬ ‫كان من أم ولد صقلية اسمها شغلة‪ ،‬ولد سنة ‪301‬هـ‪913/‬م‪ ،‬وبويع له بالخالفة‬ ‫عند خلع المستكفي‪ ،‬وقرر له معز الدولة بن بويه كل يوم نفقة (‪ )100‬دينار‪( ،‬وقيل‬ ‫ألف درهم)‪.‬‬ ‫كان الخليفة المتقي دعا علي بن بويه (عماد الدولة) إلى دخول بغداد حين ساءت‬ ‫العالقة بينه وبين توزون التركي‪ ،‬فسار إلى بغداد سنة ‪232‬هـ‪846/‬م ولكنه هزم من‬ ‫قبل توزون قبل أن يصل إلى بغداد‪ ،‬وفي عهد المطيع كاتب قواد بغداد علي بن بويه‬ ‫بالقدوم إلى بغداد فاستقبله الخليفة المستكفي وخلع عليه لقب معز الدولة ولقب أخاه‬ ‫ً‬ ‫عليا عماد الدولة ولقب أخاه الحسن ركن الدولة وضرب ألقابهم على السكة‪ ،‬وقد‬ ‫أصبح بنو بويه في عهد المستكفي مطلقي التصرف وفكروا في إزالة الخالفة وإقامة‬ ‫ً‬ ‫خالفة علوية ـ ولكنهم أبقوا على الخالفة خوفا على سلطانهم ـ ومما قام به بني‬ ‫بويه أن معز الدولة أهان الخليفة المستكفي وقبض عليه وسمل عينيه ونصب مكانه‬ ‫المطيع‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪334‬هـ‪945/‬م‪ ،‬مات القائم العبيدي صاحب المغرب وتولى األمر‬ ‫بعده ابنه المنصور باهلل إسماعيل‪ ،‬الذي توفي سنة ‪341‬هـ‪952/‬م‪ ،‬وتولى ابنه معد‬ ‫ولقب بالمعز لدين اهلل ـ وهو الذي بنى القاهرة‪ ،‬وبطل المظالم ـ وفي نفس السنة توفي‬ ‫اإلخشيد ـ محمد بن طغج الفرغاني ـ صاحب مصر‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪343‬هـ‪954/‬م‪ ،‬خطب صاحب خراسان للمطيع فبعث إليه المطيع‬ ‫اللواء والخلع‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪350‬هـ‪961/‬م‪ ،‬ولي القضاء أبا العباس عبد اهلل بن الحسن بن أبي‬ ‫الشوارب بغير رضى الخليفة المطيع‪.‬‬ ‫وفي نفس السنة استولى الروم على جزيرة إقريطش‪ ،‬وفيها توفي الناصر لدين اهلل‬ ‫‪242‬‬ ‫األندلسي (صاحب األندلس) وتولى الحكم بعده ابنه الحاكم‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪356‬هـ‪966/‬م‪ ،‬مات معز الدولة‪ ،‬فأقيم ابنه المختار مكانه ولقبه‬ ‫المطيع >عز الدولة<‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪357‬هـ‪967/‬م‪ ،‬سيطر القرامطة على دمشق‪ ،‬ولم يحج أحد فيها ال من‬ ‫الشام‪ ،‬وال من مصر‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪363‬هـ‪973/‬م‪ ،‬مرض المطيع بالفالج وثقل لسانه فخلع نفسه وسلم‬ ‫األمر إلى ولده الطائع باهلل‪.‬‬ ‫وفاة معز الدولة أحمد بن بويه في سنة ‪356‬هـ‪966/‬م‪ ،‬فخلفه ابنه أبو منصور‬ ‫بختيار‪ ،‬ولقبه المطيع بلقب عز الدولة ـ وكان والده قد عهد إليه بالسلطنة من بعده ـ‪.‬‬ ‫استيالء الفاطميون على مصر في سنة ‪358‬هـ‪968/‬م‪ ،‬وقطعت الخطبة للخليفة‬ ‫العباسي‪.‬‬ ‫في عهده توفي األمير نوح الساماني سنة ‪343‬هـ‪954/‬م‪.‬‬ ‫إقرار أبو علي بن محتاج على خراسان بناءً على طلب معز الدولة بن بويه‪ ،‬ولكنه‬ ‫رفض طلب معز الدولة أن تضرب له الدبادب على باب معز الدولة في وقت الصبح‬ ‫والمغرب والعشاء‪.‬‬ ‫لم يأذن الخليفة للقاضي عبد اهلل بن الحسن بن أبي الشوارب بالدخول عليه‪،‬‬ ‫وأمر أن ال يحضر الموكب لما ارتكبه من ضمان القضاء ـ ضمان أي أنه يلتزم بدفع مبلغ‬ ‫وقدره (‪ )200000‬درهم في السنة لبني بويه ـ‪.‬‬ ‫ولما مات اإلخيشد ـ محمد بن طغج الفرغاني ـ حصل كافور اإلخشيدي على‬ ‫موافقة الخليفة المطيع على تولية األمير أنوجور بن اإلخشيدي على مصر بعد أبيه‪ ،‬ثم‬ ‫تمكن كافور أن يصدر ً‬ ‫قرارا من دار الخالفة سنة ‪355‬هـ‪965/‬م بتوليته على مصر وما‬ ‫يقع تحت سيطرتها من البالد‪.‬‬ ‫‪243‬‬ ‫وكان المطيع وابنه مستضعفين مع بني بويه‪ ،‬وهذا ما عبر عنه الخليفة عن ضعف‬ ‫الخالفة وعن األلم في نفسه بقوله لبني بويه‪> :‬ليس لي منها إال القوت القاصر عن‬ ‫كفائي‪ ..‬وإنما لكم مني هذا االسم الذي يخطب به على منابركم تسكنون به رعاياكم‪،‬‬ ‫فإن أحببتم أن أعتزل عن هذا المقدار ً‬ ‫أيضا تركتكم واألمر كله<‪.‬‬ ‫فإن الخليفة المطيع قلد القضاء أبا الحسن محمد بن أم شيبان الهاشمي بعد تمنع‬ ‫وشرط لنفسه شروطها‪ ،...‬وكتب الخليفة المطيع إلى القضاء مبينًا فيه األقطار التي له‬ ‫بسط نفوذه القضائي عليها‪ ،‬وكذلك وضح االختصاصات التي سمح له بمباشرتها‪.‬‬ ‫رد الحجر األسود من قبل سعيد بن الحسن الجنابي سنة ‪339‬هـ‪950/‬م من‬ ‫القرامطة بعد أن مكث في هجر حوالي ‪ً 22‬‬ ‫عاما من سنة ‪317‬هـ‪929/‬م‪ ،‬وجعل له‬ ‫ً‬ ‫درهما‪.‬‬ ‫طوق فضة يشد به ووزنه ‪3767‬‬ ‫وفي سنة ‪334‬هـ‪945/‬م اشتد الغالء ببغداد‪ ،‬وفيها خرج معز الدولة بن بويه‬ ‫لقتال ناصر الدولة بن حمدان ثم عاد‪ ،‬وفيها مات محمد بن طغج الفرغاني اإلخشيدي‬ ‫صاحب مصر‪ ،‬وفيها مات القائم العبيدي صاحب المغرب‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪338‬هـ‪949/‬م‪ ،‬وفاة عماد الدولة بن بويه فأقام المطيع أخاه ركن‬ ‫الدولة والد عضد الدولة‪.‬‬ ‫وفاة املطيع‪ :‬مرض بالفالج‪ ،‬وثقل لسانه‪ ،‬فخلع نفسه بناءً على طلب عز الدولة‬ ‫الحاجب سبكتكين‪ ،‬وتسليم الخالفة إلى ولده الطائع هلل‪.‬‬ ‫الطائع هلل‪ :‬أبو بكر عبد الكريم بن املطيع ‪381-363‬هـ = ‪991-973‬م‬ ‫كان من أُم ولد اسمها هزار‪ ،‬تولى الخالفة وعمره ‪ً 43‬‬ ‫عاما بعد تنازل والده له‬ ‫عن الخالفة‪ ،‬وخلع على سبكتكين خلع السلطنة وعقد له اللواء‪ ،‬ولقبه نصر الدولة‪،‬‬ ‫ثم وقع بينهما خالف‪ ،‬وجرى بينهما حروب‪ ،‬تزوج عضد الدولة بن الحسن بن بويه‬ ‫(‪372-338‬هـ‪982-949/‬م) من ابنة الطائع كما تزوج الخليفة ابنته‪ ،‬وكان شديد‬ ‫االنحراف على آل أبي طالب‪ ،‬وسقطت الهيبة في أيامه حتى هجاه الشعراء‪.‬‬ ‫‪244‬‬ ‫وفي سنة ‪365‬هـ‪975/‬م‪ ،‬تنازل ركن الدولة بن بويه عما يسيطر من البلدان ألوالده‪:‬‬ ‫عضد الدولة ـ فارس وكرمان ـ ولمؤيد الدولة ـ الري وأصبهان ـ ولفخر الدولة ـ همذان‬ ‫والدينور ـ قتل عز الدولة أبو منصور بختيار سنة (‪367-356‬هـ = ‪977-967‬م) ‪367‬هـ‪/‬‬ ‫‪977‬م على يد عضد الدولة فانتقلت سلطة بني بويه في بغداد إلى عضد الدولة (‪-367‬‬ ‫ً‬ ‫‪372‬هـ = ‪982-977‬م)‪ ،‬وخلع عليه الخليفة الطائع خلعه السلطنة وقلده سيفا وعقد له‬ ‫لواءين أحدهما مفضض على رسم األمر واآلخر مذهب على رسم والة العهد‪ ،‬وكتب له‬ ‫ً‬ ‫عهدا وقرئ بحضرته‪ ،‬توفي عضد الدولة سنة ‪372‬هـ‪982/‬م‪ ،‬وخلفه أخيه صمام الدولة‬ ‫(‪376-372‬هـ = ‪986-982‬م)‪ ،‬ثم شرف الدولة (‪379-376‬هـ = ‪989-986‬م)‪،‬‬ ‫ثم بهاء الدولة (‪403-379‬هـ = ‪1012-989‬م)‪ ،‬ثم سلطان الدولة (‪416-403‬هـ‬ ‫= ‪1025-1012‬م)‪ ،‬ثم جالل الدولة سنة (‪435-416‬هـ = ‪1043-1025‬م)‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬ ‫وأخيرا أبو نصر (الملك الرحيم)‬ ‫أبو كالينجار سنة (‪440-435‬هـ = ‪1048-1043‬م)‪،‬‬ ‫سنة (‪447-440‬هـ = ‪1055-1048‬م)‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪369‬هـ‪979/‬م ورد رسول العزيز صاحب مصر إلى بغداد فزاد الطائع‬ ‫في ألقابه >تاج الملة< وجدد له الخلع وألبسه التاج‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪372‬هـ‪982/‬م‪ ،‬مات عضد الدولة فولى المطيع ابنه صمام الدولة ولقبه‬ ‫شمس الملة وعقد له لواءين‪.‬‬ ‫خلع الخليفة الطائع على بهاء الدولة (‪403-379‬هـ = ‪1012-989‬م) سبع خلع‬ ‫وعمامة سوداء‪ ،‬ولقبه الطائع‪> :‬بهاء الدولة وضياء الملة<‪.‬‬ ‫وفي أيام الخليفة الطائع باهلل أصبح عضد الدولة البويهي يحكم البالد ويذكر اسمه‬ ‫في الخطبة بداًل من الخليفة‪ ،‬وكان الخليفة قد عقد له لواءين بيده‪ :‬أحدهما مفضض‬ ‫على رسم األمراء واآلخر مذهب على رسم والة العهد‪ ،‬ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيره‬ ‫قبله‪ ،‬وكذلك أمر الطائع أن تضرب الدبادب على باب عضد الدولة في وقت الصبح‬ ‫والمغرب والعشاء‪ ،‬أن يخطب له على منابر الحضرة وما حظي به عضد الدولة بذلك‬ ‫إال لضعف أمر الخالفة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪378‬هـ‪988/‬م‪ ،‬اشتد الغالء ببغداد‪.‬‬ ‫‪245‬‬ ‫وفي سنة ‪379‬هـ‪989/‬م‪ ،‬مات شرف الدولة‪ ،‬وعهد إلى أخيه أبي نصر وخلع‬ ‫عليه سبع خلع سوداء وعمامة سوداء ولقبه الطائع >بهاء الدولة‪ ،‬وضياء الدولة<‪.‬‬ ‫وفي خالفته توفي المعز لدين اهلل العبيدي صاحب مصر وتولى الحكم ابنه نزار‬ ‫ولقبه العزيز‪.‬‬ ‫في سنة ‪381‬هـ‪991/‬م‪ ،‬وقيل التي بعدها قبض على الخليفة الطائع ألنه حبس‬ ‫رجاًل من خواص بهاء الدولة وتقدم أصحاب بهاء فجذبوا الطائع من سريره ولفوه في‬ ‫ً‬ ‫كساء وأصعد إلى دار السلطنة وكتب بهاء الدولة على الطائع إيمانا بخلع نفسه وأنه سلم‬ ‫األمر إلى القادر باهلل ـ مات الطائع هلل سنة ‪393‬هـ‪1002/‬م ـ في دار الطائع في أحسن‬ ‫حال لغاية وفاته‪.‬‬ ‫القادر باهلل‪ :‬أبو العباس أمحد بن إسحاق بن املقتدر ‪422-381‬هـ = ‪1031-991‬م‬ ‫كان من أُم َ‬ ‫أمة اسمها تمني وقيل دمنة‪ ،‬ولد سنة ‪336‬هـ‪947/‬م‪ ،‬وبويع بالخالفة‬ ‫بعد خلع الطائع‪ ،‬وكان ً‬ ‫غائبا فقدم إلى بغداد وأسند له األمر‪ ،‬وكان القادر من إدامة‬ ‫التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات‪ ،‬مع حسن المذهب وصحة االعتقاد‪ ،‬وفي شوال‬ ‫من بداية حكمه عقد مجلس عظيم‪ ،‬وحلف القادر وبهاء الدولة كل منهما لصاحبه‬ ‫بالوفاء‪ ،‬وقلده القادر ما وراء بابه مما تقام فيه الدعوة‪ ،‬ثم ما لبث أن ازداد نفوذ بهاء‬ ‫الدولة واستبد بالسلطة دون الخليفة وتعصب للمذهب الشيعي دون السنة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪382‬هـ‪992/‬م أمر الخليفة القادر بوقف النواح والبكاء في بغداد في يوم‬ ‫عاشوراء‪ ،‬كما رفض تعيين رجل شيعي اختاره البويهيون لشغل منصب قاضي بغداد‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪387‬هـ‪997/‬م‪ ،‬توفي السلطان فخر الدولة ملك الري وخلفه ابنه‬ ‫رستم‪ ،‬ولقبه القادر >مجد الدولة<‪.‬‬ ‫وفي العام التالي توفي منصور بن نوح ملك ما وراء النهر‪ ،‬والعزيز العبيدي صاحب‬ ‫‪246‬‬ ‫مصر‪ ،‬وخلفه ابنه منصور ولقب >الحاكم بأمر اهلل‪ ،‬ـ وله الكثير من الغرائب منها‪ :‬أمر‬ ‫بعدم أكل الفقاع والملوخيا وعن أكل السمك الذي ال قشر له وعن بيع الرطب والعنب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ونهارا‪ ،‬وقد قتل الحاكم سنة ‪411‬هـ‪1020/‬م‪،‬‬ ‫وعن خروج النساء إلى الطرقات لياًل‬ ‫وخلفه ابنه علي ولقب بالظاهر إلعزاز دين اهلل ـ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫محضرا يماثل المحضر الذي‬ ‫وأيضا استكتب علماء بغداد سنة ‪441‬هـ‪1049/‬م‬ ‫كتب في سنة ‪402‬هـ‪1011/‬م في عهد ابنه القائم‪.‬‬ ‫قيام الشيعة في بغداد بمظاهرة مسلحة سنة ‪398‬هـ‪1007/‬م طالبوا بإقامة الدعوة‬ ‫للخليفة الفاطمي في مصر الحاكم بأمر اهلل فحاربهم وأخمد ثورتهم‪.‬‬ ‫لقب محمود الغزنوي بـ‪ :‬يمين الدولة وأمين الملة‪.‬‬ ‫ثورة أبو المنيع قرواش بن المقلد صاحب الموصل الذي خرج عن طاعة القادر‬ ‫سنة ‪401‬هـ‪1010/‬م ونشر الدعوة الفاطمية في الموصل والمدائن واألنبار والكوفة ودعا‬ ‫ً‬ ‫للخليفة الفاطمي الحاكم بأمر اهلل على منابر تلك البالد وقد وجه إليه الخليفة القادر جيشا‬ ‫قضى على حركته‪ ،‬لجأ الخليفة القادر إلى سياسة التشهير والطعن في نسب الفاطميين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫موقعا بأسماء‬ ‫رسميا‬ ‫محضرا‬ ‫وعقائدهم فأصدر الخليفة القادر في سنة ‪402‬هـ‪1011/‬م‬ ‫كبار الفقهاء والقضاة وبعض زعماء الشيعة مثل نقيب األشراف والشاعر العلوي الشريف‬ ‫الرضي بن موسى الكاظم (ت‪406‬هـ‪1015/‬م) ومما جاء في هذا المحضر‪> :‬الفاطميون‬ ‫منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرمي أخوان الكافرين ‪ ...‬أدعياء خوارج ال نسب لهم‬ ‫في ولد علي بن أبي طالب‪ ،‬وأن هذا الناجم بمصر وسلفه كفار فساق فجار زنادقة<‪،‬‬ ‫وأن يقرأ في بغداد وينشر في األمصار‪.‬‬ ‫ثورة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي‪ ،‬ودعا لنفسه في مكة وتلقب بالراشد‬ ‫باهلل وسلم عليه بالخالفة ثم ضعف أمره وعاد إلى طاعة العزيز العبيدي‪.‬‬ ‫في سنة ‪382‬هـ‪992/‬م‪ ،‬ابتاع الوزير أبو منصور سابور بن ازد شير ً‬ ‫دارا بالكرخ‬ ‫وسماها دار العلم‪ ،‬ووقفها على العلماء‪ ،‬ووقف بها ً‬ ‫كتبا كثيرة‪.‬‬ ‫‪247‬‬ ‫وفي سنة ‪384‬هـ‪994/‬م عاد الحاج العراقي بعد أن منعهم األصيفر األعراني من‬ ‫الحج وكذلك لم يحج ً‬ ‫أيضا أهل الشام وال اليمن‪ ،‬إنما حج أهل مصر‪.‬‬ ‫وفاة العزيز صاحب مصر سنة ‪386‬هـ‪996/‬م‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪394‬هـ‪1003/‬م‪ ،‬عين بهاء الدولة الشريف أبا أحمد الحسين بن موسى‬ ‫الموسوي قضاء القضاة والحج والمظالم‪ ،‬فلم ينظر في القضاء‪ ،‬المتناع القادر من اإلذن له‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪422‬هـ‪1030/‬م‪ ،‬توفي القادر باهلل ومدة خالفته ‪ً 41‬‬ ‫عاما وثالثة أشهر‬ ‫ومدته في الخالفة من أطول المدد‪ ،‬وكان قد ولي عهده في حياته ابنه عبد اهلل ولقبه‬ ‫القائم بأمر اهلل‪.‬‬ ‫القائم بأمر اهلل‪ :‬أبو جعفر عبد اهلل بن القادر ‪467-422‬هـ = ‪1074-1031‬م‬ ‫ُ‬ ‫ولد سنة ‪391‬هـ‪1000/‬م من أم ولد أرمينية اسمها بدر الدجى (وقيل قطر الندى‪،‬‬ ‫وقيل علم)‪.‬‬ ‫في عهده انتهت نفوذ بني بويه‪ ،‬وكان ورعًا‪ً ،‬‬ ‫عالما‪ ،‬كثير الصدقة‪ ،‬والعدل وقضاء‬ ‫ً‬ ‫أربعا وأربعين ً‬ ‫الحوائج‪ ،‬حكم مدة ً‬ ‫وأياما‪ ،‬ولقبه والده القائم بأمر اهلل‪.‬‬ ‫عاما وثمانية أشهر‬ ‫وفي عهد القادر والقائم وفي عهد المستنصر الفاطمي امتد سلطان الفاطميين‬ ‫فشمل الشام وفلسطين والحجاز واليمن وصقلية وشمالي إفريقية ومصر‪.‬‬ ‫أصبح الخلفاء العباسيون في عهد بني بويه ال قيمة لهم‪ ،‬وأصبح هؤالء ألعوبة في‬ ‫أيدي سالطين بني بويه ولم يعد لهم سوى معاملته الدينية ممثلة بذكر اسمه في الخطبة‬ ‫ونقشه على السكة‪.‬‬ ‫قتال الروم‪ :‬وقعت في عهده معركة مالز كرد (منزكرد) عند أرمينية سنة‬ ‫‪463‬هـ‪1071/‬م بين ألب أرسالن وهزم الروم وأسر الملك رومانوس فعفا عنه وافتدى‬ ‫نفسه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وأن يطلق كل أسير في بالد الروم وأن يعقد‬ ‫الهدنة لمدة خمسين سنة من نتائج هذه المعركة مهدت للمسلمين للتوغل في آسيا‬ ‫‪248‬‬ ‫نهائيا من الروم‪ ،‬وهي ً‬ ‫ً‬ ‫أيضأ من أهم األسباب التي أدت إلى قيام‬ ‫الصغرى واقتطاعها‬ ‫الحروب الصليبية سنة ‪490‬هـ‪1096/‬م‪.‬‬ ‫تزوج الخليفة القائم من خديجة أرسالن خاتون بنت داود أخي السلطان طغرل بك‬ ‫ـ محمد بن ميكال سلطان الغز المعروف بطغرل بك‪ ،‬وكذلك زواج طغرل بك من ابنة‬ ‫وقيل أخت الخليفة القائم بعد انتصاره على البساسيري وقتله في سنة ‪454‬هـ‪1062/‬م‬ ‫ـ وتوفي طغرل بك في رمضان سنة ‪455‬هـ‪1063/‬م وخلفه عضد الدولة ألب‬ ‫أرسالن ـ‪.‬‬ ‫كانت الخالفة العباسية تعاني من سيطرة الدولة البويهية الشيعية ومؤامرات الدولة‬ ‫الفاطمية الشيعية ولهذا استنجد الخليفة القائم بزعيم األتراك السالجقة طغرل بك وأمر‬ ‫أن يخطب باسم طغرل بك في مساجد بغداد في رمضان سنة ‪447‬هـ‪1055/‬م ثم أذن له‬ ‫بدخول بغداد وبدخوله سقطت الدولة البويهية وقامت الدولة السلجوقية‪.‬‬ ‫ثورة البساسيري‪ :‬كان لسقوط دولة بني بويه الشيعية وحلول السالجقة السنة له‬ ‫رد عنيف في الدولة الفاطمية بأن شجعت فتنة القائد التركي أبي الحارث أرسالن التركي‬ ‫المعروف بالبساسيري الثائر على الخالفة في العراق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان قد عينه الخليفة القائم قائدا لحرسه فحقد عليه الوزير أبي القاسم علي بن‬ ‫المسلمة فأخذ يكيد له حتى غضب عليه الخليفة‪ ،‬فهرب وأقام في مدينة الرحبة شمااًل‬ ‫على نهر الفرات‪ ،‬ولما دخل طغرل بك بغداد اتصل البساسيري بالفاطميين بالخليفة‬ ‫المستنصر باهلل أبي تميم معد الفاطمي وطلب منه نجدة لفتح بغداد وطرد السالجقة‪،‬‬ ‫فأرسل إليه المال والسالح والفرس والسيوف والرماح والنشاب شيء كثير فانتهز خروج‬ ‫طغرل بك من بغداد لمحاربة أخيه إبراهيم ينال في شمال العراق وهجم على بغداد‬ ‫واستولى عليها بمساعدة أهل الكرخ وهو أكبر أحياء الشيعة ويقع في الجانب الغربي من‬ ‫بغداد‪ ،‬وقبض على الوزير أبي القاسم علي بن المسلمة وعذبه حتى مات‪ ،‬أما الخليفة‬ ‫فقد نهبت العامة داره غير أن البساسيري أحسن معاملته وسلمه لوالي مدينة عانة في‬ ‫شمال الفرات بعد أن أرغمه على كتابة عهد اعترف فيه بأنه ال حق لبني العباس في‬ ‫‪249‬‬ ‫الخالفة مع وجود أوالد فاطمة الزهراء ورفع البساسيري األلوية المصرية في بغداد ثم‬ ‫البصرة وواسط‪ ،‬وخطب البساسيري للخليفة الفاطمي المستنصر أبي تميم معد على‬ ‫منابرها فأقيمت الزينات واألفراح في القاهرة ولكن األزمة االقتصادية والسياسية الخطيرة‬ ‫في مصر والتي عرفت باسم >الشدة العظمى<‪ ،‬وكذلك عدم ثقة المستنصر في البساسيري‬ ‫فلم يواصل مده بالمال والسالح إضافة إلى انتصار طغرل بك ورجوعه إلى بغداد عجل‬ ‫بسقوط البساسيري الذي قتل وصلب‪.‬‬ ‫قهرمانة الخليفة القائم بأمر اهلل >وصال< فقد كانت تشترك في اختيار الوزراء شأنها‬ ‫شأن قهرمانات العصر العباسي الثاني‪.‬‬ ‫سار الخليفة القائم على سياسة أبيه في الطعن في نسب الفاطميين واستكتب علماء‬ ‫ً‬ ‫محضرا يماثل المحضر الذي كتب في عهد أبيه طعنًا في‬ ‫بغداد سنة ‪441‬هـ‪1049/‬م‬ ‫الفاطميين‪.‬‬ ‫أرسل السلطان ملك شاه أول سالطين السالجقة في بغداد الجيوش إلى الشام‬ ‫سنة ‪462‬هـ‪1069/‬م فتمكنت من فتح الرملة وبيت المقدس وعجزت عن فتح دمشق‬ ‫فعادت إلى دمشق ثانية عام ‪467‬هـ‪1074/‬م فتم الفتح ثم سارت إلى مصر ولكنها‬ ‫هزمت فعادت إلى دمشق‪.‬‬ ‫مات في خالفته الظاهر العبيدي صاحب مصر وخلفه ابنه المستنصر ـ الذي تولى‬ ‫الحكم بمدة ستين سنة وأشهر ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪455‬هـ‪1063/‬م‪ ،‬مات طغرل بك وأقيم في السلطنة بعده ابن أخيه‬ ‫عضد الدولة ألب أرسالن صاحب خراسان‪ ،‬وبعث إليه القائم بالخلع والتقليد‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪443‬هـ‪1051/‬م‪ ،‬قطع المعز بن باديس الخطبة للعبيدي بالمغرب‬ ‫وخطب لبني العباس‪.‬‬ ‫ومن وزرائه نظام الملك فأبطل ما كان عليه الوزير قبله عميد الملك من سب‬ ‫األشعرية وانتصر للشافعية وأكرم إمام الحرمين وأبا القاسم القشيري‪ ،‬وبنى المدرسة‬ ‫‪250‬‬ ‫النظامية وهي أول مدرسة بنيت للفقهاء ومن درس بها أبو إسحاق الشيرازي‪ ،‬وابن‬ ‫الصباغ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪461‬هـ‪1068/‬م‪ ،‬احترق جامع دمشق‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪462‬هـ‪1069/‬م‪ ،‬ورد رسول من أمير مكة على السلطان ألب أرسالن‬ ‫بأنه أقام الخطبة العباسية‪ ،‬وقطع خطبة المستنصر المصري‪ ،‬وترك اآلذان بحي على خير‬ ‫ً‬ ‫وخلعا‪.‬‬ ‫العمل‪ ،‬فمنحه السلطان ثالثين ألف دينار‬ ‫وفي سنة ‪465‬هـ‪1072/‬م‪ ،‬قتل السلطان ألب أرسالن وقام بعده ولده ملك شاه‪،‬‬ ‫ولقب جالل الدولة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪467‬هـ‪1074/‬م‪ ،‬مات الخليفة القائم بأمر اهلل على أثر أنه افتصد ونام‪،‬‬ ‫فانحل موضع الفصد وخرج منه دم كثير فاستيقظ وقد وانحلت قوته‪ ،‬فطلب حفيده ولي‬ ‫العهد عبد اهلل بن محمد ووصاه ثم مات‪ ،‬ومدة خالفته ‪ً 45‬‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫العصر العباسي الرابع ‪658-467‬هـ = ‪1259-1074‬م‬ ‫املقتدي بأمر اهلل‪ :‬أبو القاسم عبد اهلل بن حممد بن القائم بأمر اهلل ‪-467‬‬ ‫‪487‬هـ = ‪1094-1074‬م‬ ‫ُ‬ ‫كان مولده بعد وفاة أبيه بستة أشهر‪ ،‬من أم ولد اسمها أرجون‪ ،‬وعهد له بالخالفة‬ ‫عند وفاة جده وله تسع عشرة ً‬ ‫عاما‪ ،‬وكان عهده خير عهد‪ ،‬وأثار حسنه على البلدان وكان‬ ‫دينًا ً‬ ‫خيرا قوي النفس عالي الهمة ومن أحسن خلفاء بني العباس‪ ،‬تزوج المقتدي من ابنة‬ ‫السلطان السلجوقي ملك شاه‪ ،‬وأمر بنفي المغنيات والبنات االلهيات من بغداد‪ ،‬وأمر‬ ‫الناس أال يدخلون الحمام إال بمئزر‪ ،‬ومنع اللعب بالحمام ً‬ ‫منعا للمقامرة‪ ،‬كما منع جريان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا ألزم أصحاب‬ ‫ماء الحمامات إلى نهر دجلة محافظة على نقاء ماء النهر وصحة الناس‪،‬‬ ‫الحمامات بحفر آبار خاصة للمياه المستعملة‪ ،‬كما منع مالحي السفن في نهري دجلة‬ ‫والفرات من أن يحملوا الرجال والنساء مجتمعين‪ ،‬وخرب أبراج الحمام صيانة لحرم الناس‪.‬‬ ‫‪251‬‬ ‫وفي سنة ‪479‬هـ‪1086/‬م‪ ،‬أرسل يوسف بن تاشفين صاحب سبتة إلى المقتدي‬ ‫يطلب منه أن يسلطنه وأن يقلده ما بيده من البالد فبعث إليه الخلع واألعالم والتقليد‪،‬‬ ‫ولقبه أمير المؤمنين ففرح بذلك وسر فقهاء المغرب‪.‬‬ ‫كانت له جارية تدعى >شمس النهار< قوية وذات نفوذ ولها دور مهم في إخفاء نبأ‬ ‫موت الخليفة المقتدي وترشيح ابنه المستظهر باهلل لوالية العهد‪.‬‬ ‫وفي عهده توفي ملك غزنة المؤيد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين‬ ‫(ت‪481‬هـ‪1088/‬م) وخلفه ابنه جالل الدين مسعود‪.‬‬ ‫وفي عهده جمع الوزير نظام الملك المنجمين وجعلوا النيروز أول نقطة من‬ ‫الحمل وكان قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪467‬هـ‪1074/‬م‪ ،‬خطب للمقتدي بدمشق‪ ،‬وأبطل اآلذان >بحي على‬ ‫خير العمل<‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪469‬هـ‪1076/‬م‪ ،‬قدم بغداد ودرس في المدرسة النظامية أبو نصر بن‬ ‫األستاذ أبي القاسم القشيري‪.‬‬ ‫وفي هذه السنة عُزل فخر الدولة بن جهير وولي أبا شجاع محمد بن الحسين‬ ‫الوزارة ولقبه ظهير الدين‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪479‬هـ‪1086/‬م‪ ،‬قطعت الخطبة للعبيدي بالحرمين‪ ،‬وخطب‬ ‫للمقتدي‪ ،‬وفي نفس السنة دخل السلطان ملك شاه بغداد‪ ،‬فنزل بدار المملكة‪ ،‬ولعب‬ ‫بالكرة‪ ،‬ثم رجع إلى أصبهان‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪477‬هـ‪1084/‬م‪ ،‬توغل سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونيه‬ ‫بجيوشه ضد الروم‪ ،‬ففتح أنطاكية‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪483‬هـ‪1090/‬م‪ ،‬بنيت ببغداد مدرسة لتاج الملك مستوفي الدولة‬ ‫ودرس بها أبو بكر الشاشي‪ ،‬وفي السنة التالية سيطر الفرنج على جزيرة صقلية‪ ،‬وفيها‬ ‫‪252‬‬ ‫ً‬ ‫أيضا بناء جامع كبير ببغداد‪ .‬وفي عهده توفي أحمد بن إسماعيل الساماني وخلفه ابنه‬ ‫نصر‪ ،‬فأقره الخليفة على الحكم‪ .‬وفي عهده استولت الروم على جزيرة صقلية سنة‬ ‫‪483‬هـ‪1090 /‬م‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬لما غضب السلطان ملك شاه على الخليفة المقتدي بسبب تنفيذ رغبته في‬ ‫أن يعزل ولده (المستظهر) من والية العهد ويجعل جعفر ولي عهده بدله أمره بالخروج من‬ ‫بغداد واإلقامة في البصرة ـ وفي رواية في أي بلد ـ وأمهله لمدة عشرة أيام فاتفق مرض‬ ‫السلطان ملك شاه في مدة المهملة ـ وهو يدعو على السلطان ملك شاه فمرض ومات وكفى‬ ‫الخليفة أمره ـ وكتمت زوجته تركان (خاتون) وفاته لغاية بيعة ابنه محمود ـ بموت السلطان‬ ‫ملك شاه اعتلى عرش السلطنة محمود بن ملك شاه ولقب ناصر الدنيا والدين ـ ثم خرج‬ ‫عليه أخوه بركياروق وعمد الخليفة إلى تقليده ـ وفي اليوم التالي مات الخليفة المقتدي على‬ ‫أثر السم الذي سمته به جاريته شمس النهار وبويع لولده المستظهر‪.‬‬ ‫املستظهر باهلل‪ :‬أبو العباس أمحد بن املقتدي باهلل ‪512-487‬هـ = ‪1118-1094‬م‬ ‫كان مولده في سنة ‪470‬هـ‪1077/‬م‪ ،‬وبويع له بالخالفة وعمره ‪16‬سنة‪ ،‬وكان‬ ‫كريم األخالق يفعل الخير والبر‪ ،‬ذا علم غزير‪ ،‬جيد التوقعات والخط والخطب ً‬ ‫محبا‬ ‫للعلماء والفقهاء والصالحين‪ ،‬وكان له شعر جيد‪ ،‬وكانت فترة خالفته مضطربة كثيرة‬ ‫الحروب‪ ،‬تزوج المستظهر من ابنة ملك شاه السلطان السلجوقي‪.‬‬ ‫قامت خاتون بنت الملك شاه الثانية زوجة المستظهر باهلل ببناء القالع فوق أبواب‬ ‫الحصون لحماية بغداد من هجمات األعداء‪ ،‬وكذلك قامت بإصالح األحياء الفقيرة‬ ‫ً‬ ‫وأيضا قامت السيدة خاتون بنت ملك شاه الثانية بإنشاء مدرسة بشارع سوق‬ ‫في بغداد‪،‬‬ ‫العسكر وأوقفتها على أصحاب اإلمام أبي حنيفة وكانت تعد من أكبر المدارس‪.‬‬ ‫وفي عهده استولى الروم على بلنسية‪ ،‬وقدمت مراكبهم من القسطنطينية فاستولوا‬ ‫على نيقية وتوغلوا حتى كفرطاب‪.‬‬ ‫‪253‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪488‬هـ‪1095/‬م قتل أحمد خان صاحب سمرقند ألنه ظهر منه الزندقة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪490‬هـ‪1096/‬م قتل السلطان أرسالن أرغون بن ألب أرسالن السلجوقي‬ ‫صاحب خراسان وتولى الحكم بعده السلطان بركياروق‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪492‬هـ‪1097/‬م‪ ،‬حاصر الروم بيت المقدس ودخلوها بعد حصار‬ ‫ً‬ ‫لمدة شهر ونصف وقتلوا حوالي سبعين ألفا‪ ،‬وهدموا المشاهد‪.‬‬ ‫وفيها نقل المصحف العثماني من طبرية إلى دمشق فوضع في خزانة بمقصورة‬ ‫جامع دمشق‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪494‬هـ‪1100/‬م‪ ،‬استولى الروم على سروج‪ ،‬وحيفا‪ ،‬وأرسوف‪،‬‬ ‫وقيسارية‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪498‬هـ‪1104/‬م مات السلطان بركياروق فأقام األمراء بعده ولده جالل‬ ‫الدولة ملك شاه‪ ،‬فقلده الخليفة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪499‬هـ‪1105/‬م‪ ،‬ظهر رجل بنواحي نهاوند ادعى النبوة وتبعه خلق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فأخذ وقتل‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪500‬هـ‪1106/‬م أخذت قلعة أصبهان التي ملكها الباطنية وهدمت وقتلوا‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪503‬هـ‪1109/‬م‪ ،‬استولى الروم على طرابلس بعد حصار سنين‪ ،‬وفي‬ ‫العام التالي طلب المسلمون الهدنة‪ ،‬فامتنعت ثم وافقوا على الصلح نظير ألوف الدنانير‬ ‫ثم غدروا‪ ،‬وفيها ً‬ ‫أيضا كانت معركة عظيمة بين الفرنج وبين يوسف بن تاشفين باألندلس‬ ‫نصر اهلل المسلمون وقتلوا‪ ،‬وأسروا‪ ،‬وغنموا ما ال يحصى‪.‬‬ ‫وفي عهده توفي المستنصر العبيدي صاحب مصر وخلفه ابنه المستعلي أحمد‬ ‫الذي توفي في سنة ‪495‬هـ‪1101/‬م‪ ،‬وخلفه اآلمر بأحكام اهلل منصور‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪507‬هـ‪1113/‬م‪ ،‬سار مودود صاحب الموصل إلى القدس‪ ،‬فجرت‬ ‫ُ‬ ‫معركة كبير ثم رجع مودود إلى دمشق فقتل‪.‬‬ ‫‪254‬‬ ‫في عهده ألف له الشاشي كتاب الحلية وسماه >المستظهري<‪.‬‬ ‫ومات المستظهر سنة ‪512‬هـ‪1118/‬م فكانت مدة خالفته ‪ً 25‬‬ ‫عاما‪ ،‬وماتت بعده‬ ‫بقليل جدته أرجون والدة المقتدي ـ قال الذهبي‪> :‬وال يعرف خليفة عاشت جدته بعده‬ ‫إال هذا<‪.‬‬ ‫املسرتشد باهلل‪ :‬أبو املنصور الفضل بن املستظهر باهلل ‪529-512‬هـ = ‪1134-1118‬م‬ ‫ُ‬ ‫كان مولده في سنة ‪485‬هـ‪1092/‬م‪ ،‬وقيل بعدها بسنة‪ ،‬ولد من أم ولد‪ ،‬وعهد‬ ‫إليه والده بوالية العهد‪ ،‬ونقش اسمه على السكة سنة ‪488‬هـ‪1095/‬م‪ ،‬وكان ذا شهامة‬ ‫وهمة‪ ،‬وإقدام ضبط أمور الخالفة‪ ،‬ورتبها‪ ،‬أحيا رسم الخالفة وقاد الجيوش بنفسه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وكان مليح الخط ما كتب أحد من الخلفاء قبله مثله‪ ،‬يستدرك على كتابه ويصلح أغاليط‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مفهوما‪ ،‬وكان ذا‬ ‫وخطيبا‬ ‫وشاعرا مجيدا‪،‬‬ ‫متفقها في الدين‬ ‫في كتبهم‪ ،‬كما كان محدثا‬ ‫همة عالية وشهامة زائدة‪ ،‬وإقدام شديدة ضبط أمور الخالفة ورتبها أحسن ترتيب‪.‬‬ ‫ومن وزرائه‪ :‬علي بن طراد وإسماعيل بن طاهر الموصلي‪ ،‬وألفت في خالفته‬ ‫مؤلفات منها‪ :‬كتاب >العمدة< في الفقه ألبي بكر الشاشي‪.‬‬ ‫حاول إعادة ما كان لخلفاء بني العباس من نفوذ وقوة ولكنه فشل‪.‬‬ ‫أخذ السالجقة من الخليفة المسترشد بردة الرسول ! التي كان يلبسها الخلفاء عند‬ ‫توليتهم الخالفة أو حضورهم الحفالت الدينية‪.‬‬ ‫وفي خالفته قتل صاحب مصر اآلمر بأحكام اهلل منصور دون عقب وقام بعده‬ ‫عبد اجمليد بن محمد بن المنتصر‪.‬‬ ‫في سنة ‪520‬هـ‪1126/‬م‪ ،‬خرج الخليفة المسترشد على السلطان محمود بن‬ ‫ملك شاه وهزم قواته وكاد يستقل بأمر الخالفة لوال مساعدة زنكي والي البصرة للسلطان‬ ‫محمود بن محمد بن ملك شاه‪.‬‬ ‫لما مات محمود بن السلطان محمد بن ملك شاه (ت‪525‬هـ‪1130/‬م) حرض‬ ‫‪255‬‬ ‫المسترشد بعض أمراء البيت السلجوقي على الخروج على السلطان الجديد‪ ،‬فوقع قتال‬ ‫بين داود بن محمود وعمه مسعود ثم تصالحا وخطب لمسعود بالسلطنة ببغداد ومن بعده‬ ‫لداود وخلع عليهما‪.‬‬ ‫حارب المسترشد زنكي وشتت جيوشه وطاردهم حتى الموصل سنة‬ ‫‪527‬هـ‪1132/‬م حيث حاصره ثالثة أشهر‪ ،‬ثم سار إلى همذان لقتال مسعود بن‬ ‫محمد‪ ،‬فالتقى الجيشان بقرب همذان‪ ،‬وغدر بالخليفة أكثر عسكره‪ ،‬فكسر جيشه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أسيرا إلى أذربيجان هو وخواصهم حيث حبسوا بقلعة قريبة من همذان فاشتد‬ ‫‪,‬أخذ‬ ‫أهل بغداد ومنعوا الخطبة والصالة وتعرضت بغداد للزالزل‪ ،‬ثم أرسل السلطان سنجر‬ ‫إلى ابن أخيه مسعود يستحثه على إطالق الخليفة‪ ،‬فسارع مسعود فأرسل الجند‪ ،‬فقتلوا‬ ‫الخليفة وجماعة من أصحابه ولما وصل الخبر إلى بغداد‪ ،‬فاشتد ذلك على الناس‪،‬‬ ‫وعين السلطان مسعود المقتفي‪.‬‬ ‫الراشد باهلل‪ :‬أبو جعفر منصور بن املسرتشد ‪530-529‬هـ = ‪1135-1134‬م‬ ‫كان مولده في سنة ‪502‬هـ‪1108/‬م‪ ،‬من أُم ولد‪ ،‬وعينه والده ً‬ ‫وليا للعهد سنة‬ ‫ً‬ ‫فصيحا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫شاعرا‪ ،‬عاداًل يكره الشر‪ ،‬حسن السيرة‪ ،‬وكان‬ ‫أديبا‪،‬‬ ‫‪513‬هـ‪1119/‬م‪ ،‬وكان‬ ‫للراشد الحسن اليوسفي والكرم الحاتمي‪.‬‬ ‫بعد قتل الخليفة المسترشد تقدم مسعود في سنة ‪551‬هـ‪1156/‬م إلى بغداد‬ ‫وحاصرها‪ ،‬وأرغم الخليفة الراشد على الهرب إلى الموصل واالحتماء بعماد الدين‬ ‫ً‬ ‫محضرا فيه شهادة‬ ‫زنكي‪ ،‬وجمع مسعود القضاة والشهود واألعيان‪ ،‬والعلماء‪ ،‬وكتب‬ ‫بما قام به الراشد من الظلم وسفك الدماء وشرب الخمر‪ ،‬واستفتوا الفقهاء‪ ،‬فأفتوا بجواز‬ ‫خلعه ـ وبايعوا عمه محمد بن المستظهر ـ وبلغ الراشد الخلع‪ ،‬فخرج من الموصل إلى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرضا شديدا‪ ،‬فدخل عليه جماعة‬ ‫بالد أذربيجان ثم سار إلى ظاهر أصبهان ومرض‬ ‫من العجم ـ كانوا فراشين معه ـ فقتلوه في سنة ‪532‬هـ‪1137/‬م على باب أصبهان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأقيم عليه العزاء ببغداد لمدة يوم واحد‪ ،‬وبعد قتله أخذت البردة والقضيب وسلمت‬ ‫‪256‬‬ ‫إلى المقتفي‪ ،‬مات السلطان مسعود سنة ‪544‬هـ‪1149/‬م‪ ،‬وبموته أفل نجم البيت‬ ‫السلجوقي فقد خلفه سالطين قضوا وقتهم في اللهو واللعب وشرب الخمر‪.‬‬ ‫املقتفي ألمر اهلل‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن املستظهر باهلل ‪555-530‬هـ = ‪1160-1135‬م‬ ‫كان مولده سنة ‪489‬هـ‪1095/‬م‪ ،‬من أم حبشية‪ ،‬وبويع له بالخالفة عند خلع ابن‬ ‫أخيه وعمره أربعون ً‬ ‫عاما وتلقب بالمقتفي‪ ،‬أنه رأى في منامه قبل أن يلي الخالفة بستة‬ ‫أيام رسول اهلل ! وهو يقول له‪> :‬سيصل هذا األمر إليك فاقتف ألمر اهلل فلقب المقتفي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عالما‪ً ،‬‬ ‫حليما‪ ،‬دمث‬ ‫أديبا‪ ،‬شجاعًا‪،‬‬ ‫ألمر اهلل‪ ،‬وكان المقتفي من سروات الخلفاء‪،‬‬ ‫األخالق‪ ،‬أظهر العدل‪ ،‬ومهد بغداد‪ ،‬قليل المثل في األئمة‪ ،‬محمود السيرة‪ ،‬جدد‬ ‫معالم اإلمامة‪ ،‬وغزا غير مرة‪ ،‬وكانت أيام المقتفي نضرة بالعدل‪.‬‬ ‫وقد تمكن المقتفي في بداية خالفته في سنة ‪530‬هـ‪1135/‬م من تجديد رسوم‬ ‫الخالفة وباشر األمور بنفسه فال يجري في دولته أمر وإن صغر إال بتوقيعه ـ ألن الخلفاء‬ ‫في ضعف من الخليفة المطيع وابنه إلى أن استخلف المقتفي ألمر اهلل فانصلح أمر‬ ‫الخالفة قلياًل ـ‪ ،‬وغزا أكثر من مرة بنفسه مع زهده وورعه وعبادته‪.‬‬ ‫تولية الخالفة‪ :‬أن السلطان مسعود لما دخل بغداد استشار وزيره الزينبي (أبو‬ ‫القاسم علي) فيمن يوليه الخالفة فسمى له أبا عبد اهلل محمد المقتفي عم الراشد فبايع‬ ‫له وأجلسه على سرير الخالفة‪.‬‬ ‫ومن سالطين دولته‪ :‬السلطان مسعود‪ ،‬وكان السلطان مسعود قد أخذ جميع‬ ‫ما في دار الخالفة من دواب وأثاث وذهب وستور وسرادق وجميع تعلق الخليفة بل‬ ‫طالب الخليفة بدفع مائة ألف دينار ثم ترك أخذها من الخليفة وجباها من الناس ولما‬ ‫ً‬ ‫شهرا في نهايته مات مسعود على سريره‬ ‫تطاول السلطان مسعود على الخليفة دعا عليه‬ ‫في سنة ‪549‬هـ‪1154/‬م‪ ،‬وولوا مكانه السلطان ملك شاه‪ ،‬ثم إن خاصبك قبض على‬ ‫ملك شاه‪ ،‬وعظم سلطان المقتفي وعلت كلمته وجيوشه منصورة حيث يمت‪.‬‬ ‫‪257‬‬ ‫ً‬ ‫وفي خالفته‪ :‬جدد المقتفي بابًا للكعبة واتخذ من العقيق تابوتا لدفنه‪ ،‬وحاصر‬ ‫الفرنج دمشق‪ ،‬فسار إليهم نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشام‪ ،‬فهزم الفرنج‬ ‫وأخذ في استرداد ما استولوا عليه من مدن المسلمين‪.‬‬ ‫وفي خالفته‪ :‬مات الحافظ لدين اهلل‪ ،‬وأقيم ابنه الظافر باهلل العبيدي إسماعيل‬ ‫والذي قتل في سنة ‪549‬هـ‪1154/‬م‪ ،‬ونصبوا ابنه عيسى وكان صغير السن‪ ،‬فكتب‬ ‫ً‬ ‫المقتفي عهدا لنور الدين محمود زنكي وواله مصر‪ ،‬ولقبه الملك العادل‪.‬‬ ‫وفي خالفة المقتفي أسر الغزنويين السلطان سنجر صاحب خراسان وملكوا‬ ‫بالده‪ ،‬وتضعضع أمر السلطان وتمكن الخليفة المقتفي وعلت سلطته وأمره وعزل من‬ ‫ً‬ ‫مدرسا بالنظامية‪ ،‬ولما بلغه أن في نواحي واسط فسار بعسكره‬ ‫كان السلطان سنجر واله‬ ‫ً‬ ‫مظفرا‪ ،‬وقال ابن الجوزي‪> :‬من أيام المقتفي عادت بغداد‬ ‫فأعاد األمان ثم عاد إلى بغداد‬ ‫والعراق إلى يد الخلفاء‪ ،‬وقبل ذلك من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلبين من‬ ‫الملوك وليس للخليفة معهم إال اسم الخالفة<‪..‬‬ ‫ومن العلماء والمؤدبين في خالفته‪ :‬أبي البركات بن أبي الفرج بن السني‪ ،‬وأبي‬ ‫منصور الجواليقي النحوي‪.‬‬ ‫وساءت عالقته مع بعض أمراء البيت السلجوقي منهم‪ :‬محمد بن محمود أخي‬ ‫السلطان مسعود وأخوه ملك شاه فسار إلى بغداد وتم حصار واشترطوا لرفع الحصار‬ ‫دفع مبلغ ثالثين ألف دينار فرفض‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬مات ليلة األحد سنة ‪555‬هـ‪1160 /‬م‪.‬‬ ‫املستنجد باهلل‪ :‬أبو املظفر يوسف بن املقتفي ‪566-555‬هـ = ‪1170-1160‬م‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ولد سنة ‪518‬هـ‪1124/‬م‪ ،‬من أم ولد كرجية اسمها طاوس‪ ،‬أسندت له والية‬ ‫ً‬ ‫العهد في خالفة والده سنة ‪547‬هـ‪1152/‬م‪ ،‬وكان موصوفا بالعدل والرفق والفهم‬ ‫ً‬ ‫الثاقب والرأي الصائب له نثر بليغ ومعرفة بعمل آالت الفلك واالسطرالب‪ ،‬وكان شديدا‬ ‫‪258‬‬ ‫على المفسدين سجن رجاًل من هؤالء فحضره رجل وبذل فيه عشرة آالف دينار إلطالق‬ ‫سراحه‪ ،‬فرفض وقد أطلق ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا من المكوس شيئًا ً‬ ‫مكسا‪،‬‬ ‫كثيرا بحيث لم يترك بالعراق‬ ‫ومن وزرائه ابن هبيرة‪ ،‬قال ابن الجوزي‪ ،...> :‬له نظم بديع‪ ،‬والذكاء الغالب‪.<...،‬‬ ‫وفي خالفة المستنجد مات الفائز صاحب مصر‪ ،‬وتولى األمر بعده العاضد لدين‬ ‫اهلل آخر خلفاء بني عبيد فاسر لقتاله األمير أسد الدين شيركوه من قبل السلطان نور الدين‬ ‫محمود زنكي صاحب الشام فاستنجد صاحب مصر بالفرنج فتمكن األمير أسد الدين من‬ ‫هزيمة الفرنج فرجع إلى الشام‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪564‬هـ‪1168/‬م‪ ،‬استنجد العاضد لدين اهلل العبيدي بنور الدين‬ ‫محمود زنكي لصد هجوم الفرنج للديار المصرية وحصارهم للقاهرة فسير إليه أسد‬ ‫الدين شيركوه‪ ،‬فلما علموا بتقدمه انسحبوا ودخل أسد الدين القاهرة‪ ،‬فأسند له العاضد‬ ‫الوزارة لمدة حوالي ‪ً 65‬‬ ‫يوما فولى مكانه ابن أخيه صالح الدين يوسف بن أيوب ولقبه‬ ‫>الملك الناصر< ـ ولما توفي العاضد تسلم صالح الدين زمام مصر كما سيأتي في عهد‬ ‫الخليفة المستضيء بأمر اهلل‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬مرض المستنجد ثم مات سنة ‪566‬هـ‪1170/‬م‪.‬‬ ‫املستضيء بأمر اهلل‪ :‬أبو حممد احلسن بن املستنجد باهلل ‪575-566‬هـ = ‪1179-1170‬م‬ ‫ُ‬ ‫ولد سنة ‪536‬هـ‪1141/‬م‪ ،‬من أم ولد أرمينية اسمها غضة‪ ،‬استهل خالفته برفع‬ ‫المكوس ورد المظالم‪ ،‬وإظهار العدل والكرم‪ ،‬وأغدق األموال العظيمة على الهاشميين‬ ‫والعلويين والعلماء والمدارس والربط‪ ،‬وكان ذا حلم ورأفة‪ ،‬وأسند القضاء لروح بن‬ ‫الحديثي‪ ،‬واحتجب المستضيء عن أكثر الناس‪ ،‬فلم يركب إال مع الخدم‪ ،‬وال يدخل‬ ‫عليه غيرهم‪.‬‬ ‫وفي خالفته انقضت دولة العبيديين بمصر بعد وفاة آخر الخلفاء العاضد‪ ،‬فخطب‬ ‫صالح الدين (يوسف بن أيوب) للخليفة المستضيء بأمر اهلل‪ ،‬وضربت السكة باسمه‬ ‫‪259‬‬ ‫ُ‬ ‫ولما جاء الخبر إلى بغداد أغلقت األسواق‪ ،‬وعملت القباب وصنف ابن الجوزي كتاب‬ ‫سماه >النصر‪ ،‬على مصر<‪ ،‬وأرسل الخليفة الخلع والتشريفات للسلطان نور الدين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأعالما وبنودا للخطباء بمصر‪ ،‬وسير للعماد الكاتب خلعه‬ ‫محمود زنكي وصالح الدين‬ ‫ومائة دينار‪ ،‬ولم يبق بمصر منبر إال وقد أقيمت عليه الخطبة للمستضيء بأمر اهلل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي خالفته مات السلطان نور الدين محمود زنكي وأسندت السلطنة بعده البنه‬ ‫الملك الصالح إسماعيل ـ وهو صبي ـ فقصدت الفرنجة سواحل الشام فصولحوا بمال‪.‬‬ ‫وفي خالفة المستضيء بأمر اهلل خطب له باليمن‪ ،‬وبرقة‪ ،‬وتوزر‪ ،‬ومصر‪.‬‬ ‫تمكن عالء الدين تكش أخو السلطان شاه إيل أرسالن ابن أتسز من االستيالء على‬ ‫بالد خوارزم واالستقالل بها وتأسيس الدولة الخوارزمية‪ ،‬ومن القضاء بعد ذلك على‬ ‫ملك السالجقة بالعراق واتسع ملكه ـ سيطرة عالء بعدما توفي أخوه السلطان شاه إيل‬ ‫أرسالن وخلفه ابنه محمد تحت وصاية أمه ـ‪.‬‬ ‫توفي عالء الدين تكش سنة ‪596‬هـ‪1199/‬م وخلفه ابنه قطب الدين خوارزم‬ ‫شاه محمد وظل لغاية سنة ‪617‬هـ‪1220/‬م وخلفه جالل الدين منكبرتي إلى سنة‬ ‫‪628‬هـ‪1230/‬م إلى سيطرة المغول ونهاية الدولة‪.‬‬ ‫كان للسيدة زمرد خاتون زوجة الخليفة المستضيء اليد الطولى في أعمال التقوى‬ ‫والخير‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬مات في شوال‪ ،‬وعهد إلى ابنه أحمد‪.‬‬ ‫الناصر لدين اهلل‪ :‬أبو العباس أمحد بن املستضيء بأمر اهلل ‪622-575‬هـ =‬ ‫‪1225-1179‬م‬ ‫ُ‬ ‫كان مولده سنة ‪553‬هـ‪1158/‬م‪ ،‬من أم ولد تركية اسمها زمرد‪ ،‬ولم يل الخالفة‬ ‫أحد أطول مدة منه‪ ،‬فإنه أقام فيها ‪ً 47‬‬ ‫عاما‪ ،‬علت سلطته وأمره‪.‬‬ ‫وقمع لألعداء‪ ،‬واستظهار على الملوك وال‬ ‫عز‬ ‫ٍ‬ ‫وكانت الخالفة في عهده في ٍ‬ ‫‪260‬‬ ‫خرج عليه خارجي وال مخالف إال قمعه‪ ،‬وكان شديد االهتمام بأحوال رعيته وأصحاب‬ ‫أخباره في أقطار البالد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة والباطنة‪ ،‬وكان الناصر لدين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اهلل قد مأل القلوب هيبة وخيفة فكان يرهبه أهل الهند ومصر كما يرهبه أهل بغداد‪ ،‬فأحيا‬ ‫بهيبته الخالفة‪ ،‬وكانت قد ماتت بموت المعتصم‪ ،‬ثم ماتت بموته‪ ،‬وقد احتجب عن‬ ‫الناس في خالفته إال ً‬ ‫نادرا‪ ،‬كانت تأتيه ورقة كل صباح بما حدث في الليل فقيل إن‬ ‫ً‬ ‫مخدوما من الجن‪ ،‬وخطب له ببالد األندلس وبالد الصين‪.‬‬ ‫الناصر كان‬ ‫لما تولى عالء الدين محمد بن تكش الخوارزمي عزم على القضاء على الخالفة‬ ‫وإقامة خالفة شيعية في بغداد‪ ،‬ثم أصدر ً‬ ‫أمرا بعزل الخليفة وإسقاط اسمه من السكة‬ ‫والخطبة وأقام على الخالفة رجاًل علويًا من ساللة علي بن أبي طالب من مدينة ترمذ مما‬ ‫جعل الخليفة يراسل جنكيز خان يحرضه على مهاجمة الدولة الخوارزمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أرسل الخليفة الناصر لدين اهلل العباسي جيشا إلى الري بعد رحيل خوارزم شاه‬ ‫ً‬ ‫عنها فأرسل إليها جيشا استردها من عامل عالء الدين تكش فعاد عالء الدين إلى الري‬ ‫واستردها من جند الخليفة الناصر‪ ،‬ولما توفي عالء الدين تكش وخلفه ابنه قطب الدين‬ ‫خوارزم شاه محمد فطلب إلى الخليفة أن يأمر بذكر اسمه في الخطبة بدل السالجقة‬ ‫فرفض الخليفة ذلك واشتدت العداوة بينهما حتى حذف خوارزم اسم الخليفة من الخطبة‬ ‫على منابر بالده‪.‬‬ ‫ولما تولى الخليفة الناصر في سنة ‪575‬هـ‪1179/‬م‪ ،‬أخذ يحث الخوارزميين‬ ‫على طغرل بك آخر سالطين السالجقة في العراق‪ ،‬وتمكن عالء الدين تكش خوارزم‬ ‫شاه من قتل طغرل بك في سنة ‪590‬هـ‪1193/‬م‪ ،‬وأرسل رأسه إلى الخليفة في بغداد‪،‬‬ ‫ولكن تبين للخليفة الناصر بعد أن استعان بدولة الخوارزميين للقضاء على السالجقة بأن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتحكما‪.‬‬ ‫لهم مطامعهم في العراق وأنهم ال يقلون عن السالجقة استبدادا‬ ‫ً‬ ‫وكان خوارزم شاه قدسار قاصدا بغداد من خوارزم إلى همذان‪ ،‬فوقع عليهم ثلج‬ ‫عظيم وبلغه أن أمم الترك قد تألبوا عليه‪ ،‬فرجع‪ ،‬وكفى الناصر شره بال قتال‪.‬‬ ‫‪261‬‬ ‫وفي سنة ‪575‬هـ‪1179/‬م‪ ،‬أرسل الملك الناصر يعاتب السلطان صالح الدين‬ ‫األيوبي في تسميته بالملك الناصر مع علمه أن الخليفة اختار هذه التسمية لنفسه‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪580‬هـ‪1184/‬م‪ ،‬جعل الخليفة مشهد موسى الكاظم أمنًا لمن الذ به‪،‬‬ ‫فالتجأ إليه خلق‪ ،‬وحصل بذلك مفاسد وفيها وردت األخبار بأنه خطب للناصر بمعظم‬ ‫بالد المغرب‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪583‬هـ‪1187/‬م‪ ،‬استطاع صالح الدين األيوبي استرداد معظم مدن الشام‬ ‫من الفرنج ـ بعد انتصاره في معركة حطين ـ ومنها‪ :‬بيت المقدس التي سيطر عيها الفرنج‬ ‫لمدة (‪ً )91‬‬ ‫كنيسة منها مدرسة للشافعية‪.‬‬ ‫عاما‪ ،‬وهدم ما أحدثوه من الكنائس‪ ،‬وبنى موضع‬ ‫ٍ‬ ‫وفي سنة ‪589‬هـ‪1193/‬م‪ ،‬توفي السلطان صالح الدين وقسمت سلطنته بين‬ ‫أبنائه من بعده فتولى مصر عماد الدين عثمان الملك العزيز‪ ،‬ودمشق البنه الملك األفضل‬ ‫نور الدين علي‪ ،‬وحلب البنه الملك الظاهر غياث الدين غازي‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪590‬هـ‪1193/‬م‪ ،‬توفي السلطان طغرل بك شاه بن أرسالن بن‬ ‫طغرل بك بن محمد بن ملك شاه ـ وهو آخر ملوك السالجقة‪ ،‬أولهم طغرل بك‪ ،‬ومدة‬ ‫دولتهم (‪ً )160‬‬ ‫عاما ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪592‬هـ‪1195/‬م هبت ريح بمكة‪ ،‬ووقع من الركن اليماني قطعة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪595‬هـ‪1198/‬م‪ ،‬مات الملك العزيز بمصر وأقيم ابنه المنصور مكانه‬ ‫فوثب الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب وتملكها‪ ،‬ثم أقام بها ابنه الملك الكامل‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪600‬هـ‪1203/‬م‪ ،‬هجم الفرنج على مصر ودخلوا بلد فنهبوها ورجعوا‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪606‬هـ‪ 1209/‬كان ابتداء أمر التتار (المغول)‪.‬‬ ‫عال في‬ ‫وفي سنة ‪615‬هـ‪1218/‬م‪ ،‬أخذت الفرنج من دمياط برج السلسلة ـ برج ٍ‬ ‫وسط النيل ودمياط ـ وفي السنة التالية أخذت الفرنج دمياط‪ ،‬وفي سنة ‪618‬هـ‪1221/‬م‬ ‫استردت دمياط من الفرنج‪.‬‬ ‫‪262‬‬ ‫وفي سنة ‪617‬هـ‪1220/‬م‪ ،‬سار جنكيز خان إلى نيسابور ثم همذان وملك جميع‬ ‫خوارزم شاه ـ وكان ملك خوارزم قد مات بعد نجاته ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪621‬هـ‪1224/‬م‪ ،‬بنيت دار الحديث الكاملية بالقاهرة وجعل شيخها‬ ‫أبا الخطاب بن دحية‪.‬‬ ‫قل بصر الناصر في آخر عمره‪ ،‬وقيل‪> :‬ذهب كله‪ ،‬ولم يشعر بذلك أحد من‬ ‫الرعية‪ ،‬حتى الوزير واهل الدار‪ ،‬وكان له جارية قد علمها الخط بنفسه‪ ،‬فكانت تكتب‬ ‫مثل خطه‪ ،‬فتكتب على التواقيع‪.‬‬ ‫وكانت الكعبة تكسى الديباج األبيض من أيام المأمون إلى اآلن‪ ،‬فكساها الناصر‬ ‫ً‬ ‫ديباجا أخضر‪ ،‬ثم كساها أسود‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬مات يوم األحد سنة ‪622‬هـ‪1225/‬م‪.‬‬ ‫الظاهر بأمر اهلل‪ :‬أبو نصر حممد بن الناصر لدين اهلل ‪623-622‬هـ = ‪1226-1225‬م‬ ‫كان مولده سنة ‪571‬هـ‪1180/‬م‪ ،‬واستخلف عند موت والده‪ ،‬ولما ولي الخالفة‬ ‫أبطل المكوس في البالد جميعها وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق وبإسقاط‬ ‫جميع ما جدده أبوه‪ ،‬وأعاد األموال المغصوبة واألمالك المأخوذة في أيام والده‪ ،‬وأزال‬ ‫المظالم وأظهر العدل وفرق األموال‪ ،‬وأخرج أهل الحبوس‪ ،‬وظهر للناس ـ وكان والده‬ ‫ال يظهر إال ً‬ ‫نادرا ـ وأطلق المساجين‪ ،‬وساهم بمبالغ إلطالق أهل الحبوس عمن أعسر‪.‬‬ ‫املستنصر باهلل‪ :‬أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر اهلل ‪640-623‬هـ = ‪1242-1226‬م‬ ‫ُ‬ ‫كان مولده في سنة ‪588‬هـ‪1192/‬م‪ ،‬من أم جارية تركية‪ ،‬استهل خالفته بنشر‬ ‫العدل واالنصاف في القضايا‪ ،‬وقرب أهل العلم والدين وبنى المساجد والمدارس والربط‬ ‫والمارساتانات‪ ،‬وكان جده الناصر يقربه ويسميه القاضي لهداه وعقله‪ ،‬وإنكار ما يجده‬ ‫من المنكر‪ ،‬وأنشأ المدرسة المستنصرية على نهر دجلة من الجانب الشرقي‪ ،‬ورتب‬ ‫فيها الرواتب الحسنة ألهل العلم وعين لها مدرسين على المذاهب األربعة‪ ،‬وعمل فيها‬ ‫‪263‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وراتبا يبلغ ً‬ ‫ً‬ ‫دينارا في الشهر ورتب لهم البيوت وفرشها‪:‬‬ ‫مارستانا‪ ،‬ورتب فيها مطبخا للفقهاء‬ ‫ً‬ ‫عظيما‪.‬‬ ‫الحصر‪ ،‬والبسط‪ ،‬والزيت‪ ،‬والورق‪ ،‬والحبر‪ ،‬ووقف على المدرسة مااًل‬ ‫وفي سنة ‪628‬هـ‪1230/‬م‪ ،‬أمر الملك األشرف صاحب دمشق ببناء دار الحديث‬ ‫األشرفية‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪632‬هـ‪1234/‬م‪ ،‬أمر المستنصر بضرب الدرهم الفضية بداًل عن قراضة‬ ‫الذهب‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪635‬هـ‪1237/‬م‪ ،‬مات السلطان األشرف صاحب دمشق‪ ،‬والكامل‬ ‫ُ‬ ‫صاحب دمشق‪ ،‬والكامل صاحب مصر وتسلطن بمصر العادل ثم خلع وتملك أخوه‬ ‫الصالح أيوب نجم الدين‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪637‬هـ‪1239/‬م قلد الخليفة المستنصر تقليد السلطنة باليمن إلى نور‬ ‫الدين عمر بن علي بن رسول التركماني بعد وفاة الملك المسعود بن الكامل‪.‬‬ ‫املستعصم باهلل‪ :‬أبو أمحد عبد اهلل بن املستنصر باهلل ‪658-640‬هـ = ‪1259-1242‬م‬ ‫ُ‬ ‫كان مولده في سنة ‪609‬هـ‪1212/‬م‪ ،‬من أم ولد اسمها هاجر‪ ،‬وكان آخر خلفاء‬ ‫بني العباس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حليما‪ ،‬حسن الديانة‪ ،‬ذا ضعف الرأي‪ ،‬غير ملم بأحوال دولته‬ ‫كريما‪،‬‬ ‫وكان‬ ‫ً‬ ‫منصرفا إلى اللهو واللعب‪ ،‬لم يستمع إلى نصح وزيره مؤيد الدين محمد بن العلقمي‬ ‫من االستعداد لمواجهة خطر المغول‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪647‬هـ‪1249/‬م‪ ،‬هجوم الفرنج على دمياط وتمكنوا من بسط سيطرتهم‬ ‫عليها‪ ،‬والسلطان الملك الصالح مريض‪ ،‬فمات‪ ،‬فأخفت جاريته أم خليل (شجرة الدر)‬ ‫ُ‬ ‫موته‪ ،‬وأرسلت إلى ولده توران شاه الملك فتسلم الحكم‪ ،‬ثم لم يلبث أن قتل وتسلمت‬ ‫شجرة الدر الحكم ونائبها عز الدين أيبك التركماني‪ ،‬وفي العام التالي استردت دمياط من‬ ‫الفرنج‪.‬‬ ‫‪264‬‬ ‫وفي سنوات ‪657‬هـ‪1258/‬م‪ ،‬و‪658‬هـ‪1259/‬م‪ ،‬و‪659‬هـ‪1260/‬م‪ ،‬والبالد‬ ‫بال خليفة‪ ،‬وفي سنة ‪658‬هـ‪1259/‬م‪ ،‬سار المغول إلى حلب واحتلوها ثم حاصروا‬ ‫ُ‬ ‫دمشق ووقعت معركة عين جالوت وهزم التتار وتم استرداد حلب وطردهم من بالد‬ ‫الشام‪.‬‬ ‫سقوط بغداد‪ :‬كان أول خروجهم من أطراف الصين واستولوا على بالد‬ ‫تركستان كاشغر وبالد القفاق وبخارى وسمرقند ومملكة خوارزم شاه‪ ،‬ثم عبروا إلى‬ ‫مدن خراسان وإلى فارس والقضاء على طائفة الحشاشين‪ ،‬وأسر زعيمهم ركن الدين‬ ‫خور شاه وقتله وإلى الري وهمذان‪ ،‬ومن همذان أرسل رسالة إلى الخليفة المستعصم‬ ‫ينذره بالحرب إذا لم يقدم نفسه ويسلم بغداد إلى المغول‪ ،‬فرد عليه يطلب العودة‬ ‫إلى بالده في رسالة حملها شرف الدين بن الجوزي‪ ،‬ثم سار هوالكو إلى المدن التي‬ ‫في طريقه إلى بغداد‪ ،‬فلما استولى عليها أنفذ القائد باجو لمهاجمة بغداد من الجهة‬ ‫الغربية سنة ‪655‬هـ‪1257/‬م‪ ،‬وتقدم هوالكو إلى حصار بغداد من الجهة الشرقية‪،‬‬ ‫ولما تمكنت قوات باجو في المحرم سنة ‪656‬هـ‪1257/‬م من عبور دجلة ولقاء جيش‬ ‫ً‬ ‫وأيضا كان يضمر البغضاء‬ ‫مجاهد الدين أيبك الدويدار ـ كان يلقب الدويدار الصغير‬ ‫للوزير ابن العلقمي ـ في الجانب الغربي‪ ،‬فكانت الغلبة أواًل جملاهد ثم هزموا‪ ،‬وسيطر‬ ‫باجو على الجانب الغربي وتقدم هوالكو من خانقين وحاصر الجهة الشرقية من بغداد‪،‬‬ ‫ودخلوها من باب كالواذى من برج العجمي‪ ،‬وكان هذا أقصر أبواب السور‪ ،‬فجرى‬ ‫من القتل والتمثيل والنهب ما يعظم سماعه‪ ،‬وأيقن الخليفة المستعصم بأنه ال جدوى‬ ‫من المقاومة‪ ،‬فأرسل رسوله شرف الدين بن الجوزي للمرة الثانية يحمل إلى هوالكو‬ ‫الهدايا وإعالن وقف القتال والتسليم‪ ،‬ثم أشار عليه الوزير مؤيد الدين بن العلقمي‬ ‫بالخروج للقاء هوالكو فلما خرج الخليفة المستعصم ـ وكان في معيته أبناؤه الثالثة‬ ‫وثالثة آالف من األعيان والقضاة والفقهاء واألمراء والحجاب ـ فضربت أعناقهم ولم‬ ‫يبق مع الخليفة إال سبعة عشر رجاًل‪ ،‬ثم أمر بدخول جنده بغداد فأعمل جند المغول‬ ‫القتل والتدمير واتالف الكتب لمدة أربعين ً‬ ‫يوما‪ ،‬فبلغ القتلى أكثر من ألف ألف نسمة‬ ‫‪265‬‬ ‫ـ وقيل ثمانمائة ألف وقيل مليونا وثمانمائة ألف ـ ولما انتهت مجازر هوالكو من قتل‬ ‫الخليفة وابنيه وأهل بغداد وأصبحت بغداد خرابًا وزالت الخالفة التي ظلت لمدة خمسة‬ ‫قرون‪ ،‬ثم أرسل هوالكو رسائل تهديد ووعيد إلى صاحب دمشق فتقدم بجيوشه نحو‬ ‫دمشق‪ ،‬وفي الطريق فتح آمد ثم عبر الفرات إلى حلب ودمشق وسيطر عليهما وقد‬ ‫ً‬ ‫صغيرا فعزل‬ ‫استنجد أميرها وأهلها بـ صاحب مصر المنصور علي بن المعز‪ ،‬وكان‬ ‫وتولى السلطنة سيف الدين قطز المعزي ولقب بـ >الملك المظفر<‪ ،‬فأنفذ الجيوش‬ ‫المصرية إلى الشام بقيادة ركن الدين بيبرس البندقداري‪ ،‬فالتقوا هم وهوالكو في موقعة‬ ‫ُ‬ ‫عين جالوت في شهر رمضان سنة ‪658‬هـ‪1259/‬م فهزم المغول وقتل منهم مقتلة‬ ‫عظيمة‪ ،‬ثم سار ركن الدين بيبرس فدخل دمشق وحلب وطرد المغول من بالد الشام ـ‬ ‫ثم كان قتل الملك المظفر وتسلطن بيبرس على مصر ولقب بـ >الملك القاهر<‪.‬‬ ‫اخللفاء العباسني يف مصر‬ ‫ـ وقد بقيت األمة بال خليفة لمدة ثالث سنين ونصف ـ‬ ‫املستنصر باهلل أبو القاسم أمحد بن الظاهر بأمر اهلل أبي نصر حممد بن‬ ‫الناصر لدين اهلل أمحد ‪660-659‬هـ = ‪1261-1206‬م‬ ‫ً‬ ‫محبوسا ببغداد فلما دخل التتار بغداد هرب‪ ،‬ثم وفد إلى مصر فلما أثبت‬ ‫كان‬ ‫نفسه على يد قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت األعز بويع له بالخالفة بمصر‪ ،‬وأول‬ ‫من بايعه السلطان الملك الظاهر بيبرس ثم سار المستنصر إلى العراق فالتقى مع التتار‬ ‫عند هيت‪ ،‬فقيل قتل المستنصر وقيل هرب فولي بعده بسنة الحاكم بأمر اهلل أبو العباس‬ ‫أحمد‪ ،‬قال الذهبي‪> :‬ولم يل الخالفة أحد بعد ابن أخيه إال هذا والمقتفي<‪.‬‬ ‫احلاكم بأمر اهلل‪ :‬أبو العباس أمحد بن أبي علي احلسن بن أبي بكر بن احلسن‬ ‫بن علي ُ‬ ‫يب بن املسرتشد باهلل بن املستظهر باهلل ‪701-660‬هـ = ‪1301-1261‬م‬ ‫الق ّ‬ ‫كان قد بويع له بالخالفة لحلب‪ ،‬وتمكن من استرجاع الحديثة‪ ،‬وهيت‪ ،‬واألنبار‬ ‫من المغول‪ ،‬ثم استقر بمصر‪.‬‬ ‫‪266‬‬ ‫وفي خالفته توفي هوالكو ملك التتار وخلفه ابنه أبغا‪ ،‬وتوفي الملك الظاهر‬ ‫بدمشق وخلفه ابنه السعيد‪ ،‬والسلطان قالوون وخلفه ابنه الملك األشرف صالح الدين‬ ‫خليل‪ ،‬وأسر ملك النوبة ـ وأول معركة مع النوبة كانت في سنة ‪31‬هـ‪651/‬م بقيادة‬ ‫ً‬ ‫وأيضا فتح‬ ‫عبد اهلل بن سعد بن أبي السرح ـ ووضع الجزية وانتصر على التتار بالشام‪،‬‬ ‫طرابلس ـ كان فتحها من قبل معاوية ـ من أيدي الفرنجة‪ ،‬وقام ببناء جامع بالحسنية‪،‬‬ ‫وأسند التدريس بالمدرسة الظاهرية للتقي ابن رزين لتدريس الشافعية‪ ،‬وتدريس الحديث‬ ‫لشرف الدمياطي‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪701‬هـ‪1301/‬م توفي الحاكم ودفن بقرب السيدة نفيسة وهو أول من‬ ‫دفن منهم هناك‪.‬‬ ‫املستكفي باهلل‪ :‬أبو الربيع سليمان بن احلاكم بأمر اهلل ‪740-701‬هـ = ‪1339-1301‬م‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجالسا للعلماء واألدباء‪ ،‬وخطب له على منابر‬ ‫كان فاضاًل جوادا‪ ،‬حسن الخط‪،‬‬ ‫مصر والشام‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪702‬هـ‪1302/‬م التقى مع المغول في الشام فهزم التتار وقتل منهم مقتلة عظيمة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪704‬هـ‪1304/‬م رتبت الوظائف والدروس بجامع الحاكم وجعل‬ ‫القضاة األربعة مدرسي الفقه‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪708‬هـ‪1308/‬م بويع األمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير بالسلطنة‬ ‫ولقب >الملك المظفر< وقلده الخليفة‪ ،‬وألبسه الخلعة السوداء والعمامة المدورة ـ وكان‬ ‫السلطان الملك الناصر محمد بن قالوون قد كتب كتابًا بالكرك يتضمن عزل نفسه عن‬ ‫المملكة ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪709‬هـ‪1309/‬م أظهر ملك التتار الرفض في بالده‪ ،‬وأمر أن يذكر في‬ ‫الخطبة علي بن أبي طالب‪ ،‬وولديه‪ ،‬وأهل البيت وظل لغاية وفاته سنة ‪716‬هـ‪1316/‬م‪،‬‬ ‫وولي ابنه أبو سعيد فأقام السنة والترضي عن الخلفاء األربعة وكان من خير ملوك التتار‬ ‫ولغاية وفاته سنة ‪736‬هـ‪1335/‬م‪.‬‬ ‫‪267‬‬ ‫وفي سنة ‪728‬هـ‪1327/‬م‪ ،‬عمرت سقوف المسجد الحرام بمكة واألبواب‬ ‫وظاهره مما يلي باب بني شيبة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪733‬هـ‪1332/‬م‪ ،‬عمل السلطان للكعبة بابًا من األبنوس عليه صفائح‬ ‫ً‬ ‫فضة زنتها خمسة وثالثون ألفا وثالثمائة‪ ،‬وقلع الباب القديم فأخذه بنو شيبة بصفائحه‬ ‫وكان عليه اسم صاحب مصر‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪736‬هـ‪1335/‬م‪ ،‬وقع بين الخليفة والسلطان ما أدى إلى نفي الخليفة‬ ‫إلى قوص وحبسه لغاية وفاته سنة ‪737‬هـ‪1336/‬م ـ السبب في النفي راجع إلى ما كتبه‬ ‫الخليفة بأن يحضر السلطان بمجلس الشرع‪ ،‬فغضب السلطان من ذلك ـ‪.‬‬ ‫الواثق باهلل‪ :‬إبراهيم بن املستمسك باهلل أبي عبد اهلل حممد بن احلاكم‬ ‫بأمر اهلل أبي العباس أمحد (عزل سنة ‪742‬هـ‪1341/‬م)‬ ‫وكان جده الحاكم عهد إلى ابنه محمد فمات في خالفته فعهد إلى ابنه إبراهيم‬ ‫فمال إلى اللعب ومخالطة األرذال‪ ،‬فعزله وعهد إلى المستكفي بن الحاكم‪ ،‬ولما‬ ‫حضرت الوفاة السلطان الناصر محمد بن قالوون عزل الواثق باهلل ـ لما اتسم به إبراهيم‬ ‫سيرته ـ السيئة من اللعب بالحمام‪ ،‬وشرى الكباش للنطاح والديوك للنقار‪ ،‬وعاشر‬ ‫السفلة واألرذال ـ وبايع ولي العهد الحاكم بأمر اهلل أحمد في سنة ‪742‬هـ‪1341/‬م‪.‬‬ ‫احلاكم بأمر اهلل‪ :‬أبو العباس أمحد بن املستكفي (ت‪753‬هـ‪1352/‬م)‬ ‫كان أبوه لما مات بقوص عهد إليه بالخالفة فقدم السلطان الناصر محمد بن‬ ‫قالوون عليه الواثق باهلل إبراهيم ابن عمه‪ ،‬فلما حضرت الوفاة السلطان الناصر أوصى‬ ‫ِّ‬ ‫األمراء وولي عهده ابنه المنصور أبو بكر ِب َرد األمر إلى ولي عهد المستكفي ولده أحمد‪،‬‬ ‫فلما تسلطن الملك المنصور أبو بكر بن الناصر شهد في مجلس عقده المنصور أربعين‬ ‫عداًل أن الخليفة المستكفي أوصى بالخالفة من بعده لولده أحمد فخلع الواثق إبراهيم‬ ‫ُ‬ ‫وبايع أحمد وبايعه القضاة‪ ،‬ولقب >الحاكم بأمر اهلل< ـ لقب جده‪ ،‬وقيل كان أواًل لقب‬ ‫‪268‬‬ ‫ُ‬ ‫المستنصر ثم لقب الحاكم ـ فأحيا رسوم الخالفة وسلك مناهج آبائه‪ ،‬وجمع شمل بني‬ ‫أبيه‪ ،‬ورفع اسمه على المنابر‪ ،‬وصات له األمور إلى مصائرها‪ ،‬وضربت السكة باسمهما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وفي عهده خلع السلطان أبو بكر لشربه الخمور ونفي إلى قوص وقتل بها‪ ،‬وتولى‬ ‫السلطنة أخوه الملك األشرف كجك ثم خلع من عامه‪ ،‬وتسلطن أخوه أحمد ولقب بـ‬ ‫>الناصر< لغاية سنة ‪743‬هـ‪1342/‬م خلع الناصر أحمد‪ ،‬وولي أخوه إسماعيل‪ ،‬ولقب‬ ‫بـ >الصالح< لغاية وفاته سنة ‪746‬هـ‪1345/‬م‪ ،‬فتولى السلطنة أخوه شعبان‪ ،‬ولقب بـ‬ ‫>الكامل< لغاية قتله سنة ‪747‬هـ‪1346/‬م‪ ،‬فتسلطن أخوه أمير حاج‪ ،‬ولقب بـ >المظفر<‬ ‫لغاية خلعه سنة ‪748‬هـ‪1347/‬م‪ ،‬وولي أخوه حسن ولقب بـ >الناصر< لغاية خلعه سنة‬ ‫‪752‬هـ‪1351/‬م‪ ،‬وتسلطن أخوه صالح‪ ،‬ولقب بـ >الملك الصالح<‪ ،‬وهو أول من‬ ‫ُ‬ ‫س ّمي بمصر >األمير الكبير<‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪749‬هـ‪1348/‬م كان الطاعون‪ ،‬وتوفي الحاكم بأمر اهلل أحمد في سنة‬ ‫‪753‬هـ‪1352/‬م بالطاعون‪ ،‬وكان قد عهد بالخالفة من بعده ألخيه المعتضد باهلل‪.‬‬ ‫املعتضد باهلل‪ :‬أبو الفتح (أبو بكر) بن املستكفي (ت‪763‬هـ‪1361/‬م)‬ ‫ً‬ ‫متواضعا‪ً ،‬‬ ‫كان ً‬ ‫محبا ألهل العلم‪ ،‬وفي سنة ‪755‬هـ‪1354/‬م خلع الملك‬ ‫خيرا‪،‬‬ ‫الصالح‪ ،‬وأعيد الملك الناصر حسن إلى السلطنة لغاية قتله سنة ‪762‬هـ‪1363/‬م‪،‬‬ ‫وتسلطن محمد بن أخيه المظفر ولقب بـ >المنصور<‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪756‬هـ‪1355/‬م رسم بضرب نقود جدد على قدر الدينار ووزنه‪،‬‬ ‫وجعل كل (‪ً )24‬‬ ‫فلسا بدرهم‪ ،‬وفي عهده عهد باألمر من بعده البنه المتوكل على اهلل‬ ‫محمد‪.‬‬ ‫‪269‬‬ ‫املتوكل على اهلل‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن املعتضد‬ ‫(عزل سنة ‪779‬هـ‪1377/‬م وملدة خمسة عشر ً‬ ‫ُ‬ ‫يوما‪ ،‬ثم ُعزل سنة ‪785‬هـ‪1383/‬م‪،‬‬ ‫ثم أعيد سنة ‪788‬هـ‪1386/‬م ولغاية وفاته ‪808‬هـ‪1405/‬م)‪.‬‬ ‫ولي الخالفة سنة ‪763‬هـ‪1361/‬م وخلف ً‬ ‫كثيرا من األوالد‪ ،‬وولي الخالفة منهم‬ ‫خمسة‪ ،‬وال نظير لذلك والموجود من العباسين هم من ذرية المتوكل هذا‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪764‬هـ‪1362/‬م خلع المنصور محمد وولي السلطنة شعبان بن حسن‬ ‫بن الناصر محمد بن قالوون‪ ،‬ولقب األشرف وتسلطن لغاية قتله سنة ‪778‬هـ‪1376/‬م‪،‬‬ ‫وولي السلطنة ابنه علي ولقب >المنصور< وظل لغاية وفاته سنة ‪783‬هـ‪1381/‬م‪ ،‬فولي‬ ‫السلطنة أخوه حاجي بن األشرف ولقب >صالح< ولغاية خلعه سنة ‪784‬هـ‪1383/‬م‪،‬‬ ‫وولي برقوق ولقب >الظاهر< ـ وهو أول من تسلطن من الجراكسة ولغاية عزله وحبسه‬ ‫سنة ‪791‬هـ‪1388/‬م‪ ،‬فولي السلطنة الصالح حاجي بن األشرف ولقب >المنصور<‬ ‫ُ‬ ‫ولغاية سنة ‪792‬هـ‪1389/‬م ففيها أخرج من الحبس وتسلطن وظل لغاية وفاته سنة‬ ‫‪801‬هـ‪1398/‬م‪ ،‬فولي ابنه فرج‪ ،‬ولقب >الناصر< ولغاية خلعه سنة ‪808‬هـ‪1405/‬م‪،‬‬ ‫وولي أخوه عبد العزيز ولقب >المنصور< ثم خلع وأعيد الناصر فرج في نفس السنة‬ ‫ولغاية قتله في سنة ‪815‬هـ‪1412/‬م‪ ،‬وبويع الخليفة المستعين باهلل أبو الفضل العباسي‬ ‫بن المتوكل بالسلطنة مضافة للخالفة ـ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪779‬هـ‪1377/‬م نفي المتوكل إلى قوص وولي الخالفة بناءً على طلب‬ ‫أيبك البدري ـ أتابك العساكر ـ محمد زكريا بن إبراهيم المستمسك ولقب >المستعصم‬ ‫ُ‬ ‫باهلل< ولمدة خمسة عشر ً‬ ‫يوما ثم أعيد المتوكل على اهلل إلى الخالفة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪785‬هـ‪1383/‬م قبض السلطان برقوق على الخليفة المتوكل وخلعه‬ ‫وحبسه بقلعة الجبل وبويع بالخالفة عمر بن إبراهيم بن المستمسك بن الحاكم‪ ،‬ولقب‬ ‫>الواثق باهلل< وظل لغاية وفاته سنة ‪788‬هـ‪1386/‬م‪ ،‬فأخرج السلطان برقوق الخليفة‬ ‫المتوكل من الحبس‪ ،‬وأعاده إلى الخالفة ـ ولغاية وفاته ـ‪.‬‬ ‫‪270‬‬ ‫وفي سنة ‪791‬هـ‪1388/‬م أمر المحتسب نجم الدين الطنبذي المؤذنون عقب‬ ‫األذان بالصدح بالصالة والتسليم على النبي !‪.‬‬ ‫توفي المتوكل على اهلل سنة ‪808‬هـ‪1405/‬م وولي الخالفة المستعين باهلل أبو‬ ‫الفضل بن المتوكل في عهد السلطان الملك الناصر فرج‪.‬‬ ‫الواثق باهلل‪ :‬عمر بن إبراهيم بن املستمسك بن احلاكم (ت‪788‬هـ‪1386/‬م)‬ ‫بويع له بالخالفة سنة ‪785‬هـ‪1383/‬م بعد خلع وحبس المتوكل على اهلل وظل‬ ‫ُ‬ ‫لغاية وفاته سنة ‪788‬هـ‪1386/‬م‪ ،‬وأعيد المتوكل على اهلل‪.‬‬ ‫املستعصم باهلل‪ :‬حممد زكرياء بن إبراهيم بن املستمسك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫(عزل سنة ‪791‬هـ‪1388/‬م‪ ،‬وأعيد املتوكل)‬ ‫بويع له بالخالفة بعد عزل ونفي المتوكل على اهلل سنة ‪779‬هـ‪1377/‬م ولمدة‬ ‫ُ‬ ‫خمسة عشر ً‬ ‫يوما‪ ،‬وفي سنة ‪788‬هـ‪1385/‬م أعيد إلى الخالفة ـ بعد عزل ونفي المتوكل‬ ‫على اهلل ـ ولغاية عزله سنة ‪791‬هـ‪1388/‬م ـ وإعادة المتوكل إلى الخالفة ـ‪.‬‬ ‫مات المستعصم باهلل محمد زكرياء بن إبراهيم بن المستمسك مخلوعًا سنة‬ ‫‪808‬هـ‪1405/‬م‪.‬‬ ‫املستعني باهلل‪ :‬أبو الفضل العباس بن املتوكل ُ‬ ‫(عزل سنة ‪815‬هـ‪1412/‬م)‬ ‫ُ‬ ‫كان من أم ولد تركية اسمها باي خاتون‪ ،‬بويع له بالخالفة بعهد من أبيه المتوكل‬ ‫على اهلل سنة ‪808‬هـ‪1405/‬م في عهد السلطان الملك الناصر فرج‪ ،‬ثم جمع المستعين‬ ‫باهلل السلطنة مضافة للخالفة بعد هزيمة وقتل السلطان الملك الناصر فرج ـ عند لقائه‬ ‫مع شيخ المحمودي ـ‪ ،‬وضربت السكة باسمه‪ ،‬ثم فوض المستعين تدبير المملكة‬ ‫بالديار المصرية شيخ االصطبل لقب >نظام الملك<‪ ،‬ثم تغلب على السلطنة وتلقب بـ‬ ‫>المؤيد<‪ ،‬وخلع ونفى وحبس المستعين باهلل بالقلعة‪ ،‬وولي الخالفة داود بن المتوكل‬ ‫‪271‬‬ ‫ولقب >المعتضد باهلل< سنة ‪815‬هـ‪1412/‬م‪ ،‬وفي السنة التي قبلها أرسل غياث الدين‬ ‫أعظم شاه بن إسكندر شاه ملك الهند يطلب التقليد من الخليفة‪ ،‬وأرسل إليه مااًل‪،‬‬ ‫وللسلطان هدية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪815‬هـ‪1412/‬م لما قتل السلطان الملك الناصر فرج تسلطن المؤيد‬ ‫ولقب >نظام الملك< وسكن القلعة ولغاية وفاته سنة ‪824‬هـ‪1421/‬م‪ ،‬وولي السلطنة‬ ‫ُ‬ ‫ابنه أحمد ولقب >المظفر< ثم عزل من قبل ططر الذي تولى السلطنة ولقب >الظاهر<‬ ‫ُ‬ ‫ولغاية وفاته في نفس السنة‪ ،‬فتولى ابنه محمد ولقب >الصالح< ثم خلع من قبل برسباي‬ ‫في سنة ‪825‬هـ‪1421/‬م‪ ،‬وتولى برسباي السلطنة ولغاية وفاته سنة ‪841‬هـ‪1437/‬م‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فتولى ابنه يوسف ولقب >العزيز<‪ ،‬وفي العام التالي خلع من قبل جقمق الذي ولي‬ ‫ُ‬ ‫السلطنة من قبل الخليفة ولقب >الظاهر< ولغاية وفاته سنة ‪857‬هـ‪1453/‬م في خالفة‬ ‫ً‬ ‫شهرا ونصفا‪ ،‬ثم عُزل وولي‬ ‫القائم بأمر اهلل‪ ،‬فولي ابنه عثمان ولقب >المنصور< لمدة‬ ‫>إينال< سنة ‪865‬هـ‪1460/‬م في خالفة المستنجد باهلل‪ ،‬وولي ابنه أحمد ولقب >المؤيد<‬ ‫وعُزل في عامه وولي خشقدم ولقب >الظاهر< ولغاية وفاته سنة ‪872‬هـ‪1467/‬م‪ ،‬فولي‬ ‫بلباي ولقب >الظاهر< لمدة شهرين‪ ،‬ثم ولي تمربغا ولقب >الظاهر< لنفس مدة ما سبقه‪،‬‬ ‫ثم ولي قايتباي ولقب >األشرف< فاستقر له الملك‪.‬‬ ‫املعتضد باهلل‪ :‬أبو الفتح داود بن املتوكل (ت‪825‬هـ‪1421/‬م)‬ ‫ُ‬ ‫كان من أم ولد تركية اسمها كزل‪ ،‬بويع له بالخالفة بعد خلع أخيه المستعين‬ ‫باهلل سنة ‪815‬هـ‪1412/‬م‪ ،‬وكان المعتضد باهلل من سروات الخلفاء‪ ،‬نبياًل‪ ،‬فطنًا‪،‬‬ ‫يجالس العلماء والفضالء‪ ،‬وفي خالفته جمع بين القضاء والحسبة لصدر الدين اآلدمي‪،‬‬ ‫وفي سنة ‪822‬هـ‪1419/‬م اكتمل بناء المدرسة المؤيدة‪ ،‬وجعل شيخها الشمس ابن‬ ‫المديري‪.‬‬ ‫توفي المعتضد باهلل سنة ‪845‬هـ‪1441/‬م‪ ،‬بعد أن عهد بالخالفة إلى ابن أخيه‬ ‫المستكفي باهلل‪.‬‬ ‫‪272‬‬ ‫املستكفي باهلل‪ :‬أبو الربيع سليمان بن املتوكل (ت‪854‬هـ‪1450/‬م)‬ ‫ً‬ ‫كان من صلحاء الخلفاء دينًا عابدا‪ ،‬كثير العبادات‪ ،‬حسن السيرة‪ ،‬وما وجد على‬ ‫ظهر األرض خليفة بعد آل عمر بن عبد العزيز أعبد من آل بيت هذا الخليفة‪ ،‬مات سنة‬ ‫‪854‬هـ‪1450/‬م‪.‬‬ ‫القائم بأمر اهلل‪ :‬أبو البقاء محزة بن املتوكل‬ ‫ُ‬ ‫(عزل سنة ‪859‬هـ‪1454/‬م) ـ (ت‪863‬هـ‪1458/‬م)‬ ‫ً‬ ‫شهما‪ ،‬أقام أبهة الخالفة قلياًل‪ ،‬ولي الخالفة سنة‬ ‫ولي الخالفة بعد أخيه‪ ،‬وكان‬ ‫‪854‬هـ‪1450/‬م ولغاية خلعه وحبسه من قبل السلطان الملك األشرف المنصور سنة‬ ‫‪859‬هـ‪1454/‬م ـ وحبس باإلسكندرية لغاية وفاته سنة ‪863‬هـ‪1458/‬م ـ وتولى‬ ‫الخالفة المستنجد باهلل‪.‬‬ ‫املستنجد باهلل‪ :‬أبو احملاسن يوسف بن املتوكل على اهلل (ت‪884‬هـ‪1497/‬م)‬ ‫ولي الخالفة بعد خلع أخيه سنة ‪859‬هـ‪1454/‬م وظل في الخالفة لغاية مرضه‬ ‫بالفالج في سنة ‪882‬هـ‪1476/‬م فعهد بالخالفة إلى ابن أخيه المتوكل على اهلل وزوجه‬ ‫ابنته‪ ،‬ولغاية وفاة المستنجد سنة ‪884‬هـ‪1497/‬م‪ ،‬بويع له بالخالفة‪.‬‬ ‫املتوكل على اهلل‪ :‬أبو العز عبد العزيز بن يعقوب بن املتوكل على اهلل‬ ‫(ت‪903‬هـ‪1479/‬م)‬ ‫ُ‬ ‫كان من أم بنت جندى اسمها حاج ملك‪ ،‬ونشأ محبوبًا بالخاصة والعامة‪ ،‬مع‬ ‫تواضع وبشاشة‪ ،‬وفي نفس السنة التي تولى فيها المتوكل‪ ،‬حج السلطان الملك قايتباي‪،‬‬ ‫فزار المدينة‪ ،‬ثم قدم مكة‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪886‬هـ‪1471/‬م أصابت صاعقة مؤذنة المسجد النبوي فأحرقتها‬ ‫‪273‬‬ ‫وأحرقت سقوف المسجد النبوي وما فيه من خزائن وكتب‪ ،‬وفي سنة ‪903‬هـ‪1497/‬م‬ ‫توفي المتوكل على اهلل وعهد بالخالفة البنه يعقوب ولقبه المستمسك باهلل‪.‬‬ ‫املستمسك باهلل‪ :‬يعقوب بن املتوكل على اهلل‬ ‫ولي الخالفة بعهد من والده في سنة ‪903‬هـ‪1497/‬م‪.‬‬ ‫الدولة السلجوقية وأتابكياتها‪ ،‬سالطني السالجقة ‪656-447‬هـ = ‪1258-1055‬م‬ ‫موطنهم‪ :‬المشرق من سهوب تركستان في أواسط آسيا ـ بالد ما وراء النهر ـ بدأ‬ ‫ظهورهم بعد دحرهم البيزنطيين وطردهم من آسيا الصغرى بعد معركة مالز كرد سنة‬ ‫‪463‬هـ‪1071/‬م‪.‬‬ ‫تسميتهم بالسالجقة‪ :‬نسبة إلى قائدهم الذي وحدهم َسلجوق بن تقاق ـ القوس‬ ‫الجديد ـ ولما توفي َسلجوق خلفه ابنه ميكائيل ـ وله من األبناء بيغو‪ ،‬وطغرل بك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وشغري بك داود وطغرلبك (طغرل بك) بن ميكائيل‪455-447 :‬هـ = ‪1063-1055‬مـ‬ ‫تمكن طغرلبك من التقدم واالستيالء على مرو ـ حاضرة خراسان ـ وبلخ وخوارزم في‬ ‫سنة ‪429‬هـ‪1037/‬م‪ ،‬ونيسابور في سنة ‪432‬هـ‪1040/‬م‪ ،‬وجرجان وطبرستان وأقاليم‬ ‫الجبال الديلم وكرمان والدينور سنة ‪433‬هـ‪1041/‬م‪ ،‬وفي السنة التي بعدها على‬ ‫خوارزم‪ ،‬وهمذان‪ ،‬وفي سنة ‪438‬هـ‪1046/‬م أصفهان‪ ،‬وقد حرصوا خالل زحفهم‬ ‫إظهار تمسكهم بمذهب أهل السنة ومحاربتهم للمذهب الشيعي ـ ثم استطاع طغرل بك‬ ‫من االنتصار على أخيه إبراهيم ينال ودان الناس كلهم لطغرل بك وتراسل مع الخليفة‬ ‫العباسي القائم وأرسل طغرل بك إلى القائم رسواًل محماًل بـ عشرة آالف دينار وأنواع‬ ‫نفيسة من الجواهر والثياب والطيب‪ ،‬فاستقبل استقبااًل حافاًل وأمر أن يخطب باسم‬ ‫طغرل بك في مساجد بغداد ثم أرسل طغرل بك رسواًل يستأذن الخليفة في دخول بغداد‬ ‫ً‬ ‫فأذن له وخلع عليه سبع خلع سود وعمم بعمامة مذهبة‪ ،‬وقلد سيفا محلى بالذهب ثم‬ ‫ً‬ ‫سيفا آخر ـ أي أنه تقلد والية الدولتين ـ‪.‬‬ ‫‪274‬‬ ‫وفي سنة ‪447‬هـ‪1055/‬م ـ أول سالطين السالجقة طغرل بك ‪455 -447‬هـ‬ ‫=‪1072-1055‬م ـ استنجد الخليفة القائم بزعيم األتراك السالجقة طغرل بك للقضاء‬ ‫على بني بويه‪ ،‬ولما دخل طغرل بك بغداد سقطت الدولة البويهية وقامت الدولة‬ ‫ٌ‬ ‫السلجوقية وهذا السقوط كان له رد عنيف في الدولة الفاطمية التي شجعت على ثورة‬ ‫البساسيري ـ انظر الخليفة القائم ـ ولكن طغرل بك استطاع إخماد ثورة أخيه إبراهيم‬ ‫ً‬ ‫وأيضا هزيمة وقتل وصلب البساسيري‪ ،‬ثم تزوج من ابنة الخليفة القائم ولكنه ما‬ ‫ينال‪،‬‬ ‫لبث أن توفي في رمضان سنة ‪455‬هـ‪1063/‬م ـ وكان وزيره الشاعر الكندري المعروف‬ ‫بعميد الملك وكان قد ساعد سليمان بن داود على عرش السلطنة بعد وفاة طغرل بك‬ ‫ولكن لم يستتب له الحكم لثورة ألب أرسالن عليه بمساعدة الوزير نظام الملك وتولية‬ ‫ألب أرسالن السلطنة فأمر باعتقال الوزير الكندري ً‬ ‫نحوا من سنة ثم قتله ـ وخلفه ابن‬ ‫أخيه‪.‬‬ ‫عضد الدين ألب أرسالن ‪465-455‬هـ‪1072-1063/‬م‬ ‫صاحب خراسان وكان السلطان طغرل بك قد عهد باألمر من بعده لسليمان داود‬ ‫الذي جلس على الحكم فثار عليه أخاه ألب أرسالن وعمه قتلمش‪ ،‬فهزم سليمان وتولى‬ ‫ألب أرسالن حكم السلطنة ـ ولي الحكم بعد وفاة عمه طغرل بك‪ ،‬فحارب الشيعة‬ ‫ففي سنة ‪463‬هـ‪1070/‬م سار السلطان ألب أرسالن إلى حلب وشمال الشام وأميرها‬ ‫محمود بن صالح بن مرداس وكان يدين بالمذهب الشيعي فأذعن له محمود وطلب‬ ‫أن تقام الخطبة ولبس السواد وخطبوا للقائم وللسلطان ألب أرسالن وأرسل الخليفة‬ ‫لمحمود الخلع مع نقيب النقباء طراد بن محمد الزينبي ـ هو أبو القاسم علي ـ ثم وصل‬ ‫السلطان ألب أرسالن إلى حلب وطلب أن يحضر محمود بين يديه‪ ،‬فامتنع‪ ،‬فحاصرها‬ ‫وغلت األسعار وعظم القتال فخرج محمود لياًل ومعه والدته منيعة بن وثاب النميري‬ ‫فدخال على السلطان وقالت له‪ :‬هذا ولدي فافعل به ما تحب فتلقاهما بالجميل وخلع‬ ‫على محمود‪ ،‬وأعاده إلى بالده‪ ،‬فأنفذ السلطان ألب أرسالن مااًل جزياًل‪.‬‬ ‫‪275‬‬ ‫كذلك أرسل السلطان ألب أرسالن إلى جنوب الشام (فلسطين) وكانت تحت‬ ‫أميرا ً‬ ‫سيطرة الفاطميين ً‬ ‫تركيا يدعى أتسز بن أوق الخوارزمي ففتح الرملة وبيت المقدس‬ ‫وما جاورها ما عدا عسقالن‪ ،‬ثم قصد دمشق فحاصرها ولم يستطع دخولها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وكان قد استهل حكمه بإعادة نفوذه على طخارستان‪ ،‬وختالن‪ ،‬وهراة‪،‬‬ ‫وصغانيان‪َ ،‬‬ ‫وجند‪ ،‬وقمع الثورات التي قامت في فارس وكرمان‪ ،‬كما أنه قد أقطع‬ ‫مازندران لألمير إيتاخ بيغو وبلخ أخاه سليمان بن داود‪ ،‬وخوارزم أخاه أرسالن أرغون‪،‬‬ ‫ومرو ابنه أرسالن‪ ،‬وصغانيان وطخارستان أخاه إلياس‪ ،‬وبغشور وما جاورها مسعود‬ ‫بن أرتاش‪.‬‬ ‫معركة مالز كرد (مزن كرد‪ ،‬مالز جرد)‪ :‬في غربي آسيا الصغرى سنة ‪463‬هـ‪/‬‬ ‫‪1071‬م‪ ،‬وسببها‪ :‬مسير اإلمبراطور رومانوس ديوجينيس (ديوجينيس رومانوس) في‬ ‫نحو مائتي ألف مقاتل من الروم والروس والفرنج واألرمن والغز‪ ،‬والخزر وغيرهم حتى‬ ‫بلغ مابده‪ ،‬ثم واصل تقدمه حتى بلغ مدينة مالز كرد من أعمال خيالط على الفرات‬ ‫األعلى شمالي بحيرة فان عند أرمينيا‪ ،‬ثم تقدم قد بلغ أذربيجان فتقدم ألب نحوها وفي‬ ‫نفس الوقت يطلب المهادنة ً‬ ‫كسبا للوقت ريثما تصل إليه االمدادات فرفض اإلمبراطور‪،‬‬ ‫فتقاتال في معركة مالز كرد بالقرب من أخالط‪ ،‬فانهزم الروم وقتل منهم ما ال يحصى‪،‬‬ ‫وأسر ملك الروم رومانوس أسره مجاهد مسلم ولم يعرفه وأراد قتله فقال له خادم مع‬ ‫الملك‪ :‬ال تقتله فإنه الملك وسيق إلى السلطان ألب أرسالن‪ ،‬فعفا عنه وافتدى نفسه‬ ‫بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار‪ ،‬وأن يطلق كل أسير في بالد الروم‪ ،‬وتعهد أن‬ ‫يرسل إلى ألب أرسالن عساكر الروم في أي وقت طلبها‪ ،‬وأن تعقد الهدنة لمدة خمسين‬ ‫سنة‪ ،‬فأكرمه بعد عقد الصلح‪ ،‬فأرسل إليه عشرة آالف دينار يتجهز بها وأطلق له جماعة‬ ‫من البطارقة‪ ،‬ومن أمرائه وقواده وشيعه السلطان بنفسه‪.‬‬ ‫ومن نتائج موقعة مالز كرد أو منز كرد سنة ‪463‬هـ‪1071/‬م مهدت الطريق أمام‬ ‫جيوش المسلمين للتوغل في آسيا الصغرى واقتطاع هذه األقاليم اآلسيوية من ممتلكات‬ ‫الدولة البيزنطية ألول مرة ووجه ابن عمه سليمان قطلمش استوطنها برجاله وأقام هناك‬ ‫‪276‬‬ ‫دولة سالجقة الروم نسبة إلى بالد الروم التي قامت فيها وهي من أطول الدويالت‬ ‫ً‬ ‫السلجوقية ً‬ ‫عمرا إذ ظلت قائمة إلى أن يقضي عليها األتراك العثمانيون في آواخر القرن‬ ‫‪14‬م‪.‬‬ ‫كانت وقعة مالز كرد من أهم األسباب التي أدت إلى قيام الحروب الصليبية سنة‬ ‫‪490‬هـ‪1096/‬م‪.‬‬ ‫وفي أوائل سنة ‪465‬هـ‪1072/‬م‪ ،‬اتجه ألب أرسالن بجيش كبير نحو بالد ما‬ ‫ً‬ ‫وراء النهر لغزو بالد التركستان وما جاورها إلى الصين‪ ،‬فعبر نهر جيحون فاتحا لكل‬ ‫ما يواجهه من مدن لغاية أن وقفت في تقدمه قلعة أميرها يوسف الخوارزمي (التزرمي‪،‬‬ ‫البرزمي)‪ ،‬فلما تمكن من يوسف أمر بتعذيبه وشد أطرافه باألوتاد ولما قال يوسف‪:‬‬ ‫>أمثلي يقتل هذه القتلة< أخذ ألب قوسه وأمر بحل قيود يوسف ورماه بسهم فأخطأه فنزل‬ ‫عن كرسيه فوقع على وجهه‪ ،‬فوثب عليه يوسف وضربه بسكين في خاصرته فجرح ألب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جرحا بليغا‪ ،‬وقتل يوسف بمرزبه‪ ،‬وحمل ألب إلى خيمته‪ ،‬ولما أيقن بالوفاة أوصى‬ ‫بوالية العهد من بعده البنه ملك شاه‪ ،‬وتوفي ألب وحمل جثمانه إلى مرو حيث دفن‬ ‫بجوار والده‪.‬‬ ‫وفي عهد ألب أرسالن ظهر الوزير نظام الملك الطوسي الذي اشتهر بحكمته‬ ‫ً‬ ‫وشهورا‪،‬‬ ‫وحزمه ـ بعد قتل الوزير الكندري الذي وزر لطغرل بك لمدة ‪ 8‬سنوات‬ ‫والشاعر عمر الخيام‪ ،‬وتم في عهده بناء المدرسة النظامية ببغداد‪ ،‬واتصف بالعدل‬ ‫وحسن السمعة والمحافظة على العهود والتصدق على الفقراء وشمل ديوانه على أسماء‬ ‫كثير من الناس كانوا ينعمون ببذل األموال عليهم‪ ،‬وكان يوصي جنده في حروبه بعدم‬ ‫أخذ األموال ولما ترامى إليه أن أحد خواص مماليكه سلب إزاره‪ ،‬فأمر به فصلب‪،‬‬ ‫وحفل عهده بالتحف الجميلة مثل الصينية الفضية‪ ،‬ولما توفى ألب أرسالن خلفه في‬ ‫الحكم ابنه ملك شاه‪.‬‬ ‫ملك شاه جالل الدين أبو الفتح‪485-465( :‬هـ‪1092-1072/‬م)‪ ،‬وسار على‬ ‫سياسته في محاربة النفوذ الفاطمي الشيعي في الشام‪ ،‬واستطاع قائده أتسز أن يستولي‬ ‫‪277‬‬ ‫على دمشق بعد عدة محاوالت سنة ‪468‬هـ‪1075/‬م‪ ،‬وعلى حلب وحمص وغيرها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫امتدادا من الرها إلى بالد الشام‪ ،‬ثم عين ملك شاه أخاه تتش بن ألب أرسالن ملكا على‬ ‫بالد الشام ـ كما استرد الخليفة نفوذه على مكة من الخليفة المستنصر الفاطمي ـ وبذلك‬ ‫قامت في دمشق دولة سالجقة الشام التي منعت تقدم الفاطميين نحو الشام ولقد بلغت‬ ‫ً‬ ‫في عهده أقصى اتساعها إذ امتدت جذورها من أفغانستان شرقا إلى آسيا الصغرى غربًا‬ ‫وإلى فلسطين جنوبًا ويرجع ذلك إلى وزيره أبي الحسن بن علي قوام الدين نظام الملك‬ ‫ً‬ ‫وأيضا بدوره الفعال في إخماد ثورة قاروت عم ملك شاه بكرمان ـ الذي اتخذ‬ ‫الطوسي ـ‬ ‫لقب أتابك ومعناه األمير الوالد (أو مربي األمير)‪.‬‬ ‫وقد توطدت العالقات بين السلطان ملك شاه والخالفة العباسية‪ ،‬فقد بعث‬ ‫ملك شاه إلى الخليفة المقتدي باهلل أنواع نفيسة من الجواهر والتحف والطيب ولم يكتف‬ ‫بما قدمه بل سار للقاء الخليفة ببغداد في سنة ‪479‬هـ‪1087/‬م‪ ،‬فلما مثل بين يدي‬ ‫الخليفة خلع عليه سبع خلع سود وعمم بعمامة مذهبة وفوض المقتدي إلى ملك شاه‬ ‫أمر البالد والعباد وخلع على الوزير نظام الملك‪ ،‬وقد توطدت العالقات بين ملك شاه‬ ‫والخليفة بزواج المقتدي ـ ومن بعده الخليفة المستظهر ـ من ابنة ملك شاه‪ ،‬وكان آخر‬ ‫زيارته لبغداد قبل وفاة ملك شاه بسنة‪.‬‬ ‫وقد استهل حكمه بالتصدي لالضطرابات في أنحاء سلطنته فقد سيطر ألتكين والي‬ ‫سمرقند على ترمذ وهزم جيوش أيار أخي ملك شاه‪ ،‬كما عمد الغزنويين بقيادة إبراهيم‬ ‫من أسر عثمان عم ملك شاه ونقله مع خزانة إلى العاصمة غزنة‪ ،‬ومن أخطر الثورات‬ ‫ً‬ ‫مطالبا بالسلطنة‪ ،‬فسار‬ ‫ثورة قاروت عم السلطان ملك شاه بكرمان الذي تقدم إلى الري‬ ‫إليه ملك شاه والتقاه على مقربة من همذان فهزمه وأسره وقتله وسمل عيون ابنيه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكان يلقب بالسلطان العادل إذ كان يجلس للمظالم بنفسه كما كان بابه مفتوحا‬ ‫لكل شخص من أفراد رعيته وكانت طرق القوافل آمنة من بالد ما وراء النهر إلى أقصى‬ ‫بالد الشام إلى مكة وعمد إلى حفر اآلبار في طريق الحاج إلى مكة‪ ،‬وبنى منارة في‬ ‫طريق مكة‪ ،‬وأسقط الضرائب عن الحجاج وحفر الترع وأقام الجسور وحصن المدن‬ ‫‪278‬‬ ‫الحدودية وشحنها بالمال والسالح وإليه تنسب المدارس النظامية ببغداد ونيسابور‬ ‫والموصل‪ ،‬وهراة‪ ،‬ومرو‪ ،‬كما أسس المدرسة الحنفية ببغداد‪ ،‬أسس ً‬ ‫أيضا المرصد‬ ‫الفلكي وعين فيه جماعة من أعيان المنجمين منهم‪ :‬عمر بن إبراهيم الخيام‪ ،‬وميمون‬ ‫ً‬ ‫جمعا من المنجمين وعمدوا إلى‬ ‫النجيب الواسطي‪ ،‬واالسفزاري‪ ،‬وفي عهده جمع‬ ‫ً‬ ‫تثبيت تاريخ النوروز (نيروز) ـ وسموه بالنوروز السلطاني نسبة إلى تثبيت تاريخ النوروز‬ ‫ـ ومعناه اليوم الجديد أي بداية السنة عند الفرس (رأس السنة الفارسية) في موعد محدد‬ ‫من كل سنة فجمع لجنة من علماء المنجمين أي الفلكيين في سنة ‪467‬هـ‪1074/‬م‪،‬‬ ‫واستقر رأي اللجنة على تعيين رأس السنة الشمسية (النوروز) في أول نقطة من دخول‬ ‫الشمس برج الحمل بعد أن كان يقع عند توسط الشمس برج الحوت وال يزال إلى اليوم‬ ‫في نفس الموعد عند اإليرانيين وهو موعد يتناسب مع تاريخ جمع الخراج وموعد‬ ‫الحصاد في كل سنة‪ ،‬وقد بذلت محاوالت سابقة في عهد المتوكل والمعتضدي‪.‬‬ ‫برز في سلطان ملك شاه الوزير نظام الملك الطوسي له كتاب سياسة نامة‪ ،‬والشاعر‬ ‫عمر الخيام ساهم في إصالح التقويم السنوي الفارسي النوروز‪ ،‬وله عدة مؤلفات علمية‬ ‫كتاب >نوروز نامة<‪ ،‬مشكالت الحساب‪ ،‬الرباعيات التي نقلت إلى العربية‪.‬‬ ‫والثائر اإلسماعيلي الحسن الصباح (ت‪518‬هـ‪1124/‬م) الذي اعتنق تعاليم‬ ‫اإلسماعيلية واتجه الخليفة المستنصر الفاطمي سنة ‪465‬هـ‪1072/‬م ثم عاد إلى إيران‬ ‫وتحصن في قلعة الموت بجوار بحر قزوين وهناك دعا للخليفة المستنصر الفاطمي‪ ،‬ثم‬ ‫دعا لولده نزار عُرف أنصاره باإلسماعيلية النزارية ومنهم فئة الحشيشة أو الحشاشين أو‬ ‫الفداوية‪ ،‬وفتح السلطان ملك شاه بخارى وسمرقند ومدن بالد ما وراء النهر حتى بلغ‬ ‫كاشغر وأخذ الجزية منهما‪ ،‬كما ضم اليمن إلى نفوذه‪.‬‬ ‫فإن السلطان ملك شاه مات في سنة ‪485‬هـ‪1092/‬م بعد وزيره نظام الملك ـ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أبو الحسن علي بن إسحاق‪ ،‬وقد كان ً‬ ‫حليما وتنسب إليه المدارس النظامية‬ ‫عالما جوادا‬ ‫في البالد‪ ،‬وأول وزارة توالها في عهد السلطان ألب أرسالن وفي عهد عمه طغرل بك‬ ‫وفي عهد ملك شاه ـ بشهر‪ ،‬وقيل إن السلطان هو الذي دبر مقتل وزيره‪ ،‬وقيل بل قتله‬ ‫‪279‬‬ ‫الحسن الصباح‪ ،‬وقيل بل الغطرسة من حفيد الوزير نظام الملك هو عثمان بن جمال‬ ‫الدين والي مرو‪ ،‬وقيل إن تركان خاتون زوجة السلطان كانت تطمع في تولية ابنها محمود‬ ‫العهد‪ ،‬وكان يعارضها الوزير نظام الملك بخالف من تولى الوزارة بعده أبو الغنائم تاج‬ ‫المك‪ ،‬وبعد وفاته ـ أي ملك شاه وكان قد خلف أربع أبناءهم بركياروق‪ ،‬ومحمد‪،‬‬ ‫ومحمود‪ ،‬وسنجر ـ ولي بركياروق بعد مرض ووفاة السلطان محمود ـ تولى محمود‬ ‫السلطنة سنة ‪487-485‬هـ‪ -1092/‬م‪ ،‬وعمره أربع سنوات‪ ،‬وعملت والدته تركان‬ ‫خاتون إلى إخفاء نبأ وفاة ملك شاه وأرسلت إلى األمراء ً‬ ‫سرا تطلب إليهم البيعة البنها‬ ‫محمود فبايعوه كما أرسلت إلى الخليفة المقتدي تطلب تفويض ابنها‪ ،‬فامتنع في البداية‬ ‫ثم لبى طلبها فذكر اسم السلطان محمود في الخطبة على منابر بغداد ومكة والمدينة وقد‬ ‫تحقق لها البيعة البنها بمساندة بالوزير تاج الملك وأمرت بالقبض على ملك شاه وحبسه‬ ‫ولكنه استطاع الفرار بمساعدة أحد أبناء الوزير نظام الملك وسار إلى الري ثم جرت‬ ‫معارك بين األخوين وحلت الهزيمة بجند محمود وأصيب محمود بالجدري ومات‬ ‫خالل أسبوع ـ فطمع في السلطنة عمه تتش الذي سار إلى أذربيجان لمحاربة السلطان‬ ‫بركياروق فلما تقاربا انسحب أقسنقر مع بعض األمراء وانضموا إلى السلطان بركياروق‬ ‫فانسحب تتش إلى الشام‪ ،‬ثم عين السلطان أقسنقر على رأس جيش وأمره بالمسير إلى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حلب لمحاربة عمه تتش‪ ،‬والتقى الجيشان فانتصر تتش وأسر أقسنقر ثم قتل‪.‬‬ ‫السلطان بركياروق ‪498-487‬هـ = ‪1104-1094‬م‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪488‬هـ‪1095/‬م‪ ،‬التقى جيش السلطان بركياروق مع عمه تتش بقرب‬ ‫الري فهزم تتش وقتله أحد مماليكه واستتب األمر لبركياروق‪.‬‬ ‫كما استطاع من قتل عمه اآلخر أرسالن أرغون الذي سيطر على خراسان ولكنه‬ ‫قتل على يد أحد غلمانه فسيطر عليها بركياروق وعين أخاه سنجر ً‬ ‫واليا عليها سنة‬ ‫‪490‬هـ‪1096/‬م‪ ،‬كما ثار عليه محمد بن سليمان ابن عم ملك شاه في بلخ فسار إليه‬ ‫سنجر فهزمه وأسره‪.‬‬ ‫‪280‬‬ ‫وفي سنة ‪493‬هـ‪1099/‬م‪ ،‬ثار عليه أخوه محمد بمساندة مؤيد الملك بن الوزير‬ ‫نظام الملك الذي أثر على الخليفة المستظهر فأقر محمد على السلطنة ولقبه غياث الدنيا‬ ‫والدين‪ ،‬وخطب له على منابر بغداد وجرت بين محمد وأخيه بركياروق خمس معارك‬ ‫استمرت ً‬ ‫نحوا من خمس سنين انتهت بعقد الصلح على أن يكون بركياروق السلطان‬ ‫ُ‬ ‫محمد الملك‪ ،‬وأرسل الخليفة المستظهر الخلع السلطانية لبركياروق وخطب له على‬ ‫منابر بغداد سنة ‪497‬هـ‪1093/‬م‪ ،‬وقد دخل بركياروق بغداد ووزع أموااًل جزلة‪ ،‬وفي‬ ‫ً‬ ‫هذه الفترة بدأ الصليبيون حمالتهم على المدن اإلسالمية‪ ،‬كما سير بركياروق جيشا‬ ‫لقتال صاحب الحلة ـ وكان يسيطر على الحلة والبصرة وواسط ولقبه ملك العرب‬ ‫ً‬ ‫وسيف الدولة ـ صدقة بن مزيد الذي أعلن الثورة وقطع الخطبة للسلطان فأرسل جيشا‬ ‫هزمه‪ ،‬وفي نفس السنة ً‬ ‫أيضا أمر بركياروق بقتل الباطنية في فارس (اإلسماعيلية) وال‬ ‫مراء أن الحروب بين األخوين ومالزمته للشراب واإلدمان عليه قد انتهكت صحته فاعتل‬ ‫حتى اشتدت عليه ومات سنة ‪498‬هـ‪1094/‬م‪ ،‬وتولى األمر بعده ابنه ملك شاه الثاني‬ ‫وعمره حوالي خمس سنوات وخطب له على المنابر ولم يحكم سوى حوالي أشهر حتى‬ ‫عزل وتولى السلطنة محمد بن ملك شاه من ‪511-498‬هـ‪1117-1104/‬م وخلعه‬ ‫عليه الخليفة المستظهر الخلع السلطانية وخطب له على منابر بغداد ولقبه جالل الدولة‬ ‫ومن أهم أعماله‪ :‬إرسال الجيش إلى قتال الباطنية في أصبهان فقتل صاحبهم عبد الملك‬ ‫بن عطاش‪ ،‬وثورة ابن أخيه إياز الذي عمد إلى خلعه والتي انتهت باغتيال إياز‪ ،‬وثورة‬ ‫صدقة بن َمزيد صاحب الحلة الذي ساند األمير إياز واستولى على البصرة وتكريت‬ ‫ً‬ ‫وتقدم نحو بغداد فاستنجد المستظهر بالسلطان محمد فأرسل إليه جيشا هزمه صدقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ثم جيشا آخر تمكن من هزيمة صدقة وقتله في سنة ‪501‬هـ‪1107/‬م‪ ،‬وتميز السلطان‬ ‫محمد بن ملك شاه بحسن السيرة والشجاعة والبر بالفقراء واأليتام كما وصف بأنه‬ ‫رجل الملوك السلجوقية وفحلهم‪ ،‬مرض السلطان محمد ولى ابنه محمود والية العهد‬ ‫ومات بمدينة أصبهان سنة ‪511‬هـ‪1117/‬م‪ ،‬وتولى ابنه محمود بن محمد بن ملك شاه‬ ‫السلطنة ‪525-511‬هـ‪1131-1117/‬م‪ ،‬وخطب له بغداد سنة ‪512‬هـ‪1118/‬م‪،‬‬ ‫‪281‬‬ ‫وأهم األحداث في عهده ثورة أخوه طغرل صاحب ساوه وآوة وزنجان‪ ،‬وحارب عمه‬ ‫سنجر ـ الذي امتد سلطانه على بالد خراسان إلى العراق إلى بالد ما وراء النهر إلى‬ ‫ُ‬ ‫غزنة وخوارزم والترك ـ بالرغم من جهود األمراء في الصلح وجرى القتال بينهما وهزم‬ ‫السلطان محمود وراسل سنجر السلطان محمود في الصلح وتزوج السلطان محمود من‬ ‫ابنة سنجر ماء ـ ملك خاتون ـ وجعله ولي عهده‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪514‬هـ‪1120/‬م‪ ،‬ثار مسعود صاحب الموصل وأذربيجان على أخيه‬ ‫السلطان محمود فالتقى الجيشان تمكن محمود من النصر بمساعدة أقسنقر البرسقي‬ ‫وهرب مسعود كما جرت معارك بين القائد أقسنقر ودبيس بن صدقة بن مزيد صاحب‬ ‫ً‬ ‫وأيضا قتال الخليفة المسترشد لدبيس بن صدقة وهزمه‪ ،‬هذا النصر للمسترشد‬ ‫الحلة‪،‬‬ ‫قد أثار مخاوف السلطان محمود حول قوة الخليفة عزم السلطان على التوجه إلى بغداد‬ ‫على الرغم من نصح المسترشد له بإرجاء تقدمه ولكنه سار إلى بغداد فوقع بينهما‬ ‫ُ‬ ‫قتال هزم الخليفة ودخل محمود بغداد ثم عًقد الصلح بينهما واستعطف الخليفة وعفا‬ ‫السلطان عن أهل بغداد وأبى أن يحرقها ثم عاد إلى همذان‪ ،‬ثم عاد مرة ثانية إلى بغداد‬ ‫سنة ‪523‬هـ‪1128/‬م‪ ،‬وفي نفس السنة ثار دبيس بن صدقة على الخليفة والسلطان فسير‬ ‫ً‬ ‫إليه السلطان جيشا فهرب من البصرة واختفى‪ ،‬وفي عهده فتح قلعة الموت في فارس‬ ‫وقلعة بانياس في الشام كانتا من أمنع معاقل الباطنية‪ ،‬وحروبه ضد الصليبيين‪ ،‬وفي‬ ‫عهده أعلن أمراء مازندران العصيان؛ ألنه أساء معاملتهم وتحصنوا ببالدهم المنيعة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا استيالء أمراء السالجقة على الذهب‬ ‫وأيضا معاملة عامله بفارس فأعلن العصيان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كريما‬ ‫حكيما‬ ‫والفضة والجواهر والتحف من بيوت األموال‪ ،‬وكان السلطان محمود‬ ‫يسمع ما يكره وال يعاقب عليه‪ ،‬قليل الطمع في أموال الرعايا‪ ،‬واتصف بالذكاء الحاد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واإللمام بالعربية‪ ،‬حافظا لألشعار واألمثال عارفا بالتواريخ والسير شديد الميل إلى أهل‬ ‫العلم واتسم عهده بأمراء اشتطوا في فرض الضرائب الباهضة التي أثقلت كاهل الرعية‬ ‫فكرهوا حكم سالطنة السالجقة‪ ،‬مات السلطان محمود بهمذان سنة ‪525‬هـ‪1131/‬م‪،‬‬ ‫وخلفه في حكم السلطنة ابنه داود الذي حكم لمدة العامين حارب فيها عمه طغرل فهزم‬ ‫‪282‬‬ ‫داود وحارب عمه مسعود وانتهى بالصلح بينهما‪ ،‬ثم وقع قتال بين مسعود وجيش داود‬ ‫انتهت بانتصار مسعود ودخوله بغداد وأقيمت له الخطبة ولداود من بعده‪.‬‬ ‫السلطان مسعود بن حممد بن ملك شاه ‪547-527‬هـ = ‪1152-1132‬م‬ ‫ومن أهم األحداث في عهده القتال الذي دار بين الخليفة المسترشد وبين مسعود‬ ‫وأسر الخليفة وحبس بقلعة قرب همذان‪ ،‬فاشتد أهل بغداد ومنعوا الخطبة والصالة‬ ‫وتعرضت بغداد للزالزل حتى أن سنجر عميد البيت السلجوقي كتب إلى ابن أخيه‬ ‫مسعود أن يدخل على أمير المؤمنين ويقبل األرض ويسأله العفو‪ ،‬بل وأن يعيده إلى‬ ‫بغداد فنفذ مسعود ما أمر به سنجر ولكن جماعة من الباطنية ـ قيل أن مسعود هو الذي‬ ‫دسهم ـ هجموا على الخليفة وقتلوه ـ وولي الخالفة بعد المسترشد ابنه الراشد الذي‬ ‫أهان رسول السلطان مسعود‪ ،‬فسار إلى بغداد وحاصرها فهرب الخليفة إلى الموصل‬ ‫فدخل مسعود بغداد ونصب أبا عبد اهلل محمد المقتفي عم الراشد خليفة ببغداد ـ ثم‬ ‫أصيب السلطان مسعود بالحمى ومات بهمذان وتولى السلطنة بعده ابن أخيه ملك شاه‬ ‫بن محمود بن محمد الذي انصرف إلى اللهو وترك شئون الدولة إلى خاصبك بن بلنكري‬ ‫فلم يفلح في إدارة شئون الدولة فاستدعى أخاه محمد بن محمود وواله السلطنة وقد بدأ‬ ‫االنهيار للسالجقة بالثورة التي قامت على يد أتسز خوارزم شاه الذي استطاع السيطرة‬ ‫على مرو وسرخس ونيسابور وبيهق والثورة التي قام بها الغور بزعامة عالء الدين الذي‬ ‫سيطر على هراة وبلخ ثم وفاة سنجر سنة ‪552‬هـ‪1157/‬م‪ ،‬وهي سنة تفكك دولة‬ ‫السالجقة وانقسمت إلى دويالت وانتقل النفوذ والسلطان إلى مماليك من األتراك عرفت‬ ‫ُ‬ ‫بدول األتابكة وإلى جانب دول األتابكة قامت دول أخرى والها بعض السالجقة قوادهم‬ ‫ُ‬ ‫فأورثوها أبناءهم ويلقبون بلقب شاهات ومن هؤالء شاهات خوارزم وشاهات أرمينية‪.‬‬ ‫ومن دول األتابكة‪ :‬أتابكية دمشق‪ ،‬أتابكية أذربيجان‪ ،‬وأتابكية حلب‪ ،‬وأتابكية‬ ‫دانشمند‪ ،‬وأتابكية الموصل‪ ،‬وأتابكية سنجار‪ ،‬وأتابكية إربل‪ ،‬وأتابكية ديار بكر وماردين‬ ‫وميافارقين وحصن كيفا‪ ،‬وأتابكية الجزيرة‪ ،‬وأتابكية كرمان‪ ،‬ومن الشاهات‪ :‬شاهات‬ ‫ُ‬ ‫خوارزم‪ ،‬وشاهات أرمينية‪.‬‬ ‫‪283‬‬ ‫األتابكيات السلجوقية‪ :‬هم من المماليك األتراك الذين يجلبون من بالد القفجاق‬ ‫شمالي البحر األسود وتسند لهم الوظائف المتعددة فظهرت مواهبهم وسرعان ما أصبح‬ ‫هؤالء أصحاب النفوذ ويعملون لحسابهم الخاص ويتخذون ألنفسهم األلقاب ومنهم‬ ‫من وصل إلى الملك وأورثوها أبناؤهم من بعدهم ثم أطلق على هذه األسر أتابكة‪،‬‬ ‫ويجمعها صفة المملوكية واالتصال بالبيت السلجوقي والنظام االقطاعي‪ ،‬وبموت‬ ‫السلطان مسعود سنة ‪547‬هـ‪152/‬م انقسمت الدولة السلجوقية إلى دويالت تعرف‬ ‫بدول األتابكة المتعادية وظهور هذه الدويالت األتابكة مهد السترداد بعض الخلفاء‬ ‫العباسين بعض ما كان لهم من نفوذ وسهل للصليبيين لإلغارة على العالم اإلسالمي كما‬ ‫أتاح للمغول للتقدم واالستيالء على مدن ما وراء النهر وفارس ودخولهم للعاصمة بغداد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومن المماليك السالجقة الذين حكموا وصاروا ملوكا‪:‬‬ ‫‪1.1‬أتابكية دمشق (‪549-497‬هـ = ‪1154-1103‬م)‪ :‬ـ بيت زنكي ـ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مؤسسها طغتكين مملوك تتش بن ألب أرسالن ـ وكان تتش قد عينه على دمشق ـ‬ ‫الذي استأثر بالملك في دمشق وأقام أتابكية دمشق وتسمى الدولة (األسرة) البورية (بنو‬ ‫ٌ‬ ‫بوري)‪ ،‬ثم خلفه ولده دقاق وقد استمرت أسرة طغتكين في الحكم حتى آل حكمها‬ ‫إلى أسرة زنكي سنة (‪549‬هـ‪1154/‬م) المؤسس عماد الدين وابنه نور الدين زنكي‪،‬‬ ‫ثم انتقل هذا النفوذ إلى األيوبيين في عهد صالح الدين األيوبي ـ الدولة األيوبية ـ وبعد‬ ‫وفاته انتقل الحكم إلى أخيه العادل‪.‬‬ ‫‪2.2‬أتابكية أذربيجان (سقطت سنة ‪628‬هـ ‪1231/‬م)‪:‬‬ ‫مؤسسها شمس الدين إيلدجز مملوك تركي كان من المقربين للسلطان مسعود‬ ‫ُ‬ ‫السلجوقي وآخر منصب أسند له إقليم أران في شمالي أذربيجان‪ ،‬ثم أخذ يوسع نفوذه‬ ‫فشمل معظم بالد أذربيجان وبالد الجبل وهمذان وأصبهان والري وتفليس ومكران‪،‬‬ ‫وبعد وفاته خلفه ابنه محمد البهلوان جاهانـ وبعده أرسالن عثمان وخلفه أبو بكر مظفر‬ ‫الدين أوزبك ـ حتى أسقطها جالل الدين المنكبرتي من آخر أمرائها مظفر الدين أوزبك‬ ‫‪284‬‬ ‫البهلوان سنة ‪622‬هـ‪1227/‬م‪ ،‬ثم استولى المغول على هذه البالد سنة ‪628‬هـ‪1231/‬م‪.‬‬ ‫‪3.3‬أتابكية حلب (سورية) (‪577-541‬هـ = ‪1181-1146‬م)‪:‬‬ ‫مؤسسها نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي ـ وكان عماد الدين زنكي لما‬ ‫توفي سنة ‪541‬هـ‪1146/‬م انقسمت دولته (أمالكه) بين أبنائه نور الدين‪ ،‬وسيف الدين‬ ‫غازي‪ ،‬وعماد الدين ـ ومد نفوذه إلى دمشق سنة ‪549‬هـ‪1154/‬م بمساعدة أسد الدين‬ ‫شيركوه وابن أخيه صالح الدين األيوبي‪ ،‬وبعد وفاته تولى الصالح إسماعيل بن نور‬ ‫الدين محمود‪ ،‬ثم آلت والية حلب إلى صالح الدين‪ ،‬ثم إلى ابنه الظاهر من بعده‬ ‫وظلت تحت سيطرة األيوبيين لغاية استيالء هوالكو وفر الناصر صاحب حلب إلى الكرك‬ ‫حيث تحصن ضد التتار‪.‬‬ ‫‪4.4‬أتابكية (السالجقة) دانشمند‪:‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫شتكين بن تلودا دانشمند تولوا حكم‪ :‬كبادوكيا‪،‬‬ ‫مؤسسها محمد األول بن جم ِ‬ ‫وسيواس‪ ،‬وقيصرية‪َ ،‬‬ ‫وملطية‪ ،‬خلفه غازي بن جمشتكين‪ ،‬ثم محمد الثاني بن غازي‪،‬‬ ‫ثم ذو النون بن محمد الثاني وآخرهم إبراهيم بن محمد الثاني‪ ،‬وقد كان لهذه األتابكية‬ ‫ً‬ ‫وأخيرا اندمجت هذه األسرة مع سالجقة الروم‪.‬‬ ‫جهاد فعال في صد هجمات الصليبيين‬ ‫‪5.5‬أتابكية املوصل‪ ،‬وسنجار أقسنقر‪ ،‬دولة (بيت) زنكي‪ ،‬الزنكيون ‪-516‬‬ ‫‪660‬هـ = ‪1262-1122‬م)‪:‬‬ ‫أتابكية الموصل‪ :‬مؤسسها عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود‪ ،‬واستولى‬ ‫على حلب والرها‪ ،‬وخلفه بعد وفاته سيف الدين غازي األول ـ ولما توفي عماد الدين‬ ‫سار نور الدين محمود بن عماد الدين إلى الموصل وفرض سيطرته عليها ووالها ابن‬ ‫أخيه سيف الدين غازي األول (ت‪576‬هـ‪1180/‬م)‪ ،‬ولما توفي سيف الدين غازي‬ ‫خلفه قطب الدين مودود‪ ،‬ثم سيف الدين غازي الثاني‪ ،‬ولما توفي خلفه أخيه عز الدين‬ ‫مسعود األول‪ ،‬ثم نور الدين أرسالن شاه األول‪ ،‬وبعده عز الدين مسعود الثاني‪ ،‬ومن‬ ‫بعده نور الدين أرسالن شاه الثاني‪ ،‬ومن بعده ناصر الدين محمود‪ ،‬ثم بدر لؤلؤ ـ‬ ‫مملوك ووزير بيت زنكي في الموصل ـ‪ ،‬وخلفه إسماعيل بن لؤلؤ‪.‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪6.6‬أتابكية سنجار (‪617-566‬هـ = ‪1220-1170‬م)‪:‬‬ ‫أسس هذه األتابكية عماد الدين زنكي (الثالث) بن قطب الدين مودود صاحب‬ ‫الموصل‪ ،‬وكان قد أوصى بالملك من بعده البنه عماد الدين زنكي الثاني فولى سنجار‬ ‫وأعمالها واستمرت في أسرة زنكي إلى أن فرض األيوبيين سيطرتهم عليها في عهد‬ ‫الملك األشرف سنة ‪617‬هـ‪1231/‬م‪ ،‬ولغاية استيالء وتخريب المغول لها في سنة‬ ‫‪628‬هـ‪1231/‬م‪.‬‬ ‫وممن توالها‪ :‬عماد الدين زنكي‪ ،‬ثم خلفه قطب الدين محمد‪ ،‬ومن بعده عماد‬ ‫ً‬ ‫وأخيرا نور الدين محمود‪.‬‬ ‫الدين شاهنشاه‪،‬‬ ‫‪7.7‬أتابكية إربل (‪603-539‬هـ = ‪1232-1144‬م)‪:‬‬ ‫ـ إربل قلعة من أعمال الموصل ـ المؤسس هو زين الدين علي بن بكتكين (بكتجين)‬ ‫ـ أحد قواد األتراك للسلطان عماد الدين زنكي ً‬ ‫نائبا عنه في الموصل ثم ضم إربل ـ وبعد‬ ‫وفاته انتقل حكم إربل إلى االبن األكبر زين الدين يوسف بن علي بن بكتكين‪ ،‬وبعد وفاته‬ ‫فرض األيوبيون سيطرتهم عليها وعين صالح الدين األيوبي مظفر الدين كوكبرى بن علي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ذكورا فقد‬ ‫بن بكتكين ـ أخ يوسف بن علي ـ ولما توفي مظفر الدين ولم ينجب أوالدا‬ ‫أوصى بأن يكون حكم إربل إلى الخليفة العباسي ولغاية استيالء المغول عليها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪8.8‬أتابكية ديار بكر وماردين وميافارقني وحصن كيفا ـ بيت أرنق ـ (‪484‬هـ = ‪1091‬م)‪:‬‬ ‫المؤسس أرتق بن أكسب ـ قائد تركمان أحد مماليك السلطان ملك شاه ـ وقد‬ ‫حكم ُ‬ ‫سكمان وإيلغازي ابنا أرتق حكم ديار بكر إلى أن استولى عليها الفاطميون سنة‬ ‫‪489‬هـ‪1096/‬م‪ ،‬أما حصن كيفا من (‪811-502‬هـ = ‪1408-1108‬م) ـ بديار بكر‬ ‫وماردين فحكمها ُ‬ ‫سكمان بن أرتق من (‪629-495‬هـ = ‪1231-1101‬م)‪ ،‬وحارب‬ ‫الملكين بولدوين وجوكلين من الفرنجة‪ ،‬وانتصر عليهما فضم إليه صالح الدين‬ ‫األيوبي آمد إلى حكمه وظل في الحكم لغاية بسط السلطان الكامل األيوبي نفوذه سنة‬ ‫‪286‬‬ ‫‪629‬هـ‪1231/‬م‪ ،‬أما إيلغازي ـ االبن الثاني ألرتق بن أكسب المؤسس ـ فقد حكم‬ ‫ميافارقين وماردين وأبناؤه لغاية سنة ‪580‬هـ‪1184/‬م‪ ،‬وسقطت على يد المغول‪.‬‬ ‫‪9.9‬أتابكية اجلزيرة (‪648-576‬هـ = ‪1250-1180‬م)‪:‬‬ ‫المؤسس معز الدين سنجر شاه بن سيف الدين غازي بن عماد الدين زنكي ـ كان‬ ‫والده سيف الدين غازي قد واله الجزيرة وقالعها ـ‪ ،‬ولما توفي خلفه في الحكم معز‬ ‫الدين محمود بن سنجر‪ ،‬ثم مسعود ولغاية سيطرة صالح الدين األيوبي فتولى حكمها‬ ‫العادل وأوالده لغاية سقوطها بيد المغول‪.‬‬ ‫‪1010‬أتابكية فارس (الدولة السلغرية) (‪686-543‬هـ = ‪1287-1148‬م)‪:‬‬ ‫المؤسس مظفر الدين سنقر بن مودود ـ الذي استولى على فارس وأقام دولته ـ‬ ‫وممن توالها بعده بالترتيب كل من مظفر الدين زنكي بن مودود‪ ،‬وتكال بن زنكي‪،‬‬ ‫وطغرل بن سنقر‪ ،‬وسعد األول بن زنكي‪ ،‬وأبو بكر بن سعد‪ ،‬وسعد الثاني بن أبي بكر‪،‬‬ ‫ومحمد بن سعد األول‪ ،‬ومحمد شاه به بن سلغر شاه‪ ،‬وسلجوق شاه بن سلغر شاه‪،‬‬ ‫وأيش خاتون بنت سعد الثاني‪ ،‬ثم خضعت لحكم هوالكو المغولي‪.‬‬ ‫‪1111‬أتابكية (سالجقة) كرمان (‪703-619‬هـ = ‪1303-1222‬م)‪:‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫مؤسسها بُراك (بُران‪ ،‬براق) صاحب قطلغ خان‪ ،‬وقد قام خلفاؤه من بعده وهم‪:‬‬ ‫ركن الدين خوجة الحق‪ ،‬ثم قطب الدين محمد‪ ،‬ثم قطلغ خاتون ـ أرملة قطب الدين‬ ‫ً‬ ‫اسميا للمغول حيث أقر المغول األسرة على‬ ‫محمد ـ ثم ابنها حجاج ولغاية خضوعها‬ ‫الحكم مع الوالء أليلخانان المغول في فارس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1212‬شاهات (دولة) خوارزم (خورازميا) (‪628-470‬هـ = ‪1231-1077‬م)‪:‬‬ ‫وهم من أتراك بالد ما وراء النهر الذين وفدوا من خيوه وانتشروا بين نهري‬ ‫الكنج ودجلة ـ المؤسس أنوشتكين (نوشتكين) ـ كان يشغل وظيفة الساقي عند السلطان‬ ‫السلجوقي ملك شاه ـ وبعد وفاته خلفه في الحكم ابنه قطب الدين محمد (لقبه خوارزم‬ ‫شاه‪ ،‬أي ملك خوارزم)‪ ،‬وتولى بعده ابنه أتسز‪ ،‬ثم تولى الحكم كل من إيل أرسالن‬ ‫‪287‬‬ ‫ُ‬ ‫بن أتسز‪ ،‬وخلفه ابنه سلطان شاه محمود‪ ،‬ثم خرج عليه أخوه األكبر عالء الدين تكش‪،‬‬ ‫ولما توفي خلفه ابنه عالء الدين محمد ـ كان ينتحل المذهب الشيعي وساهم في انهيار‬ ‫الدولة العباسية في بغداد ـ وفي عهده كانت غزوات المغول على بالده‪ ،‬ثم تولى ابنه‬ ‫جالل الدين منكبرتي الذي حارب التتار ولكن استطاع المغول مطاردته لغاية سقوط‬ ‫الدولة الخوارزمية بيد المغول‪.‬‬ ‫‪1313‬شاهات أرميني�ة (‪604-493‬هـ = ‪1207-1100‬م)‪:‬‬ ‫سقمان ُ‬ ‫أسست في كيلكيا في الجنوب الغربي من أرمينية‪ ،‬المؤسس ُ‬ ‫(سكمان)‬ ‫القطبي وبعد وفاته خلفه كل من‪ :‬ظاهر الدين إبراهيم شاه أرمان‪ ،‬وناصر الدين سكمان‬ ‫الثاني‪ ،‬وسيف الدين بكتمر‪ ،‬وبدر الدين أقسنقر وآخرهم عز الدين بلبان لغاية استيالء‬ ‫األيوبيون عليها وعين العادل ابنه األوحد ً‬ ‫أميرا‪ ،‬ثم األشرف‪.‬‬ ‫العالقة بني خلفاء بين العباس والسالجقة‪:‬‬ ‫اتخذ سالطين السالجقة لقب >ظل اهلل< وهو لقب كان يحتفظ به الخلفاء العباسيون‬ ‫ألنفسهم‪ .‬أما السلطان ملك شاه فقد اتخذ لقب >أمير المؤمنين< وهو لقب لم يطلق إال على‬ ‫الخلفاء فقط‪.‬‬ ‫أخذ السالجقة من الخليفة المسترشد (‪529-512‬هـ) بردة الرسول ! التي‬ ‫كان يلبسها الخلفاء عند توليتهم الخالفة أو حضورهم الحفالت الدينية‪ ،‬وتقاسم ملك‬ ‫السالجقة بعد سقوطهم دول شتى تعرف باسم دول األتابكة وكان أقوى الدول منافسة‬ ‫للسالجقة هي دولة خوارزم إحدى دول األتابكة التركية‪.‬‬ ‫في عهد السالجقة لم يكن للخلفاء العباسين سوى ذكر اسمهم في الخطبة وكان‬ ‫الخلفاء يقضون أوقات فراغهم في اإلشراف على بناء القصور وترميمها‪.‬‬ ‫كان الخليفة إذا ما ارتقى عرش الخالفة يبعث في طلب السلطان السلجوقي ألخذ‬ ‫البيعة وحمل الخلع السلطانية والهدايا‪.‬‬ ‫‪288‬‬ ‫كان السلطان السلجوقي يلتمس من الخليفة بعد توليه السلطنة التفويض من‬ ‫الخليفة العباسي‪ * :‬المصاهرة مع الخلفاء‪* .‬اشتراكهم في المذهب السني‪* .‬احترامهم‬ ‫للخليفة ألنه خليفة اهلل‪.‬‬ ‫دور زوجات سالطني السالجقة‪ :‬كانت خاتون السفرية زوجة السلطان ألب‬ ‫أرسالن مالزمة لزوجها في كل أسفاره ومعاركه الحربية وكان يستشيرها ويأخذ بآرائها‬ ‫في أغلب األمور‪.‬‬ ‫وكان لخاتون زوجة طغرل بك مواقف مع زوجها حيث كان يستشيرها ويأخذ‬ ‫برأيها في كثير من األمور التي تتعلق بالدولة وتسيير الجيوش لما تميزت به من حكمة‬ ‫وحزم ودهاء‪.‬‬ ‫وكان لتركان خاتون زوجة السلطان ملك شاه دور سياسي خاصة بعد وفاة زوجها‬ ‫السلطان ملك شاه حيث أمسكت بزمام السلطة وسيرت أمور الجيش‪ ،‬بل إنها بدهائها‬ ‫رتبت أمور ابنها ليكون سلطان الدولة ً‬ ‫أيضا أنشأت ثالث مدرسة في بغداد في ذلك‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫‪289‬‬ ‫الدولة األموية يف األندلس‬ ‫عصر الوالة ‪138-97‬هـ = ‪755-715‬م‪:‬‬ ‫‪1.1‬عبد العزيز بن موسى بن نصير ‪97-96‬هـ = ‪715-714‬م‪:‬‬ ‫قتله رؤساء الجند ـ السبب زواجه من أرملة ردريق ملك أسبانيا‪ ،‬وقيل المعاملة‬ ‫السيئة لوالده من الخليفة سليمان‪ ،‬وقيل كالمه ضد الخليفة سليمان ـ‪.‬‬ ‫‪2.2‬أيوب بن حبيب اللخمي ‪97‬هـ‪715/‬م‪:‬‬ ‫حكم لمدة (‪ )6‬أشهر‪ ،‬بناء قلعة أيوب جنوب سرقسطة شمالي أسبانيا‪.‬‬ ‫‪3.3‬الحر بن عبد الرحمن الثقفي ‪100-97‬هـ = ‪718-715‬م‪:‬‬ ‫نقل العاصمة إلى قرطبة قلب األندلس‪.‬‬ ‫‪4.4‬السمح بن مالك الخوالني ‪102-100‬هـ = ‪720-718‬م‪:‬‬ ‫•عين من قبل الخليفة عمر بن عبد العزيز‪ ،‬إعادة بناء سور قرطبة وقنطرتها‪.‬‬ ‫•غزو جنوب فرنسا (الغال‪ ،‬غاليا‪ ،‬الفرنجة) بعد عبوره جبال البرتات‪.‬‬ ‫•فتح مدينتي أربونة عاصمة إقليم سبتمانيا (المدن السبع)‪ ،‬وتولوز (طولوشة)‪،‬‬ ‫وسار إلى دوقية إكيتانيا‪ ،‬فالتقى مع دوقها يودو واستشهد السمح وانسحاب‬ ‫الجيش إلى أربونة ـ قاعدة عربية أمامية للتوغل ما وراء جبال البرتات‪.‬‬ ‫‪5.5‬عنبسة بن سحيم الكلبي ‪107-102‬هـ = ‪729-720‬م‪:‬‬ ‫ً‬ ‫فتح إقليم سبتمانيا ومدنه السبع الكبيرة ثم اتجه شرقا حتى بلغ نهر الرون‪ ،‬وفتح‬ ‫إقليم بروفانس في شرق وادي ردنة (نهر الرون)‪.‬‬ ‫‪290‬‬ ‫•فتح مدينة ليون في الشمال ومنها سار إلى برغونه (برجانديا) حتى بلغ مدينة‬ ‫أوتون في أعالي نهر الرون وعند العودة دارت معركة انتهت باستشهاده‪.‬‬ ‫فرتة اضطراب من سنة ‪107‬هـ‪726/‬م لغاية سنة ‪112‬هـ‪730/‬م‪.‬‬ ‫‪6.6‬عبد الرحمن الغافقي ‪114-112‬هـ = ‪732-730‬م‪:‬‬ ‫•عين من قبل الخليفة هشام استولى على مدينة بوردو (برديل‪ ،‬بردال) عند‬ ‫مصب نهر الجارون ـ التي تشتهر بسيوفها البردليات ـ في سنة ‪114‬هـ‪732/‬م)‪.‬‬ ‫•هاجم إكيتانيا واستنجد دوقها يودو بـ شارل مارتل (المطرقة) ملك الميروفنجية‬ ‫(ألمانيا)‪ ،‬فسار بجيشه والتقى مع عبد الرحمن بين بلدتي تور وبواتيه في‬ ‫شهر رمضان سنة ‪114‬هـ‪732/‬م ودارت معركة بالط الشهداء ـ نسبة لطريق‬ ‫روماني مبلط قديم ـ (تور وبواتيه) لمدة (‪ )3‬أيام‪ ،‬في البداية النصر حليف‬ ‫عبد الرحمن ولكن مهاجمة مؤخرة جيشه حيث توجد الغنائم مما أدى إلى‬ ‫هزيمتهم واستشهاد عبد الرحمن واالنسحاب‪ ،‬وقالوا في هذه المعركة‪:‬‬ ‫>لو أن العرب انتصروا في هذه المعركة‪ ...‬ولصار القرآن يتلى ويدرس في‬ ‫جامعات باريس‪.<...‬‬ ‫فرتة اضطراب فيه صراع بني اليمني�ة واملضرية‪:‬‬ ‫انتهز هذه األوضاع شارل مارتل واسترد بالد ما وراء جبال البرتات وتابع حفيد‬ ‫شارل مارتل (شارلمان) التقدم جنوبًا عبر جبال البرتات واسترجع منطقة قطالونيا في‬ ‫ً‬ ‫شمال شرق أسبانيا وشيد ً‬ ‫حربيا عُرف بالثغر األسباني‪.‬‬ ‫ثغرا‬ ‫َ‬ ‫‪7.7‬عبد الملك بن قطن الفهري‪:‬‬ ‫قيام ثورات البربر في األندلس للرغبة في االتحاد مع إخوانهم البربر في المغرب‬ ‫ولتحقيق ذلك عمدوا إلى توحيد صفوفهم وقسموا أنصارهم إلى ثالثة جيوش‪ ،‬لمهاجمة‬ ‫كاًل من طليطلة‪ ،‬وقرطبة‪ ،‬وسبتة‪ ،‬فاستنجد الوالي عبد الملك بالمحاصرين في مدينة‬ ‫سبتة بقيادة بلج بن بشر ـ كان قد أرسلهم هشام بقيادة كلثوم بن عياض القشيري للقضاء‬ ‫‪291‬‬ ‫على ثورة البربر فهزم وقتل وتولى بلج وتحصنوا بثغر سبتة ـ على شرط عودتهم إلى‬ ‫سبتة بعد القضاء على ثورات البربر ولكنهم بعد إخمادها رفضوا الخروج بل قتلوا‬ ‫عبد الملك وعينوا بلج بن بشر وقامت حروب بينهما استمرت حوالي ً‬ ‫عاما اتفق في سنة‬ ‫وال جديد من أعيان الشام بعد قتل بلج هو أبو الخطار‪.‬‬ ‫‪123‬هـ‪743/‬م على ٍ‬ ‫‪8.8‬أبو الخطار بن ضرار الكلبي ‪123‬هـ = ‪743‬م (الشاعر)‪:‬‬ ‫إن الهدوء الذي ساد ما لبث أن اشتعلت الحرب العصبية بين اليمنية بقيادة أبو‬ ‫الخطار الكلبي والمضرية بقيادة ُ‬ ‫الصميل بن حاتم‪ ،‬انتصرت المضرية على اليمنية في‬ ‫ُّ‬ ‫موقعة عند بلدة شقندة في جنوب قرطبة‪ ،‬وبالتالي عُزل أبو الخطار وعين الصميل رجاًل‬ ‫ً‬ ‫محايدا هو يوسف الفهري‪.‬‬ ‫‪9.9‬يوسف الفهري (محايد)‪:‬‬ ‫مكث في حكم األندلس لغاية سنة ‪138‬هـ‪756/‬م ـ لما بعد سقوط الدولة األموية‬ ‫في األندلس ـ وهي السنة التي عبر فيها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك‬ ‫بن مروان المغرب ـ نجاة عبد الرحمن بن معاوية من قتل األمويين واستطاع الفرار إلى‬ ‫مدينة تاهرت (عاصمة الدولة الرستمية األباضية في المغرب األوسط) ومنها توجه إلى‬ ‫قبيلة نفزة البربرية في المغرب األقصى (يقال إن أم عبد الرحمن من هذه القبيلة) التي‬ ‫أخفته عن جواسيس العباسين واألغالبة ثم عبر إلى األندلس (أرسل قبل عبوره مواله بدر‬ ‫فعرض على زعيم المضرية الصميل بن حاتم نصرة عبد الرحمن وعبوره إلى األندلس‬ ‫فرفض ثم عرض على زعيم اليمنية فرحب) ـ إلى الساحل الجنوبي الشرقي األندلسي‬ ‫ُّ‬ ‫عند ثغر المنكب ثم تقدم نحو قرطبة حيث التقى بجيش الصميل ويوسف الفهري ـ في‬ ‫معركة المصارة ـ تقع في جنوب غرب قرطبة على الضفة اليمنى من نهر الوادي الكبير‬ ‫ـ‪ ،‬وانتصر عبد الرحمن ودخل قرطبة وخطب بهم في يوم الجمعة (‪ )10‬ذي الحجة سنة‬ ‫‪138‬هـ‪ )15(/‬مايو سنة ‪756‬م في إعالن لتأسيس الدولة األموية في األندلس‪.‬‬ ‫‪292‬‬ ‫عصر اإلمارة األموية املستقلة باألندلس ‪238-138‬هـ = ‪852-756‬م‬ ‫‪1.1‬األمير عبد الرحمن (األول) بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان‬ ‫(عبد الرحمن الداخل‪ ،‬صقر بني أمية‪ ،‬صقر قريش) ‪172-138‬هـ = ‪-756‬‬ ‫‪788‬م‪:‬‬ ‫في سنة ‪138‬هـ‪756/‬م عبر عبد الرحمن (األول) بن معاوية المغرب إلى الساحل‬ ‫الجنوبي الشرقي األندلسي‪ ،‬ثم تقدم نحو قرطبة ولما قرب منها خاض معركة المصارة‬ ‫ُّ‬ ‫ضد الوالي األندلسي يوسف الفهري والصميل بن حاتم فهزمهما ودخل قرطبة وأعلن‬ ‫فيها قيام الدولة األموية في األندلس في شهر ذي الحجة الموافق لشهر مايو‪ ،‬ولمدة‬ ‫(‪ً )33‬‬ ‫عاما‪ ،‬في بداية حكمه دعا لبني العباس في الخطبة ثم قطعها‪ ،‬ولم يدخل في‬ ‫طاعتهم ولم يلقب نفسه بلقب خليفة‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫أهم أعماله‪ :‬ثورة يوسف الفهري والصميل بن حاتم في مدينة ماردة فسار إليه‬ ‫ُّ‬ ‫عبد الرحمن وهزمه وفراره ومقتله من قبل أحد أعوانه‪ ،‬أما الصميل فقد دس له من خنقه‬ ‫في سجنه‪.‬‬ ‫•ثورة العالء بن مغيث الجذامي في مدينة باجة ورفع شعار العباسين السواد‬ ‫ـ كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور قد وعده بإمارة األندلس وبعث‬ ‫له بلواء الدولة وبسجل تعيينه ـ وانضمت إليه القبائل اليمنية فسار إليه‬ ‫عبد الرحمن ولكن العالء انتصر عليه وفر عبد الرحمن إلى مدينة قرمونة فسار‬ ‫ً‬ ‫إليه وحاصره لمدة شهرين فخرج عبد الرحمن مخترقا الحصار بهجوم مفاجئ‬ ‫تمكن من قتل العالء وتمزيق جيشه‪ ،‬وبعث برأسه إلى مكة حيث وضع أمام‬ ‫باب سرادق أبو جعفر المنصور الذي حج في تلك السنة‪.‬‬ ‫•وفي عهد الخليفة محمد المهدي تم تدبير خطة لإلحاطة بعبد الرحمن تتلخص‬ ‫في ثورة سليمان بن يقظة الكلبي األعرابي بمدينة سرقسطة ـ تقع في شمالي‬ ‫أسبانيا وتسليم مدينته إلى شارلمان (شارل العظيم) ـ بعد عبوره جبال البرتات‬ ‫‪293‬‬ ‫ـ وعبور عبد الرحمن بن حبيب الفهري (المعروف بالصقلبي) من المغرب‬ ‫في أسطول بحري إلى مدينة تدمير (مرسية) على الساحل الشرقي والهدف‬ ‫منها إحاطتهم بعبد الرحمن وقتله ولكن الخطة فشلت فوصل عبد الرحمن‬ ‫بن حبيب إلى ساحل تدمير (مرسية) قبل وصول شارلمان إلى سرقسطة‬ ‫وبالتالي قاتله عبد الرحمن قبل أن ينضم له حلفاؤه فهزمه‪ ،‬وبعد ذلك عبر‬ ‫شارلمان جبال البرتات إلى سرقسطة فخرج له حاكمها مستقباًل فانتهز أهلها‬ ‫خروج الحاكم وأعلنوا الثورة عليه بقيادة الحسين بن يحيى األنصاري وأغلقوا‬ ‫الحصون‪ ،‬فحاصرها شارلمان ثم ترك حصارها لقيام ثورة القبائل السكسونية‬ ‫ً‬ ‫مصطحبا معه سليمان وعند عبوره ممر رنسفالة في‬ ‫الجرمانية في ألمانيا‪ ،‬فعاد‬ ‫جبال البرتات هاجمت مؤخرة جيشه ـ كانت بقيادة روالن ـ قوة عربية يقودها‬ ‫أبناء سليمان وسكان المناطق بتشجيع من عبد الرحمن الداخل‪ ،‬وعاد األبناء‬ ‫بأبيهم إلى سرقسطة فقتله حاكم المدينة الحسين بن يحيى األنصاري ـ وقد‬ ‫ظهرت بعد هذه الحادثة بحوالي (‪ )300‬سنة ما عُرف بأنشودة روالن ـ تشيد‬ ‫ببطولة الضابط الفرنسي روالن الذي رفض أن ينفخ في البوق لعودة شارلمان‬ ‫ـ وهي بداية األدب الفرنسي ـ‪ ،‬ثم سار عبد الرحمن إلى سرقسطة وبسط‬ ‫نفوذه عليها في سنة ‪164‬هـ‪780/‬م‪.‬‬ ‫•ثورة البربر بقيادة شقيا بن عبد الواحد المكناسي وشاركه في الثورة هذيل بن‬ ‫ُّ‬ ‫الصميل بن حاتم لمدة حوالي عشر سنوات في المناطق الوسطى والشمالية‬ ‫لألندلس (الجوف‪ :‬كلمة تعني المناطق الشمالية)‪ ،‬وهي أول محاولة شيعية‬ ‫فقد ادعى أنه فاطمي شيعي وسير إليه عبد الرحمن عدة جيوش هزمها‬ ‫وأغتيل شقيا (عبد اهلل بن محمد) بمؤامرة دبرها له بعض أصحابه فقتلوه سنة‬ ‫‪160‬هـ‪777/‬م‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫•مؤامرة المغيرة بن الوليد بن معاوية ـ أحد أوالد أخيه ـ باالشتراك مع الصميل‬ ‫بن حاتم في سنة ‪168‬هـ‪784/‬م‪ ،‬وتم اكتشاف المؤامرة وقتل المشاركين‬ ‫‪294‬‬ ‫فيها وأما قائد الجيش مواله بدر فقبض عليه وصادر أمواله ونفاه ثم عفا عنه‪.‬‬ ‫أهم األعمال املعمارية‪ :‬بناء قصر الرصافة على سفح جبل في شمال غرب‬ ‫العاصمة قرطبة‪ .‬إعادة بناء جامع قرطبة ونبغ في عهده الشاعر عاصم بن زيد المعروف‬ ‫بأبي المخشي (المخشبي)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حاكما على ماردة‪.‬‬ ‫حاكما على طليطلة‪ ،‬وعين ابنه هشام‬ ‫•عين ابنه سليمان‬ ‫‪2.2‬األمير هشام بن عبد الرحمن (األول) بن معاوية بن هشام (هشام الرضا)‬ ‫‪180-172‬هـ = ‪796-789‬م‪:‬‬ ‫أوصى األمير عبد الرحمن البنه عبد اهلل ـ الذي لقب فيما بعد بالبلنسي ـ أن يسلم‬ ‫اإلمارة لمن يسبق في الدخول إلى قرطبة من ولديه سليمان وهشام فكان األسبق هشام فرمى‬ ‫إليه بالخاتم‪ ،‬ورفض سليمان فقامت بينهما حرب انتهت بهزيمة ونفي سليمان إلى المغرب‬ ‫سنة ‪174‬هـ‪790/‬م‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حاكما عاداًل فحاز على لقب الرضا‪.‬‬ ‫كان هشام‬ ‫•ثورة اليمانية في سرقسطة بقيادة سعيد بن الحسين بن يحيى األنصاري وقتله‪.‬‬ ‫•ثورة اليمانية في برشلونة بقيادة مطروح بن سليمان بن يقظان األعرابي وقتله‪،‬‬ ‫بعد القضاء على الثورات اتجه لنشر اإلسالم فأرسل هشام حمالت صيفية‬ ‫لإلغارة على والية سبتمانيا في جنوب فرنسا فحقق انتصارات وغنائم‪ ،‬كما‬ ‫أرسل حمالت لمحاربة المسيحيين في والية اشتوريش في الشمال الغربي‬ ‫األسباني‪.‬‬ ‫أعماله احلضارية‪ :‬بناء مساجد على شاطئ الوادي الكبير ـ لما حصل عليه من‬ ‫الغنائم في حمالته على سبتمانيا ـ توسيع جامع قرطبة وأضاف إليه المئذنة والميضأة‬ ‫وبعض السقائف الناقصة‪ ،‬وإعادة بناء الجسر القديم الممتد على الوادي الكبير والذي‬ ‫يربط قرطبة بأرباضها الجنوبية (جسر قرطبة)‪ ،‬شبه بالخليفة األموي عمر بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫‪295‬‬ ‫ً‬ ‫مذهبا<‪ ،‬وأمر‬ ‫وقال هشام‪ :‬عالم دار الهجرة يكفينا‪> ،‬وال أحب أن يكون في عملي‬ ‫بإخراج أصحاب المذهب الحنفي‪ ،‬فاعتمد أهل األندلس أواًل على مذهب األوزاعي ـ‬ ‫عبد الرحمن عمرو ـ ثم اعتمدوا على المذهب المالكي ـ مالك بن أنس ـ‪.‬‬ ‫‪3.3‬األمير الحكم بن هشام بن عبد الرحمن (األول) بن معاوية بن هشام (الحكم‬ ‫الربضي) ‪206-180‬هـ = ‪822-796‬م‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫شاعرا وتميز بعدله وكرمه وشجاعته شبه بالخليفة العباسي أبي جعفر المنصور‬ ‫كان‬ ‫في شدة بأسه وحزمه وقوة عزيمته وحسن تدبيره‪ ،‬ساءت عالقته بالفقهاء لولعه بالغناء‬ ‫والرقص‪ ،‬والندماء ورموه على منابر المساجد بالفسق والفجور ـ هذا التحريض أدى إلى‬ ‫ثورة المولدين والربض ـ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مقيما بطنجة (المغرب األقصى)‪،‬‬ ‫•ثورة أعمامه أمثال‪ :‬سليمان الذي كان‬ ‫وعبد اهلل المقيم في تاهرت (المغرب الوسط‪ ،‬بنو رستم)‪ ،‬فعبرا إلى األندلس‪،‬‬ ‫أما سليمان فقد قتل عند ماردة‪ ،‬وعبد اهلل فقد عقد الصلح وحددت إقامته في‬ ‫بلنسية إال أنه استدعى أبناءه إلى قرطبة وزوجهم بناته‪.‬‬ ‫•ثورة المولدون ـ هم الذين ولدوا من آباء مسلمين وأمهات أسبانيات ـ في طليطلة‬ ‫سببها سوء الوضع االجتماعي وتحريض الفقهاء وقضى عليها الحكم بالدهاء؛‬ ‫ذلك أنه عين ً‬ ‫واليا عليهم من المولدين هو عمروس بن يوسف الذي بنى قلعة‬ ‫خارج طليلطة وأقام بها وليمة بمناسبة مرور ولي العهد األمير عبد الرحمن‬ ‫بن الحاكم دعا إليها األعيان‪ ،‬ثم قام بضرب أعناقهم فيما عُرف بوقعة الحفرة‬ ‫سنة ‪181‬هـ‪797/‬م‪.‬‬ ‫•ثورة الربض ـ المولدون ـ (تعني الضاحية أو الحي‪ :‬وهو قريب من قصر اإلمارة‬ ‫ومن الجامع) في قرطبة‪ ،‬قام بالثورة‪ :‬التجار وأهل الحرف والطلبة والفقهاء‬ ‫من المولدين‪ ،‬السبب قتل جندي من حرس األمير لحداد من طبقة المولدين‬ ‫ـ ألنه تباطأ في اصالح سيفه ـ فقتلوا الجندي‪ ،‬وأغلقوا الدكاكين وحاصروا‬ ‫القصر وأمر الحكم بإشعال النار في حي الربض‪ ،‬فتركوا الحصار وعادوا إلى‬ ‫‪296‬‬ ‫ً‬ ‫عددا ً‬ ‫كبيرا‬ ‫حيهم المشتعل حيث حوصروا بين الجيش والنار‪ ،‬وقتل منهم‬ ‫ومن بقي ترك قرطبة إلى شمالي المغرب في جبال الريف وهو المكان الذي‬ ‫التجأ إليه المولى إدريس ـ وتضامنوا معه في تأسيس دولة األدارسة بفاس ـ‬ ‫وإلى اإلسكندرية بمصر وسيطروا على اإلسكندرية لمدة عشر سنوات ـ أرسل‬ ‫المأمون قائده عبد اهلل بن طاهر سنة ‪212‬هـ‪828/‬م فاتفق على مغادرتهم إلى‬ ‫كريت ـ وإلى كريت بقيادة أبي حفص عمر البلوطي‪ ،‬فاستولوا عليها‪ ،‬وكان‬ ‫الحكم قد أمر بهدم حي الربض وترحيل ساكنيه إلى المغرب واإلسكندرية ثم‬ ‫كريت التي صارت قاعدة بحرية إسالمية‪ ،‬وقدم إليه المغني الحجازي زرقون‪.‬‬ ‫‪4.4‬األمير عبد الرحمن الثاني (األوسط) بن الحكم بن هشام ‪238-206‬هـ =‬ ‫‪852-822‬م‪:‬‬ ‫حمالته العسكرية ضد المسيحيين والنورمانديين فقد سير حملة بحرية من‬ ‫طرطوشة إلى صقلية سنة ‪214‬هـ‪829/‬م لدعم عسكر الحامية اإلسالمية هناك‪ ،‬وكذلك‬ ‫ً‬ ‫وأيضا سير حمالت‬ ‫عقد معاهدة مع اإلمبراطور البيزنطي تيوفيل سنة ‪225‬هـ‪740/‬م‪،‬‬ ‫بحرية على الشواطئ الكارولنجية في جنوب فرنسا‪ ،‬وكذلك سير حملة بحرية إلى‬ ‫جزيرتي ميورقة ومنورقة في سنة ‪234‬هـ‪848/‬م فتمكن من فتحها وأصاب سبايا كثيرة‬ ‫وصالح أهالي الحصون على ثلث أموالهم وأنفسهم‪.‬‬ ‫•هجوم النورمانديين (سكان الدول اإلسكندنافية) على سواحل األندلس الغربية‬ ‫والسيطرة على مدينة قادس‪ ،‬ثم إشبيلية بضعة أيام سنة ‪230‬هـ‪844/‬م‪ ،‬ثم‬ ‫انسحابهم وهزيمتهم عند طليطلة ‪ .‬وتم أسر أعداد كبيرة خيروا بين اإلسالم‬ ‫أو القتل‪ ،‬فاعتنقوا اإلسالم‪.‬‬ ‫•سفارة من اإلمبراطور تيوفيل البيزنطي إلى األمير عبد الرحمن محملة بالهدايا‪،‬‬ ‫كما أرسل عبد الرحمن سفارة إلى اإلمبراطور البيزنطي برئاسة الشاعر يحيى‬ ‫الغزال‪ ،‬وكذلك سفارة األمير عبد الرحمن إلى ملك النورمانديين في شمال‬ ‫أوربا برئاسة يحيى الغزال‪.‬‬ ‫‪297‬‬ ‫أعماله احلضارية‪ :‬بناء ً‬ ‫دارا لصناعة السفن الحربية في مدينة إشبيلية‪ ،‬وأحاط‬ ‫المدينة بأسوار حجرية عالية‪ ،‬وكذلك بناء قصر لمغنياته سماه دار المدنيات وقدم إليه‬ ‫المغني الحجازي علوان‪.‬‬ ‫•فتح أبواب األندلس للتجار والبضائع العراقيين‪ ،‬والمغني أبو الحسن علي‬ ‫ً‬ ‫حرسا‬ ‫بن نافع الملقب بزرباب ورتب له وألوالده مرتبات‪ ،‬كما خصص له‬ ‫ً‬ ‫خاصا‪ ،‬كان أول من ألزم الوزراء على االختالف إلى القصر كل يوم‪،‬‬ ‫للمشورة‪ ،‬والخوض في أمور الدولة‪ ،‬وكان له من الوزراء (‪ )9‬وزراء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جامعا في مدينة إشبيلية‬ ‫•أنشأ دار لضرب النقود في قرطبة‪ ،‬وبنى مسجدا‬ ‫ً‬ ‫وهو مسجد ابن عدبس‪ ،‬ومسجدا في مدينة جيان‪ ،‬وزاد في جامع قرطبة‬ ‫من ناحية المحراب جنوبًا‪ ،‬حث جواريه على بناء المساجد فمنها مسجد‬ ‫ً‬ ‫قصرا له بجوار قصر‬ ‫طروب‪ ،‬والشفاء‪ ،‬وفجر‪ ،‬بناء مدينة مرسية‪ ،‬كما بنى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اإلمارة بقرطبة‪ ،‬كما أقام فيه أبراجا مغطاة بالزجاج الشفاف (القنبانية) للنظر‬ ‫منها إلى المناظر‪ ،‬وفي عهده كان العالم عباس بن فرناس ـ صاحب أول‬ ‫محاولة للطيران من ناحية الرصافة ـ ونال من عطاء ومنح األمير عبد الرحمن‪،‬‬ ‫بناء الرصيف على الوادي الكبير وجلب المياه من قمم الجبال المحيطة‬ ‫بقرطبة‪.‬‬ ‫املؤامرة‪ :‬اتفاق الجارية طروب مع قائد الحرس والقصر نصر الخصي على التخلص‬ ‫من األمير وولي عهده محمد بدس السم لهما من قبل الطبيب العراقي الحراني وعلمت‬ ‫الجارية فجر بما يدبر فأخبرت األمير‪ ،‬فأمر قائده نصر بشرب السم فشربه فمات‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪238‬هـ‪852/‬م توفي عبد الرحمن وخلفه االبن األكبر محمد وهو أول‬ ‫حكام عصر دويالت الطوائف األولى‪.‬‬ ‫‪298‬‬ ‫عصر دويالت الطوائف األوىل‪300-238‬هـ = ‪912-852‬م‬ ‫وهي تقدر بنحو (‪ )62‬سنة وحكم فيها‪:‬‬ ‫‪1.1‬محمد بن عبد الرحمن (الثاني) بن الحكم بن هشام ‪273-238‬هـ = ‪-852‬‬ ‫‪886‬م‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫في عهده أفرج عن الراهب إيلوخيو وعينه أسقفا على طليطلة‪ ،‬وتمكن محمد من‬ ‫هزيمة النورمانديين وصد غارتهم على األندلس‪.‬‬ ‫‪2.2‬المنذر بن محمد بن عبد الرحمن ‪275-273‬هـ = ‪888-886‬م‪:‬‬ ‫‪3.3‬عبد اهلل بن محمد بن عبد الرحمن ‪300-275‬هـ = ‪912-888‬م‪:‬‬ ‫ضعف السلطة المركزية للعاصمة قرطبة وكونت دويالت مستقلة عن قرطبة منها‪:‬‬ ‫أ ـ دويالت املولدين ـ ممن أسلم من أهايل األندلس ـ‪:‬‬ ‫‪1.1‬بنو قسى (بني موسى) في سرقسطة (الثغر األعلى)‪.‬‬ ‫‪2.2‬بنو مروان الجليقي في والية بطليوس ـ اآلن على الحدود البرتغالية ـ‪.‬‬ ‫‪3.3‬بنو حفصون (عمر بن حفصون بن عمر بن جعفر اإلسالمي) في المرتفعات‬ ‫ً‬ ‫الجنوبية األندلسية بين رندة غربًا ومالقة شرقا ـ ومعنى حفصون أي‬ ‫األعزب ـ‪ :‬المؤسس عمر (ت‪305‬هـ‪917/‬م)‪ ،‬والعاصمة قلعة بربشتر‬ ‫واستطاع أن يمد نفوذه دون القضاء عليه من ‪268‬هـ‪881/‬م لغاية وفاته‬ ‫سنة ‪305‬هـ‪917/‬م‪ ،‬وقيل أنه ارتد عن اإلسالم في أواخر حياته مما أدى‬ ‫إلى أن تركته أعداد كبيرة من المولدين المسلمين‪ ،‬وخلفه أبناؤه جعفر‬ ‫وسليمان وحفص وقضى على دولتهم عبد الرحمن الثالث وأعادها إلى‬ ‫سلطة قرطبة ـ كما أعاد توحيد األندلس من جديد ـ‪.‬‬ ‫ب ـ دويالت البربر (زعماء البربر)‪ :‬منها‪:‬‬ ‫‪1.1‬بنو ذي النون في ـ الثغر األدنى ـ طليطلة في شمال غرب األندلس ـ‪.‬‬ ‫‪2.2‬بنو المالخ في مدينة جيان‪.‬‬ ‫‪299‬‬ ‫جـ ‪ -‬الفاحتون العرب (زعماء العرب)‪ :‬منهم‪:‬‬ ‫‪1.1‬بنو الحجاج في إشبيلية (إبراهيم بن الحجاج)‪ ،‬نافسوا في رعاية العلماء‬ ‫والشعراء والمغنين‪ ،‬وممن نبغ في ظلها مؤلف كتاب العقد الفريد أحمد‬ ‫بن عبد ربه‪ ،‬والمغنية العراقية قمر البغدادية‪.‬‬ ‫‪2.2‬بنو سعيد بن جودي السعدي في غرناطة‪ ،‬اشتهر بحروبه ضد بنو حفصون‬ ‫ـ المولدين ـ‪.‬‬ ‫وفي عهد عبد اهلل بن محمد سير حملة بحرية سنة ‪290‬هـ‪902/‬م إلى الجزر‬ ‫ً‬ ‫حاكما عليها‪.‬‬ ‫الشرقية البليار وكان يقودها عصام الخوالني الذي فتحها وعين‬ ‫عصر اخلالفة األموية ‪422-316‬هـ = ‪1031-922‬م‬ ‫وهي تتميز بعدد كبير من الخلفاء األمويين وتحول األندلس من إمارة إلى خالفة‪.‬‬ ‫‪1.1‬الخليفة عبد الرحمن الثالث بن محمد بن عبد اهلل‪ ،‬الناصر لدين اهلل ‪-300‬‬ ‫‪350‬هـ = ‪961-912‬م‪:‬‬ ‫استهل حكمه بتوجيه منشور إلى المستقلين عن العاصمة قرطبة يمنيهم بالمال‬ ‫والسلطان وفي ذات الوقت يهددهم بالحرب إذا لم يرضخوا للطاعة والجماعة‪ ،‬وظل‬ ‫في الحكم خمسين ً‬ ‫عاما أعاد خاللها وحدة األندلس إلى ما كانت عليه تحت سلطان‬ ‫بني أمية‪.‬‬ ‫أهم أعماله‪ :‬بعد أن وحد األندلس أعلن نفسه خليفة وتلقب بالناصر لدين اهلل‬ ‫أمير المؤمنين سنة ‪316‬هـ‪929/‬م‪ ،‬وظل هذا اللقب لغاية سنة ‪422‬هـ‪1031/‬م‪.‬‬ ‫•تقوية األسطول البحري وفرض حراسة على مضيق جبل طارق لصد أية‬ ‫إمدادات من الفاطميين لثوار األندلس‪.‬‬ ‫•تحصين الثغور األندلسية الجنوبية لصد الخطر الفاطمي في المغرب بتقوية‬ ‫‪300‬‬ ‫ورفع أسوار جزيرتي طريف والجزيرة الخضراء‪ ،‬وتحصين سبتة وطنجة‬ ‫ومليلة‪ ،‬وبناء ً‬ ‫دارا لصناعة السفن في الجزيرة الخضراء‪.‬‬ ‫•االستيالء على بعض ثغور الساحل المغربي مثل مليلة سنة ‪314‬هـ‪927/‬م‬ ‫وبنى سورها‪ ،‬وسبتة سنة ‪319‬هـ‪931/‬م‪.‬‬ ‫•محاولة ضم جزيرة أرشقول (رشجون) سنة ‪320‬هـ‪922/‬م‪.‬‬ ‫•التحالف مع ملوك ورؤساء الدويالت في شمال المغرب األقصى مثل دولة‬ ‫األدارسة وإمارة نكور (بني صالح) بمنطقة الريف‪ ،‬مؤسسها صالح بن منصور‬ ‫الحميري من أحفاد عقبة بن نافع‪ ،‬ثم خلفه أبناؤه عمدت إلى صد غارات‬ ‫الخوارج والشيعة وساعدها األمويين في األندلس في هذا التصدي‪.‬‬ ‫•مساعدته للثائر أبي يزيد الخارجي ـ في جبال أوراس في والية الزاب جنوب‬ ‫المغرب األوسط ـ مخلد بن كيداد الزناتي الخارجي واعترافه بوالية الناصر‬ ‫األندلسي في المدن التي مد نفوذه إليها والذي أرسل إليه سفارات وأمده‬ ‫بالمال والسالح لمحاربة الفاطميين ـ ولكن الثورة انتهت بقتل أبي يزيد في‬ ‫سنة ‪336‬هـ‪148/‬م ـ‪.‬‬ ‫•عالقته الدبلوماسية مع ملوك أوروبا ضد الفاطميين فتحالف مع ملك إيطاليا‬ ‫هوج دي بروفانس ومع إمبراطور الدولة البيزنطية قسطنطين السابع وأرسل له‬ ‫ً‬ ‫هدايا ورساًل ووقع مع بيزنطا اتفاقا على حرية البيزنطيين في قتال أعداء الدولة‬ ‫ً‬ ‫وأيضا تحالف مع اإلخشيديين ملوك مصر فأرسل عشرة آالف دينار‬ ‫األموية‪،‬‬ ‫لتوزيعها على علماء المذهب المالكي‪.‬‬ ‫•الصراع الحربي ضد الفاطميين هجوم األسطول الفاطمي على المرية وأحرقوا‬ ‫ً‬ ‫المراكب ردا على مصادرة مركب فيه رسول من صقلية إلى المعز لدين اهلل‬ ‫الفاطمي‪.‬‬ ‫•سير الناصر مملوكه غالب بن عبد الرحمن الناصر لإلغارة على سواحل‬ ‫الفاطميين في إفريقية‪ً ،‬‬ ‫أيضا في السنة التالية اإلغارة على مدينة الخرز وخربت‬ ‫سوسة وطبرقة‪.‬‬ ‫‪301‬‬ ‫•صد الخطر األسباني المسيحي في الشمال الغربي الجبلي ـ هي المنطقة‬ ‫المعروفة باسم جليقة (غاليسيا) ـ المتخم ألوروبا وخاض معهم حروبًا وهدم‬ ‫حصونهم واستعاد أوسما وتطيلة ولكن هزيمة الناصر عند مدينة شمنقة (شنت‬ ‫منكش) وقتل القائد نجدة الصقلي ونجاة عبد الرحمن‪ ،‬ثم طلب المساعدة‬ ‫وعقد الصلح مع سانشو ابن ملك ليون وتسلم عبد الرحمن عشرة حصون‬ ‫واستطاع عبد الرحمن أن يبسط نفوذه على الشمال المسيحي‪.‬‬ ‫•صد الخطر النورماندي البري‪.‬‬ ‫األعمال احلضارية‪ :‬بناء منية الزهراء (مدينة الزهراء) في شمال غرب قرطبة على‬ ‫تكريما لـ ُ‬ ‫ً‬ ‫س َّرية أو جارية اسمها الزهراء في سنة ‪325‬هـ‪936/‬م لمدة‬ ‫سفح جبل العروس‬ ‫(‪ً )17‬‬ ‫عاما وتمت في عهد ابنه الحكم المستنصر؛ إعادة بناء مدينة سالم في الشمال بين‬ ‫مدريد وسرقسطة‪ ،‬الزيادة في مسجد قرطبة الجامع وأقام له صومعة جديدة كبيرة من‬ ‫الحجر ارتفاعها (‪ )40‬ذراعًا‪.‬‬ ‫‪2.2‬الخليفة الحكم الثاني بن المستنصر باهلل بن عبد الرحمن الناصر‪ ،‬الملقب بـ‬ ‫المستنصر باهلل ‪366-350‬هـ = ‪976-961‬م‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اعتلى العرش وقد تجاوز عمره (‪ً )45‬‬ ‫ً‬ ‫عالما منصرفا إلى العلم‬ ‫عاما‪ ،‬وكان رجاًل‬ ‫والقراءة واقتناء الكتب النادرة ونسخها وترجمتها وشراؤها مهما بلغ ثمنها‪ ،‬فقد أرسل إلى‬ ‫عالم العراق أبا الفرج األصفهاني وطلب منه كتابة األغاني قبل ظهوره بالمشرق‪ ،‬فأجابه‪،‬‬ ‫هذا االهتمام بالكتب نتج عنه مكتبة علمية ضخمة في القصر الملكي بمدينة الزهراء تقدر‬ ‫بحوالي (‪ )400‬ألف مجلد في فنون مختلفة ـ وقيل أن الحكم قد اطلع وعلق عليها‬ ‫ً‬ ‫وأيضا اهتمامه بالعلماء ومجالستهم مثل‪ :‬العالم اللغوي أبا علي القالي ـ نسبة‬ ‫كلها ـ‪،‬‬ ‫إلى بلدة قالي من ديار بكر ـ‪ ،‬المؤلف لكتاب األمالي الذي أماله في مسجد قرطبة‪،‬‬ ‫والمؤرخ القرطبي أبا بكر محمد المعروف بابن القوطية‪ ،‬ومن مؤلفاته كتاب األفعال‪،‬‬ ‫وكتاب تاريخ افتتاح األندلس‪ ،‬والعالم المغربي محمد بن حارث الخشني وله مؤلفات منها‬ ‫‪302‬‬ ‫كتاب القضاة بقرطبة‪ ،‬ومن العلماء غير المسلمين األسقف ربيع بن زيد المشتهر بدراساته‬ ‫الفلكية والفلسفية‪ ،‬ومن ولع الحكم بالعلم أن أمر المؤدبين بتعليم أوالد الضعفاء والفقراء‬ ‫ً‬ ‫والمساكين مجانا القرآن في المساجد وفي أرباض قرطبة وأجرى عليهم المرتبات وكان‬ ‫عددها (‪ً )27‬‬ ‫مكتبا‪ ،‬كما قام بالزيادة في مسجد قرطبة من جهة القبلة‪ ،‬وأجرى الماء العذب‬ ‫ً‬ ‫وأيضا بنى ميضأتين بجانب مسجد قرطبة‪.‬‬ ‫من عين بجبل قرطبة إلى سقايات الجامع‪،‬‬ ‫•رسالة من الخليفة العزيز باهلل الفاطمي إلى الخليفة األموي الحكم يهجوه فيه‬ ‫والرد عليه بقوله‪> :‬قد عرفتنا فهجوتنا ولو عرفناك ألجبناك<‪ ،‬هذه الرسالة‬ ‫توضح استمرار الصراع على النفوذ بينهما فعمد الحكم إلى إرسال وزيره‬ ‫محمد بن القاسم بن طلمس ً‬ ‫برا وقائده البحري عبد الرحمن بن رماحس إلى‬ ‫المغرب سنة ‪361‬هـ‪971/‬م واستولى ابن رماحس على طنجة‪ ،‬واستولى‬ ‫ُ‬ ‫ابن طلمس على أصيال‪ ،‬ثم هزم الجيش األندلسي وقتل قائده محمد بن‬ ‫القاسم بن طلمس بضواحي طنجة ومن بقي من جيشه انسحب إلى سبتة‪،‬‬ ‫ثم سير الخليفة الحكم وزيره وقائده غالب بن عبد الرحمن وضم إليه القائد‬ ‫البحري لمدينة طنجة عبد الرحمن بن رماحس وأبحروا إلى طنجة سنة‬ ‫‪362‬هـ‪972/‬م لقتال األدارسة وضم إليه القائد يحيى التجيبي من سرقسطة‬ ‫وساروا إلى حصن حجر النسر وحوصر األمير اإلدريسي الحسن بن جنون‬ ‫الذي استسلم فأخذه معه إلى قرطبة وقضى على ثورته‪.‬‬ ‫•هجوم األسطول النورماندي ـ من موانئ نورمانديا في غرب فرنسا ـ على‬ ‫السواحل الغربية األسبانية في سنوات ‪355‬هـ‪966/‬م‪360 ،‬هـ‪971/‬م‪،‬‬ ‫‪361‬هـ‪971/‬م‪ ،‬وهجوم النورمانديين على حصن القبطة في شرق األندلس‬ ‫ُ‬ ‫ولكنه هزم‪.‬‬ ‫•الصراع مع الدول المسيحية األسبانية في الشمال فقد تحالف سانشو ملك‬ ‫مملكة ليون مع مملكة نبرة ومع إمارة قشتالة ولكن الحكم سار إليه وانتصر‬ ‫على سانشو وتسلم الحصون اإلستراتيجية على الحدود ـ كانت عدة حصون‬ ‫‪303‬‬ ‫على الحدود ـ‪ ،‬وقبل وفاته عمد على أخذ المواثيق من كبار رجاالت الدولة‬ ‫باإلخالص والتأييد لولي عهده هشام المؤيد الذي كان دون العاشرة‪.‬‬ ‫‪3.3‬الخليفة هشام الثاني بن الحكم المستنصر بن عبد الرحمن المؤيد باهلل ‪-366‬‬ ‫‪399‬هـ = ‪1008-976‬م‪:‬‬ ‫انقسم الناس بعد وفاة الحكم في خالفة ابنه هشام إلى (‪ )3‬أحزاب‪ :‬المؤيدين‬ ‫لحكمه من قبل الوزراء‪ ،‬والمعارضين وهم الجند‪ ،‬والمحايدين‪ ،‬ولكن حسم األمر‬ ‫لصالح الوزراء بإغتيالهم للمغيرة بن عبد الرحمن الناصر عم هشام وبذلك خال الحكم‬ ‫للخليفة هشام بن الحكم فسيطرت على الحكم أمه ـ جارية بسكنسية من نبرة واسمها‬ ‫صبح ـ ثم سيطرة محمد بن أبي عامر ـ الذي لقب بالمنصور ـ المعافري الحاجب وابنيه‬ ‫(عبد الملك المظفر‪ ،‬وعبد الرحمن سنجول) على السلطة الشرعية (الزمنية) ـ وبقي‬ ‫للخليفة هشام الثاني الروحية ـ وكان الحاجب المنصور محمد بن عبد اهلل بن أبي عامر‬ ‫المعافري قد ترقى من أمانة السكة‪ ،‬إلى قضاء بعض كور ريه‪ ،‬إلى اإلشراف على أموال‬ ‫الزكاة والمواريث في إشبيلية وإدارة الشرطة‪ ،‬ثم وكياًل لولده هشام ولي العهد‪ ،‬ثم أصبح‬ ‫ً‬ ‫وزيرا في بداية عهد هشام وقضى على خصومة‪ :‬الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي‬ ‫ً‬ ‫وأيضا تخلص المنصور‬ ‫وتزوج من ابنة القائد غالب بن عبد الرحمن‪ ،‬ثم توفي غالب‪،‬‬ ‫من القائد جعفر بن علي بن حمدون بقتله فانفرد بالسلطة وغزا شمال شرق أسبانيا‬ ‫وشمال غرب أسبانيا فأخضعها لنفوذه وبهذه الفتوحات اكتسب المنصور شعبية كبيرة لما‬ ‫قام بالغزو ومن كثرة السبايا‪ ،‬وقام بصد هجومات دويالت بالد المغرب فصد هجوم‬ ‫خزرون بن فلفول الزناتي‪ ،‬وهجوم األمير بلكين (بلقين) بن زيري الصنهاجي ملك الدولة‬ ‫الزيرية في المغربين األدنى واألوسط‪ ،‬وهجوم األمير اإلدريسي الحسن بن جنون الذي‬ ‫أدى إلى قتله‪ ،‬ثورة زيري بن عطية المغراوي ـ كان يبسط نفوذه على المغرب األقصى‬ ‫ُ‬ ‫(الجزائر) والعاصمة وجدة لدولته المغراوية ـ حليف السيدة صبح والدة الخليفة هشام‬ ‫وقد حاولت إمداده باألموال ً‬ ‫سرا فاكتشفها المنصور وصادرها‪ ،‬ثم التقيا بأحواز طنجة‬ ‫انتهت بجراحات لزيري وهزيمة جموعه وأعاد المنصور سيطرته على المغرب األقصى‪،‬‬ ‫‪304‬‬ ‫مات المنصور سنة ‪392‬هـ‪1002/‬م‪ ،‬وولي الحجابة بعد وفاة المنصور ابنه عبد الملك‬ ‫(المظفر‪ ،‬سيف الدولة) وأقره الخليفة هشام ولغاية وفاته سنة ‪399‬هـ‪1008/‬م ـ بعد‬ ‫وفاة المنصور وابنه عبد الملك عم الفساد في الدولة وشغب الجنود لعدم صرف رواتبهم‬ ‫ـ فخلفه أخوه عبد الرحمن (شنجول) الذي طلب من الخليفة هشام أن يوليه العهد‪،‬‬ ‫فواله ثم قامت ثورة ضد هشام أدت إلى عزله وتوليه محمد بن هشام وقتل عبد الرحمن‬ ‫وبموته تنتهي دولة بني عامر سنة ‪399‬هـ‪1008/‬م‪ ،‬ومن أهم اإلنجازات الحضارية التي‬ ‫قام بها المنصور‪ :‬بناء قصر المدينة الزاهرة في شمالي شرقي قرطبة وتوسعة جامع قرطبة‬ ‫من الجهة الشرقية‪ ،‬وتشييد قنطرة قرطبة‪.‬‬ ‫‪4.4‬الخليفة محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر‪ ،‬المهدي باهلل‬ ‫‪422-399‬هـ = ‪1031-1008‬م‪:‬‬ ‫ولما قتل تولى الخالفة بعده بضع خلفاء لغاية سنة ‪422‬هـ‪1031/‬م‪ ،‬وفيها‬ ‫عُزل آخر خلفائها هشام الثالث‪ ،‬المعتد باهلل وإعالن انتهاء الخالفة األموية‪ ،‬وانقسمت‬ ‫األندلس إلى دويالت فيما عُرف بعصر ملوك الطوائف (عصر الفرق)‪.‬‬ ‫عصر ملوك الطوائف (عصر الفرق)‬ ‫وفيه انقسمت األندلس إلى دويالت‪ ،‬واستقل كل أمير بمدينته‪:‬‬ ‫أ ـ أهل األندلس‪:‬‬ ‫•بنو عباد اللخميون في إشبيلية‪.‬‬ ‫•بنو جمهور في قرطبة‪.‬‬ ‫•بنو هود الجذاميون في سرقسطة‪.‬‬ ‫•بنو صمادح (بنو تجيب) في المرية‪.‬‬ ‫•بنو برزال في قرمونة‪.‬‬ ‫•بنو خزرون في أركش‪.‬‬ ‫•بنو نوح في مورور‪.‬‬ ‫‪305‬‬ ‫•عبد العزيز بن أبي عامر في بلنسية‪.‬‬ ‫ب ـ املغاربة أو البربر يف األندلس‪:‬‬ ‫•بنو زيري الصنهاجيون في غرناطة ـ هم فرع من بني زيري حكام الدولة‬ ‫الزيرية في المغرب األدنى واألوسط وهو من البربر البرانس ـ‪.‬‬ ‫•بنو حمود األدارسة العلويون في مالقة‪ ،‬وطنجة‪ ،‬والجزيرة الخضراء (جنوب‬ ‫األندلس)‪ ،‬المؤسس علي بن حمود الذي كان ً‬ ‫واليا على طنجة وسبتة ثم‬ ‫تقدم فبسط سيطرته على مالقة ومنها سار إلى قرطبة وقتل الخليفة األموي‬ ‫سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن المستعين باهلل سنة ‪407‬هـ‪/‬‬ ‫‪1016‬م ـ سقطت دولة بني حمود على يد بني زيري ملوك غرناطة باستيالئهم‬ ‫على مالقة وعلى يد بني عباد بسيطرتهم على الجزيرة الخضراء وعاد بني‬ ‫حمود إلى المغرب ـ‪.‬‬ ‫جـ ‪ -‬الصقالبة‪ :‬يف شرق األندلس يف داني�ة واجلزر الشرقية (البليار) وغريب‬ ‫حوض البحر املتوسط‪.‬‬ ‫•وهؤالء كانوا من سبي الشعوب السالفية وأطلق العرب عليهم اسم الصقالبة‪،‬‬ ‫وقد جلبهم الحاجب منصور بن أبي عامر وينسبون مماليك المنصور ـ‬ ‫المؤسس مجاهد العامري‪.‬‬ ‫•الدولة العامرية ـ من مماليك الحاجب منصور بن أبي عامر ـ الصقلبية في‬ ‫دانية والجزر الشرقية (البليار) وسردانيا وغربي حوض البحر المتوسط (شرق‬ ‫األندلس)‪.‬‬ ‫عصر السيطرة املغربية ‪612-479‬هـ = ‪1214-1086‬م‬ ‫•سيطرة المرابطين ‪514-448‬هـ = ‪1147-1056‬م‪.‬‬ ‫‪306‬‬ ‫•سيطرة الموحدين ‪609-558‬هـ‬ ‫= ‪1212-1162‬م‪ :‬موقعة العقاب‬ ‫‪609‬هـ‪1212/‬م انتصر األسبان وقضى على الموحدين‪.‬‬ ‫•مملكة غرناطة (عصر بني نصر‪ ،‬بني األحمر) ‪898-629‬هـ = ‪-1231‬‬ ‫‪1492‬م‪ :‬سقطت بيد األسبان سنة ‪898‬هـ‪1492/‬م‪.‬‬ ‫دولة املرابطون (الدولة الصحراوية)‬ ‫يرجع نسب هذه الدولة الصحراوية إلى قبيلة صنهاجة اللثام ـ وفوق اللثام النقاب‬ ‫ـ البربرية بالجنوب الغربي (المغرب األقصى) وجزء من الجزائر واألندلس‪ ،‬والعاصمة‬ ‫في بداية التأسيس أغمات لغاية بناء األمير أبو بكر بن عمر اللمتوني للعاصمة الجديدة‬ ‫مراكش‪ ،‬وكانت دولة المرابطون هي أول دولة وحدت المغربين األقصى واألوسط‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أول دولة ملكية وراثية من أبناء المغرب أنفسهم‪.‬‬ ‫يسكنون في آخر بالد اإلسالم أي السنغال وامتد نفوذها من جهة الغرب المحيط‬ ‫ً‬ ‫األطلسي وشرقا نهري النيجر والسنغال إلى تونس وشمااًل جبال البرانس حيث منطقة‬ ‫سلجماسة (تافيالت) وجنوبًا إلى السودان حيث مملكة غانة الكبيرة ونشرهم لإلسالم في‬ ‫السودان وما وراء تخوم الصحراء من إفريقيا السوداء‪ ،‬سقطت على يد المهدي محمد‬ ‫ابن عبد اهلل بن تومرت‪ ،‬وكان الجهاد هو دستور هؤالء المرابطون في نشر اإلسالم في‬ ‫الجناح الغربي للعالم اإلسالمي وحاربوا كل من عبد غير اهلل‪ ،‬وهي أول دولة ملكية‬ ‫وراثية من أبناء المغرب أنفسهم‪ ،‬ومن أشهر القبائل الصنهاجية اللثام البربرية هما قبيلة‬ ‫جدالة التي كانت تقيم بالقرب من نهري النيجر والسنغال وساحل المحيط‪ ،‬وقبيلة‬ ‫لمتونة في شمال الصحراء الغربية ـ صحراء شنجيط (موريتانيا اآلن) ـ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫املرابطون‪ :‬اسم أطلق على رجال قبيلة جدالة في الجنوب‪ ،‬وقيل على رجال‬ ‫قبيلة لمتونة في الشمال‪ ،‬وقيل لقب أطلقه الزعيم الروحي عبد اهلل بن ياسين ـ‬ ‫(ت‪451‬هـ‪1059/‬م) ـ على قبيلة لمتونة عقب انتصارها على قبائل البربر الوثنية‪،‬‬ ‫‪307‬‬ ‫وقيل لقب يمنحه الزعيم ألتباعه اجملاهدين لنشر اإلسالم‪ ،‬وقيل سماهم عبد اهلل بن‬ ‫ياسين لما اجتمع له نحو ألف رجل للزومهم رابطته‪ ،‬وكان للقائد والوالي على المغرب‬ ‫عبيد اهلل بن الحباب دور كبير في نشر اإلسالم بين القبائل الصحراوية بما وجهه من‬ ‫حمالت عسكرية قادها حبيب بن أبي عبيدة الفهري إلى الصحراء الغربية (صحراء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا التجار‬ ‫حاليا موريتانيا) لغاية أرض السودان (مملكة غانة الكبرى)‪،‬‬ ‫سنجيط‪،‬‬ ‫المسلمين الذين شقوا طريقهم في هذه المنطقة‪.‬‬ ‫‪1.1‬املؤسس حيىي بن إبراهيم اللمتوين اجلدايل (الكدايل)‪:‬‬ ‫من قبيلة صنهاجة وسانده الزعيم الروحي عبد اهلل بن ياسين الجزولي ـ ولهذا‬ ‫التأسيس واالصالحات الدينية آراء منها‪ :‬أن يحيى رغب في القضاء على حالة الجهل‬ ‫والتفرقة بين أتباعه وفي بالده‪ ،‬فسار االشعاع الحضاري في المغرب والتقى بشيخ‬ ‫المالكية بالقيروان أبا عمران الفاسي الغفجومي ووضعا خطوط القضاء على الجهل‬ ‫والتفقه وبناء دولة لقاطني الصحراء‪ ،‬وأحاله إلى واجاج بن زولو (زللو) اللمطي ـ في‬ ‫بالد السوس ـ فاتصل به يحيى ورشح له عبد اهلل بن ياسين الجزولي‪ ،‬وقيل حج يحيى‬ ‫والتقى بالفقيه عبد اهلل بمكة ودعاه إلى بالده فسارا ً‬ ‫معا وعمال في خدمة الدعوة حوالي‬ ‫(‪ً )21‬‬ ‫عاما في خاللها نشرا اإلسالم والوحدة مما خلق قوة دينية وعسكرية كان لها الدور‬ ‫الفعال في الخروج من الصحراء واالتجاه شمااًل نحو المغرب وجنوبًا نحو السودان هذا‬ ‫ما حدث بعد وفاة يحيى بن إبراهيم الجدالي ونقل عبد اهلل بن ياسين القيادة من جدالة‬ ‫ـ التي رشحت له ً‬ ‫أميرا ليخلف يحيى بن إبراهيم فرفض مما أدى إلى العصيان والتوجه‬ ‫نحو الساحل ـ إلى لمتونة بإختياره أبا زكريا يحيى بن عمر اللمتوني وأعلن عبد اهلل بن‬ ‫ياسين أن المرابطين هم اللمتونيون‪.‬‬ ‫‪2.2‬أبو زكريا حيىي بن عمر (ت‪448‬هـ‪1056/‬م)‪:‬‬ ‫لما رفض عبد اهلل بن ياسين تولية أمير من قبيلة َجدالة ـ بعد وفاة األمير يحيى بن‬ ‫إبراهيم الجدالي ـ فأخرجوه من مناطق استقرارهم سار إلى قبيلة لمتونة وأسند إلى األمير‬ ‫‪308‬‬ ‫أبي زكريا يحيى بن عمر القيادة وأسس رباط للجهاد وتسامع به الناس فأقبلوا واعتنقوا‬ ‫اإلسالم فسماهم المرابطين‪ ،‬وعمد يحيى بن عمر إلى نشر العدل وردع الظالمين‬ ‫ً‬ ‫هجوما من قبل‬ ‫والفاسدين‪ ،‬الهجوم على سجلماسة عاصمة بني واسول‪ ،‬وواجه يحيى‬ ‫قبيلة جدالة على جبل لمتونة وأسفر عن قتل األمير يحيى بن عمر وخلفه أخوه أبو بكر‬ ‫بن عمر اللمتوني‪.‬‬ ‫‪3.3‬أبو بكر بن عمر اللمتوين‪:‬‬ ‫في خالل حكمه عمد إلى رفع الظلم ونشر العدل ومحاربة قبيلة زناتة ثم الخروج‬ ‫إلى خارج الصحراء شمااًل وجنوبًا لنشر اإلسالم‪ :‬بسط سيطرته ونفوذه على بالد السوس‬ ‫ـ ففتح جزولة وماسة ـ وعاصمتها تارودانت ـ وكان يقطنها روافض الشيعة (البجليين)ـ‪،‬‬ ‫كما تقدم إلى المصامدة ففتح جبل درن ومدينة نفيس من بالد الحوز وسقطت العاصمة‬ ‫َ‬ ‫أغمات وقتل أميرها لقوط بن يوسف المغراوي‪ ،‬واتخذ أبو بكر بن عمر من أغمات‬ ‫عاصمة مؤقتة لغاية بناء مراكش سنة ‪462‬هـ‪1070/‬م‪.‬‬ ‫وفاة الداعية عبد اهلل بن ياسين‪ :‬لما ترامت إلى مسامع عبداهلل بما عليه الغرب‬ ‫والجنوب حيث قبائل برغواطة وماتدين به من الوثنية ـ عبادتهم للكبش‪ ،‬وعاصمتهم‬ ‫شالة‪ ،‬المؤسس طريف بن شمعون سنة ‪125‬هـ‪742/‬م في سهول المحيط األطلسي‬ ‫ُ‬ ‫وأسقطها المرابطين ـ تقدم إليهم وحدثت معركة شرسة قتل فيها الداعية عبد اهلل بن‬ ‫ياسين وتولى أبو بكر بن عمر اللمتوني القيادتين العسكرية والروحية للمرابطين‪ ،‬فعمد‬ ‫إلى رص الصفوف والتقدم نحو برغواطة فألحق بهم الهزيمة ـ سقطت برغواطة في عهد‬ ‫عبد المؤمن بن علي الكومي الموحدي ـ وقضى عليهم‪.‬‬ ‫أرسل أبو بكر بن عمر ابن عمه يوسف بن تاشفين لقتال غمارة في الشمال حيث‬ ‫الجبال‪ ،‬وفي أثناء القتال بينهما حدثت ثورة في فاس من قبل الزناتيين وقتلهم للوالي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فاضطر يوسف إلى العودة إلى فاس ودخولها صلحا وهذه المرة الثانية التي يتم فرض السيطرة‬ ‫على فاس‪ ،‬ثم عاد لقتال غمارة فنشر اإلسالم في جبالها وطنجة وحصونها الثالث (تاودا‪،‬‬ ‫وبني تودة‪ ،‬وأمرجو)‪ ،‬وفي عهده تم بناء مدينة مراكش واتخذها عاصمة لدولة المرابطين‪.‬‬ ‫‪309‬‬ ‫توفي في أثناء حملته لنشر اإلسالم جنوبًا في بالد السودان الوثنية ـ كان يحكم‬ ‫ً‬ ‫بالد السودان الغربي مملكة غانا (إمبراطورية بافور سابقا) ـ‪ ،‬وكان قد عهد إلى ابن‬ ‫عمه يوسف بن تاشفين نيابة حكم البالد ـ ألنه يرغب في الجهاد عبر الصحراء وال‬ ‫يعلم مصيره ـ وتقدم أبو بكر بن عمر اللمتوني في الصحراء مسيرة ثالثة أشهر إلى‬ ‫أن بلغ إلى جبل الذهب (بالد نقارة خارج حدود غانا) في حوالي (‪ً )12‬‬ ‫ً‬ ‫ناشرا‬ ‫عاما‬ ‫اإلسالم في مناطق تقدمه لغاية أن أستشهد بسهم مسموم في سنة ‪480‬هـ‪1087/‬م‬ ‫ـ بعد سقوط مملكة غانا حلت مكانها مملكة مالي اإلسالمية التي هي جهد األمير‬ ‫أبو بكر بن عمر اللمتوني في مرابطيه الملثمين ـ‪.‬‬ ‫‪4.4‬يوسف بن تاشفني ‪500-462‬هـ = ‪1106-1069‬م‪:‬‬ ‫في سنة ‪462‬هـ‪1069/‬م أسند إليه األمير أبو بكر بن عمر اللمتوني نيابة الحكم‬ ‫في دولة المرابطين وأصبح أميرها ومؤسسها الفعلي في سنة ‪466‬هـ‪1073/‬م‪ ،‬وكان‬ ‫أحد قواد أبو بكر بن عمر وابن عمه‪ ،‬استطاع إكمال فتح المغرب األقصى (فاس) من بني‬ ‫ُ‬ ‫يفرن‪ ،‬والمغرب األوسط (الجزائر) من مغراوة ـ عاصمة الدولة المغراوية هي وجدة ـ‬ ‫وبنى في مدينة فاس المساجد واألسواق والحمامات‪ ،‬وأكمل بناء مدينة مراكش‪،‬‬ ‫واستغرق في البناء مدة خمس سنوات‪ ،‬وأكمل بناؤها ابنه علي بن يوسف‪ ،‬وكان أول‬ ‫ً‬ ‫جهدا ً‬ ‫كبيرا لبناء‪ :‬أسطول بحري تمكن من االستيالء‬ ‫ملك بربري حكم المغرب‪ ،‬بذل‬ ‫على سبتة حيث حاصرها بحريًا المعتمد بن عباد ويوسف ً‬ ‫برا حتى تم الفتح‪ ،‬ثم استولى‬ ‫على طنجة ومليلة ـ معركة الزالقة ما أن عبر إليه المعتمد بن عباد ملك إشبيلية وأبلغه‬ ‫رغبة أهل األندلس في نجدتهم‪ ،‬حتى لبى الدعوة وعبر إلى األندلس ثم تقدم إلى‬ ‫إشبيلية إلى بطليوس حيث خاض معركة الزالقة سنة ‪479‬هـ‪1086/‬م ضد ألفونسو‬ ‫السادس بجيشه الجرار بسهل الزالقة من ناحية بطليوس وتمكن من هزيمته وإصابته‬ ‫بطعنة في فخذه وفراره تحت جنح الظالم إلى طليطلة‪ ،‬وبهذا النصر آمن األندلسيون‬ ‫على دينهم وأنقذ األندلس من السقوط في يد النصارى‪ ،‬وبعد هذه المعركة تلقب بلقب‬ ‫أمير المسلمين وهو أول من تلقب بهذا اللقب‪ ،‬ثم عاد إلى المغرب لكن ما لبث أن رجع‬ ‫‪310‬‬ ‫ملوك الطوائف في األندلس إلى حياة اللهو واجملون والتنافس فيما بينهم مما جعل تعم‬ ‫البالد الفوضى واالضطراب والتهديد الخارجي‪ ،‬فاستنجد به فقهاء األندلس وأعيانها‬ ‫ً‬ ‫فعبر ثانية إلى األندلس سنة ‪483‬هـ‪1090/‬م وضم األندلس إليه عن طريق إرسال (‪)4‬‬ ‫جيوش ونفي المعتمد بن عباد إلى أغمات ومكث المرابطون في األندلس ستين ً‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫ضرب السكة باسمه ونقش على الدينار‪> :‬ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل<‪ ،‬وتحت‬ ‫ذلك أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين سنة ‪480‬هـ‪1087/‬م‪.‬‬ ‫كما أنشأ الدواوين واتخذ األعالم البيضاء المطرزة باآليات القرآنية‪ ،‬ووحد‬ ‫المغرب واألندلس في دولة واحدة عاصمتها مراكش‪.‬‬ ‫لقب نفسه بأمير المؤمنين وأعلن طاعته للخليفة العباسي أحمد المستظهر باهلل يبايعه‬ ‫ً‬ ‫ويطلب منه تقليدا على ما بيده من أعمال األقاليم في سنة ‪476‬هـ‪1083/‬م فأجابه لذلك‬ ‫وخاطبه بأمير المسلمين وناصر الدين وكان رسوله إلى الخليفة هو الفقيه عبد اهلل بن محمد‬ ‫ابن العربي المعافري اإلشبيلي وولده القاضي أبا بكر بن العربي‪ ،‬ضم بالط يوسف العلماء‬ ‫والكتاب مثل عبد الرحمن بن أسباط‪ ،‬والكاتب الوزير محمد بن عبد الغفور الذي كتب‬ ‫مرسوم العهد البنه علي‪ ،‬كما حرص على شراء األسلحة وآالت الحرب من مصانع في‬ ‫إشبيلية وألمرية ومن مدينة برذيل (بوردو) ـ التي اشتهرت بسيوفها البرذليات ـ في فرنسا‪.‬‬ ‫‪5.5‬علي بن يوسف بن تاشفني ‪537-500‬هـ = ‪1143-1106‬م‪:‬‬ ‫•بويع له بالعهد في عهد والده يوسف بمدينة قرطبة سنة ‪496‬هـ‪1102/‬م‪،‬‬ ‫ولما توفي بايعوه وكان أول من بايعه أخيه األكبر أبو الطاهر تميم وامتنع عن‬ ‫بيعته ابن أخيه يحيى بن أبي بكر فسار إليه علي وسيطر على فاس وفر منها‬ ‫يحيى‪ ،‬وتلقب علي بلقب أمير المسلمين‪.‬‬ ‫•سار على سياسة والده في الجهاد ومال إلى الزهد والتقشف وتقريب الفقهاء‪.‬‬ ‫•بناء سور لمدينة مراكش‪ ،‬بناء جامع الوانشريشي‪.‬‬ ‫•جهاده ضد نصارى األندلس تحت قيادة ألفونس السادس ـ صاحب طليطلة ـ‬ ‫‪311‬‬ ‫ً‬ ‫فسير جيشا بقيادة تميم بن يوسف والي غرناطة فانتصر عليهم في معركة إقليش‬ ‫ً‬ ‫وأيضا عبور يوسف بنفسه إلى األندلس‬ ‫سنة ‪502‬هـ‪1108/‬م وقتل ألفونس‪،‬‬ ‫وفتح طاليوت‪ 27 ،‬حصنًا من أعمال طليطلة‪ ،‬وفتح شريش وبطليوس وبابرة‬ ‫وإشبونة (لشبونة)‪ ،‬ولكن النصارى في سنة ‪513‬هـ‪1119/‬م سيطروا على‬ ‫سرقسطة وقلعة أيوب شرقي األندلس‪.‬‬ ‫•ثورة أهالي قرطبة على الوالي وجند المرابطين وفرار الوالي إلى المغرب ـ‬ ‫سبب الثورة‪ :‬تعدي أحد عبيد الوالي على امرأة فاستغاثت وأشعلت الحرب‬ ‫بين العبيد وجند المرابطين وأهل قرطبة وأحرقوا دار الوالي وهرب إلى‬ ‫المغرب ـ ولما ترامت األنباء إلى يوسف عبر إلى األندلس وحاصر قرطبة‬ ‫وعقد الصلح‪.‬‬ ‫•أمر علي بن يوسف بإخراج محمد بن تومرت ـ وكان معه عبد المؤمن ومحمد‬ ‫الوانشريشي ـ من مراكش فسار إلى بالد السوس‪.‬‬ ‫•معركة البحيرة بين المرابطين ومحمد بن تومرت وقائده محمد البشير‬ ‫الوانشريشي وانتهت بهزيمة ابن تومرت ومقتل قائده محمد‪ ،‬ثم وفاة‬ ‫محمد بن تومرت في سنة ‪524‬هـ‪1129/‬م‪ ،‬وخلفه في زعامة الموحدين‬ ‫عبد المؤمن بن علي والذي استولى على بالد السوس‪ ،‬ومنها تقدم إلسقاط‬ ‫دولة المرابطين‪ ،‬وفي خالل هذا التقدم للموحدين توفي علي بن يوسف‬ ‫وتولى ابته تاشفين صد التقدم ولكنه فشل‪.‬‬ ‫‪6.6‬تاشفني بن علي بن يوسف بن تاشفني ‪539-537‬هـ = ‪1145-1142‬م‪:‬‬ ‫لما توفي علي تولى ابنه تاشفين وكان عليه مطاردة ومحاربة عبد المؤمن بن علي‬ ‫الموحدي لذا ولى ابنه إبراهيم على العاصمة مراكش وتقدم تاشفين إلى تلمسان فدخلها‬ ‫فسار إليه عبد المؤمن بن علي ونشب القتال بينهما وانتهى بفرار تاشفين إلى وهران سنة‬ ‫ُ‬ ‫‪539‬هـ‪1145/‬م فحاصره الموحدون وقتل عندما قفز لينجو من النار فسقط على صخرة‬ ‫قتلته‪ ،‬فأسند األمر من بعده أخاه إسحاق بن علي‪.‬‬ ‫‪312‬‬ ‫‪7.7‬إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفني ‪541-539‬هـ = ‪1147-1144‬م‪:‬‬ ‫ولي بعد أخيه تاشفين‪ ،‬فتقدم إلى فاس عبد المؤمن الموحدي فاستولى عليها‬ ‫ثم تقدم تجاه العاصمة مراكش فدخلها وقبض على إسحاق وقتله سنة ‪541‬هـ‪1146/‬م‬ ‫وأسقط الدولة المرابطية‪.‬‬ ‫ومن األدباء ممن التحق بخدمة األمراء المرابطين نذكر منهم‪ :‬األديب ابن باجة‪،‬‬ ‫والكاتب الفتح بن خاقان مؤلف كتابي >القالئد<‪ ،‬و>المطمح<‪ ،‬الشاعر أبو إسحاق‬ ‫بن خفاجة‪ ،‬وابن بسام مؤلف كتاب >الذخيرة<‪ ،‬القاضي عياض بن موسى اليحصبي‬ ‫له مؤلفات منها‪> :‬إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم<‪ ،‬وكتاب >الشفا<‪ ،‬وكتاب‬ ‫>مشارق األنوار<‪ ،‬واألديب الوزير أبو القاسم بن الجد (ابن األحدب)‪ ،‬وأبو بكر بن‬ ‫محمد (ابن القبطرنة)‪.‬‬ ‫الدولة املوحدية يف املغرب‬ ‫خلفاء الدولة الموحدية سمو بذلك؛ ألنهم أول من تكلموا بالتوحيد‪.‬‬ ‫الداعية محمد بن عبد اهلل بن تومرت نشر العدل‪ ،‬سقطت في سنة ‪667‬هـ‪/‬‬ ‫‪1268‬م‪ ،‬وحلت محلها الدولة المرينية‪.‬‬ ‫أ ـ بنو حفص‪ ،‬ب ـ بنو عبد الواد‪ ،‬جـ ـ بنو مرين‪.‬‬ ‫‪1.1‬عبد املؤمن بن علي بن يعلى ‪558-524‬هـ = ‪1163-1130‬م‪:‬‬ ‫كان عبد المؤمن يؤثر أهل العلم ويجل العلم والعلماء فاتخذ منهم الوزراء‬ ‫كعبد السالم بن محمد الجومي‪ ،‬وأبي جعفر بن عبد المؤمن‪ ،‬واتخذ ً‬ ‫أيضا من األدباء‬ ‫كتابًا له كأبي جعفر بن عطية وأخيه عطية بن عطية‪ ،‬وأبي الحسن بن عياش‪ ،‬وكان‬ ‫قد بويع له بالخالفة بعد وفاة محمد بن عبد اهلل بن تومرت سنة ‪524‬هـ‪1129/‬م ـ‬ ‫البيعة الخاصة‪ ،‬ثم العامة سنة ‪526‬هـ‪1131/‬م في مركز الدعوة الموحدية تينمل ـ‪،‬‬ ‫استطاع عبد المؤمن إسقاط الدولة المرابطية بقتل آخر أمرائها إسحاق بن علي‪ ،‬ومن‬ ‫‪313‬‬ ‫أعماله‪ :‬استيالئه على فاس ومراكش وتلمسان‪ ،‬ومحاربة زناتة‪ ،‬وبناء مساجد في وهران‬ ‫ومراكش وسجلماسة‪.‬‬ ‫•نشر اإلسالم بين الوثنين فسار إلى بالد نادال وسيطر عليها وتقدم إلى بالد‬ ‫ً‬ ‫وأيضا أخضع قبائل تيغر وفازار وغياثة‪.‬‬ ‫درعة فأخضعها لنفوذه‪،‬‬ ‫•جهاده في بالد األندلس‪ ،‬ولما توفي خلفه في الحكم ابنه محمد فلم يستطع‬ ‫ً‬ ‫اإلدارة والقيادة وخوفا من خروج الحكم من أبناء عبد المؤمن فاتفقوا على‬ ‫إسناد األمر إلى أخيه يوسف لتميزه بالحنكة السياسية‪.‬‬ ‫‪2.2‬أبو يعقوب يوسف بن عبد املؤمن ‪580-558‬هـ = ‪1184-1162‬م‪:‬‬ ‫كان يعمل على جمع األموال إلنفاقها في شراء األسلحة وتجنيد الجيوش وجمع‬ ‫الكتب من أنحاء المغرب واألندلس‪ ،‬وممن اشتهر من العلماء في عصره منهم‪ :‬الفيلسوف‬ ‫أبو بكر بن طفيل‪ ،‬وأبو الوليد بن رشد‪ ،‬والوزير الطبيب أبو بكر بن زهر‪ ،‬والفقيه ابن الجد‪.‬‬ ‫•نشر العدل والرخاء‪ ،‬سك النقود‪.‬‬ ‫•استطاع القضاء على ثورة مرزدع الغماري بسيطرته على نازا وقتل مرزدع‪.‬‬ ‫جهاده يف األندلس‪ :‬سار أخاه أبا حفص إلى طليطلة وغنم األموال وألحق الهزيمة‬ ‫بالنصارى ثم عاد‪ ،‬وفي سنة ‪580‬هـ‪1184/‬م عبر يوسف إلى األندلس وفتح شنترين‬ ‫ُ‬ ‫وتقدم إلى أشبونة (لشبونة‪ ،‬البرتغال اآلن) وتمكن من هزيمتهم ولكنه أصيب بإصابات‬ ‫بالغة أدت إلى وفاته في طريق العودة فحمل ودفن في تينمل وخلفه في الحكم ابنه‬ ‫يعقوب المنصور‪.‬‬ ‫‪3.3‬أبو يوسف يعقوب (املنصور) بن يوسف بن عبد املؤمن ‪595-580‬هـ =‬ ‫‪1199-1184‬م‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أختلف في واليته للعهد هل بويع له في حياة والده أم بويع له بعد وفاة والده‪،‬‬ ‫ومن وزرائه يعقوب المنصور بن أبي حفص الهنتاتي‪.‬‬ ‫‪314‬‬ ‫•ثورة ابن غانية (نسبة إلى أمهما) هما‪ :‬يحيى ومحمد‪ ،‬واألخير فرض سيطرته‬ ‫على جزيرة ميورقة وبجاية وقلعة بني حماد وما حولها‪ ،‬فسار إليه يعقوب‬ ‫وتمكن من هزيمته‪.‬‬ ‫•معركة األراك في األندلس سنة ‪585‬هـ‪1189/‬م‪ ،‬فقد عبر يعقوب إلى‬ ‫األندلس والتقى مع ألفونس بالقرب من حصن األراك وانتهت المعركة بقتل‬ ‫القائد الموحدي أبي يحيى بن أبي حفص الهنتاتي وهرب ألفونس ودخل‬ ‫ً‬ ‫الموحدون حصن األراك وأن الموحدين أسروا أعدادا ال حصر لها‪ ،‬وكذا‬ ‫الغنائم الكبيرة ثم جمع ألفونس جموعه والتقى مع الموحدين في سنة‬ ‫‪592‬هـ‪1195/‬م فنال الهزيمة وطلب الصلح فعقدت الهدنة لمدة (‪)5‬‬ ‫سنوات‪ ،‬وهي آخر المعارك التي انتصر فيها المسلمون على نصارى األندلس‪.‬‬ ‫•إرسال صالح الدين األيوبي الرسل والهدايا لطلب نجدة بحرية الموحدين‬ ‫لوقف تقدمهم (الصليبيين) إلى سواحل الشام‪ ،‬فأرسال يعقوب حوالي‬ ‫(‪ )180‬سفينة حالت دون استيالء الصليبيين على المدن الساحلية الشامية‪.‬‬ ‫•إتمام بناء مدينة الرباط وشيد مسجدها الذي تميز بمئذنته (منارة حسان) التي‬ ‫يصعد إليها بغير درج‪ ،‬وبناء سور مدينة فاس‪ ،‬وإسناد والية العهد البنه‬ ‫محمد‪ ،‬توفي بالمغرب ـ وقيل بالشام ـ بمدينة تينمل‪.‬‬ ‫‪4.4‬محمد بن يعقوب املنصور (الناصر لدين هللا) ‪610-595‬هـ = ‪-1198‬‬ ‫‪1213‬م‪:‬‬ ‫ولما توفي والده جددت البنه محمد البيعة سنة ‪595‬هـ‪1198/‬م‪.‬‬ ‫•حرب ابن غانية بإفريقية ـ الذي فرض سيطرته على المهدية وتونس وقفصة‬ ‫وقابس ـ فسار محمد على رأس الجيش البري تسانده سفن األسطول بقيادة‬ ‫يحيى بن أبي زكريا الهزرجي ففر ابن غانية إلى المهدية فحاصره فهرب من‬ ‫إفريقية التي فرض نفوذه عليها محمد وعين وزيره أبو محمد عبد الواحد بن‬ ‫أبي حفص الهنتاتي‪.‬‬ ‫‪315‬‬ ‫•ثورة علوان (علودان) الغماري التي تمكن محمد من القضاء على ثورته‪.‬‬ ‫•معركة العقاب ضد الفرنجة في األندلس سنة ‪609‬هـ‪1212/‬م‪ ،‬كان سببها‬ ‫إغارة ألفونس على األندلس وسبي نساءها وأطفالها‪ ،‬فعبر محمد إلى األندلس‬ ‫وتقدم لغاية أن وصل إلى إشبيلية ثم حاصر حصن سلبطرة لمدة (‪ )8‬أشهر‬ ‫وانتهز ألفونس ما لحق بالموحدين من الضعف وتقدم فالتقى الجيشان في‬ ‫ُ‬ ‫حصن ُ‬ ‫العقاب هزم محمد وفر‪ ،‬ومن أهم أعماله إتمام بناء سور فاس‪ ،‬ثم‬ ‫تولى ابنه أبو يعقوب يوسف الثاني‪.‬‬ ‫‪5.5‬أبو يعقوب يوسف الثاين ‪610‬هـ ‪1213/‬م‪:‬‬ ‫وفي عهده سيطر الوزراء على األمراء وصاروا يولون صغارهم لغاية فرض نفوذهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫‪6.6‬أبو محمد عبد الواحد يوسف بن عبد املؤمن‪ :‬قتل مخنوقا‪.‬‬ ‫‪7.7‬العادل بن يعقوب املنصور‪:‬‬ ‫‪8.8‬المأمون بن يعقوب املنصور (ت‪630‬هـ‪1232/‬م)‪:‬‬ ‫‪9.9‬الرشيد بن المأمون (ت‪640‬هـ‪1243/‬م)‪:‬‬ ‫‪1010‬أبو احلسن السعيد علي بن المأمون بن املنصور‪:‬‬ ‫الهدنة مع بني مرين‪ ،‬قتله بنو ريان‪.‬‬ ‫‪1111‬أبو حفص عمر (آخر أمراء الدولة املوحدية)‪:‬‬ ‫•ثورة أبو العالء إدريس (أبي ديوس)‪ ،‬وسقطت الدولة الموحدية‪.‬‬ ‫الدول املستقلة يف املغرب ومصر والشام‬ ‫•دولة بني واسول (مدرار) في المغرب األقصى‪= 349-140 :‬‬ ‫‪960-757‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الرستمية في المغرب األوسط‪296-140 :‬هـ‬ ‫‪908-761‬م‪.‬‬ ‫=‬ ‫•دولة األدارسة في المغرب األقصى‪363-172 :‬هـ = ‪-788‬‬ ‫‪973‬م‪.‬‬ ‫•دولة األغالبة في المغرب األدنى‪296-184 :‬هـ = ‪-800‬‬ ‫‪908‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الطولونية في مصر‪292-254 :‬هـ = ‪905-868‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الفاطمية في المغرب األدنى‪ ،‬ومصر‪567-297 :‬هـ =‬ ‫‪1171-909‬م‪.‬‬ ‫•الدولة اإلخشدية في مصر والشام‪358-323 :‬هـ = ‪-935‬‬ ‫‪969‬م‪.‬‬ ‫‪319‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا هو ما نقصد به‬ ‫التعريف باملغرب‪ :‬هو كل ما يقابل المشرق من بالد‪،‬‬ ‫الشمال اإلفريقي من غربي مصر حتى المحيط األطلسي‪ ،‬باب المغرب مدينة اإلسكندرية‪.‬‬ ‫احلدود‪ :‬الشرق تلمسان‪ ،‬الغرب المحيط األطلسي‪ ،‬الشمال البحر المتوسط‬ ‫ً‬ ‫وسلسلة جبال الريف تمتد من المحيط غربًا إلى تلمسان شرقا‪ ،‬الجنوب سلسلة جبال‬ ‫أطلس والصحراء الكبرى‪.‬‬ ‫التقسيم‪ :‬المغرب األدنى‪ :‬يشمل تونس الحالية‪ ،‬وبعض شرق الجزائر‪ ،‬قامت‬ ‫فيه دولة األغالبة‪ ،‬الدولة الفاطمية‪.‬‬ ‫املغرب األوسط‪ :‬يشمل الجزائر الحالية‪ ،‬قامت فيه‪ :‬دولة بني واسول (المدرارية)‪،‬‬ ‫دولة بني رستم الخارجية األباضية‪ ،‬والدولة الزيرية الصنهاجية‪ ،‬ودولة بني عبد الواد‬ ‫(بني زيان)‪.‬‬ ‫املغرب األقىص‪ :‬يشمل ً‬ ‫حاليا المملكة المغربية والسودان وتخو الصحراء الكبرى‬ ‫اإلفريقية‪ ،‬والسنغال‪ ،‬ويليهم من جهة الغرب المحيط‪ ،‬دولة األدارسة‪ ،‬دولة المرابطون‪،‬‬ ‫دولة الموحدون‪ ،‬بنو مزين (بنو عبد الواد)‪ ،‬وبنو وطاس‪ ،‬السعديون‪.‬‬ ‫السكان‪ :‬أ‪ -‬البربر‪ :‬كلمة دخيلة أطلقها الرومان واإلغريق والعرب وهم ينقسمون‬ ‫إلى‪ -1 :‬بربر بتر‪ :‬وهم بدو رحل من رجل اسمه مادعيس يعيشون في داخل الصحاري‪-2 ،‬‬ ‫بربر البرانس‪ :‬يسكنون حضر في الشمال الساحلي من رجل اسمه برنس يعملون بالزراعة‪،‬‬ ‫وهم بدون غطاء الرأس‪ ،‬ب‪ -‬األفارقة‪ :‬تعني أخالط من الناس (أو سكان بعض مناطق آسيا)‪،‬‬ ‫جـ ‪-‬الروم‪ :‬يسكنون السواحل‪.‬‬ ‫الديانة‪ :‬أ‪ -‬المسيحية في السواحل الشمالية‪ ،‬ب‪ -‬اليهودية‪ ،‬جـ‪-‬الوثنية في‬ ‫المناطق الداخلية‪ ،‬د‪-‬إعتقادهم في السحر والشعوذة والتنبؤ‪.‬‬ ‫صعوبات فتح بالد املغرب‪ -1 :‬كرههم للحكومة المركزية‪ -2 ،‬الحرية‬ ‫واالستقالل‪ -3 ،‬طبيعة البالد الجبلية‪ -4 ،‬عدم وجود أسطول إسالمي‪ -5 ،‬شجاعتهم‬ ‫‪320‬‬ ‫وشدتهم‪ -6 ،‬الدعاية المغرضة التي أشاعها الروم عن المسلمين‪ -7 ،‬نفورهم من أي‬ ‫شيء يأتي من الخارج‪.‬‬ ‫الفتوحات يف عهد الراشدين‪ :‬في عهد عمر‪ :‬بدأت حركة نشر اإلسالم بعد‬ ‫ً‬ ‫فتح مصر مباشرة بقيادة عمرو بن العاص لغزو برقة وطرابلس‪ ،‬ثم مسير عقبة بن نافع‬ ‫لفتح زويلة‪ ،‬وفي عهد عثمان‪ :‬مسير عبد اهلل بن سعد بن أبي السرح وإلى مصر للفتح‬ ‫واالنتصار على البربر في معركة سبيطلة وأسر الملك وزمار بن صقالب بن صقالب أمير‬ ‫مغراوة‪ ،‬ثم إسالمه‪ ،‬ثم عاد إلى مصر لمحاربة أهل النوبة‪.‬‬ ‫الفتوحات يف عهد الدولة األموية‪ :‬في عهد معاوية أرسل عمرو بن العاص القائد‬ ‫عقبة بن نافع الفهري في حملة استكشافية إلى برقة وطرابلس فسيطر عليهما‪ ،‬ثم فتح‬ ‫قابس وبنزرت وسوسة وودان وغدامس‪ ،‬ثم عاد إلى مصر دون أن يترك أية حامية‪ ،‬وفي‬ ‫ً‬ ‫سنة ‪44‬هـ‪664/‬م ولى مصر عقبة بن عامر الجهني فسير جيشا إلى المغرب بقيادة معاوية‬ ‫بن حديج (‪50-45‬هـ = ‪670-665‬م) فتقدم حتى بلغ جبل القرن (قرب القيروان)‪،‬‬ ‫ثم فتح بنزرت وسوسة فتحها عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬وحصن جلوالء فتحه عبد الملك بن‬ ‫مران‪ ،‬وفتح عقبة بن نافع الفهري مدن‪ :‬ودان وغدامس وقفصة وقصطيلية‪ ،‬وتمكن‬ ‫رويفع بن ثابت األنصاري من فتح جزيرة جربة‪ ،‬وقاد معاوية بن حديج حملة بحرية‬ ‫استطاع اقتحام صقلية‪ ،‬هذه االنتصارات في بالد المغرب حازت على اهتمام معاوية‬ ‫واليا هو عقبة بن نافع الفهري على أن يكون ً‬ ‫فأفرد للمغرب ً‬ ‫تابعا لوالي مصر‪.‬‬ ‫عقبة بن نافع الفهري للمرة األوىل‪55-50 :‬هـ = ‪674-670‬م‪ :‬بناء القيروان‬ ‫لتكون قاعدة عسكرية ثابتة بعيدة عن الساحل وعن جوف الصحراء ً‬ ‫قريبا من مناطق‬ ‫الرعي الخصبة انتهى البناء سنة ‪55‬هـ‪674/‬م‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أبو املهاجر دين�ار‪62-55 :‬هـ = ‪681-674‬م‪ :‬كلما فتح مدينة أقام بها مسجدا مثل‬ ‫بجاية وتلمسان‪ ،‬ميلة‪ ،‬عمل على االمتزاج بين العرب والبربر باإلسالم والتزاوج مثل‬ ‫إسالم كسيلة بن لمزم‪ ،‬وصل فتحه إلى الجزائر ـ وهو أول قائد عسكري مسلم وطئ‬ ‫أرض الجزائر ـ وفتح جزيرة شريك وهاجم قرطاجة ثم عُزل‪.‬‬ ‫‪321‬‬ ‫عقبة بن نافع للمرة الثاني�ة‪64-62 :‬هـ = ‪683-681‬م‪ :‬توغله في بالد المغرب‬ ‫حتى وصل إلى المحيط األطلسي‪ ،‬وفتح مدن باغاية ولميس وأذنة حتى طنجة‪ ،‬وعند‬ ‫عودته هاجمه البربر في موقعة تهوذة ـ بالقرب من مدينة بسكرة في جنوب قسطنطينة ـ‬ ‫ومقتل عقبة وأبو المهاجر دينار ودخول كسيلة القيروان وارتداد المسلمين بقيادة زهير‬ ‫البلوي إلى برقة وإعطائهم األمان ومن أعماله بناء مسجد في مدينة إيجلي قاعدة السوس‬ ‫األعلى‪ ،‬ومقتل صاحب قفصة وتخليص األسرى المسلمين‪.‬‬ ‫زهري بن قيس البلوي‪ :‬ولما ولي الخالفة عبد الملك بن مروان قرر إعادة فتح‬ ‫ً‬ ‫إفريقية فبعث مددا إلى زهير بن قيس فتقدم إلى القيروان وانسحب إلى ممس وهناك‬ ‫ُ‬ ‫وقعت معركة ممس وقتل كسيلة‪ ،‬واستشهد زهير سنة ‪69‬هـ‪688/‬م في معركة مع‬ ‫البيزنطيين وتوقف الفتح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حسان بن النعمان الغساين‪ :‬سير عبد الملك بن مروان جيشا بقيادة حسان بن‬ ‫النعمان الغساني وزوده بأسطول بحري فسار إلى القيروان وبدأ بالقضاء على النفوذ‬ ‫البيزنطي في قرطاجة وعلى المدن الساحلية ثم سار للقضاء على الكاهنة هي من البربر‬ ‫ُ‬ ‫البتر هزم حسان وانسحب إلى برقة ولمدة (‪ )5‬سنوات قامت الكاهنة بتخريب مراكز‬ ‫التمدن وحرق األراضي مما كان ً‬ ‫سببا في النفور منها وتأييد المسلمين فانتهز حسان‬ ‫وتقدم بجيشه والتقى بجيوش الكاهنة عند مدينة قابس (بئر الكاهنة) في جبل أوراس‬ ‫فقتلها وأسلم أبناؤها‪ ،‬ثم سار إلى لقاء البيزنطيين الذين استعادوا قرطاجة وتمكن من‬ ‫هزيمتهم وفرارهم بعد هذه االنتصارات عمد حسان على إنشاء قاعدة بحرية فبنى ميناء‬ ‫تونس وقرطاجة وزودهما بدار صناعة لبناء السفن‪ ،‬كما قام بتوزيع أراضي البيزنطيين‬ ‫على البربر وتنظيم الخراج وتعريب الدواوين‪ ،‬وأخذ يعمل على استمالة البربر بسياسة‬ ‫اللين واشراك البربر في الحكم وإدارة البالد‪ ،‬وفي قيادة الجيش‪ ،‬وساوى في األعطيات‬ ‫والغنائم‪ ،‬قام حسان بتشييد مدينة تونس على أنقاض مدينة رومانية قديمة وشيد فيها‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫جامعا ً‬ ‫ودارا لصناعة السفن‪ ،‬واستعان بحوالي (‪ )1000‬أسرة من مصر لغرض العمل في‬ ‫بناء السفن وفي المالحة‪ ،‬ثم عُزل بناءً على طلبه من قبل الوليد وولي موسى‪.‬‬ ‫‪322‬‬ ‫موىس بن نصري‪ :‬نشر اإلسالم وبنى المساجد وحول الكنائس إلى مساجد وأرسل‬ ‫(‪ )17‬من الفقهاء لتعليم المصامدة في المغرب األقصى‪ ،‬وواصل تقدمه حتى شواطئ‬ ‫المحيط األطلسي‪ ،‬وبناء أسطول قوي هاجم به صقلية وسردينية‪ ،‬وجزر البليار (مينورقة‪،‬‬ ‫ميورقة)‪ ،‬فتح طنجة وولى عليها طارق بن زياد‪ ،‬ثم قصد سبتة وعقد الصلح مع حاكمها‬ ‫يوليان وأحدث في مدينة القيروان دار الضرب لسك النقود وبنى الموسرون الكتاتيب‪،‬‬ ‫وقام موسى ببناء مسجد الرايات في الجزيرة الخضراء باألندلس‪.‬‬ ‫إسماعيل بن عبد هللا بن أيب املهاجر دين�ار‪ :‬في عهد عمر بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫فشيد المساجد مثل الرباطي والزيتونة‪ ،‬إرسال الدعاة من الفقهاء وعددهم (‪ )10‬لنشر‬ ‫اإلسالم‪ ،‬اختيار الصالحين‪ ،‬المساوات‪ ،‬المصاهرات‪ ،‬إرسال الكتب لدعوة الرؤساء‬ ‫إلى اإلسالم‪ ،‬مرور عرب الحجاز عبر المغرب والمشرق إلى األندلس‪ ،‬الذهاب إلى‬ ‫األندلس من عرب المشرق عبر المغرب‪.‬‬ ‫يزيد بن أيب مسلم‪720-102 :‬م‪ :‬في عهد يزيد بن عبد الملك‪ ،‬أساء معاملة البربر‬ ‫فقتلوه وولوا بشر بن صفوان الكلبي فأقره الخليفة هشام‪ ،‬ومن أعماله توسعة مسجد‬ ‫القيروان وشيد له مئذنة من الحجر مربعة الشكل‪.‬‬ ‫عبي�دة بن عبد الرحمن القييس‪ :‬في عهد هشام‪.‬‬ ‫عبي�د هللا بن احلباب‪ :‬واله هشام مصر والمغرب واألندلس‪ ،‬فعمل على تجديد‬ ‫ً‬ ‫جامع تونس وزاد فيه وعُرف بجامع الزيتونة‪ ،‬وأنشأ (‪ )15‬صهريجا خارج مدينة القيروان‬ ‫ً ُ‬ ‫حاليا بفسقية الباي‪.‬‬ ‫المعروف‬ ‫كلثوم بن عياض القصريي‪740-123 :‬م‪.‬‬ ‫حنظلة بن صفوان الكليب‪ :‬قاتل الخوارج‪.‬‬ ‫عبد الرحمن بن حبيب الفهري‪.‬‬ ‫وفي عهد العباسين وباألخص في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور وما بعده تغلب‬ ‫‪323‬‬ ‫البربر األباضية من الخوارج على بالد المغرب األوسط والمغرب األقصى ففيهما قامت‬ ‫دولتان خارجيتان مستقلتان عن سلطة الخالفة العباسية ـ وقد كان الخليفة أبو العباس السفاح‬ ‫قد أسند في سنة ‪133‬هـ‪750/‬م والية المغرب (األدنى) إلى عمه صالح بن علي ـ‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫‪1.1‬دولة بني مدرار (بني واسول) في جنوب المغرب األقصى سنة ‪140‬هـ‪757/‬م‬ ‫تدين بالمذهب الصفري ـ الصفري‪ :‬نسبة إلى زياد بن محمد األصفر وهم‬ ‫يعرفون ً‬ ‫أيضا بالزيادية ـ في سلجماسة (تافيالت اآلن)‪.‬‬ ‫‪2.2‬الدولة الرستمية األباضية ـ األباضية نسبة إلى عبد اهلل بن أباض المري ـ في‬ ‫المغرب األوسط سنة ‪144‬هـ‪761/‬م (في والية وهران غربي الجزائر اآلن)‪.‬‬ ‫أما بني العباس فلم تتجاوز المغرب األدنى (إفريقية)‪ ،‬فقد سير أبو جعفر المنصور‬ ‫الحمالت البرية والبحرية إلى أن استطاع والي مصر محمد بن األشعث الخزاعي من‬ ‫السيطرة على القيروان وما حولها من المغرب األدنى‪.‬‬ ‫محمد بن األشعث اخلزاعي‪ :‬فجدد مسجد ومدينة القيروان‪ ،‬وأعاد النفوذ‬ ‫العباسي‪ ،‬وثار عليه جنده فقتلوه‪.‬‬ ‫عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أيب صفرة العتكي‪ :‬بنى مدينة العباسية‬ ‫(هزارمرد)‪.‬‬ ‫يزيد بن حاتم بن قبيصة بن املهلب‪170-155 :‬هـ = ‪786-771‬م‪ :‬مكث في‬ ‫الحكم حوالي (‪ً )15‬‬ ‫عاما‪ ،‬فقتل أبو حاتم الخارجي‪.‬‬ ‫روح بن حاتم بن قبيصة بن املهلب‪ :‬عم الرخاء والهدوء‪.‬‬ ‫الفضل بن روح بن حاتم‪ :‬واله الرشيد سنة ‪177‬هـ‪793/‬م‪ :‬شغب عليه الجند‬ ‫فقتلوه‪.‬‬ ‫هرثمة بن أعني‪.‬‬ ‫محمد بن مقاتل العكي‪.‬‬ ‫‪324‬‬ ‫إبراهيم بن األغلب‪.‬‬ ‫العوامل التي ساعدت على قيام الدويالت المستقلة في المغرب‪:‬‬ ‫االختالفات المذهبية في أواخر العصر األموي‪.‬‬ ‫‪1.1‬مذهب الخوارج انتشر في المغرب وساعد على قيام عدد من الدويالت‬ ‫المستقلة وهي‪:‬‬ ‫•دولة بني مدرار بسجلماسة‪.‬‬ ‫•دولة بني رستم في تاهرت (المغرب األوسط)‪.‬‬ ‫•أي أن إنتشارها في جنوب طرابلس الغرب وجبل نفوسة بليبيا ومنطقة‬ ‫مزاب شرق الجزائر‪.‬‬ ‫‪2.2‬إنتشار مذهب الخوارج‪:‬‬ ‫•عدم حصر الخالفة في بيت معين‪.‬‬ ‫•اختيار األمة للشخص بغض النظر عن نسبه أو لونه أو جنسه‪.‬‬ ‫•استيفائه لشروط الخالفة‪.‬‬ ‫•التسامح واالعتدال مع المخالفين‪.‬‬ ‫•عدم حصر الخالفة في جنس معين‪.‬‬ ‫•بُعد تلك المناطق عن مركز الخالفة مما يشكل صعوبة الخالفة في القضاء‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إنتشارا بالمغرب‪.‬‬ ‫•الصفرية واألباضية أكثر مذاهب الخوارج‬ ‫دولة بين واسول (مدرار) ‪349-140‬هـ = ‪960-757‬م‬ ‫دولة تدين بالمذهب الصفري الخارجي ـ نسبة إلى زياد بن محمد الصفر ـ‪،‬‬ ‫سقطت على يد الفاطميين‪ ،‬قامت في جنوب المغرب األقصى وقد تميزت بالتسامح‬ ‫‪325‬‬ ‫وكانوا ال يرون إال قتال جيش السلطان وال يريدون السبي من النساء ومن الذرية وال‬ ‫إباحة الدماء‪ ،‬العاصمة سجلماسة على نهر سيرز وعمل أهلها بالتجارة والزراعة وكانت‬ ‫ُُ‬ ‫مثال إعجاب من الرحالة الذين مروا بها واشتهرت بصناعة األزر البديعة‪.‬‬ ‫عيىس بن يزيد املكنايس (ت‪155‬هـ‪771/‬م)‪ :‬المؤسس من السودان‪ ،‬التف‬ ‫حوله البربر الصفرية وبايعوه ً‬ ‫أميرا‪ ،‬ثم رأوا أن يكون لهم دولة فبنوا مدينة سجلماسة سنة‬ ‫‪142‬هـ‪759/‬م‪ ،‬وعهد إلى تقسيم المياه بين سكانها‪ ،‬وغرس فيها النخيل فأصبحت من‬ ‫أهم مراكز إنتاج التمور‪.‬‬ ‫ثورة زعيم المعارضة أبو الخطاب الصفري فقبض عليه وقيدوه وربطوه إلى جذع‬ ‫ُ‬ ‫شجرة بالجبل بعد أن طلوه بالعسل وتركوه حتى قتله النحل والبعوض وقيل بل قتل نتيجة‬ ‫الخالف الذي نشب بين زعماء البربر الصفرية سنة ‪155‬هـ‪771/‬م‪.‬‬ ‫أبو اخلطاب الصفري‪ :‬تولى أمر تاهرت بعد وفاة عيسى وتقرب إليه حداد من‬ ‫ربض قرطبة يجيد صنع األسلحة هو سمعون الذي أخذ يترقى في عهده حتى تولى‬ ‫الحكم بعد وفاة أبو الخطاب‪.‬‬ ‫أبو القاسم سمعون بن واسول (ت‪174‬هـ‪790/‬م)‪ :‬به سميت الدولة‪ ،‬يعتبر‬ ‫المؤسس الحقيقي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لقبه‪ :‬المدرار‪ ،‬أصله من قرطبة‪ ،‬كان يعمل حدادا‪ ،‬فصنع سالحا ألبي الخطاب‬ ‫الصفري فنال إعجابه وأصبح يتولى المناصب حتى صار المسئول عن الدولة‪ ،‬وبعد وفاة‬ ‫أبو الخطاب تولى أمور الدولة ُ‬ ‫فعرفت باسمه‪ ،‬ثم توارثها أبناؤه من بعده‪.‬‬ ‫اليسع بن سمعون بن واسول‪208-174 :‬هـ = ‪823-790‬م‪ :‬بنى في مدينة‬ ‫سجلماسة الدور والقصور وأحاطها بسور سنة ‪199‬هـ‪814/‬م‪ ،‬ووسع نفوذه خارج‬ ‫مدينة سجلماسة‪.‬‬ ‫مدرار بن سمعون (لقبه املنتصر)‪ :‬تزوج بنت عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬وكان لهذا‬ ‫الزواج أثر في إشعال النزاع بين ابني مدرار وكالهما يدعى ميمون‪.‬‬ ‫‪326‬‬ ‫ميمون بن مدرار‪ :‬ت ‪236‬هـ ‪850/‬م‪:‬‬ ‫محمد بن ميمون‪270-236 :‬هـ = ‪883-850‬م‪:‬‬ ‫اليسع بن مدرار‪300-286 :‬هـ = ‪912-899‬م‪ :‬سار إليه أبو عبد اهلل الشيعي‬ ‫الذي خلص المهدي وابنه من سجلماسة‪ ،‬ثم عين أبو عبد اهلل الشيعي عاماًل له‬ ‫على سجلماسة‪ ،‬ثم ثار عليه أهلها فقتلوه وولوا عليهم الفتح بن ميمون بن مدرار‬ ‫ً‬ ‫حاكما حتى وفاته سنة ‪300‬هـ‪912/‬م‪ ،‬فخلفه أخوه أحمد الذي‬ ‫سنة ‪286‬هـ‪899/‬م وبقي‬ ‫ُ‬ ‫قتل على أيدي الفاطميين سنة ‪309‬هـ‪921/‬م‪ ،‬فتولى محمد من بني واسول‪ ،‬ثم‪ ،‬ابنه‬ ‫محمد لغاية وفاته‪ ،‬ثم محمد بن الفتح بن ميمون الذي قطع الدعوة عن الفاطميين واعتنق‬ ‫المذهب السني وتلقب بأمير المؤمنين وسك العملة باسمه وكان عاداًل ولكنه حوصر من قبل‬ ‫الفاطميين فاضطر إلى الفرار‪ ،‬فقبض عليه وسجن بالقيروان حتى مات سنة ‪354‬هـ‪965/‬م‪.‬‬ ‫الدولة الرستمية ‪296-144‬هـ = ‪908-761‬م‬ ‫سقطت على يد الفاطميين سنة ‪296‬هـ‪908/‬م‪ ،‬دولة خارجية أباضية‪ ،‬قامت في‬ ‫الجزائر‪ ،‬فيما عُرف بالمغرب األوسط‪ ،‬إرتبطت بعالقات تجارية مع مصر والسودان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫(حاليا مدينة‬ ‫المؤسس عبد الرحمن بن رستم‪ ،‬يقال أصله فارسي‪ ،‬العاصمة تاهرت‬ ‫وهران غربي الجزائر)‪ ،‬وقد صارت (تاهرت) قبلة للعلماء والتجار والطلبة من جميع‬ ‫ُ‬ ‫أنحاء العالم اإلسالمي حتى أطلق عليها >العراق الصغير<‪.‬‬ ‫عبد الرحمن بن رستم األبايض (ت‪170‬هـ‪786/‬م)‪ :‬المؤسس‪ ،‬خرج عبد الرحمن‬ ‫بن رستم من القيروان بعد علمه بسحق ابن األشعث في سنة ‪140‬هـ لجموع البربر في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫موقعا على‬ ‫حاليا فاختار‬ ‫طرابلس فخرج إلى المغرب األوسط في شمال غرب الجزائر‬ ‫سفح جبل سونج (جزدل) فحط موقع مدينة تاهرت وبنى سورها وشرع في إنشاء الدور‬ ‫سنة ‪144‬هـ‪ ،761/‬وتوافد الناس على تاهرت‪ ،‬حبه للعلم والعلماء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عقد حلفا مع بني واسول (مدرار)‪ ،‬وزوج ابنته أروى إلى المنتصر بن اليسع‪،‬‬ ‫لم يعهد ألحد بالخالفة وإنما ترك األمر شورى بين (‪ )7‬أفراد فبايعوا ابنه عبد الوهاب‬ ‫والبعض عارض فأطلق عليهم النكار أو النكرية‪.‬‬ ‫‪327‬‬ ‫عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم‪211-170 :‬هـ = ‪826-786‬م‪ :‬ثورة ابن‬ ‫خندين قتله‪ ،‬ثورة البربر لالنفصال‪ ،‬إخضاع قبيلة هواري وحال دون تحالفها مع لواته‪.‬‬ ‫أفلح بن عبد الوهاب‪240-211 :‬هـ = ‪854-826‬م‪ :‬ثورة خلف بن السمح قضى‬ ‫عليها سنة ‪221‬هـ الذي حاول االستقالل بوالية جبل نفوسة عن الدولة الرستمية‪ .‬حسن‬ ‫السيرة والعدل وبلغت الدولة الرستمية درجة حضارية راقية‪ .‬ثورة نفاث بن نصر النفوسي‬ ‫وفراره إلى المشرق‪.‬‬ ‫أبو بكر بن أفلح‪280-240 :‬هـ = ‪893-854‬م‪ :‬محاولة إغتيال صهره محمد بن‬ ‫عفة الذي أوكل إليه أمور دولته وهو في الصالة ففشل‪ ،‬وكذا ألخيه أبي اليقظان‪.‬‬ ‫•خروج أبو اليقظان واستنجاده بأهالي جبل نفوسة فقدموا إليه وحاصروا‬ ‫تاهرت سبع سنين وتمكن من دخولها حيث بويع‪.‬‬ ‫أبو اليقظان بن أفلح‪280 :‬هـ‪893/‬م‪ :‬هزيمة الجيش الطولوني سنة ‪267‬هـ‪880/‬م‬ ‫في طرابلس‪ ،‬توفي سنة ‪280‬هـ‪893/‬م‪ ،‬فخلفه ابنه أبو حاتم يوسف‪.‬‬ ‫أبو حاتم يوسف‪280 :‬هـ‪893/‬م‪ :‬قيام عمه يعقوب بن أفلح بالثورة فدخلت في‬ ‫حرب أهلية حتى إنتصار أبو حاتم‪.‬‬ ‫•ثورة الطيب بن خلف في أهواز طرابلس وجبل نفوسة فتم الصلح وعفا عنه‪.‬‬ ‫•لقاء جيش الرستميين مع جيش جبل نفوسة انتهت بإنتصار جيش جبل نفوسة‪،‬‬ ‫لقاء األغالبة مع الرستميين وإنتصار األغالبة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫اليقظان بن أيب اليقظان‪ :‬أتهم بقتل أخيه في عهده ظهر خطر الفاطميين الذين‬ ‫أطاحوا بدولة األغالبة وأخذوا يتقدمون إلى تاهرت وتم لهم دخول تاهرت فقتلوا اليقظان‬ ‫ُ‬ ‫وقضوا على الدولة الرستمية واتجهت طائفة إلى جبل نفوسة واخرى إلى جبل طورس‬ ‫وجزيرة جربة وواحة أودجالن‪.‬‬ ‫‪328‬‬ ‫دولة األدارسة ‪363-172‬هـ = ‪973-788‬م‬ ‫دولة علوية حسينية في المغرب األقصى في فاس وهي العاصمة‪.‬‬ ‫إدريس بن عبد هللا بن احلسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب‪ :‬التجأ إلى‬ ‫قبيلة أوربة البربرية التي ساندته‪ ،‬وامتد نفوذ الدولة من القيروان إلى المحيط األطلسي‪.‬‬ ‫كان الخليفة هارون الرشيد قد عهد إلى سليمان بن جرير (الشماخ) صحبه إدريس‬ ‫وأوصاه إن شعر برغبة إدريس االستقالل عليه أن يسمه حيث سلمه قارورة مسك أو‬ ‫مسواك مسمم‪ ،‬وكان نشر دعوته في مماس وتلمسان‪.‬‬ ‫إدريس الثاين‪213-177 :‬هـ = ‪828-793‬م‪ :‬أمه بربرية ولد بعد وفاة أبيه‬ ‫بشهرين‪ ،‬بناء فاس‪ ،‬حارب الخوارج الصفرية‪.‬‬ ‫محمد بن إدريس‪221-213 :‬هـ = ‪836-828‬م‪ :‬انقسم البيت الحاكم إلى (‪:)3‬‬ ‫‪-1‬عيسى تولى حكم آزمور‪ -2 .‬القاسم تولى حكم طنجة‪ -3 .‬عمر تولى حكم مكناس‪.‬‬ ‫•تمكن محمد من االنتصار عليهم‪.‬‬ ‫علي بن محمد بن إدريس‪234-221 :‬هـ = ‪848-836‬م‪ :‬لقبه حيدره‪.‬‬ ‫حيىي األول بن محمد‪234 :‬هـ ‪848/‬م‪ :‬عظمت الدولة في عهده‪ ،‬وبنيت األرباض‬ ‫خارج فاس‪ ،‬بناء الحمامات والفنادق في فاس‪.‬‬ ‫حيىي الثاين بن محمد بن علي‪ :‬يف عهده غلبة البربر األباضية‪.‬‬ ‫سقطت دولة األدارسة على يد الفاطميين ولجأ األدارسة إلى جبال الريف الشمالية‬ ‫بنواحي البصرة وأصيال وقلعة النسريين قبائل غمارة ـ التي لعبت ً‬ ‫دورا ً‬ ‫كبيرا في نشر‬ ‫اإلسالم بين بربر غمارة وصنهاجة وقامت الخوارج والشيعة ـ‪.‬‬ ‫دولة األغالبة ‪296-184‬هـ = ‪908-800‬م‬ ‫ً‬ ‫حاليا)‪ ،‬سقطت على يد الفاطميين سنة‬ ‫األغالبة‪( :‬في المغرب األدنى‪ ،‬تونس‬ ‫‪329‬‬ ‫‪296‬هـ‪908/‬م‪ ،‬العاصمة القيروان‪ ،‬العاصمة الخاصة رقادة جنوبي القيروان‪ ،‬تميزت‬ ‫ً‬ ‫هذه الدولة بقوة بحريتها إال أن نفوذهم الداخلي وخاصة في الجبال الجنوبية كان ضعيفا‬ ‫ومن هذه الجهة إنطلق الفاطميون بقيادة أبي عبد اهلل الشيعي وقضوا على دولة األغالبة‬ ‫سنة ‪296‬هـ‪908/‬م‪.‬‬ ‫إبراهيم بن األغلب‪196-184 :‬هـ = ‪811-800‬م‪ :‬فقيه‪ ،‬شاعر‪ ،‬خطيب‪ ،‬حسن‬ ‫ً‬ ‫السياسة‪ ،‬رؤفا‪ ،‬بنى مدينة على بعد (‪ )3‬أميال من القيروان سماها العباسية‪ ،‬فتنة الحميد‪.‬‬ ‫عبد هللا األول‪201-196 :‬هـ = ‪816-811‬م‪ :‬كان ً‬ ‫غائبا عند وفاة والده ثم تسلم‬ ‫السلطة‪.‬‬ ‫•اشتد في فرض الضرائب‪ ،‬أساء معاملة ولي عهده وأخوه زيادة اهلل‪.‬‬ ‫•دعا عليه الصالحون‪ ،‬حارب ابن رستم بطرابلس‪.‬‬ ‫زيادة هللا األول بن إبراهيم بن األغلب‪223-201 :‬هـ = ‪837-816‬م‪ :‬فتح صقلية‬ ‫سنة ‪212‬هـ‪827/‬م بقيادة قاضي القيروان أسد بن الفرات ووفاته‪ .‬السبب في الفتح‬ ‫غضب ميخاييل الثاني على قسطنطين البطريق والمساعدة في الفتح‪ ،‬وفي عهده إنتشار‬ ‫الظلم‪ ،‬وقيام الثورات‪.‬‬ ‫أبو عقال بن إبراهيم أخو زيادة هللا‪226-223 :‬هـ = ‪840-837‬م‪ :‬منع بيع‬ ‫الخمور وجلد‪ ،‬منح األموال‪.‬‬ ‫محمد األول بن أبو عقال بن إبراهيم‪242-226 :‬هـ = ‪856-840‬م‪ :‬أطول الحكام‬ ‫ً‬ ‫حكما في دولة األغالبة‪ ،‬ثورة سالم بن غليون‪ ،‬ثورة أخيه أحمد‪ ،‬تتمة فتح صقلية من‬ ‫قبل العباس بن الفضل الفزاري‪.‬‬ ‫أحمد بن محمد‪249-242 :‬هـ = ‪863-856‬م‪ :‬توسعة مسجد تونس‪ ،‬بناء‬ ‫القناطرة واألبنية والقصور‪.‬‬ ‫زيادة هللا الثاين‪250-249 :‬هـ = ‪864-863‬م‪:‬‬ ‫‪330‬‬ ‫محمد الثاين بن أحمد (أبو الغرانيق)‪261-250 :‬هـ = ‪874-864‬م‪ :‬استكمال‬ ‫فتح صقلية والتوغل في جنوب إيطاليا‪.‬‬ ‫إبراهيم الثاين (أخو محمد الثاين)‪289-261 :‬هـ = ‪901-874‬م‪ :‬اشتهر بالحزم‬ ‫والعدل كان يجلس في مسجد القيروان لسماع الخصوم وحضور مجالس القضاء‪ ،‬قتل‬ ‫أهل الفساد وأوقف جميع ماله‪ ،‬فتح مدينة سرقوسة‪.‬‬ ‫عبد هللا الثاين‪290 :‬هـ ‪902 /‬م‪:‬‬ ‫زيادة هللا الثالث‪296-290 :‬هـ = ‪908-902‬م‪ :‬اشتهرت الدولة في عهده بالزراعة‬ ‫والمعادن والمنسوجات‪.‬‬ ‫في عهده سقطت الدولة على يد الفاطميين فقد نزلت جيوش أبي عبد اهلل الشيعي ـ‬ ‫هو الحسين بن أحمد بن زكريا المعروف بالمعلم ـ‪ ،‬من جبال كتامة (أوراس) إلى الحدود‬ ‫الغربية لدولة األغالبة فأرسل زيادة اهلل ثالثة جيوش في لقاءات متتالية ولكنها لم نصمد‪،‬‬ ‫فهزمت وتقدم أبي عبد اهلل الشيعي إلى رقادة ثم القيروان وسيطر عليهما‪ ،‬وبذلك سقطت‬ ‫دولة األغالبة‪.‬‬ ‫الدولة الطولونية يف مصر ‪292-254‬هـ = ‪905-868‬م‬ ‫مؤسسها‪ :‬أحمد بن طولون‪270-254 :‬هـ = ‪883-868‬م‪:‬‬ ‫كان أبوه طولون من المماليك األتراك الذين أرسلهم حاكم مدينة بخارى ضمن‬ ‫هدايا الرقيق التركي إلى الخليفة المأمون سنة ‪200‬هـ‪815/‬م‪ ،‬وتدرج طولون حتى‬ ‫وصل إلى مرتبة قائد الحرس الخالفي‪ ،‬وكانت والدة ابنه أحمد في مدينة سامراء في‬ ‫عهد المعتصم سنة ‪220‬هـ‪835/‬م‪ ،‬وقيل أن طولون تبناه ولم يكن ابنه‪ ،‬وبعد وفاة‬ ‫طولون تزوجت أمه األمير باكباك الذي عينه الخليفة المتوكل بن المعتصم ً‬ ‫واليا على‬ ‫مصر ـ ولقد جرت العادة أن تمنح الوالية اقطاعًا للقادة األتراك على أن يبقى هؤالء في‬ ‫بغداد وينيبون عنهم في الحكم ـ فأرسل باكباك أحمد بن طولون ليتولى باسمه حكم‬ ‫مصر سنة ‪254‬هـ‪868/‬م ـ وكان على خراجها أحمد بن المدبر وعلى اإلسكندرية‬ ‫‪331‬‬ ‫إسحاق بن دينار وعلى برقة أحمد بن عيسى الصعيدي وعلى القضاء بكار بن قتيبة ـ‬ ‫ُ‬ ‫وبعد فترة قتل ربيبة باكباك وحل محله في والية مصر أمير تركي آخر اسمه بارجوخ‬ ‫فتزوج أحمد بن طولون ابنة هذا الوالي الجديد وكتب إلى أحمد بن طولون >تسلم من‬ ‫نفسك إلى نفسك<‪ ،‬ولما توفي بارجوخ فولي أحمد من قبل الخليفة المعتمد‪ ،‬وهكذا‬ ‫أتيحت ألحمد كي يقيم في مصر أول دولة مستقلة في العصر اإلسالمي‪ ،‬ولم يكن يربطه‬ ‫بالخالفة سوى المظاهر الشكلية وهي‪:‬‬ ‫‪1.1‬الدعاء للخليفة في الخطبة يوم الجمعة‪.‬‬ ‫‪2.2‬نقش اسم الخليفة على السكة (النقود)‪.‬‬ ‫‪3.3‬إرسال جزء من الخراج (الدخل) لدار الخالفة‪.‬‬ ‫وامتدت نفوذه إلى بالد الشام شمااًل ـ بعد وفاة واليها ماجور فسار بجيشه إلى‬ ‫الشام وأخضعها ـ وإلى ليبيا غربًا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضخما قوامه ما قام به من شراء المماليك األتراك‬ ‫ومن أهم أعماله‪ :‬كون جيشا‬ ‫الذين بلغ عددهم أربعة وعشرين ألف مملوك‪ ،‬وبلغ ما قام به من شراء العبيد الزنج‬ ‫ً‬ ‫أربعين ألفا‪ ،‬كما استكثر من العرب حتى بلغت عدتهم سبعة آالف حر مرتزق‪ ،‬فبنى لهم‬ ‫ً‬ ‫معسكرا بمدينة القطائع شمالي الفسطاط‪.‬‬ ‫•أسس مدينة القطائع في سنة ‪256‬هـ‪870/‬م‪ ،‬واختار مكانها على جبل يشكر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قصرا وجعل لكل‬ ‫حاليا‪ ،‬بنى‬ ‫بين الفسطاط وتالل المقطم عند مكان القلعة‬ ‫فئة من جنوده قطعة خاصة بها‪ ،‬فالجنود السودان لهم قطعة‪ ،‬وللجنود الترك‬ ‫قطعة‪ ،‬وتتميز في الجهة الشرقية من القطائع قناطر للمياه‪ ،‬بناء مسجده بجوار‬ ‫القصر وانتهى منه في سنة ‪256‬هـ‪579/‬م‪ ،‬وفيه خزانة بها بعض األدوية‬ ‫واألشربة التي قد يحتاج إليها المصلون كما عين له ً‬ ‫طبيبا‪.‬‬ ‫•بناء المارستان أو البيمارستان (بمعنى المستشفى) وألحق به صيدلية لصرف األدوية‪.‬‬ ‫•أنشأ في جزيرة الروضة (جزيرة الحصن) ً‬ ‫دارا لصناعة السفن‪.‬‬ ‫‪332‬‬ ‫•عدد المراكب المرصدة للجهاد ـ بلغت مائة شيني ـ في خالل النزاع بين‬ ‫الخليفة العباسي المعتمد وبين أخيه وولي عهده أحمد الموفق‪ ،‬فكر الخليفة‬ ‫المعتمد في الهرب إلى مصر وأرسل له أحمد في سنة ‪268‬هـ‪881/‬م رسالة‬ ‫متخف يحرضه فيها على القدوم إلى مصر‪ ،‬ويعده بالحماية‬ ‫مع رسول‬ ‫ٍ‬ ‫والنصرة فخرج المعتمد من سامراء سنة ‪269‬هـ‪882/‬م متظاهر بأنه يريد‬ ‫الصيد غير أن الموفق علم فأمر عامل الموصل برد الخليفة إلى بغداد والقبض‬ ‫على جميع من معه من القواد وبذلك فشل مشروع نقل الخالفة إلى مصر‪.‬‬ ‫•أصدر ابن طولون أوامره بلعن الموفق على منابر المساجد في مصر والشام‪.‬‬ ‫•توطيد عالقته بالدولة األموية في األندلس‪.‬‬ ‫•رحب بعلماء األندلس وأسكنهم في جامع ابن طولون وأجرى عليهم األرزاق‬ ‫في كل شهر‪.‬‬ ‫•ثورة ابنه العباس فعوقب بالسجن حتى الموت‪.‬‬ ‫•كثرة صدقاته على الفقراء‪ ،‬حبه للموسيقى والغناء‪.‬‬ ‫توفي أحمد بن طولون عام ‪270‬هـ‪883/‬م بعد حكم ستة عشر ً‬ ‫عاما ودفن‬ ‫بالمقطم وترك ذرية تقدر بنحو (‪ )17‬من الذكور‪ )16( ،‬من اإلناث‪ ،‬خلفه ابنه‪ ،‬وكان‬ ‫مثااًل في الكرم والتواضع والعدل‪ ،‬وكان يقرب إليه العلماء ويجزل لهم العطاء‪ ،‬وأجزل‬ ‫الصدقات على أهل الستر من الضعفاء والفقراء ويعد ابن طولون من حفظة كتاب اهلل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وسياسيا محنكا‪.‬‬ ‫أبو اجليش خمارويه‪282-270 :‬هـ = ‪895-883‬م‪ :‬في والية مصر والشام وامتد‬ ‫حكمه اثنى عشرة سنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أرسل الموفق العباسي جيشا بعد وفاة أحمد بن طولون الستعادة الشام فاستولى‬ ‫على دمشق حتى وصل إلى حدود مصر فخرج إليه خمارويه وتقابل الجيشان عند مدينة‬ ‫‪333‬‬ ‫ُ‬ ‫الرملة جنوب فلسطين سنة ‪271‬هـ‪884/‬م هزم خمارويه وانسحب إلى مصر غير أن‬ ‫قائده سعد األعسر استطاع الثبات واالنتصار على العباسين‪ ،‬ولما علم خمارويه بهذا‬ ‫النصر عاد ثانية إلى الشام واستعاد دمشق وواصل فتوحاته إلى الجزيرة والموصل فأعاد‬ ‫ً‬ ‫حدود الدولة إلى ما كانت عليه أيام أبيه‪ ،‬من حدود العراق شرقا إلى برقة غربًا‪ ،‬ومن‬ ‫ً‬ ‫شمال الشام إلى النوبة جنوبًا‪ ،‬كما عقد خمارويه صلحا مع الموفق والخليفة العباسي‬ ‫في سنة ‪273‬هـ‪886/‬م فيه‪ :‬أن تترك مصر والشام لخمارويه وأوالده من بعده ثالثين سنة‬ ‫وبالتالي كف عن لعن الموفق وأمر بالدعاء للخليفة‪.‬‬ ‫زواج ابنة خمارويه قطر الندى في سنة ‪281‬هـ‪894/‬م من الخليفة المعتضد بن‬ ‫ً‬ ‫قصرا سماه دار الذهب‪ ،‬وكان يقتني سبع أليف‬ ‫الموفق‪ ،‬اهتمامه بمدينة القطائع فبنى‬ ‫يُدعى زريق لزرقة عينيه وكان يالزم خمارويه ويحرسه أثناء نومه‪.‬‬ ‫توفي خمارويه قتياًل على يد بعض جواريه وهو في طريقه إلى الشام سنة‬ ‫‪282‬هـ‪895/‬م‪ ،‬وخلفه ابنه أبو العساكر جيش‪.‬‬ ‫أبو العساكر جيش‪282 :‬هـ ‪895/‬م‪ :‬كان ً‬ ‫طيبا أرعنًا قتل ثالثة من أعمامه فغضب‬ ‫عليه قواد جيشه وخرجت الشام عن طاعته لصالح القرامطة اإلسماعيلية‪ ،‬وانتهى األمر‬ ‫بخلعه وسجنه وتولية أخيه األصغر هارون مكانه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفي سنة ‪292‬هـ‪ 904/‬أرسل الخليفة المكتفي باهلل جيشا إلى مصر بقيادة محمد‬ ‫بن سليمان المعروف بالكاتب وفي نفس الوقت تحرك األسطول العباسي بالثغور الشامية‬ ‫دميانة بالتوجه إلى مصر وتمكن األسطول العباسي من االنتصار عند مدينة تنيس (بجوار‬ ‫دمياط عند بحيرة المنزلة)‪ ،‬ثم صعد في النيل نحو الفسطاط وفي نفس الوقت تقدمت‬ ‫ً‬ ‫الجيوش البرية مخترقة الشام ومصر بقيادة محمد بن سليمان الذي دخل مدينة القطائع‬ ‫ودمرها ولم يستبق منها سوى الجامع وبذلك عادت مصر والشام إلى حكم العباسين بعد‬ ‫ً‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫استقالل لمدة تقرب من أربعين سنة‬ ‫‪334‬‬ ‫الدولة الفاطمية ‪567-297‬هـ = ‪1171-909‬م‬ ‫دولة شيعية إسماعيلية ـ فرق الشيعة اإلمامية هي‪ -1 :‬االثنا عشرية‪ -2 ،‬اإلمامية‬ ‫اإلسماعيلية يرفضون إمامة الشيخين لذلك يسمون الرافضة‪ -3 ،‬اإلمامية الزيدية‪ :‬لم‬ ‫يتبرأوا من إمامة الشيخين ـ‪ ،‬قامت في المغرب األدنى (إفريقية) على أكتاف المغاربة من‬ ‫بربر كتامة وصنهاجة في سنة ‪297‬هـ‪909/‬م‪ ،‬العاصمة القيروان‪ ،‬ثم انتقلت إلى مصر في‬ ‫سنة ‪358‬هـ‪968/‬م إلى أن سقطت على يد صالح الدين األيوبي سنة ‪567‬هـ‪1171/‬م‪،‬‬ ‫عاما‪ ،‬وفي مصر أكثر من مائتي ً‬ ‫عاشت في المغرب أكثر من ‪ً 65‬‬ ‫عاما‪ ،‬اتسمت الدولة‬ ‫بالتسامح بين جميع األديان‪ ،‬فالمسلم والقبطي واليهودي يلقون معاملة واحدة‪.‬‬ ‫المؤسس والداعية أبي عبد اهلل الحسين بن أحمد بن زكريا المعروف بالمعلم ـ‬ ‫ألنه كان يعلم الناس مذهب اإلمامية الباطنية ـ‪ ،‬أصله من الكوفة‪ ،‬أرسله جعفر الصادق‬ ‫إلى بالد المغرب للدعوة العلوية ـ كان قد أوفدهما إلى المغرب اإلمام جعفر الصادق‬ ‫وأخذا في نشر الدعوة في قبيلة كتامة لغاية وفاتهما‪ :‬هما‪ :‬الحلواني وأبو سفيان ـ وقيل‬ ‫أن الحسين بن أحمد ذهب إلى اليمن واتصل بابن حوشب أو ابن جيوشب فطلب منه‬ ‫التوجه إلى المغرب فاتجه الحسين بن أحمد إلى مكة وهناك التقى برجال من قبيلة كتامة‬ ‫ـ كانت تسكن بين جبال أوراس والبحر بنواحي قسطنطينة شرقي الجزائر ومكانها اليوم‬ ‫بالد القبائل ـ فاختلط بهم‪ ،‬فدعوه إلى بالدهم للتعليم فنزل عندهم سنة ‪288‬هـ‪900/‬م‪،‬‬ ‫وينقسم الدعوة التي قام بها أبو عبد اهلل في المغرب إلى مرحلتين‪:‬‬ ‫األولى‪ :‬سلمية لمدة (‪ )3‬سنوات (‪291-288‬هـ = ‪903-900‬م) السحر والتنبؤ‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬الجهاد انتهى بقيام الدولة الفاطمية ـ لمدة (‪ )6‬سنوات‪.‬‬ ‫بدأت بنزول أبو عبد اهلل الشيعي من جبال كتامة ومهاجمة الحدود الغربية لألغالبة‪،‬‬ ‫كان أميرهم زيادة اهلل الثالث الذي سير (‪ )3‬جيوش للمقاومة هزمت ـ وفراره إلى مصر‬ ‫ودخول أبي عبد اهلل الشيعي مدينة رقادة ثم القيروان سنة ‪296‬هـ‪908/‬م‪ ،‬سقطت دولة‬ ‫األغالبة‪.‬‬ ‫‪335‬‬ ‫ً‬ ‫إرسال وفدا من كتامة إلى مدينة سلمية حيث اإلمام المهدي عبيد اهلل المهدي ـ هو‬ ‫أبو محمد عبيد اهلل المهدي الذي كان بسلمية حمص ـ يدعوه إلى القدوم إلى المغرب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متخفيا في زي التجار إلى الشام وفلسطين ومصر‪ ،‬ثم صحراء ليبيا ومنها غربًا عبر‬ ‫فسار‬ ‫الصحراء إلى مدينة سجلماسة بالمغرب األقصى عاصمة الدولة المدرارية (واسول)‬ ‫فقبض عليه اليسع بن مدرار (أمير الدولة المدرارية ـ دولة بني واسول) وسجنه فأسرع أبو‬ ‫عبد اهلل الشيعي الذي استولى على القيروان فسار واستولى على تاهرت عاصمة الدولة‬ ‫الرستمية سنة ‪396‬هـ‪1005/‬م فأسقطها ثم واصل سيره حتى بلغ مدينة سجلماسة‬ ‫فحاصرها وقتل أميرها اليسع بن مدرار وأخرج من السجن عبيد اهلل المهدي وقال للناس‬ ‫ً‬ ‫وهو يبكي‪> :‬هذا هو إمامكم<‪ ،‬ثم اتجه إلى رقادة ـ عاصمة األغالبة ـ واتخذها عاصمة‬ ‫له سنة ‪297‬هـ‪1006/‬م‪ ،‬وأقيمت الخطبة وضربت السكة وأرسل عماله إلى جميع‬ ‫أنحاء البالد ومن ضمنها صقلية‪ ،‬وبذلك ينتهي الدور التأسيسي للدولة الفاطمية‪ ،‬وبدأت‬ ‫مرحلة الدولة الفاطمية وأول أمراؤها (ملوكها)‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مختفيا بسلمية‬ ‫املهدي أبو محمد عبي�د هللا‪322-297 :‬هـ = ‪933-909‬م‪ :‬كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متخفيا في هيئة التجار لغاية وصوله إلى‬ ‫حمص خوفا من قرامطة الشام‪ ،‬ثم غادرها‬ ‫مدينة سجلماسة (المغرب األقصى) فأسره اليسع بن مدرار (دولة بني واسول) فسار أبو‬ ‫عبد اهلل الشيعي الحسين بن أحمد بن زكريا وتمكن من تخليصه من األسر بعد قضائه‬ ‫على اليسع ـ وبذلك سقطت دولة بني واسول (مدرار) وأخرجه من السجن وقال للناس‪:‬‬ ‫>هذا هو إمامكم<‪ ،‬العاصمة في عهد المهدي الرقادة ثم المهدية‪.‬‬ ‫لقب بالمهدي‪ ،‬ضربت السكة باسمه‪ ،‬حاول المهدي ضم األندلس وأمد عمر‬ ‫بن حفصون الذي ثار بجنوب أسبانيا ضد الحكم األموي ودعا للخليفة عبيد اهلل المهدي‬ ‫باألسلحة والدعاة ولكن ما لبث أن رد ابن حفصون الدعاة مع هدية‪.‬‬ ‫•أرسل عماله إلى جميع أنحاء البالد بما فيها جزيرة صقلية‪ ،‬وعمد على تدعيم‬ ‫تأسيس الدولة واالنفراد بالسلطة فقام بعد سنة من توليه األمر بإغتيال الداعية‬ ‫أبو عبد اهلل الشيعي سنة ‪298‬هـ‪910/‬م ـ ألن المهدي كان يريد االنفراد‬ ‫‪336‬‬ ‫بالسلطة لنفسه مما أثار أبو عبد اهلل الشيعي فأخذ في تأليب الناس ضده مما‬ ‫ً‬ ‫أدى إلى قتله وكذلك أخوه الداعية أبو العباس ـ أرسل جيشا بقيادة مصالة بن‬ ‫جيوش إلخضاع األدارسة فتمكن من إخضاعها وقضى على دولة األدارسة‪.‬‬ ‫•ثورة قبيلة كتامة ضد المهدي‪ ،‬وأقاموا طفاًل ونصبوه على أنه المهدي‪،‬‬ ‫فسار إليهم وقاتلهم وقتل الصبي وأخضع كتامة من جديد إلمرته في سنة‬ ‫‪298‬هـ‪910/‬م‪ ،‬ثم قام ببناء العاصمة المهدية على شاطئ البحر مباشرة‬ ‫بالقرب من تونس وهي عبارة عن شبه جزيرة محاطة بالبحر وأنشأ على‬ ‫ً‬ ‫ساحلها ً‬ ‫دارا كبيرة لصناعة السفن‪ ،‬وأقام صهاريج المياه وخازن األقوات‬ ‫والمسجد والقصر والدواوين وأسوار محكمة ذات أبواب ضخمة وقال بعد‬ ‫تشييدها‪ :‬آمنت اليوم على الفاطميات‪ ،‬واختلف في سنة بنائها فقيل سنة‬ ‫‪300‬هـ‪912/‬م‪ ،‬وقيل سنة ‪305‬هـ‪917/‬م‪ ،‬وانتقل إليها المهدي في سنة‬ ‫واحد إلخضاع‬ ‫آن‬ ‫ٍ‬ ‫‪308‬هـ‪920/‬م‪ ،‬وأرسل ثالث حمالت برية وبحرية في ٍ‬ ‫مصر في سنة ‪301‬هـ‪913/‬م صدها مؤنس الخادم‪ ،‬وفي سنة ‪307‬هـ‪919/‬م‬ ‫صدها مؤنس الخادم‪ ،‬وفي سنة ‪322‬هـ‪933/‬م صدها محمد بن طغج‬ ‫اإلخشيدي ـ وكانت كل حملة تستغرق سنتين فتستولي على اإلسكندرية‬ ‫وبعض مناطق الوجه البحري ومصر الوسطى مثل الفيوم واألشمونين ـ وفي‬ ‫عهده أرسل ثالث جيوش تمكنت من السيطرة على رقادة ثم القيروان وبذلك‬ ‫سقطت دولة األغالبة بالمغرب سنة ‪297‬هـ‪909/‬م‪.‬‬ ‫القائم أبو القاسم محمد بن عبي�د هللا املهدي‪334-322 :‬هـ = ‪945-933‬م‪:‬‬ ‫•بناء مدينة المسيلة (المحمدية)‪.‬‬ ‫•القضاء على ثورة أبي يزيد الخارجي ـ هو أبو يزيد بن مخلد بن كيداد‬ ‫ُ‬ ‫الزناتي تناصره قبيلة زناتة في جبال أوراس واستولى على القيروان ورقادة‬ ‫وتونس ـ الملقب بـ شيخ المؤمنين‪ ،‬صاحب الحمار؛ ألنه كان يركب‬ ‫‪337‬‬ ‫الحمار وبجواره أوالده األربعة وزوجته وبدأ دعوته في سنة ‪316‬هـ‪928/‬م‬ ‫ولمدة (‪ )16‬عام في مدينة توزر (جنوب تونس)‪ ،‬ثم جهر بدعوته‬ ‫سنة ‪332‬هـ‪932/‬م واستولى على المناطق الجبلية في غرب تونس‪ ،‬ثم تقدم‬ ‫وحاصر المهدية ـ وفرض على المهدية الحصار لمدة (‪ )8‬أشهر‪ ،‬وكتب‬ ‫الخليفة القائم إلى علي بن حمدون الجذامي (المعروف بابن األندلسي‪،‬‬ ‫الوالي على والية الزاب في جنوب المغرب األوسط) ـ وخاض علي معارك‬ ‫مع أبي يزيد لغاية قتله ـ يطلب من المدد بقبائل البربر في الزاب‪ ،‬وفي أثناء‬ ‫حصارها توفي الخليفة القائم وانضمت قبيلة صنهاجة وعلى رأسها زيري بن‬ ‫مناد الصنهاجي إلى مناصرة الفاطميين‪ ،‬وكان القائم قد أظهر سب األنبياء‬ ‫ً‬ ‫وكان مناديه ينادي‪ :‬العنو الغار وما حوى‪ ،‬وقتل ً‬ ‫كثيرا من العلماء‪ ،‬زنديقا‬ ‫ً‬ ‫ملعونا‪ ،‬وفي عهده وصف الشاعر علي بن محمد اإليادي التونسي قوة‬ ‫األسطول البحري في ذلك العهد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(ولما توفي القائم خلفه ابنه المنصور سنة ‪334‬هـ‪946/‬م الذي قاد جيشا‬ ‫لفك الحصار عن المهدية واستطاع اإلنتصار وهزيمة الثائر أبي يزيد الزناتي في سنة‬ ‫ً‬ ‫متأثرا بجراحه سنة‬ ‫‪335‬هـ‪947/‬م بما عُرف بوقعة يوم الجمعة ومات أبو يزيد الخارجي‬ ‫‪336‬هـ‪948/‬م ـ وكان أبو يزيد مخلد بن كيداد الزناتي يتلقى إمدادات عسكرية ومالية‬ ‫من قبل الخليفة األموي األندلسي الناصر‪ ،‬فدعا له واعترف بواليته وأرسل أبو يزيد‬ ‫سفارتين من علماء القيروان برئاسة المحدث أبي العرب التميمي وسفارة ثالثة بقيادة‬ ‫ابنه أيوب إلى الخليفة الناصر وأمدهم بالمال ـ)‪ ،‬اتسم الخليفة بالزهد والتواضع‪ ،‬ولما‬ ‫توفي خلفه ابنه المنصور باهلل‪.‬‬ ‫املنصور أبو الطاهر إسماعيل‪341-334 :‬هـ = ‪952-945‬م‪:‬‬ ‫•بناء عاصمة جديدة هي المنصورة في سنة ‪337‬هـ‪949/‬م‪ ،‬وكان المنصور‬ ‫حسن السيرة‪ ،‬وأبطل المظالم‪.‬‬ ‫‪338‬‬ ‫ً‬ ‫•القضاء على ثورة أبي يزيد الخارجي في موقعة الجمعة ـ كما ذكرنا سابقا ـ‬ ‫كما عقد الخليفة إسماعيل لجعفر بن علي بن حمدون الجذامي على المسيلة‬ ‫والزاب ـ فقصده العلماء والشعراء مثل الشاعر الغرناطي محمد بن هانئ‬ ‫األندلسي (ت‪362‬هـ‪972/‬م)‪.‬‬ ‫املعز لدين هللا أبو تميم معد‪365-341 :‬هـ = ‪975-952‬م‪ :‬عمل على إعادة‬ ‫ُ‬ ‫فرض النفوذ الفاطمي على المغرب األقصى الذي أخذ في َ‬ ‫الضعف واألفول عندما قام‬ ‫أبو يزيد الخارجي بثورته فأرسل قائده ومواله جوهر الصقلي على رأس حملة سنة‬ ‫‪347‬هـ‪958/‬م فأخضع القبائل الضارية في جبال أطلس حتى المحيط األطلسي‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪344‬هـ‪955/‬م اعترض مركب للخليفة عبد الرحمن الناصر األموي‬ ‫ً‬ ‫مركبا فيه رسول من صقلية إلى المعز لدين اهلل الفاطمي وأخذوا ما فيه وبلغ ذلك المعز‬ ‫فسير أسطواًل بقيادة الحسن بن علي صاحب صقلية إلى المرية في األندلس فأحرقوا‬ ‫جميع السفن وتوغلوا في أنبر ثم عادوا إلى المهدية‪.‬‬ ‫وكان رد الناصر على هذا الهجوم على مدينة المرية أن قام أسطوله بمهاجمة‬ ‫َ‬ ‫الخرز‪.‬‬ ‫سواحل سوسة وطبرقة ومرسى‬ ‫•إرسال القائد جوهر الصقلي سنة ‪358‬هـ‪969/‬م إلى مصر‪ ،‬فتقدم‬ ‫الجيش من القيروان تصاحبه القطع البحرية‪ ،‬فاستولى على اإلسكندرية‪،‬‬ ‫ثم واصل تقدمه إلى الجيزة إلى الفسطاط وكتب لهم جوهر كتاب امان‬ ‫على أنفسهم وأموالهم وعلى حرية المذاهب‪ ،‬كما عمد جوهر الصقلي‬ ‫على وضع نظام للبحرية المصرية ومن مصر أرسل جوهر الصقلي‬ ‫ً‬ ‫جيشا لفتح دمشق سنة ‪359‬هـ‪969/‬م ففتحها‪ ،‬بناء الجامع األزهر‬ ‫ً‬ ‫رسميا في شهر رمضان سنة ‪361‬هـ‪971/‬م‪،‬‬ ‫سنة ‪359‬هـ‪969/‬م‪ ،‬وافتتح‬ ‫إعالن الخليفة المعز لدين اهلل بعد دخوله مصر نفسه خليفة‪ ،‬فرار الشاعر ابن‬ ‫هانئ األندلسي إلى المغرب ومدحه للمعز سنة ‪362‬هـ‪972/‬م‪.‬‬ ‫‪339‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصا‬ ‫•عمد إلى بناء أسطول بحري قوي‪ ،‬وقد خصص لألسطول ديوانا‬ ‫لإلشراف يسمى بديوان العمائر (ديوان الجهاد)‪.‬‬ ‫•أرسل الجيوش للسيطرة على الثغور المغربية المطلة على المضيق فأخضعها‪،‬‬ ‫وكان أول من وضع نظام البحرية الفاطمية في مصر فعمد إلى بناء دور لصناعة‬ ‫ً‬ ‫الشواني ـ تتميز بطولها وبعدد مجاذيفها التي تبلغ (‪ )143‬مجذافا ـ‪ ،‬والسفن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصا يسمى بديوان العمائر (ديوان الجهاد)‪،‬‬ ‫وخصص لألسطول ديوانا‬ ‫وأول من عمد إلى الفخامة مثل العرش الذهبي والتاج والمواكب‪ ،‬وكان له‬ ‫شخصية قوية حازمة‪ ،‬صاحب براعة وفصاحة وأنه كان يجيد خمس لغات‪،‬‬ ‫وكان يؤلف المحاضرات كي تلقى على الناس‪.‬‬ ‫في عهده تم بناء القاهرة شمالي شرق الفسطاط سنة ‪358‬هـ‪968/‬م‪ ،‬وكان أول‬ ‫بناء فيها القصر والسور سمى المدينة باسم المنصورية تيمنًا بالخليفة المنصور وظلت‬ ‫هذه التسمية حتى قدم المعز إلى مصر فسماها القاهرة‪ ،‬كما قام جوهر بجهود في مكافحة‬ ‫الغالء واجملاعات‪ ،‬وعاقب بشدة التجار الجشعين وجلس بنفسه للمظالم وألغى الخطبة‬ ‫للعباسيين وضرب السكة باسم الخليفة الفاطمي وأمر بلبس المالبس الخضراء‪ ،‬وزاد في‬ ‫اآلذان واإلقامة ـ بعد حي على الفالح‪ :‬حي على خير العمل ـ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أرسل من مصر جيشا إلى الشام في سنة ‪359‬هـ‪969/‬م بقيادة جعفر بن فالح‬ ‫فاستولى على دمشق ـ ولم يستطيع التقدم نحو الشمال لوجود الحمدانيين فحرص على‬ ‫مهادنتهم‪ ،‬وفي الجنوب القرامطة (اإلسماعيلية) ـ ولكنه اضطر إلى االنسحاب من‬ ‫دمشق عندما تضامن القرامطة مع أهالي دمشق وقاموا بالهجوم على الجيش الفاطمي‬ ‫فهزم وقتل قائده جعفر بن الفالح سنة ‪360‬هـ‪970/‬م‪ ،‬ولم يكتف القرامطة بل قاموا‬ ‫بالهجوم على مصر حتى وصلوا إلى القاهرة وحاصروها سنة ‪361‬هـ‪971/‬م وتمكن‬ ‫ً‬ ‫وأيضا في سنة ‪363‬هـ‪973/‬م ولكنهم هزموا‪.‬‬ ‫جوهر من صدهم‪،‬‬ ‫كان وصول المعز إلى مصر في سنة ‪362‬هـ‪972/‬م ومات بها سنة ‪365‬هـ‪975/‬م؛‬ ‫ولي يعقوب بن كلس الخراج والحسبة واألحباس‪.‬‬ ‫‪340‬‬ ‫المؤرخ لسان الدين بن الخطيب سمى الذين حكموا في المغرب بالعبيديين‪،‬‬ ‫والذين حكموا في مصر بالفاطميين‪.‬‬ ‫العزيز باهلل بن املعز أبو منصور نزار‪386-365 :‬هـ = ‪996-975‬م‪ :‬تولى الحكم‬ ‫وسنه (‪ً )22‬‬ ‫عاما‪ ،‬ذا شخصية قوية وحب للخير والعلم وللمجالس العلمية واألدبية‬ ‫والصفح عن األعداء والتسامح الديني فأكثر من استخدام اليهود والنصارى في أرقى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شعرا جيدا ولما مات رثاه مائة شاعر‪ ،‬يلعب بالرمح والصولجان ويتصيد‬ ‫المناصب وله‬ ‫السباع‪ ،‬وفي عهده تم بناء قاعة الذهب في القصر الشرقي‪ ،‬وكذا القصر العربي الصغير‬ ‫في غربي القصر الشرقي الكبير‪ ،‬في عهده استولى القائد التركي أفتكين على دمشق‬ ‫من يدي الفاطميين وتحالف أفتكين مع القرامطة على طرد الفاطميين من الشام‪ ،‬فسار‬ ‫بنفسه على رأس جيش إلى الشام فالتقى مع القائد التركي أفتكين والقرامطة وتمكن من‬ ‫هزيمتهما وإعادة بسط نفوذه على الشام بل وأن يأسر أفتكين إال أنه عفا عنه وأكرمه‪ ،‬وفي‬ ‫عهده بلغ نفوذه بين المحيط األطلسي‪ ،‬والبحر األحمر‪ ،‬واليمن‪ ،‬والحجاز‪ ،‬والشام‪،‬‬ ‫وحران‪ ،‬والرقة‪.‬‬ ‫كان أول من جعل الدراسة في األزهر دراسة جامعية منتظمة‪ ،‬كما قام وزيره‬ ‫يعقوب بن كلس ـ لقبه العزيز بالوزير األجل ـ بتعيين (‪ً )37‬‬ ‫فقيها للتدريس في األزهر‬ ‫ً‬ ‫في فقه الشيعة‪ ،‬ورتب لهم األرزاق والجرايات‪ ،‬وبنى لهم ً‬ ‫مجاورا لسكناهم‪ ،‬كما‬ ‫دارا‬ ‫بنى دار للطلبة القادمين من جميع أنحاء العالم اإلسالمي وهي المعروفة باسم األروقة‪.‬‬ ‫اعتمد في عهده على جنود من الترك والصقالبة للحد من نفوذ المغاربة فقدمهم‬ ‫ً‬ ‫وزيرا ولقبه بالوزير األجل وهو أول‬ ‫في الجيش واإلدارة والقصر‪ ،‬عين يعقوب بن كلس‬ ‫ً‬ ‫وزيرا‪ ،‬توفي في بلبيس وهو في طريقه إلى الشام لقتال البيزنطيين‪،‬‬ ‫خليفة فاطمي اتخذ له‬ ‫بناء جامع عند باب الفتوح وأكمله ابنه‪.‬‬ ‫احلاكم بأمر هللا أبو علي منصور‪411-386 :‬هـ = ‪1020-996‬م‪ :‬الخليفة الذي‬ ‫كثر تناقضه في أفعاله بين متضاد يحوطها الغموض‪.‬‬ ‫‪341‬‬ ‫أكمل بناء الجامع الذي بناه والده عند باب الفتوح وسماه جامع الحاكم‪ ،‬كما بنى‬ ‫جامع العطارين باإلسكندرية‪ ،‬الشاعر أبي الحسن األخفش‪.‬‬ ‫في عهده وقع الصراع بين برجوان الصقلبي رئيس الحزب التركي وبين الحسن‬ ‫بن عمار الكتامي رئيس الحزب المغربي‪ ،‬كان النصر لبرجوان ولكن الحاكم خشي من‬ ‫إزدياد نفوذ برجوان وحزبه فقتله‪ ،‬كما أنه استعان بالعنصر السوداني (السود) للحد من‬ ‫نفوذ المغاربة والترك والصقالبة واألرمن والروم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫في عهده قتل القاضيين الحسين بن علي النعمان وأحرقه بالنار ـ الستيالئه على‬ ‫أموال اليتامى ـ وكذا مالك بن سعيد الفارقي ـ التصاله بأخت الحاكم ـ اتسم بأنه كان‬ ‫ً‬ ‫سفاكا للدماء‪ ،‬حاد الطباع؛ وقتل في عهده القائد الحسين بن جوهر الصقلي ـ بسبب‬ ‫مجالس الشراب ـ كان صديقه هو الطبيب أبو يعقوب بن نسطاس‪ ،‬منع النساء من‬ ‫الخروج إلى األسواق‪ ،‬ومنع الناس من التجول من غروب الشمس لغاية الفجر‪ ،‬كان‬ ‫يراقب المكاييل والموازين‪ ،‬منع بيع الزبيب والعسل‪ ،‬ونفى المغنيين والمغنيات‪ ،‬منع‬ ‫ً‬ ‫وأيضا منع أكل الفقاع والملوخية وعن السمك الذي ال قشر له‪،‬‬ ‫من صنع أحذية للنساء‪،‬‬ ‫وهدم بيعة قمامة بالقدس وأمر بهدم جميع الكنائس بمصر‪ ،‬ومنع النساء من الخروج أو‬ ‫النظر من النوافذ بخالف الحاكم نفسه الذي كان كثير الخروج لياًل‪.‬‬ ‫•ثورة أبي ركوة ـ ألنه كان يحمل ركوة في أسفاره ـ الوليد بن هشام بن المغيرة‬ ‫بن عبد الرحمن الداخل في برقة‪ ،‬فسير إليه عدة جيوش هزمها أبو ركوة بل‬ ‫وتقدم في سنة ‪397‬هـ‪1006/‬م إلى مصر حتى الجيزة ثم الفيوم حيث هزم‬ ‫وأسر ثم قتله وصلبه‪ ،‬هذه الثورة السنية فانظم إليها جمع عظيم من السنة‬ ‫كانت السبب في أمر الحاكم بسب الصحابة على جدران المساجد‪ ،‬ثم أمره‬ ‫بعد قتل أبو ركوة بمحو ما كتب عن سب الصحابة على جدران المساجد‪.‬‬ ‫•ـ في عهده اتخذ القضاة حرس خاص للحراسة للقضاة أثناء الصالة ـ بعد‬ ‫محاولة اغتيال قاضي القضاة في الصالة الحسين بن علي الفاطمي‪.‬‬ ‫‪342‬‬ ‫•في عهده قدم غالة اإلسماعيلية الفرس إلى مصر ونادوا بألوهية الحاكم ومن‬ ‫هؤالء نذكر‪ :‬حمزة بن أحمد‪ ،‬والحسن الفرغاني (األخرم)‪ ،‬ومحمد بن‬ ‫إسماعيل الدرزي‪ ،‬وكان موقف دعاة المذهب اإلسماعيلي في مصر من‬ ‫هؤالء هو النفور والثورة ضدهم مما أدى إلى قتل حمزة واألخرم وفرار‬ ‫الدرزي إلى الشام‪.‬‬ ‫•منع الحاكم الناس من تقبيل األرض أمامه أو تقبيل ركابه أو يده عند السالم‬ ‫عليه‪ ،‬وأن الحاكم كان يميل إلى حرية الفكر والرأي فترك أصحاب الدعاوي‬ ‫في دعوتهم دون أن ينالهم األذى‪.‬‬ ‫•أن يكتفي في المكاتبات إليه بعبارة‪> :‬سالم اهلل وتحياته على أمير المؤمنين<‪،‬‬ ‫وكذلك في خطبة الجمعة >اللهم سلم على عبدك وخليفتك< بداًل من >اللهم‬ ‫صلي وسلم على أمير المؤمنين<‪.‬‬ ‫ومن أهم إجنازاته‪ :‬دار الحكمة (دار العلم) في سنة ‪395‬هـ‪1044/‬م في قصر‬ ‫فخم‪ ،‬به مكتبة تحتوي على آالف الكتب في مختلف العلوم والمصاحف المذهبة‬ ‫وهي مكتبة عامة يقصدها الطالب والعلماء من كافة األقطار‪ ،‬وكانت تقام فيها الندوات‬ ‫والمناظرات العلمية والدينية بإشراف الحاكم نفسه ثم يكرم الجميع وظلت لغاية سنة‬ ‫‪516‬هـ‪1122/‬م في ظل تفاقم النزاعات بين الطالب فقام الوزير األفضل بن بدر‬ ‫بإغالقها‪ ،‬وكان مقتله في سنة ‪411‬هـ‪1020/‬م دون أن يعرف قاتله أو من قتله فقيل‬ ‫بعض الفدائيين وقيل أخته ست الملك باالشتراك مع شيخ قبيلة كتامة الحسين بن دواس‪،‬‬ ‫ثم عمدت إلى التخلص من الحسين بن دواس بدس من قتله كما تخلصت من العبيد‬ ‫الذين شاركوا في قتله بقتلهم‪.‬‬ ‫وقد اختفت جثته حتى إعتقد بعض الغالة أنه رفع إلى السماء‪ ،‬ومما ساعد على‬ ‫قتله كثرة خروجه لياًل وطوافه حول جبل المقطم‪.‬‬ ‫‪343‬‬ ‫الظاهر إلعزاز دين هللا أبو احلسن علي‪427-411 :‬هـ = ‪1035-1020‬م‪:‬‬ ‫تسلم الحكم بعد شهر من إختفاء والده الحاكم‪ ،‬وكان يبلغ عمره (‪ً )16‬‬ ‫عاما‪ ،‬فكانت‬ ‫الوصية عليه عمته ست الملك لغاية وفاتها سنة ‪415‬هـ‪1024/‬م فانتقلت الوصاية إلى‬ ‫مجموعة من كبار رجاالت الدولة وهم‪ :‬الوزير الجرجرآئي‪ ،‬والشريف العجمي‪ ،‬والقائد‬ ‫معضاد‪ ،‬وفي عهده زالت كل تشريعات والده فأباح للناس شرب الخمر وأنه كان ً‬ ‫محبا‬ ‫للغناء والراقصات‪.‬‬ ‫اشتد الصراع في عهده بين العنصرين التركي والمغربي وبين عنصر السودان‪،‬‬ ‫أدى إلى إحراق السودان مدينة الفسطاط ـ وقيل بل أحرقها الخليفة الظاهر بنفسه‬ ‫لإلنتقام من أهلها ـ ونهبوها سنة ‪411‬هـ‪1020/‬م‪ ،‬ولكن ما لبث أن سيطر األتراك‬ ‫والمغاربة وتمكنوا من طرد السودان إلى صعيد مصر ثم كان إعتماد الظاهر على‬ ‫العنصر التركي في قيادة الجيوش وفي إدارة شئون دولته‪ ،‬فأسند إلى القائد التركي قيادة‬ ‫الجيوش بل وفي إدارة شئون دولته‪ ،‬كما أسند للقائد التركي أنوشتكين والية دمشق‬ ‫سنة ‪419‬هـ‪1028/‬م‪ ،‬واضطراب أحوال الشام واستقالل بعض األمراء مثل صالح بن‬ ‫مرداس الذي استقل بحلب‪.‬‬ ‫•وقوع وباء أصاب األبقار‪ ،‬فأصدر أمره بتحريم ذبح البقر‪ ،‬كما عقد معاهدة‬ ‫مع إمبراطور الدولة البيزنطية لمده بالغالل والحبوب‪ ،‬ويقوم الظاهر بتجديد‬ ‫كنيسة القيامة بالقدس‪.‬‬ ‫املستنصر باهلل أبو تميم معد‪487-427 :‬هـ = ‪1094-1035‬م‪ :‬كان عمره لما‬ ‫تولى الخالفة (‪ )7‬سنوات فكانت الوصية عليه والدته‪ ،‬ثم انتقلت الوصاية والسلطة‬ ‫إلى أمير الجيوش والوزير بدر الجمالي‪ ،‬وقد امتد حكمه لمدة ستين ً‬ ‫عاما‪ ،‬واعترف‬ ‫بسلطته على اليمن من أميرها علي بن محمد الصليحي ودعا له على منابرها بل عمدوا‬ ‫إلى مد النفوذ الفاطمي إلى مكة والمدينة وعُمان والهند‪ ،‬وكذا عمد الحسن الصباح إلى‬ ‫ً‬ ‫وأيضا عمد الرحالة ناصر خسرو إلى نشر‬ ‫نشر المذهب الفاطمي في فارس وخراسان‪،‬‬ ‫المذهب الفاطمي في خراسان وأسس لهذا المدرسة الناصرية‪ ،‬لكن األتراك السالجقة‬ ‫‪344‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا دعا له على منابر بغداد من قبل أبي الحارث‬ ‫أغلقوها واضطر ناصر إلى الفرار‪،‬‬ ‫البساسيري لفترة يسيرة‪ ،‬واستقلت الدولة الزيرية في تونس عن سلطة الفاطميين‪.‬‬ ‫كان وزيره األفضل بن بدر الجمالي‪ ،‬زار مصر في عهده الحسن بن الصباح‬ ‫الزعيم إلسماعيلية فارس ـ الحسن انشق عن الدعوة الفاطمية بسبب عدم تولية ابنه نزار‬ ‫َ‬ ‫وكون دعوة عرفت بالحشاشين في فارس ـ‪.‬‬ ‫في عهده مال إلى عنصر السود ـ ألنه أمه كانت سوداء ـ فوقعت االشتباكات بين‬ ‫الترك والسود مما اضطر المستنصر إلى طلب نجدة حاكم دمشق األرمني بدر الجمالي‪،‬‬ ‫فأرسل إليه الجنود إلخماد هذه االضطرابات التي عمت جميع أنحاء الدولة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫في عهده تولى الوزارة عدة وزراء منهم‪ :‬أبا سعد التستري اليهودي ـ أغتيل من‬ ‫ُ‬ ‫قبل بعض األتراك ـ بدر الجمالي‪ ،‬أبو منصور الفالحي قتل بأمر من أم المستنصر ـ‪ ،‬أبو‬ ‫محمد اليازوري ـ اغتاله الخليفة المستنصر لتخابره مع طغر لبك وتشجيعه لغزو مصر ـ‪،‬‬ ‫حدوث أزمة الغالل في سنة ‪447‬هـ‪1055/‬م‪ ،‬إشتعال الفتن بين طوائف الجند وكان‬ ‫ألم المستنصر دور كبير في إمداد الجنود السود ً‬ ‫سرا بالمال والسالح مما أدى إلى تعطل‬ ‫الزراعة واستبداد ابن حمدان التركي والقائد التركي الدكز على الخليفة والذي استنجد‬ ‫بوالي عكا بدر الجمالي‪ ،‬فقضى على المفسدين وأعاد األمن‪.‬‬ ‫في عهده خراب الفسطاط وإنتقال النشاط التجاري والصناعي إلى القاهرة‪ ،‬كما انخفض‬ ‫مستوى مياه نهر النيل لمدة سبع سنوات مما أدى إلى أزمة اقتصادية حادة؛ وفي عهده صار‬ ‫الوزير ـ كان هو بدر الجمالي ـ هو الذي يصرف جميع شئون الدولة وبيده السلطة منذ سنة‬ ‫‪467‬هـ‪1074/‬م ولغاية سقوط الدولة الفاطمية كان فيه الخلفاء مسلوبي السلطة بمعنى الوزارة‬ ‫تحولت من وزارة تنفيذ إلى وزارة تفويض وبيده كافة السلطات والخليفة صورة‪.‬‬ ‫املستعلي أبو القاسم أحمد‪495-487 :‬هـ = ‪1101-1094‬م‪ :‬االبن األصغر‬ ‫للخليفة المستنصر ومعه ذلك تولى األمر بعد والده وعلى الرغم أن والده كان يرشح‬ ‫ابنه األكبر نزار لوالية عهده وكان للوزير القاسم شاهنشاه بن بدر الجمالي (الملقب‬ ‫باألفضل) الدور األعظم في إسناد الخالفة إلى االبن األصغر للمستعلي‪.‬‬ ‫‪345‬‬ ‫•وفي عهده كون وزيره القاسم شاهنشاه سنة ‪487‬هـ‪1094/‬م فرقة عسكرية‬ ‫من الشبان ـ هؤالء كانوا من أسرى الحروب‪ ،‬ثم يدفع بالصغار منهم إلى‬ ‫ً‬ ‫حرسا للخليفة ـ وهي‬ ‫األستاذين لتعليمهم وتدريبهم ـ تحت قيادة أمير لتكون‬ ‫تسكن في ثكنات تعرف بالحجر موقعها بجوار قصر الخالفةـ‪.‬‬ ‫•ثورة نزار بن المستنصر االبن األكبر للخليفة المستنصر ومسيره إلى اإلسكندرية‬ ‫فبايعه أهلها‪ ،‬فسار إليه القاسم شاهنشاه الوزير على رأس جيش فهزمه‪،‬‬ ‫سقوط القدس سنة ‪492‬هـ‪1099/‬م بيد الصليبيين وخرج الوزير القاسم‬ ‫شاهنشاه (األفضل) لنجدة القدس ولكنه هزم عند مدينة عسقالن وعاد إلى‬ ‫مصر‪ ،‬عمد الوزير األفضل إلى قتل الخليفة المستعلي فأرسل له من يقتله أو‬ ‫سمه ً‬ ‫سرا سنة ‪495‬هـ‪1101/‬م وولى مكانه ابنه اآلمر بأحكام اهلل‪.‬‬ ‫اآلمر بأحكام هللا بن املستعلي أبو علي املنصور‪524-459 :‬هـ = ‪1129-1066‬م‪:‬‬ ‫كان عمره حينما تولى الخالفة (‪ )5‬سنوات وقد واله الوزير القاسم شاهنشاه والذي‬ ‫أصبح هو الخليفة الفعلي‪ ،‬فلم يسمح لآلمر بأحكام اهلل بالظهور إال مرتين في السنة‪،‬‬ ‫كما أبطل رسوم الخالفة‪ ،‬ونقل الدواوين من قصر الخالفة إلى مبنى مجاور للوزير‪،‬‬ ‫قصرا وبستانًا‪ ،‬ولما صار عمره (‪ً )25‬‬ ‫ً‬ ‫عاما دبر مؤامرة الغتيال وزيره القاسم‬ ‫كما بنى‬ ‫شاهنشاه المعروف باألفضل فقتله محمد بن فاتك البطائحي والذي ولي الوزارة وتلقب‬ ‫بالمأمون ـ أهدى الفقيه األندلسي أبو بكر الطرطوسي إلى الوزير كتابه >سراج الملوك<‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وبنى مسجدا في مدينة اإلسكندرية ـ‪.‬‬ ‫وكان مصير الوزير محمد بن فاتك مثل سابقه إذ اغتاله اآلمر بأحكام اهلل واستغنى‬ ‫اآلمر عن الوزراء واستعان في حكمه باثنين من مماليكه هما‪ :‬برغش وهزار الملك‪.‬‬ ‫عُرف بشغفه بالورود واألزهار وبناء القصور مثل قصر الورود‪ ،‬وقصر الهودج‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وله شعر ديني ـ وقيل بل هو للحاكم ـ وفي عهده أغلقت دار العلم (دار الحكمة) بسبب‬ ‫النزاعات اإللحادية بين مرتاديها‪ ،‬ثم أعاد فتحها الخليفة اآلمر بعد قتله للوزير القاسم‬ ‫شاهنشاه (األفضل)‪.‬‬ ‫‪346‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي سنة ‪524‬هـ‪1130/‬م قتل الخليفة اآلمر ولم يكن له من يخلفه ـ وكانت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫امرأته حامل وأنجبت بنتا ـ ألنه لم ينجب ولدا مما أدى إلى إنقسام بين الفاطميون‪،‬‬ ‫وبالتالي ضعف هيبتها أمام الناس في أواخر عهدها ـ‪ ،‬وتولى األمير عبد اجمليد الخالفة‪.‬‬ ‫احلافظ لدين هللا أبو امليمون عبد املجيد بن محمد بن املستنصر‪544-524 :‬هـ‬ ‫= ‪1149-1129‬م‪ :‬في البداية استبد الوزير األكمل بن األفضل (القاسم شاهنشاه) بن بدر‬ ‫ُ‬ ‫الجمالي بالسلطة بل وسجن الخليفة ولكن دبرت مؤامرة أغتيل فيها الوزير األكمل سنة‬ ‫ً‬ ‫‪526‬هـ‪1131/‬م‪ ،‬وخرج الخليفة من السجن واعتبر يوم خروجه عيدا احتفل به كل عام‬ ‫سماه عيد النصر‪ ،‬وفي عهده بنى الوزير رضوان بن ولخشني مدرسة سنية باإلسكندرية‬ ‫سماها المدرسة الحافظية وقام بالتدريس فيها الفقيه المالكي أبي الطاهر بن عوف‬ ‫سنة ‪533‬هـ‪1138/‬م‪ ،‬بعد وفاته تنافس كبار موظفي الدولة على منصب الوزارة بسبب‬ ‫صغر سن الخلفاء الذين حكموا بعد الحافظ لدين اهلل فهم‪:‬‬ ‫الظافر أبو املنصور إسماعيل‪549-544 :‬هـ = ‪1154-1149‬م‪ :‬بنى في عهده‬ ‫الوزير العادل بن السالل مدرسة سنية باإلسكندرية وقام بالتدريس بها الفقيه الشافعي‬ ‫أبي الطاهر أحمد السلفي‪.‬‬ ‫الفائز أبو القاسم عيىس‪555-549 :‬هـ = ‪1160-1154‬م‪:‬‬ ‫العاضد أبو محمد عبد هللا‪567-555 :‬هـ = ‪1171-1160‬م‪:‬‬ ‫آخر خلفاء‬ ‫الفاطميين‪ ،‬وفي عهده استنجد الوزير شاور‪ ،‬بنور الدين محمود زنكي‪ ،‬واستنجد‬ ‫القائد ضرغام بملك مملكة بيت المقدس الصليبية عموري‪ ،‬ولكن كان نور الدين زنكي‬ ‫مسارعًا إلى حكم مصر بإرسال قائده صالح الدين األيوبي مما أدى إلى قيام الدولة‬ ‫األيوبية في مصر‪.‬‬ ‫الدولة اإلخشيدية ‪358-323‬هـ = ‪969-935‬م‬ ‫المؤسس أبو بكر محمد بن طغج بن جف الملقب باإلخشيد وهو لقب تركي يتلقب به‬ ‫ملوك إقليم فرغانة في بالد ما وراء النهر‪ ،‬وقيل بل هو لقب منحه اباه الخليفة العباسي الراضي‬ ‫‪347‬‬ ‫بعد انتصار ه على الفاطميين‪ ،‬وكان الجد جف بدأ خدمته في عهد الخليفة المعتصم ثم البنه‬ ‫الواثق ثم المتوكل وخلف (‪ )7‬أوالد‪ ،‬ولما ولي تكين عمان وجبل الشراة شمالي العقبة‬ ‫سنة ‪306‬هـ‪911/‬م ولى محمد بن طغج طبرية وجبل الشراة نيابة عنه وصد غارات‬ ‫الفاطميين على مصر‪ ،‬وكان محمد بن طغج قد التحق بخدمة ابن بسطام الوالي على‬ ‫مصر‪ ،‬ثم من بعده البنه أبي القاسم علي‪ ،‬ثم لتكين‪.‬‬ ‫عين أبو الجيش خمارويه محمد اإلخشيد ً‬ ‫واليا على دمشق شارك محمد في‬ ‫قتال الفاطميين أثناء محاولتهم غزو مصر فكافأه الخليفة الراضي بأن واله مصر سنة‬ ‫‪323‬هـ‪ ،934/‬وهكذا أسس محمد اإلخشيد ثاني دولة مستقلة عرفتها مصر‪.‬‬ ‫االستيلاء على الشام‪ :‬وفي عده الخليفة الراضي سيطر على جنوب الشام أحد‬ ‫قواده وهو محمد بن رائق أما شمال الشام فقد استولى عليها األمراء الحمدانيون أصحاب‬ ‫الموصل وشمال الجزيرة وصارت عاصمتهم مدينة حلب‪.‬‬ ‫وحارب اإلخشيد مع محمد بن رائق الذي استولى على دمشق وحمص سنة‬ ‫‪327‬هـ‪938/‬م‪ ،‬ثم انحدر جنوبًا نحو الحدود المصرية وقابله اإلخشيد عند العريش‬ ‫وانتصر عليه‪ ،‬ثم أرسل أخاه الحسين بن طغج عند بحيرة طبرية ولكنه وقع في كمين‬ ‫ُ‬ ‫قتل فيه الحسين عند بحيرة طبرية فغسله وكفنه وأرسله في تابوت إلى اإلخشيد صحبه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومقدما ابنه فدية له فأكرمه اإلخشيد وزوجه ابنته فاطمة وعقد‬ ‫ومعتذرا‬ ‫ابنه مزاحم معزيًا‬ ‫صلح بين الطرفين سنة ‪238‬هـ‪852/‬م يقضي بأن تكون البالد الشامية شمالي الرملة‬ ‫البن رائق‪.‬‬ ‫وفي عام ‪330‬هـ‪941/‬م قتل الحمدانيون ابن رائق فاستولى اإلخشيد على الشام‬ ‫دون مقاومة وواصل تقدمه شمااًل حتى اقترب من حدود الحمدانية بقيادة كافور الحبشي‬ ‫وفاتك الرومي فهزما‪ ،‬ثم استولى الحمدانيون على دمشق واضطر اإلخشيد إلى الخروج‬ ‫بنفسه فلحق بهم عند حمص ـ كافور وفاتك ـ ثم انتصر على الحمدانيين في وقعة‬ ‫قنسرين في سوريا الشمالية‪ ،‬ودخل حلب واسترد دمشق ولكنه تنازل عن حلب وشمال‬ ‫‪348‬‬ ‫الشام لسيف الدولة الحمداني رغبة في بقاء الدولة الحمدانية في حماية الثغور الشامية‬ ‫من غارات البيزنطيين وحتى يتفرغ لمواجهة الخطر الفاطمي في الغرب‪ ،‬فعقد الصلح أن‬ ‫يكون لإلخشيد والية دمشق وما يليها جنوبًا‪ ،‬ولسيف الدولة الحمداني البالد الشمالية من‬ ‫حمص إلى حلب‪ ،‬وزوج سيف الدولة من ابنة أخي اإلخشيد في سنة ‪333‬هـ‪944/‬م‪.‬‬ ‫حاول محمد اإلخشيد نقل الخالفة العباسية إلى مصر سنة ‪333‬هـ‪944/‬م حينما‬ ‫استبد األمراء األتراك بالخليفة المتقي وتقاعس الحمدانيون عن نجدته فالتقى محمد‬ ‫اإلخشيد بالخليفة العباسي المتقي في مدينة الرقة في شمال الفرات‪ ،‬رفض الخليفة‬ ‫العرض وعاد اإلخشيد إلى الشام بينما عاد الخليفة إلى بغداد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حرسا من المماليك األتراك بلغ عددهم ثمانية آالف مملوك يحرسونه بالنوبة‬ ‫اتخذ‬ ‫عندما ينام كل يوم ألف مملوك‪.‬‬ ‫مات اإلخشيد في مدينة دمشق سنة ‪334‬هـ‪945/‬م ودفن ببيت المقدس وأوصى‬ ‫ً‬ ‫وصيا عليه‬ ‫بالملك من بعده البنه أبي القاسم أونوجور على أن يكون كافور الحبشي‬ ‫لصغر سنه واستبد كافور بالحكم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حبشيا‬ ‫أبو املسك كافور اإلخشيدي‪357-334 :‬هـ = ‪968-946‬م‪ :‬كان عبدا‬ ‫أسود اللون يعمل في خدمه يلقب ً‬ ‫مربيا لولدي اإلخشيد وأن يلقب بلقب أستاذ‪ ،‬كان‬ ‫على جانب من الثقافة العلمية‪.‬‬ ‫•حكم كافور في بادئ األمر مدة (‪ )22‬سنة كوصي على ولدي اإلخشيد‪:‬‬ ‫أونوجور الذي مات في سنة ‪349‬هـ‪960/‬م‪ ،‬وعلي بن اإلخشيد الذي مات سنة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صغيرا هو أحمد بن أبي الحسن‪ ،‬وظلت مصر‬ ‫‪355‬هـ‪966/‬م ـ وخلف ولدا‬ ‫دون حاكم لغاية وصول كتاب من الخليفة العباسي بتولية كافور على مصر ـ‪ ،‬ثم‬ ‫حكم كافور مدة سنتين ونصف انتهت بوفاته‪ ،‬وكان البداية للوصي على أونوجور‬ ‫أن قام بالقضاء على ثورة قام بها أهل مصر فأصبح كافور صاحب السلطة‪ ،‬ثم‬ ‫حارب الحمدانيين في الشمال وعقد معاهدة صلح احتفظ فيها بمصر وبجنوب‬ ‫الشام‪ ،‬بينما بقي الحمدانيون في شمالها كما كان الحال في عهد اإلخشيد‪.‬‬ ‫‪349‬‬ ‫•حارب كافور القرامطة الذين أغاروا على جنوب الشام وهددوا قوافل التجارة‬ ‫والحجاج وانتهت هذه الحرب بالصلح‪.‬‬ ‫•حارب كافور في الجنوب أمراء النوبة الذين أغاروا على أسوان ومدن الوجه‬ ‫القبلي وانتهت بخضوعهم وتقديم الجزية والرقيق إلى مصر كل سنة‪.‬‬ ‫•صد غارات الفاطميين في الغرب ال سيما في الواحات‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫عامل الخليفة المعز لدين اهلل الفاطمي باللطف واللين‪.‬‬ ‫•كما حرص عبد الرحمن الناصر الخليفة األموي األندلسي على توطيد‬ ‫عالقاته مع اإلخشيديين فأرسل إليهم عشرة آالف دينار لتوزيعها على علماء‬ ‫المذهب المالكي وقد كان رئيس المدرسة المالكية في مصر العالم األندلسي‬ ‫أبو إسحاق محمد بن القاسم المعروف بابن القرطبي‪.‬‬ ‫•وكان دعاة الفاطميين يقولون‪> :‬إذا زال الحجر األسود‪ ،‬ملك موالنا المعز‬ ‫األراضي كلها<‪.‬‬ ‫•كان يذعن بالطاعة لبني العباس‪ ،‬ونال على موافقة الخليفة العباسي على حكم‬ ‫مصر والشام ومكة والمدينة وذكر اسمه في الخطبة ودعا له على المنابر‪،‬‬ ‫وكذا امتاز بكرم زائد عن الحد أتاح له أن يكتسب محبة الجند والموظفين‪.‬‬ ‫•حبه للموسيقى والغناء‪ ،‬وحبه للعلم والعلماء وزار بالطه عدد كبير من فحول‬ ‫الشعراء منهم الشاعر أبا الطيب المتنبئ ثم هجاه‪.‬‬ ‫مات كافور في سنة ‪357‬هـ‪967/‬م‪ ،‬وانتخب أبو الفوارس أحمد حفيد اإلخشيد‬ ‫ً‬ ‫صبيا في الحادية عشرة من عمره‪ ،‬فشغب الجند‪ ،‬وقصر النيل مما نتج عنه أزمات‬ ‫اقتصادية‪.‬‬ ‫وفي ربيع األول سنة ‪358‬هـ‪969/‬م خرج الجيش الفاطمي بقيادة جوهر الصقلي‬ ‫ً‬ ‫متجها نحو اإلسكندرية فاستولى عليها‪ ،‬ثم سار حتى دخل الفسطاط‬ ‫من مدينة القيروان‬ ‫وكان هذا معناه نهاية الدولة اإلخشيدية وقيام الدولة الفاطمية الشيعية في مصر‪.‬‬ ‫الدويالت املستقلة يف الشرق اإلسالمي‬ ‫وبالد ما وراء النهر (نهر جيحون)‬ ‫•الدولة الطاهرية في خراسان (طاهر بن الحسين أحد قادة المأمون)‬ ‫‪259-205‬هـ = ‪872-820‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الصفارية (على يد يعقوب) ‪290-254‬هـ = ‪903-867‬م‬ ‫ـ ضمت الري والجبل وسجستان ـ‪.‬‬ ‫•الدولة السامانية (على يد نصر بن أحمد بن الساماني في بالد ما‬ ‫وراء النهر) ‪389-266‬هـ = ‪998-879‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الغزنوية ‪579-366‬هـ = ‪1183-976‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الغورية ‪689-582‬هـ = ‪1290-1186‬م‪.‬‬ ‫•الدولة الخلجية ‪721-689‬هـ = ‪1321-1290‬م‪.‬‬ ‫•الدولة التغلقية ‪801-721‬هـ = ‪1398-1321‬م‪.‬‬ ‫‪353‬‬ ‫الدولة الطاهرية ‪259-205‬هـ = ‪872-820‬م‬ ‫مؤسسها طاهر بن الحسين بن مصعب في عهد الخليفة المأمون‪ ،‬وقد قامت الدولة‬ ‫الطاهرية في شرق الدولة اإلسالمية (في خراسان) وعاصمتها نيسابور‪ ،‬وكان طاهر هو‬ ‫المتولي لشرطة بغداد إلى سنة ‪201‬هـ‪816/‬م إضافة إلى أنه قد ولي خراسان في سنة‬ ‫‪205‬هـ‪820/‬م واستطاع أن يؤسس في خراسان أول إمارة شبه مستقلة عن الخالفة العباسية‪.‬‬ ‫طاهر بن احلسني بن مصعب‪ :‬لقبه ذو اليمينين ألنه ضرب رجاًل بشماله فقده‬ ‫نصفين‪ ،‬وقيل ألنه ولي العراق وخراسان‪ ،‬استطاع أن يؤسس أول إمارة مستقلة عن‬ ‫الخالفة‪ ،‬وكان طاهر أعور وهو الذي انتزع بغداد والعراق من يد األمين وقتله‪ ،‬واله‬ ‫ً‬ ‫خادما وعهد المأمون إلى الخادم‬ ‫المأمون الجزيرة ووالية شرطة بغداد‪ ،‬ثم خراسان واعطاه‬ ‫ً‬ ‫إن رأى منه شيئا يريبه أن يسمه فلما خطب طاهر ولم يدع للمأمون سمه الخادم في كوامخ‬ ‫فمات من ليله‪ ،‬فلما بلغ موته المأمون قال‪ :‬لليدين وللفم الحمد هلل الذي قدمه وأخرنا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كريما‪ ،‬يحب الشعراء ويغدق عليهم ثم ولى ابنه عبد اهلل مكانه‪.‬‬ ‫وكان‬ ‫عبد هللا بن طاهر بن احلسني‪ :‬كان ً‬ ‫واليا على مصر‪ ،‬ثم واله المأمون ـ الذي‬ ‫كان يخشى أن تحدث اضطرابات في خراسان ـ خراسان واستطاع توسيع نفوذه حتى‬ ‫شمل الري وكرمان‪ ،‬واستطاع ً‬ ‫أيضا تتبع العلويين بخراسان وطبرستان والديلم والقضاء‬ ‫على ثوراتهم‪ ،‬ولما توفي خلفه في الحكم ابنه طلحة‪.‬‬ ‫طلحة بن طاهر بن احلسني‪ ،‬ثم ويل ابن�ه محمد بن طاهر‪ :‬آخر حكام الدولة‬ ‫الطاهرية‪.‬‬ ‫كان يميل إلى اللهو والعبث فضعف أمره وازدادت االضطرابات فاستنجد أهالي‬ ‫خراسان باألمير يعقوب بن الليث الصفار إلعادة األمن فزحف بجيشه إلى نيسابور سنة‬ ‫‪259‬هـ‪872/‬م وقبض على محمد بن طاهر وعلى أهل بيته وبذلك قضى على الدولة‬ ‫الطاهرية وضم أراضيها إلى الدولة الصفارية‪.‬‬ ‫‪354‬‬ ‫الدولة الصفارية ‪290-254‬هـ = ‪903-867‬م‬ ‫قامت بعد سقوط الدولة الطاهرية في خراسان وسجستان ـ القسم الجنوبي من‬ ‫إيران ً‬ ‫حاليا ـ وامتد سلطانهم إلى حدود الهند‪ ،‬مؤسسها يعقوب بن الليث الصفار ـ بدأ‬ ‫يعقوب بن الليث الصفار ثورته في عهد الخليفة المنتصر باهلل بن المتوكل في خراسان‬ ‫حيث قضى على الدولة الطاهرية ودخل نيسابور عاصمتها سنة ‪259‬هـ‪873/‬م‪.‬‬ ‫لم يكتف يعقوب بحكم سجستان وخراسان بل مد نفوذه على بوشنج وهراة وعلى‬ ‫بالد فارس وزابلستان ومكران وكرمان والسند وطبرستان والري وقزوين وأذربيجان‬ ‫واألهواز هذه الممالك كلها في شرقي الدولة اإلسالمية‪ ،‬استطاع أن ينشر األمن‬ ‫واالستقرار في دولته ويجبي الخراج حتى عمرت خزينته‪ ،‬وفي البداية عمد يعقوب إلى‬ ‫السعي لنيل رضا الخالفة العباسية بإرسال الهدايا فأقروه على األمصار التي مد نفوذه‬ ‫عليها ولكن مع ازدياد نفوذه عمد الخلفاء إلى التخلص منه فزحف إلى بغداد ولكنه هزم‬ ‫في سنة ‪262‬هـ‪875/‬م فانسحب إلى نيسابور‪.‬‬ ‫يعقوب بن الليث الصفار ‪265-254‬هـ‪878-867/‬م‪ :‬المؤسس مع أخوه‬ ‫عمرو كانا في البداية يعمالن بصناعة الصفر (أي النحاس)‪ ،‬ثم التحقا بفرق المتطوعة ـ‬ ‫وهذه الفرق هدفها قتال الخارجين على الدولة العباسية من الشراة في األقاليم الشرقية‬ ‫وخاصة سجستان وكذلك للجهاد ـ تحت قيادة صالح بن النضر الكناني‪ ،‬وخلفه درهم‬ ‫بن الحسين فأسند القيادة إلى يعقوب‪ ،‬وسار إلى خراسان وسجستان وهراة وبوشنح‬ ‫وكرمان وفارس وكابل والملتان‪ ،‬ثم استولى على نيسابور عاصمة الدولة الطاهرية‬ ‫بدعوة أن أهل خراسان استنجدوا به لطرد آل طاهر منها‪ ،‬وهزم الحسن بن زيد العلوي‬ ‫أميرا على شرطة بغداد‪ ،‬وكان يريد أن يكون ً‬ ‫بطبرستان‪ ،‬فترضته الخالفة بتعينه ً‬ ‫أيضا‬ ‫ً‬ ‫أميرا على سامراء وسبب تساهل الخالفة معه يعود لوجود ثورة الزنج بالبصرة‪ ،‬ثم حاول‬ ‫االستيالء على بغداد في عهد المعتمد وأخيه الموفق فهزم فعاد وسيطر على األهواز من‬ ‫صاحب الزنج‪ ،‬وفي أواخر سنة ‪263‬هـ‪786/‬م استولى على جنديسابور‪ ،‬ثم أرسلت له‬ ‫ً‬ ‫مريضا فلم يلبث أن مات فتولى عمرو‪ ،‬وكان يعقوب قد‬ ‫الخالفة رسواًل يترضاه فوجده‬ ‫اشتهر بحسن التدبير وحسن اختيار الرجال‪.‬‬ ‫‪355‬‬ ‫عمرو بن الليث الصفار ‪287-265‬هـ‪ -878/‬م‪ :‬كان يشتري المماليك الصغار‬ ‫ويربيهم ويهبهم إلى قواده‪ ،‬ومنع قواده من ضربهم‪ ،‬اعترفت به الخالفة ـ الخليفة‬ ‫المعتمد وأخوه أبو أحمد الموفق ـ وأرسلت إليه العهد ومعه العقد والخلع على خراسان‬ ‫وفارس وأصبهان وسجستان والسند وكرمان‪ ،‬ثم أسندت إليه والية شرطة بغداد وسامراء‬ ‫فأناب عبيد اهلل بن عبد اهلل بن طاهر عنه في شرطة بغداد وسامراء وبعث إليه الموفق‬ ‫بعمود من ذهب‪ ،‬فلم يقنع بل طمع إلى ضم بغداد فسار إليها ولكن المعتمد انتصر عليه‬ ‫ثم حاربه رافع بن هرثمة (الذي كان الخليفة المعتضد عزله فلم يعترف بالعزل وسار‬ ‫ُ‬ ‫إلى لقاء عمرو) فهزم رافع وقتل‪ ،‬ثم سار عمرو إلى بالد ما وراء النهر لضمها لمناطق‬ ‫حكمه وقاتله إسماعيل بن أحمد الساماني فهزم عمرو وتمزق شمل جيشه وسر الخليفة‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫المعتضد بهزيمة عمرو الذي حمل إلى بغداد فحبس وقيل قتل‪ ،‬وأشاد بإسماعيل‪ .‬هذه‬ ‫الهزيمة ووقوع عمرو في األسر كانت بداية النهاية لسقوط الدولة‪ ،‬وكان عمرو عظيم‬ ‫السياسة وقد اشتهر بوضعه لنظام دقيق لمراقبة عماله وزيادة موارد الدولة وخلفه طاهر‬ ‫بن محمد بن عمرو بن الليث‪.‬‬ ‫ً‬ ‫غالما‬ ‫طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث ‪296-288‬هـ = ‪908-900‬م‪ :‬كان‬ ‫ً‬ ‫صغيرا وغلب عليه سبك السبكري فاستبد بالسلطة ولم يكتف بذلك بل قبض على األمير‬ ‫طاهر بن الليث وعلى أخيه يعقوب سنة ‪296‬هـ‪908/‬م وبعث بهما إلى بغداد على أن‬ ‫األمور لم تصف لسبك السبكري ـ غالم عمرو بن الليث ـ ففي سنة ‪297‬هـ‪909/‬م سار‬ ‫الليث بن علي بن الليث الصفار إلى فارس وتغلب عليها وطرد منها السبكري فاستنجد‬ ‫بالخليفة المقتدر‪.‬‬ ‫الليث بن علي بن الليث الصفار‪ :‬لما هزم سبك السبكري استنجد بالخليفة‬ ‫ً‬ ‫المقتدر فأرسل له جيشا بقيادة مؤنس الخادم سنة ‪297‬هـ‪909/‬م فهزم الليث وأسر‪،‬‬ ‫ولكن السبكري أعلن عصيانه على الخالفة ورفض إرسال األموال إلى دار الخالفة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وسيرت إليه الخالفة جيوشا استطاع هزيمتها‪.‬‬ ‫‪356‬‬ ‫محمد بن علي بن الليث الصفار‪ :‬سار أحمد بن إسماعيل الساماني من بالد ما‬ ‫وراء النهر وتمكن من االستيالء على سجستان والقبض على محمد‪ ،‬ثم على السبكري‬ ‫في سنة ‪298‬هـ‪910/‬م وبعثهما إلى بغداد‪ ،‬فسقط الدولة الصفارية على يد السامانيين‪.‬‬ ‫الدولة السامانية ‪381-361‬هـ = ‪999-874‬م‬ ‫في بالد ما وراء النهر (بخارى‪ ،‬سمرقند‪ ،‬الشاش‪ ،‬هراة‪ ،‬وأشروسنة)‪ ،‬ثم امتدت‬ ‫إلى خراسان‪ ،‬وضمت أمالك الدولة الصفارية (الري‪ ،‬الجبل‪ ،‬وسجستان)‪ ،‬عملت‬ ‫على إحياء اللغة الفارسية الحديثة ـ خليط من الفارسية والعربية ـ‪.‬‬ ‫كان جدهم سامان يدين باجملوسية‪ ،‬ثم أسلم وسمى ابنه باسم أسد بن عبد اهلل‬ ‫القسري والي خراسان وأنجب أربعة أبناء والهم المأمون على بعض المدن في إقليم ما‬ ‫وراء النهر‪ ،‬فولى نوح سمرقند‪ ،‬وأحمد فرغانة ـ وله سبعة أوالد منهم إسماعيل ونصر‬ ‫ـ ويحيى الشاش وأشروسنة‪ ،‬وإلياس هراة‪ ،‬ولما ولى طاهر بن الحسين خراسان أقرهم‬ ‫على والياتهم‪.‬‬ ‫وفي عهد الخليفة المعتمد أصدر تقليده بتولية نصر بن أحمد الساماني والية‬ ‫جميع مدن بالد ما وراء النهر سنة ‪261‬هـ‪874/‬م‪ ،‬وكانت عاصمة الدولة بخارى‬ ‫وكانوا حريصون على طاعة الخليفة العباسي وخلف نصر في الحكم أخيه إسماعيل بن‬ ‫أحمد الساماني‪ ،‬ولما توفي نصر آلت الحكم إلى أخيه إسماعيل الذي استطاع فتح بالد‬ ‫طبرستان وضم الري وقزوين إلى نفوذه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مركزا من أهم‬ ‫امتازت الدولة السامانية بنهضة علمية وأدبية وأصبحت بخارى‬ ‫المراكز العلمية اإلسالمية‪ ،‬كما شجعوا العلماء واألدباء والشعراء أمثال الرودكي أول‬ ‫ً‬ ‫شاعر فارسي‪ ،‬والطبيب أبي بكر محمد بن زكريا الرازي صديقا لألمير منصور بن‬ ‫إسماعيل الساماني وألف له كتاب المنصوري في الطب‪ ،‬والطبيب الفيلسوف ابن سينا‬ ‫الذي عالج األمير نوح بن نصر الساماني‪ ،‬والوزير محمد بن عبد اهلل البلعمي الذي ترجم‬ ‫تاريخ الطبري إلى اللغة الفارسية سنة ‪352‬هـ‪963/‬م‪ ،‬والشاعر أبو القاسم الفردوسي‬ ‫‪357‬‬ ‫الذي وضع ملحمته الشعرية الفارسية المشهورة الشاهنامة (كتاب الملوك)‪ ،‬كما‬ ‫اشتهرت الدولة السامانية بصناعة الورق والصناعات الخزفية الجميلة وصناعة السجاد‬ ‫والمنسوجات الحريرية‪.‬‬ ‫مدة حكم الدولة السامانية مائة وسبعين ً‬ ‫عاما‪ ،‬ثم انتهت على يد الغزنويين في سنة‬ ‫‪389‬هـ‪999/‬م‪ ،‬وقد روى ابن سينا الفيلسوف أنه رأى في مكتبة بخارى عاصمة الدولة‬ ‫السامانية من طرائف الكتب ما لم يسمع بمثله من قبل‪ ،‬وقد امتازت الدولة في اعتمادها‬ ‫ً‬ ‫تدريجيا بناءً على‬ ‫على المماليك األتراك في جيوشها وأن هؤالء المماليك كانوا يترقون‬ ‫خدماتهم وشجاعتهم وليس على المحسوبية أو الجاه‪.‬‬ ‫نصر األول بن أحمد بن أسد ‪279-261‬هـ = ‪992-874‬م‪ :‬تولى حكم جميع‬ ‫مدن بالد ما وراء النهر في سنة ‪261‬هـ‪874/‬م في عهد المعتمد ولغاية وفاته‪.‬‬ ‫إسماعيل بن أحمد بن أسد ‪295-279‬هـ = ‪907-892‬م‪ :‬قام بغزو بالد الترك‬ ‫ً‬ ‫وأيضا صد هجوم الترك سنة ‪291‬هـ‪903/‬م‪.‬‬ ‫سنة ‪280‬هـ‪893/‬م‪،‬‬ ‫سار عمرو بن الليث الصفاري إلى بالد ما وراء النهر فهزمه إسماعيل وأسر‬ ‫عمرو وضم خراسان وسجستان فتم القضاء على الدولة الصفارية‪ ،‬هزم محمد بن‬ ‫زيد العلوي وفتح طبرستان‪ ،‬كان يحب العلم والعلماء ويكرمهم‪ ،‬حسن السيرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مركزا من أهم المراكز العلمية‬ ‫حريصا على طاعة الخليفة‪ ،‬وأصبحت بخارى‬ ‫عاداًل‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫أحمد بن إسماعيل أبو نصر ‪301-295‬هـ = ‪913-907‬م‪ :‬لقبه الشهيد‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫مولعا بالصيد وأقره الخليفة المكتفي على ما كان بوالية والده وخلع عليه‪ ،‬قضى‬ ‫على محمد بن زيد العلوي بطبرستان‪ ،‬سيطر السامانيون في عهده على الري وقزوين‬ ‫وطبرستان وهمذان‪.‬‬ ‫قضى على الدولة الصفارية بأسر السبكري غالم عمرو‪ ،‬وكما أسر الليث بن علي‬ ‫واالستيالء على سجستان من يد المعدل بن علي بن الليث الصفار وأسر أخاه محمد‬ ‫‪358‬‬ ‫بن الليث وأرسل سبك ومحمد إلى الخليفة العباسي وحكم سجستان من قبل سيمجور‬ ‫غالم أحمد الساماني‪ ،‬قتله ـ أحمد ـ مجموعة من غلمانه بعد ما أغفلوا إحضار األسد‬ ‫الذي كان يرابط مكان نومه‪.‬‬ ‫نصر (الثاين) بن أحمد بن إسماعيل ‪331-301‬هـ = ‪942-913‬م‪ :‬كان عمره (‪)8‬‬ ‫سنوات حينما تولى األمر‪ ،‬فأقره الخليفة المقتدر مكان أبيه إسماعيل وضبط البالد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حليما عاقاًل‪ ،‬ضبط أمور الدولة أبو‬ ‫وحسنت سيرته‪ ،‬وتلقب بلقب السعيد‪ ،‬وكان‬ ‫عبد اهلل محمد بن أحمد الجيهاني‪ ،‬وبنى بقصره بيت سماه بيت العبادة‪.‬‬ ‫استولى نصر على سمرقند من عمه إسحاق بن أحمد بن أسد وهرب إسحاق‪ ،‬ثم‬ ‫ُ‬ ‫أسر وثار ابنه الثاني أبو صالح منصور وسيطر على نيسابور حوالي أربع سنوات جرت‬ ‫ً‬ ‫وأيضا ثار إلياس بن إسحاق بن‬ ‫خاللها معارك انتهت بعودة نفوذ نصر إلى نيسابور‪،‬‬ ‫أحمد الساماني وسار إلى سمرقند فهزمه جيش نصر الساماني فهرب إلياس إلى فرغانة‬ ‫حيث عاونه حاكم الشاش والتقى مع جيش نصر الذي تمكن من هزيمته وأسر حاكم‬ ‫ً‬ ‫وأيضا ثار أبو علي محمد بن إلياس واستولى على كرمان فسار إليه القائد ماكان‬ ‫الشاش‪،‬‬ ‫بن كالي‪ ،‬فهزم محمد وأعاد السيطرة للسامانيين على كرمان ولكن ماكان بن كالي ما‬ ‫ً‬ ‫لبث أن استقل عن السامانيين فأرسل إليه نصر جيشا قتله وأعاد كرمان وجرجان إلى‬ ‫سيطرة السامانيين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سير جيشا بقيادة سيمجور إلى الري من انتزاعها من وشمكير بن زيار الذي هرب‬ ‫إلى طبرستان‪ ،‬وكان قد كتب الخليفة المقتدر إلى نصر بوالية الري وانتزاعها من فاتك‬ ‫ً‬ ‫غالم يوسف بن أبي الساج فسير إليه جيشا بقيادة سيمجور فسيطر على الري‪.‬‬ ‫في عهده استولى جيش نصر بن أحمد الساماني على أبهر وقزوين‪ ،‬وقم‪،‬‬ ‫وهمذان‪ ،‬ونهاوند‪ ،‬والدينور حتى بلغ السيطرة إلى حدود حلوان‪.‬‬ ‫•ثورة أخوه أبو زكريا في العاصمة ونهب بيوت األموال‪ ،‬فلما عاد نصر لم‬ ‫يعرض له أو لمن نهبوا األموال‪.‬‬ ‫‪359‬‬ ‫•إن نصر بن أحمد الساماني بعث إلى عبيد اهلل المهدي بكتاب يعترف فيه‬ ‫بسلطنته الروحية والراجح أنه غير صحيح‬ ‫•تنازل على الخالفة البنه نوح‪.‬‬ ‫نوح (األول) بن نصر بن أحمد بن إسماعيل ‪343-331‬هـ = ‪954-942‬م‪:‬‬ ‫ً‬ ‫استهل حكمه بالعفو عن بعض األمراء ووالهم الواليات تأليفا لقلوبهم‪.‬‬ ‫•بدأ الصراع مع بني بويه‪ :‬فتمكن ركن الدولة ابن بويه من هزيمة جيوش نوح‪،‬‬ ‫ثم كانت الغلبة لجيوش نوح والسيطرة على الري وعلى بالد الجبل وعلى دفع‬ ‫ركن الدولة جزية سنوية‪.‬‬ ‫•ثورة القائد أبي علي بن محتاج على نوح التي استمرت لمدة ثالث سنوات‬ ‫واستولى أبو علي بن محتاج على نيسابور ومرو وبخارى وخطب لعم نوح‪:‬‬ ‫إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل الساماني الذي انضم إلى ناصر الدولة بن‬ ‫حمدان‪ ،‬ثم عمد أبو علي بن محتاج إلى مبايعة أبي جعفر محمد بن نصر بن‬ ‫أحمد الساماني أخي األمير نوح ـ بعد أن تم االتفاق بين نوح وإبراهيم على‬ ‫خلع الثاني لنفسه مقابل توليه منصب إمرة الجيوش ـ وخطب له في كثير من‬ ‫مدن خراسان وبالد ما وراء النهر إلى أن عقد الصلح بين نوح وأبو علي بن‬ ‫محتاج‪ ،‬ولكن ما لبث أن نقض من قبل نوح فعزله عن قيادة الجيوش في‬ ‫خراسان فالتجأ إلى ركن الدولة بن بويه الذي تدخل لدى الخليفة المطيع‬ ‫فأقره على والية خراسان واستمر فيها لغاية وفاة األمير نوح‪.‬‬ ‫•قضاؤه على المذهب اإلسماعيلي وعلى أنصاره في بالده‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عبد امللك بن نوح بن نصر ‪350-343‬هـ = ‪961-954‬م‪ :‬سير جيشا بقيادة بكر‬ ‫بن مالك إلى بخارى الستردادها من أبي علي بن محتاج فهرب أبو علي إلى ركن الدولة‬ ‫بن بويه في الري‪.‬‬ ‫توفي بكبوة فرسه‪.‬‬ ‫‪360‬‬ ‫منصور (األول) بن نوح أبو صالح ‪366-350‬هـ = ‪976-961‬م‪ :‬بدأ الضعف في‬ ‫عهده‪ ،‬فقد ثار أهل سجستان على األمير خلف بن أحمد وولوا مكانه طاهر بن الحسين‬ ‫ً‬ ‫فسير األمير نوح جيشا إلى الوالي خلف تمكن من القضاء على الثورة‪ ،‬ثم ثار أهلها مرة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أخرى‪ ،‬فسير األمير منصور جيشا للقضاء على ثورة سجستان واستمرت الحروب سبع‬ ‫سنين انتهت بعقد الصلح وإعادة الخطبة لألمير منصور‪.‬‬ ‫•حروبه مع ركن الدولة بن بويه وابنه عضد الدولة‪ ،‬وتم الصلح على دفع مائة‬ ‫ألف دينار من قبل ركن الدولة وخمسين ألف دينار يقدمها عضد الدولة‪ ،‬ثم‬ ‫تصاهرا بزواج نوح من ابنة عضد الدولة‪.‬‬ ‫•وزيره البلعمي مؤلف مختصر الطبري‪.‬‬ ‫•ظهور الفيلسوف والطبيب ابن سينا وألف كتابه القانون في الطب‪.‬‬ ‫نوح (الثاين) بن منصور بن نوح ‪387-366‬هـ = ‪997-976‬م‪ :‬لما مات األمير‬ ‫منصور كان ابنه نوح صغير السن فاستبد باألمر القائد في خراسان محمد بن إبراهيم بن‬ ‫ُ‬ ‫سيمجور‪ ،‬تلقب بالمنصور‪ ،‬وزيره أبو الحسن العتبي الذي عُزل وقتل من قبل محمد‬ ‫سيمجور وولى أبا العباس تاش إمرة الجيوش‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•استيالء عضد الدولة بن بويه على جرجان فسير إليه األمير نوح الثاني جيشا‬ ‫واستمرت الحروب بينهما لمدة عام‪.‬‬ ‫•ثورة أحد أمراء البيت الساماني على األمير نوح‪.‬‬ ‫•استيالء أبو العباس تاش بمساعدة فخر الدولة بن بويه على نيسابور‪.‬‬ ‫•ثورة القائدين أبو الحسن بن سيمجور وفائق الخاصة واالستعانة بـ إيلك‬ ‫المعروف ببغرخان التركي الذي سار جيشه واستولى على بخارى‪.‬‬ ‫•تحالف نوح بن منصور مع منصور بن سبكتكين صاحب غزنة ضد األمراء‬ ‫الثائرين عليه الذين تحالفوا مع بني بويه وتمكن من إلحاق الهزيمة باألمراء‬ ‫وتقهقرهم إلى جرجان‪.‬‬ ‫‪361‬‬ ‫•تحالف كل من أبي علي سيمجور وفائق الخاصة وفخر الدولة بن ركن الدولة‬ ‫البويهي ضد نوح وحليفه سبكتكين وانتصار سبكتكين عليهم واستعادة النفوذ‬ ‫على نيسابور فعين األمير نوح محمود بن سبكتكين على نيسابور‪.‬‬ ‫•استعادة نوح بن منصور لنيسابور وعين محمود بن سبكتكين ً‬ ‫واليا عليها‪ ،‬ثم‬ ‫عاد األمراء إلى الثورة ضد محمود وتمكنوا من السيطرة على نيسابور‪.‬‬ ‫اتسم عهد نوح بن منصور بتدخل النساء والوزراء في الحكم فكان ألم األمير نوح‬ ‫األمر والنهي حتى كانوا يصدرون عن رأيها وتدخل الوزير عبد اهلل بن عزيز ـ بعد قتل‬ ‫الوزير أبو الحسن العتبي ـ على عزل أبي العباس تاش عن خراسان‪.‬‬ ‫منصور (الثاين) بن نوح (الثاين) ‪389-387‬هـ = ‪998-997‬م‪ :‬في بداية حكمه‬ ‫ً‬ ‫عمد إلى إغداق األموال على األمراء والقواد تأليفا لقلوبهم حوله‪.‬‬ ‫•استيالء إيلك المعروف ببغرخان التركي على سمرقند‪ ،‬والقائد فائق الخاصة‬ ‫على بخارى‪.‬‬ ‫•الخالف بين األمير منصور بن نوح ومحمود الغزنوي إثر تعيين األمير منصور‬ ‫لبكتوزون على خراسان وطلبه إعادتها إلى نفوذه فلم يجبه األمير منصور‬ ‫فوقعت الوحشة بينهما فسار محمود الغزنوي إلى نيسابور وبخارى وخراسان‬ ‫وتمكن من بسط نفوذه وأزال حكم السامانيين‪.‬‬ ‫•قيام كاًل من القائدين بكتوزون وفائق الخاصة بالقبض على األمير منصور بن‬ ‫نوح وسمال عينيه ووليا أخاه عبد الملك بن نوح اإلمارة‪.‬‬ ‫عبد امللك (الثاين) بن نوح (الثاين) ‪389-381‬هـ = ‪998-991‬م‪ :‬في نهاية عهده‬ ‫سار إيلك بغرخان التركي إلى بخارى وقبضه على قواد السامانيين‪ ،‬ثم على األمير‬ ‫عبد الملك وحبسه مع أخيه منصور بن نوح وأبا إبراهيم إسماعيل وأبا يعقوب بن نوح‬ ‫‪362‬‬ ‫وحبس من أعمامه أبا زكريا وأبا سليمان‪.‬‬ ‫سار محمود بن سبكتكين الغزنوي إلى خراسان وبسط نفوذه وخطب للخليفة‬ ‫القادر وأسقط الدولة السامانية من خراسان ومن بالد ما وراء النهر على يد إيلك المعروف‬ ‫ببغرخان‪.‬‬ ‫الدولة الغزنوية ‪582-351‬هـ = ‪1136-962‬م‬ ‫قامت في غزنة بأفغانستان وعاصمتها بشاور‪ ،‬سنية المذهب‪.‬‬ ‫املؤسس‪ :‬القائد الرتكي ألبتكني ‪367-351‬هـ = ‪1086-962‬م‪ :‬هو األمير‬ ‫ألبتكين الذي أسند له السامانيون والية غزنة شمالي الهند وأستطاع أن يقيم الدولة ذات‬ ‫التبعية االسمية للدولة السامانية وبعد وفاة ألبتكين خلفه ابنه إسحاق الذي لم يخلف من‬ ‫يتولى الحكم بعده‪ ،‬اجتمع عسكره واتفقوا على اختيار سبكتكين ـ زوج ابنة ألبتكين ـ‪.‬‬ ‫ناصر الدين سبكتكني ‪387-367‬هـ = ‪997-977‬م‪ :‬كان سبكتكين عاداًل ً‬ ‫خيرا‬ ‫كثير الجهاد ذا عقل ومروءة ووفاء الذي يعتبر المؤسس الفعلي للدولة الغزنوية ـ فقد مد‬ ‫نفوذه على خراسان ـ التي واله نوح بن منصور الساماني نظير ما قام به من جهود لقمع‬ ‫ثوار بالد ما وراء النهر كما استعان به األمير نوح بن نصر الساماني على حروب أبي علي‬ ‫ابن سيمجور وفائق الخاصة وفخر الدولة ابن ركن الدولة البويهي وتمكن من تحقيق‬ ‫النصر عليهم فأسند له األمير نوح والية نيسابور‪ ،‬واستولى على سهول الهند الشمالية‪،‬‬ ‫وأخضع بست وقصدار لنفوذه وغزا الهند واستولى على جزء كبير منها‪ ،‬وانتصر على‬ ‫ملكها جيبال بل أسره‪ ،‬ثم أطلق سراحه بعد تعهده بدفع الجزية‪ ،‬ثم قصد لمغان ففتحها‬ ‫وهدم بيوت األصنام‪ ،‬ولما توفي خلفه ابنه إسماعيل الذي حكم لمدة سبعة شهور حيث‬ ‫وقع قتال بين إسماعيل وأخوه الكبير محمود تمكن محمود من تحقيق النصر وبذلك‬ ‫استقر حكم الدولة الغزنوية‪.‬‬ ‫محمود بن سبكتني ‪421-387‬هـ = ‪1030-997‬م‪ :‬اتخذ من الهور عاصمة‬ ‫للدولة الغزنوية بداًل من بشاور‪ ،‬مكث في الحكم (‪ً )34‬‬ ‫عاما‪ ،‬أول غزواته على الهند‬ ‫‪363‬‬ ‫كانت في سنة ‪392‬هـ‪1001/‬م في فصل الشتاء ضد الملك جيبال فهزمه وأسره‪ ،‬وكان‬ ‫عدد غزواته لبالد الهند قد بلغت (‪ )17‬غزوة في اثني عشرة مرة‪ ،‬من أهم إنجازاته في‬ ‫هذه الغزوات‪ :‬هدم صنم سومنات في سنة ‪416‬هـ‪1025/‬م‪ ،‬واالستيالء على مملكة‬ ‫إنديال‪ ،‬وأن يبسط نفوذه على سجستان ـ وكان صاحبها خلف بن أحمد ـ وعلى المناطق‬ ‫الجبلية الوعرة بين هراة وغزنة ـ الدولة الغورية ـ وعلى الري وبالد الجبل ـ كانتا‬ ‫تخضعان لنفوذ وسيطرة مجد الدولة بن فخر الدولة البويهي ـ وعلى قزوين ـ كان فيها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا من أصحاب الباطنية فصلبهم‪ ،‬وسير المعتزلة إلى خراسان وأحرق كتب‬ ‫عددا‬ ‫الفلسفة والمعتزلة ـ‪ .‬وأن يبسط نفوذه على بالد ما وراء النهر ـ كان حاكمها إيلك خان ـ‬ ‫واستولى في الهند على إقليم الملتان ـ كان أهلها يدينون بمذهب القرامطة ـ وبهاطية‪،‬‬ ‫وناردين ومد نفوذه على خوارزم ـ بعد قتله خوارزم شاه مأمون من بعض قواده فسار‬ ‫محمود وأدب الثوار وولى عليها ً‬ ‫نائبا من قبله ـ ثم سار إلى قشمير ـ بعد أن عبر نهري‬ ‫سيجون وجيلوم ـ وتمكن من إخضاعها لنفوذه ومنها تقدم وأخضع كل من بولندشهر‪،‬‬ ‫قلعة كلنجد‪ ،‬مثورا (بندرابان) ـ كان فيها كثير من األصنام منها خمسة أصنام من الذهب‬ ‫األحمر مرصعة بالجواهر ـ وغنم منها من الجواهر والذهب الشيء الكثير ثم تقدم نحو‬ ‫كنوج ـ ملكها راجبال ـ واخترق صحراء الهند (صحراء ثار) وبسط نفوذه على آجمر‬ ‫وأنهلوارة وإقليم جوجرات وعمد محمود على اتخاذ الهور قاعدة للدولة الغزنوية‪،‬‬ ‫وأن النفوذ للدولة الغزنوية في عهد محمود الغزنوي قد شمل معظم شمال غربي الهند‬ ‫مثل‪ :‬البنغال التي تكون ما يسمى اآلن بدولة بنغالديش‪ ،‬والسند والبنجاب بما يسمى‬ ‫اآلن بدولة باكستان‪ ،‬وكان عند فتحه لألقاليم والمدن يترك بها علماء ليعلموا من أسلم‬ ‫أمور دينهم‪ ،‬وبلغت الدولة في عهده أقصى اتساعها‪ ،‬كما أنه ألغى اسم السامانيين من‬ ‫الخطبة في دولته وخطب للخليفة العباسي القادر باهلل‪ ،‬كما أن الشاعر الفردوسي رحل‬ ‫إلى هذه الدولة وأقام بها ونال جائزة السلطان محمود على ملحمته الخالدة >الشهنامة<‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وكذا المؤرخ أبا نصر العتبي الذي ألف تاريخا عن حياة محمود الغزنوي وغزواته وأطلق‬ ‫ً‬ ‫وأيضا‬ ‫عليه >تاريخ اليميني< ـ نسبة إلى لقب محمود يمين الدولة ـ‪ ،‬وكان باللغة العربية‪،‬‬ ‫المؤرخ أبو الريحان البيروني الخوارزمي الذي ألف عدة مؤلفات بالعربية والفارسية‬ ‫‪364‬‬ ‫منها كتاب القانون المسعودي الذي أهداه إلى السلطان مسعود بن محمود‪ ،‬وكتابًا في‬ ‫األحجار أهداه إلى السلطان مودود بن مسعود بن محمود إلى جانب تاريخه >اآلثار‬ ‫ً‬ ‫وأيضا المؤرخ البيهقي محمد بن حسين الذي ألف >تاريخ‬ ‫الباقية عن القرون الخالية<‪،‬‬ ‫البيهقي< بالفارسية‪ ،‬وأنه عزل وزيره أبو القاسم أحمد بن الحسن الميمندي وأغرمه‬ ‫مااًل جزياًل‪ ،‬وبنى المساجد والجوامع منها‪ :‬جامع غزنة ـ فقد أنفق على بنائه معظم ما‬ ‫غنمه من غزواته على بالد الهند ـ وأحرق كتب الفلسفة والمعتزلة والقضاء على أهل‬ ‫البدع واألهواء‪ ،‬وأمر بقتل من يعتنق مذهب المعتزلة واإلسماعيلية والقرامطة والجهمية‬ ‫والرافضة‪ ،‬وعمد الفاطميون في مصر على استمالته ولكنه لم يستجب لهم‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫مولعا بعلم الحديث وكان يدين بالمذهب الشافعي وترك مذهب أبي حنيفة‬ ‫محمود‬ ‫النعمان‪ ،‬وقبل وفاته عين ابنه محمد ـ نائبه على بلخ ـ بوالية العهد فولي الحكم لمدة‬ ‫(‪ )5‬أشهر‪.‬‬ ‫مسعود األول بن محمود بن سبكتكني ‪432-421‬هـ = ‪1040-1030‬م‪ :‬ولما توفي‬ ‫محمود تولى الحكم محمد لمدة خمسة أشهر وثار عليه أخوه مسعود األول وثار عليه‬ ‫جنده وانحاز بعضهم إلى مسعود وقبضوا عليه وحبسوه وسملوا عينيه ـ ألنه كان يقضي‬ ‫ً‬ ‫معظم وقته في اللهو والشراب ـ ونصب مسعود سلطانا على الدولة الغزنوية واعترف به‬ ‫الخليفة القادر وشرفه بلقب‪ :‬ناصر دين اهلل وحافظ عباد اهلل‪ ،‬وظهير خليفة اهلل‪ ،‬وسيد‬ ‫الملوك والسالطين وأمين الملة‪ ،‬ووصلت في عهده الدولة الغزنوية إلى أقصى اتساعها‬ ‫ً‬ ‫وامتدت إلى الهند شرقا إلى العراق العجمي (همذان)‪ ،‬وأصفهان) غربًا‪ ،‬وسار إلى بالد‬ ‫الهند وفتح قلعة هاني (قلعة العذراء)‪ ،‬وقلعة أجود‪ ،‬وقلعة رويال‪ ،‬وقلعة سرستي ـ‬ ‫جنوب قشمير ـ‪.‬‬ ‫وواجه مسعود قوتان تنازعانه السيطرة على خراسان هما‪ :‬الغز والسالجقة وكانت‬ ‫الغلبة والسيطرة متأرجحة بينهم ففي النهاية تمكن مسعود من طرد الغز ً‬ ‫نهائيا ولكنه فشل‬ ‫معه السالجقة الذين بسطوا نفوذهم على خراسان ـ فقد استطاعوا هزيمة مسعود الذي‬ ‫كاد أن يقع في األسر ـ‪.‬‬ ‫‪365‬‬ ‫ثار الجند على السلطان مسعود بعد عبوره لنهر السند ـ لمحاربة السالجقة ـ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وقبضوا عليه وأقاموا أخاه محمدا سلطانا عليهم‪ ،‬وقامت الحرب بين األخوين انتهت‬ ‫بقتل مسعود‪.‬‬ ‫وتميز السلطان بحبه للعلماء فألفوا الكتب في شتى العلوم‪ ،‬وأجزل الجوائز‬ ‫للشعراء‪ ،‬وكان شجاعًا كثير البر بالفقراء وأهل الحاجة‪ ،‬وعمر ً‬ ‫كثيرا من المساجد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مودود بن مسعود األول بن محمود ‪441-432‬هـ = ‪1049-1040‬م‪ :‬ولما قتل‬ ‫مسعود تولى أخوه محمد بن محمود بن سبكتكين على العاصمة غزنة‪ ،‬فسار إليه مودود‬ ‫بن مسعود األول بن محمود من خراسان وحاربه واستطاع هزيمة عمه محمد ودخول‬ ‫غزنة سنة ‪432‬هـ‪1040/‬م‪ ،‬كما بسط نفوذه على بالد الهند وإقليم البنجاب ـ بعد وفاة‬ ‫أخوه مجدود‪ ،‬وكان قد استقل ببالد الهند والمولتان والبنجاب‪ ،‬وبعد انتصاره على‬ ‫ثالثة من ملوك الهند ـ‪ .‬وحارب السالجقة ولكنه لم يستطيع القضاء عليهم‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪441‬هـ‪1049/‬م‪ ،‬سار لقتال السالجقة فأحس بالمرض فعاد إلى غزنة‬ ‫حيث توفي بعدما استطاع إعادة توحيد السلطنة إلى ما كانت عليه في عهد محمود‬ ‫الغزنوي وتولى الحكم بعده ابنه مسعود الثاني لمدة خمسة أيام ثم تولى السلطنة‬ ‫بعده عمه أبو الحسن علي بن مسعود األول ولكنه سرعان ما فر علي بعد طاعة الجند‬ ‫لعبد الرشيد بن محمود الغزنوي ومسيرهم إلى غزنة فاستقرت السلطنة تحت حكم‬ ‫عبد الرشيد‪.‬‬ ‫عبد الرشيد بن محمود الغزنوي ‪444-441‬هـ = ‪1052-1049‬م‪ :‬في عهده تقدم‬ ‫طغرل إلى خراسان وتمكن من انتزاعها من السالجقة ثم تقدم طغرل إلى غزنة وحاصر‬ ‫عبد الرشيد وقتله وتزوج ابنة مسعود ولكن ثار عليه جنده فقتلوه ـ طغرل ـ ونصبوا فروخ‬ ‫شاه سلطان‪.‬‬ ‫فروخ زاد ‪451-444‬هـ = ‪1059-1052‬م‪ :‬مدة حكمه حوالي سبع سنين‪ ،‬خاض‬ ‫عدة معارك مع السالجقة‪ ،‬ونجا من محاولة الغتياله من قبل بعض القادة‪ ،‬ولما توفي‬ ‫‪366‬‬ ‫أمر السلطنة أخوه إبراهيم بن مسعود‪.‬‬ ‫إبراهيم بن مسعود األول بن محمود بن سبكتكني ‪492-451‬هـ = ‪-1059‬‬ ‫‪1098‬م‪ :‬أعاد فتح قلعة أجود ورويال بعد ثورة أهلها في سنة ‪476‬هـ‪1083/‬م‪ ،‬نقل‬ ‫العاصمة إلى الهور‪ ،‬ولما توفي خلفه في الحكم ابنه مسعود الثالث‬ ‫مسعود الثالث بن إبراهيم بن مسعود ‪508-492‬هـ = ‪1114-1099‬م‪ :‬ولما توفي‬ ‫حلفه في الحكم ابنه شير زاده لمدة عام (‪509-508‬هـ = ‪1115-1114‬م)‪ ،‬ثم خلفه في‬ ‫الحكم أخوه أرسالن ولقبه (سلطان الدولة) ‪512-509‬هـ = ‪1118-1115‬م‪ ،‬ولما توفي‬ ‫تسلم الحكم أخوه بهرام شاه الملقب بـ يمين الدولة ‪547-512‬هـ = ‪1152-1118‬م‪.‬‬ ‫وفي عهده دخل العاصمة سنجر السلجوقي بعد هروب بهرام‪ ،‬ثم عاد إليها بعد‬ ‫ً‬ ‫وأيضا قتل بهرام شاه صهره قطب الدين الغوري فسار إليه أخوه‬ ‫رحيل سنجر إلى بلخ‪،‬‬ ‫سيف الدين سوزي الغوري فهرب بهرام شاه إلى الهند وسيطر سيف الدين سوزي على‬ ‫غزنة‪ ،‬وفي العام التالي عاد إلى غزنة واستطاع القبض على سيف الدين سوزي وشنقه‬ ‫وأعاد بهرام شاه سيطرته على حكم غزنة ولغاية وفاته فخلفه في الحكم ابنه خسرو شاه‬ ‫(معز الدولة) في سنة ‪547‬هـ‪1152/‬م‪.‬‬ ‫معز الدولة خسرو شاه ‪555-547‬هـ = ‪1160-1152‬م‪ :‬تلقب بالسلطان المعظم‬ ‫أو ملك الدنيا والدين‪ ،‬وفي سنة ‪550‬هـ‪1115/‬م تقدم عالء الدين حسين الغوري إلى‬ ‫غزنة واستطاع دخولها وأمر بنهبها وهرب إلى الهند معز الدولة خسرو شاه ولغاية وفاته‬ ‫سنة ‪555‬هـ‪11160/‬م فخلفه في الحكم ابنه تاج الدين خسرو مالك شاه‪.‬‬ ‫تاج الدين خسرو مالك شاه‪582-555 :‬هـ = ‪1186-1160‬م‪ :‬آخر سالطين‬ ‫الدولة الغزنوية‪ ،‬سار إليه شهاب الدين محمد بن أسام الغوري من أفغانستان إلى الهور‬ ‫وتمكن من أسره‪،‬ثم قتله وبذلك سقطت الدولة الغزنوية وقامت محلها الدولة الغورية‬ ‫في سنة ‪582‬هـ‪1186/‬م بالهند‪ ،‬واستولى األتراك السالجقة على خراسان وانتهت‬ ‫الدولة الغزنوية في خراسان‪ ،‬وكذا في أفغانستان التي حلت فيها الدولة الغورية‪ ،‬وأما‬ ‫في الهند فقد انقسمت دولتهم إلى دويالت (أسرات إسالمية مستقلة) مستقلة‪.‬‬ ‫‪367‬‬ ‫الدولة الغورية ‪689-582‬هـ = ‪1290-1186‬م‬ ‫تأسست في منطقة الغور ـ ما بين هراة وغزنة‪ ،‬وكان أول ملك لها هو غياث الدين‬ ‫محمد بن بهاء الدين أسام ثم استطاع مد نفوذه إلى الهند‪ ،‬فقد سير أخوه شهاب الدين‬ ‫محمد بن أسام الغوري من أفغانستان إلى الهند ليقضي على الغزنويين وتأسيس دولة‬ ‫الغوريين بأفغانستان والهند‪ ،‬وكان قد سبقه في حكم بالد الغور الجبلية كل من قطب‬ ‫الدين (ت‪543‬هـ‪1148/‬م)‪ ،‬وخلفه عالء الدين حسين الغوري (ت‪556‬هـ‪1160/‬م)‪،‬‬ ‫ثم ابنه سيف الدين محمد (ت‪558‬هـ‪1162/‬م)‪ ،‬وخلفه في الحكم ابن أخيه غياث‬ ‫الدين محمد الغوري (ت‪599‬هـ‪1202/‬م) وهو الذي أسقط الدولة الغزنوية‪ ،‬وكان‬ ‫يميل إلى المذهب الشافعي دون التعصب له‪ ،‬كثير البر بالفقراء‪ ،‬وأغدق األموال على‬ ‫الفقهاء وأهل الورع والدين وكان ينسخ المصاحف بخطه الحسن ويوقفها على المساجد‬ ‫والمدارس ـ‪.‬‬ ‫شهاب الدين محمد بن أسام الغوري (ت‪602‬هـ‪ :)1205/‬هو المؤسس للدولة‬ ‫الغورية في الهند بقضائه على تاج الدين خسرو مالك شاه آخر سالطين الدولة الغزنوية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تميز بحسن السيرة والعدل وكان يقضي دين من توفى‪ ،‬أقام مسجدا في بنارس وأمر‬ ‫بتحطيم أصنام آجمير وأقام بأعمدته وأحجارها مساجد ومدارس للمسلمين‪ ،‬ومن العلماء‬ ‫في عهده الفخر الرازي صاحب تفسير الرازي‪ ،‬كما تميز عهده بمحاربة القرامطة في‬ ‫الملتان وطردهم منها‪ ،‬واستولى على الهور‪ ،‬ودهلي‪ ،‬وأسر ملك راجبورت‪ ،‬وحروبه‬ ‫مع الخطأ األتراك التي أدت إلى عقد الهدنة‪ ،‬قضائه على ثورة بني كوكر فسار إليهم‬ ‫وقضى عليهم وحاز غنائم جمة‪ ،‬وأسلم على يديه >النبراهية< وكانوا يدينون بالوثنية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ولدا ً‬ ‫ذكرا لذا بعد وفاته قسمت بالده إلى (‪ )3‬ممالك بين‬ ‫وبما أنه لم ينجب‬ ‫مماليكه عُرفت بدولة المماليك‪:‬‬ ‫‪1.1‬ناصر الدين قباجه‪ :‬بسط نفوذه على السند والبنجاب وما جاورهما‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حاليا)‪ ،‬وقد كانت‬ ‫‪2.2‬تاج الدين ياداز‪ :‬بسط نفوذه على بالد الغور (أفغانستان‬ ‫‪368‬‬ ‫له أعمال جليلة منها‪ :‬بناء مسجد في آجمير وآخر بدلهي الذي اشتهر بمنارته‬ ‫>قطب منار< وبجانبها بوابة عالء الدين‪.‬‬ ‫‪3.3‬قطب الدين أيبك (ت‪607‬هـ‪1210/‬م)‪ ،‬الذي بسط نفوذه على دهلي وما‬ ‫جاورها معروف بالعدل والشجاعة والكرم‪ ،‬استطاع أن يمد نفوذه إلى مملكة‬ ‫ناصر الدين قباجه‪ ،‬ويستولي عليها وكذا على تاج الدين ياداز واستولى‬ ‫على بنارس وكالينجرو وبنى مسجدين بدهلي وآجمير‪ ،‬ولما توفي خلفه في‬ ‫الحكم مملوكه شمس الدين التمشي‪.‬‬ ‫شمس الدين التميش ‪633-607‬هـ = ‪1235-1210‬م‪ :‬تميز عهده برد المظالم‬ ‫وإنصاف المظلومين‪ ،‬وأخمد ثورة أهل السند والبنغال‪ ،‬وهزم الهنادكة‪ ،‬هاجم المغولي‬ ‫ُ‬ ‫جنكيز خان البنغال ولكنه هزم‪ ،‬وفي عهده طلب منه حاكم الدولة الخوارزمية مساعدته‬ ‫في صد هجوم المغول ولكنه لم يجبه مما أدى إلى سقوط الدولة الخوارزمية‪ ،‬وعهد‬ ‫باألمر من بعده إلى ابنته دون أبنائه الذكور ألنهم غير جديرين بالحكم‪.‬‬ ‫السلطانة رضية خاتون بنت قطب الدين التميش ‪633‬هـ‪1235/‬م‪ :‬وصادف‬ ‫حكمها في بالد الهند حكم الملكة شجرة الدر في مصر في البداية رفض الوزير محمد‬ ‫ً‬ ‫الجندي الوالء لها ولكنه مع رضى الشعب لحكمها لم يجد بدا من التسليم لها باألمر‪،‬‬ ‫كانت تجوب األسواق وتستمع إلى شكاوى الناس‪ ،‬قادت بنفسها حمالت عسكرية ضد‬ ‫من ثاروا على حكمها من مسلمين وهنادكة وتمكنت من إخضاعهم‪ ،‬دبر لها أخوها‬ ‫بهرام شاه مؤامرة لها استطاع أن يتولى الحكم بعد قضائها عليها‪.‬‬ ‫بهرام شاه بن شمس الدين التميش‪ :‬في عهده هجم المغول على البنجاب‬ ‫وساروا إلى الهور وخربوها‪ ،‬اشتد في حكمه على الشعب مما أدى إلى قتله بواسطة‬ ‫قواده وخلفه عالء الدين‪.‬‬ ‫عالء الدين مسعود شاه حفيد التميش‪ :‬قامت في عهده ثورات في مالوه‪،‬‬ ‫ونروا‪ ،‬وكواليا‪ ،‬وجندرى فسار إليهم غياث الدين بلبن وتمكن من هزيمتهم وكذا تمكن‬ ‫‪369‬‬ ‫هذا القائد بلبن من صد هجوم للمغول سنة ‪643‬هـ‪1245/‬م بقيادة مانكو وتوغلوا في‬ ‫السند واستطاع بلبان صدهم وردهم عن السند وعن دهلي‪ ،‬وقد استطاع أخوه محمود‬ ‫شاه من الثورة عليه وعزله‪.‬‬ ‫ناصر الدين محمود شاه بن شمس الدين التميش‪ :‬أصغر أبناء شمس الدين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حاكما صالحا يسير على سيرة الخلفاء الراشدين‪،‬‬ ‫التمشي (ت‪664‬هـ‪1265/‬م) ـ كان‬ ‫مدة حكمه حوالي (‪ً )20‬‬ ‫عاما ترك إدارة أمور دولته إلى وزيره وقائده بلبن وانصرف هو‬ ‫إلى العلم والعلماء ثم خلفه في الحكم بلبان‪.‬‬ ‫غياث الدين بلنب (‪664‬هـ‪1265/‬م)‪ :‬كانت العاصمة في عهده دهلي‪ ،‬حكم‬ ‫لمدة حوالي (‪ً )40‬‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫وكان لديه شبكة من جواسيس توافيه بكل ما يجري في البالد‪ ،‬ويقتص من عماله‬ ‫إذا قاموا بقتل السكان ً‬ ‫ظلما‪ ،‬قام بشق الطريق عبر األدغال واألحراش وآمنها بالقضاء‬ ‫على اللصوص وقطاع الطرق‪ ،‬وكان قبل ذلك يستحيل نقل البضائع عبرها‪.‬‬ ‫كما أقام المعاقل والحصون الكثيرة ومألها بالجند والسالح‪ ،‬اشتهر بحب الخير‬ ‫وحسن استقبال األمراء ويغدق عليهم األموال والهدايا‪ ،‬برز في عهده الشاعر خسرو‪.‬‬ ‫لقب نفسه >ناصر أمير المؤمنين‪ ،‬وأبقى على اسم الخليفة على النقود وكان يجلس‬ ‫في البالط مع أبناء الخلفاء العباسين‪ ،‬وال يفرق بين مسلم وهندوكي ورعايته للعلماء‪.‬‬ ‫في عهده ثار حاكم البنغال طغرل ولقب نفسه بالسلطان مغيث الدين وضرب‬ ‫السكة والخطبة باسمه فسير إليه بلبن حملتين ولكنهما هزمتا فسار بنفسه فاستطاع إصابة‬ ‫ً‬ ‫حاكما على البنغال‪.‬‬ ‫طغرل وقطع رأسه وعين ابنه بغرا خان (فراخان) ـ ابن بلبن ـ‬ ‫في عهد بلبن هاجم المغول بقيادة هوالكو بغداد واستطاعوا دخولها سنة‬ ‫‪656‬هـ‪1258/‬م وقتل الخليفة المستعصم‪ ،‬وتدفق المسلمون إلى بالد الهند بعد هذا‬ ‫الحادث الجلل‪ ،‬ولم تسلم الدولة الغورية من هجوم المغول فقد أرسل ابنه محمد‬ ‫بن غياث الدين بلبن لصد خطر المغول عن الهور وديالبور في سنة ‪684‬هـ‪1285/‬م‬ ‫‪370‬‬ ‫ُ‬ ‫وتمكن من صد المغلول ولكنه قتل‪.‬‬ ‫كيخسرو بن محمد بن غياث الدين بلنب ـ حفيد بلنب ـ‪ :‬ولكن الشعب ال يحبوه‬ ‫فتوجهت األنظار إلى كيغاد بن بغرا خان (فراخان) ليتولى األمر‪ ،‬ولكن كان عمره (‪)17‬‬ ‫ً‬ ‫عاما فترك زمام الحكم بيد نائبه نظام الدين ومال إلى اللهو والشرب‪ ،‬فثار عليه نائبه على‬ ‫بالد األفغان جالل الدين الخلجي وتمكن من االستيالء على السلطة بعد قتل كيغاد سنة‬ ‫‪689‬هـ‪1290/‬م‪ ،‬وبذلك سقطت الدولة الغورية وقامت محلها الدولة الخلجية‪.‬‬ ‫الدولة اخللجية ‪721-689‬هـ = ‪1321-1290‬م‬ ‫قامت في سنة ‪689‬هـ‪1290/‬م بعد قتل آخر حكام الدولة الغورية كيغاد من قبل‬ ‫جالل الدين خلجي‪.‬‬ ‫جالل الدين فريوز خليج املؤسس ‪695-689‬هـ = ‪1295-1290‬م‪ :‬قتل آخر‬ ‫ملوك الدولة الغورية‪ ،‬كان عمره عندما تولى تأسيس الدولة الخلجية (‪ً )70‬‬ ‫عاما‪ ،‬صد‬ ‫ً‬ ‫عددا ً‬ ‫كبيرا منهم‪ ،‬اشتهر بالحكم والكرم‪ ،‬بغضه إلراقة الدماء‪ ،‬قام‬ ‫غارات المغول وأسر‬ ‫ً‬ ‫أسيرا‬ ‫بنفي قطاع الطرق إلى البنغال دون قتلهم‪ ،‬عفا عن ججو ابن أخي بلبن حين وقع‬ ‫ُ‬ ‫في يده‪ ،‬قتل بمؤامرة في سنة ‪695‬هـ‪1295/‬م دبرها ابن أخيه عالء الدين فثارت زوجة‬ ‫جالل الدين ورغبت في استمالة الشعب إليها فأغدقت الذهب والفضة بواسطة اجملانيق‬ ‫على الشعب ونصبت ابنها ركن الدين إبراهيم على عرش دهلي ولكن عالء الدين تمكن‬ ‫من اقتحام دهلي فهرب ركن الدين إلى الملتان وسيطر عالء الدين على دهلي‪.‬‬ ‫عالء الدين ابن أيخ جالل الدين اخلليج ‪715-695‬هـ = ‪1315-1295‬م‪ :‬بدأ‬ ‫عهده بتحريم الخمر والربا وراقب األسواق واألسعار واستخدم معهم أقصى العقوبات‬ ‫مثال‪ :‬أنه كان يقطع لحم من ينقص الوزن‪ ،‬نشر شبكة من الجواسيس‪ ،‬اهتم بالعلماء‪،‬‬ ‫ضرب النقود باسمه‪ ،‬فرض الضرائب الباهظة على الهنادكة‪ ،‬أقام الحصون القوية على‬ ‫الحدود الغربية وزودها بالجند والسالح‪ ،‬حارب المغول حروب طويلة استمرت لغاية‬ ‫ُ‬ ‫سنة ‪705‬هـ‪1305/‬م‪ ،‬وانتصر عليهم حتى لقب بـ >اإلسكندر الثاني<‪ ،‬استطاع أن‬ ‫‪371‬‬ ‫يستولي على بهوبال‪ ،‬وكجرات‪ ،‬وبالد المهرات‪ ،‬وأديوكير‪ ،‬ورينكل‪ ،‬وغزا مملكة‬ ‫جيتور‪ ،‬ولما توفي خلفه خلفاء ضعاف آخرهم خسرو الذي قتل من قبل غياث الدين‬ ‫ُ‬ ‫غازي بن طغلق األول في سنة ‪721‬هـ‪1321/‬م‪ ،‬وبذلك سقطت الدولة الخلجية وحلت‬ ‫ُ‬ ‫محلها الدولة التغلقية‪.‬‬ ‫الدولة التغلقية ‪801-721‬هـ = ‪1398-1321‬م‬ ‫مؤسسها غياث الدين غازي بن طغلق األول الذي استطاع من قتل آخر ملوك‬ ‫الدولة الخلجية خسرو‪ ،‬وكان غياث الدين غازي من قادة عالء الدين الخلجي في‬ ‫محاربة المغول وأبلى بالءً حسنًا وأنه حارب المغول حتى ُ‬ ‫سمي بـ >الغازي< فقيل أنه‬ ‫ً‬ ‫قاتلهم (‪ )29‬مرة‪ ،‬كما وجده ابن بطوطة مدونا على مسجد لهم بالملتان‪ ،‬العاصمة‬ ‫دهلي‪.‬‬ ‫شجع الناس على تعمير األرض وفالحتها‪ ،‬كما أصلح طرق الري وشق الترع‬ ‫والقنوات‪ ،‬وخفض من خراج األرض‪ ،‬بدأ حكمه بإحياء تعاليم اإلسالم‪ ،‬أنشأ نظام‬ ‫ُ‬ ‫محكم ‪752-725‬هـ = ‪1351-1324‬م للبريد‪ ،‬رد لألمراء واألعيان ما أخذ منهم وكرم‬ ‫األمراء الخلجيين‪ ،‬ونشر العدل والمساواة بين الشعب‪ ،‬تمكن من طرد المغول من بالد‬ ‫الهند‪ ،‬واسترد األقاليم الدكنية (الدكن) والشرقية حتى بلغ البنغال‪ ،‬وولى ابن بطوطة‬ ‫قضاء دهلي‪ ،‬توفي سنة ‪725‬هـ‪1324/‬م حيث دبرت له مؤامرة من ابنه ألغ خان‪ ،‬وقيل‬ ‫إنهار قصره بسبب صاعقة‪.‬‬ ‫محمد بن غازي بن طغلق‪753-725 :‬هـ = ‪1352-1324‬م‪ :‬بدأ حكمه ببذل‬ ‫األموال والعطايا حيث أنه نثر الذهب والفضة حين قدم من تغلق آباد إلى دهلي مما‬ ‫شجع الناس على القدوم من فارس وخراسان وما وراء النهر‪ ،‬طلب من الخليفة العباسي‬ ‫ـ كان في مصر ـ إرسال وثيقة االعتراف به وطلب إزالة اسمه من النقود ويكتب اسم‬ ‫الخليفة بداًل منه‪ ،‬تحديد أسعار مختلف المعادن‪ ،‬كان من رعاة العلوم والفنون وهو‬ ‫ً‬ ‫عالما في األدب الفارسي وتجويد الخط والنقش وتمكنه من علوم الفلسفة‬ ‫نفسه كان‬ ‫والحكمة والمنطق ونبغ في تشخيص المرض وعالج الناس‪ ،‬واشتهر بالتسامح الديني‬ ‫‪372‬‬ ‫فولى كثير من غير المسلمين مناصب في دولته‪ ،‬زاره ابن بطوطة‪ ،‬ورأى ما يتصف به‬ ‫من كرم وشجاعة وفتك بالناس‪ ،‬نقل العاصمة من دهلي إلى دولت آباد‪ ،‬فهجر الناس‬ ‫دهلي وخلت من السكان فعم بها الخراب‪ ،‬أقام الكثير من دور الشفاء ومالجئ العجزة‪،‬‬ ‫ضرب نقود نحاسية‪ ،‬فرض الضرائب الباهظة على الدواب والمناطق الخصبة فهجرها‬ ‫ً‬ ‫السكان فعم الخراب‪ ،‬كان له عادة غريبة أحيانا يأتي بـ شحاذ ويجعله ثريًا أو يسقط أحد‬ ‫األشراف ويجعله ً‬ ‫فقيرا‪ ،‬قام المغول بالهجوم ولكنه ترضى المغول بدفع األموال لهم‪،‬‬ ‫ولما توفي خلفه ابنه محمد‪.‬‬ ‫فريوز شاه بن محمد تغلق ‪790-753‬هـ = ‪1388-1352‬م‪ :‬مدة حكمه (‪)40‬‬ ‫ً‬ ‫عاما‪ ،‬كان يميل إلى المسالمة والبعد عن سفك الدماء‪ ،‬في عهده أصدر أمره بجعل‬ ‫ً‬ ‫الدواء والغذاء مجانا‪ ،‬أحكم نظام الري وحفر اآلبار والقنوات‪ ،‬أصلح نظام الضرائب‬ ‫الذي أفسده والده محمد وألغى بعضها‪ ،‬ألغى عادة الساتي‪.‬‬ ‫محمود‪ :‬وكانت نهاية الدولة في سنة ‪801‬هـ‪1398/‬م عندما استولى تيمورلنك‬ ‫المغولي على دهلي وفر محمود آخر حكام الدولة التغلقية إلى كجرات‪.‬‬ ‫الدولة الزيادية ‪317-202‬هـ = ‪929 -817‬م‬ ‫المؤسس محمد بن إبراهيم بن عبد اهلل بن زياد‪ ،‬العاصمة زبيد ـ تم بناؤها سنة‬ ‫‪204‬هـ‪819/‬م‪ ،‬وبسط الدولة الزيادية نفوذها في عهد المؤسس على تهامة ـ جبال‬ ‫أولها على البحر األحمر من الغرب والشرق بناحية صعدة وجرش ونجران وشماليها‬ ‫حدود مكة وجنوبها صنعاء ـ وحضرموت والشحر وأبين ولحج وعدن والمعافر في‬ ‫تهامة‪ ،‬والجند‪ ،‬وكان يذكر اسم الخليفة العباسي في الخطبة والسكة وموصاًل لهم‬ ‫بالهدايا واألموال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جعفرا إلى المأمون سنة ‪205‬هـ‪820/‬م محماًل‬ ‫أرسل محمد بن إبراهيم وزيره‬ ‫بالهدايا واألموال‪ ،‬فبادر بإرسال قوات عسكرية من خراسان لتعزيز سلطانه على اليمن‬ ‫ـ فأقروه على حكم اليمن والتي استمرت لغاية سيطرة األتراك على مقاليد الخالفة‪،‬‬ ‫‪373‬‬ ‫ًّ‬ ‫فأستقل محمد بن إبراهيم بملك اليمن وجعل حكمها وراثيا ألبنائه من بعده واقتصرت‬ ‫التبعية للخالفة العباسية على الدعاء للخليفة على المنابر‪ ،‬ومن حكام هذه الدولة‪-1 :‬‬ ‫محمد بن إبراهيم‪245-203 :‬هـ =‪859-818‬م؛ ‪ -2‬إبراهيم بن محمد بن إبراهيم‪:‬‬ ‫‪289-245‬هـ =‪901-859‬م؛ ‪ -3‬زياد بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬ولما توفي زياد بن‬ ‫إبراهيم خلفه أخوه إسحاق بن إبراهيم المكنى بأبي حيش الذي حكم لمدة ثمانين ً‬ ‫عاما‬ ‫إلى أن انتشرت الدعوة اإلسماعيلية‪ ،‬كما استقلت آل الدعام بحاشد‪ ،‬والدولة اليعفرية‬ ‫بشبام أقيان‪ ،‬واألكليسليون بعالف‪ ،‬واإلمام الهادي بصعدة‪ ،‬والقرامطة‪.‬‬ ‫الدولة اليعفرية‬ ‫تأسست في عهد الخليفة المعتصم في قرية شبام أقيان باليمن‪ ،‬وحارب المؤسس‬ ‫يعفر بن عبد الرحمن الحوالي وخلفاؤه ـ محمد بن يعفر في سنة ‪258‬هـ‪781/‬م‪ ،‬ثم‬ ‫تنازل عنها البنه أبي يعفر إبراهيم بن محمد في سنة ‪262‬هـ‪875/‬م‪ ،‬فتنازل عنها البنه‬ ‫عبد الرحيم سنة ‪267‬هـ‪880/‬م لمدة ‪ 3‬سنوات‪ ،‬ثم عزله والده إبراهيم وعاد إلى‬ ‫الحكم من جديد ولغاية قتله سنة ‪279‬هـ‪892/‬م‪ ،‬وخلفه ابن عمه عبد القاهر بن أحمد‬ ‫بن يعفر‪ ،‬ثم تولى أسعد بن أبي يعفر سنة ‪280‬هـ‪893/‬م ـ‪.‬‬ ‫قواد المعتصم والواثق والمتوكل ولكنه هزم في عهد الواثق وانسحب إلى مدينة‬ ‫شبام أقيان وحصنها وأقره الخليفة المتوكل والمعتمد في الحكم‪ ،‬واقتصرت التبعية‬ ‫للخالفة على الدعاء للخليفة على المنابر والطاعة للدولة الزيادية‪ ،‬وواجهت آخر‬ ‫خلفائها أسعد ظهور أول إمام زيدي في اليمن وهو اإلمام الهادي يحيى بن حسين‬ ‫سنة ‪284‬هـ‪897/‬م‪ ،‬ونشاط الدعوة اإلسماعيلية بقيادة الحسن بن حوشب‪ ،‬وظهور‬ ‫ً‬ ‫وأخيرا الحروب مع الزياديين‪ ،‬كما استقلت آل الدعام‬ ‫القرامطة بزعامة علي بن الفضل‪،‬‬ ‫بحاشد واألكليسليون بعالف‪ ،‬واإلمام الهادي بصعدة‪.‬‬ ‫‪374‬‬ ‫اهلوامش‬ ‫((‪(1‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبرى‪( 3 ،‬ق‪202 ،)1‬؛ ابن حجر‪ ،‬فتح‬ ‫الباري‪.294 :4 ،‬‬ ‫((‪(2‬ابن الجوزي‪ ،‬مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اهلل‬ ‫عنه‪.65 ،‬‬ ‫((‪(3‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪( 4 ،‬كتاب الحج) ـ باب في المتعة بالحج‬ ‫والعمرة ـ‪.38 ،‬‬ ‫((‪(4‬رويعي الرحيلي‪ ،‬فقه عمر بن الخطاب‪ 85 :1 ،‬ـ ‪.98‬‬ ‫((‪(5‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪( 2 ،‬كتاب الجنائز) ـ باب ما جاء في‬ ‫قبر النبي ! وأبي بكر وعمر رضي اهلل عنهما ـ‪.107 ،‬‬ ‫((‪(6‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات‪( 3 ،‬ق‪.259 :)1‬‬ ‫((‪(7‬الطبري‪ ،‬تاريخ الرسل والملوك‪.2394 ،‬‬ ‫((‪(8‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪( 6 ،‬كتاب اللباس والزينة) ـ باب لبس‬ ‫ً‬ ‫النبي ! خاتما من ورق نقشه ‪ ...‬ـ‪.150 ،‬‬ ‫((‪(9‬الطبري‪ ،‬تاريخ الرسل والملوك‪.282 :4 ،‬‬ ‫(‪(1(1‬ابن كثير‪ ،‬البداية والنهاية‪.85 :7 ،‬‬ ‫‪375‬‬ ‫املصادر‬ ‫•القرآن الكريم‪.‬‬ ‫•البخاري‪ :‬محمد‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪،‬‬ ‫استانبول‪1981 ،‬م‪.‬‬ ‫•مسلم‪ :‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم (بشرح النووي)‪1334 ،‬هـ‪.‬‬ ‫•ياقوت‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬دار صادر‪ ،‬دار بيروت‪.‬‬ ‫•ابن األثير‪ :‬علي‪ ،‬الكامل‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫•ابن الجوزي‪ :‬عبد الرحمن‪ ،‬مناقب عمر بن الخطاب رضي اهلل‬ ‫عنه‪ ،‬دار المعارف‪.‬‬ ‫•ابن حجر‪ :‬أحمد‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬ ‫بيروت‪.‬‬ ‫•الذهبي‪ :‬محمد‪ ،‬تاريخ اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪1407 ،‬هـ ‪/‬‬ ‫‪1987‬م‪.‬‬ ‫•ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبرى‪ ،‬القاهرة‪1388 ،‬هـ‪1978 /‬م‪.‬‬ ‫•الطبري‪ :‬محمد‪ ،‬تاريخ الرسل والملوك‪ ،‬ط‪ ،4‬دار المعارف‪،‬‬ ‫مصر‪1977 ،‬م‪.‬‬ ‫•ابن كثير‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬البداية والنهاية‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪377‬‬ ‫فهرس املوضوعات‬ ‫المقدمة‪5....................................................................................‬‬ ‫عصر الراشدين ‪96-7. ..............................‬‬ ‫حركة نشر اإلسالم ‪45.......................................................................‬‬ ‫أبرز وقائع الفتح اإلسالمي في المشرق ‪52.................................................‬‬ ‫أهم المعارك والمدن المفتوحة ‪55.........................................................‬‬ ‫جغرافية عامة عن الشام‪77..................................................................‬‬ ‫نشر اإلسالم في الشام ‪78...................................................................‬‬ ‫أهم المعارك في بالد الشام‪83..............................................................‬‬ ‫الدولة األموية ‪150-97. .............................‬‬ ‫العصر العباسي األول ‪197-151. .......................‬‬ ‫العصر العباسي الثاني ‪238-199. .......................‬‬ ‫بني بويه ‪228................................................................................‬‬ ‫القرامطة ‪231................................................................................‬‬ ‫الزنج ‪234...................................................................................‬‬ ‫الحراك الثقافي والسياسي للعصرالعباسي الثاني ‪237......................................‬‬ ‫العصر العباسي الثالث (عصر النفوذ البويهي) ‪250-239. .........‬‬ ‫العصر العباسي الرابع ‪288-250. .......................‬‬ ‫الخلفاء العباسين في مصر ‪265.............................................................‬‬ ‫الدولة السلجوقية وأتابكياتها ‪273..........................................................‬‬ ‫سالطين السالجقة ‪274.....................................................................‬‬ ‫األتابكيات السلجوقية‪283..................................................................‬‬ ‫‪378‬‬ ‫الدولة األموية في األندلس (عصر الوالة) ‪315-289. ...........‬‬ ‫عصر دويالت الطوائف األولى‪298........................................................‬‬ ‫عصر الخالفة األموية ‪299..................................................................‬‬ ‫عصر ملوك الطوائف (عصر الفرق) ‪304...................................................‬‬ ‫عصر السيطرة المغربية‪305.................................................................‬‬ ‫المرابطون (الدولة الصحراوية)‪306........................................................‬‬ ‫الدولة الموحدية في المغرب‪312..........................................................‬‬ ‫الدول المستقلة في المغرب ومصر والشام ‪349-317. ...........‬‬ ‫التعريف بالمغرب والفتح‪319..............................................................‬‬ ‫دولة بني واسول (مدرار)‪324..............................................................‬‬ ‫الدولة الرستمية ‪326........................................................................‬‬ ‫دولة األدارسة ‪328..........................................................................‬‬ ‫دولة األغالبة‪328............................................................................‬‬ ‫الدولة الطولونية في مصر‪330..............................................................‬‬ ‫الدولة الفاطمية‪334.........................................................................‬‬ ‫الدولة اإلخشيدية ‪346......................................................................‬‬ ‫الدويالت المستقلة في الشرق اإلسالمي وبالد ما وراء النهر‪373-351. .‬‬ ‫الدولة الطاهرية‪353.........................................................................‬‬ ‫الدولة الصفارية ‪354........................................................................‬‬ ‫الدولة السامانية ‪356........................................................................‬‬ ‫الدولة الغزنوية ‪362.........................................................................‬‬ ‫الدولة الغورية‪367..........................................................................‬‬ ‫الدولة الخلجية‪370.........................................................................‬‬ ‫الدولة التغلقية‪371..........................................................................‬‬ ‫‪379‬‬ ‫الدولة الزيادية (اليمن)‪372.................................................................‬‬ ‫الدولة اليعفرية ‪373.........................................................................‬‬ ‫الهوامش‪374................................................................................‬‬ ‫المصادر ‪375................................................................................‬‬ ‫فهرس الموضوعات ‪377...................................................................‬‬